المجموع : 115
يا مهاة قد نأت عن مقلتيّ
يا مهاة قد نأت عن مقلتيّ / حسبك الله ألا عطف عليّ
يرحم الله حبيبا راحما / ما له عن عهد من يهواه لي
يا لها من نظرة أعقبها / حسرات قد أفاضت عبرتي
يالَ مَي طال هجري للكرى / في هواكم فارحموني يالَ مَي
يتجافى جسدي عن مضجعي / وامتناع الطيف أقسى بلوتي
يا حداة العيس ما للعيس قد / أخذت تطوي حزون الأرض طي
يتقاضاها حنين وبكا / أي حال يا ترى تشكو وأي
يمموهن فيافي واسط / واعقلوهن على خصب وري
يا لها الله ديارا أهلها / شغلتني في الهوى عن كل شي
يسطع النور الرفاعي بها / من ضريح حجه فرض لدي
يستلذ الطرف مرأى تربها / آه لو عفرت فيه وجنتي
يا ترى هل تسمح الأيام لي / بانتشاقي طيب ذياك الشذي
يا رفاعي صل حبالي فلقد / نثر الدهر قدامي جانحي
يا غياث الملتجي خذ بيدي / قبل أن يسقط وهنا في يدي
يا سراج الرشد يا شمس الهدى / يا ابن من فيه ازدهى فخر لؤي
بالسر لك نصطاد به / أسد الغاب ذليلا كالظبي
يا إمام الأوليا يا من له / مدد يعتز فيه كل حي
يرتجيكم نظرة الرحمى فتى / ما له عن عهدكم ميل لغي
يستطير الوجد قلبي كلما / مر عالي ذكركم في أذني
يا بني الغوث الرفاعي أنتم / عترة المختار من آل قصي
يا أباة الضيم حبي لكم / خلة أورثتها عن أبوي
يشهد الله بأني صادق / في هواكم وهو إحدى حسنتي
يافعا همت وطفلا راضعا / في معانيكم ومذ كنت صبي
يا أهيل الود أنى تنكرو / ني كهلا بعد عرفاني فتي
يا لودي ضاع عمري وأنا / في تمني نظرة منكم إلي
يا ل ودي انجزوا وعدي فقد / صار برد الصبر أبلى حلتي
يا ل ودي عنكم يروي الوفا / في البرايا ليس عن هي بن بي
يا ل ودي كملت أوصافكم / فحلا لي مدحكم ما عشت حي
وراقصة هاجت بنا حركاتها
وراقصة هاجت بنا حركاتها / لواعج نفس ما لهن سكون
لقد صاغها من عنصر اللطف من إذا / أراد مراداً قال كن فيكون
لها مقلتا ريم وقد أراكة / وطلعة شمس والهلال جبين
تناءى وتدنو نحونا عند رقصها / فتقسو علينا تارة وتلين
تمد ذراعيها وتخطر تارة / وفي معصميها للحلي رنين
كما نشر الطير الجناحين صادحاً / على الروضة الغناء وهو ركين
وتقفز حيناً مثل ظبي مروع / على غرة منه دهاه كمين
وتحكي قضيب البرق ساعة تلتوي / فليس تباريها قنا وغصون
ولو مال غصن البان ميلة عطفها / تردى فهل يا عطف أنت عجين
فنون من الرقص البديع تهزنا / وكم كان في تلك الفنون فتون
وكم أدهشت منا العقول رشاقة / لها البرق خدن والنسيم قرين
أشاهد معناها بكل جوارحي / كأن حواسي كلهن عيون
يا عين مالك كلما ذُكَرَ اللوى
يا عين مالك كلما ذُكَرَ اللوى / تكفينَ دمعاً كالعقيق هتونا
اغرقتني وكشفت سر صبابتي / وفضحت ويحك سرى المكنونا
قد كنت أخفي العشق طيَّ جوانحي / خوفاً لما قد كان ان سيكونا
ويلاه من لحظات جارات الغضا / كم ذا قضت نفسي بهن شجونا
لم أدر ما نوح الحمائم والبكا / حتى استبحن فؤادي المفتونا
غنين وِرقاً والتفتن جآذرا / وسفرن أقماراً ومسن غصونا
وبرزن يصطدن القلوب فهل ترى / تنجو قلوب باللحاظ رمينا
مِن كل ناهدة إذا حسرت لنا / عن صدرها انقلب الغرام جنونا
ومن العجائب انهن أوانس / لكنهن على النفار ربينا
ما ان يلّن لعاشق قد غرّه / منهن أعطاف ألفن اللينا
اني دريت الحب من بدء الصبا / ودرست من علم الغرام فنونا
فتفقهوا يال الصبابة بالهوى / عندي لتجنوا علمه تلقينا
لا تعشقوا إلا الكواعب بُكرا / اهدى الدلال لحسنها تحسينا
وكسى الحياء جمالها بجلالة / تدع الفؤاد بحبها مرهونا
كم من معان للعذارى من درى / اسرارها ازرى بمن عذلونا
جهلوا المحبة وازدروا أربابها / ولو أنهم عقلوا اذن عذرونا
انا وان شبنا وذبنا في الهوى / حسن الصبايا لم يزل يصيبنا
نحيا على حب الجمال وان نمُت / فتحية من أهله تحيينا
من فتك لحظيه الحذار الحذار
من فتك لحظيه الحذار الحذار / لا يخدعنك السقم والانكسار
اخفتني الاسقام في حبه / كأنما جسمي ضمير استتار
لا تعجبوا ان غاب عن ناظري / يوماً فعادات البدور السرار
ولا تلوموه على صده / باللَه فالغزلان تهوى النفار
قد جار بالهجران يا ليته / إذ سكن الأحشاء راعى الجوار
فيا بروحي يا زمان اللقا / أين ليالينا بتلك الديار
أما وقد طال حنيني لها / يا حبذا تلك الليالي القصار
حيث الهنا واف وورد المنى / صاف ومجنى اللهو داني الثمار
فكم حلالي بالتصابي بها / لبسُ الخلاعات وخلع العِذار
رأى الطليان ان الليث ساكن
رأى الطليان ان الليث ساكن / فخالوا أنها خَلَتِ المساكن
وما علموا بان الشرق غاب / وذاك الليث ذاك أبو البراثن
فاضحوا في طرابلسٍ خزايا / ولم تُفد الدوارع والسفائن
وابصر جيشهم في البر بحرا / من الانجاد حاسرة الجواشن
تنادت بالجهاد مكبرات / وقامت بالدفاع عن المواطن
فحول العرب أبطال المغازى / حُماة العرض حراس الضعائن
الا يا يوم بنغازي فعجل / وطهر منهم تلك المعاطن
ولا تبطيء سقيت دم الأعادي / يصوب لديك كالسحب الهواتن
فانا بانتظارك في قلوب / على جمر الغضا والصبر واهن
وان وعدتهم الأحلام نصرا / فقل لهم اخسأوا فالوعد مائن
وخيّب ظنهم واعكس رجاهم / لتنسيهم بشائر كل كاهن
لعمر اللَه لو ملكوا لجاروا / ولم يدعوا بعقر الدار آمن
وقامت دعوة الطاغوت جهرا / وهُدّمت المساجد والمآذن
وابدوا في كفاح الدين ما لا / يُطاق من الفواتك والفواتن
فيا قومي النيام الا فهبوا / فقد بدأ الشرار من الكوامن
اعدوا ما استطعتم للأعادي / لتعلم ان كسرى في المدائن
ومدوا للمحارب كل عضب / ولا تثقوا بأقوال المهادن
يلين ويستعد إلى وثوب / متى لاحت له منّا المطاعن
وحالات المقافل ليس تخفى / وان سُترت باقنعة المخادن
على أنا بنو الهيجاء نذكى / لظاها يوم تحتدم الضغائن
فروع المنجبين وليس بدعا / إذا أبدت جواهرها المعادن
وللغارات ربّتنا الغيارى / وحضَّتنا على الصبر الحواضن
أعز رفاقنا البيض المواضى / وخير لداتنا السُمر اللوادن
لنا الأيام تسطع مشرقات / وراء سيوفنا والنقع داجن
من عنصر النار أو من عنصر الماء
من عنصر النار أو من عنصر الماء / يا دمع أنت فقد أحرقت أعضائي
ما قطرة منك إلا وهي كاوية / كجذوة من لهيب الجمر حمراء
ويح الهوى كم أراني ما يحار به / عقل اللبيب وتعيا مقلة الرائي
اغرى بقلبي عيون الغيد وهو بها / مستغرم واله من دون اغراء
فرحت والقلب مشغوف بها ابداً / لا يبرح الدهر في صحو واغماء
فلا تسل ان ترم عن مهجتي خبرا / إلا العيون فمنها كل ادوائي
يا ظبية ترتعي نبت الحشاشة من / قلبي وتأوي كناسا من سويدائي
لا تحسبي أنني اسلو هواك ولو / عاملتني بجفاء النافر النائي
ولا تظني بأني في المحبة لي / أذن عن العذل يوماً غير صماء
ليت العواذل لاقت بعض ما لقيت / عيني من الدمع أو قلبي من الداء
حتى يروا أن لفظ الحب ذو نبأ / لم يعلموا منه غير الحاء والباء
حرفان كونت الدنيا لأجلِهِما / كم ضمتا من معان ذات أنباء
سر الخليقة جل الله خالقها / حب أنار به قلب الأحباء
لولا المحبة لم تلق امرأ فِطنا / فهي السراج لألباب الألباءِ
هل من كريم وغير الحب علمه / طبع الكرام وأخلاق الاجلاء
أم هل شجاع علت في الناس شهرته / لم يعتلق حسناً أو حب حسناء
وان في الحب للنفس التي طهرت / صفواً هنيئاً وصحوا دون اغفاء
هذا الذي تعرف العشاق لذته / من أجله احتملوا لو الاخلاء
من أجله امتثلوا أمر الحبيب ولو / أخطا كآدام إذ أصغى لحواء
هذه أنوار وفد الطرب
هذه أنوار وفد الطرب / أقبلت فوق مطايا الدرر
في كؤوسٍ توجت بالشهب / فعليك الحد ان لم تسكر
يا نديمي قل هو اللَه أحد / كم له من آية فيما برا
خلق الأقداح من نور جمد / وعقيق الراح فيها قد جرى
لطفت حتى حكى الروح الجسد / فهي تبرام لجين يا ترى
ان اخت اللهو بنت العنب / مدد الروح ونور الفكر
فارتشفها من ثغور الحبب / وانا الضامن طول العمر
لا تقل للراح في الرأس خمار / انما هذى طبول الفرح
صفق الهم من القلب وطار / عندما ابصر شهب القدح
فانتهزها فرصة تنفي العثار / وصل المغبق بالمطبح
وعلى ذكر الجبين الكوكبي / عاطنيها يا بن ام البصر
وسناها في دياجي الغيهب / آخذ باللب قبل البصر
أترى والكاس من هالاتها / هي شمس أم هي البدر المنير
حارت الأفكار في مشكاتها / حيرة الأبصار في الخد النضير
فانقد العقل على كاساتها / وادرها من يد الظبى الغرير
رشاً في السرب يا للعرب / قام معتزاً بملك الحور
ما على عينيه غير اللعب / بقلوب في الهوى كالأكر
هل درى أي دم قد سفكا / جفنك الفاتر يا ظبي النقا
ما عليه في الهوى لو تركا / من فؤادي رمقاً إذ رمقا
خفّفِ الرشق والا هلكا / صبك العاني لعينيك البقا
فتكت فينا بماضي القضب / مرهفات كنصال القدر
وبكسر الطرف زادت وصبي / وشديد ظفر المنكسر
اعطني من سحرها بعض الأمان / وتلطف فلقد جزت الحدود
ما دواعي هذه الحرب العوان / بينها والقلب يا ريم زرود
لحظها يهزأ بالسيف اليمان / واساراها مجاريح الكبود
كيف يلقى حربها وا حربي / مدنف جاوز حد الخطر
غال منه حب ذاك الربرب / من بقايا الصبر عين الاثر
سلسل الدمعُ أحاديث الغرام / في الهوى فهو لأسراري مذيع
عبرات ولعت بالانسجام / ان هذا شأن من يهوى البديع
فأقلا من زخاريف الكلام / يا خليلي فاني لا أطيع
في هوى ذاك الغزال الاشنب / قد تقضى بالتصابي عمري
فانظرا لي راحة من تعبي / فلقد افنى الهوى مصطبري
يا جنة قام فيها الصائح الغرد
يا جنة قام فيها الصائح الغرد / يشدو ومهجته بالوجد تتقد
يرجو لأغصانها ان تستقيم فقد / مالت ويوشك ان يودي بها الاود
رنت لدى الملأ العالين صرخته / وحوله لم يكد يصغي لها أحد
ماذا ينبه قومي كي ألم به / رحماك ربي أكلّ القوم قد رقدوا
ويلاه مما أرى من حالة بعثت / حزني واخنى على عيشي بها النكد
بملء مقلتي العبرى على وطني / أبكي فما لي على ما نابه جلد
يا للرجال متى شينت طرابلس / ولو بأيسر ما في الدين ينتقد
حتى غدا اليوم يجري في مغامزها / أمر الخنا ولسان النهى منجمد
والراقصات تراها خير منتجع / والمومسات تباعاً نحوها ترد
والجاهلون رأوا ما لم يروه بها / قبلا فاصبح لا يُحصى لهم عدد
وكان يعصمهم فقد المنال وقد / يعدو على عصمة الإنسان ما يجد
بطيّ ستر الحيا قد فسروا خطأ / حرية نُشرت اعلامها الجدد
واستغذبوا السُم من أم الخبائث وا / لهفي ومذ وردوا حاناتها مردوا
واصبح الدين امراً يُستهان بهذ / بلا نكير كأن لم يبق معتقد
ما هذه اللوثة السوداء بني وطني / وأيّ قلب غيور ليس يرتعد
اليس هذا مصير الجهل وا أسفا / يا أمة للتقى اسلافهم عمد
هلا اصختم لأصوات اردّدها / أن تنشروا العلم فهو الردء والسند
فما لكم قد لهوتهم عن ندا وطن / بمثل معنى علاه لم يطف خَلَدُ
كانت مدينتا الفيحاء جامعة / من الفضائل ما لم يحوِهِ بلد
فضل ودين وإيمان ومعرفة / باللَه جاد بهنّ العلم والرشد
والحزم والعزم فيها كان عزّهما / بقومنا وكذا العرفان والمدد
والعطف والجود والإيثار شيمتهم / والكل عمّا سوى الاخلاص مبتعد
وهكذا الأمر بالمعروف كان بهم / كالنهي عن منكر الأعمال يُعتمد
حثوا مطايا الهدى طول الحياة ومذ / بانوا رزحن وضاع الرحل والقَتد
واخجلتا إننا نعزى لهم ونرى / أخلاقهم بيننا تُجفى وتفتقد
ولّت مع القوم إذ ولّوا كما سقطت / دمالج قد هوى من بينها العضد
فلو توارثها الأبناء ما طُويت / وقد يجدّد مجد الوالد الولد
بعث الفتور من الجفون رسولا
بعث الفتور من الجفون رسولا / يدعو قلوباً للهوى وعقولا
فنضا شفارا ما أدق غرارها / تركت اعز العالمين ذليلا
لو شاء دعوة من مضى من قبلنا / لبته أرواح القرون الأولى
ومن العجائب أنَّ أول طائع / قلبي الشجيّ فلم غدا متبولا
هن العيون وما لنا من عشقها / بد فصبراً يا فؤاد جميلا
واذكر ليالي بالنقا سلفت لنا / سمح الزمان بها وكان بخيلا
حيث الشبيبة روضة فينانة / والعز ظل لا يزال ظليلا
والعيش غضّ والحبيب مواصل / والسعد يخدم شملنا الموصولا
والوقت صاف كالسلاف وانما / ما مر قط ولا غدا مملولا
والعاذلون كأنهم لم يخلقوا / يا رب لا لقي المحب عذولا
تلك الليالي البيض كم حسد الضحى / عند التبسم ثغرها المعسولا
غر عرائس نلن من قمر السما / طوقا ومن فلق الصباح حجولا
وبأطلس الشفق انتقبن مطرزا / شهبا ترى من حاك ذا المنديلا
ولبسن من حسنات ادوار الهنا / حللا ومن دور الصفا اكليلا
لكن قصرن فما عسى يا رب لو / اعطين من عمر الحواسد طولا
ما كنت احسب انهن ذواهب / حتى انقضين وما شفين غليلا
لهفي على ساعاتهنَّ فلم تكن / الا نجوماً قد عجلن افولا
حالت وقد حلّت ليال بعدها / تركت نطاق مدامعي محلولا
اشكو لمعتلّ النسيم صبابتي / ولربما سلى العليل عليلا
وابيت والذكرى تثير بمهجتي / حرقا قضين على العيون همولا
ويلاه من يوم الفراق فانه / يوم على العشاق كان وبيلا
فارقت فيه تماسكي وتطايرت / نفسي اسى وجميل صبري عيلا
وسألت قلبي ان يقرّ فشمته / ضلّ الرشاد وضيّع المعقولا
ودعا بنا داعي الوداع فلم يكد / يغني التصبر يا أميم فتيلا
ولقد نظرت إلى الركائب نظرة / كادت تسل على الفراق نصولا
وبكيت حتى كدت ان أبكي السما / والأرض إذ جد الحبيب رحيلا
ملك بروحي قد سرى ولو انه / حفظ الأمانة خلته جبريلا
لو لم نجد في الوحي من ألحاظه / ضعفا عبدنا الناظر المكحولا
ابروق من فروق يا ترى
ابروق من فروق يا ترى / لمعت أم تلكم نار القرى
ليس تنفك وطرفي باهت / جمد النور أم الجمر جرى
لهب من وقده مسك الدجى / فكأن الأفق أضحى مجمرا
وبروحي نفحةٌ من طيه / حملت عن أرض ليلي خبرا
ضمخت أذيالها من تربها / فنشقنا من شذاها العنبرا
أيها المدلج والليل على / رسله والنجم يمشي القهقري
غارقاً في لجة الظلماء لا / يهتدي كيف سرى كيف سرى
حائراً والدجن يغشى سبله / وكأن الزنج جرت عسكرا
أطبق الجفن وقل يا با الهدى / وانظر الليل انجلى أم أقمرا
ذاك من في ذكره والفجر ما / دق صخر الليل إلا انفجرا
هكذا يا ابن الرفاعي رفعة / تخذت هام الثريا كالثرى
هكذا الاشراف في سيماهم / لا من اعتاض الطراز الأخضرا
أي فضل لشريف لم يكن / ينصر السنة أو يجدي الورى
يا رعى اللَه زماناً لذت في / حيه اشكر ذاك العمرا
انتحي أبوابه مستبشراً / فكأني وافد أم القُرى
وإذا ما قمت في حضرته / أحسب الشمس استحالت بشرا
يملأ الأسماع أقراطاً ويا / بهجة الناظر فيما نظرا
كرمت أخلاقه حتى لقد / عقد المجد عليها الخنصرا
سيدي يا با الهدى ياذا الندى / يا وفي الوعد يا سامي الذرى
دم كما أنت وما ذاك سوى / ان تدوم الدهر سام مظهرا
بابك الدنيا ومرآك المنى / ونداك الطوق في جيد الورى
يا قلماً أزرى بخوط الأراك
يا قلماً أزرى بخوط الأراك / في لطفه سبحان من قد براك
اخجلتَ في الأرض قدود القنا / وفي السما هابك رمح السماك
أنت الذي اقسم رب الورى / به فسد ما شئت واقهر عداك
تمشي على الطِرس الهوينا وما / فاز بفضل السبق يوماً سواك
يا مستقيماً جوفه فارغ / فاز بنور اللَه قلب حكاك
شقّوا لساناً منك فاضت على / اطرافه الحكمة دون انفكاك
كالفجر لما انشق ضاءت لنا / أنواره تنبيءُ عمّا هناك
قم خطّ ما أملي وشنّف به / سمع العلى فهي ستروي صداك
صغ من لآلي المدح في عارف / أحسن ما في الوسع ان كنت ذاك
وهذه أوصاف عليائه / فرائد الدرّ فما شئت هاك
وأحسن السبك فان يُرضه / يا قلمي صيرّتُ روحي فداك
فمدحه فرض على ذمتي / وما يفي فرضي إلا وفاك
وكيف لا وهو ملاذي الذي / انشط بالفضل حظوظي الركاك
وهو فتى المجد الرفيع الذرى / فلتَحيَ يا مجد ويحيا فتاك
طوبى لسوريا به والياً / ألقى على الفضل يمين امتلاك
شيد فيها العدل هدياً وهل / للعدل إلا بالهداة امتساك
أخلاقه كالشهب في حسنها / لها على أوج الجلال احتباك
ممتليء علماً وحلماً وما / له بغير المكرمات انهماك
أحيا بني الآداب حتى لقد / تبسمت منها العيون البواك
وانعش العلم وأنصاره / فشكّ عين الجهل سهماً وشاك
يَغارُ للدين وللدولة ال / عليا إذا مدت عداها الشباك
فكم له في نصرها همة / عالية لا يعتريها انتهاك
سل برقة الغراء إذ امّها / مجاهداً يضرب وجه الهلاك
وكم له ثَمّةَ من موقف / سدّ على العادي مجال الحراك
هذا هو الفَخرُ المعلى فقل / للحاسد الواجد اقصر عناك
ان الخِلال الزاكيات التي / تبصرها ارث الجدود الزواك
مولاي عفواً عن قصوري فما / من طوق مثلي ان يوفي ثناك
لا زلت للعفو سحاباً ولا / جفّت مدى الدهر غوادي نداك
واهنأ بمجد سائد خالد / فما هناء الدين إلا هناك
ودم بأفلاك العلى صاعداً / يا أبد اللَه تعالى علاك
ظلموني ولم أكن أهل ذنب
ظلموني ولم أكن أهل ذنب / فعلى الظالمين لعنة ربي
شتتوني عن الديار وجاروا / قتل الجائرون هم شر حزب
قيدوني لكن بقيد ثقيل / كل منه صبري وجسمي وقلبي
حبسوني لكن وحيداً فريداً / لا أنيس ولا جليس بجنبي
فرابني من جيشهم ولو أني / كنت أدري منعته كل درب
حسبي اللَه ذو الجلال وكيلا / هو نعم الوكيل اللَه حسبي
وإليه شكواي من حسراتي / وعنائي ومن بكائي وندبي
ولعمري لولا ذماء من الصب / ر قليل قضيت بالحزن نحبي
ويحهم ما الذي رأوه بذاك الظل / م زينا حتى انتضوه كعضب
ثم قدوا حبل المراحم حتى / خلتهم آلة البلا المنصب
ليس هذا علامة الخير يا قو / م فعودوا إلى الطريق الأحب
أهرم الدهر آل عثمان حتى / قد طوت حكمهم عوامل غصب
واستبدت بهم عصابة سوء / ليس يدرى أصل لهم أو مر بي
لا ترى بينهم فتى قط يعزى / بانتساب ولو إلى آل كلب
حاربونا بل حاربوا اللَه فيما / احدثوه ما بين ترك وعرب
والتقنيا من ظلمهم ما التقاه / آل بيت النبي من آل حرب
كل دار قد أصبحت من أذاهم / كربلا فهي في بلاء وكرب
يا لقومي ما تلك حال يطاق الصب / ر فيها ويستهان التأبي
ما لكم يا بني الكرام سكوتا / لا تلبون والفتى من يلبي
نبهوا اعين العزائم واصغوا / لنداء من الضمائر يصبي
أنتم معدن الفضائل في النا / س وانخى قوم واكرم سرب
أنتم مظهر البسالة والاق / دام والحزم في المجال الصعب
أفلا تزمعون بعض احتجاجٍ / لا أقول انهضوا لحرب وضرب
ان شق العصا حرام ولكن / طلب الحق مقنع كل ندب
وطلاب الحق الشريف شريف / ليس فيه لحاكم حق عتب
وإذا لم نجد من الضيم بدا / فجدير بنا امتشاق القضب
ان موت العزيز تحت ظلال الن / قع خير من عيش خسف وخلب
فليقم من يشا على الضيم أني / لبريء من أهل ذاك المهب
وبلادي ان لم تفدني اعتزازاً / طرت عنها مع الرياح النكب
لا يعيش الإنسان يا قوم عمري / ن وجدب بالعز أفضل خصب
ما حياة الفتى بأرض براها / من دراها كأنها جحر ضب
ضرب الذل والصغار عليها / وانتحاها العدى لسلب ونهب
يا لصحبي ولم أقل يا لقومي / نام قومي فأستيقظوا يا لصحبي
جئت ادعوكم فهل لدعائي / من سميع ذي نجدة مشرئب
عظم الخطب واغتدى الكرب ينها / ل على الأنفس انهيال الكثب
افهل من وسيلة أو سبيل / للتوقي اوسد ذاك المصب
فاجيبوا جزاكم اللَه عني / كل خير جواب ترب لترب
ضوء الأهلة أم برق الحمى ومضا
ضوء الأهلة أم برق الحمى ومضا / أسال ما شاء من أجفاننا ومضى
ضلت بمصدره منا العقول وكم / عين لقد هجرت من أجله الغمضا
ضاءت بلمعته الأقطار حين بدا / في الأفق مثل عمود الفجر معترضا
ضافي الذيول بقرص الشمس منتعل / لم يخل أنى تجلى من سناه فضا
ضياؤه أدهش الدنيا فهل علقت / بحبل نور الرفاعي كفه فاضا
ضخم الدسيعة ميمون النقيبة من / بسر إرشاده ركن الهدى نهضا
ضرغام إقيال أهل الله أشرف من / غاب العبا وبغيل المجد قد ربضا
ضاحي رحاب الندى والدهر معتكر / والأرض بالجدب تشكو الحر والرمضا
ضحضاح جدواه أروى كل منتجع / ولم يخف شرقا راجيه أو جرضا
ضاهت خلائقه أخلاق والده / وقد غدا حبه في الناس مفترضا
ضراعنا حين ندعو الله مقترن / بذكره أبدا كي نمنح الغرضا
ضرار نفاع يعتز المريد به / فما يبالي أولي الدهر أم بغضا
ضراب هام العدى حامي النزيل فيا / من حارب الدهر حتى كل أو مرضا
ضع السلاح فما أغناك عنه وخذ / من حبه عن دروع رمتها عوضا
ضرام نار الغضا يطفى بندهته / والليث يعنو ومنه الهام قد خفضا
ضن الزمان بأن يأتي بمشبهه / أو من يجاري علاه حيثما وفضا
ضفت عطاياه حتى كل سارية / في جنب جوهر جدواه غدت عرضا
ضمائر الكائنات استمسكت أبدا / بحبه وعليه طرفها اغتمضا
ضاري الأسود أسود الغوث كن لي من / دهر أصار فؤادي للأسى غرضا
ضيم الليالي وضنك العيش قد رشقا / قلبي بسهمين غالا العظم وانتقضا
ضنيت من جل هم لا يبارحني / يوما وكم من مواض في الفؤاد نضى
ضاقت عليّ به الدنيا بما رحبت / حتى تصرم حبل الصبر وانقرضا
ضمر الأماني ترامت بي إليك فلا / تردد فتى لك صدق الحب قد محضا
ضجت عليه صروف الدهر فانتجع ال / حمى ولولا رجاه فيكم لقضى
ضاق السبيل على قصاد غيركم / وقدر من لاذ فيكم قط ما انخفضا
ضاع الشذا من ثنائي فيكم وصفا / لكم ودادي وذاك العهد ما نقضا
ضرجت وجنة أشعاري بمدحكم / حسنا فأمست كخود وشحت غضضا
ضارعت حسان في مدحي لكم شرفا / يا ابن النبي وعزي فيكم انتهضا
ضممت شمل طريق الله لا برحت / عليك منه تحيات وخير رضا
يقولون لا تبك المنازل واصبر
يقولون لا تبك المنازل واصبر / فرب اغتراب كان جرعة سكر
ورب حسامٌ فارق الغمد قد غدا / بجوهره يزهو على كل جوهر
وما الأرض إلا منزل واحد لمن / يراها بأنظار الحقيقة فانظر
فقلت لهم ما الاغتراب هو الذي / شجاني فلم أملك جميل التصبر
ولكنه نأي الحبيب وفرقة ال / أليف وفقد الصاحب المتخير
ولوثة تغريب على غير ريبة / ولست بذي ذنب ولا سوء مخبر
واني أرى ان الغريب وان يكن / بأوطانه أهل احترام ومظهر
يعود ذليلاً بين من يجهلونه / ويغدو زرياً لا يروق بمنظر
ولا سيما من كان مثلي مبُعَدا / يُقال به لم يُنف لو لم ينفر
اقول لمن قد أوسعونا شماته / ولم يفهموا معنى القضا والمقدر
لو أنكم لاقيتم بعض ما به / دهينا لهنتم بعد كل تجبر
وان تك لاقينا الشدائد كلّها / وصالت بقِرضاب علينا وسمهري
فلم يُبل منا حادث الدهر قيمة / ولم تنأ عنا شيمة المتصبر
ولا حط من أقدارنا النفي إنما / هو الدر منظوماً كدر منثر
وما نحن في تلك النوائب كلما / ذكت نارها إلا كعود بمجمر
فانا اناس لا نذل لمعتد / ولو سد عنا كل ورد ومصدر
صمدت لأسياف الخطوب وما سوى / تقى اللَه والتسليم درعي ومغفري
فلو كشفت حجب الهياكل شمتها / على درع صبري كالقنا المتكسر
ألا يا زمان السوء حسبك ما جرى / علينا من العدوان منك فأقصر
أهجت علينا كل باغ مكشر / وأطمعت فينا كل طاغ مشمر
وحكمت قوما لا خلاق لهم بنا / توخوا من الاعمال كل منفر
تمادوا بأهواء النفوس وما اعتنوا / بحكم النهى أو حكمة المتفكر
وفاروا على نار من الحقد أُضرمت / فجاروا ولكن فوق حد التصور
حُثالة ناس لا حياء ولا تقى / وليس لهم أصل ولا عرق مفخر
كأنهم قد أنشئوا من ثرى الخنا / ولم يخلقوا إلا لخمر وميسر
فحتى متى يا دهر نصبر أننا / غدونا على جمر الهوان المسعر
فقد طال ما بالغت بالضر فاتئد / وان زدت تنشق العصا ويك فاحذر
فإن هناك النار يذكو ضرامها / ويخشى بأن تردي مع الآثم البري
زار الخليل ديارنا
زار الخليل ديارنا / فتخايلت بأعز زائر
هتفت لها زهر السما / هنئت يا روض الازاهر
ان كنت جوهرة البلا / د فذاك نظام الجواهر
القى القياد له بمضما / ر البلاغة كل شاعر
رقت بدائعه وجل / ت فهي معجزة الخواطر
شعر كمنظوم الجما / ن ينافس الشهب الزواهر
سحر العقول وانني / لأجله عن نعت ساحر
لكنها روح الخلي / ل تطل في الكلم النواضر
تسبي النهى وترف لط / فاً تستهيم به السرائر
أنسى بها ذكرى حبي / ب في البوادي والحواضر
أهلاً بيوم قدومه / ما بين رنات البشائر
قرت به الأدباء عي / ناً كيف لا وبه تفاخر
أهلاً بنابغد النوا / بغ في الزمان بلا مكابر
ولقد شهدت مكانه العا / لي بمرآة المآثر
وتعارف الأرواح في / ما بيننا سبق المحاجر
وعشقت أكرم ما عرف / ت من الشمائل والمفاخر
وإذا اختصرت بوصفها / عجزاً فان الحب ساتر
قعد الخط به حتى اقتعد
قعد الخط به حتى اقتعد / غارب السير ومن جد وجد
سامه الدهر خمولاً فنبا / ولقد يخمل في الغاب الاسد
كم سقته ويحها أيامه / خمرة الهم باقداح النكد
والليالي آه من ويلاتها / عرفته كيف تمزيق الجلد
اطلق الضيم عليه سهمه / فخلا عنه وبالنفس انجرد
ركب البحر وفي أحشائه / لوعة لو هي بالبحر اتقد
لست انسى ساعة البين وما / هي غلا فك روح من جسد
رمت فيها الصبر لكن لم أطق / وحبست الدمع لكن لم يكد
وبروحي غررا قبلتها / لجبين الحسن منها مستمد
من صغار كاللآلي لجلجت / منهم الألسن والجفن اطرد
بعضهم ابكاه مرأى من بكى / ليس بدرى قط ما اليوم وغد
والذي لاح له معنى النوى / أطبق الدمع عليه فارتعد
هل سمعتم يا لقومي عاشقاً / انس الظبي به وهو شرد
ليتني فارقت عيني والحشا / قبلما فارقت أهلاً وولد
أودعوني عندما أودعتهم / حسرة كانت من الموت أشد
كلهم ينشدني قرب اللقا / حاسباً للعود أياماً تعد
والذي لا يعرف النطق غدا / نطقه الايما بعين أو بيد
سألوا يا سعد اين المبتغى / قلت حيث الشمس في برج الأسد
حيث لي من آل طه سادة / ملأوا الدنيا بأنوار المدد
نزلوا فرق فروق فغدا / ثغرها يبسم عن حالي البرد
معشر من لاذ فيهم مخلصاً / أصلحوا من شأنه ما قد فسد
نادهم للغيث والغوث تجد / خير ما سح سحاب ورعد
سيما ليث حماهم من به / تكشف الجلى وتنجل العقد
علم الهدي وصدر العلما / وفتى المجد واستاذ الرشد
اخضر الأكناف رحب المنتدى / أبيض العرض نقيّ المنتقد
جل من أولاه ما أعيا الورى / من معان بمعانيها انفرد
شرف طب فوق المشتري / وعلى فرق السهى دق الوتد
ومعال ليس تحصى ومتى / كانت الأنجم تحصى بالعدد
تلك أخلاق اعالي هاشم / نالها بالارث عن جد فجد
قل لمن اعجزهم ان يدركوا / شأوه موتوا بغيظ وحرد
لم يسد قط حسود إنما / اقتل الأدواء في الكون الحسد
ليس تضليل الأماني نافعاً / لا ولا بالحقد يسمو من حقد
سيدي يا بالهدى يا ابن الذي / جمد النور أم الجمر جرى
يا سيف من مريديكم على / غربه أخنى الصدا مما انغمد
جردوني من قراب الضيم أو / تجبروا كسري فصبري قد نفد
أنا حسان ثناكم في الورى / إنما الاحسان للحر صفد
فاجتلوا شعري بمغزى شاكر / لا بمغزى سائل أو مضطهد
بين ما يطرب في الروض وما / يحزن السامع فرق لا يحد
لهف قلبي على الصبا وزمانه
لهف قلبي على الصبا وزمانه / وليالٍ مضين في ريعانه
كان ليل الصبا ضياءً لعيني / ونهارُ المشيب في عكس شانه
ويح ذاك البياض سوّد قلبي / عندما زارني بغير اوانه
نفر الغانيات عني وماذا / ضر لو غرّهن في لمعانه
ليته لم يكن لهن بغيضاً / فارى النحر يزدهي بجمانه
ان يكن في عيونهن ظلاما / فهو نور للمرء في ابانه
ووقار للمؤمنين وما اب / هى ابتسام الوجوه عن اقحوانه
لست أنسى مليحة قد دعتني / عمها والغرام في عنفوانه
فغدا قولها نذيراً لقلبي / واسترحنا يا سعد من خفقانه
وسلونا الهوى وذاك التصابي / واستفاق الشجيّ من أشجانه
وهجرنا الحسان هجراً جميلا / وخلعنا الصبا على أخدانه
ورجعنا إلى التقى فعلى الشي / ب سلام إذ كان من أعوانه
قل للعذولِ الذي مازالَ مرتقِباً
قل للعذولِ الذي مازالَ مرتقِباً / افسادِ ما بيننا خابت أمانيه
ان كان حبي بطولِ الهجرِ عاملني / أو رام قتلي فان الروحَ تفديهِ
ما بين حبي وبيني مدخل لفتي / يهوى الخداع فاقصر عن تعاطيهِ
فأن منِ حُسن اسلام الفتى ابداً / يا عاذلي تركه ما ليسَ يعنيهِ
باللَه يا ملك الندامى
باللَه يا ملك الندامى / أنعم بها جاما فجاما
صهباء قد صاغ المزا / ح من الجمان لها وساما
أفلا ترى أقداحها / بالنور تضطرم اضطراما
وبلابل الابريق قد / صدحت فهيجت الهياما
والدن يعبق نشره / والكاس تعجبك ابتساما
فانهض إلى روض اللذا / ئذ واجلها بكرا مداما
بصفاء بالك قد صفا / مُلك المسرة واستقاما
جنب مجالسها الألى / سكروا بها ونسوا الذماما
واحفل بحضرة قدسها / واختر لها العرب الكراما
فهم سوانح انسها / وجوانح الملك القدامى
بوفائهم يثق الندي / يم إذا جفا القوم الندامى
وانا الذي بالغادة الحس / ناء أصبح مستهاما
كلفت بها روحي ومن / لا يعشق البدر التماما
كم مهجة إذ تنثني / تهفو وأفئدة ترامى
وارحمتا للعاشقي / ن فكم قضوا فيها غراما
أي قلب يا غريب المنحنى
أي قلب يا غريب المنحنى / ضلّ مني ويحكم يوم النوى
هل له يا هل ترى من ناشد / هل له من ناشد يا هل ترى
احرق البين بقاياه فمن / لي به وهو رماد بالفضا
كلما هبت رياح الملتقى / خلت في أدراجها منه هبا
إنما الدهر لعمري مولع / بفراق الالف أو نقض الوفا
وعن العذال لا تسأل فما / آفة العشاق في الدنيا سوى
جهلوا الحب وقالوا شططا / ان في السلوان للصب شفا
لو يذق من لامني مر النوى / لشكى من بعض ما بي وبكى
لا أبيت الليل الا شاكيا / كرة السهد على جيش الكرى
وإذا مر خيال طارق / منك يا مي بوهمي وانثنى
قامت الحرب لك اللَه على / سوقها بين فؤادي والجوى
والاسى ويلاه من نيرانه / قوم الاضلاع مني وبرى
ولقد كانت لعمري قفصا / لفؤاد طار في اجو الهوى
ما درى ان الهوى اشراكه / تقنص الأسد ومن لي لو درى
يا مهاة العرب يحمي خدرها / في صدور البيد اطراف القنا
خلع اللَه على أعطافها / من برود الحسن أبهى ما برا
راقبي اللَه بصب اضرمت / للهوى احشاؤه نار القِرى
وافاض الوجد من أجفانه / منهلا اواه لو يروى الظما
فعلت عيناك في الافلاذ من / قلبه يا مي افعال الظبى
كم لها من رشقات عندها / ضاع ثارى ولعينيك البقا
ليت شعري هل لماضي عيشنا / عودة تحيى فؤادي باللقا
أنا من تدرين لم يخطر على / قلبه السلوان او حب السوى
غير أني يا ابنة القوم فتى / يبذل النفس بتطلاب العلى
حملته هذه الدنيا على / غارب الغربة يجتاب الفلا
في ضواحي الأرض أياماً وفي / حاجر يوماً ويوما بالنقا
تتشاكى النوق من اسفاره / وتمل الأرض من ضرب البرى
ولحكم الدور أضحى مثلا / ما انتهى بالسير إلا وابتدا
فكأني خاطر ما وسعت / دركَه يا سعد افكار الدنى
فغدت تجهد في ترديده / فمتى يا دهر ينزاح الغطا
من لنائي الدار قد جار على / صبره الدهر فولّى وانطوى
والليالي بعض ما يلقى بها / مزعجات طيّرت نوم القطا
يتلّوى الدهر كالافعى على / ضعفه ينفث من سم الأذى
صولج الاقدار قد صيّره / كرة يضربها عرض الفضا
واماني النفس قد القينه / في أقاصي الأرض يا تعس المنى
في فم الاقطار اضحى مضغة / ورماه البين أنأى مرتمى
فإلى م وعلى م ومتى / أيها التَسيار تنشق العصا
انكد الناس لعمري عيشة / عائل مغترب يشكو الأسى
لا يرى من راحم لا سيما / في بلاد اهلها حرب التقى
جهلوا الفضل فعادوا حزبه / وغدا دينا لهم حب الغنى
يا خطوب الدهر قرى فعسى / ان تقر النفس يوماً وعسى
وعلى اللَه توكلت فما / يبتغى إلا إليه المشتكى
فهو حسبي وكفاني ان أفز / برضاه وعلى الدنيا العفا