القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو العباس الجُراوي الكل
المجموع : 55
أعليتَ دينَ الواحِدِ القهَّارِ
أعليتَ دينَ الواحِدِ القهَّارِ / بالمشرفيةِ والقَنَا الخطَّار
ورأى بكَ الإسلامُ قُرَّةَ عَينِهِ / وغدَت بك الغراءُ دارَ قرارِ
وسلكتَ من طُرقِ الهداية لاحباً / طُوبى لمن يمشي على الآثار
وَجَرت معاليكُم إلى الأمدِ الذي / بعُدَت مسافته على الأسفار
وقفت على ما قد أردت سعادةٌ / وقفت عليها خدمةُ الأقدارِ
لا تخلقُ الأيامُ جدَّةَ ملككُم / أبداً ولا تبلى على الأعصارِ
لا غروَ أن كنتَ الأخيرَ زمانُهُ / فالفضلُ للآصالِ والأسحارِ
وافيتَ أندلساً فأمنَ خائفٌ / وسما لأخذِ الثارِ ربُّ الثارِ
وحللتمُ جبلَ الهُدى لحللتُمُ / منهُ عقُود عزائمِ الكفارِ
جبلَ الهُدى والفتحِ والنصرِ الذي / سبقت بشائرُهُ إلى الأمصار
لو بدلُوا أقدامُهم بقوادمٍ / طارُوا عن الأوطانِ كلَّ مطارِ
لو راءَ مُوسى ما فعلتَ وطارِقٌ / زريا بما لهما من الآثارِ
أتممتَ ما قد أمَّلُوه ففاتُهُم / من نصرِ دينِ الواحِدِ القهَّارِ
بعرابِ خيلٍ فوقهُنَّ أعارِبٌ / من كل مقتحمٍ على الأخطارِ
أكرِم بهنَّ قبائلاً إقلالُها / في الحربِ يُغنيها عنِ الإكثارِ
وانظر إذا اصطفت كتائبُها إلى / ما تحمَدُ الكُتَّابُ في الاسطارِ
لو أنها نصرت علياً لم تَرد / خَيلُ ابنِ حربٍ ساحَةَ الأنبارِ
هم أظهرهُ معَ النبيِّ وواجِبٌ / أن يُتبِعُوا الإظهارَ بالإظهارِ
مَلِكَ المُلُوكِ لَقَد أنِفت إلى العُلا / ونظرتَ من فوقِ إلى الأقدارِ
أنتَ السبيلُ إلى النجاةِ فكلنا / لولاكَ كان على شفيرٍ هارِ
وجريتَ في نصرِ الإلهِ إلى مدى / يَكبُو وراءَكَ فيهِ كُلُّ مجارِ
قد ضاقَ ذَرعُ الكُفرِ منكَ وأهلُهُ / بموفقِ الإيرادِ والإصدارِ
متحمِّلٌ أعباءَ كُلِّ عظيمةٍ / بالنفعِ والإضرارِ
ملئت بهِ الدنيا صفاءَ بعدما / ملئت من الأقدارِ والأكدارِ
أخليفةَ المهديِّ دُمت مؤيداً / باللَه منتقماً من الكفار
ترمي شياطينَ الأعادي في الوغى / برجومِ خيلٍ من سماءٍ غُبارِ
روَّعت كل مروعٍ وحفظت كُل / لَ مضيعٍ وحميت كل ذمارِ
هو الفتحُ أعيا وصفُهُ النظمَ والنثرا
هو الفتحُ أعيا وصفُهُ النظمَ والنثرا / وعمَّت جميعَ المسلمينَ به البُشرى
وأنجدَ في الدنيا وغارَ حديثُهُ / فراقَت بهِ حُسناً وطابَت بهِ نَشرا
تميَّزَ بالأحجالِ والغُرَرِ التي / أقَلُّ سناها يَبهُرُ الشمسَ والبَدرا
لقد أوردَ الأذفنشُ شيعتَهُ الردى / وساقَهُم جهلاً إلى البطشة الكُبرى
حكى فِعلَ إبليسٍ بأصحابهِ الأُلى / تبرأ منهم حينَ أوردهُم بَدرا
أطارَتهُ شدَّاتٌ تولى أمامها / شريداً وأنسته التعاظُمَ والكِبرا
رأى الموتَ للأبطالِ حوليهِ ينتقي / فطارَ إلى أقصى مصارِعِه ذُعراً
وقد أوردته الموتَ طعنةُ ثائرٍ / وإن لم يفارِق من شقاوتِهِ العُمرا
ولم يبقَ من أفنى الزمانُ حُماتَهُ / وجرَّعَه من فقد أنصارِهِ صبرا
ألوفٌ غدت مأهولةً بهمِ الفَلا / وأمست خلاءً منهُمُ دُورُهُم قَفرا
ودارَت رحى الهيجا عليهم فأصبحوا / هشيماً طحيناً في مَهبِّ الصبا مُذرى
يطيرُ بأشلاءٍ لهُم كلُّ قشعمٍ / فما شِئتَ من نسرٍ غدا بطنُهُ قَبرا
فكيف رأى المُغترُّ عقبى اغترارِهِ / وكيف رأى الغدارُ في غيهِ الغدرا
وكان يرى أقطارَ أندلُسٍ لَهُ / متى يرمِ لم يخطئ بأسهمِهِ قُطرا
فَسلاه يومُ الأربعاءِ عن المُنى / فما يرتجي ممَّا تملكَهُ شبرا
إذا عزلتهُ الرومُ كانت نجاتَهُ / وقد أحرقت جمرُ المنايا بهِ غَدرا
فتعساً له ما دامَ حياً ولالعاً / وكسراً له ما دام حياً ولا جبرا
وسهلتِ المرقى إليه صوارِمٌ / كثيرٌ بها القتلى قليلٌ بها الأسرى
وأثمرَه الصبرُ الذي لم تزل بهِ / حُماةُ الهدى والدينِ تستنزلُ النصرا
وأسلمَ مما أثلثهُ جُدودهُ / نجومَ قِلاعٍ تزحَمُ الأنجمَ الزُّهرا
من النيراتِ الزهرِ ضوءاً ورفعَةً / وإن لم يسموها سماكاً ولا نسرا
تعوذَ بالركضِ الحثيثِ من الردى / فلو سابقَ الأرواحَ غادرها حسرى
وما صبرُ من أفنى الزمانُ حماتهُ / وجرعَهُ من فقدِ أنصارِهِ صبرا
حكت أخت صخرٍ في الرزايا نساؤُهُم / كما قد حكى أبطالهم في الردى صخرا
تضحضح في وقتٍ من الدهرِ بحرُهُ / وقد ضاقتِ الآفاقُ من فيضِهِ دهرا
معزُّ الهدى معلبه حامي ذماره / يُجيرُ على أعدائِهِ البرَّ والبحرا
معانٌ بأمدادِ الملائكِ منزلٌ / من المعقلِ الأسمى مناوِئه قسرا
رأى السبلَ شتى فاتقاها تورعاً / وسار على المثلى فيسرَ لليُسرى
ومن قامَ للإسلامِ مثلَ مقامِهِ / يَكُن شُكرُهُ فرضاً وأمداحهُ ذِكرا
تحلى بصدقِ السرِّ والجهرِ شيمَةً / حباهُ بها من يعلمُ السرَّ والجهرا
له عسكرُ مجرٌ من الصبرِ والتقى / يردُّ على أعقابِهِ العسكرَ المجرا
أغاث به اللَه البلادَ وأهلها / وصيَّرَ غايات الفتوحِ له ذخرا
يقصرُ فيهِ كُل مثنٍ وإن غلا / وأجرى إلى أقصى نهايته الفِكرا
بيُمنِ الإمامِ الصالحِ المُصلح الرِّضا / نضى سيفَهُ الإسلامُ فاستأصَلَ الكُفرا
فلا زالَ بالنصرِ الإلهيِّ يقتضي / بشائِرَ تحصي قبلِ إحصائها القطرا
وعلويُّ الجمالِ إذا تبدى
وعلويُّ الجمالِ إذا تبدى / أراك جبينُهُ بدراً أنارا
أشار بسَوسَنٍ يحكيهِ عَرفاً / ويحكي لونَ عاشِقِه اصفرارا
أطلَعَ الدهرُ منكَ بدراً منيرا
أطلَعَ الدهرُ منكَ بدراً منيرا / ملأ السبعةَ الأقاليمَ نُورا
وأتانا الزمانُ منكَ كمالاً / لم تُشاهِد لهُ العصورُ نظيرا
أولٌ أنتَ في التقدُّم والسب / قِ وإن كنتَ في الزمانِ أخيرا
ملأ اللَهُ كلَّ قلبٍ وعينٍ / نضرةً من كمالِكُم وسرورا
أينَ منكَ الملوكُ عزماً وحزماً / وندى فائضاً وخيراً وخِيرا
كنتَ في الغيبِ للخلافةِ أهلاً / وخليقاً بنيلِها وجديرا
شاءَ إسعادَنا الإلهُ تعالى / يَومَ تفويضِه إليكَ الامورا
إنما أنت رحمةُ اللَهِ عَمَّت / ساكني الأرضَ منجداً ومغيرا
أوجدَ اللَه منكَ للدينِ عِزَّاً / ومعيناً وناصِراً وظهيرا
يا إمام الهدى ملأتَ جمالاً / وجلالاً عُيُونَنَا والصُّدورا
كل نورٍ للشمسِ والبدرِ يَبدُو / أنتَ أصلٌ لهُ ومِنكَ استعيرا
دُمتَ للدينِ عصمَةً وملاذاً / ولإعدائِهِ مُبيداً مُبيرا
قَينَةٌ في فاسَ تُدعى عَمرَةً
قَينَةٌ في فاسَ تُدعى عَمرَةً / ذاتُ حُسنٍ ودَلالٍ وخَفر
نصفُ السنِّ ولكن يُرتَجَى / رَدُّ ما فاتَ بتسويدِ الشعَر
قُل لها عَنّي إذا لاقيتها / قَولَةً تترُكُ صدعاً في الحجر
هبك كالخنساءِ في أشعارِها / أو كليلي هل تجارينَ الذكر
نبغَت عمرَةُ بنتُ ابنِ عُمر / هذِهِ فاعتبروا أمَّ العِبَر
ما في الحياةِ لمن ناواكُمُ طَمَعُ
ما في الحياةِ لمن ناواكُمُ طَمَعُ / إن نَدَّ خَوفاً ففي أحبولَةٍ يَقَعُ
عن كُلِّ قَوسٍ صُروف الدهرِ ترشُقُهُ / فما لَهُ في سوى التسليمِ مُنتفَعُ
ما للعدوِّ بما أعددتهُ قِبَلٌ / ولا بغيرِ انقيادِ منهُ تَمتَنِعُ
غَزاهُمُ الرُّعبُ في جَيشٍ بلا لَجَبٍ / فأحجموا من وَراءِ الدربِ وانقمعوا
دارَت عليهم كُؤوسُ الذُّلِّ مترعةً / تسقيهمُ جرعاً من بعدِهَا جُرَعُ
كُلُّ الممالِكِ مُلكٌ خالِصٌ لَكُمُ / وكُلُّ ممتنِعٍ طَوعاً لكم تَبَعُ
والبَحرُ تعتمِدُ الأنهارُ موضِعَهُ / فتلتقي في نواحيهِ وتجتمعُ
والشعرُ إن لم يكن ي نفسِهِ حسناً / فما تحسنُهُ الأصحابُ والشِّبَعُ
من رامَ وصفَكَ مستوفى فغفلتَهُ / يُبدي ومن فهمِهِ عندَ الورى يضعُ
أضحت علاكَ مكانَ النجمِ عن مدحي / ما حيلتي وبلوغُ النجمِ ممتنِعُ
زعموا يا خُلُوفُ أنكَ خلفٌ
زعموا يا خُلُوفُ أنكَ خلفٌ / صدقوا فيكَ من خُلوفٍ ألُوفُ
ولهذا دعوكَ بالجمعِ فرداً / جمعُ خلفٍ بلا خِلافٍ خُلُوفُ
صنعٌ جميلٌ جَلَّ عن أن يُوصَفا
صنعٌ جميلٌ جَلَّ عن أن يُوصَفا / نالَ الوُجودُ بهِ كمالاً واكتفى
هي بيعةٌ أحيا الإلهُ بها الورى / وحمى بها دينَ النيبِّ المُصطفى
سبقت قُلُوبُ الخلقِ أيديهم بها / ورجا زمانُهُمُ بها أن يُسعَفا
كل يمدُّ يدَ الضراعةِ راغباً / في نيلها مسترحماً مستعطفا
جمعت صلاحَ الدينِ والدنيا معاً / وغدا بها شملُ العُلا متألفا
ما من تقيٍّ مؤمنٍ إلا وقد / سرَّت لَهُ نفساً وهزَّت معطفا
لبى مناديها بقلبٍ مخلصٍ / متبرِّكا بحضورها مستشرفا
أنست مآثرهُ مآثرَ يعربٍ / وسمت بقيسٍ في العلاءِ وخندفا
فتَّ المدائحَ فالبليغُ مقصِّرٌ / ولو آنَّهُ نظمَ الكواكِبَ أحرُفا
لازلتَ بالملأ العليِّ مؤيَّداً / ولصرف دهرِكَ كيفَ شِئتَ مُصَرِّفا
أميرَ المؤمنينَ ومن عليهِ
أميرَ المؤمنينَ ومن عليهِ / سنا الإسلامِ يأتلِقُ ائتلاقا
ويا ملكاً أحنَّت كُلُّ أرضٍ / إلى أرضٍ أقامَ بها اشتياقا
يحنُّ إليكَ يومٌ غيرُ آتٍ / ويشكُو الذاهبُ الماضي الفِراقا
شكوتَ فأيُّ قلبٍ غيرُ شاكٍ / وأيُّ العيشِ لم يمرر مذاقا
ولولا عطفةُ الإبلالِ كنا / بنارِ الوجدِ نحترِقُ احتراقا
خليلي دعوى برحتَ بخفاءِ
خليلي دعوى برحتَ بخفاءِ / ألا انزلا رحل الأسى بفنائي
وهدا من الصبرِ الجميلِ بنائي / قفا ساعداني لات حينَ عزائي
قفا نبك من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ /
أيتركُ ربعٌ للرسالةِ سبسبُ / تجيءُ به هوجُ الرياحِ وتذهبُ
ولا تنهمي فيه العيونُ وتسكبُ / وتظلعُ أعناقَ الذنوب وتنهب
بسقء اللوى بين الدخولِ فحومَلِ /
دِيارُ الهدى بالخيفِ والحجراتِ / إلى ملتقى جمعٍ إلى عرفاتِ
مجاري سيولِ الغيمِ والعبرات / معارفُ هدي أصبحت نكراتِ
لما نسجتها من جنوبٍ وشمألِ /
عذيري من رزءٍ بصبريَ يعبثُ / ومن شانيء في عقدةِ الصبرِ ينفثُ
وأي مصابٍ عهدُهُ ليسَ ينكثُ / كأني إذا ما القومُ عنهُ تحدثُوا
لدى سمُراتِ الحيِّ ناقفُ حَنظَلِ /
ألا يا رسولَ اللَهِ صدري توهَّجا / لمصرعِ سبطٍ في الدماءِ تضرجا
فعطلت جيدَ اليأسِ من حيلةِ الرَّجا / فتعساً لأقوامٍ يُريُدونَ لي نَجا
يقولونَ لا تهلك أسى وتجملِ /
على مثلِ ما أمسي من الحبِّ أصبحُ / زنادُ فؤادي باللواعجِ تقدحُ
ولو أن قلبي للتجلدِ يجنحُ / لفاضت جفوني بالسواكب تطفحُ
على النحرِ حتى بل دمعي محملي /
عهودُ مصابي امنت يد فاسخِ / ومحكمُهُ لا يتقي حكم ناسخِ
فلو أشتكيه للنجومِ البواذخِ / لعالت بنعي السبط صرخةُ صارِخِ
فقالت لك الويلاتُ إنكَ مُرجلي /
أقول لحزنٍ في الحسين تأكدا / تملك فُؤادي متهماً فيه منجدا
ولو غيرُ هذا الرزءِ راحَ أو اغتدى / لناديتهُ قبلَ الوُصولِ مُرَدِّدا
عَقَرت بعيري يامرأ القيسِ فانزلِ /
سهامُ الأسى هذا فؤادي فانفذي / في ألمي بعدَ الحُسينِ تلذذي
ومن عبرتي والثكلِ أروى وأغتذي / ويا مقلتي من أن تشحي تعوذي
ولا تبعديني من جناكِ المُعَلَّلِ /
وركب إذا جاراهم البرقُ يعثرُ / تذكرت فيهم كربلاء فأجأر
وغيداء لا تدي الأسى كيف يخطُرُ / بثتت لها ما كنت بالطفِّ أضمرُ
فألهيتها عن ذي تمائم محولِ /
مجلي الأسى في ملعب الصدرِ برزا / وماطِلُ ذاك الدمعِ وفي وأنجزا
وحل الأسى من قلبي الصبِّ مركزا / فغايةُ هذا الحزنِ أن يتحيزا
بشقٍّ وشقٍّ عندنا لم يحولِ /
عزائي في عشواء ثكلي خابطُ / وسهدي إلى وردِ المدامعِ فارِطُ
وللقلبِ في مهوى الوجيبِ مساقِطُ / تعدَّت شجونٌ في القضايا قواسِطُ
عليَّ وآلت حَلفَةً لم تحلَّلِ /
أما لعُهودِ الهاشميينَ حافِظُ / فبالطفِّ يومٌ للرسالةِ غائِظُ
على ثكلِهِ قلبُ الكريمِ مُحافِظُ / فيا مهجتي إني على السبطِ فائِظُ
فسلي ثيابي من ثيابك تنسلِ /
نجيعُ حفيدِ المصطفى كيفَ يُسفَكُ / ورِقُّ بنيهِ بعدَهُ كيفَ يُملَكُ
فيا كربلا والكَربُ لي ممتلك / ليكفيكِ مني أن ذكركِ مُهلِكُ
وأنكِ مهما تأمري القلبَ يَفعلِ /
أيا حسرتي يوم أنتأوا وتحملوا / إلى كربلا مأوى القُلُوبِ تنقلوا
ليسبوا على حكم الضلالِ ويقتلوا / فيا رزءهم صمم ومثلكَ يَفعَلُ
بسهميكَ في أعشارِ قلبٍ مُقتَّلِ /
أيا فاسِقاً قاد الغُرورُ شكائمه / فأورد في صدر الحسينِ صوارِمَه
تهيأ ليومِ الحشر تجرع علاقِمَه / فمالكَ منجىً من خصومةِ فاطِمَه
وما إن أرى عنكَ العماية تنجلي /
تبرأ من قلبٍ بلذتهِ اعتنى / وآلُ رسولِ اللَهِ في شرِّ مجتنى
إذا ما اقتضوا ورداً أحيلوا على القنا / وعترةُ حربٍ في جنى روضَةِ المنى
غذاها نميرُ الماءِ غيرِ المُحللِ /
عصوا في احتمال الرأس يا ويح من عصى / وخلوا حسيناً في الثرى متقصما
لكي يدركوا عند ابن حربٍ تخلصا / كأن سنا رأسِ الحُسينِ على العصا
منارةُ ممسى راهِبٍ متبتلِ /
فؤادي صرح بالجوى لا تعرِّض / ويا دمعُ ذهب وجتنتي لا تفضضِ
ويا سهري من طيبِ نومي تعوَّضِ / فما عُمرُ أحزاني عليهِ بِمُنقَصِ
وليسَ فؤادي عن هواها بِمُنسَلِ /
مُصابُ حسينٍ رأسُ مالِ الفجائع / فلاتكُ في سلوانِ قلبي بطامِعِ
وقَرطِس بسهمِ العتبِ غيرَ مسامعي / ثكلتكَ من ناهٍ عن الحزنِ وازعِ
نصيحٍ على تعذالِهِ غيرِ مُؤتلِ /
إلى اللَه من عبدٍ على سيّدٍ بغى / فغادره تحت العجاج ممرغا
يُنادي رسولَ اللَه في أزمة الوغى / أجرني من باغٍ بِعُدوانِهِ طَغَى
عليَّ بأنواعِ الهُمُومِ ليبتلي /
ألا أنه يومٌ على الطفِّ آزِفُ / بهِ نُكِّرَت لابنِ الرَسُولِ معارِفُ
وساعَدَه قلبٌ هنالكَ واجِفُ / فنادى ظلامَ الظلمِ والنحرُ راعِفُ
ألا أيُّها الليلُ الطويلُ ألا انجلِ /
أيا حاديَ المُختارِ جلدِي يُمَزَّقُ / بِعُدوانِ قومٍ غيُّهم يَتَفَرَّقُ
وكيفَ تحنُّ اليومَ أو كيفَ تُشفِقُ / قُلُوبُ عِداً عن مَوقِفِ الوَعظِ تُزهِقُ
كَجُلمُودِ صخرٍ حَطَّهُ السيلُ من عَلِ /
أيا أمَّةَ الطُغيانِ ما لَكُمُ حِسُّ / علامَ بناءُ الدارِ إن هُدِّمَ الأُسُّ
أترجونَ إصباحاً وقد غابتِ الشمسُ / وزَلَّ بكُم عن دينكم ذلكَ الرجسُ
كما زلتِ الصفواءُ بالمتنزلِ /
رويتم وضجَّ السبطُ فيكُم تعطشا / فسقيتموه ظالمينَ دم الحشا
ألا رُبَّ حقدٍ في صدورِكُم فشا / فأغريتمُ للصارِمِ العضبِ أرقشا
بجيدِ مُعَمٍّ في العشيرةِ مُخوَلِ /
قضى اللَه أن يقضي على القَمَرِ السُّها / فراشةُ سَوءٍ زَلزَلَت عُصبَةَ النُّهى
فشعرُ الحسينِ بالنجيعِ تموَّها / ترى الدمَ في تلكَ الذوائِبِ مُشبِها
عُصارةَ حَنَّاءٍ بِشَيبٍ مُرَجَّلِ /
بقايا ضُلُوعي فوقَ جمرِ الغَضى تُطوى / ودمعيَ يَسقي حرَّ صدري فلا يُروى
لرزءٍ أن يغلبَ الأضعفُ الأقوى / وينزلَ أهلُ الفِسقِ في أربُعِ التَّقوى
نُزولَ اليَماني ذي العِيابِ المُحَمَّلِ /
فَرُمتُ بهِ قلباً عن الصبرِ أجفلا / تحملَ من برحِ الجَوَى ما تحمَّلا
ولا ناصِرٌ يُعدي على جَور كَربلا / على أنَّ لي دمعاً إذا ما تسبَّلا
يَكُبُّ على الأذقانِ دَوحَ الكنهبلِ /
لمثلِكَ من رزءٍ عصيتُ عزائيا / وأعطيتُ أشجان قيادَ بُكائيا
فلو أنني ناجيتُ طوداً يمانيا / لأذرفَ دمعاً أفضح الغيمَ هاميا
فأنزلَ منهُ العُصمَ من كُلِّ مَنزِلِ /
لأنتحلنَّ الدهرَ حبَّ بني علي / وأتلُوا مراثيهم على كُلِّ محفلِ
عسى جدهُم يومَ الجزا أن يمدَّ لي / بغفرِ ذنوبي راحةَ المتفضلِ
فأظفَرَ بالرحمى من الملكِ العلي /
أياسا معي هذا الرثاء ترحموا / على مسرفٍ قد طال منه التجرمُ
مؤخرّ سعيٍ حُبُّهُ متقدِّمُ / عسى يتلقاهُ النبيُ المُكرَّمُ
بوجهٍ يُرَقيهِ لكلِّ مؤمّلِ /
استُ الحبارى ورأسُ النسرِ بينهما
استُ الحبارى ورأسُ النسرِ بينهما / لونُ الغرابِ وأنفاسٌ من الجعلِ
خُذها إليكَ بحكمِ الوزنِ أربعةً / كالنعتِ والعطفِ والتوكيدش والبَدَلِ
جَلت عن المدحِ واستغنت فضائِلُهُ
جَلت عن المدحِ واستغنت فضائِلُهُ / والشمسُ تكبرُ عن حليٍ وعن حُلَلِ
جادُوا وصالوا وصادوا واحتبوا فهم
جادُوا وصالوا وصادوا واحتبوا فهم / مزنٌ وأسدٌ وأصقارٌ وأجبالُ
إن سابقوا سبقوا أو حاربوا غلبوا / أو يمموا وصلوا أو أملوا نالوا
لمن الخيول كأنهنَّ سُيُولُ
لمن الخيول كأنهنَّ سُيُولُ / غصَّت بهن سباسبٌ وهجول
طويت لها الدنيا فأبعدما انتحت / دانٍ وابطأ سيرها تعجيلُ
يغزو أديم الأرض من صهلانها / مثل اسمها حتى تكاد تزولُ
فصهيلها محض الثناء وإن يكن / لا يفهم الأقوامَ منها صهيلُ
تثني على الملكِ الذي أيامُهُ / سترٌ على هذا الورى مسدولُ
عم البسيطة ملكه فكأنه / سيلٌ على كلِّ البلادِ يسيلُ
جهلَ النصارى أنه الملكُ الذي / يرثُ البلادَ وعذرهم مقبولُ
أهل الجهالةِ هم فكيفَ ألومهم / وعلمت أن الطبع ليس يحولُ
لم ينزلوا طوعاً ولا كرها ول / كن وراء الصين منه مهولُ
ودرت نفوسهم بأنك ظافرٌ / فأتت تقدم ما إليه تؤول
فعفوت عفو القادرين تكرماً / عنهم وعفو القادرين جميلُ
شكر البلادُ مع العباد خليفةً / هو بالبلاد وبالعباد كفيلُ
لو تنطقُ المهديتان لقالتا / في الشكر مالا يُدرك التحصيلُ
بالأمس يملأ سمعها ناقوسهم / واليوم يملأ سمعها التهليلُ
فتحٌ مبينٌ جلَّ أن يتخيلا
فتحٌ مبينٌ جلَّ أن يتخيلا / جاء الزمانُ به أغر محجلا
بهرت عجائبه الخواطِرَ فاستوى / من كان فيها مجملاً ومفصلا
لا يبلغُ البلغاءُ غايةَ وصفِهِ / إلا إذا بلغوا السماكَ الأعزلا
دهتِ النصارى بالجزيرة وطأةٌ / راعَ الجزيرةَ ذكرها والموصلا
بكرت مصارعها العداةُ سريعةً / كالطيرِ ظامئة تبادرُ منهلا
وشقوا بيومٍ أوحدٍ في جنسهِ / فاتت مناقبه الزمانَ الأوَّلا
ناهيك منهُ إنارةً وإن اغتدى / في أعينِ الكُفَّارِ ليلاً أليلا
ما كذبت حملاتهم لكن رسا / قدامها أهلُ البصائِرِ أجبلا
واستحقروا وطآتهم لما دهُوا / بأشدِّ من وطءِ الزمانِ وأثقلا
عدد المصرعش منهم عدد الحصى / هيهات أن يحصى وأن يتحصَّلا
كم أجدلٍ منهُم أدلَّ ببأسِهِ / ما همَّ أن ينقضَّ حتى جدِّلا
جاؤوا أسوداً لا تنهنه فانثنوا / يحكون في الحرب النعامَ المجفلا
والصبح لم يطلل على جنحِ الدجا / من أفقه متجلياً إلا انجلى
نهد الإمامُ إليهمُ في ساعةٍ / عز المحق بها فبز المبطلا
في جحفلٍ لجبٍ كان جموعهُ / هضبات رضوى أو شواهقُ يذبلا
في السابقين الأولين كأنهم / أسدٌ تربب في الغيضِ الأشبلا
سلبت أكفهم السيوف غمودها / وكسا مجالهم السماءَ القسطلا
من كل ذمرٍ يمتطي من طرفِهِ / بحراً ويحملُ في الحمائلِ جدولا
فكأن صارمَهُ وهامات العدا / كفٌّ تدحرجُ في الصعيد الحنظلا
جمح ابن ريمندٍ فكفَّ جماحَهُ / عزمٌ لو اعتمد الرواسي زلزلا
خانت موارده المصادرُ حيرةً / وعمىً وكان القلبي الحولا
طاحت به هفواته والماء لا / بد لهُ من أن يفيضَ إذا غلا
ردت معالمهُ الخطوبُ مجاهلاً / وصفاءهُ كدراً وجدتهُ بلى
وتفرقت أيدي سبا أشياعه / لا يعرفونَ من البسيطةِ موئلا
لاذوا بشم جبالهم من زاخرٍ / متلاطمِ الأمواجِ قد ملأ الملا
أجلاهم رعبٌ أطارَ قلوبهم / وأراهم معنى التخلصِ مشكلا
خاموا وراءَ النهرِ حتى إنهم / طنوهُ مسلولاً عليهم منصلا
ألقت بمن فيها المعاقِلُ طاعَةً / وإنابةً عجباً لها أن تعقلا
يا مورِدَ الآمالِ بحرُ نوالِهِ / عذبُ الموارِدِ سلسبيلا سلسلا
ومجردَ الأفهامِ من صدأ العمى / ومفتحاً ما كان منها مُقفلا
لما رجوتَ اللَه بلغَكَ المُنَى / وأنابكَ الفتحَ الهنيَّ الأعجلا
كانت من الشمسِ الصعابِ فراضَها
كانت من الشمسِ الصعابِ فراضَها / عَزمٌ فرض الراسيات وذللا
لبست حداداً من دخان حريقها / لما تخرمَ جمعها واستؤصلا
إن الإمامَ هوَ الطبيبُ وقد شفى
إن الإمامَ هوَ الطبيبُ وقد شفى / عللَ البريةِ ظاهراً ودخيلا
حملَ البسيطة وهي تحملُ شخصهُ / كالروحِ توجدُ حاملاً محمولا
أهدي إليكَ ثناءَ العرب والعجمِ
أهدي إليكَ ثناءَ العرب والعجمِ / جودٌ أبر على الداماء والديمِ
وأبصرت جودك الآمالُ فابتدرت / على همامٍ عليِّ القدر والهممِ
كفته أمر أعاديه سعادته / فنال ما رامه فيهم ولم يرم
مستقبل العمرِ قد عاد الزمان بهِ / إلى الشباب وقد أوفى على الهرمِ
لا غرو أن يتسمى غيرهُ ملكاً / فليس يلتبسُ المنكورُ بالعلمِ
ليس التقاربُ في الألفاظِ ملتفتاً / يا بعد ما بين معنى البهمِ والبهمِ
سطا وجادَ أبو يعقوبَ فاعترفت / له الملوكُ بفضلِ البأسِ والكرَمِ
تبقى الفوارس والكتابُ حائرةً / إن قط بالسيف أو إن خط بالقلمِ
غريبةٌ لم يعاين مثلها زمنٌ / وندرةٌ لا تراها العينُ في الحلمِ
أوفى الملوكِ وأكفاهم لمعضلةٍ / تعيي الكفاة وأهداهم إلى اللقمِ
والناسُ في الخلقِ أشباهٌ إذا نُظروا / وإنما اختلفوا في الخلقِ والشيمِ
بنى مناراً على التقوى تطالعهُ / زهرُ الكواكبِ والأفلاك من أُمَمِ
وهد ما كان مبنياً على جُرُفٍ / هارٍ ولم يبن من تقوى على دعم
شاءَ الإله حماية الإسلامِ
شاءَ الإله حماية الإسلامِ / فأعز نصرته بخير إمامَِ
بسمي خير الخلق والنور الذي / كفلت بدايته إلى الأتمام
جمعت ببيعته القلوبُ على الرضا / واستبشرت بمنالِ كُلِّ مرامِ
وسرى السرورُ بها ةوصار مُواصِلاً / للجدِّ في الإنجادِ والإتهامِ
خيرُ الأصُولِ مشى على آثارِهِم / خَيرُ الفُرُوعِ وحازَ أيَّ مقامِ
ظهرت شمائلهم عليهِ ولم تزل / في الشبلِ تظهرُ شيمةُ الضرغامِ
واعتزَّ دينُ محمدٍ بمؤيدٍ / ماضي العزائمِ للشريعةِ حامِ
لولا انتئام أمورنا بوجوده / لغدت مبددةً بغيرِ نظامِ
أضحت خلافتهُ السعيدةُ للورى / وزراً من الأعداءِ والإعدامِ
ذخر الزمانُ من الفتوحِ غرائباص / لزمانهِ المتهللِ البسامِ
لا مثل فتحِ ميرقةٍ فهوَ الذي / أبقى السرورُ لمنجدٍ وتهامِ
مطلت به الأيامُ حتى استنجزت / بسنانِ خطيٍّ وحدِّ حسامِ
وبعزمةٍ منصورةٍ وعصابةٍ / مشهورة التصميم والإقدامِ
جمحَ ابن غانيةٍ فكفَّ جماحه / يومٌ أدار عليهِ كأس حمامِ
ناهيك من يومٍ أغر محجلٍ / متميز من سائر الأيام
وعظت بمصرعهِ الحصوادِثُ عنوةً / ناهيكَ من وعظٍ بغيرِ كلامِ
فليهنئ الدنيا وجودُ خليفةٍ / جزلِ المواهبِ سابغ الإنعامِ
تغنيهِ عن قودِ الجيوشِ سعادةٌ / تعتادُ ما شاءت بغيرِ زمامِ
نيطت أمورُ الخلق منه بحازمٍ / متكفلٍ بالنقضِ والإبرامِ
سامٍ إلى الرتبِ التي لا فوقها / نجلُ الأكابر من سلالةِ سامِ
ورثَ الخلافةَ عن خلائف كلهم / علم الهدى الهادي إلى العلام
لبست به الدنيا جمالاً كنهه / أعيا على الأفكارِ والأوهامِ
فكأنها دارُ السلامِ نعيمُها / متأبدٌ ودخولُها بسلامِ
يا عصمةَ الدنيا نداء مُؤمِّلٍ / صبحاً يروحهُ من الأيامِ
فارقت ما قد كنتُ به كأنه / طيفٌ رأته العينُ في الأحلام
فعسى أرى وجه الرضا فلطالما / أملت رؤيته مع الأعوامِ
بالطبع حاجتنا إليك وهل غنى / يلفى عن الأرواحِ للأجسام
لا زالَ سعدكَ مسعداً متصرفاً / فيما تريدُ تصرفَ الخدامِ
يابن السبيل إذا مررت بتادلا
يابن السبيل إذا مررت بتادلا / لا تنزلن على بني غفجومِ
أرضٌ أغاربها العدو فلن ترى / إلا مجاوبة الصدى للبومِ
قومٌ طووا طنب السماحةِ بينهم / لكنهم نشروا لواءَ اللومِ
لاحظ في أموالهم ونوالهم / للسائلِ العافي ولا المحرومِ
لا يملكونَ إذا استبيح حريمهم / إلا الصراحَ بدعوةِ المظلومِ
يا ليتني من غيرهم ولو أنني / من أهلِ فاسٍ من بني الملجومِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025