القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : العَرْجيّ الكل
المجموع : 92
يا صاحِ هذا العَجَبُ
يا صاحِ هذا العَجَبُ / لِكُلِّ أَمرٍ سَبَبُ
أَهلُ سُلَيمى غَضِبُوا / فِيمَ تَراهُم عَتَبُوا
لَم نَأتِ سُخطاً لَهُمُ / وَلا لَدَينا قُصِبُوا
قَد بَعَثُوا رَسُولُهم / فَنَقَّبُوا وَطَلَبُوا
كَي يَجِدُوا ذَنباً لَنا / وَكُلَّ أَرضٍ ضَرَبُوا
ما تَسكُنُ العُجمُ وَما / تَسكُنُ فيهِ العَرَبُ
وَإِنَّما صرمي لِغَي / ظِي وَبُعادِي قَرَّبُوا
إِذ رَكِبُوا فيما أُرى / مِن حالِهِم ما رَكِبُوا
ما زالَ واشٍ مَعَهُم / يَكذِبُ حَتّى اِنشَعَبُوا
عُلَيُّ قَد يَشعَبُ ذا / الوَجدِ المُحِبِّ الكَذِبُ
يا لَيتَ أَهلِينا طَرِي / قاً لَم يَكُونوا اِصطَحَبُوا
إِذ وَرَّثُوني كَمَداً / فَالقَلبُ مِنّي يَضرِبُ
بَل لَيتَ شِعري وَالفَتى / لِحينِهِ مُجتَلَبُ
هَل يَقتُلُ المَرءَ رَخِي / مٌ دَلُّهُ مُختَضِبُ
رَحصٌ غَضِيضُ الطَرفِ لا / تُكشَفُ عَنهُ الحُجُبُ
كَالغُصنِ أَعلاهُ وَرا / بٍ ما تُوارى النُقُبُ
يُديرُ عَيني جُؤذَرٍ / يَحنُو عَلَيهِ رَبرَبُ
جِيدُ غَزالٍ جِيدُهُ / وَالثَغرُ مِنهُ أَشنَبُ
كَأَنَّما رِيقَتُهُ / مِسكٌ عَلَيهِ ضَرَبُ
شِيبَ بِهِ مِن قُنَّةٍ / ماءٌ زلالٌ قَعِبُ
أَسجَرُ قَد باتَ عَلَي / هِ مِن سَحابٍ ضَرِبُ
لَم تَرَهُ الشَمسُ وَلَم / يَعتِك عَلَيهِ الطُحلَبُ
لَهُ مَعَ النَعتِ الَّذي / أَنعَتُ لَونٌ مُشرَبُ
كَوَرَقِ المَصحَفِ قَد / أُجرى عَلَيهِ الذَهَبُ
إِنّي زائِرٌ ظَبياً
إِنّي زائِرٌ ظَبياً / بِخَوعي فَمُحَيِّيهِ
غَزالاً شَفَّهُ هَمٌّ / لِأَنّي لَستُ آتِيهِ
وَقَد خِفتُ بِأَن أَحمِ / لَ ذَنباً مُوبِقاً فيهِ
لِأَني كُلَّما أَرسَ / لَ أَن إِيتِ أُمَنِّيهِ
وَلا وَاللَهِ ما بِي بُغ / ضُهُ يا صاحِ أُخفِيهِ
وَالايَكُ يَعنِيني الَّ / ذي مِن ذاكَ يَعنيهِ
وَلَكنّي صَبَرتُ النَف / سَ عَنهُ كَي أُبَرِّيهِ
مِنَ القَولِ الَّذي قَد قا / لَ واشٍ ظالِمٌ فيهِ
أَحَبُّ الناسِ إِنساناً / إِلَينا هُوَ يُرضِيهِ
عَلى ما كانَ مِن بَأوٍ / وَمِن زَهوٍ وَمِن تِيهِ
لَهُ مِن فاضِلِ الحُسنِ الَّ / ذي ما النَعتُ مُحصِيهِ
وَخُلقٌ تَمَّ لَم يَجفُ / وَشَرُّ الخُلقِ جافِيهِ
كَمِثل الغُصنِ إِن قامَ / مِنَ البابِ تُكَفِّيهِ
جُنُوبٌ مِثلَ ما حَرَّ / كَ فَرعَ الغُصنِ جانِيهِ
كَأَنَّ المِسكَ وَالعَنبَ / رَ وَالكافُورَ في فيهِ
وَذَوبَ الشُهد وَالراحِ / يُصَفِّيهِ مُصَفِّيهِ
بِصَوبِ البارِقِ الأَسحَ / مِ أَدنَتهُ سَواقِيهِ
إِلى قَلتٍ بِشاهِقَةٍ / مِنَ الوُرّادِ يَحوِيهِ
إِذا ما هُوَ قَفّى أَوَّ / لَ النَجمِ تَواليهِ
وَلَم يَخشَ مِنَ الحَيِّ الَّ / ذي يَطرُقُ كالِيهِ
أَعاذِلَيَّ أَما لِلَومِ تَغِييرُ
أَعاذِلَيَّ أَما لِلَومِ تَغِييرُ / لا تَعذَلاني فَإِنّي اليَومَ مَعذُورُ
إِذ غابَ عَقلي وَلَم يُترَك لِجُثَّتِهِ / رُوحٌ فَهَل رُوحُ مَن قَد ماتَ مَنشُورُ
أَلقَلبُ رَهنٌ لَدى أَسماءَ مَأسُورُ / قَد أَوثَقَتهُ فَلُبُّ القَلبِ مَقمُورُ
مِن نَظرَةٍ غَشِيَتني إِذ رَفَعتُ لَها / طَرفي وَما شَعَرَت جِدّاً سَمادِيرُ
إِلّا التِماحاً وَبَعضُ الوَجهِ مُنكَشِفٌ / وَالبُردُ دُوني عَلى أَسماءَ مَستُورُ
أَبصَرتُ وَجهاً لَها في جِيدِهِ تَلَعٌ / تَحتَ العُقُودِ وَفي القُرطَينِ تَشمِيرُ
وَجهٌ تَحَيَّرَ مِنهُ الماءُ في بَشَرٍ / صافٍ لَهُ حِينَ أَبدَتهُ لَنا نُورُ
مُبَطَّنٌ بِبَياضٍ كادَ يَقهَرُهُ / قَهرَ الدُجى مِن صَديعِ الفَجرِ مَشهُورُ
وَما تَراءَت لَنا عَمداً وَما شَعَرَت / لَكِن جَلَتها لَنا تِلكَ الأَخادِيرُ
مِن حَيثُما عَلِمَت أَسماءُ أُبصِرُها / إِنَّ العُيونَ تَرى مَن دُونَهُ السُورُ
كَأَنَّما فَوقَهُ وَالحَليُ مُبتَهِجٌ / جَمرٌ بِظَلماءَ فَوقَ الحَبيبِ مَنشُورُ
تَرُودُ فيهِ قُطوفٌ مَشيُها أُصُلاً / كَما يَرُودُ قَطُوفُ المَشي مَحسُورُ
غَرثى الوِشاحِ وَرابٍ ما أَحاطَ بِهِ / مِنها الأَزارُ وَما في الحِجلِ مَمكُورُ
يَصيحُ في صَفحِ مَتنَيها لَهُ قَرَشٌ / كَما تَصَيَّحُ في العَذقِ العَصافِيرُ
بِهنانَةٌ خُلِقَت أُنثى مُؤَنَّثَةً / إِذ في الكَثيرِ مِنَ النِسوانِ تَذكيرُ
كَأَنَّها إِذ تَكَفّى في تَأَوُّدِها / غُصنٌ يُراحُ عَلى عَلياءِ مَمَطُورُ
مِن بانَةٍ طُلَّ أَعلاهُ فَمالَ بِهِ / كَأَنَّهُ لانحِدارِ الماءِ مَهصُورُ
لا القَولُ مِنها إِذا راجَعتها هَذِرٌ / وَلا عَيِيٌّ بِرَجعِ القَولِ مَنزُورُ
نِعمَ اللِحافُ بَلَيلٍ بارِدٍ شَبِمٍ / يَأوي إِلى كِنِّهِ بِاللَيلِ مَقرُورُ
في طِيبِ رَيّا وَرِيقٍ حِينَ تَطرُقُها / وَقَد دَنا مِن نُجُومِ اللَيلِ تَغويرُ
وَما خَبَرتُ الَّذي فيها فَأذكره / لَكِن أَتَتني بِما فيهِ الأَخابيرُ
فَجِئتُ قَسراً وَما نَفسِي بِناجِيَةٍ / إِذا دَعاها إِلى حينٍ مقاديرُ
لَقَد أَرسَلَت في السِرِّ لَيلى تَلُومُني
لَقَد أَرسَلَت في السِرِّ لَيلى تَلُومُني / وَتَزعُمُني ذامَلَّةٍ طَرِفاً جَلدا
تَقُولُ لَقَد أَخلَفتَنا ما وَعَدتَنا / وَوَاللَهِ ما أَخلَفتُها طائِعاً وَعدا
فَقُلتُ مَرُوعاً لِلرَسُولِ الَّذي أَتى / تُراهُ لَكَ الوَيلاتُ مِن نَفسِها جِدّا
إِذا جِئتَها فَاقرى السَلام وَقُل لَها / دَعي الجَورَ لَيلى وَاِنهِجي مِنهجاً قَصدا
تعُدّينَ ذَنباً أَنتِ قَبلي جَنَيتِهِ / عَلَيَّ وَلا أُحصِي ذُنُوبَكُمُ عَدّا
أَفي غَيبَتي عَنكُم لَيالي مَرَضتُها / تَزِيدينَني لَيلى عَلى مَرَضي جَهدا
تَجاهَلُ ما قَد كانَ لَيلى كَأَنَّما / أُقاسي بِهِ مِن حَرَّةٍ حَجَراً صَلدا
غَداً يَكثُرُ الباكُونَ مِنّا وَمِنكُمُ / وَتَزدادُ داري مِن دِيارِكُمُ بُعدا
فَإِن شِئتِ أَحرَمتُ النِساءَ سِواكُمُ / وَإِن شِئتِ لَم أَطعَم نُقاخاً وَلا بَردا
وَإِن تَغفِري مازَلَّ مِنّي وَتَصفَحي / فَقَد هَدَّ عَظمي قَبلَها حُبُّكُم هَدّا
وَإِن تَصرِمِيني لا أَرَ الدَهرَ لَذَّةً / لِشَيءٍ وَلَن أَلقى سُروراً وَلا سَعدا
وَإِنشِئتِ غُرنا مَعكُمُ حَيثُ غُرتُمُ / بِمَكَّةَ حَتّى تَجلِسُوا قابِلاً نَجدا
لِكَي تَعلَمي أَنّي أَشَدُّ صَبابَةً / وَأَحسَنُ عِندَ البَينِ مِن غَيرِنا عَهدا
تَقَطَّعَ إِلّا بِالكِتابِ عِتابُكُم / سِوى ذِكرٍ لا أَستَطيعُ لَها رَدّا
فَقالَت وَأَذرَت دَمعَها لا بَعِدتُمُ / فَعَزَّ عَلَينا أَن نَرى لَكُمُ بُعدا
أَقُولُ غَداةَ استَقَلَّ الجَمِي
أَقُولُ غَداةَ استَقَلَّ الجَمِي / عُ وَالعَينُ مِن بَينِهِم تَسفَحُ
كَدَفعِ دَوالِجَ مِن أُكرَةٍ / مَواهِبَ جَمٌّ لَها المَنضَحُ
أُكَفكِفُها جاهِداً عَنهُمُ / وَتَغلِبُ صَبري فَما تَنشَحُ
إِذا نَقَصَ الحَزنُ مِن مائِها / غَطا مَدُّ جَيّاشِهِ يَطفَحُ
لِقَلبٍ بِهِ قَرحَةٌ مِنهُمُ / أَلا إِنَّهُم رُبَّما أَقرَحُوا
أَتَصبِرُ لِلبَينِ أَم تَنتَحي / لِسَلمى فَذاكَ إِذَن أَروَحُ
عَلَيكَ فَإِن يُصبِحُوا أَفسَدُوا / مِنَ امرِكَ ما قَبلَهُ أَصلَحُوا
فَلَلصَّبرُ عِندَ اِنفِتالِ الزَما / نِ بِالمَرءِ فيما رَجا أَنجَحُ
مِنَ الآن فَاترُك طِلاب الَّذي / تَوَلّى مِنَ الأَمرِ إِذ أَصبَحُوا
أَطاعُوا بِهِجرانِكَ الكاشِحينَ / وَقِدماً أُطِيعَ بِكَ الكُشَّحُ
وَلا تَبتَئِس بِهِمُ أَن جَرى / عَدُوٌّ بِأَمرٍ فَلَم يَسجَحُوا
فَسَوفَ إِذا فَكَّروا يَعلَمُونَ / أَجَيبُكَ أَم جَيبُهُ أَنصَحُ
وَمَن هُوَ في قَولِهِ صادِقٌ / وَمَن أَمرُهُ مُبرَمٌ مُوجَحُ
فَكادَ لِمَوعِظَتي يَرعوى / عَنِ الجَهلِ وَالمُرعِوي المُفلِحُ
فَأَدركَهُ مِن هَوى تُكتَمٍ / عَقابِيلُ أَهوَنُها يَجرَحُ
فَأَودى بِهِ وَثَوَت جُثَّةٌ / وَعَينٌ بِطَرفٍ لَها تَطرَحُ
حِذارَ نَوى وَليِهم أَن نَأوا / وَمَن سَكَنُوا وَليَهُم أَنزَحُ
كَأَنَّ حُمُولَهُمُ إِذ غَدَوا / نَخيلٌ عَلى نُهُرٍ دُلَّحُ
مِنَ الوُقرِ في وَطَنٍ ما بِهِ / قِفافُ سِباخٍ وَلا أَبطَحُ
تَسِيخُ العُرُوقُ بِها وَالفُرُو / عُ في الجَوِّ رانِيَةٌ تَطمَحُ
إِذا ذَكرَ النَخلَ أَربابُها / وَقالوا مُبَكِّرُها المُبلِحُ
تَعَجَّلَ عَن جَريةِ الماذِيانِ / فَنَوَّرَ أَو بَعضُهُ المُشقِحُ
يَرى السائِمُونَ إِذا ما اِشتَرى / جَناها امرُؤٌ أَنَّهُ يَربَحُ
تِلكَ عِرسِي تَلُومُني في التَصابي
تِلكَ عِرسِي تَلُومُني في التَصابي / مَلَّ سَمعي وَما تَمَلُّ عِتابي
أَهجَرَت في المَلامِ تَزعمُ أَنّي / لاحَ شَيبي وَقَد تَوَلّى شَبابي
أَن رَأَت رَوعَةً مِنَ الشَيبِ صارَت / في قذالي مُبِينَةً كِالشِهابِ
تَحتَ لَيلٍ بِكَفٍّ قابِسِ نارٍ / إِعتَشاها بِعارِضٍ مِن سَحابِ
قُلتُ مَهلاً فَقَد عَلِمتِ إِبائِي / مِنكِ هَذا وَقَد عَلِمت جَوابي
لَيسَ ناهِيَّ عَن طِلابِ الغَواني / وَخطُ شَيبٍ بَدا وَدِرسُ خِضابِ
وَرُكُوبٌ إِذا الجَبانُ تَطَوّى / فَرَقاً عِندَ عِرسِهِ في الثِيابِ
أَحمِلُ السَيفَ فَوقَ أَقرَح وَردٍ / ذي حُجُولٍ كَأَنَّهُ سِيدُ غابِ
أَجشَمُ الهَولَ في الكَعابِ وَقِدماً / جَشِمَ الهَولَ ذُو الهَوى في الكَعابِ
أَيُّها القَصرُ ذُو الأَواسِيِّ وَالبُس / تانِ بَينَ القُصُورِ فَوقَ الظِرابِ
خَصَّكَ اللَهُ بِالعِمارَةِ مِنهُ / وَوَقاكَ المَليكُ وَشكَ الخَرابِ
إِنَّني وَالمُجَمِّرِينَ بِجَمعٍ / وَالمُنيخِينَ خَلفَهُم بِالحِصابِ
لَم أَحُل عَنكَ ما حَيِيتُ بِوُدّي / أَبَداً أَو يَحُولَ لَونُ الغُرابِ
دَونَها الحارِسُ الشَفِيقُ عَلَيها / قَد تَولّى مَفاتِحَ الأَبوابِ
بِمُنيفٍ كَأَنَّهُ رُكنُ طَودٍ / ذي أَواسٍ مُطَمَّرِ المِحرابِ
وَتَرَقَّيتُ بِالحِبالِ إِلَيها / بَعدَ هَدءٍ وَغَفلَةِ البَوّابِ
فَجَزَتني بِما عَمِلتُ ثَواباً / حَسَناً كُنتُ أَهلَ ذاكَ الثَوابِ
إِعتِناقاً عَلى مَخافَةِ عَينٍ / قَد رُمِقنا بِها وَقَومٍ غِضابِ
أَلم يُنسِ لَيلى عَهدُكَ المُتَباعِدُ
أَلم يُنسِ لَيلى عَهدُكَ المُتَباعِدُ / وَدَهرٌ أَتى بَعدَ الَّذي زَلَّ فاسِدُ
فُؤادَكَ أَن يَهتاجَ لَما بَدَت لَهُ / رُسُومُ المَغاني وَالأَثافي الرَواكِدُ
وَمَربَطُ أَفراسٍ وَخَيمٌ مُصَرَّعٌ / وَهابٍ كَجُثمانِ الحَمامَةِ هامِدُ
وَمَربَعُ حَيٍّ صالِحينَ نأَت بِهِم / نَوىً بَعدَ إِسعافٍ وَسَكنٌ مَعاهدُ
فَعِشتُ بِعَيشٍ صالِحٍ إِذ هُمُ بِهِ / فَبادُوا وَعَيشُ المَرءِ لا بُدَّ بائِدُ
فَلِلهِ عَيناً مِن رَأى مِثلَ مَجلِسٍ / بِكَرسانَ أَسقاهُ الغَمامُ الرَواعِدُ
لَقِيتُ بِهِ سِرباً تَنَظَّرنَ مَوعِدي / وَقِدماً وَفَت مِنّي لَهُنَّ المَواعِدُ
فَبُغتُ بِسَأوي الزَعفَرانَ فَلَم أَرِم / مَعَ القَومِ حَتّى لَم تُخِفني المَراصِدُ
وَحَتّى بَدَت أُخرى النُجوم وَباشَرَت / خُدُودَ الرِجالِ لِلرُقادِ الوَسائِدُ
فَلَمّا بَدا جَرسٌ مِنَ ليلِ وَاِحتَوَت / كِلابَ الرِعاءِ المُوسَداتِ المَواقِدُ
فَقُمتُ إِلى طِرفٍ مِنَ الخَيلِ لَم يَبِت / مُذالاً وَلَم تُقفِر عَلَيهِ المَذاوِدُ
بِوَردٍ كَسِيدٍ الغِيلِ ذي مَيعَةٍ لَهُ / إِذا ما جَرى في الخَيلِ عَقبٌ وَشاهِدُ
فَلَأمَ شَملي بَعدَ ما شُتَّ حِقبَةً / بِهِنَّ وَذُو الأَضغانِ عَنهُنَّ هاجِدُ
بِحُورٍ كَأَمثالِ الدُمى قُطُفِ الخُطا / لَهَونَ وَهُنَّ المُحصَناتُ الخَرائِدُ
أَمِنَّ العُيُونَ الرامِقاتِ وَلَم يَكُن / لَهُنَّ بِهِ عَينٌ سِوى الصُبحِ ذائِدُ
فَبِتُّ صَريعاً يَبنَهُنَّ كَأَنَّني / أَخُو سَقَمٍ تَحنُو عَلَيهِ العَوائِدُ
أَطَفنَ بِمَعسُولِ الدُعابَةِ سادِرٍ / كَخُوطِ الأَبالم يَهصِرِ العُودَ عاضِدُ
كَما طافَ أَبكارٌ هِجانٌ بِمُصعَبٍ / طَرِبنَ لِأَعلى هَدرِهِ وَهوَ سامِدُ
يُسِّدنَني جُمَّ المُرافِقِ زانَها / جَبائِرُها غَصَّت بِهِنَّ المَعاضِدُ
يُفَدِّينَني طَوراً وَيَضمُمنَ تارَةً / كَما ضَمَّ مَولُوداً إِلى النَحرِ وَالِدُ
يَقُلنَ أَلا تُبدى الهَوى سَتَزِدَنني / وَقَد يُستَزادُ ذُو الهَوى وَهوَ جاهِدُ
لَعَمري لَئِن أَبدينَ لي الوَجد إِنَّني / بِهِنَّ وَإِن أَخفَيتُ وَجدي لِواجِدُ
كَأَنَّ نِعاجَ الرَملِ أَهدَت عُيُونَها / إِذا مجمَجَت أَشفارَهُنَّ المَراوِد
لَهُنَّ وَأَعناقَ الظِباءِ اِستَعَرنَها / إِذا ما كَسَت لَباتِهِنَّ القَلائِدُ
تَعِلُّ قُرُوناً في الوَفاءِ كَأَنَّها / إِذا سُدِلَت فَوقَ المُتُونِ الأَساوِدُ
مَجاسِدُها نُفحٌ مِلاءٌ كَأَنَّها / نَواعِمُ حُورٌ تَحتَهُ الماءُ راكِدُ
جُنَّ قَلبي بِذِكرِ أُمِّ الغُلامِ
جُنَّ قَلبي بِذِكرِ أُمِّ الغُلامِ / يَومَ قالَت لَنا لِجُوا بِسَلامِ
زَيَّنَت لي شَواكِلي كُلَّ لَهوٍ / ذاتُ لَوثٍ مِنَ الصَباحِ الوِسام
رُبَّما مِثلَها تَسَدَّيتُ وَهناً / بَعدَ فَترٍ وَتَحتَ داجي الظَلامِ
ثُمَّ نَبَّهتُها فَهَبَّت كَسُولاً / فاهَةً ما تُبِينُ رَجعَ الكَلامِ
ساعَةً ثُمَّ إِنَّها بَعدُ قالَت / وَيلَتا قَد عَجلتَ يا بنَ الكِرامِ
أَعلى غَيرِ مَوعِدٍ جِئتَ تَسري / تَتَخطّى إِلى رؤوسِ النِيام
عَذَلتِني فَقُلتُ لا تَعذُليني / وَدَعي اللَومَ وَاقصِدي في المَلامِ
قَد تَجَشَّمتُ ما تَرَينَ مِنَ الهَو / لِ وَما جِئتُ هَهُنا لِخِصامِ
فَارعَوَت بَعدَ نَفرَةٍ نَفَرَتها / بِسُكُونٍ وَهَمزَةٍ وَاِبتِسامِ
وَعَلى الباب ذي الشَفِيقَةِ سُعدى / لا أَرى مِثلَها مِنَ الخُدّامِ
كُلَّما صَفَّقَت وَثَبنَ إِلَيها / كَقِيامِ الشُرطِيِّ عِندَ الإِمامِ
يَتَسَوَّكنَ قَبلَ كُلِّ طَعامٍ / وَاسِعاتُ الجُيوبِ وَالأَكمامِ
حَبَّذا هُنَّ حَيثُ كُنَّ مِنَ الأَر / ضِ وَلَو بَينَ زَمزَمٍ وَالمَقامِ
حَمَلَ القَلبُ مِن حُمَيدَةَ ثِقلا
حَمَلَ القَلبُ مِن حُمَيدَةَ ثِقلا / إِنَّ في ذاكَ لِلفُؤادِ لَشُغلا
عَن سِواها فَلا تَظُنَّنَّ أُنثى / أَنَّ في القَلبِ عَن حُمَيدَةَ فَضلا
قَد حَوَتهُ وَأَغلَقتُ دُونَ وُدِّي / فَهوَ في سِجنِها عَنِ الناسِ قُفلا
إِذا فَعَلتِ الَّذي فَعَلتِ فَقُولي / حَمدَ خَيراً وَأَتبَعي القَولَ فِعلا
وَصِلِيني فَأُشهِدُ اللَه أَن لا / أَبتَغي مِن سِواكِ ما عِشتُ وَصلا
ما دَعا نائِحُ الحَمامِ بِوادٍ / ذي أَراكٍ وَهَزَّتِ الرِيحُ أَثلا
جَعَلَ اللَهُ وَجهَ كُلِّ حَسُودٍ / لا أَراه لَها مِنَ الناس أَهلا
أَو حَسُودٍ بَغاكِ يَوماً بِسُوءٍ / كاشِحٍ مُبغِضٍ لِرِجلِكِ نَعلا
قَلتُ إِذا أَقبَلَت تَهادى وَزُهرٌ / كَنِعاجِ المَلا تَعَسَّفنَ رَملا
وَتَنَقَّبنَ بِالبُرُودِ وَأَبدَي / نَ عُيُوناً حُورَ المَدامِعِ نُجلا
مَرحَباً مَرحَباً بِأُمِّ جُبَيرٍ / وَبِأَترابِها وَأَهلاً وَسَهلا
لَم أُرَحِّبُ بِأَن سَخَطتِ وَلَكِن / مَرحَباً إِن رَضِيتِ عَنّا وَأَهلا
أَحسَنُ الناسِ مَجلِساً وَحَديثاً / وَقَواماً وَأَكمَلُ الناسِ عَقلا
أَقُولُ اِشتِكاءَ بِالحَرامِ لِصاحِبي
أَقُولُ اِشتِكاءَ بِالحَرامِ لِصاحِبي / وَذُو البَثِّ شَكُوهُ وَإِن كانَ مُقصَدا
فَلَم أَرَ مَطرُوقاً كَلَيلي لِحاجَةٍ / أَضَنَّ بِها مِن غَيرِ فَقرٍ وَأَبعَدا
نَوالاً لِمُحتاجٍ يُريدُ نَوالَها / وَأَجدَرُ إِن حَدَّت بِهِ أَن تُصَرِّدا
تَوَدَّدتُها قَبلاً فَما لانَ قَلبُها / وَأَقسى خَليلاً خِلتَهُ مُتَوَدِّدا
فَلَو كُنتُ أُرقى بِالَّذي قَد رَقَيتُها / بِهِ يابِساً صَلداً مِنَ الصَخرِ جَلمَدا
اللانَ لِقَولي أَو لَعادَو وَما اِعتَصى / عَلَيَّ بِعاداً غِلظَةً وَتَشَدُّدا
فَلَما بَدا لي أَنَّها مُستَفِزَّةٌ / قَد اضرَمَها الواشي عَلَيَّ وَأَوقَدا
أَقُولُ لَها وَالعَينُ قَد فاضَ دَمعُها / وَقَد كانَ فيها دَمعُها قَد تَرَدَّدا
أَسَلّاكِ عَنّي النَأيُ أَم عاقَكِ العِدى / بِما اِقتَرَفوا أَم جِئتِ صَرمى تَعَمُّدا
أَلم أَكُ أَعصي فيكِ أَهل قَرابَتي / وَأُرغِمُ فيكِ الكاشِحَ المُتَهَدِّدا
وَأَمتَهِنُ الوَردَ الأَغَرَّ إِلَيكُم / مِن أَجلِكِ حَتّى لَحمُهُ قَد تَخَدَّدا
فَقالَت مَنَنتَ الوَصلِ مِنكَ وَلَلَّذي / أَتَيتَ إِلَينا كانَ أَدنى وَأَزهَدا
مِنَ أَشياءَ قَد لاقَيتُها فيكَ لَم يَكُن / لِيُحصيها مَن مَنَّ وَصلاً وَعَدَّدا
وَلا تَحسَبَن صَرمَ الصَدِيقِ مُرُوءَةً / وَلا نائِلاً ما عِشتَ بِالصَرمِ سُؤدَدا
وَإِنَّكَ قَد أَلفَيتَ عِندي مَوَدَّةً / مِنَ الحُبِّ ما تَزدادُ إِلّا تَجَدُّدا
فَلِن لِلَّذي يَهواكَ وَاغلُظ عَلى الَّذي / قَلاكَ وَعَوِّدهُ الَّذي قَد تَعَوَّدا
وَمِلآنَ فاضرِب لي وَلا تَخلُفَّنني / لَدى شُعبَةِ الأصغاءِ إِن شِئتَ مَوعِدا
فَقُلتُ لَها في أَربَعٍ سَوفَ نَلتَقي / هُدُوءاً إِذا ما سامِرُ الحَيِّ رَقَّدا
فَلَمَّا تَقَضَّت أَربَعٌ قُلتُ هاتِيا / جَوادي وَقَلِّدهُ لِجاماً وَمِقوَدا
فَجاءَ بِهِ العَبدانِ لَيلاً كَأَنَّما / يَقُودانِ قَرماً ضارِياً حِينَ أُلبِدا
فَشَدّا عَلَيهِ السَرحَ ثُمَّ عَلَوتُهُ / كُمَيتاً إِذا ما مَسَّهُ السَوطُ أَهمَدا
خَبُوبَ الخَبارِ يَركَبُ الوَعثَ كُلَّما / تَسَلَّمَ مِن وَعثٍ إِلى غَيرِهِ عَدا
يَزيدُ إِذا قاسَ اللِجامُ شَجاً بِهِ / وَعَضَّ بِنابَيهِ الشَكيمَ فَأَزبَدا
فَقَرَّبَني مِن بَعدِ بُعدٍ كَأَنَّما / يَرى الجَبَلَ الوَعرَ المُمَنَّعَ فَدفَدا
فَلَمّا بَلَغنا جانِبَ المَوعِدِ الَّذي / وُعِدتُ بِهِ أَقَللتُ أَن أَتَلَدَّدا
مَكَثتُ قَلِيلاً ثُمَّ أَوشَكتُ أَن أَرى / وَما أَطوَلَ المُكثَ الغُلامَ المُوَلَّدا
فَأَزجا فَأَنبا بِالَّذي كُنتُ أَهلَهُ / سُرِرتُ بِهِ مِنهُ وَلاقَيتُ أَسعُدا
وَمِن خَلفِهِ صَفراءُ غَرثٌ وِشاحُها / تَأَوَّدُ في المَمشى القَريبِ تَأَوُّدا
تَمُورُ كَما مارَت مَهاةٌ بِذي الغُضا / تُزَجّى بِبَطحاءِ القَسِيَّةِ فَرقَدا
فَلَمّا التَقَينا رَحبَّت وَتَهَلَّلَت / كِلانا إِلى ذي وُدِّهِ كانَ أَقوَدا
كِلانا يُمَنّى في الخَلاءِ جَليسَهُ / صَفاءً وَوُدّاً ما بَقينا مُخَلَّدا
وَباتَ جَوادِي غُلُّهُ ساقُ طَلحَةٍ / بِأَبهَرَ مَولِيِّ الرُبا ساقِطِ النَدى
يَتُوقُ فَيَثنيهِ عَلِيٌّ مُقَوَّمٌ / نَما فَرعُهُ وَاخضَلَّ حَتّى تَخَضَّدا
وَساخَت عُروق الأَرض مِنهُ فَصادَفَت / بِجانِبِ خَوّارٍ مِن التُربِ رَغَّدا
وَيَمنَعُهُ أَن يَطمَئِنَّ بِأَنَّهُ / تَذَكَرَ جُلّاً فَازدهاهُ وَمِقوَدا
وَبَيتاً يَقِيهِ الحَرَّ في كُلِّ صَيفَةٍ / وَمَصعَ ضَرِيبِ القَرِّ إِن هُوَ أَبرَدا
فَلَم يَستَفِق مِن سَكرَةِ الحُبِّ بَينَنا / لَهُ سَكرَةٌ كانَت قَدِيماً تَعَدُّدا
بِضَوءِ عَمُودِ الصُبحِ حَتّى كَأَنَّما / تَجَلّى عَمُودُ الصُبحِ يَوماً مُوَرَّدا
يا عَينُ مَهلاً أَلَم تُنهى عَنِ النَظَرِ
يا عَينُ مَهلاً أَلَم تُنهى عَنِ النَظَرِ / غُضّى مِنَ الطَرفِ غُضّى لامِحَ البَصَرِ
لا تَطرَحِي القَلبَ عَيني في مُهَوَّلَةٍ / فَتُوردِيهِ وَتَعيى بَعدُ بِالصَدرَ
قَد قُدتِهِ نَحوَ لَيلى قَبلَ ذا زَمَناً / فَما سَلَمتِ وَما هُنِّيتِ بالظَفَرِ
ما جَفَّ دَمعُكِ حَتّى اليَومِ مِن حَزَنٍ / مِن ذِكرِها وَاِستَخَفَّ القَلبُ لِلذِكَرِ
ظَلَّت وَظَلَّ حُصَينٌ يَهتِفانِ لَها / بِجُؤذَرٍ حَولُهُ عِينٌ مِنَ البَقَرِ
مُخَضَّباً يَتَلالا تَحتَ كِلَّتِهِ / كَما تَلالا وَميضُ البَرقِ في الصُبُرِ
أَقبَلتُ أَبغي أُرِيدُ الأَجرَ مُعتَمِراً / وَلَم يَذَر مِثلُها خُلقاً لِمُعتَمِرِ
قَبلي فَلَمَّا بَلَغتُ الرَدمَ أَبصَرَني / رِيمٌ رَماني فَلَم يَشوى مِنَ القَتَرِ
بَلِّغ قُرَيبَةَ أَنَّ البَينَ قَد أَفِدا
بَلِّغ قُرَيبَةَ أَنَّ البَينَ قَد أَفِدا / وَأَنَّنا إِن سَلِمنا رائِحُونَ غَدا
كَم بِالحَرامِ وَلَو كُنّا نُجامِلُهُ / مِن كاشِحٍ وَدَّ أَنّا لا نُرى أَبَدا
حُمِّلَ مِن بُغضِنا غِلّا يُعالِجُهُ / وَقَد تَمّلا عَلَينا فِيكُمُ حَسَدا
وَذاتِ وَجدٍ عَلَينا تَبُوحُ بِهِ / تُحصى اللَيالي إِذا غِبنا لَها عَدَدا
حَرِيصَةٍ أَن تَكُفَّ الدَمعَ جاهِدَةً / وَما رَقا دَمعُ عَينَيها وَلا جَمَدا
يا لَيلَةَ السَبتِ قَد زَوَّدتِني سَقَماً / حَتّى المَماتِ وَحُزناً صَدَّعَ الكَبِدا
قامَت تَهادى عَلى خَوفٍ تُشَيِّعُني / مَشى الحَسِيرِ المُزَجّى أُحشِمَ الصَعَدا
لَم تَبلُغِ البابَ حَتّى قالَ نِسوَتُها / مِن شِدَّةِ البُهرِ هَذا الجَهدُ فاتَّئِدا
أَقعَدنَها وَنَثا ما قُلنَ ذُو حَسَدٍ / صَبٌّ بِلَيلى إِذا ما أُقعِدَت قَعَدا
أَرادَ اليَومَ جِيرَتُكَ الغِيارا
أَرادَ اليَومَ جِيرَتُكَ الغِيارا / رَواحاً أَم أرادُوهُ اِبتِكارا
قَرِيبٌ كُلُّ ذاكَ وَإِن يَبِينُوا / يَزيدُ وَالقَلبَ صَدعاً مُستَطارا
بِقَلبي وَالنَوى أَعدى عَدُوٍّ / لَئِن لَم تُبقِ لي بِالجَلسِ جارا
بَلى أَبقَت مِنَ الجِيرانِ حَولي / أُناساً ما أُلائِمُهُم كِثارا
وَماذا كَثرَةُ الجِيرانِ مُغنٍ / إِذا ما بانَ مَن تَهوى فَسارا
أَذُودُ النَفسَ وَهِيَ تَتُوقُ شَوقاً / وَأَمنَعُها حَياءً وَاِستِتارا
كَما ذادَ المُنَهنِهُ عَن حِياضٍ / عِذابِ الماءِ صادِيَةً حِرارا
فَلَمّا أَن رَأَيتُ المُكثَ عَجزاً / وَأَنَّ عُلَيَّ في سَفَرٍ مَسارا
وَأَنَّ الحَيَّ ما عَجِلُوا بِبَينٍ / وَتَركِ بِلادِنا إِلّا ضِرارا
ثَوى جَسَدي وَشيَّعهُم فُؤادي / وَعَيني ما تَجِفُّ لَهُم غِزارا
أَكُفُّ الدَمعَ عَن خَديَّ مِنها / وَيَأبى دَمعُها إِلّا اِنحِدارا
فَكَم مِن كاعِبٍ حَوراءَ رُودٍ
فَكَم مِن كاعِبٍ حَوراءَ رُودٍ / أَلُوفِ السِترِ وَاضِحَةِ التَراقي
بَكَت جَزَعاً وَقَد سُمِرَت كُبُولي / وَجامِعَةٌ يُشَدُّ بِها خِناقي
عَلى سَوداءَ مُشرِفَةٍ بِسُوقٍ / بَناها القَمحُ مُزلَقَةِ المَراقي
عَلَيَّ عَباءَةٌ بَرقاءُ لَيسَت / مِن البَلوى تُغَطّى نِصفَ ساقي
كَأَنَّ عَلى الخُدُودِ وَهُنَّ شُعثٌ / سِجالَ الماءِ يُبعَثُ في السَواقي
فَقُلتُ تَجَلُّداً وَحَلَفتُ صَبراً / أُبالي اليَومَ لَو دَمَعَت مَآقي
سَيَنصُرُني الخَلِيفَةُ بَعدَ رَبّي / وَيُخبَرُ حَيثُ يُمسي عَن مَساقي
فَتَغضَبُ لي بِأَجمَعِها قُصَيٌّ / قَطِينُ البَيتِ وَالدُمثِ الرِقاقِ
بِمُعتَلَجِ السُيُولِ إِذا تَبَنّى / لِئامُ الناسِ في الشُعَبِ العِماقِ
لِأَقرَبِها إِذا نُسِبُوا لِخَيرٍ / وَأَوراها إِذا اِنتُقى المُناقي
يا لَيتَ لَيلى رَأَتنا غَيرَ جازِعَةٍ
يا لَيتَ لَيلى رَأَتنا غَيرَ جازِعَةٍ / لَمّا هَبَطنا جَمِيعاً أَبطَحَ السُوقِ
وَكَشَرنا وَكُبُولُ القَينِ تَنكِبُنا / كَالأُسدِ تَكشِرُ عَن أَنيابِها الرُوقِ
نَمشي يَفُوتُ مُخِفُّ القَومِ مَثقَلَهُم / مَشى الجِمالِ المَصاعِيبِ المَطارِيقِ
وَالناسُ شَطرانِ مِن ذي بُغضَةٍ حَنِقٍ / وَمِن مَغيظٍ بِدَمعِ العَينِ مَخنُوقِ
هُوَّوا لَنا زُمَراً مِن كُلِّ ناحِيَةٍ / كَأَنَّما فَزَعُوا مِن نَفخَةِ البُوقِ
وَفي السُطُوحِ كَأَمثالِ الدُمى خُرُدٌ / يَبكِينَ عَولَةَ وَجدٍ غَيرِ مَمذُوقِ
مِن كُلِّ ناشِرَةٍ فَرعاً لِرُؤيَتِنا / وَمَفرَقاً ذا نَباتٍ غَيرِ مَفرُوقِ
يَضرِبنَ حُرَّ وُجُوهٍ لا يُلَوِّحُها / لَفحُ السُمُومِ وَلا شَمسُ المَشارِيق
كَأَنَّ أَعناقَهُنَّ التُلعَ مُشرِفَةً / مِمّا يُحَلَّقُ مِن تِلكَ الأَبارِيقِ
حَتّى اِنتَهَت إِلى دَعجاءَ جالِسَةٍ / قَد تَرَكَت أَهلَ بَيتِ اللَهِ في ضِيقِ
تُنَضِّحُ الرِيقَ مِن فِيها إِذا نَطَقَت / كَأَنَّما مَضَغَت عِلكَ الذَعاليقِ
أَلا هَل هاجَكَ الأَظعا
أَلا هَل هاجَكَ الأَظعا / نُ إِذ جاوَزنَ مُطَّلَحا
نَعَم وَلِوَشكِ بَينِهِمِ / جَرى لَكَ طائِرٌ سَنَحا
سَلَكنَ الخَبتَ مِن رَكَكٍ / وَضَوءُ الفَجرِ قَد وَضَحا
فَمَن يَفرَحُ بِبينِهِمِ / فَغَيري إِذ غَدَوا فَرِحا
فَهَزَّت رَأسَها عَجَباً / وَقالَت مازِحٌ مَزَحا
فَيا عَجَباً لِموقِفِنا / وَغَيَّبَ ثَمَّ مَن كَشَحا
تَبِعتُهُمُ بِطَرفِ العَي / نِ حَتّى قِيلَ لي اِفتُضِحا
فَوَدَّعَ بَعضُنا بَعضاً / وَكُلٌّ بِالهَوى صَرَحا
هاجَ الفُؤادُ وَأَمسى الحِلمُ قَد عَزَبا
هاجَ الفُؤادُ وَأَمسى الحِلمُ قَد عَزَبا / بَعدَ العَزاءِ وَبَعدَ الصَبرِ قَد غُلِبا
وَهاجَهُ ذِكرُ قُربى بَعد سَلوَتِهِ / وَراجَعَ القَلبَ ما يَلقى فَقَد نَصَبا
وَجَشَّمَتهُ السُرى قُربى وَما جَشِمَت / قُربى سُرى لَيلَةٍ فيهِ وَلا تَعَبا
أَقُولُ لَمّا اِلتَقَينا وَهيَ مُعرِضَةٌ / لِقيلِ واشٍ عَلَينا يَقرِضُ الكَذِبا
فَقُلتُ لا تُعرِضِي نَفسي الفِداءُ لَكُم / في غَير شَيءٍ وَما نَأتي لَكُم غَضَبا
اللَهُ يَعلَمُ ما أَحبَبتُ حُبَّكُمُ / يا قُربَ مِن خَلقِهِ عُجماً وَلا عَرَبا
قَد كُنت أَحسَب وَجدي يا قَريب لَكُم / حَتّى أَتَحتِ لَنا بِالخَيفِ قَد ذَهَبا
لَمّا مَدَدتُ بِحَبل القَلبِ نَحوَكُمُ / خَفَّ الفُؤادُ لِما تَهوَينَ فَانجَذَبا
وَاللَهِ ما قَرُبَت قُربى وَلا نَزَحَت / إِلّا اِستَخَفَّ إِلَيها قَلبُهُ طَرَبا
وَلا دَعَت شَجوَها يَوماً مُطَوَّقَةٌ / إِلّا تَرَقرَقَ ماءُ العَينِ فَاِنسَكَبا
فَإِن كَلِفتَ بِقُربى أَو كَمِدتَ فَقَد / عَنَّتكَ قُربى وَأَترابٌ حِقبا
خَلِيلَيَّ عُوجا حَيِّيا اليَومَ زَينَبا
خَلِيلَيَّ عُوجا حَيِّيا اليَومَ زَينَبا / وَلا تَترُكاني صاحِبَيَّ وَتَذهَبا
إِذا ما قَضَينا ذاتَ نَفسٍ مَريضَةٍ / إِلَيها وَقَرَّت بشالهَوى العَينُ فَاِركَبا
فَإِنَّكُما إِن تَدعُواني لِمثلِها / إِلى حاجَةٍ فَاستَيقِنا لا تُؤَنَّبا
أَقُولُ لِواشٍ سالَني وَهوَ شامِتٌ / سَعى بَينَنّا بِالصَرمِ حيناً وَأَجلَبا
سُؤال امرئٍ يُبدى لَنا النُصحَ ظاهِراً / يَجُنُّ خِلالَ النُصحِ غِشّاً مُغَيَّبا
عَلى العَهد لَيلى كَالبَريِّ وَقَد بَدا / لَنا لاهَداهُ اللَهُ ما كانَ سَبَّبا
بَغاني لَدَيها بَعدَ ما خِلتُ أَنَّهُ / لَهُ الوَيلُ عَن بَغيٍ عَلَينا قَد اَضرَبا
فَإِن تَكُ لَيلى قَد جَفَتني وَطاوَعَت / بِعاقِبَةٍ بِيَ مَن وَشى وَتَكَذَّبا
فَقَد باعَدَت نَفساً عَلَيها شَفِيقَةً / وَقَلباً عَصى فيها الحَبيبَ المُقَرَّبا
فَلَستُ وَإِن لَيلى تَوَلَّت بِوُدِّها / وَأَصبَحَ باقي الوَصلِ مِنها تَقَضَّبا
بِمُثنٍ سِوى عُرفٍ عَلَيها وَمُشمِتٍ / وَشاةً بِها حَولي شُهُوداً وَغُيَّبا
عَلى أَنَّني لا بُدَّ أَنّي لَقائِلٌ / وَذُو البَثِّ قَوّالٌ إِذا ما تَعَتَّبا
فَلا مَرحَباً بِالشامِتينَ بِهَجرِها / وَلا زَمَنٍ أَمسى بِها قَد تَقَلَّبا
فَما زالَ بي ما ضَمَّنتِني مِنَ الجَوى / وَسُقمٍ بِهِ أَعيا عَلى مَن تَطَبَّبا
وَكَثرَةِ دَمعِ العَينِ حَتّى لَو أَنَّني / يَراني عَدُوٌّ كاشِحٌ لَتَحَوَّبا
فَذا العَرش أَنس القَلب ما عشت ذِكرها / فَفَد طالَما أَمسي إِلَيها تَحَبَّبا
فَكَم مِن مُشِتٍّ قَد جَمَعتَ بِقُدرَةٍ / وَمُجتَمِعٍ شَعَّبَتهُ فَتَشَعَّبا
تَأَوَّبني طَيفٌ بَعِيدُ التَأَوُّبِ
تَأَوَّبني طَيفٌ بَعِيدُ التَأَوُّبِ / هُدُوّاً وَلَم يَشعُر بِذَلِكَ صاحِبي
تَذَكُّرُ لَيلى إِنَّني خِلتُ ذِكرَها / يَؤُوبُ فُؤادي اللَيلَ مِن كُلِّ جانِبِ
فَقُلتُ أَقعُدَا قَد عِيلَ صَبرُ أَخيكُما / وَكَفكَفتُ دَمعَ العَينِ وَالدَمعُ غالِبي
وَقَد كُنتُ أَرجُو أَن أَييتَ بِراحَةٍ / وَلَم أَدرِ أَنَّ الطَيفَ إِن بِتُّ طالِبي
وَوَاللَهِ لا يُنكا مُحِبُّ بِمثلِها / وَإِن كانَ مَكرُوهاً فِراقُ الحَبائِبِ
وَأُشِربَ جِلدي حُبُّها وَمَشى بِهِ / تَمَشّي حُمَيّا الكَأسِ في جِلدِ شارِبِ
يَدِبُّ هَواها في عِظامي وَحُبُّها / كَما دَبَّ في المَلدُوغِ سَمُّ العَقارِبِ
تَبَدَّت لَنا يَومَ الرَحيلِ كَأَنَّها / أَحَمُّ المَآقي في نِعاجٍ الرَبائِبِ
تَكَفّا وَيَمشينَ الهُوَينا تَأَوُّداً / كَما أَنآدَ غُصنٌ بَلَّهُ ضَربُ هاضِبِ
يا لَقَومي لِطُولِ هَذا العِتاب
يا لَقَومي لِطُولِ هَذا العِتاب / وَلِصَبري عَلى الهَوى وَاِجتِنابي
مَن لَو انَّ الفُؤادَ خُيِّرَ يَوماً / بَينَهُ صادِياً وَبَينَ الشَرابِ
في سُمُومٍ يَهِمُّ مِن حَرِّها الثَو / بُ عُلى جِلدِ رَبِّهِ بِالتِهابِ
كانَ أَهوى إِلى الفُؤادِ وَأَشهى / مِن جَني النَحلِ شِيبَ صَوبَ السَحابِ
نَسَجَتهُ صَباً وَصَوبُ شَمالٍ / لَيسَ فيهِ قَذىً بِرُوسِ اللِصابِ
حالَ مِن دُونِ مُلتَقاهُ مُنِيفٌ / عارِمُ المُلتَقى أَزَلُّ الحِجابِ
وَلَقَد قُلتُ إِذ وَقَفتُ حَزِيناً / وَدُمُوعي حَثيثَةُ الإِنسِكابِ
أَيُّها القَصرُ ذُو الأَواسي وَذُو البُس / تانِ أَعلى القُصُورِ بَينَ الظِرابِ
زانَكَ اللَهُ بِالعِمارَةِ مِنهُ / وَوَقاكَ المَليكُ وَشَكَ الخَرابِ
أَعلى العَهدِ أَنتَ أَم حُلتَ بَعدي / كُلُّ شَيءٍ مَصِيرُهُ لِذَهابِ
قَد نَراهُ وَأَهلَهُ لَم يَحُلُّوا / آهِلاً مِنهُمُ خَصِيبَ الجَنابِ
لا وَرَبِّ المُكَبِّرينَ بِجَمعٍ / وَالمُنيخينَ بَعدَهُم بِالحِصابِ
لا يَحُولُ الفُؤادُ عَنكَ بِوُدٍّ / أَبَداً أَو يَحُولَ لَونُ الغُرابِ
ما ثَوى الصالِفُ الجَمُوحُ وَكانَت / بِنِطافِ العَرجَينِ حُمرُ القُبابِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025