المجموع : 37
أَبكي الفَتى الأَبيَضَ البُهلولَ سُنَّتُهُ
أَبكي الفَتى الأَبيَضَ البُهلولَ سُنَّتُهُ / عِندَ النِداءِ فَلا نِكساً وَلا وَرَعا
أَبكي عَلى مالِكِ الأَصيافِ إِذ نَزَلوا / حينَ الشِتاءِ وَعَزَّ الرِسلُ فَاِنجَدَعا
وَلَم يَجِد لِقُراهُم غَيرَ مُربِعَةٍ / مِن العِشارِ تُزَجّي تَحتَها رُبَعاً
أَهوى لَها السَيفَ تَرّاً وَهيَ راتِعَةٌ / فَأَوهَنَ السَيفُ عَظمَ الساقِ فَاِنقَطَعا
فَجاءَهُم بَعدَ رَقدُ الحَيِّ أَطيَبُها / وَقَد كَفى مِنهُمُ مَن غابَ وَاِضطَجَعا
يا فارِسَ الرَوعِ يَومَ الرَوعِ قَد عَلِموا / وَصاحِبَ العَزمِ لا نِكساً وَلا طَبِعا
وَمُدرِكَ التَبلِ في الأَعداءِ يَطلُبُهُ / وَإِن طَلَبتَ بِتَبلٍ عِندَهُ مَنَعا
قالوا أَخوكَ أَتى الناعي بِمَصرَعِهِ / فَاِرتاعَ قَلبي غَداةَ البَينِ فَاِنصَدَعا
ثُمَّ اِرعَوى القَلبُ شَيئاً بَعدَ طَيرَتِهِ / وَالنَفسُ تَعلَمُ أَن قَد أُثبِتَت وَجَعا
رَأَتني اِبنَةُ الكَلبِيِّ أَقصَرَ باطِلي
رَأَتني اِبنَةُ الكَلبِيِّ أَقصَرَ باطِلي / وَكادَت نَدامى رائِدِ الخَيلِ تُنزَفُ
وَأَصبَحَ أَخداني كَأَنَّ رُؤوسَهُم / حَماطُ شِتاءٍ بَعدَ نَبتٍ مُنَصَّفُ
وَقَد كُنتُ بِالبيدِ القَليلِ أَنيسَها / أَقوفُ وَأَمضي قَبلَ مَن يَتَقَوَّفُ
فَأَصبَحتُ مِمّا يُحدِثُ الدَهرُ لِلفَتى / أَقُصُّ العَلاماتِ الَّتي كُنتُ أَعرِفُ
إِذا ما رَأَت يَوماً مَطِيَّةَ راكِبٍ / تُبَصِّرُ مِن جيرانِها أَو تُكَوِّفُ
تَقولُ اِرتَحِل إِنَّ المَكاسِبَ جَمَّةٌ / فَقُلتُ لَها إِنّي اِمرُؤٌ أَتَعَفَّفُ
وَأَرجو عَطاءَ اللَهِ مِن كُلِّ جانِبٍ / وَيَنفَعُني المالُ الذَي أَتَسَخَّفُ
وَأُبغِضُ إِرقاصاً إِلى رَبِّ دارِهِ / لَئيمٌ لَهُ كِتَّانَتانِ وَمِطرَفُ
تَجَبَّرُ مالاً بَعدَ لُؤمٍ وَدِقَّةٍ / كَما شُدَّ بِالشَعبِ الإِناءُ المُكَتَّفُ
كَمُستَمسِكٍ بِالحَبلِ لَولا اِعتِصامُهُ / إِذنٌ لَتَراماهُ مِنَ الجَولِ نَفنَفُ
ينامُ الضُحى حَتّى يَطولَ رُقادُهُ / وَيَقصُرُ سِتراً دونَ مَن يَتَضَيَّفُ
يَكونُ عَلى الديوانِ عِبأً وَباعُهُ / قَصيرٌ كَإِبهامِ النُغاشِيِّ أَجدَفُ
وَإِن أُنزِلَ الخُدَّامُ يَوماً لِضَيعَةٍ / يُقالُ لَهُ اِنزِل عَن حِمارِكَ أَقلَفُ
وَإِن أَيَّهَ القَومُ الكِرامُ أَجابَهُ / بِجُرجَيهِ مَوشِيُّ الأَكارِعِ مُوكَفُ
عَلى تُكُآتٍ مِن وَسائِدَ تَحتَها / سَريرٌ كَأَنقاءِ النَعامَةِ يَرجُفُ
فَلَأياً بِلَأيٍ ما يُكَلِّمُ ضَيفَهُ / لِحينٍ وَلا تِلكَ المَطِيَّةُ تُعلَفُ
فَيُعطي قَليلاً أَو يَكونُ عَطاؤُهُ / مَواعِدَ بُخلٍ دونَها البابُ يَصرِفُ
رِصادَ سحوقِ النَخلِ يُرصَدُ حِجَّةً / وَدونَ ثَراها ليفُها المُتَلَيِّفُ
وَإِنَّ لَنا مِن نِعمَةِ اللَهِ هَجمَةً / يُهَدهِدُ فيها ذو مَناكِبَ أَكلَفُ
طَويلُ القَرى خاظي البَضيعِ كَأَنَّما / غَذَتهُ دِيافٌ وَالقَصيلُ المُقَطَّفُ
إِذا بَيَّتَتهُ الريحُ يُنبي سَقيطُها / خَبائِرُهُ كَأَنَّما هِيَ قَرطَفُ
يُمَشّي عَلَيها يَرفَأَيٌّ كَأَنَّهُ / ظَليمٌ بِصَحراءِ الأَباتِمِ أَصدَفُ
وَنَجدِيَّةٌ حُوٌّ كَأَنَّ ضُروعَها / أَداوى سَقاها مِن جَلاميدَ مُخلِفُ
وَجَرداءُ مِن آلِ الصَريحِ كَأَنَّها / قَناةٌ بَراها مُستَجيدٌ مُثَقِّفُ
وَفِتيانُ صِدقٍ مِن عَطِيَّةِ رَبِّنا / بِمِثلِهِمُ نَأبى الظَلامَ وَنَأنَفُ
وَجُرثومَةٌ مِن عِزِّ غَرفٍ وَمالِكٍ / يَفاعٌ إِلَيها نَستَفيدُ وَنُثلِفُ
وَلَكِن لَيالينا بِبُرقَةِ بَرمَلٍ / وَهَضبِ شَرَورى دونَنا لا تَصَدَّفُ
لَيالِيَ مالي غامِرٌ لِعِيالِها / وَإِذ أَنا بَرّاقُ العَشِيّاتِ أَهيَفُ
إِلَيها وَلَكِن لا تَدومُ خَليقَةٌ / لِمَن في ذِراعَيهِ وُشومٌ وَأَوقُفُ
وَداوِيَّةٍ بَينَ المياهِ وَبَينَها / مَجالٌ عَريضٌ لِلرِياحِ وَمَوقِفُ
قَطَعتُ إِلى مَعروفِها مُنكَراتِها / بِعَيرانَةٍ فيها هِبابٌ وَعَجرَفُ
هِجانٌ تَبُزُّ العُفرَ فَيءَ ظِلالِها / وَتَذعَرُ أَسرابَ القَطا يَتَصَيَّفُ
كَأَنّي عَلى طاوي الحَشا باتَ بَينَهُ / وَبينَ الصِبا مِن رَملِ خَيفَقَ أَحقُفُ
يَشيمُ البُروقَ الَلامِعاتِ وَفَوقَهُ / مِن الحاذِ وَالأَرطى كِناسٌ مُجَوَّفُ
يَكُفُّ بِرَوقَيهِ الغُصونَ وَيَنتَحي / بِظِلفَيهِ في هارِ النَقا يَتَقَصَّفُ
كَما بَحثَ الحِسيَ الكِلابِيَّ مُنهِلٌ / رِضابُ النَدى في روعِهِ يَتَزَلَّفُ
إِذا ناطِفُ الأَرطاءِ فَوقَ جَبينِهِ / تَحَدَّرَ جَلّى أَنجَلُ العَينِ أَذلَفُ
وَأَصبَحَ مَولِيُّ النَدى في مُرادِهِ / عَلى ثَمرِ البُركانِ وَالحادِ يَنطُف
فَلَمّا بَدَت في مَتنِهِ الشَمسُ غُدوَةً / وَأَقلَعَ دَجنٌ ذو هَمائِمَ أَوطَفُ
أَظَلَّت لَهُ مَسعورَةً يَبتَغي بِها / لُحومَ الهَوادي اِبنا بُرَيدٍ وَأَعرَفُ
سَلوقِيِّةٌ حُصٌّ كَأَنَّ عُيونَها / إِذا حُرِّبَت جَمرٌ بِظَلماءً مُسدِفُ
تُضَرَّى بِآذانِ الوحوشِ فَكُلُّها / حَفيفٌ كَمِرّيخِ المَناضِلِ أَعجَفُ
فَكَرَّ بِرَوقَيهِ كَمِيٌّ مُناجِدٌ / يَخُلُّ صُدورَ الهادِياتِ وَيَخصِفُ
فَلَمّا رَأَى أَربابَها قَد دَنَوا لَهُ / وَأَزهَفَها بَعضُ الَّذي كانَ يُزهِفُ
أَجَدَّ وَلَم يُعقِب كَما اِنقَضَّ كَوكَبٌ / وَذو الكَربِ يَنجو بَعدَما يُتَكَنَّفُ
وَأَصبَحَ كَالبَرقِ اليَماني وَدونَهُ / حُقوفٌ وَأَنقاءٌ مِن الرَملِ تَعزِفُ
وَلَيلَةِ نَجوى مُرجَحِنٌّ ظَلامُها / حَوامِلُها مِن خَشيَةِ الشَرِّ دُلَّفُ
مَخوفٍ دواهيها يَبيتُ نَجِيُّها / كَأَنَّ عَميداً بَينَ ظَهرَيهِ مُدنَفُ
إِذا القَومُ قالوا مَن سَعيدٌ بِهَذِهِ / غَداةَ غَدٍ أَو مَن يُلامُ وَيُصلَفُ
هُديتُ لِمُنجى القَومِ مِن غَمَراتِها / نَجاءَ المُعَلّى يَستَبينُ وَيَعطِفُ
وَقومٍ تَمَنَّوا باطِلاً فَرَدَدتُهُم / وَإِن حَرَّفوا أَنيابَهم وَتَلَهَّفوا
إِذا ما تَمَنَّوا مُنيَةً كُنتُ بَينَهم / وَبَينَ المُنى مِثلَ الشَجا يُتَحَرَّفُ
وَما زالَ رُكني يَرتَقي مِن وَرائِهِ
وَما زالَ رُكني يَرتَقي مِن وَرائِهِ / وَفارِسُ هَيجا يَنفُضُ الصَدرَ واقِفُ
ذَكَرتُ أَخي المُخَوَّلَ بَعدَ يَأسٍ
ذَكَرتُ أَخي المُخَوَّلَ بَعدَ يَأسٍ / فَهاجَ عَلَيَّ ذِكراهُ اِشتِياقي
فَلا أَنسى أَخي ما دُمتُ حَيّاً / وَإِخواني بِأَقرِيَةِ العَناقِ
فَوارِسُنا بِدارَأَ ذي قِساءٍ / وَأَيسارُ الهَرِيَّةِ وَالطِراقِ
يَجُرّونَ الفِصالَ إِلى النَدامى / بِرَوضِ الحَزنِ مِن كَنَفَي أُفاقِ
وَيُغلونَ السِباءَ إِذا لَقوهُ / بِرُبعِ الخَيلِ وَالشَولِ الحِقاقِ
إِذا اِتَّصَلوا وَقالوا يالَ غَرفٍ / وَراحوا في المُحَبَّرةِ الرِقاقِ
أَجابَكَ كُلُّ أَروَعَ شَمَّرِيٌّ / رَخِيُّ البالِ مُنطَلِقُ الخَناقِ
أُناسٌ صالحونَ نَشَأتُ فيهُم / فَأَودَوا بَعدَ إِلفٍ وَاِتِّساقِ
مَضَوا لِسَبيلِهِم وَلَبِثتُ عَنهُم / وَلَكِن لا مَحالَةَ مِن لَحاق
كَذي الأُلّافِ إِذ أَدلَجنَ عَنهُ / فَحَنَّ وَلا يَتوقُ إِلى مَتاقِ
أَرى الدُنيا وَنَحنُ نَعيثُ فيها / مُوَلِّيَةً تَهَيَّأُ لِاِنطِلاقِ
أَعاذِلَ قَد بَقيتُ بَقاءَ نَفسٍ / وَما حَيٌّ عَلى الدُنيا بِباقِ
كَأَنَّ الشَيبَ وَالأَحداثَ تَجري / إِلى نَفسِ الفَتى فَرَسا سِباقِ
فَإِمّا الشَيبُ يُدرِكُهُ وَإِمّا / يُلاقي حَتفَهُ فيما يُلاقي
فَإِن تَكُ لُمَّتي بِالشَيبِ أَمسَت / شَميطَ اللَونِ واضِحَةَ المشاقِ
فَقَد أَغدو بِداجِيَةٍ أُراني / بِها المُتَطَلِّعاتِ مِن الرِواقِ
إِلَيَّ كَأَنَّهُنَّ ظِباءُ قَفرٍ / بَرهَبى أَو بِباعِجَتي فِتاقِ
وَقَد تَلهو إِلَيَّ مُنَعَّماتٍ / سَواجي الطَرفِ بِالنَظَرِ البِراقِ
يُرامِقنَ الحِبالَ بَغَيرِ وَصلٍ / وَلَيسَ وِصالُ حَبلي بِالرِماقِ
وَعَهدُ الغانِياتِ كَعَهدِ قَينٍ / وَنَت عَنهُ الجَعائِلُ مُستَذاقِ
كَجُلبِ السَوءِ يُعجَبُ مَن رَآهُ / وَلا يَشفي الحَوائِمَ مِن لَماقِ
فَلا يَبعَد مَضائي في المَوامي / وَإِشرافي العلايَةَ وَاِنصِفاقي
وَغَبراءَ القَتامِ جَلَوتُ عَنّي / بِعَجلى الطَرفِ سالِمَةِ المَآقِ
وَقَد طَوَّفتُ بِالآفاقِ حَتّى / سَئِمتُ النَضَّ بِالقُلُصِ العِتاقِ
إِذا أَفنَيتُها بُدِّلتُ أُخرى / أَعُدُّ شُهورَها عَدَدَ الأَواقي
فَأَفنَتني السُنونَ وَلَيسَ تَفنى / وَتَعدادُ الأَهِلَّةِ وَالمُحاقِ
وَما سَبَقَ الحَوادِثَ لَيثُ غابٍ / يَجُرُّ لِمَرسِهِ جَزَرَ الرِفاقِ
كُمَيتٌ تَعجِزُ الخُلَعاءُ عَنهُ / كَبَغلِ المَرجِ حَطَّ مِنَ الزِناقِ
تُنازِعُهُ الفَريسَةَ أُمُّ شِبلٍ / عَبوسُ الوَجهِ فاحِشَةُ العِناقِ
وَلا بَطَلٌ تَفادى الخَيلُ مِنهُ / فِرارَ الطَيرِ مِن بَرَدٍ بُعاقِ
كَريمٌ مِن خُزَيةَ أَو تَميمٌ / أَغَرُّ عَلى مُسافِعَةٍ مِزاقِ
فَذلِكَ إِن تَخَطَّأَهُ المَنايا / فَكَيفَ يَقيهِ طولَ الدَهرِ واقِ
قالَ الأَقارِبُ لا تَغرُركَ كَثرَتُنا
قالَ الأَقارِبُ لا تَغرُركَ كَثرَتُنا / وَأَغنِ شَأنَكَ عَنّا أَيُّها الرَجُلُ
عَلَّ بَنِيَّ يَشُدُّ اللَهُ أَزرَهُمُ / وَالنَبعُ يَنبُتُ عيداناً فَيَكتَهِلُ
فَتىً كانَ لِلرُمحِ الأَسَنِّ مُحَطِّما
فَتىً كانَ لِلرُمحِ الأَسَنِّ مُحَطِّما / ظِعانا وَلِلسَيفِ القَصيرِ مَطيلا
بِنَفسي خَليلايَ اللَذانِ تَبَرَّضا
بِنَفسي خَليلايَ اللَذانِ تَبَرَّضا / دُموعِيَ حَتّى أَسرعَ الحُزنُ في عَقلي
وَلَولا الأَسى ما عِشتُ في الناسِ بَعدَهُ / وَلَكن إِذا ما شِئتُ أَسعَدَني مِثلي
تَخَلَّيتُ مِن داءِ اِمرِىءٍ لَم أَكُن لَهُ
تَخَلَّيتُ مِن داءِ اِمرِىءٍ لَم أَكُن لَهُ / شَريكاً وَأَلقى رِجلَهُ في الحَبائِلِ
فَإِن تُغرِموني داءَ غَيرِيَ أَحتَمِل / ذُنوبَ ذِئابِ القَريَتَينِ العَواسِلِ
وَمَن يَحلُم وَلَيسَ لَهُ سَفِيهٌ
وَمَن يَحلُم وَلَيسَ لَهُ سَفِيهٌ / يُلاقي المُنكَراتِ مِنَ الرِجالِ
فَذلِكَ شِبهُ الضَبِّ يَومَ رَأَيتُهُ
فَذلِكَ شِبهُ الضَبِّ يَومَ رَأَيتُهُ / عَلى الجُحرِ مُندَحّاً خَصيباً تُماثِلُه
إِذا قالَ غاوٍ مِن مَعَدٍّ قَصيدَةً
إِذا قالَ غاوٍ مِن مَعَدٍّ قَصيدَةً / بِها جَرَبٌ حَلَّت عَلَيَّ حُمولُها
أَيُترَكُ قَوّالُ الخَنا وَيَنالُني / عَوايِرُ قَولٍ لَستُ مِمَّن يَقولُها
وَجَوٍّ جَباً ناءٍ تَقَطَّعُ دونَهُ
وَجَوٍّ جَباً ناءٍ تَقَطَّعُ دونَهُ / عِتاقُ القَطا وَالحِميَرِيُّ الرَواسِمُ
يُخالِجنَ أَشطانَ الهَوى كُلَّ وِجهَةٍ
يُخالِجنَ أَشطانَ الهَوى كُلَّ وِجهَةٍ / بِذي السِدرِ حَتّى خِفتُ أَن لَن تَرَيَّما
غَرائِزُ لَم يَترُكنَ لِلنَفسِ إِذ عَلَوا / عَلى الصُهبِ تَحدي السيرَ روحاً وَأَعظُما
سَراةَ الضُحى ثُمَّ اِستَمَرَّ حُداتُهُم / عَلى كُلِّ مَوّارِ المِلاطَينِ أَخزَما
عَلى كُلِّ حُرِّ اللَونِ صافٍ نِجادُهُ / يُواهِقُ جَوناً ذا عَثانينِ مُكرَما
إِذا اِجتَهَدَ الرُكبانُ ذَمَّت وَسامَحَت / وَإِن قَصَّروا عاجوا سَماماً مُخَزَّما
كَأَنَّ ظِباءَ السِيِّ أَو عينَ عالِجٍ / عَلى العيرِ أَو أَبهى بَهاءً وَأَفخَما
كَأَنَّ غَمامَ الصَيفِ تَحتَ خُدورِها / جَلا البَرقَ عَن أَعطافِهِ فَتَبَسَّما
تَهادَينَ يَومَ البَينِ كُلَّ تَحِيَّةٍ / وَكَيفَ التَهادي بِالوِدادَةِ بَعدَما
تَفَرَّقنَ عَن أَهوالِ أَرضٍ مَريضَةٍ / تَرى لَونَها مِنَ المَخافَةِ أَقتَما
فَأَصبَحَ جَمعُ القَومِ شَتّى وَلَم يَكُن / يُفَرِّقُ إِلّا ذا زُهاءٍ عَرَمرَما
كَأَنَّ بِواديهِم هِلالَ بنَ عامِرٍ / وَإِن لَم يَكُن إِلّا حَميماً أَو اِبنَ ما
كَما اِنشَقَّ وادٍ شُعبَتَينِ كِلاهُما / يُعارِضُ عَرنيناً مِنَ الرَملِ أَحزَما
تَبيتُ بِها الوَجناءُ مِن رَهبَةِ الرَدى / بِأَقتابِها وَالسابِحُ الطِرفُ مُلجَما
رَذايا بَغايا مُقشَعِرّاً جُنوبُها / يَغُضّونَ مِن أَجراسِها أَن تَزَغَّما
يَغُضّونَ صَوتَ العيسِ إِلّا صَريفَها / وَصَوتَ الصَريحِيّاتِ إِلّا تَحَمحُما
بَني قَطَنٍ إِنّي عَبَدتُ بُيوتَكُم / بِرَهوَةَ داراً أَو أَعزَّ وأَكرَما
فَلا تَنزِلوا مِن رَأسِ رَهوةَ دارِكُم / إِلى خِرَبٍ لا تُمسِكُ السَيلَ أَثلَما
أُناسٌ إِذا حَلَّت بِوادٍ بُيوتُهُم / نَفى الطَيرَ حَتّى لا تَرى الطَيرُ مَجثَما
تُظَلِّلُ مِن شَمسٍ النَهارِ رِماحُهُم / إِذا رَكَزَ القَومُ الوَشيحَ المُقَوَّما
تَرى كُلَّ لَونِ الخَيلِ وَسطَ بُيوتِهِم / أَبابيلَ تَعدو بِالمِتانِ وَهُيَّما
وَذي عِزَّةٍ أَنذَرنَهُ مِن أَمامِهِ / فَلَمّا عَصاني في المَضاءِ تَنَدَّما
فَوَدَّ بِضاحي جِلدِهِ لَو أَطاعَني / إِذا زَلَّ وَاِعرَورى بِهِ الأَمرُ مُعظَما
وَفَرَّقَ بَينَ الحَيِّ بَعدَ اِجتِماعِهِم / مَشائيمُ دَقُّوا بَينَهُم عِطرَ مَنشِما
غُواةٌ كَنيرانِ الحَريقِ تَسوقُهُ / شآمِيَّةٌ في حائِلِ العِربِ أَصحَما
إِذا لَهَبٌ مِن جانِبٍ باخَ شَرُّهُ / ذَكا لَهَبٌ مِن جانِبٍ فَتَضَرَّما
وَفي الناسِ أَذرابٌ إِذا ما نَهَيتَهُم / عَن الشَرِّ كَالنُشّابِ يُنزَعُ مُقدِما
جَزى اللَهُ قَومي مِن شَفيعٍ وَطالبٍ / عَنِ الأَصلِ وَالجاني رَبيعاً وَأَنعُما
وَلَو أَنَّ قَومي يُقبَلُ المالُ مِنهُمُ / لَمَدّوا النَدى سَيلاً إِلى المَجدِ مُفعَما
لَما عَدِموا مِن نَهشَلٍ ذا حَفيظَةٍ / بَصيراً بِأَخلاقِ اِمرِىءِ الصِدقِ خِضرِما
حَمولاً لأَثقالِ العَشيرَةِ بَينَها / إِذا أَجشَموهُ باعَ مَجدٍ تَجَشَّما
وَلَكِن أَبى قَومٌ أُصيبَ أَخوهُمُ / رُقى الناسِ وَاِختاروا عَلى اللَبَنِ الدَما
أَرى قَومَنا يَبكونَ شَجوَ نُفوسِهِم / وَقَد بَعَثوا مِنّا كَذلِكَ مَأتَما
عَلى فاجِعٍ هَدَّ العَشيرَةَ فَقدُهُ / كَرورٍ إِذا ما فارِسُ الشَدِّ أَحجَما
فَإِذا جَلَّتِ الأَحداثُ وَاِنشَقَّتِ العَصا / فَوَلّى الإِلَهُ اللَومَ مَن كانَ أَلوَما
تَطاوَلَ هَذا اللَيلُ ما كادَ يَنجَلي
تَطاوَلَ هَذا اللَيلُ ما كادَ يَنجَلي / كَلَيلِ التِمامِ ما يُريدُ اِنصراما
فَبِتُّ لِذِكرى مالِكٍ بِكآبَةٍ / أُأَرِّقُ مِن بَعدِ العِشاءِ نِياما
أَبى جَزعي في مالِكٍ غَيرَ ذِكرِهِ / فَلا تَعذِليني أَن جَزِعتُ أُماما
سَأَبكي أَخي ما دامَ صَوتُ حَمامَةٍ / يُؤَرِّقُ مِن وادي البِطاحِ حَماما
وَأَبعَثُ أَنواحاً عَليهِ بِسُحرَةٍ / وَتَذرِفُ عَينايَ الدُموعَ سِجاما
وَأَدعو سَراةَ الحَيِّ يَبكونَ مالِكاً / وَأَبعَثُ نَوحاً يَلتَدِمنَ قِياما
يُقِلنَ ثَرى رَبِّ السَماحَةِ وَالنَدى / وَذو عِزَّةٍ يَأبى بِها أَن يُضاما
وَفارِسُ خَيلٍ لا تُسايَرُ خَيلُهُ / إِذا اِضطَرَمَت نارُ العَدُوِّ ضِراما
وَأَحيا عَن الفَحشاءِ مِن ذاتِ كِلَّةٍ / يَرى ما يَهابُ الصالِحونَ حَراما
وَأَجرَأُ مِن لَيثٍ بِخَفَّانَ مُخدِرٍ / وَأَمضى إِذا رامَ الرِجالُ صِداما
فَلا تَرجُوَن ذا إِمَّةٍ بَعدَ مالِكٍ / وَلا جازِراً لِلمُنشِئاتِ غُلاما
وَقُل لَهُمُ لا يَرحَلوا الأُدمَ بَعدَهُ / وَلا يَرفَعوا نَحوَ الجِيادِ لِجاما
فَلَو كانَ لي نَفَسانِ كُنتُ مُقاتِلاً
فَلَو كانَ لي نَفَسانِ كُنتُ مُقاتِلاً / بِإِحداهُما حَتّى تَموتَ وَأَسلَما
إِنّا مُحَيّوكِ يا سَلمى فَحَيّينا
إِنّا مُحَيّوكِ يا سَلمى فَحَيّينا / وَإِن سَقَيتِ كِرامَ الناسِ فَاِسقينا
وَإِن دَعَوتِ إِلى جُلّى وَمَكرُمَةٍ / يَوماً سُراةَ كِرامِ الناسِ فَاِدعينا
إِنّا بَني نَهشَلٍ لا نَدّعي لِأَبٍ / عَنهُ وَلا هُو بِالأَبناءِ يَشرينا
إِن تُبتَدَر غايَةٌ يَوماً لِمَكرُمَةٍ / تَلقَ السَوابِقَ مِنّا وَالمُصَلّينا
وَلَيسَ يَهلَكُ مِنّا سَيِّدٌ أَبَداً / إِلّا اِفتَلَينا غُلاماً سَيِّداً فينا
إِنّا لنُرخِصُ يَومَ الرَوعِ أَنفُسَنا / وَلَو نُسامُ بِها في الأَمنِ أُغلينا
بيضٌ مَفارِقُنا تَغلي مَراجِلُنا / نَأسو بِأَموالِنا آثارَ أَيدينا
لَو كانَ في الأَلفِ مِنّا واحدٌ فَدَعَوا / مَن فارِسٌ خالَهُم إِيّاهُ يَعنونا
إِذا الكُماةُ تَنَحَّوا أَن يُصيبَهُمُ / حَدُّ الظُّباةِ وَصَلناها بِأَيدينا
وَلا تَراهُم وَإِن جَلَّت مُصيبَتُهُم / مَع البُكاةِ عَلى مَن ماتَ يَبكونا
وَيركَبُ الكُرهَ أَحياناً فَيَفرُجُهُ / عَنّا الحِفاظُ وَأَسيافٌ تُواتينا
تَرى الفِئامُ قُعوداً يَأنِحونَ لَها
تَرى الفِئامُ قُعوداً يَأنِحونَ لَها / دَأبِ المُعَضِّلِ إِذ شُدَّت مَلاقيها