المجموع : 234
أنِخْ هُديتَ الايْنُقا
أنِخْ هُديتَ الايْنُقا / فَقَدْ وصَلْتَ الأبْرقَا
أمَا تَرَى نَارَ الْقِرى / على رُبَى ذَاتِ النَّقَا
كأنها نجمٌ بَدَا / بَلْ بَدْرُ تمِّ أشْرَقَا
والحَيُّ عَنْ يمنى الرُّبَى / يَا سَعْدُ أبْشرْ باللّقَا
فَقَدْ ذَوى عود النَّوى / وغُصْنُ وصْلى أوْرَقَا
نِلْت السَّرورَ بالْعَنَا / لا رَاحَةَ دُونَ الشَّقَا
فاشْرَبْ واطْربْ لا تكُنْ / مِمَّنْ سَهَا عمّنْ سَقَى
وانْهَبْ زَمانَ الْعَيْش مَا / عُمرُ الْفَتَى إلاَّ البَقَا
أَيُّهَا اللاّئِم رِفْقاً
أَيُّهَا اللاّئِم رِفْقاً / بِالذَّي قَدْ ذَابَ عِشْقا
لا يَرُدُّ العْتبُ صَبَّا / بَلْ يَزِيدُ الصَّبَّ شَوْقَا
إنَّ في أذُنيْهِ وَقْراَ / فاتئّد لأنْ لا تَشْقَى
حُبُّنَا لِلْشَيْء يُعْمِى / ويصمُ قُلْتُ حَقَّا
كُلُمَا تَقُولْ حل غَرْباَ / ففؤادي حَلَّ شَرْقَا
لا تَرَى الْهَوَى نُزْولاَ / فِيه اللّبيبُ يَرْقَى
كَمْ يُحاكى يَا قُلَيْبِي / لِبرُيق الْغَوْر خَفْقَا
كُلّ مَا في الْحُّبِّ عَذْبُ / مِنْ عَذَاب فيه يُلْقَى
فَالْفَنا فيه حَيَاةٌ / فافْنَ إنَّ رِدْتَ تَبْقَى
قَدْ كَساني لباسَ سُقْمِ وذله
قَدْ كَساني لباسَ سُقْمِ وذله / حبُ غَيْدَاءَ بالجْمال مُدله
سَلَبتني وغَيبتْني عَنيِّ / وَغدا العَقْلُ منْ هواها مُولهْ
سَفكَتْ في الهَوى دَمِي ثم قَالَتْ / يا طفيلي عَشقْتني أنْتَ أبْلهْ
إِنْ تُردْ وصْلَنا فموتك شَرْطٌ / لا يَنالُ الوصَالْ من فيه فَضْلهْ
طَهّرْ العين بالمدَامِع سَكْبَا / من شُهود السّوى يزل كلَّ علهْ
وانْخَلعْ عَنْكَ يا خَليع غَرَامي / لا تَكُنْ غيرُ وجْهنَا لك قبْله
وابْذُل الرُّوحَ فهْي فينَا قليلٌ / راضيَا لا تقل دمي مَنْ احَلَّهْ
نُقْطةَ الْباء كَنْ إِذا شِئت تسمو / أو فَدَعْ ذكْرَ قُرْبنا يا مُولَّهْ
وأردْنَا لنا لغَير مُرادِ / والزم البَابَ في حَيَاءِ وخَجْلهْ
من أتَى بَابنَا انَلنَاه فَضْلاَ / تلك عاداتُنا لِمَن شَاء قبْلَهْ
واجْعَل الفَقرَ شفيعَا لك تُغنى / حَبذَا الافتقارُ دينَا وملَّهْ
كم مُحِب بعجْزِه قد تَجَلَّى / نالَ منَّا الذي يَرُومُ ومثله
هذه سُنَّةُ المحبين فاسْلُكْ / واترُك الجاهِلَ العذُول وعَذْله
تَأدبْ بِبَاب الدَّيْر واخْلَعْ بِهِ النَّعْلاَ
تَأدبْ بِبَاب الدَّيْر واخْلَعْ بِهِ النَّعْلاَ / وَسَلّمْ عَلَى الرُّهبَانِ واحْطُطْ بِهْمَ رَحْلا
وعَظَّمْ بِهِ القسيسَ إِنْ شئتَ خُطوةَ / وكَبِّر بِهِ الشَّمَاسَ إِنْ شِئتَ أَنْ تَعْلا
ودُونَكَ أصْوات الشَّمَامِيس فاسْتَمعْ / لأْلحَانِهمْ واحْذَرْك أنْ يَسلبوا العَقْلا
بَدَتْ فِيهِ أقْمارٌ شُموسٌّ طَوَالعٌ / يطُوفُونَ بالصلبان فاحْذَرك أنْ تُبْلى
فايَّاكَ أنْ تَسْمَعْ لَهُنَّ بِحكمَةِ / وايَّاكَ أْن تَجمَعْ لهنَّ بِك الشَّملا
فان كان هذا الشرط وفَّيتَ حَقَّهُ / بصدْقٍ ولم تُنْقِض عُهُوداً ولا قَوْلا
دَعُوكَ بِقِسّيسٍ وسَمُّوْك رَاهِبَا / وابدوا لك الاْسرَارَ واستحسَنوا الفعلا
وأعطوك مفتاح الكنيسة والتي / بها صورت عيسى رهابينهم شكلا
نعم كل ما قد قلت لي قد سَمِعتُهُ / ولا أبتغي في ذَاكَ ودّا ولا مَيلا
وَلمَّا أتيت الدير أمسَيتُ سيّدا / وأصبحتُ منْ زهوى أجر به الذيلا
سَألت عنْ الخمّارِ أين مَحلَّهُ / وهلْ لي سبيل لِلوصُوُل به أمْ لا
فَقَالَ لي القسيَّسُ ماذا تُريدُهُ / فقُلْتُ أريدُ الخمر منْ عنده أملا
فقَالَ ورأسي المسيحِ ومرْيمٍ / وديني ولو بالدر تبذلْ بِهِ بدْلا
فَقلتُ أزيدُ التَبرَ للدر قالَ لا / ولو كَانَ ذَاك التَبرُ تكتاله كَيلا
فقلت له أعطيك خُفى ومُصحفي / وأعطيك عُكازَا قطعتُ به السبلا
وهَاكَ حَرمدَاتي وهَاكَ شميلتي / وها دستماني والكُشيكل والنصلا
وها سِرّ مَفهوُمي وعُودَ أراكتي / وقنديلَ حضراتِي أنادمهُ ليلا
فقال شَرابي جلَ عما وصَفتهُ / وخمَرتنَا ممّا ذَكَرْتَ لنَا أغلى
فقلتُ لَهُ دَعْ عَنكَ تَعظِيمَ وصفها / فخمرتُكمْ أغلىَ وخرقتنا أعلى
على أننّا فيهَا رأينَا شُيُوخنَا / وفيها أخْذنا عن مشائخنا شُغلا
وفيها لنَا سِرّ ادرناه بَيْننا / وفيها لنَا سِرّ عَنْ السرّ قد جلا
وفيها لنَا العُذالُ لامُوا وأكثروا / وأذاننا في لبسها تَترك العذلا
فلما لبسناها وهمنا بحبها / تركنا لها الأوطان والمال والأهلا
فَقَالَ عَسَى تلك العَبَاءةُ هَاتها / فقد اثبتت نفسيِ لها الصدقَ والعدلا
فقلتُ لَهْ إنْ شئتَ لبسَ عباءتيَ / تَطَهر لَها بالطُّهر واضح لها أهلا
وبدلْ لهَا تِلكَ الملابسَ كُلَّها / ومزّقْ لها الزنار واهجرْ لها الشكلا
فقالَ نَعمْ إني شُغفتُ بِحُبها / سَأجعلُها بيني وبينكُمُ وصلا
فناولنيها قَدْ أبحتُكَ سِرّها / وناولنيها فِي أبَاريقها تجلى
فقُلتُ لَهُ ما هذه الراحٌ مقصدي / ولا أبتغي مِنْ راحَكم هذه نيلا
ولكنَّها رَاحٌ تقادمُ عَهدُها / فما وُصفتْ بَعدٌ ولا عرفت قبلا
اقر بأنّ اللهَ لا رَبَّ غَيرُهُ / وأنّ رسّول الله أفضلهم رُسلا
عليهِ سَلام اللهِ مَا لاح بَارِقٌ / وما دَامَ ذكر اللهِ بينَ الورى يتلى
لأخلعَنّ عذَاري في مَحبتَّكُمْ
لأخلعَنّ عذَاري في مَحبتَّكُمْ / بِحوَلكم لا بِحولي لا ولا حِيَلي
وأتركُ الكوْنَ حَتَّى لا أراهُ ولا / أرى اللحوْظَ لترَكِ الترَكِ من قبَلِي
الخلقُ خَلقكمُ والأمْرُ أمْركُمُ / فأيُّ شيء أنا لا كُنتَ مِنْ طَلِلَ
الحقّ قُلتُ وما في الكوِن غيركُم / أعوذُ باللهِ منْ عِلمي ومِنْ عَمَلي
ما للحِجَاب مكاَنُ فِي وجودِكُمْ / إِلاَّ بِسر حروف انظُرْ إِلى الجبلِ
ظهرْتُمُ فَخفِيتمْ مِنْ ظُهورِكُم / أنتمُ دَللتمْ علَيْكُم لِلدّليل ولِي
أنتم دَللتمْ عليكمُ منكمُ بكمْ / ديمُومةً عبرَّتْ عن غَامِض الأزلِ
عرفْتُمُوكم فمنْ هذا الخبِيرُ بكُمْ / أنتمْ هُمُ وحياةِ الحب يا أملي
كمْ ينكرُ النكر لا والعرْفُ عُرْفكُمُ / وإِنما النكرّ للمخلوقُ منْ عجل
بالوْهم يثبتُن والتّحقِيق يُعدمُهُ / أنَّى لضعف الفرَاش الصّبرُ للشعل
قدْ أحرَقْت سُبُحاتُ المجد كل حجي / أقرّ بالعجزِ والاذعانِ والكسلِ
للِفقرِ أهلٌ فَكُن لهمْ تبعَا
للِفقرِ أهلٌ فَكُن لهمْ تبعَا / واعملْ على حبّهم وخِدمِتهمْ
إن عرفت نفسك النفيسة ما / تطلُبُ فاطلُبْ عُلوَ نسبتهم
تكون منهم إذا هُم عُرِضُوا / فيِ أولِ الصّف يَومَ دولتِهم
بين يدي ربنا تبارك من / قدرَّ في حُكمِه برفعتهم
يوم ترى الفخر لا وجُود لهُ / إِلا لهُم عزّهم بذلتهم
مُحبّهُم والَّذي يوَقرُهُم / ومن نحَا نحوهم بجملتهم
قَومٌ تمنى المُلُوكُ رُتبتَهم / لِما رأوْا من سُمر رفعتهم
وأمرٌ من اللهِ سابِقُ لهم / وقسمةٌ فانتهوا لقسمتهم
كم ذا تموُّه بالشعبين والعلم
كم ذا تموُّه بالشعبين والعلم / الأمرُ أوضحُ من نار على علم
وكم تعبر عن سلْع وكاظمهِ / وعن زرود وجيران بذي سلم
ظللْتَ تسألُ عَن نجْدٍ وأنتَ بها / وعَنْ تُهامَه هذا فِعْلُ مُتَّهم
في الحَيّ حيّ سِوى لَيْلي فتَسألهْ / عنها سؤالك وهم جر للعَدم
حَدِّثْ بِما شئْتَ عَنها فَهي راضيةٌ / بالحالَتَين معاً والصمتِ والكلم
سهِرْت غرَاماً والخلِيُّون نوَّم
سهِرْت غرَاماً والخلِيُّون نوَّم / وكيْفَ ينامُ المُسْتهامُ المتَيَّمُ
وتادَمَني بعدَ الحبيبِ ثلاثةٌ / غَرامي ووجْدي والسَّقامُ المخيَّمُ
أأحْبابَنا إن كانَ قَتْلي رِضَاكُم / فَها مُهْجَتي طَوْعا لكم فتحكَّموا
أقمتمْ غرامي في الهوى وقَعدْتم / وأسهَرْتموا جَفني القَريحَ ونمْتمُ
وألَّفتمُ بينَ السُّهادِ وناظِري / فلا القَلْب يسلاكمْ ولا العينُ تكتمُ
وعاهَدْتمونا أنكم تحسنو اللِّقا / فلمَّا تملَّكتمْ قيادي هجرْتمُ
وما لي ذنبٌ عندَكمُ غير أنَّني / وفيْتُ لمن أغْدرْتمُ فغدَرتمُ
أما تتَّقونَ الله في قتْل عاشِقٍ / أمنتم صُروفَ الحادِثاتِ أمنتمُ
تعَشَّقتكُم طِفلاً ولم أدْر ما الهوى / فَلا تقْتُلوني أنْتمُ فيُعلَم
جرحْتمُ فؤادي بالقَطيعَةِ والجفَا / فَيالَيْتكُم داوَيْتم ما قَطعتم
فيَا قاضي العُشَّاقِ كُنْ في قضيتي / وكُن منصفي من ظالِمٍ يتظلَّمُ
بلِيتُ بمن لا يعرفُ العطفُ قلبَهُ / يعذِّبُ قلبي وهو عنْدي مكرَّمُ
فمن قَلبُه مع غيرِه كَيف حالُه / ومن سرُّه في جفْنه كيف يكْتُم
إذا لم أجدْ لي في السَّلام مُراسلاً / أمُرَّ على أبوابكم فأسلّم
وما بعدَ الأحبابُ إِلا لِشِقوتي / ولكن علَيّا علمُوا فتعَلّموا
ركِبتُ بسرِّ الله في بحر عِشْقكم / فيا ربِّ سلّمْ أنتَ نِعْمَ المسلِّمُ
صبّ على عَهْدِكم مُقيمُ
صبّ على عَهْدِكم مُقيمُ / يا منْ بِكم مِثُلهُ يهيمُ
لَيسَ له عَنْكم اشْتِغالُ / كَيْف ودَأبُ الهَدى واللزومُ
كهْف حماكم له مَلاذٌ / يا حبَّذا الكَهْف والرَّقيمُ
لَمَّا صَفا لِلْهَوَى بِجدِ / أسْلمَهُ الخِلُّ والحميمُ
قالَ لهُ قد جِئْتُ فانْظُرْ / قال كذَا الأمْرُ مُسْتقيم
مالِ إِلى شَرْعَةِ التَّصابِي / فَهْيَ له دينُه القَوِيم
يا قادِماً من دِيار لَيْلى / عُطَّرَ من نشْوِكَ القُدومُ
كلّ خَلى الفُؤاد صَاح / عَذابُه عِنْدنَا ألِيمُ
لَوْ يَبْدو لِلنَّاس ما بَدا لي / قالوا ألاَ إِن ذا عَظيمُ
شرِبْتُ بالدُّرّ كاسَ خمْر / عاصِرُها الصَّانِعُ القَدِيم
وطِبْتُ لمَّا فَهمْتُ رمْزِي / وفَهْمُه المطْلَبُ القَويمُ
بَدَا لنَا من حِمَاهُ سِرُّ / يفُوحُ عن لطْفهِ النسيمُ
فَوقْتُنا الآن مثْلُ سَيْفِ / وكلُّ وقْت له عَدِيم
مِلْ بِنا يا سعْدُ وانزِلْ بالحجُونْ
مِلْ بِنا يا سعْدُ وانزِلْ بالحجُونْ / هذه الاعْلاَم تبْدو للعُيونْ
والْتفتْ غرْبِيَّها كَيُما تَرَى / نارَ مَنْ تهْواهُ بِالشّعبِ اليمينْ
للقِرَى شُبَّتْ قديماً نارُها / وهِيَ لا تُطْفى على طولِ السنينْ
قَرِّب النَّفْس ولاَ تَبْخَلْ بِها / إِن أردْتَ الشُّرب من عَين اليقينْ
هِمْ بحَرْف العَيْنِ واعْشَق أهْلهُ / تَعْلم المعْنى مِنَ السّرِّ المصُونْ
جَرِّرْ الذَّيْلَ ولا تَلْوِ على / ذُلِّ هذا الكَوْنِ واصْبرْ للمُجون
أتَيْناك بِالفَقرِ لا بِالغِنى
أتَيْناك بِالفَقرِ لا بِالغِنى / وأنْتَ الذي لم تزَلْ محسَّنا
وعَوَّدْتَنا كلَّ فضْلِ عسى / يدُومُ الذي مِنْك عوَّدتَنا
مَساكينُكَ الشُّعثُ قد مَوّهوا / بحُبكَ إِذْ هو أقْصى الْمنى
فَما في الغِنى واحِدٌ مِثْلُكم / وفي الفقْرِ لا عُصْبةٌ مِثْلُنا
رَأيْناكَ في كلَّ أمْرِ بَدَا / وليْس من الأمْرِ شَيء لَنا
سَترتُ اسمَكم غِيرةً ها أنا / أموهُ بالشَّعْبِ والمنْحَنى
إِذا كنت في كلِّ حال مَعي / فعن حمل زادي أنا في غِنى
فأنْتمْ هُمْ الحقّ لا غَيركُمْ / فَيالَيْتَ شِعْري أنا مَنْ أنا
أرى طالباً مِنّا الزِّيادةَ لا الحسْنى
أرى طالباً مِنّا الزِّيادةَ لا الحسْنى / بفِكرٍ رَمى سهْماً فعَدَّى بهِ عدْنا
وطالِبَنا مطلوبُنا مِن وُجودِنا / نغيبُ به عَنَّا لدَى الصَّعْقِ إِذْ عَنَّا
ترَكْنا حُظُوظا من حضيض لحُوظِنا / مع المقصد الأقصى إِلى المطلب الأسنى
ولم نُلف كُنْه الكَوْن إِلا تَوهُّماً / وليْس بشيءٍ ثابِت هكذا الفيْنا
فرفْضُ السِّوى فرْضٌ علينا لأنَّنا / بِملَّةِ محوِ الشركِ والشَّكِّ قد دنَّا
ولكِنّه كيف السَّبيلُ لرَفضِهِ / ورافِضُه المرفوضُ نحن وما كُنَّا
فيَا قائِلاً بالوصْل والوقْفةِ التي / حجِبت بها اسمعْ وارعوى مثل ما أبْنا
تقيَّدْت بالأوهام لمَّا تداخَلتْ / عليك ونورُ العَقْلِ أورثك السجْنا
وهِمْت بأنْوارِ فهِمْنا أصولَها / ومنْبعها منْ أينَ كان فما هِمنا
وقد تحْجُبُ الأنوار للعبْدِ مثْل ما / تقيَّد من إِظلامِ نفْس حوَتْ ضِغنا
وأيُّ وِصالٍ في القضيَّة يُدَّعى / وأكملُ مَنْ في النَّاس لم يدَّع الأمنْا
ولوْ كان سرُّ الله يُدركُ هكذا / لقالَ لنَا الجمهورُ ها نحن ما خِبْنا
فكم دونَه من فِتْنةٍ وبليَّةٍ / وكم مَهْمهٍ من قبْل ذلك قد جُبْنا
فلا تلْتفِتْ في السَّير غيراً وكلُّ ما / سِوى الله غيرُ فاتخِذْ ذِكرَه حِصْنا
وكلُّ مَقامِ لاتقُمْ فيهِ إِنَّه / حجابٌ فجِدَّ السَّير واستَنْجِدْ العوْنا
ومهْما ترى كلُّ المراتِبِ تجْتلي / عليْكَ فحلْ عنها فعَين مِثْلها حُلْنا
وقُلْ ليْس لي في غَير ذاتِكَ مَطْلٌ / فلا صورةٌ تُجْلى ولا طُرفة تُجْنى
وسِرْ نحْو أعْلام اليمين فإنها / سبيلٌ بها يُمْنٌ فلا تتركَ اليمُنا
أمامَك هَولٌ فاسْتمِعْ لوصيَّتي / عِقال من العَقْلِ الذي منه قد تُبْنا
أبادَ الوَرى بالمشْكلات وقَبْلهم / بأوهامِه قد أهْلَك الجِنَّ والبِنَّا
محجَّتُنا قطْع الحجا وهوَ حجُّنا / وحَجَّتُنا تتلوه باءٌ بِها تُهْنا
يُبطِّئنا عند الصُّعودِ لأنَّه / يودُّ لوَانَّا للصَّعيدِ قد أخْلَدْنا
تلوحُ لَنا الأطْوارُ منه ثلاثَةً / كَرَّاءٍ ومَرْئِيِّ ورؤيةِ ما قُلْنا
ويُبْصر عبْداً عنْد طورِ بقائِهِ / ويرجِع موْلى بالفَنا وهوَ لا يَفْنى
ولوْحاً إِذا لاحَت سُطورُ كَيانِنا / له فيه وهو اللَّوْح والقلم الأدنى
يكُدُّ خُطوط الدَّهْر عنْد التفاتِه / إِحاطَتَه القُصوى التي فيه أظْهرْنا
أقام دُوَين الدهْرِ سِدرَةَ ذاتِه / ونحو ووصْف الكلِّ في وصفه حِرنا
يقَيِّد بالأزمانِ للدَّهْرِ مثْل ما / يكيِّف للأجسام من ذاتِهِ الأبْنا
وعرشاً وكُرسيًّا وبرجاً وكوكبَا / وحشْواً لجِسْم الكلِّ في بحرِهُ عمْنا
وفتْقٌ لأفْلاكِ جواهِره الذي / يشَكلَه سِرُّ الحروف بحَرْفيْنا
يُفرِّق مجموع القضيَّة ظاهراً / وتجمع فَرقاً من تداخُله فُزنا
وعَدَّد شيئاً لم يكُن غير واحِدٍ / بألفاظِ أسماءِ بها شتَّت المعْنى
ويعْرجُ والمعْراجُ منه لذاتِهِ / لتطْوِيرِه العُلويِّ بالوهْم أسرَيْنا
ويجْعلُ سُفليها ويوهِمُ أنَّه / لِسُفْلِيِّه المجعول بالذَّاتِ أهبِطْنا
يقدِّر وصْلاً بعْد فصْل لِذاتِه / وفرض مسافات يجذلها الدهنا
يجَلى لنا طور المعِيَّةِ شكَّه / وإِن لمعَت منه فلتلحق الميْنا
ويُلْحقُها بالشِّرْك من مثْنوِيَّةٍ / يلوحُ بها وهو الملوَّح والمثْنى
فنحن كَدودِ القزِّ يحصرُنا الذي / صنعْنا بدَفْع الحصْرِ سجْناً لنا مِنَّا
فكم واقِفٍ أرْدَى وكم سائرٍ هَدَّى / وكم حكمةٍ أبْدى وكم مملقٍ أغْنى
وتِّيم الباب الهرامِس كلِّهم / وحسْبُك من سقْراط أسكَنُه الدِّنَّا
وجرّد أمثَالَ العوالِم كلَّها / وأبدأ أفْلاطون في أمْثلِ الحسنى
وهامَ أرِسطو حتى مشى من هُيامِه / وبثَّ الذي ألقى إِليْه وما ضنَّا
وكان لِذِي القرْنينِ عوناً على الذي / تبدَّى له وهُو الذي طلَب العَيْنا
ويبحث عن أسباب ما قد سمعتم / وبالبحث غطى العين إذ رده غينا
وذوَّق للحلاَّج طعْم اتحادِه / فقال أنا مَن لا يُحيطُ به معْنى
فقيل له ارجَعْ عن مقالِك قال لا / شربْت مُداماً كلَّ من ذاقَها غنىَّ
وانطلّق للشِّبْلي بالوحْدة التي / أشار بها لمَّا مجا عنده الكوْنا
وكان لذات النَّفرِي مولِّهَا / يخاطبُ بالتَّوحيد صَيَّره خِدْنا
وكان خطيبَا بين ذاتين مَن يكُن / فقيراً يَرَ البحر الذي فيه قد غُصْنا
وأصْمت للجنَيِّ تجريدُ خلقِه / مع الأمر إِذْ صارت فصاحتُه لُكنْا
تثَنىَّ قضيب البان من شُرْب خمرهِ / فكان كمثْلِ الغير لكنَّه ثنَّا
وقد شَذَّ بالشُّوذىّ عن نوْعِهِ فلم / يملْ نحْو أخْدان ولا ساكِنْ مُدْنا
وأصبح فيه السُّهْر ورديِّ حائراً / يصيحُ فما يُلْقى الوجود له أذْنا
ولابن قسيِّ خلْع نَعْل وجودِه / وليْس إِحاطات من الحجر قد تُبْنا
أقام على ساقِ المسرَّة نجْلُها / لِما رمز الأسرَارَ واسْتمطر المزْنا
ولاحَ سَني برْقِ من الغَرْب للنُّهَى / لِنَجْل بنِ سيناء الذي ظنَّ ما ظنَّا
وقد خلَّد الطُّوسيُّ ما قد ذَكَرْتُه / ولكنَّه نحْو التَّصرِّف قد حَنَّا
ولابْن طُفيْل وابن رشْدٍ تيقُّظٌ / رسالةُ يقظان أقْضى فتْحَه الحيْنا
كَسا لشُعَيْب ثوْب جْمع لذاته / يجُرُّ على حُسَّاده الذَّيْل والرُّدنا
وعنْه طَوى الطّائيُّ بُسط كيانِه / به سكْرة الخَلاَّع إذْ أذهب الوهْنا
تسَمَّى بروح الروح جَهْراً فلم يُبَل / ولم ير ندَّا في المقام ولا خِدْنا
به عمر بن الفارِض النَّاظم الذي / تجرَّد للأسْفار قد سَهَّل الحزْنا
وباحَ بها نجْلُ الحرالي عنْدما / رأى كتْمه ضعْفاً وتلويحُه غيْنا
وللأموِيِّ النَّظْم والنَّثر في الذي / ذكَرْنا وإِعْراب كما نحن أعْرَبْنا
وأظهر منه الغافِقي لِمَا خفى / كشَّف عن أطوارِه الغَيمَ والدُّجنا
وبيَّن أسرارَ العُبوديَّة التي / عن أعرابها لمَ يرفعوا اللَّبْس واللَّجْنا
كشفْنا غِطاءً عَن تداخلِ سرِّها / فأصبح ظهْراً ما رأيْتم له بطْنا
هدانا لِدين الحقِّ ما قد تولَّهتْ / لِعزَّته ألْبابُنا وله هُدْنا
فمن كان يَبغى السَّير للجانب الذي / تقدَّس فلْيأتِ فلْيأخُذْه عنّا
رَضِيَ المتيم في الهوَى بجنُونِه
رَضِيَ المتيم في الهوَى بجنُونِه / خلُّوه يفَنىّ عُمرَه بفُنونِهْ
لا تعْذِلوهُ فليْس ينْفعُ عذْلُكم / ليْس السُّلوُّ عن الهوَى من دينهْ
قسَماً بمن ذُكرَ العقيقُ من أجلِه / قسَم المحِبِّ بحبِّه ويمينهْ
مالي سواكم غير أنيِّ تائبٌ / عن فاترات الحبِّ أو تلوينِهْ
مالي إِذا هتف الحمامُ بأيْكةٍ / أبداً أحِنُّ لشَجْوِه وشُجونهْ
وإِذا البكاءُ بغير دمْعٍ دأبُهُ / والصَّبُ يجْري دمْعُه بعُيُونهْ
إِذا غابَ الوجودُ وغِبْت عنْه
إِذا غابَ الوجودُ وغِبْت عنْه / فلم تعْلم أبْعد أم تَداني
وكُنْت من الزَّمان بلا زَمانٍ / وكُنت من المكانِ بلا مكانِ
وحُلْتَ فلسْتَ أنت على يقين / عَياناً ثم غبْت عن العَيان
وقلْت فنيت أنَّ الحالَ باقِ / وقلْتَ بقيتُ إِنَّ الحالَ فان
رأيْتَ الحق فيك وأنت فيه / فصَار العبدُ حُراً في أمان
حرَّك الوجدُ في هُواكم سُكوني
حرَّك الوجدُ في هُواكم سُكوني / وعليكم عَواذِلي عنَّفوني
خلَّفوني في الحيِّ مَيْتاً طريحاً / وعلى النَّوم بعدَهم حلَّفوني
كان ظَنِّي رجوعهُم لي قرِيباً / فانْقضَت مُدَّتي وخابت ظُنوني
أنا إِنْ مِتُّ في هَواكم قتيلاً / بدُموعِي بحقِّكم غسِّلوني
ثم نادوا الصَّلاة هذا محِبّ / ماتَ ما بين لوْعةٍ وشُجونٍ
ولرَوْضِ العُشَّاقِ سيروا بنَعْشي / فهُمو جيرَتي بهم أنْعِشوني
يا غريبَ النَّقا لقد جرَّعوني / بالصُّدود كاس الرَّدى والمنونِ
ارحموا من قضى جَوى في هَواكم / وقِفوا عند رَوْضتي بالحجونِ
واسمحوا للمَزارِ بالرُّوح إِنِّي / في نَعيم إِن أنتمُ زُرتموني
واشرحوا للوَرى قضِية حالي / فعسى عنْد شرحِها يَرْحموني
يا ساقيَ القَوْم من شَذاه
يا ساقيَ القَوْم من شَذاه / الكلُّ لمَّا سَقيْت تاهوا
عاتَبو وبالسُّكرِ فيك طابوا / وصرَّحوا بالهوى وفاهُوا
ما شِربَ الكاسَ واحتساهُ / إِلا محِبُّ قدِ اصطفاهُ
يا عاذِلي خلِّني وشُرْبي / فلسْت تدري الشراب ماهُو
قُم فاجتنِ قهْوةَ المعاني / من صفوةَ الكاسِ إِذ جَلاهُ
واسمعْ إِذا غنَّت المثاني / تقولُ يا هُو لبَيَّك يا هُوَ
واطْرب بذكْرِ الحبيب وافْرحْ / قد بلَغَ الشَّوق منْتهاهُ
ما قُلْتُ للقلْب أين حِبيِّ / إِلاَّ وقال الضَّميرُ ها هُو
أنظرُ للفْظِ أنا يا مُغْرماً فيهِ
أنظرُ للفْظِ أنا يا مُغْرماً فيهِ / من حَيث نظْرتنا لعلَّ تدريهِ
خلِّ أدخارَك لا تفْخر بعارِية / لا يستعيرُ فقيرٌ من موالِيه
جُسومُ أحرُفهِ للسِّرِّ حاملةً / إِن شئْت تعرِفُه جرِّب معانيه
كشَف المحبوبُ عن قلبي الغَطا
كشَف المحبوبُ عن قلبي الغَطا / وتجلىَّ جهرةً منيِّ إِليّ
لم يُشاهِد حسْنَه غيري ولم / يبْقَ في الدَّير سِوى المشهودِ فيّ
وجَلا عنيِّ حجاباً كُنْته / وتلاشى الكَون يا صَاح لديّ
أيُّ حُسن ما بدا إِلا لمن / قد طوَى العقْل معَ الأكوان طيّ
ورأى الأشْياء شيئَا واحداً / بل رأى الواحِد وتراً دون شيّ
غيرُ ليْلي لمْ يُرى في الحيِّ حيْ
غيرُ ليْلي لمْ يُرى في الحيِّ حيْ / سلْ متى ما ارتبت عنها كل شيْ
كل شِي سرُها فيه سَرَى / فلذا يثنى عليها كل شيْ
قال مَن أشهدَ معنى حُسنها / إِنه منتشرُ والكل طيْ
هي كالشمسِ تلالا نورها / فمتى ما إِن ترُمةُ عاد فيْ
هيَ كالمرآة تُبدي صوراً / قابَلَتْها وبها ما حل شيءْ
هي مثلُ العين لا لون لها / وبها الألوانُ تُبدي كل زَيْ
والهدى فيها كما أشقى بها / ولها الحجة في كشف الغُطَيْ
جورها عدل فاما عدلها / فهو فضلٌ فاستزد منه أخيْ
هِيْ في مربعها لا غيرُها / فلذا تُدْعى بلا شيء سُوَيْ
عجباً تنأى ولا أيْن لها / ثم تَدْنُو وصْلُها ملْ يَديْ
ولنا مِنْ وصلها جمعٌ ومِنْ / بُعْدِها فرقٌ هما حال إِليْ
فبحكم الجمع لا فرقَ لها / وبحكم الفرقِ تلبيس عِليّ
لَبْسُها ما أظهرتْ مِنْ لُبْسِها / فلها في كل موجودٍ مُريْ
أسْفرت يوماً لقيسٍ فانثنى / قائلاً يا قومْ لم أحْبِبْ سويْ
أنا ليلى وهِيَ قيسٌ فاعجبوا / كيْف مني كان مطلوبي إليّ
جِيتْ مِن البَدايا حَتى
جِيتْ مِن البَدايا حَتى / ريتْ أني عدتُ للنهَايا
لمَّا زالتْ استارِي / ريتْ بيَّا ليَّا
وارتفعْ حجابْ قلْبي / وشُغفتُ بِيَّا
وَانَا هُ محبُوبي / والجمالُ لِيَّا
قُولوا لِي هَنِيَّا / كَنزي بين عيْنيَّا
تُنْفِقُوا عليَّا /
لَسْ هذا الغنى محْدَثْ / مِن قَديمْ هُ عِنْدِي
نكروه عُذالي / ونِلْتو بَعْدي
مَن سَعَدْ مِن أولادِي / هُوَ يرثُه بَعْدي
مملَكهْ قوية / خبرتْني عَن آدَمْ
مَا أشبْهُوا ليَّا /
غِبْتُ لم نَغِب عنْكم / احْسبُوني معْكُمْ
ذَا الستار تحْجُبني / وأنا لسْتُ منْكم
ذا السكُونْ فيهِ رمْزِي / وأنا نعِظْكُم
سلِّمُوا عليَّا / كُلكُمْ تجُوا عِنْدي
للدّار السَّنيَّا /
نشرب بكاس الحميا / ومتى تقبل عليا
وليا نعشق بنيا /
لأني هو ذاتي / وروحي حقيقة
تملا وتسقيني / خمرة رقيقة
ولا نبالي / بقول الخليقة
فاطلُب علَيَّا لديَّا / واشْرب هَنيَّا مَريَّا
خمراً قديماً جَليَّا /
إشاراتي مِنِّي فيَّا فاعْلمْ /
ولا تردْ ليَّا ثاني فافْهم /
عينُ الجميعْ أنا كلِّي فالزَمْ /
فخلِّ هوَّ وَهِيَّا / واتركْ لزيْدٍ ومَيَّا
وطِبْ واعْشق بِنيَّا /
فالفَانِي يَفْنَى وتبْقى حَياتي /
ولاَ تُفارِق حَياتِي صفاتي /
فَذاتِي كُلِّي وكُلِّي ذاتِي /
وشمسُ ذاتِي مُضيَّا / ومِنِّي نُقْبل عَلَيَّا
وفيَّا نعشق إليَّا /