المجموع : 47
عَجِبَت مِن بِزَّتي إِذ أخلَقَت
عَجِبَت مِن بِزَّتي إِذ أخلَقَت / وَهيَ تَجتَابُ الحَبِيرَ المُغدَفَا
هَذِهِ لا تَعجَبِي من هَذِهِ / قَبلَهَا أُلبِسَ دُرٌّ صَدَفَا
لا تَظُنِّي الدَّهرَ لِي مُستَلِباً / إِنَّما جَرَّدَ مِنِّي مُرهَفَا
إنَّ ماءً كان في وَجنَتِها / وَرَدَتهُ السِّنُّ حَتَّى نشَفا
وَذَوَى العُنَّابُ من أَنمُلِها / فَأَعَادَتهُ اللَّيالي حَشَفا
أَصبَحَت تُدمِيرُ مِصراً شَبَهاً
أَصبَحَت تُدمِيرُ مِصراً شَبَهاً / وَأَبُو يُوسُفَ فيها يوسُفَا
أنَوماً وَقَد بَانَ الخَليطُ تَذُوقُ
أنَوماً وَقَد بَانَ الخَليطُ تَذُوقُ / ودار كزعم العادلات مذيق
وَهَبكَ التَمَست الطَّيفَ مِن السُّها / أرَدّاهُ غَيمٌ أم جلاهُ شُروقُ
وَمَن ذَا يُجَارِي الشُّهبَ فِي حَلَبَاتِهَا / إذا حَثّها نَحوَ المَغِيبِ خَفوقُ
لَقَد سَاقَ نَحوِي كُلّ سُهدٍ وَلَوعَةٍ / بُرَيقٌ إلَى ثَغرِ الحَبِيبِ يَشوقُ
سرَى بَعد وخطِ الشَّيبِ في لِمّةِ الدُّجَى / يُخَضّبُ فَودَ اللَّيلِ مِنهُ خَلُوقًُ
جَفَا وَصَفا فَاعتَزّ واكتنّ لَاعِباً / كَمَا نَبَضَت تَحتَ البَنانِ عُرُوقُ
وَجَالَ عَلَى مِسكِ الظّلامِ عَبِيرُهُ / كَمَا ذَابَ فَوقَ الآبنوسِ عقيقُ
أَامرِي بِهِ طَرفِي مَحَلٌ مَدامِعِي / وَلا غَروَ أَن تَمرِي الغَمَامَ بُرُوقُ
وََإنِّي بِشَيمِ البَرقِ مِن جَانِبِ الحِمَى / وشمّ الصّبا مِن حَرِّه لَخَلِيقُ
ذَكَرتُ بِهِ الأحبًابًَ إذ أنَا يَافِعٌ / وإذ غُصُنِي لَدنُ الفُرُوعِ وَرِيقُ
وَإِذا أنًا مَغرورٌ عَلَى الجَهلِ فِي الهَوَى / وَشَأوُ ارتِكَاضِي في النََّشَاطِ عَمِيقُ
وَإِذ هِمَّتِي تُثنَى إلى غَيرِ هَمِّها / وَلا أنا مأخُوذٌ عَلَيَّ طَرِيقُ
ولا شَيءَ إلا مَا أُرِيدُ وَأشتَهِي / ولا عَائِقٌ مِن دُونِ ذَاكَ يَعُوقُ
فَجُوزيَ خَيراً من زمَانٍ مَضَى بِهِ / أخٌ لِوِصَالِ الغَانِيَاتِ شَقِيقُ
فَإن أنَأ لَم أُتبِعهُ لَهفاً وَعَبرَةً / فَمَأ تِلك إلا جَفوَةٌ وَعُقُوقُ
وَإِني لِمَاءِ اللّهوِ والزَّهوِ وَالصِّبَا / وَمَاءِ شُؤُونِي بَعدَه لَمُرِيقُ
فَوجدِي بِهِ كاسمِي عَلِيٌّ زَفِيرُه / وَجَدِّيَ مِن نَعتِ الفُؤَادِ حَرِيقُ
وَأحسَنُ مِن ذِكرَى شَبَاب طَوَيتُهُ / ثَناءٌ بآفاقِ البلادِ طَلِيقُ
تَخُبّ بِهِ تَحتَ الرُّوَأةِ نََائِبٌ / عَلِيهنَّ من دُر الكلام وُسُوق
تَسيرُ بِهِ شَرقاً وَغَربا فَدَأبُهَا / رَحيلٌ وَنَصٌّ دَائِم وَخَِفيقُ
أحَيّي بهِ مِن وَجهِ يوسُفَ قِبلَةً / أحنُّ إلَى استِقبالِها وَأتوقُ
يُصلِّي إلَى مِحرَابِهَا الأمَلُ الَّذِي / بِهِ ألمٌ من غَيرِها فيُفِيقُ
مَحيّاًَ يُعِيدُ اللَّيلَ أبيَضَ ناصِحاًَ / وَتَبدُو لَهُ شَمسُ الضُّحَى فَيَفُوقُ
مَطِلٌّ عَلَى نيقِ العلا لم يًَزل لَهُ / بِكُلِّ فِجاجٍِ المعلًُواتِ طَرِيقُ
إِذَا صالَ أو سارَ انتِقاماً وَعَزمَةً / تَجَرّدَ صَمصامٌ وَصالَ فَنيقُ
يُسدِّدُ مِن آرائهِ سَهمَ فِطنَةٍ / لَهُ من رَمَايا المُشكلاتِ مُرُوقُ
تَطيرُ بِهِ حِين البهديهَةِ قُذّةٌ / وَيَحفِزه بَعدَ الرَّوِيَّةِ فُوقُ
وَمهمَا يَغص معنًى دقيقٌ يحيلُه / عَلَيه افتِكَارٌ فِي الغُيُومِ دَقيقُ
وَوَكّلَ بالأيام من فَضلِ سَيبِهِ / نَدىً لِفُتوقِ النّائباتِ رَتُوقُ
ظَنَنّا بِهِ من كَثرة البذلِ أنّنا / لَنا إرثُ مالٍ عِندًَهُ وحُقوقُ
عَمِيدٌ عَمِيدٌ بالمَحامِدِ والعُلَى / وَمُغرىً ببنتِ المَكرُمَات مَشُوقُ
مَنَزِلُهُ وَقفٌ عَلَى الزَّدِ والقِرى / يَحُلُّ فَرِيقٌ إِذ يَسِيرُ فِريقُ
فدونَكَها بِكراً مُوَفّىً صَدَاقُهَا / بِعُذرَتِها دونَ الأنامِ حَقِيقُ
لَهَا إمرَة عندَ الكلامِ مُطاعَةٌ / وَمُنتَسَبٌ يَومَ القَرِيضِ عَرِيقُ
فَهَنَّأكَ الأَعياد مَن زادَ حُسنَها / بِوَجهِك مَا وَالَى الظَّلامَ شُرُوقُ
فَما أَخفَقَت لِلسَّفرِ نَحوَكَ رِحلَةٌ / وَلا كَسَدَت لِلحَمدِ عِندَك سوقُ
كَلَّمتُهُ فَاصفَرَّ مِن خَجَلٍ
كَلَّمتُهُ فَاصفَرَّ مِن خَجَلٍ / حَتَّى اكتَسَى بِالعَسجَدِ الوَرِقُ
وَسَألتُهُ تَقبِيلَ رَاحَتِهِ / فَأبَى وقَالَ أخَافُ أحتَرِقُ
حتَّى زَفِيرِي عَاقَ عِن أمَلِي / إِنَّ الشَّقِيَّ بِرِيقِهِ شَرِقُ
يَا وَيحَ مَن بالمَغرِبِ الأقصَى ثَوَى
يَا وَيحَ مَن بالمَغرِبِ الأقصَى ثَوَى / حَذَرَ العِدَى وَحَبِيبُهُ بِالمَشرِقِ
لَولا الحِذَارُ عَلَى الوَرَى لَمَلأتُ مَا / بَينِي وَبَينَهُ مِن زَفِيرٍ مُحرِقِ
وَسَكَبتُ دَمعِي ثُمَّ قُلتُ لِسَكبِهِ / مَن لَم يَذُب مِن زَفرَتِي فَليَغرَقِ
لَكِن خَشِيتُ عِقَابَ رَبِّي إِن أنَا / أَحرَقتُ أو أغرَقتُ مَن لَم أخلُقِ
رَعَاك اللهُ هَذَا وَقتُ ضَيقِ
رَعَاك اللهُ هَذَا وَقتُ ضَيقِ / وَقَد ذَهَلَ الصَّدِيقُ عَنِ الصَّدِيقِ
وَأسوَاقُ المَتَاجِرِ كَاسِدَاتٌ / فَلَيتَ كَذَاكَ أسوَاقَ الدَّقِيقِ
وَإِنَّكَ أَكثَرُ المُثرِينَ يَوماً / إِذا أحرَزتَ شُكرَ بَنِي حَرِيقِ
صِغَرُ الرَّأسِ وَطولُ العُنُق
صِغَرُ الرَّأسِ وَطولُ العُنُق / خِلقَةٌ مُنكَرَةٌ في الخِلَق
فإذا أبصَرتَهَا مِن رَجُلٍ / فاِقضِ في الحِينِ لَهُ بالحُمُقِ
أَعِلُّوا نَسيم الرِّيحِ ثم اِبعَثوا به
أَعِلُّوا نَسيم الرِّيحِ ثم اِبعَثوا به / إِلَيَّ فقد يَشفي العَليلَ عليل
وَلَكنَّ الجحاشَ تجيد رعياً
وَلَكنَّ الجحاشَ تجيد رعياً / إِذا سَفَتِ الأهابِيَّ الخيول
يَقِلّ مِنَ النّاسِ عِندِي الكَثِيرُ
يَقِلّ مِنَ النّاسِ عِندِي الكَثِيرُ / وَيَكثُرُ عِندِيَ مِنكَ القَلِيلُ
وإن لَم يُتَح لِي سِوَى وَاحِدٍ / خَلِيلٍ فَإنَّكَ ذَاكَ الخَلِيلُ
سَأرمِي بِنَبلِي ذائِدا عن حِمَى نُبلِي
سَأرمِي بِنَبلِي ذائِدا عن حِمَى نُبلِي / وَأغتَرُّ حَظِّي بالغُرَيرِيَّةِ الفُتلِ
قَدِيراً علَى نَيلِ الأَمَانِيِّ عَنوَةً / إِذا لَم تُنِلنيهَأ اللَّيالي على رِسلِ
إذا سَأَلَت مِنِّي القَبَائِلُ نِسبَةً / كَتَبتُ لَها أصلِي عَلَى ظُبَتَي نَصلِي
تُعَزِّزُ نَفسِي هِمَّةٌ نَشَأت مَعِي / فَلَن تُبتَغَى بَعدِي وَلا وُجِدَت قَبلِي
وَفي زَمَنٍ أغضَى لِيَخبُرَ أهلَهُ / فَأكسَبَهُ الإِغضَاءُ ضَرباً مِنَ الخَبلِ
وَأصبحَتِ الأعجَازُ فِي غَفلاتِهِ / هَوَادِيَ والهَامَاتُ يُوطَأنَ بِالنَّعلِ
وَعُدَّ النَّدَى تَبذِيرَ مَالٍ عَلَى الفَتَى / وَخَوضُ الوَغَى رَأياً بَعِيداً مَنَ العَقلِ
ولا تُشتَرَى اليومَ السُّيوفُ لِقَطعِهَا / وَلَكِن لِحُسنِ الحَليِ أو رَونَقِ الصَّّقلِ
ولا تُوهَبُ المَدَّاحُ عَن حُرِّ مَدحِهَا / وَلَكن عَلَى قَدرِ الفُكَاهَةِ وَالهَزلِ
فَلَولا ابنُ عَبدِ اللهِ مَا لاحَ لِلنّدَى / جَبِينٌ وَلا اقتَادَ السَّمَاحُ مِنَ البُخلِ
وَولا أبُو عَبدِ الإلاهِ بنُ سَبرَةٍ / لأضحَى نِجَارُ المَجدِ مُنقَطِعَ النَّسلِ
وَلولا أيادِيهِ المُبَدِّدُ شَملَهَا / نَداهُ لَكَانَ الجُودُ مُفتَرِقَ الشَّملِ
وَمَا كُنتُ لَولا أَنتَ إلا مُزَمِّماً / رَكَابِي مُثٍِيراً عَن بَلنسِيَةٍ رَحلِي
وُمستَبدِلاً أهلاً سِوَاهَا وَمَنزِلاً / وَإِن كَانَ فِيهَا مَنزِلي وَبِهَا أهلِي
فَأمرُكَ لِي بِالمُكثِ فِيهَا إقَامَةٌ / وَصَلتُ بِهَا أهلِي وَصُنتُ بِهَا إبلِي
أُبُثُّكَ أم أَصُونُكَ يَا خَلِيلي
أُبُثُّكَ أم أَصُونُكَ يَا خَلِيلي / فَإنّ البَثَّ مِفتَاحُ الغَلِيلِ
كِلانَا في حَشِيَّتِهِ عَليلٌ / فما يُغنِي العَلِيلُ عَنِ العَلِيلِ
أَأرجُو أن يُخَفِّفَ ثِقلُ وَجدِي / وَأنتَ تَنُوءُ بالعِبءِ الثَّقِيلِ
وَلكِن أستَرِيحُ إلى مُصِيخٍ / وَإن لَم يُجدِ عَنِّي مِن فَتِيلِ
وَيُؤنِسُني وَإن كَانَت مُحَالاً / مُراجَعُةُ الصَّدَى قِيلا بِقِيلِ
فِدىً لَك مِن أخِي ثِقَةٍ كرِيمٍ / تَشَكَّى الحَيفَ مِن زَمَنٍ بَخِيلِ
لأنتَ السَّيف لَكِن غَيرُ نَابٍُ / ولا جَاسِي المَهزّ ولا كَليلِ
وإن كُثرُ الصَّوَارِمِ فِيهِ فَلٌّ / فَقَد مُدِحَ الصَّوَارِمُ بالفُلُولِ
ولا عَيبٌ سِوَى حَداثِ دَهرٍ / تُسيءُ الضَّربَ بِالسَّيفِ الصَّقيلِ
أعِنِّي أَستَمِل صَرفَ اللَّيَالِي / فَقَد يُرجَى الرِّضى لِلمُستَمِيلِ
وأثن مَعِي على سَفَرٍ حَمِيدٍ / قَضَى لِي مِن لِقَائِكَ كُلَّ سُولِ
وما أحمَدتُ منه سِوَى مُقامٍ / بِتُدمِيرٍ أقَلَّ مِنَ القَلِيلِ
تَقَضَّى وَهوَ مِلءُ العَينِ حُسناً / كَمَا استَمتَعتَ مِن شَمسِ الأصِيلِ
وَكَاتِبٍ ألفاظُهُ وَكُتبُهُ
وَكَاتِبٍ ألفاظُهُ وَكُتبُهُ / بَغِيضَةٌ إن خَطَّ أو تَكَلَّمَا
تَرَى أُنَاساً يَتَمَنَّونَ العَمَى / وَآخَرِينَ يَحمَدُون الصَّمَمَا
أَشَارَ إلَيكَ بتَسلِيمَةٍ
أَشَارَ إلَيكَ بتَسلِيمَةٍ / وَمِن قَبلُ مَرَّ وَمَا سَلَّمَا
فَهذِي بِتلكَ وَذَا سُُكَّرُ / يُحَلِّي بِهِ ذلكَ العَلقَما
يَا خَيلَ مُحيي مِلّة الإِسلاَمِ
يَا خَيلَ مُحيي مِلّة الإِسلاَمِ / فُوزي بِكُلِّ غَنِيمَةٍ وَسَلامَ
وَطَإِي بلادَ الشِّركِ مُدرِكَةَ المُنَى / مَنصورةً مَنشُورَةَ الأعلامِ
وَاستَنجِزِي فِيهَا الوُعُودَ بِفَتحِهَا / فَلَعَلَّهَا ادُّخِرَت لِهَذا العَامِ
لِلَّهِ جَيشُ خَلِيفَةً رَايَاتُهُ / مَحفُوفَةٌ بالنُّجحِ فِي الإقدَامِ
مَشحوذَةٌ عَزَمَاتُهُ مَعصومَةٌ / آراؤُهُ فِي النَّقضِ والإِبرامِ
تَغزو مِلاءِكَةُ السَّمَاءِ إِذَا غَزا / مَأمُومَةً مِنهُ بِخَيرِ إِمَامِ
مَحجوبة الأعيانِ وَقعُ سلاحِهَا / بِالرُّوحِ لَيسَ بِظَاهِرِ الأجسَامِ
فَلأجل ذَاكَ يُرَى القَتِيلُ ولا يُرَى / أَثَرٌ بِهِ مِن ذَابِلٍ وحُسَامِ
قَتلَى المَلائِكِ لا كِلى مَفرِيّة / بالسَّمهَرِيِّ ولا قَذالٌ هَامِ
وَمِنَ العَجَائِبِ أن تَكُونَ جِرَاحُهُم / لا في جُسُومِهِمُ ولا فِي الهَامِ
تَرَكَ الهُوَينا واستَقَلَّ بِهِمّةِ / نَشَأَت عن الإِجلالِ والإِعظامِ
وَرَأى الجِهَادَ بِنَفسِهِ وبمالِهِ / أزكى الحُظوظِ وَأَوفَرَ الأقسَامِ
فَسَرى بِمِلءِ الأُفقِ يَحشُو أرضَهُ / بِسَنابِكٍ وَسَماءَهُ بِقَتامِ
يَغشى بِهِ الأَهوالَ لا يعتَاقُهُ / خَرقٌ سَحِيقٌ أو عُبابٌ طَامِ
يجتابُ ذا بالخَيلِ مُعلَمَةً وَذَا / بِالمُنشآتِ عَلَيهِ كالأَعلامِ
مِن كُلِّ مِصلِيتٍ تَقَلَّدَ سَيفَهُ / فَرَأيت صَمصاماً على صَمصامِ
أُسدٌ فَرائِسُها العِدا ألِفَت لَهَا / ظِلَّ القَنا بَدَلاً من الآجامِ
فأني رِباط الفَتح مَرجُواً لَهُ / مِنهُ افتتاحُ عِراقِها والشّام
ألقى بِأَندلسٍ كَلاكِلَ عَزمِهِ / طَلقَ الجَبين مُبارَكَ الإلمَام
فحمى حِمَى الدين الحنِيفِّي الَّذي / ما زال يَدفَعُ دونَهُ ويُحامِي
حَتَّى أَدامَ عَلَى الزَّمَانِ وَأهلِهِ / نِعَماً تَبَزُّ حوادث الأيَّامِ
وَحَبَا فأَغنَاهُم فَأصبَحَ أمنُهُم / أمنَينِ مِن عُدمٍ بِهِ وَحِمامِ
فَجَزَى الإِلَهُ مُعِزَّ دِينِ نَبِيِّه / جَنّاتِ رضوانٍ وَدَارَ مُقَامِ
وَقَضَى لَهُ بالنَّصرِ فِي أعدَائِهِ / وَأنَالَهُ بالسَّعدِ كُلَّ مَرَامِ
يَا ابنَ الأَئِمّةِ مِن مُضَرَ الأُلَى / نَصَبُوا مَنَازَ الحلِّ وَالإحرَامِ
مِن قَيسِ عَيلانَ الذِينَ بِهَديِهِم / شُدَّت عَلَى التَّقوَى عُرَى الإِسلامِ
المُخمِدونَ بجدّهِم وَحَديدِهِم / في الحَرب جَمرَة عُبّدِ الأصنَامِ
والمُطعِمونَ إِذِ السِّنونَ تَتابَعَت / والمُحسِنونَ كَفَالة الأَيتامِ
طابُوا وَطِبتًَ فَقَلَّودك لِعِلمِهم / أمرَ الأنامِ ملامةُ اللَّوَّامِ
وَرَعَيتَ ما استَرعَوكَ مُجتَهِداً وَلَم / تَأخُذكَ فيهِ مَلامَةُ اللَّوامِ
لَمّا قَفلتَ منَ الجِهَادِ وَبَشّرَت / بإِيابِ جَيشِكَ ألسُنُ الأَقلامِ
بَعَثَت بَلَنِسيةٌ إلَيكَ بِوَفدِهَا / عَن كُلِّ مُحتَنِك بِهَا وَغلامِ
مُستَنزِلينَ الرُّحمَ مِنكَ لأهلِهَا / مُستَمطرِينَ سَحَائِبَ الإِنعَامِ
رَفَعُوا ضَراعَتَهُم إِلَيكَ وَبَلّغُوا / عَنهُم أبَرَّ تَحِيّةٍ وَسلام
مستنجزين مواعِد النَّصرِ الَّتِي / وُعِدوا بِهَا مِن نَيلِ كُلِّ مَرَامِ
وَمُعَأوِدينَ اللّثمَ في يَدِكَ الَّتِي / تشفى مُقبِّلها مِنَ الإِعدَامِ
فَأهنأ أمِيرَ المُؤمنِينَ بِغزوَةٍ / خَصّت أنوفَ عِداك بالأرغامِ
تَرَكَت بلادَ الكُفرِ مُظلمَةً بِما / أَجلَت عَنِ الإِيمَانِ مِن أظلامِ
وَأسلَم أمينَ اللهِ تَصدَعُ بِالهُدى / وَتَلِي بِحَدِّ السَّيفِ كُلّ عُرامِ
وَإِذَا ابتدأت بِسَعد جدّك مَطلَباً / كَفَلَت لَكَ الأَقدَارُ بِالإتمَامِ
واخلُد لِحِفظِ الِّينِ وَالدُّنيَا مَعاً / في غِبطَةٍ مَوصولَةٍ بِدَوَامِ
سلامٌ مِن لَدُن رَوضِ السلام
سلامٌ مِن لَدُن رَوضِ السلام / يَخُصُّ ذَراكَ يا نَجلَ الإِمَامِ
يَهُبُّ مَعَ النَّوَاسِمِ كُلّ صُبحٍ / وَيَسرِي بِالعَشِيِّ مَعَ الغَمامِ
إذَا اعتَكَرَ الظلامُ عَلَيهِ أَورَى / زِنَادَ البَرقِ في غَسَقِ الظّلامِ
لِيُخبِرَ عَن فُؤَادٍ فيكَ صَبٍّ / عَمِيدٍ مُنذُ بَينِك مُستَهامِ
وعَن عَهدٍ نَأى مَولاهُ عَنهُ / فلاحَ القَلبُ مِنهُ فِي غَرَامِ
تَمرُّ لَهُ المَطاعِمُ وَهيَ شَهدٌ / وَيضنَى بالشّرابِ وبالطّعامِ
تَهَيّأ كَي يَطيرَ هَوىً وَشَوقاً / إِلَيكَ فَعَأقَهُ سُوقُ الحَمَامِ
وَلِي زُغبٌ كَزُغب الطَّيرِ فُلّت / بِهِنّ شَباةُ حَدِّي واعتِزَامِي
فإِن أَقصِر فمن عَدَم المُوَالي / وإن السَّهم بِالرِّيش اللُّؤامِ
وَمَن رَامَ النُّهوضَ بلا جَنَاحٍ / كَمَن رَكِبَ الجَموحَ بلا لِجَامِ
وَإنِّي لا غِنًى لِي مِن مَسيرٍ / يَبُذُّ إلَيكُمُ رَتكَ النّعامِ
فَعِزِّي في الوُفودِ على ذَراكُم / وذلّي في الإِقامَةِ فِي مُقَامِي
ذَوَى لِبِعَادِكُم نَورُ القَوَافِي / وَجَفّ لِبَنِكُم مَاءُ الكلامِ
فَمَا تَحكِي لَنَا الألفَاظُ مَعنَى / ولا يَجرِي القَرِيضُ عَلَى نِظامِ
لَقينَا الدَّهرَ بَعدَك أيَّ دَهرٍ / وَهَذَا العَامُ بَعدكَ أيُّ عَام
بَعِيدٌ نَفعُهُ دانٍ أذَاهُ / ظَهيرٌ لِلّئامِ عَلَى الكِرَامِ
أخَاف حِمَى بَلَنسِيَةٍ وَكَانَت / تَطِيرُ بِهَا البُزاة عَلَى الحَمَامِ
وجالَت حَولَها خَيلُ النَّصَارَى / وَكَانَت قَد حَماهَا مِنكَ حَامِ
وَمَرّوا آمِنينَ بِجَنبَتَيهَا / وَكَانُوا يَرهبونَكَ فِي المَنَامِ
وَمَا يُخشَى العَرِينُ بِغَيرِ لَيثٍ / وهَل يُخشَى القُرَابُ بلا حُسَامِ
وَكَانَت لا يُخَافُ الهَرجُ فِيهَا / كَأَن المَرء فِي البَلَدِ الحَرَامِ
فَأضحَت لا حَيَاةَ لِسَاكِنِيهَا / بِهَا إلا حياة كالحِمام
أسَيِّدَنا أبَا زَيدٍ رَضَعنَا / ثُدِي البِرِّ وَالنِّعَمِ الجِسَامِ
فَصِرنَا بَعدَ رِحلَتِهِ كُهولاً / أُعِيدَ عَلَيهِمُ مُرُّ الفِطَامُ
سَمَا وَحَمى الثّغورَ عَلَى الأعَادِي / رَعَاهُ اللهُ مِن سَامٍ وَحَامِ
فَيَا ابنَ خليفَةِ اللهِ المُصَفَّى / وَصِنوَ إِمَامِنَا خَيرِ الأنَامِ
لَكُم عُرِفَ اقتِنَاءُ المَجدِ قِدماً / وَتَكشِيفُ المُلِمَّاتِ العِظَامِ
وَرَفعُ المَعلُومَاتِ عَلَى رَوَاسٍ / مُؤطّدَةٍ وَإيضاحُ المَعَامِي
وَمَا مَن قَيسُ عَيلانٍ أبُوهُ / بنابٍ فِي الأُمُورِ وَلا كَهام
لَعَلَّ العَبدَ يَغلَطُ فِيهِ وَقتٌ / فَيُسعِفُهُ بِإدرَاكِ المَرَامش
وَيُنجِدُهُ عَلَى غَولِ الفَيَافِي / بِصهوَةِ وَاخِدٍ سَلِسِ الزَّمَام
لِيُبلِغَنِي استلامَ بَنانِ مَلكٍ / تُقِرُّ بِفَضلِ نِعمَتِهِ عِظَامِي
وَألثُمُ تُربَ نَعلَيه فأَقضِي / بِلَثمِ تُرَابِهَا بَعضَ الذِّمَامِ
لَم يَعِبكَ الِّي بِعَينِكَ عِندي
لَم يَعِبكَ الِّي بِعَينِكَ عِندي / أنتَ أعلَى مِن أَن تُعَابَ وَأسنَى
لَطفَ اللهُ رَد سَهمَينِ سَهماً / رَأفَةً بِالعِبَادِ وازدَدتَ حُسنَا
وَكَأَنَّما سَكَنَ الأرَاقِمُ جَوفَها
وَكَأَنَّما سَكَنَ الأرَاقِمُ جَوفَها / مِن عَهدِ نُوحٍ صَاحِبِ الطُّوفَانِ
فَإِذَا رَأَينَ المَاءَ يَطفَحُ نَضنَضَت / مِن كُلِّ خُرتٍ حَيَّةٌ بِلِسَان
هُبّا قَلِيلاً أيّهَا النَّئِمَان
هُبّا قَلِيلاً أيّهَا النَّئِمَان / وَأسعِدَا إن كُنتُما تُسعِدَان
أَمُنفِدَي لَيلِى كَرىً أنتُمَا / أم أنتُمَا مِن سَقَمٍ عَائِدَان
لا تَبكِيَانِي مَيّتاً وابكِيَا / عَلَيّ حَيّاً بالدُّمُوعِ الهِتَان
ولا تَكُونَا مِثلَ مَا قِيلَ فِي / تَتبُّعِ الآثَارِ بَعدَ العِيَان
تَطاوَلَ اللَّيلُ عَلَى مُقلتِي / كأنَّما لَيلُهَا لَيلَتان
مَا لِنُجُومِ اللَّيلِ مَعقولَةً / مَأ زَالَ مِنهَا وَاحِدٌ مِن مَكَان
كَأنّما النَّسرُ هِيضَ إِذا / رَامَ نُهوضاً خَانَهُ الأبهَرَان
وَالبَدرُ قَد أَنحَلَهُ مَحقُهُ / فَلَم يَكَد مِن ضَعفِهِ يُستَبان
كَأَنَّما عَبّ الدُّجَى عَبّة / في قَعبِهِ فَانثَلَمَ الجانِبان
وَشَابَ جُنحُ اللَّيلِ مِن مُكثِهِ / ينتظرُ الصُّبحَ مَروعَ الجَنان
حَتَّى إِذا ورّسَ أثوابَه / وَعمَّمَ الآفاق بالزعفران
قَلَّصَ ذَيلَهُ وَحَثّ الخُطَى / رُعباً وفَود رأسه الشهبان
وَكَفُّهُ تُمسِكُ مِن بَدرِهِ / مَعجِسَ قَوسٍ أو عَصَا صَولَجان
قَضَيتُهُ سُهداً وَعَينَايَ مِن / فَرط الأسَى عَينانِ نَضّاختان
عَدِمتُ هَذَا القَلبَ مِن صَاحِبٍ / هَل أنتُما لِي غَيرَهُ وَاجِدان
واجتَنِيا مِن وَردَتَي خَدِّهِ /
وَإنَّ أُنَاساً رَمَت حَظِّيكُما /
فَصَيّراني مَثَلاً في الهَوَى /
حَسبِي كَفَتني نَظرَةٌ قَد / لَبِستُ مِن دائِها ما عَرَان
أضرَمَت فِي القَلبِ جَمرَة إِذَا / خَبَت زيدَت فَوقَهَا جَمرَتَان
يَبِيتُ لِلحُبِّ مَرُوعاً كَمَا / يَبيتُ لِلحَرّ
وَكُلّما قُلتُ لَه لا تُرَع / وَلذ بِصَبرٍ قَالَ إِنِّي جَبان
هَذَا وَلَم أُنظُر سوَى نَظرَةٍ / فَكَيفَ بِي لَو أنَّهَا نَظرَتان
مَا اللَّحظُ إلاّ مِقَةٌ كُلُّهُ / وَمَا الهَوَى إلا اجتلابُ الهَوَان
يَا غُصناً زينَ بِهِ عِيصُهُ / وكوكبا أطلعًهُ نَيِّران
هَل بَعدَ هَذَا الصِّدِّ مِن عَطفَةٍ / تُرجَى وَهَل بَعدَ النَّوَى مِن تَدَان
أينَ تَجارِينَا إلَى غَايَةٍ / فِي طَلَقِ الوَصلِ بِطَرفَي رِهَان
أينَ تَخَالِينَا بِلا كَاشِحٍ / فِي دَوحَةِ الأنسِ وَظِلِّ الأمَان
فَيَا سَمِي المُصطَفَى إِن أمُت / وَقَامَ يَنعَانِي لَك النَّاعِيان
فلا تَخَف مِن ثائِرٍ فَدَمِي / حلّ وَبلّ لكَ يا مَن سَبان
أُقسِمُ بِالبَيتِ وَخَيفِ مِنّي / وَمَا حَوَت مَكّةُ وَالأخشبَان
لأنتَ فِي القلبِ وَإن سُؤتَنِي / بالهَجرِ حَتَّى انتَقَمَ الحَاسِدَان
نَاشَدتُكَ اللهَ أعِد نَظرةً / فَرُبّما أبرَأنِي مَا بَرَان
ولو بِقَدرِكَ أُهدِي
ولو بِقَدرِكَ أُهدِي / َمَا وَجدتُ هَدِيّه
فَاقبَل بِفَضلِكَ نَزراً / قَبولُهُ كَالعَطِيّه