القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ زَمرَك الأَندَلُسي الكل
المجموع : 154
مولايَ يا ابن السابقين إلى العلا
مولايَ يا ابن السابقين إلى العلا / والرافعين لواءها المنشورا
إن لوحظوا في المعلُوَات فإنهم / طلعوا بآفاق العلاء بدورا
أو فوخروا في المكرمات فإِنّهم / نظموا بأسلاك الفخار شذورا
أبناء أنصار النّبِيّ وصحبه / في الذكر أصبح فخرهم مذكورا
والمؤثرين وربُّنا أُنى بها / في الحشر خلَّد وصفهم مسطورا
فاضتْ علينا من نداك غمائمٌ / وتفجرت من راحتيك بحورا
من كفّ شفاف الضياء تخاله / لصفاء جوهرهِ تجسَّدَ نورا
نِعمّ منوّعة تعدد وفْرها / أعجزت عنها شكريَ الموفورا
في موسمٍ للدين قد جدَّدته / وأقمتَ فينا عيده المشهورا
أضعافَ ما أهديتنا من منّةٍ / تُهدِي إليكَ ثوابَها عاشورا
وعلى الطريق بشائرٌ محمودة / ألقاك جذلاناً بها مسرورا
يا أيها المولى الذي بركاتُه
يا أيها المولى الذي بركاتُه / رفعت لواءً للنّدى منشورا
لك راحة تزجي الغمام بأنمل / فَجْرْتَ منها بالنوال بحورا
واليوم موسم قُربةٍ وعبادة / وغداً ظفرت بأجره عاشورا
راعيتَ فيها سنَةً نبوِيّةً / تَروي الثّقاتُ حديثه المشهورا
لا زلتَ عامُك كلُّه في غبطةٍ / لُقِّيتَ منها نَضْرَةً وسرورا
نعم قرّت العينان وانشرح الصدرُ
نعم قرّت العينان وانشرح الصدرُ / وقد لاح في وجه الإمام لنا البدرُ
سرينا بليل التيه يكذب فجره / فلما تجلّى فجره صدق الفجرُ
أغرّ المحيّا بالحياء مقنّعٌ / زهاه الكلامُ الحرُّ والنَّسَبُ الحرُّ
إمامُ الهدى قد خصّه بخلافةٍ / إلهٌ له في خلقه النهي والأمرُ
ذروني فإني بالعلاء خبيرُ
ذروني فإني بالعلاء خبيرُ / أَسيرُ فإِنّ النَّيِّراتِ تسيرُ
فكم بتُّ أطوي الليل في طلب العُلا / كأني إلى نجْمِ السماء سفيرُ
بعزمٍ إذا ما الليل مَدَّ رِواقَه / يكر على ظلمائه فينيرُ
أخو كلف بالمجد لا يستفزه / مِهاد إذا جَنَّ الظلامُ وثيرُ
إذا ما طوى يوماً على السر كشحه / فليس له حتّى المَمَاتِ نشورُ
وإنّي وإن كنت الممنّعَ جارُهُ / لتسبي فؤادي أعين وثغورُ
وما تعتريني فترة في مدى العلا / إلى أن أرى لحظاً عليه فتورُ
وفي السرب من نجد تعلقت ظبيةً / تصول على ألبابنا وتُغيرُ
وتمنع ميسور الكلام أخا الهدى / وتبخل حتى بالخيال يزورُ
أسكان نجد جادها واكِفُ الحيا / هواكم بقلبي مُنجدٌ ومغيرُ
ويا ساكناً بالأجْرَعِ الفرد من مِنًى / وأيسير حظّ من رضاك كثيرُ
ذكرتك فوق البحر والبعد بيننا / فمدّتهُ من فيض الدموع بحُورُ
وأومض خفّاق الذؤاية بارقٌ / فطارت بقلبي أَنَّةٌ وزفيرُ
ويهفو فؤادي كلما هبّت الصِّبا / أما لفؤادي في هواك نصيرُ
ووالله ما أدري أَذِكرُكَ هزّني / أَمِ الكأسُ ما بين الخيام تدورُ
فمن مبلغٌ عنّي النوى ما يسوءها / ولَلبين حكم يعتدي ويجورُ
بأنا غدا أو بعده سوف نلتقي / ونمسي ومنّا زائر ومزورُ
إلى كم أرى أكني ووجدي مصرّحٌ / وأُخفي اسْمَ من أهواه وهو شهيرُ
أمنجدّ آمالي ومغليَ كاسدي / ومصدر جاهي والحديث كثيرُ
أَأَنْسى ولا أَنْسى مجالسك التي / بها تلتقيني نَضْرَةٌ وسرورُ
نزورك في جنح الظلام وننثني / وبين يدينا من حديثك نورُ
على أنني إن غبتُ عنك فلم تغبْ / لطائفُ لم يُحْجَبُ لَهنَّ سفورُ
نَروح ونغدو كل يوم وعندها / رواحٌ علينا دائمٌ وبكورُ
فظلُّك فوقي حيثما كنتُ وَارِفٌ / وموردُ آمالي لديك نميرُ
وعذراً فإني إن أطلْتُ فإِنما / قصارايَ من بعد البيان قصورُ
وعذراً فإني إن أَطلْتُ فإنما / قصارايَ من بعد البيان قصورُ
أعلامُك الحمر فوق السُّفْن خافقة
أعلامُك الحمر فوق السُّفْن خافقة / وريح سعدك تجريها على قَدَرِ
ما إن رفعت قِسيَّ السُّفُن في وطن / إلا ونلت قصيّ السؤال والوطر
قالوا السفائن فوق البَرّ ذا عجب / من غير بحر ولا موج ولا غَرَرِ
فقلت آثار مولانا التي سفرت / لنا العناية عن آياتها الكُبَرِ
تجري بريح سعود في بحار ندى / تُغني بنائك عن بحر وعن مطرِ
لله يوم عجيب الصنع ذو أثر / مُحجَلٌ رائق الأوضاح والغُرَرِ
استبشر الناس فيه بالصنيع وقد / تضمّن البشر في وردِ وفي صَدَرِ
زجرتُه بشفاء قد أتاك كما / يُرضي علاك جميل الخُبر والخَبر
إذا شكوتَ فكلّ الكون ذو وصبٍ / فأنت منه مَكان السمع والبصرِ
ومن شكا بأليم الوجد في بصر / فقد تعوّد غير السُّهد والسَّفر
فَأَسْأَلُ اللهَ ربَّ العرش من لُطُفٍ / يسري إليك بها أنعام مقتدرِ
وأن يُدافع عن ذات بحُرمتها / تعوّد الخلقُ لطف الله في القدرِ
وَلَدُ الفقر والرِّباط ولكنْ
وَلَدُ الفقر والرِّباط ولكنْ / نفسُهُ للسلوك ذات افتقار
طعامُك من دار النعيم بعثْتَهُ
طعامُك من دار النعيم بعثْتَهُ / فشرَفتَه من حيث أدري ولا أدري
بهضبة نعمى قد سمونا لأوجها / فصِدْنا بأعلاها الشّهيَّ من الطَّيرِ
وقوراءَ قد دُرْنا بهالة بدرها / كما دارت الزُهرُ النجومُ على البدر
وقد حُمِلَتْ فوق الرؤُوس لأنها / هديَّة مولى حلّ في مفرق الفخر
فما شئت من طعم زكيِّ مهنِّاً / وما شئت من عَرْف ذكي ومن نشر
فلو أنها قد قُدِّمتْ لخليفةٍ / لأَعْظمها قَدْراً وبالغ في الشكر
وكم لك من نُعمى عليّ عميمةٍ / يقلُّ لأدناها الجميلُ من الذكر
فلا زلت يا مولى الملوك مُبَلَّغاً / أمانيَّ ترجوها إلى سالف الدهرِ
أحافد عبد التين يملأُ بطنَه
أحافد عبد التين يملأُ بطنَه / من التين والمسوا لهم في غيرِ
لقد كنتُ قبل اليوم فيكَ مُحَيَّراً / إلى أن هديت الفكر مِنِّيَ للسيرِ
فقد طبت من طير العصير بنسبة / فخرت بها بين القضاة على الغير
فأنتَ إذاً من ذرق جدك نابتٌ / كما تنبت الأشجار من ذرق الطيرِ
أمولاي تقبيلي ليمناك شاقني
أمولاي تقبيلي ليمناك شاقني / ولا ينكر الظمآنُ شوقاً إلى البحر
ولما رأيت الدهر ماطلني بها / وشوَّقني من حيث أدري ولا أدري
بعثت لك الزهر الجنيِّ لعلّه / يقبّلها عني ثغور من الزهرِ
أما وانصداع النور من مطلع الفجر
أما وانصداع النور من مطلع الفجر /
لك الله من فذ الجلالة أوحد / تطاوعه الآمال في النهي والأمر
لك الله من فذ الجلالة أوحد / تطاوعه الآمال في النهي والأمر
لك القلم الأعلى الذي طال فخره / على المرهفات البيض والأسَل السُّمُرِ
تُقلِّد أجياد الطروس تمائماً / بصنفَيْ لآلٍ من نظام ومن نثر
تهيَّبَكَ القرطاس فاحْمَرَّ إذ غدا / يُقِلُّ بحوراً من أناملِكَ العَشْرِ
كأنّ رياض الطَرس خدُّ مورّدٌ / يُطَرْزه وشيُ العذار من الحِبْرِ
فشارة هذا الملك رائقة الحُلى / بألوية حمر وبالصُّحف الحمرِ
فما روضة غناء عاهدها الحيا / تحوك بها وشيَ الربيع يدُ القطرِ
تُغني قيانُ الطيَر في جنباتها / فيرقص غصن البان في حُلَلٍ خضرِ
تمد لأَكواس العَرار أناملاً / من السَّوسن الغضِّ المختَّم بالتَّبرِ
ويحرس خدَّ الورد صارمُ نهرها / ويُمنع ثغر النّوْر بالذابل النضرِ
يفاخر مرآها السماء محاسِناً / وتُزري نجوم الزَهر منها على الزُّهر
إذا مسحت كفُّ الصِّبا جفن نَوْرها / تنفّس ثغر الزهر عن عنبر الشَّحْرِ
بأعطرَ من رَيَّا ثنائكَ في السُّرى / وأبهرَ حُسناً من شمائلك الغُرِّ
أما وانصداع النور من مطلع الفجر /
لك الله من فذ الجلالة أوحد / تطاوعه الآمال في النهي والأمر
وإن كَلَح الأبطال في حومة الوغى / ترقرق ماء البشر في صفحة البدرِ
لك الحسب الوضاح والسؤدد الذي / يضيق نطاق الوصف فيه عن الحصرِ
تشرَّف أفقٌ أنت بدرُ كماله / فغرناطةٌ تختال تيهاً على مصرِ
تَكلَّلَ تاجُ الملك منك محاسناً / وفاخرت الأملاكَ منك بنو نصرِ
بعزمة مضمون السعادة أوحد / وغرّة وضّاح المكارم والنّجرِ
طوى الحيفُ منشورَ اللواء مؤيداً / فعزّ حمى الإسلامِ بالطّيِّ والنَشرِ
ومدَّ ظلالَ الأمن إذ قصر العدا / فيُتُلى سناءُ الملك بالمدّ والقصرِ
إذا احتفل الإيوان يوم مشورة / ومضطرب الآراء من كل ذي حجرِ
صدعتَ بفضل القول غَيْرَ منازَع / وأطلعتَ آراءً قُبِسْنَ من الفجر
فإِنْ تظفرِ الخَيْلُ المغيرة بالضحى / فعن رأيك الميمون تظفر بالنَّضْرِ
فلا زلتَ للعلياء تحمي ذمارها / وتسحب أذيال الفخار على النَّسرِ
وللعلم فخر الدين والفتك بالعدا / بأوْتَ به يا ابن الخطيب على الفخرِ
فيهنيك عيدُ الفطر من أنت عيده / ويُثني بما أوليتَ من نِعَمِ غُرِّ
أما وانصداع النور من مطلع الفجر /
لك الله من فذ الجلالة أوحد / تطاوعه الآمال في النهي والأمر
وسَوَّغتني الآمال عذباً مسلسلاً / وأسميت من ذكري ورفَّعت من قدري
فدهريّ عيد بالسرور وبالمنى / وكلّ ليالي العمر لي ليلةُ القدرِ
فأصبحت مغبوطاً على خير نعمة / يقلّ لأدناها الكثير من الشكرِ
لولا تألق بارق التذكارِ
لولا تألق بارق التذكارِ / ما صابَ واكفُ دمعيَ المدرارِ
لكنه مهما تعرض خافقاً / قَدحَتْ يدُ الأشواق زند أواري
وعلى المشوق إذا تذكر معهداً / أن يُغْريَ الأجفانَ باستعبارِ
أمذكّري غرناطةً حلّت بها / أيدي السحابِ أَزرةَ النُوَّارَ
كيف التخلص للحديث وبيننا / عرض الفلاة وطافح الزخَارِ
هذا على أن التغربَ مركبي / وتولُّجَ الفيحِ الفساحِ شعاري
فلكم أقمت غداةَ زُمَّتْ عيسُهم / أبغي القرار ولات حين قرارِ
وطفقت أستقري المنازلَ بعدهم / يمحو البكاءُ مواقع الأثارِ
إنَّا بني الآمال تخدعنا المنى / فنخادع الآمال بالتسيار
نَتَجَشْم الأهوال في طلب العلا / ونروع سربَ النوم بالأفكارِ
لا يحرز المجدَ الخطير سوى امرئ / يمطي العزائم صهوةَ الأخطار
إمّا يفاخرْ بالعتاد ففخْرُه / بالمشرفية والقنا الخطّارِ
مستبصر مَرمى العواقب واصلٌ / في حمله الإيرادَ بالإصدارِ
فأشدُّ ما قد الجهول إلى الردى / عَمَهُ البصائر لا عمى الأبصارِ
ولربَ مُرْبَدِّ الجوانح مزبدٍ / سبح الهلالُ بلُجّهِ الزخّار
فُتقت كمائم جنحه عن أنجم / سفرت زواهرُهنَّ عن أزهارِ
مثلت على شاطي المجرة نرجساً / تصطفُّ منه على خليجِ جاري
وكأنما خمسُ الثريا راحَةٌ / ذرعَتْ مسير الليل بالأَشبارِ
أسرجْتُ من عزمي مصابيحاً بها / تهدي السراة لها من الأقطارِ
واتارع من بازي الصباح غرابُهُ / لما أطلّ فطار كلَّ مَطارِ
وغريبةٍ قطعت إليك على الونى
وغريبةٍ قطعت إليك على الونى / بيداً تبيدُ بها همومُ الساري
تُنسيه طِيَّتَه التي قد أمَّها / والركب فيها ميّت الأخبارِ
يقتادها من كل مشتمل الدجى / وكأنما عيناه جذوة نارِ
تشدو بحمد المستعين جداتُها / يتعلّلون به على الأكوارِ
إن مسَّهم لفح الهجير أبلّهم / منه نسيم ثنائك المعطارِ
خاضوا به لجج الفلا فتخلصت / منها خلوصَ البدر بعد سرارِ
سلمت بسعدك من غوائل مثلها / وكفى بسعدك حامياً لذمارِ
وأتتك يا ملك الزمان غريبةٌ / قيد النواظر نزهة الأبصارِ
موشيّة الأعطاف رائقة الحلى / رقمت بدائعها يدُ الأقدارِ
راق العيونَ أديمها فكأنه / روضٌ تفتح عن شقيق بهارِ
ما بين مبيضٍّ وأصفرَ فاقع / سال اللّجين به خلال نُضارِ
يحكي حدائق نرجس في شاهق / تنساب فيه أراقم الأنهارِ
تحدو قوائمَ كالجذوع وفوقها / جبلٌ أشمُّ بنوره متوارِ
وسمت بجيدٍ مثل جذع مائل / سهل التعطف ليّن خوّارِ
تستشرف الجدران منه ترائباً / فكأنّما هو قائم بمنارِ
تاهت بكلكلها وأتلع جيدُها / ومشى بها الإعجابُ مشيَ وقارِ
خرجوا لها الجمَّ الغفيرَ وكلُّهم / متعجَب من لطف صنع الباري
كلٌّ يقول لصحبه قوموا انظروا / كيف الجبال تقاد بالاسيار
ألقت ببابك رحلها ولطالما / ألقى الغريب به عصا التسيار
عَلِمَتُ ملوك الأرض أنك فخرها / فتسابقت لرضاك في مضمارِ
يتبؤأون به وإِنْ بعد المدى / من جاهك الأعلى أعزَّ جوارِ
فارفع لواء الفخر غير مُدافعٍ / واسحب ذيولَ العسكرِ الجرارِ
واهنأ بأعياد الفتوح مخوَّلاً / ما شِئت من نصر ومن أنصارِ
وإليكها من روض فكري نفحةً / شفَّ الثناء بها على الأزهارِ
من فصل منطقها ورائق رسمها / مستمتعُ الأسماع والأبصارِ
وتُميل من أصغى لها فكأنني / عاطيتُه منها كؤوس عُقارِ
حيَّاكِ يا دار الهوى من دارِ
حيَّاكِ يا دار الهوى من دارِ / نوءُ السَّماك بديمةٍ مدرارِ
وأعاد وجهَ رُباك طلقاً مشرقاً / متضاحكاً بمباسم النوّارِ
أَمذكُري دارَ الصبابة والهوى / حيث الشبابُ يرفُّ غصن نُضارِ
عاطيتني عنها الحديث كأنما / عاطيتني عنها كؤوسَ عُقارِ
إيهٍ وإن أذكيت نار صبابتي / وقدحتَ زندَ الشوق بالتذكارِ
يا زاجر الأظعان وهي مشوقة / أشبهتها في زفرة وأوارِ
حنَّتْ إلى نجد وليست دارَها / وصَبتْ إلى هنديّهِ والغارِ
لكنَّها شامَتْ به برق الحمى / واعتادها طيف الكرى بمزارِ
هل تُبلغُ الحاجاتِ إن حُمُلتها / إنّ الوفاء سجيةُ الأحرارِ
عرّضْ بذكري في الخيام وقلْ إذا / جئت العقيق مُبَلِّغ الأوطارِ
عارٌ بقومكِ يا ابنةَ الحيَّيْنِ أن / تلوي الديون وأنت ذات يسارِ
أمتعت ميسورَ الكلام أخا الهوى / وبخلت حتى بالخيال الساري
وأبان جاري الدمع عذرَ هيامه / لكن أضعتِ له حقوق الجارِ
هذا وقومُكِ ما علِمتُ خلالهم / أوفى الكرام بذمةِ وجوارِ
الله في نفس شُعاعٍ كلّما / هبّ النسيم تطير كل مطارِ
باللهِ يا لمياءُ ما منع الصَّبا / أَلاَّ تهبَّ بعَرفِكِ المعطارِ
يا بنتَ من تشدو الحداةُ بذكره / مُتَعَلِّلين به على الأكوارِ
ما ضر نسمة حاجر لو أنها / أهدتْ لنا خبراً من الأخبارِ
هل بانُه من بعدنا متأوّدٌ / متجاوبٌ مترنم الأطيارِ
وهل الظباء الآنسات كعهدنا / يصرعن أسْدَ الغاب وهْيَ ضوارِ
يفتكن من قاماتها ولحاظها / بالمشرفية والقنا الخطَّارِ
أشعرتُ قلبي ُبَّهُنَّ صبابةٌ / فَرَمَيْنَني من لوعتي بجمارِ
وعلى الكثيب سوانحٌ حمرُ الحلى / بيض الوجوهِ يُصَدْن بالأفكارِ
أَدْنَى الحجيجُ مزارهنَّ ثلاثةٌ / بمِنّى لَوَاَنَّ مِنىَ ديارُ قرارِ
لكنّ يوم النفر جُدنّ لنا بما / عوَّدْنَنا من جفوة ونِفارِ
يا ابن الأُلى قد أَحرزوا فضل العلا / وسَمَوْا بطيب أرومةِ ونِجارِ
وتنوب عن صوب الغمام أكفُّهم / وتنوب أوجُههم عن الأقْمارِ
من آل سعدٍ رافعي علم الهدى / والمصطَفَيْنَ لنصرة المختارِ
أصبحتَ وارثَ مجدهم وفخارهم / ومشرَفَ الأعصار والأمصارِ
وجهٌ كما حَسَر الصباحُ نِقابَهُ / ويدُ تمدُّ أناملاً ببحارِ
جدّدت دون الدين عزمة أروعٍ / جدّدت منها سُنَّة الأنصارِ
حُطْتَ البلاد ومن حوته ثغورُها / وكفى بسعدك حامياً لذمارِ
للهِ رحلتك التي نلنا بها / أجرَ الجهاد ونزهة الأبصارِ
أوردتنا فيها لجودك مورداً / مستعذبَ الإيراد والإِصدارِ
وأفضت فينا من نداك مواهباً / حسُنت مواقعُها على التكرارِ
أضحكت ثغر الثغر لما جئته / وخَصَصْتَهُ بخصائص الإيثارِ
حتى الفلاةُ تقيمُ يوم وردتها / سُنَنَ القِرى بثلاثةِ الأثوارِ
وسَرَتْ عُقاب الجو تهديك الّذي / تصطاد من وحش ومن أطيارِ
والأرض تعلمُ أنك الغوث الذي / تُضفي عليها واقيَ الأستارِ
وَلَرُبَّ ممتدِّ الأباطح موحش / عالي الربى متباعد الأقطارِ
هَمَلِ المسَارح لا يُراعُ قنيصُهُ / إلا لنَبْأةِ فارسٍ مغوارِ
سَرَحَتْ عنان الريح فهي وربما / أَلْقَتْ بساحته عصا التّسيارِ
باكرته والأفق قد خلع الدجى / مِسْحاً لِيلبَسَ حُلَّةَ الإِسفارِ
وجرى به نهر النهار كمثل ما / سكب النديم سُلافةً من قارِ
عَرَضَتْ به المستنفرات كأنَّها / خيلٌ عِرابٌ جُلْنَ في مضمارِ
أتبعتها غُرَرَ الجياد كواكباً / تنقضُّ رجماً في سماء غُبارِ
والهاديات يؤمُّها عبلُ الشَّوى / متدفّقٌ كتدفّق التيَّارِ
أَزْجَيْتَها شقراءَ رائقةَ الحلى / فرمَيْتَهُ منها بشعلةِ نارِ
أثبتْ فيه الرمح ثُمَّ تركته / خَضِبَ الجوانح بالدَّمِ الموَّارِ
حامت عليه الذابلات كأنَّها / طيرٌ أوَتْ منه إلى أوكارِ
طفقت أرانِبُهُ غداة أثرتها / تبغي الفرار ولات حين فرارِ
هل ينفع الباعُ الطويل وقد غدتْ / يوم الطراد قصيرةَ الأَعْمارِ
من كل منحفزٍ بملحمة بارق / فاتتْ خطاه مدارك الأبصارِ
وجوارح سبقتْ إليه طلابها / فكأنّما طالَبْنَهُ بالثّارِ
سودٌ وبيضٌ في الطراد تتابعت / كالليل طارده بياضُ نهارِ
ترمي بها وهي الحنايا ضمّراً / مثل السهام نُزعن عن أوتارِ
ظننتُ بأن تنجو بها كلاَّ ولو / أغريتَه بأرانب الأقمارِ
وبكل فتخاء الجناح إذا ارتمت / فكأنها نجم السماء الساري
زجِلُ الجناح مصفق كمن الردى / في مخلب منه وفي منقارِ
أجلى الطريد من الوحوش وإن رمى / طيراً أتاك به على مقدارِ
وأريتنا الكسب الذي أعداؤه / ملأت جمالاً أعين النظارِ
بيضٌ وصفرٌ خِلتُ مطرح سرحها / روضاً تفتّح عن شقيق بهارِ
من كل موشيّ الأديم مفوْفٍ / رقمت بدائعه يد الأقدارِ
خُلِطَ البياضُ بصفرة في لونه / فترى اللجين يشوب ذوب نُضارِ
أوْ أشْعلِ راق العيونَ كأنه / غَلَسً يخالط سُدفةً بنهارِ
سَرَحَتْ بمخضرْ الجوانب يانعٍ / تنسابُ فيه أراقم الأنهارِ
قد أرضعته الساريات لبانها / وحَلَلْنَ فيه أَزِرْةَ النُّوّارِ
أخذت سعودك حذرها فلحكمةِ / أَغْرَتْ جفون المزن باستعبارِ
لما أرتك الشمس صفرة حاسدٍ / لجبينك المتألق الأنوارِ
نفثت عليك السُّحُبُ نفث معوّذٍ / من عينها المتوقَّع الإضرارِ
فارفعْ لواء الفخر غيْرَ مدافعٍ / واسحب ذيول العسكر الجرارِ
واهنأ بمقدمك السعيد مُخَوَّلاً / ما شئت من عز ومن أنصارِ
قد جئتُ دارك محسناً ومؤملاً / مُتعت بالحسنى وعقبى الدارِ
وإليكَها من روض فكري نفحةً / شفّ الثناء بها على الأزهارِ
أضياءُ هَدِي أم ضياء نهارِ
أضياءُ هَدِي أم ضياء نهارِ / وشذا المحامد أم شذا الأزهارِ
قسماً بهديك في الضياء وإنه / شمس تمدُّ الشهب بالأَنوارِ
كم من لطائف للهدى أوضحتها
كم من لطائف للهدى أوضحتها / خَفِيَتْ لطائفها على الأفكارِ
كم من جرائم قد غفرت عظيمها / مستنزلاً من رحمة الغفارِ
علمت ملوك الأرض أنك فخرها / فتسابقت لرضاك في مضمارِ
سالت به تحت العَجاج سفينة
سالت به تحت العَجاج سفينة / لقحت بريح العزم من أنصارِ
أرستْ بجودي الجود في يوم الندى / وجرت بيوم الحرب في تيارِ
ألقى بأيدي الريح فضل عنانه
ألقى بأيدي الريح فضل عنانه / فيكاد يسبق لمحة الأبصار
فهي العرابُ متى انبرت يوم الوغى
فهي العرابُ متى انبرت يوم الوغى / قد أعربت عن لطف صنع الباري
إن خاض في ليل العجاج رأيته
إن خاض في ليل العجاج رأيته / يجلو دجُنَّته بوجه نهارِ
كم فيهم من قارِ ضيفٍ طارقِ
كم فيهم من قارِ ضيفٍ طارقِ / وضحت شواهدُ فضله للقارِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025