المجموع : 92
سقى الحمى ومحلاً كنت أعهده
سقى الحمى ومحلاً كنت أعهده / حيا بحور بصوب المزن أجوده
فإن دنا الغيث واستسقت مرابعه / ربىً فدمعي بالتسكاب ينجده
بانت أهالي ذاك الحي واقتسموا / قلبي فافقد أحبابي وأفقده
أحرزت في الصدر دراً من عقودهم / عند الوداع فأجفاني تبدده
فقد كان يسعدني في البحر بيضه / فساعة البين وافاني مورده
بين السهاد وجفني منكم صلة / نبعدكم عن لذيذ النوم يبعده
كأنما الليل يهواني فيرصدني / كالنجم أهواه في ليلي فأرصده
وليلة بت فيها ما بها كدر / والهجر قام له وصل ينكده
يدير كأس حمياها قضيب نقا / كالخيزرانة أودى بي تأوده
مهفهف القد أخشى من لطافته / أن يخجل الغصن منه حين يشهده
وقد يطوق أيم في ذوابته / حرز فعز على الراقي تصلده
كما بدا الحق في آل الوصي فأنـ / ـوار الهدى لعَّمي القلب ترشده
يا راكب الغي دع عنك الضلال فه
يا راكب الغي دع عنك الضلال فه / ذا الرشد بالكوفة الغراء مشهده
من ردت الشمس من بعد المغيب له / فأدرك الفضل والاملاك تشهده
ويوم خمَّ وقد قال النبي له / بين الحضور وشالت عضده يده
من كنت مولى له هذا يكون له / مولى أتاني به أمر يؤكده
من كان يخذله فاللّه يخذله / أو كان يعضده فاللّه يعضده
قالوا سمعنا وفي أكبادهم حرق / وكل مستمع للقول يجحده
وأظلمت بسواد الحقد أوجههم / وأنه لم يزل بالكفر أسوده
والباب لما دحاه وهو في سغب / عن الصيام وما يخفى تعبده
وقلقل الحصن فارتاع اليهود له / وكان أكثرهم عمداً يفنده
واسأل به مرحباً لما أعد له / مشطباً غير فرارٍ مجرده
ألقى مهنده في وسط قمته / فغاص في الأرض يفريها مهنده
نادى بأعلى العلى جبريل ممتدحاً / هذا الوصي وهذا الطهر أحمده
وفي الفرات حديث إذ طغى فأتى / كل إليه لخوف الهلك يقصده
قالوا أجرنا فقام المرتضى فرحاً / بالفضل واللّه بالافضال مفرده
وقال للماء غفر طوعاً فبان لهم / حصباؤه حين وافاه يهدده
فللعفاف وللإيمان طاعته / وللقنوت وللتقوى تهجده
يا قائم الليل تمجيداً لخالقه / وأين مثلك قواماً تمجده
يا حجة اللّه يا من يستضاء به / إلى الهداية يا من طاب مولده
ألستم أنتم أهل الكساء بكم / جبريل يفخر إذ فيكم نعدده
يا عروة سلَّم المستمسكون بها / ومسلكاً بالولا فيكم يمهده
أبوكم جد في طوع لجدكم / وعترة جد في خلف تجدده
نحن المقرون بالافضال أنكم / فرع نما إذ ذكا في المجد محتده
نفوز يا آل طه باسمكم صلة / بعد الصلاة لمن طوعاً نوحده
جعلتكم يا بني الزهراء معتمدي / يوم المعاد بما فيكم أجدده
لفظاً بإحسانكم عندي أنثره / دراً وأفعالكم عندي ننضده
أنا المظفر سيف الدين معتقداً / أن القريض إذا ما فهت أنشده
في مدح آل رسول اللّه دار غدٍ / في جنة وحساماً في أجرده
يا للرجال لمدنف مجهودِ
يا للرجال لمدنف مجهودِ / لم يؤت من هجر وطول صدودِ
نظر الغزال فما يغر بسحر ذا / ك اللحظ منه ولا بحسن الجيدِ
هذا ولم يعلق بذات مؤالف / ومعاطف وروادف ونهود
لكنه غماً وحزناً مثل من / غلبت عليه سلافة العنقود
أسفاً لموت الدين بعد حياته / ودثور نهج مالك التوحيد
ولأجل ما قد بات آل محمد / من مبدء في ظلمهم ومعيد
من كل جبار عنيد لم يزل / يأوي لشيطان إليه مريد
في أمة قد أشبهت عاداً كما / قد شبهت في بغيها بثمود
فإذا تذكرت الشهيد فمقلتي / لا تنطوي إلا على التسهيد
منعوا الحسين من الفرات لقد أتو / في قتله بالمعضلات السود
حملوا حريم المصطفى سبياً كأمـ / ـثال الإماء على المطايا القود
أوصاهم الرحمن وداً فيهم / فنفوهم بالقتل والتصفيد
فلذاك في الليل الطويل عليهم / لتململي لم أكتحل بهجود
لهفي على ما فاتني من نصرهم / لهفاً تشب وقود نار حقودي
إذ لم أكن ممن يحامي عنهم / كعوائدي في مصدري وورودي
حتى يقول السامعون بموقفي / هذا التضوع عرف ذاك العود
يا قلب كم هذا الغرور
يا قلب كم هذا الغرور / خدع المنى كذب وزورُ
أو ما ترى الآمال يفض / ح طولها العمر القصير
وبمثل ما صرنا إليه الآن / يعتبر البصير
لو دام ملك لم يكن بعد / الملوك لنا بصير
انظر لهذي الدار كم / قد حل ساحتها وزير
ولكم تبختر آمناً / بين الصفوف بها أمير
ذهبوا فلا واللّه ما بق / ي الصغير ولا الكبير
حتى ولا أضحت ترى / بين القبور لهم قبور
ما استيقظوا من غفلة / إلا وأرؤسهم تطير
ولحومهم ممضوغة وم / ن الورى أيضاً نسور
فاصبر فلا حزن على / الدنيا يدوم ولا سرور
لا تنكرن ما قد جرى / في عصرنا فكذا العصور
كلا ولا تجزع لريب / زماننا فكذا الدهور
هذا الحسين بكربلاء / ثوى وليس له نصير
قبل الخداع وغره / من أهل دعوته الغرور
فغدا بفتيته الكرام / إلى مصارعهم يسير
حتى تلقاهم بجنب الطف / يوم قمطرير
وغدا مراق دمائهم / حوض المياه به يمور
فسقوا النجيع هناك / لما أعوز الماء النمير
وبنو أمية آمنون تد / ور بينهم الخمور
لهفي لصرعى في رجا / لهم وشيعتهم حضور
وطيت ظهورهم ورضت / بالخيول لهم صدور
بالسيف من أولاد فاطمة / ضحى فطم الصغير
وسوى الاماء ثوى لص / لب أبيه أربعة ذكور
وبنو عقيل كلهم / ما فيهم إلا عقير
ولجعفر الطيار صر / عى في دمائهم كثير
ما جدهم أبداً على / هذا لامته بشير
لكنه لهم عليه يطو / ل خزيهم نذير
إن كان فيهم مؤمنون / بزعمهم فمن الكفور
أو زخرفت عدن لهم فلم / ن ترى تذكى السعير
تباً لأفاكين عند / اللّه ذنبهم كبير
قتلوا الحسين وما است / تبت بعده لهم أمور
ما بين مصرعه وهلك / يزيديهم إِلا يسير
فكأنه ما كان قط ولم / تكن تلك الشهور
ولمثل ما صاروا إليه
ولمثل ما صاروا إليه / من الفناء غداً نصير
إن الابرار يشربون بكأس
إن الابرار يشربون بكأس / كان حقاً مزاجها كافورا
ولهم أنشأ المهيمن عيناً / فجروها عباده تفجيرا
وهداهم وقال يوفون بالنذ / ر فمن مثلهم يوفي النذورا
ويخافون بعد ذلك يوماً / هائلاً كان شره مستطيرا
يطعمون الطعام ذا اليتم / والمسكين في حب ربهم والأسيرا
إنما نطعم الطعام لوجه اللّه / لا نبتغي لديكم شكورا
غير إِنا نخاف من ربنا يوماً / عبوساً عصبصباً قمطريرا
فوقاهم آلههم ذلك اليوم / يلقون نضرة وسرورا
وجزاهم بأنهم صبروا في / السر والجهر جنة وحريرا
في اتكاء هم لا يرون لدى الجنة / شمساً كلا ولا زمهريرا
وعليهم ظلالها دانيات / ذللت في قطوفها تيسيرا
وبأكواب فضة وقوارير / قوارير قدرت تقديرا
ويطوف الولدان فيها عليهم / فيخالون لؤلؤاً منثورا
بكؤس قد مزجت زنجبيلاً / لذة الشاربين تشفي الصدورا
ويحلون بالأساور فيها / وسقاهم ربي شراباً طهورا
وعليهم فيها ثياب من السندس / خضر في الخلد تلمع نورا
إن هذا لكم جزاءاً من اللّه / وقد كان سعيكم مشكورا
في هل آتى إن كنت تقرأ هل آتى
في هل آتى إن كنت تقرأ هل آتى / ستصيب سعيهم بها مشكورا
إذ أطعموا المسكين ثمة أطعموا / الطفل اليتيم وأطعموا المأسورا
قالوا لوجه اللّه نطعمكم فلا / نبغي جزاءاً منكم وشكورا
إِنا نخاف ونتقي من ربنا / يوماً عبوساً لم يزل مجذورا
فوقوا بذلك شر يوم باسل / ولقوا بذلك نضرةً وسرورا
وجزاهم رب العباد بصبرهم / يوم القيامة جنة وحريرا
وسقاهم من سلسبيل كأسها / بمزاجها قد فجرت تفجيرا
يسقون فيها من رحيق تختم / بالمسك كان مزاجها كافورا
فيها قوارير وأكواب لها / من فضة قد قدرت تقديرا
يسعى بها ولدانها فتخالهم / للحسن منهم لؤلؤاً منثورا
آل رسول الإله قوم
آل رسول الإله قوم / مقدارهم في العلى خطير
إذ جائهم سائل يتيم / وجاء من بعده أسير
أخافهم في المعاد يوم / معظم الهول قمطرير
فقد وقوا شر ما أتقوا / وصار عقابهم السرور
في جنة لا يرون فيها / شمساً ولأثم زمهرير
يطوف ولدانهم عليهم / كأنهم لؤلؤ نثير
لباسهم في جنان عدن / سندسها الأخضر الحرير
جزاهم ربهم بهذا / وهو لما قد سعوا شكورا
واللّه أثنى عليهم
واللّه أثنى عليهم / لما وفوا بالنذور
وخصهم وحباهم / بجنة وحرير
لا يعرفون بشمس / فيها ولا زمهرير
يسقون كأساً رحيقاً / مزيجه الكافور
يا مريض القلب بالذنب
يا مريض القلب بالذنب / متى بالعفو تبرا
كلما جدد يوماً / توبة ضيعت أخرى
تشتهي الأجر ولا تفعل / ما يكسب أجرا
أترى بعد ذهاب العم / ر تستأنف عُمرا
أبى اللّه إلا أن يدين لنا الدهر
أبى اللّه إلا أن يدين لنا الدهر / ويخدمنا في ملكنا العز والنصر
علمنا بأن المال تفنى ألوفه / ويبقى لنا من بعده الأجر والذكر
خلطنا الندى بالبأس حتى كأننا / سحاب لديه البرق والرعد والقطر
ترانا إذا رحنا إلى الحرب مرة / قريناً ومن أسيافنا الذئب والنسر
كما أننا في السلم نبذل جودنا / ويرتع في إِنعامنا العبد والحر
عاذلي عذلك سهم في الحشا
عاذلي عذلك سهم في الحشا / كيف كتماني وسري قد فشى
صارماً بي من غرام كامن / ظاهراً ينقله واش وشى
من رأى قبِليَ يا ريم الفلا / أسداً يقنصه لحظ رشا
وجهك الروضةُ آتت نرجساً
وجهك الروضةُ آتت نرجساً / وجنيَّ الورد فيها فرشا
خفت أن يجنى فوكلت بها / عقرباً طوراً وطوراً حنشا
يا راكباً ظهر المعاصي
يا راكباً ظهر المعاصي / أو ما تخاف من القصاصِ
أوما ترى أسباب عمرك / في انتقاض وانتقاصِ
أسفي على أيام دهر قد مضى
أسفي على أيام دهر قد مضى / منع الجفون بذي الفضا أن يغمضا
ويح اقتراحي ليه من دون ما / أرجوه كان بكونه سح القضا
لأحيد عن جيش الطغاة مجنباً / وأكون في حزب الإِمام المرتضى
إِني أصرح بالبرا فيه لمن عادى / فلست بما أقول معرضا
وإذا ذكرت من الحي مصابه / بالطف ضاقت بي له سعة الفضا
يزجي سحاب الدمع من عيني أسى / بين الضلوع ضرام برق أومضا
لهفي على تلك الدماء سوائلاً / في صحن وجنة كل وجه أبيضا
غيضت بظلم بني زياد أنمل / منهم وقد كانت بحوراً فيَّضا
إذ لم تكن خيلى انبرت في نصرهم / ركضاً فخيل الدمع أمست ركَّضا
أو لم يكن سيفي مضى في يومهم / فلسيف نطقي في عدَّوهم مضى
يا ليتني من قبلُ أسمع عنهمُ / ما قد سمعت قضيت فيمن قد قضى
بي آل أحمد لا أزال أحبَّ ف / ي الدنيا بحبهم وأبغض مبغضا
وضح الدليل على اغتصاب حقوقهم / والصبح ليس يرى بخاف إذ أضا
يا أمة غدرت بآل نبيها / ونبيها في موته ما غمضا
فأتوا كما يأتي غريم خصمه / حتى كأن لهم ديوناً تقتضى
نكروا وصية أحد واستبدلوا / ممن أحب بعلمهم من أبغضا
كم مدعى الأجماع في تقديمه / قد ظل في تيه الضلال مركِضا
والمؤمنون تخلفوا عنه فلم / يك في الجماعة من له عنه رضى
سلمان والمقداد وابن عبادة / وكذا أبو ذر مع الهادي الرضا
وتخلف العباس عنه وغيره / هو حجة برهانها لن يدحضا
هو يدعي حقاً خلافة أحمد / وإِليه ذلك أحمد ما فوَّضا
منع البتول المال من ميراثها / إذ أثبتته فصد عنه وأعرضا
وجنى بحق المسلمين تعسفاً / وقضى بظلم فيهم لما قضى
والظالمون تتابعوا في ظلمهم / والحق ليس يموت إِن هو مرضا
فإذا ذكرت عدَّيهم أو تيهم / للغيظ ملت على يدَّي معضعضا
عندي الغداة لآل حرب جهرة / حرب وقود هجيرها قد أرمضا
ولمن نفوك بقول آل محمد / جوراً إِذا ما جاد قفراً روَّضا
يا قلب خفض فالمهيمن عادل / وقد استراح من الأسى من خفضا
يا آل أحمد أنتم لي جنة / عوضت فيها خير ما قد عوضا
أنا سيف دينكم ابن رزيك الذي / يرضيكم في كل وقت ينتضى
أقرضت في حبي لكم ما قد غلا / في حبكم حسناً ومثلي أفرضا
كم ذا يرينا الدهر من أحداثهِ
كم ذا يرينا الدهر من أحداثهِ / عبراً وفينا الصد والإِعراض
ننسى الممات وليس يجري ذكره / فينا فتذكرنا به الأمراض
هي البدر لكن الثريا لها قرط
هي البدر لكن الثريا لها قرط / ومن أنجم الجوزاء في نحرها سمط
مشت وعليها للغمام ضلائل / تظل ومن نسج الربيع لها بسط
تؤم صريعاً في الرحال كأنه / من السقم والأيدي تقلبه خطُ
فما اخضر ترب الأرض إلا لأنها / عليه إذا زارت بأقدامها تخطو
ولا طاب نشر الروض إلا لأنه / يجر عليه من جلابيبها مرطُ
ولا طار ذكر الظبي إلا وقد غدا / يصد كما صدت ويعطو كما تعطو
من البيض مثل الصبح ما للظلام في / محاسنها لولا ذوائبها قسطُ
إلى العرب الأمحاض يعزى قبيلها / وقد ضمها في الحسن مع يوسف سبط
ولما غدت كالعاج زين صدرها / بحقين منه قد أجادهما الخرط
وأرسل فوق الخد صدغ مكلل / كما انساب في الروضات حياتها الرقط
ذوائب زار الخصر منهن فاحم / تحدر لا جعد النبات ولا سبط
ينافي سنا الكافور إن مشطت به / ويخفي سواد المسك فهو لها خلط
ولما نأت عنا على كل حالةٍ / تساوَى الرضا والسخط والقرب والشحط
فاذكرنا ذاك البعاد معاشراً / نأوا فكأنا ما ما لقيناهم قط
وألقوا وقد شطوا فؤاد محبتهم / إلى بحر شوق ما للجته شط
وليس نسق السفن أمواجه ولا / بساحله للعيس رفع ولا حط
أأحبابنا بالشام عفتم جوارنا / فجاوركم في أرضها الخوف والقحط
وما كان بعد النيل والنيل زاخر / بمصر ليغنى عنكم ذلك الخط
وقد عشتم فيها زماناً فما اعترى / رضاكم بها لولا تخوفكم سخط
وكنتم لنا دون الأقارب أسرة / ونحن لكم من دون رهطكم رهط
وإنا أناس ليس يبرح جارنا / يحكم في الأموال منا فيشتط
ويمتاحنا زوارنا فكأنما / غدا لهم شرطٌ علينا ولا شرط
ويصبح بسط الكف بالمال عندنا / وكل مليك عنده القبض والبسط
وتخرق شرق الأرض والغرب خيلنا / عليها الشباب المرد والجلة الشمط
وظلماء للشهب الدراري إذا سرت / هناك مع السارين في جنحها خبط
كما أول الفجرين سقط يسل من / حشاها كذاك البرق في جوفها سقط
سللنا بها البيض السيوف فلاح في / شباب الدجى لما بدا لمعها وخط
سيوف لها في كل درع وجنة / إذا ما اعتلت قدُّ أو اعترضت قط
ذخرنا سطاها للفرنج لأنها / بهم دون أهل الأرض أجدر أن تسطوا
لهم قسطهم في الحرب منها ومالها / عليهم لدى الهيجاء عدل ولا قسط
وقد كاتبوا في الصلح لكن جوابهم / بحضرتنا ما ينبت الخط لا الخط
سطور خيول لا تغب ديارها / لها بالمواضي والقنا الشكل والنقط
وحرب لها الأرواح زاهقة لما / تعاين والأصوات من دهش لغط
إذا أرسلت فرعاً من النقع فاحماً / أثيثا فأسنان الرماح لها مشط
كأن القنا فيها أنامل حاسبٍ / أجد بها في السرعة الجمع واللقط
رددنا بها ابن الفنش عنا وإنما / يثبته في سرجه الشد والربط
فقولوا لنور الدين ليس لجائف ال / جراحات إلا الكي في الطب والبط
وحسم أصول الداء أولى لعاقل / لبيب إذا استولى على المدنف الخلط
فدع عنك ميلاً للفرنج وهدنه / بها أبدا يخطى سواهم ولم يُخطُوا
تأمل فكم شرط شرطت عليهم / قديماً وكم غدر به نقض الشرط
وشمر فإنا قد أعنا بكل ما / سألت وجهزنا الجيوش ولن يبطوا
ودونك مجد الدين عذراء زفها / إليك الوفاء المحض والكرم السبط
هديَّا تهادى بين حسن وفائنا / وانعامنا ذا التاج زان وذا القرط
على أنها تشتط إن هي ساجلت / أجيرة قلبي إن تدانوا وإن شطوا
ألا إن أشواقي بقلبي برحت
ألا إن أشواقي بقلبي برحت / فأصبحت في بحر بعيد من الشاطي
قلقت وقد جد الفراق لبعدكم / كأني على جمر الغضا بعدكم واطي
ولا غرو فيكم إن أقضت مضاجعي / وقد بان في حبي لكم وجه إفراطي
ما حاد عن حب البطين الأنزع
ما حاد عن حب البطين الأنزع / متجنبا لولائه إلا دعي
وأنا الذي في حبه وولائه / لا قابل مينا ولا بالمدعي
ولقد حللت بحب آل محمد / وولاي فيهم بالمحل الارفعِ
ولو انني عرضت عليَّ مسالك / الدنيا لأرجع عنهم لم أرجعِ
فهم عتادي في الوغى وذخيرتي / يوم المعاد وعدتي في مضجعي
وإليهم في كل خطبٍ موئلي / وإليهم في كل صعب مرجعي
وإذا اعتصمت بهم نجوت من الردى / وإذا انتصرت بهم وجنانهم معي
همُ نيرات الدين كل منهم / شمس بدت للناظرين بمطلع
فودادهم جبلت عليه فطرتي / وولاؤهم حنيت عليه أضلعي
همُ منتهى الاحسان كيف تصرفوا / وهم ذووا العل الغزير المنبع
رغبت قلوب عنهم واليهم / ينقاد قلبي في العنان الاطوع
واللّه يعلم أنني في مدحهم / لا كالذي يخشى ولا المتصنع
لو قيل بعد المصطفى من صفوة / الدنيا أشرت إلى البطين الانزع
من علمه صوب الحيا وعجيبه / من صيب لما همى لم يقلع
حكم حكت روض الربى في زهره / فعقول أهل الأرض فيها ترتعي
كم أنزل الابطال حد حسامه / في الحرب من فوق المكان الامنع
كم طار منه حتفه يوم الوغى / بطل فنادى ذو الفقار به قع
ولرب يوم شمسه للنقع قد / لاثت خمارا أو بدت في برقع
جلىّ غياهبه بغرة طلعة / كم روعت قلب الكمي الانزع
كل المنايا في مضارب سيفه / تبدوا لوجه الناظر المتطلع
فعداه والاضداد كل لا يرى / بي عاطسا إلا بأنف أجدع
وإذا بدى ذو غرة لي عاذلاً / نأيته عني ذليل الأخدع
وإذا يقاس به سواه فإنه / طمع لعمرك ماله من موضع
وعلام تركي للعمارة مبدلاً / من حسنها سكان قفر بلقع
الكون في الطرف المكدر ناهلاً / وأعود مطرحاً لعذب المشرع
من كان قيداً للنواظر وجهه / وكلامه قد كان قيد المسمع
رب الشجاعة والندى والعلم / والتقوى وزين للسجود الركع
ولى به غسق الضلال وقد رمى / من هديه فيه بريح زعزع
لا يرهب البيض الصفاح كغيره / حينا ولا دعس الرماح الشرع
بت المطامع من زخارف هذه / الدنيا ولم يخل امرء من مطمع
أنا بالأئمة لم أزل متشفعاً / وبغيرهم أنا لست بالمستشفع
ولرب ليل طال في ذكري لهم / فبقيت من طول الأسى لم أهجع
كابدت فيه عظيم همٍّ مؤلم / ورجعت فيه إلى فؤاد موجع
حتى وجدت الوجد مني كامل / والصبر في قلبي بحال موزع
من غلة لو أنني من حرها / في جمة الماء الروي لم أنقع
من غاصبين تصرفوا في حق آل / العزم والحزم الطوال الأذرع
يا حسرتي لو أنني في نصرهم / أهديت نفس الباذل المتبرع
ولو أنني أبكي دماً ما قلت إذ / طال البكا أكفف وازدجر يا مدمعي
إذ فيهم شهر الزمان صوارماً / ونحاهم في هبذر المتدرع
وكفاه إذ خص الحسين وآنه / بالشر والقتل الذريع الأشنع
منع الورود من الفرات وقد رأى / فيه الكلاب من العدى لم تمنع
يا ليتني قد كنت في أيامه / وفدى له من سود آل المصرع
عجباً لدهر نال منه فأبدل الماء / الزلال بوصف لمع اليلسع
ما الدهر إلا سلم هل الجهل في / الدنيا وما أن زال حرب الألمعي
ولقد علقت بحبل آل محمد / يا عاذلي إن شئت فاعذل أودع
أنا لا أصيغ للائم في حبهم / إذ لم يضر فإنه لم ينفع
فلأنصرنهم بعضب قاطع / من مقولي وبسحر نظم المبدع
ولأصرفن إلى الجهاد عدوهم / وجهي واظهر عزمه المتطوع
أضداد ديني لو أكلت وهم على / قيد الحياة لحومهم لم أشبع
فمن الكآبة لم أزل متوجعاً / عجبي لقلبي كيف لم يتصدع
يا نفس دنياك هذه خدع
يا نفس دنياك هذه خدع / والعيش إن دام فهو منقطع
وكل من نفسه تحدثه الخلو / د فيها قد غره الطمع
يا صاح فأيس من الدوام على / الأيام إن الدوام ممتنع
فالناس قد قدموا الرحيل و / ما تشك في أننا سنتبع
واسأل عن الظاعين إذ طعنوا / ماذا لقوا في الورى وما منعوا
دعاهم الحين مسرعاً بهم / فقد أجابوا لما إليه دعوا
لووا خدودا أعزة وزهوا / تيهاً فها هم لأمره خضع
لا يدفع الموت من يعض له / كفا ولا من دموعه دفع
ينقل في مهجة الشجاع ولا / يرده عن مراده المصع
عارض خطب وميض بارقة / إليه كل الأنام منتجع
ولا تزال الأيام واهبة / لكنها للهبات ترتجع
قد أمر اللّه أن يطاع وما / كلف نفساً فوق الذي تسع
وليس للمرء ما يكون له / ذخراً به في المعاد ينتفع
وهو تجاه النفوس يؤمنها / من خوفها إذ يهول مطلع
الا موالاة آل فاطمة الذين / في المؤمنين قد شفعوا
همُ ضياء الهدى فعلمهم / به ظلال الضلال ينقشع
لا دنس فيهم فأزرهُمُ / معقودة لا يمسها طبع
غيوث علم إذا هي انبجست / فهي مدود البحار تندفع
عجبت من منكري فضائلهم / كأنهم ما رأوا وما سمعوا
وليلة قد رعيت أنجمها / وكاد قلبي للوجد ينصدع
سهرت ضغنا على عدوهم / لا نوم لي والأنام قد هجعوا
أود لو كان أسمري قصداً / وأن سيفي في نصرهم قطع
فعندهم لا أمان يدركه / مني بحال وحسبه الجزع
إن لساني في نصرهم لكما / يهاب في حين يزأر السبع
فتارة مسفر وملتثم / وتارة حاسر ومدَّرع
كم من فؤاد وغرته وأنا / لا يعتريني بحاله فزع
يبتدع الضد ما يلفقه / فيمن سواهم ولست أبتدع
أعدت للدين حسنه ولقد / كان زماناً بأنفه جدع
ردعت عباساً اللعين ولو / قد كان غيري ما كان يرتدع
بغى على من أباحه حسناً / لكل باغ يبغيه صرع
سقى فكانت له بغير مرا /
إن فاتني مصرع الحسين ففي / هذا يزيد اللعين منصرع