القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو حَيّان الأندَلـُسي الكل
المجموع : 315
أَوَجهُكَ أَم بَدرٌ مُنيرٌ تَبَلَّجا
أَوَجهُكَ أَم بَدرٌ مُنيرٌ تَبَلَّجا / وَنشرُكَ أَم مِسكٌ فَتيقٌ تَأَرَّجا
وَعِطفكَ أَم خُوطٌ مِن البانِ ناعِمٌ / وَردفُكَ أَم دِعصٌ مَهيلٌ تَرجرجا
مَحاسِنُ لَم يُجمع لِغَيركَ مِثلُها / شَباباً وَحُسناً باهِراً يسلب الحِجا
أَجلتُ لِحاظي في المِلاحِ فَما رَأَت / لِحاظِي أَبهى مِنكَ حُسناً وَأَبهَجا
حييٌّ إِذا ناطَقتُهُ كادَ خَدُّهُ / لِفَرطِ حَياءٍ فيهِ أَن يَتَضَرَّجا
شَكَوتُ إِلَيهِ ما بِقَلبي مِنَ الجَوى / وَوَجدي فَاستَخذى حَياءً وَلَجلَجا
رَأَى شَبَحي نِضواً وَنُطقي خافِتاً / وَدَمعيَ هَتّاناً وَحِسّي قَد سَجا
فَزارَ بِلا وَعدٍ دُجىً فَاخالُهُ / ترصَّدَ مِن حُراسِّهِ غَفلَةً وَجَا
فَلَم أَرَ مَولىً زارَ عَبداً كَمِثلِهِ / وَلَم أَرَ مِثلي نالَ ما كانَ قَد رَجا
خَلوتُ بِهِ وَالدَهرُ قَد غَضَّ طَرفَهُ / وَقَد سَدَّ بابَ الخَوفِ مفتتِحُ الرَجا
فَعانَقتُ مِنهُ الغُصنَ أَملَدَ ناضِراً / وَغازَلتُ مِنهُ الخِشفَ أَحورَ أَدعَجا
وَلِليلِ مِن تلكَ الذَوائبِ ظُلمَةٌ / وَلِلصُبحِ مِن خَدَّيهِ نُورٌ تَبَلَّجا
فَمن يَستحِل جَمعٌ لِضدَّينِ عِندَهُ / فَهَذا حَبيبي جامعُ النورِ وَالدُجى
أَترى بريدي بالِغاً يا جوجا
أَترى بريدي بالِغاً يا جوجا / أَم غالَهُ أَمرٌ يَكونُ مَريجا
عَمِيَت عَلَينا إِذ نَأَى أَخبارُهُ / لَكَأنَّه سَلَك السَماءَ وُلوجا
أَو أَنَّهُ خَسَفت بِهِ يَهمَاؤُهُ / وَهَوى إِلى بَهموتِها تَعريجا
يا مَن بِهِ علِقَت حَبائِلُ هِمَّتي / وَغَدا إِلى الزَمَنِ الكَريهِ بَهيجا
وَوَردتُ مِنهُ بَحرَ فَضلٍ زاخِرٍ / فَغنيتُ عَن وِردي سِواه خَليجا
وَرفلتُ مِن عزّي بِهِ في حُلَّةٍ / شرُفَت يَداً وَأَرومَةً وَنَسِيجا
فَخرت بِهِ الشُهبُ الدَراري وَاعتَلَت / حَتّى حَلَلنَ مِن السَماءِ بُروجا
يَكسو الطُروسَ مفوَّفا وَمدبَّجا / يَتَجنَّب التَقعيرَ وَالتَثبيجا
فَترى البَلاغَةَ قَد بَدَت أَنوارها / حَتّى بَهَرنَ مَهارقاً وَدُروجا
إِنَّ ابنَ فَضلِ اللَهِ فَضلٌ كُله / يَسعى ذَميلاً لِلنَدى وَوسيجا
مِن نَبعةٍ قَرشيَّةٍ عَدويَّةٍ / عُمريَّةٍ عَبِقَت شَذاً وَأَريجا
خَطَبَتهُ أَبكارُ المَعالي رُغَّباً / إِذ كُنَّ عجَّت مِن سِواهُ عَجيجا
وَسَمَت إِلى عَلياه أَوَّلَ نَشئِهِ / وَسِواه يَسمو لِلعُلا تَدريجا
لَجَّت وَرامَت مِنهُ وَصلاً إِنَّما / شَرَف المُحبِّ بِأَن يَكون لَجوجا
فَأَجابَها مِن بَعدِ لأي راغِباً / عَنها وَهيَّج شَوقَها تَهييجا
أَرى كُلَّ زِنديقٍ إِذا رامَ نَشرَ ما
أَرى كُلَّ زِنديقٍ إِذا رامَ نَشرَ ما / طَواه اِدَّعى أَن صارَ في الناسِ صالِحا
فَيستخدِمُ الجُهّالَ يَنهبُ مالَهُم / وَيُبدي لَهُم كِذباً عَلى اللَه فاضِحا
قرامطُ دَجّالونَ سِنخُ ضَلالَةٍ / كلابٌ عَلى الإِسلامِ أَضحَت نَوابِحا
أَلا أَسَداً يُردي الكلابَ زَئيرهُ / يَكون لَهُم بِالهنداونيِّ ماسِحا
أَلا قائِماً للّهِ ناصرَ دينه / يُرى لِدماء الباطنيَّةِ سافِحا
همُ حرّفُوا القُرآنَ تَحريفَ كافِرٍ / بِهِ وَادَّعَوا فيهِ لَدَيهِم فَضائِحا
يَقول عَلى رَأسِ الجَماهيرِ كُلهم / وَقَد أَوهَمَ الجُهالَ أَن صارَ ناصِحا
بِأَنَّ وَليَّ اللَهِ مَن كانَ فاسِقاً / وَمَن كانَ عَن دينِ الشَريعةِ نازِحا
وَأَنَّ اليَهودَ وَالنَصارى وَشِبهَهُم / عَلى الحَقّ كُلٌّ فعلُهُ كانَ راجِحا
وَعابد أَصنام وَعابد كَوكَبٍ / وَعابد نارٍ صارَ لِلحَقِّ جانِحا
وفسر عليٍّ وَابنِ عَبّاسٍ اغتدى / لَدَيهِ لَقى فَشراً مَع الريح طامِحا
وَلا أكلَ في الجَنّاتِ لا شُربَ إِنَّما / مَعارفُ تَلقى للولي مَنائِحا
أَلا مَن عذيري مِن صِغارٍ تَمَشيَخوا / فَكُلٌ لِبابِ الكُفرِ أَصبَحَ فاتِحا
زَناديقُ أَبلاط تيوسٌ تَقَرمَطوا / لَهُم أَعيُن أَضحت لِكُفرٍ طَوامِحا
وَقالوا لَنا العلمُ اللدُنّي وَعلمكُم / قشورٌ مَع الأَرياحِ قَد صارَ رايحا
وَما هُوَ مِن تَنبيهكُم وَقدوركم / وَلَكن أَتى فَتحاً مِن الكَونِ سانِحا
وَقَد كَذَّبوا القُرآنَ وَالسُنَنَ الَّتي / عَن المُصطَفى جاءَت بِنقلٍ صَحائِحا
وَقالوا رَسول اللَه ما ماتَ بَل غَدا / يَطوفُ عَلى الأَمواتِ يَغشى الضَرائِحا
كَذاكَ إِذا قُلتَ السَلامُ عَلَيك في / صَلاةٍ تَبدّى حاضِراً لَكَ لائِحا
وَقَد فَسَّروا القُرآنَ مِن مُخ رُوسِهِم / تَخاليطَ كُفرانٍ تَبدَّت فَواضِحا
أَلا يا قُضاةَ المُسلِمين أَلا اِنهَضوا / لِقَتلِ كَفورٍ صارَ في الدينِ قادِحا
كَأَنِّيَ بِالقاضي المُعظَّم قَد دَرى / بِهِم فَاِغتَدوا فَوقَ التُرابِ ذَبائِحا
وَجُّرَّ بِأَبدانٍ وَطيفَ بِأَرؤُسٍ / عَلى سِنِّ رُمحٍ لِلزَناديقِ رامِحا
تَشمُّ عَوافِي الطَيرِ نَتنَ لُحومِهم / فَتَنأى وَإِن كانَت غِراثا جَوارِحا
وَتُنقَلُ أَرواحٌ لَهُم مِن مَقَرِّها / إِلى النارِ فيها خالِدين كَوالِحا
وَإِنَّ جَلالَ الدينِ قاضي قُضاتِنا / أَقامَ مَنارَ الشَرعِ فَالتاح واضِحا
وَقامَ بِنصرِ الدينِ دينِ مُحمدٍ / وَأَخمَدَ شَراً كانَ كَالنارِ لافِحا
عَلى حين لَم يَنهَض إلى نَصرِهِ امرؤٌ / سِواهُ فَأضحى وافِرَ الأَجرِ رابِحا
لَقَد حاقَ بِاللبانِ سوءُ اِعتِقادِهِ / وَقامَ مَقامَ الذُلِّ خَزيانَ كالِحا
أَقرَّ بِكُفرٍ ثُمَ أَظهرَ تَوبَةً / مَخافَةَ سَيفٍ أَن يرى الروحَ رائِحا
وَما تابَ زِنديقٌ وَلَكن قبولَ تَو / بَةِ مَذهب القاضي فَأَبقاهُ سامِحا
وَقالَ مَتى ما عادَ للكُفرِ أرده / بِحدِّ حسامٍ تتركُ الرَأسَ طائِحا
فَدامَ جَلالُ الدينِ للدينِ ناصِراً / وَللعلمِ ذا نَشرٍ وَللجودِ مانِحا
هَديةٌ قَد أَتَت مِن جِلَّقٍ جَمَعَت
هَديةٌ قَد أَتَت مِن جِلَّقٍ جَمَعَت / فَواكها عَرفُها قَد نَمَّ تُفّاحا
فَالطُرقُ تَعبقُ مِن نَشرٍ لَها أَرَجٌ / كَأنَّما المِسكُ في أَبياتِنا فاحا
جادَت بِها كَفُّ عُمرِ الجودِ مُبتَذلٍ / لِلمالِ ما اِنفَكَّ للإحسانِ مُرتاحا
مُبرِّزٍ في عُلومٍ معملٍ أَبَداً / فِكراً لِمُستَغلق الإِشكالِ فَتّاحا
عَقلاً وَنَقلاً فَمَن يبرز يناظِرُهُ / يُبصِر ذكاءً لِزندِ العلمِ قَدّاحا
غَدا عَلى مَفرِقِ الأَيامِ تاجَ عُلاً / يُعارِضُ الشَمسَ تَعلاءً وَإِيضاحا
جَليلُ قَدرٍ جَلالُ الدينِ وَالدُهُ / قاضي القُضاة فَمنهُ نورُهُ لاحا
شَمسٌ أَضاءَت وَأَبناء أَشعَّة ما / تلقي إلَينا ضِياءً مِنهُ وَضّاحا
إِنَّ الزَمانَ بِتاجِ الدينِ مُزدَهِرٌ / يَكادُ مِن طَرَبٍ يَهتَزُّ أَفراحا
شَهمٌ أَبِيٌ صَفوحٌ وَهوَ مُقتَدِرٌ / رَيان علماً غَدا للناسِ مِصباحا
يَظَلُّ من ضَلَّ عَن طُرقِ السَماحِ بِهِ / يُهدى وَيُكسى بِنورِ العلمِ أَوضاحا
هُوَ الخَطيبُ وَنَجلٌ للخَطيبِ وَصُن / وٌ للخَطيبِ يَفوقُ الناسَ إِفصاحا
إِنَّ المَديحَ لَمَكسُوٌّ بِكُم شَرَفاً / إِذ كُنتُمُ الروحَ وَالأَمداح أَشباحا
لا زِلتَ في نِعَمٍ تَترى عَلى نِعَمٍ / تَغدو بِنُعماكَ أَجساماً وَأَرواحا
وَالقَلبُ قَد كانَ خَفَّاقاً فَسَكَّنَهُ / جَدواكَ واِرتاحَ لما شَمَّ تُفَّاحا
إِنَّ جِسمي مُقَيَّدٌ بِالضَريحِ
إِنَّ جِسمي مُقَيَّدٌ بِالضَريحِ / وَفُؤادِي وَقفٌ عَلى التَبريحِ
وَلِعَيني إِذا ذَكَرتُ نُضاراً / مردٌ مِن دِماءِ قَلب جَريحِ
راحَ عيدٌ وَبعدُ عيدٌ كَبيرٌ / وَنضارٌ تَحتَ الثَرى وَالصَفيحِ
لا أَرى فيهِما وَجيهَ نُضارٍ / يا لَشَوقي لِذا الوَجيهِ المَليحِ
وَنُضارٌ كانَت أَنيسي وَحُبّي / وَنضارٌ كانَت حَياتي وَروحي
وَنُضارٌ أَبقَت بِقَلبي حُزنا / لَيسَ يَنفَكُّ أَو أُوافِي ضَريحي
لَم يَكُن لِلنضارِ يَوماً نَظيرٌ / في ذَكاءٍ لَها وَعَقلٍ رَجيحِ
وَحَياءٍ وَحُسنِ مَلقىً وَخطٍ / بارِعٍ نادِرٍ وَلَفظٍ فَصيحِ
نَظَرت في العُلومِ فقهٍ وَنَحوٍ / وَحَديثٍ عَن الرَسولِ صَحيحِ
وَلَكَم طالَعَت تَواريخَ ناسٍ / فَاستَفادَت عقلَ الحَكيمِ النَصيحِ
قَد قَضَت نَحبَها نُضارُ وَراحَت / وَلَها الذكرُ بِالثَناءِ الصَريحِ
سُطِرَت في الرُواةِ عَن سَيِّدِ الخَلقِ / فَيا طِيبَ ذِكرِها وَالمَديحِ
إِن تَكُن قَد تَقدَّمَت وَبَقينا / بُرهَةً في زَمانِنا المَسفوحِ
فَعَلى إِثرِها نَروحُ وَنَرجُو / عَفوَ رَبٍّ عَن الذُنوبِ صَفوحِ
تَنَفَّسَ من أَهوى فأرَّجَ عَرفُهُ
تَنَفَّسَ من أَهوى فأرَّجَ عَرفُهُ / كَأَنَّ سَحيقَ المِسكِ مِن فيهِ ينفَحُ
فَشَبَّ بِقَلبي نار وَجدٍ وَإِنَّها / سَرَت مِنهُ لِلأَعضاءِ تَذكى وَتلفَحُ
هَوىً ما هَوى قَد زادَ حَتّى جَوانِحي / تَقَلَّبُ في نار وَعَينِيَ تَسفحُ
وَخِلت اِنتِشاقَ العَرفِ يُبرِدُ غُلَّتي / فَزادَت بِهِ ناراً عَلى القَلبِ تَطفَحُ
تَصَفَّحتُ أَقمارَ الوَرى وَمِلاحَهُم / فَكانَ حَبيبي فَوقَ مَن أَتَصفَّحُ
ذَكاءً كَأَنَّ النارَ مِنهُ تَوَقَّدَت / فَيُدرِكُ مَخفيَّ الأُمورِ وَيَشرَحُ
وَحُسنٌ كَأَنَّ الشَمسَ في وَجَناتِهِ / أَقامَت لَها مُمسىً عَلَيها وَمُصبَحُ
وَفَرطُ حَياءٍ في خَفارة حييٍّ / يَكادُ للاستحياءِ بِاللَحظِ يجرحُ
وَكانَ مَليحاً قَبلَ نَبتِ عِذارِهِ / فَها هُوَ أَضحى وَهوَ بِالنَبتِ أَملَحُ
لِقَلبي في مَعناهُ سِرّاً تفكر / وَللعينِ في مرآهُ جَهراً تلمحُ
وَتَأخُذُني مِن عظمِ رُؤياه هَيبَةٌ / فَيعيى لِساني بِالَّذي أَنا أفصحُ
لَنا قَدَمٌ في ساحَةِ الحُبِّ راسِخ
لَنا قَدَمٌ في ساحَةِ الحُبِّ راسِخ / وَحُكمٌ لِمسلاةِ المُحبينَ ناسِخُ
وَلَو أَنَّ قَلبي رامَ عَقداً لسلوَةٍ / لَكانَ لَهُ مِن حاكم العشقِ فاسِخُ
وَلي مِن بَني الأَتراكِ أَهيفُ شادنٌ / لَهُ نَسَبٌ في آلِ خاقانَ باذِخُ
يلينُ كَلاماً وَهوَ قاسٍ فؤادُهُ / وَيَدنو اتضاعاً مِنهُ وَالأَنفُ شامِخُ
بِوَجهٍ يَلوحُ الحُسنُ مِن قَسماتِهِ / وَقَدٍّ كَغُصنِ البانِ وَالبانُ شارِخُ
وَرِدفٌ حماهُ أَن يُنالَ بِنَظرَةٍ / مِن الشعرِ المضفورِ أَسودُ سالِخُ
إِذا ما رَنا يَوماً إِلَيهِ أَخو الهَوى / تَلَقّاه مِنهُ نافِثُ السُمِّ نافِخُ
أَيا عَجَباً للحُبِّ كَم ذا أكنُّهُ / وَأكتمُهُ وَالوَجد بِالحُبِّ صارِخُ
تملَّكَني هَذا الهَوى فَكَأَنَّما / بِهِ نَحو قَلبي مِن دَواعيه ناتِخُ
وَقَد حَلَّ بي ما لَو يحُلُّ أَقلُّهُ / بِيذبلَ أَمسى وَهوَ في الأَرضِ سايِخُ
فَفي مُهجَتي نارٌ عَلى الكبدِ وَقدها / وَمِن مُقلَتي ماءٌ عَلى الخَدِّ ناضِخُ
رَماني الرَشا بِسَهمٍ
رَماني الرَشا بِسَهمٍ / مُصيبٍ بِهِ فُؤادي
بِطَرفٍ نَدٍ وَفيهِ / سِناتٌ نَفَت رُقادي
فَجَفني إِلى سُهادٍ / وَجَنبي عَلى قَتادِ
وَدَمعي جَرى كَسَيلٍ / أَتِيٍّ يَجي بِوادِي
وَقَلبٌ حُشي بِجَمرٍ / كَقَدحٍ مِن الزِنادِ
فَصَبري لَدَى اِنتِقاصٍ / وَحُبّي إِلى اِزدِيادِ
فَأَنّى يَرى سُلُوّاً / لِصَبٍّ ضَناهُ بادِ
شِفاءُ الضَنى شِفاءٌ / تَحلى جَنى الشَهادِ
مَتى يَرتَشِف جَناها / يَنَل غايَةَ المُرادِ
وَيَحيا بِخَيرِ عَيشٍ / وَيَأمَن مِن الأَعادي
سَمح الدَهرُ بِالحَبيبِ الودودِ
سَمح الدَهرُ بِالحَبيبِ الودودِ / فَحَظينا مِنهُ بِأُنسٍ جَديدِ
جَمَعتنا لُيَيلَةٌ هِيَ عِندي / لَيلَةٌ أَشرَقَت بِبَدرِ السُعودِ
أُوقدَ الشَمعُ وَالمَصابيحُ فيها / وَتبدّى نورُ المحيا السَعيدِ
وَبَدا الفَرقُ بَينَ نارٍ وَنورٍ / واضحاً لائِحاً لعقلٍ سَديدِ
تِلكَ نارٌ مآلها لانطفاءٍ / وَحَبيبي أَنوارُهُ في مَزيدِ
حالَ بَيني وَبَينَهُ اِثنان ظُلماً / فَقَنِعنا بِرُؤيةٍ مِن بَعيدِ
أعمِلُ الفِكرَ في اِقترابٍ كَأَني / بَرهَمِيٌّ مجرّبٌ في الهنودِ
فَإِذا الحاجِزانِ راحا وصرنا / مِن قَريب في أُنسِ وَصلٍ مَديدِ
أشهدُ الأنسَ مِن غَزالٍ رَبيبٍ / وَأَرى المَوت في مَحاجرِ سودِ
أَلحظُ البدرَ وَهوَ نُصبُ عِياني / وَأُناجيهِ آمِنا مِن صدودِ
فَإِذا الدُرُّ ما تَساقَط لَفظاً / لَو تجسَّدنَ كُنَّ عِقدَ الجيدِ
وَإِذا السحرُ كامِناً في عُيونٍ / كَم مُعنّى بِها قَتيلٍ شَهيدِ
وَخَلقٍ غَريبِ الشَكلِ في مصرَ ناشيء
وَخَلقٍ غَريبِ الشَكلِ في مصرَ ناشيء / وَما هُوَ في أَرضٍ سِوى مِصرَ يُوجَدُ
هُوَ السَبُعُ العادي بِنيلِ صَعيدِها / يُقافِصُ مَن للماءِ في النيلِ يقصدُ
وَيخطُفُهُ خَطف العُقابِ لِصَيدها / وَيفصلُه عُضواً فَعُضواً وَيزرَدُ
وَما مِن شُخوصِ النيلِ خَلقٌ لَهُ يَدٌ / وَرجلٌ سواهُ وَهوَ في البَرِ يصعَدُ
وَربَّتَما يَلقى لَدى البر كاسِراً / وَيجري كَمثلِ الطرفِ أَو هُوَ أَزيَدُ
لَهُ ذَنبٌ مُرخىً طَويلٌ يُقيمُهُ / يلُفُّ بِهِ مَن كانَ في الناسِ يفقدُ
وَأَسنانُهُ أُنثى عَلى ذكرٍ أَتَت / لِكَسرِ العِظامِ الصُلبِ مِنها تفقّدُ
وَيحفُرُ في رَملٍ وَيدفنُ بيضَهُ / يُعاهِدُها غِباً إِلى حين تولَدُ
وَلا تَعمَلُ الأَسيافُ فيهِ كَأَنَّما / عَلى جلدِهِ مِنهُ صَفيحٌ مُسرَّدُ
وَلَكنَّ تَحتَ الإبطِ ليِّنَ جلدةٍ / فَمِنها المَنايا دونَهُ تَتَصَعَّدُ
وَلَيسَ لَهُ دُبرٌ فَيُخرِج نَجوَهُ / وَلَكن إِلى حُلقومِهِ يَتَرَدَّدُ
فَيفتَح فاهُ ثُم يَدخُلُ طائِرٌ / فَيلفظ ما قَد كانَ فيهِ يدودُ
فَإِن رامَ إِطباقاً عَليه فَإِنَّه / يَكونُ لسقفِ الحلقِ بِالريشِ يُفصَدُ
وَيقتُلُه الجاموسُ فَهوَ إِذا دَرى / بِهِ فَرَّ مِنهُ وَهوَ في السِبحِ يُجهَدُ
وَيَخدَعُهُ الإِنسانُ حَتّى يَصيدَهُ / وَيَربُطُهُ كَالعَنزِ بِالحَبلِ تُصفَدُ
رَأَيناهُ مَحمولاً عَلى جَمَلٍ وَقَد / أَتَت طرفاهُ الأَرضَ فيها يخددُ
وَللعقلِ في صَيدِ التَماسيحِ صَنعَةٌ / يُرتِّبُها الفكرُ المُصِيبُ فَتُحمَدُ
وَذو العَقلِ مَقدورٌ عَلَيهِ وَقادِرٌ / عَلى كُلِّ ذي روحٍ رَقيبٌ مُؤيدُ
فَلا الطَيرُ في جَوٍّ وَلا الوَحشُ في الفَلا / وَلا سافِحٌ إِلّا لَهُ مُتَرَدّدُ
فَيقهَرهُ قَتلاً وَذَبحاً وَخدمةً / وَفي آخرٍ ذو العَقلِ في الرَمسِ يُلحَدُ
ما لِقَلبي غَرَضٌ في أَحَدِ
ما لِقَلبي غَرَضٌ في أَحَدِ / منذُ بانَت قِطعَةٌ مِن كَبِدي
كَيفَ لي عَينٌ تَرى غَيرَ الَّتي / هِيَ روحي ذَهَبَت مِن جَسَدي
درةٌ بَيضاءُ حَلَّت مُهجَتي / خُطِفَت مِنّي فَأوهَت جَلَدِي
إِنَّ عَيني مِثلُ عَينٍ ثَرّةٍ / إِن نَزَحتَ الماءَ مِنها تَزِدِ
وَفُؤادي شَفَّهُ الحُزنُ فَما / هُوَ إِلّا دائِماً في نَكَدِ
أَرقبُ المَوتَ وَأستبطئُهُ / لَيلَةَ اليَومِ أَتى أَو في غَدِ
تَعَجَّبَ ناسٌ مِن غَرامي وَمِن وَجدي
تَعَجَّبَ ناسٌ مِن غَرامي وَمِن وَجدي / بِريمَينِ وَالمَعهودُ عِشقُ رَشاً فَردِ
وَقالوا صَواباً لَيسَ قَلبانِ للفَتى / وَلا يُجمعُ السيفان وَيحكَ في غِمدِ
وَما عَلِموا سِرَّ الهَوى وَصُنوفَهُ / وَإِنَّ فُؤادَ الصَّبِّ مُتَّسِعُ الودِّ
تَلوحُ لَنا أَصنافُ حُسنٍ لطيفَةٌ / فيعلَقُ مِنها بِالمناسِبِ وَالقَصدِ
لَنا غرامٌ شَديدٌ في هَوى السودِ
لَنا غرامٌ شَديدٌ في هَوى السودِ / نَختارُهُنَّ عَلى بيضِ الطلا الغِيدِ
لَونٌ بِهِ أَشرَقَت أَبصارُنا وَحَكى / في اللَونِ وَالعَرفِ نَفح المِسكِ وَالعودِ
لا شَيءَ أَحسنُ مِن عاجٍ تركِّبُهُ / في آبنُوسَ وَلا أَشفى لِمبرودِ
لا تَهوَ بَيضاءَ لَون الجصِّ وَاسمُ إِلى / سوداءَ حَسناءَ لَون الأَعيُنِ السودِ
في جِيدِها غَيَدٌ في قَدِّها مَيَدٌ / في خَدِّها صَيَدٌ مِن سادَةٍ صِيدِ
مِن آلِ حامٍ حَمَت قَلبي بِنارِ جَوىً / مِن هَجرِها وَابتَلَت عَيني بِتَسهِيدِ
فَالقَلبُ في حَرَقٍ وَالعَينُ في أَرَقٍ /
وَأَهدى ليَ المَحبوبُ الأترُجَّ مُحسنا
وَأَهدى ليَ المَحبوبُ الأترُجَّ مُحسنا / فَيا حُسنَهُ مَولىً بِهِ عزَّ عَبدُهُ
ثَمانيَ حَبّاتٍ غَرَسنَ مَحَبَّةً / وَهَيَّجنَ مِن وَجدٍ تَقادَمَ عَهدُهُ
تَجمَّعَ لي المثلانِ لوني وَلَونُها / كَما اِجتَمَعَ الضدّانِ قُربي وَبعدُهُ
وَلَكن حَوى راءً وَجيما حُروفُهُ / فَرَجَّيتُ أَن يَسخُو وَيَذهَبَ ضِدُّهُ
وَجاءَ كَما يُرجَى مِن الصَخر لينُهُ / وَمِن حَرِّ أَنفاسي وَقَلبي بَردُهُ
أُعَلِّلُ قَلبي بِالأَماني وَكَم صدٍ / رَأى الماءَ لَكن لَيسَ يُمكنُ وِردُهُ
فَحَسبيَ مِن وَصلٍ كَلامٌ وَنَظرَةٌ / وَذا غايَة الصَبِّ العَفيفِ وَقَصدُهُ
وَلَم أَرَ مِثلي كانَ أَكتَمَ لِلهَوى / صِيانَةُ حُبِّي إن يُدَنَّسَ بردُهُ
تَمَنَّيتُ تَقبيلَ الحَبيبِ فَجاءَني
تَمَنَّيتُ تَقبيلَ الحَبيبِ فَجاءَني / وَقَبَّلَني في النَومِ ثِنتَينِ في العَدِّ
فَيا طِيبَ ذاكَ اللثمِ عِندي وَبَردَهُ / عَلى كَيدٍ حَرّى تَذوبُ مِن الوَجدِ
وَإِني لَأَرجُو أَن أُقبِّلَ يَقظَةً / فَماً فيهِ شِيبَ الخَمر بِالمِسكِ وَالشهدِ
فَيَقضي ظَمآنٌ مِن الراحِ ريَّهُ / وَيَشهَدُ ثَغراً كَاللآليءِ في العِقدِ
أَقُول لأَصحابي أَلا ماء بارِدٌ
أَقُول لأَصحابي أَلا ماء بارِدٌ / فَقَد قَدَحَت في القَلبِ نارُ زِنادِ
فَجاءُوا بكُوزٍ أَحمَرِ اللَونِ قانيءٍ / وَحافاتُهُ مَطلِيَّةٌ بِسَوادِ
فَقُلتُ عُيونُ الكوزِ سُودٌ لذكرة / عُيون حَبيبٍ باخلٍ بِمِدادِ
وَما لَونُهُ إِلا يُشابه حُمرةً / بِوَجنَةِ مَولىً مالِكٍ لِقِيادِ
أَيا عَجَباً هَذا الجَمادُ محرِّكٌ / رَسيس الهَوى في قَلبِ أَهيمَ صادِ
أَراني مَتى أنظُر لِشَيءٍ أَجِد بِهِ / مشابهَ حسن في الحَبيبِ بِوادِ
يَلَذُّ لِقَلبِي ما يُريدُ حَبيبُهُ / دَوامُ سهادٍ وَالتزامُ وَسادِ
وَتركُ غِذاءٍ غَيرَ ذكرى حَبيبة / فَذاكَ إِلى أُخراه فَضلَةُ زادِ
أَيا ناصِرَ الدينِ اِنفَرَدت بِمَنشأٍ
أَيا ناصِرَ الدينِ اِنفَرَدت بِمَنشأٍ / مِن النَثرِ ما فيهِ انتِقادٌ لِناقِدِ
قَلائد عقيان تُحاكي وَإِنَّهُ / فَرائدُ ياقوتٍ لتلكَ القَلائِدِ
فَرائدُ لَو كانَت تجسَّدُ نُظِّمَت / عُقوداً لأَجيادِ الغَواني النَّواهِدِ
هُوَ الأَدَبُ الغَضُّ الجَنيُّ أَتَت بِهِ / قَريحَةُ فكرٍ واقِدٍ غَيرِ خامِدِ
شَفَعتَ بِها إِحسانَها فَكَأَنَّما / شَفَعتَ الدَراري بِالشُموسِ الخَوالِدِ
خَوالدُ لا تبلى عَلى الدَهرِ جِدَّةً / إِذا تُليَت جاءَت لَكُم بِالمَحامِدِ
سِوارٍ إِلى الآفاقِ يَزهى بِسَمعِها / ذوو النَثرِ مِن نقادِّنا وَالقَصائِدِ
غَدا شافِع في العلمِ وَالفَضلِ واحِداً / فَأَعظِم بِهِ مِن شافِعٍ فيهِ واحِدِ
طالِع تَواريخَ مَن في الدَهر قَد وُجِدوا
طالِع تَواريخَ مَن في الدَهر قَد وُجِدوا / تَجِد خُطوباً تُسَلّي عَنكَ ما تَجِدُ
تَجِد أَكابِرَهُم قَد جُرِّعوا غُصَصاً / مِن الرَزايا بهاكم فُتِّتَت كَبِدُ
عَزلٌ وَنَهبٌ وَضَربٌ بِالسياطِ وَحَب / سٌ ثُمَ قَتلٌ وَتَشريدٌ لِمَن وُلِدوا
وَإِن وُقِيتَ بِحَمدِ اللَهِ شَرَّتَهُم / فَلتحمد اللَهَ فَالعُقبى لِمَن حَمِدُوا
تَصاوَنَ مَن أَهوى وَصَوني أَورَثا
تَصاوَنَ مَن أَهوى وَصَوني أَورَثا / لِقَلبِيَ ناراً كُلَّ وَقتٍ لَها وَقدُ
كَأَنّي ابنُ داودٍ شَهيدُ ابن جامِعٍ / أَو ابنُ كُليبٍ في هَوى أَسلمٍ يَعدُو
هُما أَظهَرا في الناسِ حُبَّيهِما مَعاً / وَحُبّي مَستورٌ لَدى الناسِ ما يَبدو
عَلى أَنَّني في الحُبِّ ثالِث ثَلاثة / تَوالى عَلَينا الشَوقُ وَالدَّمعُ وَالسُّهدُ
قَضى نَحبَهُ وَجداً وَشَوقاً كِلاهُما / وَضَمَّهُما مِن فَرطِ بَلواهما لَحدُ
فَإِن كُنتُ عَن صَحبي تَراخَت مَنيَّتي / فَحَسبي أَنّي في الوَرى الفَلكُ الفَردُ
وَرِثتُ لَذاذاتِ المحَبّاتِ كُلّها / فَماليَ فيها لا شريكٌ وَلا ضِدُّ
وَحُبّي يَدري أَنَّني صادِقُ الهَوى / كَتُومٌ وَمالي مِن هَوى حُسنِهِ بُدُّ
وَلَمّا طَغى الإِنسانُ سَلَّطَ رَبُّهُ
وَلَمّا طَغى الإِنسانُ سَلَّطَ رَبُّهُ / عَلى نَفسِهِ مِن نَفسِهِ عُضوَهُ الفَردا
فَأَعقَبَهُ ذُلاً وَفَقراً وَأَفرُخاً / صِغاراً ذَوي جُوعٍ يكدُّونَهُ كَدّا
فَأَقبِح بِها مِن شَهوَةٍ كانَ أَصلُها / مُقَدِّمَة الإِستَينِ أَنتَجَتا وُلدا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025