المجموع : 561
مالي عَجلتُ إلى دُعائكْ
مالي عَجلتُ إلى دُعائكْ / وحُرِمتُ حَظّي من لقائكْ
وتركتَني مُسْتَوْحِشاً / لمّا عزمتُ على اصطفائك
حتّى لقد أوهمتَني / أنّي أخونُك في وفائك
صلّى عليك الله من / مَلكٍ وزادك في حِبائك
ما قال أَوَّهْ لفقده واهَا
ما قال أَوَّهْ لفقده واهَا / كمستريحٍ لقوله آهَا
تَبَرَّمُ النفِس من بلابلها / يُفْسد إقرارَها ودعواها
إن يَحْجُبوا وصلَها فما حجبوا / عنِّي سُرَى طيفها وذكراها
بعيدةُ الدّار وهي دانيةٌ / منّي على بعدها ومَنْآها
في ناظر القلب شخصُ مَرْآها / وفي صميم الفؤاد مَثْوَاها
غَرّاء للِّدعْصِ مِلءُ مِئْزَرِها / وللقضيب الرَّطيب أعلاها
أعارِت الراحَ لونَ وجنتها / وطَبْعَ ألحاظها ومعناها
فالخمرُ لو لم تكن كمقلتها / في الطّبْع ما أسكرتْ نَدَامَاها
وليلةٍ بتُّها على طَرَبٍ / آخِرُها مُشْبهٌ لأُولاها
أُقبِّل البرقَ من تَرائبها / وألْثَمُ الشمسَ من مُحيّاها
سَقَتْنِيَ الرّاحَ وهي خدّاها / بأكؤس اللّحظ وهي عيناها
إذا أرادت مزاجها جعلت / بآخر اللحظ في فمي فاها
فيا لَها قهوةً معتّقةً / وليس إلاّ الخدودَ مأواها
حَبابُها الثَّغْرُ حين تُمْزَجُ لي / ونَقْلُها اللَّثْمُ حين أُسْقَاها
تخالُها الشمسَ في تَلأْلُئها / لا بل تخالُ الشموس إيّاها
سَل الصِّبا والأنامَ عن شِيَمي / والمجدَ عن راحتي وجَدْواها
ألستُ أُعطِي العُلاَ حقائقها / منّي وأُجرى اللّذّاتِ مُجْراها
وإن تَدِب الخُطوبُ جامحةً / لَقِيتُها لا أخاف عُقْباها
ومن عيون الظِّبا تَسْحَرُني / أضعفُها لحظةً وأضناها
ولستُ أَرضَى من الأمور بما / لا أجد المكَرْمُات ترضاها
واسمَعْ فعندي من كلّ صالحةٍ / ألطَفُ أسرارِها وأخفاها
لا أدّعي الفضلَ قبل يشهدُ لي / به أداني الدُّنَا وأقصاها
ولا أرى لي على الصديق يداً / تُفْسِدُ إنعامَها بنُعماها
من أصطفاني بودّه فله / عندي يَدٌ كالجبال صُغراها
لله أيّامُنا التي سَلَفتْ / بدار حُزْوَى ما كان أحلاها
فالقَصْرِ من صيرة الملوك إلى / أعلى رُباها إلى مُصلاّها
إذ نَجْتَنِي اللهو من أصائِلها / والعزَّ من فجرها ومَغْداها
إن عَرَضَتْ لذَّةٌ مَلكناها / أو صَعُبت خُطَّة حَوَيناها
أو يممَّتْنا تروم نُصْرتنا / صارخةٌ باسمنا حَميْناها
وإن رَمتْنا الخُطوبَ عن عُرُضٍ / فاضَ نزارٌ لها فَجلاّها
المُطْفئ الحرب كلّما أضطرمتْ / وفارسُ الخيل حين يَلقاها
كأنّما الدهرُ من مخافته / يُعَلّ بالخَمر أو حُمَيّاها
بذَّ الملوكَ الألى فغادَرها / تَذُمّ سلطانَها وعَلْياها
قَصّر عنه اقتدارُ قيصرها / وجاز سَابُورَها وكِسْرَاها
وفات فَيْرُوزَها ورُسْتَمَها / وزاد عزًّا على جُلُنْدَاها
لكلّ مَلْكٍ من الورَى شَبَهٌ / وما أرى للعزيز أشْباها
أقول يا مالكَ الملوك ولا / أقول في مدحه شَهِنْشاها
سعى وطال النجومَ مَبتَدِئاً / بهمّةٍ يَستقلّ مَسْعاها
نفسٌ كأنّ السماءَ مسكنُها / وهِمّةٌ كالزمان أدناها
لم يَسَعِ الدّهرُ حين حلّ به / صُغْرَى عُلاَه فكيف كُبْرَاها
خلافةٌ أصبح الزمانُ لها / مسْتخَدم السَّعْي مذ تولاّها
تَنْهاهُ عن بطشه وتأمرُه / وليس يَسْطِيعها فيَنْهاها
يا مَلِيكاً يفخَر الفَخَارُ به / منَّا على حيّها ومَوْتاها
وتستقِلّ الملوك عِزّتَها / إذا رأتْ عزّة ودنياها
ولو تبدّت لها سجيّتُه / ما حمَدتْ بعده سَجَاياها
لو أمَّهُ من عُفاته أحَدٌ / يقول هَبْ لي عُلاكَ أعطاها
ليست بناسٍ لَوعْدِه وإذا / جاد بنُعماه فهو ينساها
إن أخلف الغيثُ بات نائلهُ / يَخْلُف أنواءه وسُقْيَاها
مُفْترِقُ الحالتين مُجْتمِعُ ال / آراء في سَلْمها وهَيْجاها
دانت له الأرضُ والعبادُ معاً / والوحشُ في وَعْرها وصحْرَاها
فهو لسان التُّقَى ومقلتُه / وهو يمين العُلا ويُسَراها
صُور من جوهر النبوّة إذ / كان الورى طينةً وأمواها
فَمنْ يُطِعْه يفُزْ بطاعته / ومن عصاه فقد عَصَى اللهَ
خُذْها تُباهِي بها الملوكَ فما / جاء بها مالكٌ ولا بَاهَى
لا سيّما من أخي مُحافَظةٍ / حاز بها المَكْرُماتِ والجاها
هذا ولم تَحْوِ من مَناقبك الغرْ / رِ سوى بعض عُشْر أجزاها
مجدك يَستغرِق الثناءَ ولو / كان الورى ألْسُناً وأفواها
وا بِأبِي الظّبيُ الذي لو بدا
وا بِأبِي الظّبيُ الذي لو بدا / للبدرِ قال البدرُ واظُلْمَتاهْ
أثّرتُ بالألحاظ في خدّه / فانتصفت منّي له مُقْلتاه
ثم رمَى قلبي بألحاظِه / وا بِأبِي ألحاظُه من رمَاه
كم سفكت أجفانه من دَمٍ / نمّت عليهنّ به وَجْنتاه
يا قومِ ما بالُ ظُلاماتِنا / في الحُبّ لا ينظرُ فيها القُضَاه
فتَمنعَ المحبوبَ من زَهْوه / وتُنْصِف العاشقَ ممّن جَفاه
لا تَطلبوا خَلْقاً بقتلي سوى / فواتِر اللَّحظ ووَرْدِ الشِّفاه
لو قيل لي ما تَشْتهي لم أَقُلْ / شيئاً سوى قَلْع عيون الوُشاه
يا من بَراني حبُّه وانتهى / بِيَ العَنا في هَجره مُنتْهاه
مَنَعْتَنِي الطيفَ بمَنْع الكَرَى / مِنَّى فكدّرتَ عليّ الحياه
والله لا أَنْسَى لها قولَها / من خَلْف سِجْف السِّتْر واضَيْعتاه
متى استوتْ في الحبّ أقدامُنا / حتى أُواتيه وأَبْغي رِضاه
ثم علَتْها رِقّةٌ فانثنتْ / قائلةً يُجْزَى بمثلَيْ هواه
فوجَّهتْ بالدرّ لي ثغرَها / وأرسلتْ لي وجهَها في المِرَاه
شَرى البرقُ فالتاعَ الفؤادُ المُعَذَّبُ
شَرى البرقُ فالتاعَ الفؤادُ المُعَذَّبُ / وحار الكَرَى في العين وهْو مُذَبْذَبُ
أرِقتُ لهذا البَرْقِ حتى كأنّما / شَرَى فبدَتْ منه لعينيَ زينبُ
يَلوح ويَخْبو في السماء كأنّه / سيوفٌ بأرجاء السماء تُقَلِّب
شَرى قبلَ صَبْغ الليل بالحلَكَ الرُّبَا / ووافَى وقد كاد الصباحُ يُثَوِّب
يَؤُمّ رَعِيلَ الغَيْم عَمْدًا وإنّما / يؤمّ خيالاً من سُلَيْمَى ويَجْنُب
وإلاّ فلِمْ وافَى كأنّ نسيمه / وما فيه طِيبٌ بالعبير مُطَيَّب
ولم جاء والطّيفَ المُعاوِد مَضْجَعي / معاً ومضى لمّا مضى المتأوِّب
وأنَّى اهْتدى طيفُ الخيال ودونَه / من البِيدِ مجهولٌ ودَوٌّ وسَبْسَبُ
فَواصَلَني تحت الكَرَى وهو عاتِبٌ / ولولا الكرى ما زَارَني وهو يَعْتِب
وبات ضجيعي منه أَهْيفُ ناعِمٌ / وأدْعَجُ نَسْوانٌ وأَلْعَسُ أَشْنبَ
كأنّ الدجَى من لون صُدْغَيه طالِعٌ / وشمسُ الضُّحَى في صَحْن خَدَّيْه تَغْرُبُ
فلّما أجابَ اللّيلُ داعيَ صُبْحه / وكادتْ ثريّا نَجْمِه تَتَصوَّب
ثَنَى عِطْفَه لمّا بدا الصّبحُ ذاهباً / وما كاد لولا طالعُ الصبح يذهب
إلى الله أشكو سِرَّ شوقٍ كتمتُه / فنمَّ به واش من الدّمع مُعْرِب
وإني لألقَى كلَّ خَطْبٍ بمهجةٍ / يهون عليها منه ما يَتَصعّب
وأستصحِبُ الأهوالَ في كلّ موطنٍ / ويُمْزَجُ لي السّمّ الذُّعاف فأَشْرَبُ
وأُغضي على مِثل الأسِنّة صابراً / ولو شئتُ لم أصبِرْ وللسيف مَضْرب
ولستُ بإقبالٍ وإن سَرّ فارحاً / ولا من عجيبِ يُعْجِبُ الناسَ أعْجَب
لأنّي بلوتُ الدهر ثم علمتُه / وجرّبتُ ما لم يَلْقَ قبلي مُجَرِّب
كثيرُ الغِنَى بالعقل فخرٌ وإنه / لذي الجهل مُخْزٍ بالحياة ومُتْعب
سَيصْحَبُ نَصْلِي من يُرى مثلَ حَدّه / ويَحْمَد صحبي شيمتي حين أَصْحَب
وما الحرُّ إلاّ من تَدرّع عَزْمَه / ولم يك إلاّ بالقنا يَتَكسّب
فإنّ القنا فيها لديّ فسيحة / وفي السيف عن دار المَذلّة مَهْرَب
أَأَسأل حظًا من لئيم ومُقْرِفٍ / وأخْضَعُ للنِّكْسِ البخيل وأطلبُ
وأتُرك بِيضَ الهند وهي شوافِعٌ / إذا جُرِّدت في حاجة لا تُخَيَّبُ
ومالي أخاف الحادثاتِ كأنّني / جهولٌ بأنّ الموتَ ما منه مَهْرَبُ
إذا لم أَرِدْ وِرْدَ المنايا مُخاطِراً / بنفسي فلا جُنِّبتُ ما أتجَنّب
سأَثني دَراريَّ النجوم وأَنْثَني / وأَعْطِفُ أطرافَ الرِّماح وأركبُ
وأحمل ما بين المَهالكِ حَملةً / يعود بها روضُ المُنَى وهو مُخْصب
وإلاّ فما لي من أئمَة هاشمٍ / ولا لِيَ في الدَّهماء جَدٌّ ولا أبُ
خليليَّ ما في أكؤِس الرّاح راحتي / ولا في المَثاني لذّتي حين تُطْرِبُ
ولكنّني للمجد أَرتاح والعلا / وللجود والإعْطاء أصبو وأَطرَب
وللحلمِ يومَ البطش منّي حَمِيّةٌ / وللحِفْظ يوم الغَدْرِ فيّ تَغضُّب
ومَنْ بين جَنْبيه كنفسي وهمّتي / يَروح له فوق الكواكب مَوْكِب
ومن أين لا أغدو ولي كّل مَفْخَرٍ / يَضِيقُ افتخار الناس عنه ويُحْجَبُ
ولي من نِزَارٍ لُحْمَةٌ شدَّ نَسْجَها / مَعَدٌّ ويَحْويني وإيّاه مَنْصِب
وقُرْبَي تراضَعْنَا جميعاً لِبانَها / وصِنْوٌ إذا عُدّ الإخاء ومَنْسبُ
فلا يتّهمني الحاسدون ببغيهم / فعِزِّيَ من عِزّ العزيز مُرَكبُ
إمامٌ له من كلّ نفس مُراقِبٌ / وفي كلّ أرض عقدُ عزّ ومِقْنَبُ
محبّته حتمٌ على كلّ مسلمٍ / وطاعتُه فرضٌ من الله مُوجَبُ
كأنّ العطايا والمنايا نوافِلٌ / يجود بها في حين يَرْضَى ويَغْضَب
رفيعُ المعالي في العيون مُعَظَّمٌ / كريمُ السجايا في النفوس مُحَبَّب
أّلذَ من الشهد المُصَفَّى مذاقُه / وأطيبُ من نيل الأماني وأَعْذب
وأمضَى من المِقدار عَزْماً وبَطْشةً / وأوسعُ لِلأيّام صَدْراً وأَرْحَبُ
مآثِرُه في حَلْبة الفخر سُبَّقٌ / وتدبيرهُ في ظُلْمة الليل كوكبُ
وآراؤه يومَ اللِّقاء نوافِذٌ / مَواضٍ إذا كلّ الحديدُ المُضَرَّبُ
هينئاً لك الأعيادُ يا عيدَها الذي / به يُمْنَح العزُّ المنيعُ ويُوهَبُ
وملءُ فضاء الأرض حولك صاهلٌ / وأسمرُ خَطِّيٌّ وعَضْبٌ مُشَطًّب
فَسِرتَ بهم مُسْتَعْصِماً بسكينةٍ / كأنك من لُبْس التقى مترقّب
وقمتَ بهم في مِنْبَر المُلك خاطباً / بما لم يَقُمْ مَلْك سواك ويَخْطُب
وأفصحتَ حتى ليس إلاَّكَ مُفْصِحٌ / وأسْهبتَ حتى ليس إلاّكَ مُسْهِب
تُبَشِّر طَوْرا بالإِلهِ وتارةً / تُخَوِّف من عِصْيانه وتُرَهِّب
بَياناً ووعظاً قد تَناهيتَ فيهما / كأنّك لم يَسبِقْك قُسٌّ ويَعْرُبُ
وأَثبتَّ في الأسماع برهانَ حكمةٍ / يُقَصِّر عنها من يقول ويُطْنِب
لأنّك في بحر البلاغة مُغْرَق / وفي ساحَتَي أرِض النبوّة مُنْجِب
لَيهْنِك أنّ الفضَل أجمعَ كلَّه / إليك أبا المنصور وَحْدَك يُنْسَب
وأنك أنتَ المصطفى المَلِكُ الذي / بطاعته مِنْ ربّنا نتقرّب
ولولاك كان المُلْكُ في غير أهله / وكان على أُفْقِ الشّريعة غَيْهَب
عليك صلاةُ الله ما طلعَ الضُّحى / وما حنّ للأوطان من يَتغَرَب
ولى صاحب لا يُمْرِضُ العقلَ جهلُه
ولى صاحب لا يُمْرِضُ العقلَ جهلُه / ولا تَتأذّى النفس منه ولا القلبُ
إذا قلتُ لا في قصّةٍ لم يقل بَلى / وإن قلتُ أصبو قال لا بدّ أن أصبو
وإن قلت هاكَ الكأسَ قال مبادرِاً / ألاَ هاتِها طابَ التَّنادُمُ والشُّرب
سريعٌ إذا لبّى صبورٌ إذا دَعا / يهَون عليه في رضا خِلّه الصَّعْب
غدوتُ به يوماً إلى بيت حانةٍ / وللغَيم دمعٌ ما يكُفّ له سكب
وقد نَفَحتْ رِيحُ الصِّبا بمَنافِسٍ / عَبِيرِيّة الأنفاسِ طاب لها التُّرْب
فأَفْضَى بنا الإدْلاَجُ بعد تَعسُّفٍ / إلى زَوْلةٍ شَمْطاءَ مَنزِلهُا رَحْبُ
مُزنَّرةٍ أمّا أبوها فقيصرٌ / وحَسْبُك مَلْك جَدّه قيصرٌ حَسْب
قُصَيريّةٌ ديرية هِرْقْليّةٌ / تقاصَر منها الخطو واحدَوْدب الصُّلْب
وقالت لنا أهلاً وسهلا ومرحباً / وقَلّ لكم منِّي البشاشة والرّحْب
مَنَ أنْتُمْ فقلنا عُصْبةٌ من بني الصِّبا / دعاهم إليكِ القَصْفُ والعَزْف واللِّعْب
فقالت على اسم اللهِ حُطّوا رِحالَكم / فعندي الفتاة الرُّؤدُ والأَمْرَدُ الرَّطْب
وراحٌ نفَى أَقْذاءَها طولُ عمرها / فجاءتْ كما يُذْرِي مَدامِعَه الصَّبُّ
أَرّق إذا رَقْرقتَها في زجاجة / وألطَفُ من نَفْسٍ تَداولَها الحبُّ
كَأنّ سِرَاجاً في تَرائب دَنّها / إذا أقبلتْ من ليلة الدّنّ تَنصَبّ
فقلنا لها هاتي بها وتَعجَّلي / ولا يك فيما قلتِ خُلْفٌ ولا كِذْب
فجاءتْ تَجرُّ الزِّقَّ نحوي كأنه / على الأرض زِنجِيٌّ بلا هامةٍ يحبُو
فلمّا مزَجناها بدا فوق رأسها / حَبابٌ كما يَنْسابُ من سِلْكه الحَبُّ
وطافت بها هيفاءُ مُخْطَفةُ الحَشا / مَعَاطفُها سلْمٌ وألحاظُها حَرْبُ
تَمايَل رِدْفاها وأْدْرِج خصرُها / ليَاناً ولطفا مثل ما تُدْرَج الكُتْب
شكا كَشْحَها الزُّنّارُ ممّا يُجِيعه / وضاق بها الخَلْخالُ وامتلأ القُلْب
أغارُ على أعطافها كلَّما انثنت / مع الكأس أو فدَّى ملاحتَها الشّرْب
أحلّت لي الصهباءُ تَقْبيلُ وجهها / وما كان قبل السُّكْرِ في لثمِه عَتْب
كأنّي وقد أضجعتُها وعلوتُها / من الشكل رَفْعٌ تحت ضمّته نَصْبُ
وما فَضّ لامِي صادَها بجنايةٍ / سوى قولِها إن المسيح لها رَبُّ
فلمّا أغاظتنِي بإظهار كُفْرها / ذَببْتُ عن الإسلام إذ أمكن الذّبُّ
وضرَّجتُ فخْذَيْها دَماً بمصمِّمٍ / تُقِرّ له البِيضُ المهنَّدةُ القُضْب
وقلت لها أَرْماحُنا عَلَويّة / تَقُدّ تِراس الرُّوس إن طعَنت عُرْب
فما تَرِحت حتى أنابتْ وأسْلَمتْ / فهل ليَ في فَتْكِ بها بعد ذا ذنب
أبا حسنٍ هاك المُدامةَ واسقِني / فقد شاب رأسُ الشَّرْق وأحلَوْلَكَ الغربُ
كأنّ الثريّا في مُلاءِة فجرِها / مَصابِيحُ إلاّ أنّها قد بدتْ تَخْبو
سلامٌ على دَيْر القُصَيْر ومرحباً / به فَلَهُ مِنّي التَّخصُّص والقرب
فكم لذّةٍ فيه قضيتُ وغُلة / شَفيتُ ولا واشٍ علنيا ولا شَغْب
منازلُ يَسْتنّ الصَّبا في عِراصها / ويَعْذُب فيها ماءُ ديمتها العذب
حَسُنَتْ بك الأيّامُ حتى خِلتُها
حَسُنَتْ بك الأيّامُ حتى خِلتُها / دُرّاً أضاء على ترائب كاعب
فغدَتْ بك الأحداثُ غير صَوائبٍ / وارتدّت الآمالُ غيرَ خوائب
تَسْرِي حلومُك للذّنوب فتَنْمحي / ويَبيتُ جودُك طالباً للطالب
جعلَ الغرامَ عليه ضَرْبةَ لازِبٍ / والشوقَ يوم البين أغلبَ غالب
فجفونُه في عارِضٍ من دمعه / وفؤادُه في جَاحِمٍ مُتَلاهِب
ما كان أهون عِيسهم يومَ النَّوى / لو لم تَسرْ بهوادجٍ وكواعب
هنّ الغصونُ الغِيدُ غير نوابتٍ / وشموسُ يوم الدَّجْن غير غَواربِ
لو لم يُكَدِّرْ حسنُهنّ بعاذلٍ / لاحٍ وواشٍ كاشح ومُرَاقب
لم تَحْمِل الكُثبانُ قضباناً ولا / لاحتْ بدورُ التِّمّ تحت جلابِب
ذهبوا فمَا الشوق الملمّ بذاهب / لا لا ولا الصّبرُ البعيدُ بآئب
قد كنتُ أرْكَب في هواك مَسَاءتي
قد كنتُ أرْكَب في هواك مَسَاءتي / فعْلَ المحبّ الصبّ بالمحبوبِ
وأجود بالنّفس النفيسة جاهداً / لك في الهوى ويَطيبُ لي تَعْذيبي
كيما أراك على الوفاءِ وأجْتَني / مَعْسولَ وَصْلِك وهو غير مَشُوب
فَغَدرتَ غيرَ مُغَادِر وقطَعت غي / ر مُقَاطِع وأرَبْتَ غيرَ مُرِيبِ
غالَطتُ عقلي في هواك وفِطْنتي / حُسْنُ الوفاء بصحّة التَّركيب
فالعذرُ عذري إذ جعلتُك حاكماً / في القلب منِّي والذنوبُ ذنوبي
والله لا استمتعتُ منك بنظرة / ولو أنّك المَعْزِي إلى يعقوب
قد كنت أحسنَ مِن مُنَاقَلَة الثنا / فكسوت وجهَك وَحْشة التّأنيب
رأيتُ في البستان إنسانةً
رأيتُ في البستان إنسانةً / صفراء للألباب سلاَّبَهْ
كأنّها لمَّا بدَتْ ظبيةٌ / من الظباء العُفْر مُرْتَابَهْ
أَذْهب ماءُ الحسن تَفْضِيضَها / فَجوَّد الخالق إذهابَه
يا حسنَها تُومي بِنيلُوفَرٍ / قد ركّبته فوق عُنَّابه
تَشَمُّه طوراً وأرواحُها / على رياح النَّوْر غلابهْ
فقلتُ نِيلُوفَرةٌ هذه / أَمْ بفؤادي أنتِ لعَّابَه
مانِعَتي لذّةَ التَّداني
مانِعَتي لذّةَ التَّداني / مانحتي الوصلَ غيرَ عَذْبِ
إن كان ذنْبي إليكِ حبّي / فلستُ أَعتدُّه بذنب
ها فانظري هل تَرَيْنَ إلاّ / قلبيَ يَبْكي لفقد قلبي
كأنّ من شفني عدوّي / وهو على رغم ذاك حِبِّي
شكا العُودُ بالأوتار شجوا فأطربا
شكا العُودُ بالأوتار شجوا فأطربا / وتَرْجَمَ عن معنى الضمير فأَعْرَبا
فم أَرَ شَاكٍ مثلَه بثَّ شجوَه / فأفرحَ محزوناً وفكّ مُعَذَّبا
خُذي الكَأسَ يا مظلومة الخَدِّ مُتْرعاً / ومُدي به نحوي بَنَاناً مُخْضَّبا
فإنّي سبقتُ الدهر للمَجد والعُلا / وسُدْتُ جميعَ الناس شَرْقا ومَغْربا
وما ذاك إلاّ أنّني بسعادتي / غدوتُ قريباً من مَعَدٍّ مُقَرَّبا
عِذابٌ كماء الغَيْثِ عذْبٌ مَذَاقُه / وتارك ما لاقاه ريَّانَ مُعْشبا
اَحَيٌّ وقد حَثُّوا الرّكائبَ والرَّكْبا
اَحَيٌّ وقد حَثُّوا الرّكائبَ والرَّكْبا / كأنّك لستَ الهائمَ المُدْنَفَ الصَّبّا
ستعلم إن بانوا وخُلِّفتَ بعدهم / بأنّك ممّن يَفْقد العقلَ واللُّبّا
وأشرفُ ما في مذهب الحفظ والهوى / مَمَاتُك بالهِجْرانِ من بعدهم حُبّا
لو كنتُ أعلم أنّ يومَ وَداعكْم
لو كنتُ أعلم أنّ يومَ وَداعكْم / أضْنَى وأنّي من وصالك أُسْلَب
لقتلتُ نفسي طاعةً لرضاكُم / ورأيتُ ذاك هو الصوابُ الأوجبُ
إن كانت الألحاظُ رُسْلَ القلوبْ
إن كانت الألحاظُ رُسْلَ القلوبْ / فِينا فما أَهْونَ كَيْدَ الرّقيبْ
قّبلتُ من أَهْوى بعيني ولم / يشعر بتقبيليَ خَدُّ الحبيبْ
لكنّه قد فَطنَتْ عينُه / بسرِّ عيني فطْنَةَ المُسْتَريب
إن كان علمُ الغيب مُسْتَخْفياً / عنّا فعند اللّحظ علُم الغيوب
إذا هَبّ سلطانُ المِرِيسيّ نافحاً
إذا هَبّ سلطانُ المِرِيسيّ نافحاً / سُحَيْراً وحلّ القُرّ كُلَّ نِقَابِ
وَزَرّ على الأفْق الغمامُ ثِيابَه / فقُمْ فالْقه في عُدّةٍ وحِراب
بِكنٍّ وكانونٍ وكَأسِ مُدَامةٍ / وكِيسٍ وكُسٍّ وافرٍ وكَباب
وكلِّ كساء أدْكنٍ ومُضَرّجٍ / كما ضَرّج الخدّين ماءُ شباب
جَمَعتُ لك الكافات سُبْعاً ولم تَكُن / بمجموعةٍ قَبْلي لربِّ كتَاب
أَرَانِي إذا هَذَّبتُ فيك قصيدةً
أَرَانِي إذا هَذَّبتُ فيك قصيدةً / من المدح وَاتانِي الكلامُ المُهَذَّبُ
وإن رُمتُ تقريظاً لغيرك عاقَنِي / لساني ورَاح القولُ فيه يُكذَّب
لأنَّك مجبولٌ على الفضل والعُلا / وأنّ العطايا فيك طبعٌ مُرَكَّب
فيُمناك غيثٌ في البريّة ساكتٌ / وعِرْضُك إصباحٌ ووجهُك كوكبُ
فأنت المُعَلَّى المُسْتَضاءُ بنوره / وأنت المُفَدَّى المُسْتَطابُ المُحَبَّب
بك انصلحت أيّامُنا بعد جَوْرِها / وذلَّ الزمانُ الجامحُ المُتَقلِّب
فإن طاب نَوْروزٌ وعِيدٌ فإنّما / بنورك أضحى ذا وذا وهو طيِّبُ
فعِشْ تعمُر الأوقاتَ عُمْرانَ ماجدٍ / فإن لم تكن معمورةً بك تَخْرَب
وصلّى عليك الله يا بن نبيِّه / فإنك سيفٌ للخطوب مَجَرّب
إذا حان من شمسِ النهار غُروبُ
إذا حان من شمسِ النهار غُروبُ / تذكَّرَ مشتاقٌ وحنّ غَريبُ
أَلا أَبْلِغا القَصْرَيْن فالمَقسَ أنّني / إليهنّ مُذْ فارقتُهن كئيب
إلى ساحتَيْ دَيرِ القُصَيْر إلى الرُّبا / فمِصْرِهما حيث الحياةُ تَطيب
منازل لم يُلْبَسْ بها العيشُ شاحباً / ولم تُلْفَ فيهنّ الخطوبُ تَنوب
هي الوطن النّائي الذي لم تزل لنا / نفوسٌ إليه نُزّعٌ وقلوب
إنّي لأَهْوى الرِّيحَ من كلّ ما بَدَا / بريّاه من ريح الشَّمال هُبوبُ
وما بلدُ الإنسان إلاّ الذي له / به سَكَنٌ يَشْتاقه وحبيبُ
إلى الله أشكو وَشْكَ بَيْنٍ وفُرقةٍ / لها بين أَثْناء القلوب نُدُوب
تُرى عندهم علمٌ وإن شَطَّت النّوَى / بأنّ لهم قلبي عليّ رَقيبُ
لهم كَبِدي دوني وقلبي ومُهْجَتي / ونفسي التي أَدْعو بها وأُجِيب
فآيَةُ حُزْني لوعةٌ وصبابة / وعُنوان شوقي زَفْرةٌ ونحيب
وما فارَقونا يَرْتَضُون فِراقَنا / ولكنْ مُلِمّاتُ الزمانِ ضُروبُ
لهم أنْفُسٌ مَرْضَى يقطِّعها الأسَى / علينا وأكبادٌ تكادُ تذوب
فلِلشَّوق في الأكباد منهنّ رَنّةٌ / وللدّمع في روض الخُدود سُكُوبُ
سيَشْفِين داءَ العبد بالقرب عاجلاً / ويَعْلَمْنَ أنّا بالنجاح نئوب
وأنّ ظنونَ الناس إفكٌ وباطِلٌ / وظَنُّ أميرِ المؤمنين مُصِيب
تَداركَ نصرَ الدِّين من بعد ما وَهَتْ / دَعائِمهُ فارتدّ وهو قشيب
رحيل رأى فيه السعادةَ وَحْدَه / وأكثَرَ فيه طاعنٌ وكذُوبُ
فأَمْضاه لَمّا أن أشاروا بتَرْكه / وكلُّهم ممّا أتاه هَيُوب
يَسير به قلبٌ على الخطب قُلَّبٌ / وصدرٌ بما تَعْيَا الصدورُ رَحيبُ
فخابوا وما إن خيَّب الله ظنَّه / ولله فيما أنكروه غُيوب
وحلَّ ديارَ المارِقين فأصبحوا / وكلُّهم خوفاً إليه مَنِيب
كأَنّهمُ إذ عايَنوه مُصَمِّماً / هَشِيمٌ أطارَته صَباً وجَنُوبُ
بدا لهمُ إماٌ مَؤَيَّدٌ / عزيزٌ لأثباجِ الخطوب رَكُوب
فلم يَجِدوا غير الإنابةِ حِيلةً / ولو قَدَروا ما أذعنوا لِيَتوبوا
وما كان فيها جيشَه غيرُ نفسه / وعزمٌ أكولٌ للخطوب شَرُوب
يُؤَيِّده رأيٌ يلوح نجاحُه / كما لاح عَضْبُ الشَّفْرَتيْنِ قَضِيب
حَويْتَ أبا المنصور وَحْدَكَ فَضْلها / وما لامريٍ فيها سواك نصيب
كذا فليَقُمْ بالمجد من كان قائماً / ويَبْنِ العُلاَ مَنْ راح وهو نجيب
نهضتَ بها إذ أَعْجزتْ كلَّ ناهضٍ / ومُزْنُ رَدَاها يَنْهَمِى ويَصُوب
وقد ملأتْ أرضَ الشّآم وقائِعاً / قبائلُ من مُرَّاقها وشُعوب
جليدَا الحشا والقلبِ حين تَمزَّقت / من الخوف شُبَّانٌ هناك وشِيبُ
عقَدْتَ بها عِزَّ الخلافة بعد ما / بدا في نواحيها ضَنىً وشُحوب
وجَدْدتَها من بعد ما لَعِبت بها / صروفُ اللَّيالي والتوَيْن خطوب
فيا لَهْفَ نفسِي إذ نهضتَ بثأرها / لَو أنّ مُعِزَّ الدِّين منك قريب
يَراك ويَدْرِي كيف ضَبْطُك بعده / وأنك للأمرِ السَّقيم طبيبُ
سَحَابُك مُنْهَلٌّ وبأسُك مُتًّقىً / وحِلْمُك لم تَكْثُر عليه ذُنوب
ودَاعِيك مقبولٌ مُجَابٌ دُعاؤه / وراجيك للمعروف ليس يَخِيب
وما حاربْتَك التُّرْك إلاّ وبينها / وبين الهُدَى والمَكْرُماتِ حروب
وما جَحدوا الحقَّ الذي لك فضلهُ / ولكنْ بهم عنه عمىً وهُروب
فإنُ يُصْبِحوا تُرْكاً وزَنْجاً ودَيْلماً / فأنت إمامٌ للنبيّ نسيب
رعاك الذي استرعاك أمرَ عِباده / فما لك في هذا الأنام ضَريب
خليفةَ الله إنّ الدهرَ مُذْ طَلَعَت
خليفةَ الله إنّ الدهرَ مُذْ طَلَعَت / فيه سعودُك بادي الحسن محبوبُ
أعَدْتَ آسِنَه عَذْباً بلا كَدَر / وصَرْفَه الصَّعْبَ فينا وهو مَرْكُوب
إنِّي بعثتُ طريفاً وهي سُنْبلةٌ / تَمَّتْ فتمّ لرائيها الأعاجيب
وسَوْسَناً تمَّ مرآهُ ومَخْبرُهُ / فقد تَكامل فيه الحسن والطِّيب
كأنّه مِعْصَمٌ بالكفّ مُتَّصلٌ / له بَنانٌ من الحِنّاء مخضوب
وقد تفَاءلتُ فيه أنّ باكِرَه / بُكور عزِّك ما في ذاك تَكْذيب
وأنّها سَنَةٌ جاءت مبارَكةً / تَدِين فيها لك الزَّوْراء والنُّوبُ
إليك مَدّتْ رقابَها العَرَبُ
إليك مَدّتْ رقابَها العَرَبُ / والمُلْكُ ماءٌ عليك مُنْسَكِبُ
وأنتَ من دَوْحة النبوّة لا / تَألَفُ إلاّ عُدَاتك الرِّيَب
ألستَ مَنْ يَرْهَب الإلهَ ولا / يَصُدّه عن حدوده سبب
وكلّما مال بَدْءُ عَزْمته / لمذهب لم تُخَالِف العُقَب
فهكذا تَصْدَع الملوكُ إذا / صالَت وتَنْفي الضَّلالةَ الشُّهُب
ويَزْدَهِي الدِّين بالمُعِزّ لدي / ن الله والمُرْهَفَاتُ واليَلَبُ
وكلُّ رَجْراجةٍ عزائمُه / دِلاَصُها والرِّماح والقُضُب
وهذه الدولةُ التي زَخَرتْ / فلم يَسَعْها الزمانُ والحِقَب
يا حبّذا دَهْرُك الزُّلالُ إذا / أَمَرّ دهرٌ وعصرُك الشَّنِب
وحبَّذا الشَّمْسةُ التي نَصبتْ / يَقْصُر عنها المديحُ والخُطَبُ
قايَستِ العِيدَ وهي حُلْتُه / وأخفت اليومَ وهو مُنْتَصب
يَنْهَب ياقوتُها العيونَ فما / يَكْملُ إلاَّ من حيث يَنْتَهب
دائِرةٌ أحدقتْ بعُزتها / أهِلةٌ لا تُجِنّها السُّحُب
كأنما دُرّها وجوهرُها / نجومُ ليل سماؤها ذَهَبُ
كأنما رُصِّعتْ مَناقبُك ال / غُرّ عليها وأٌفْرغ الحَسَبُ
حقّ على الشمس طولُ نِقْبتها / منها وذاتُ الحياء تُنْتَقب
وقد أراها ولا مُدامَ بها / فكيف قالوا لدُرّها الحَبَبُ
نَظمتَها للهُدَى ولَبَّتِه / وإن سَخِطن الكواعبُ العُرُبُ
في كِبِد المسجِد الحرام لها / شوقٌ وللبيت نحوها طربُ
فلا تَمَشَّى بأهله زمنٌ / إلاّ بما تَشْتهي وتَرْتَقب
صلّى عليك الإلهُ ما طَلعَتْ / شمسٌ وما أنهلّ عارِضٌ لَجِبُ
كيف لا تَعْدَمُ الجُسومُ القلوبَا
كيف لا تَعْدَمُ الجُسومُ القلوبَا / وتَرى نَضْرةُ الوجوه شُحُوبَا
مَن يُعَزِّي الجيادَ أم من يُسَلَّى / مجلسَ الملك والسّريرَ الكئيبا
فقدوا بعدَك القلوبَ اللّواتي / شَقًّها واجبٌ فشقّوا الجيوبا
وامُعِزّاه وَامُعِزَّاه حتى / يغتدي الدمعُ بالدماء خضيبا
فليَذُقْ غيريَ الحياةَ فإنّي / لا أرى للحياة بعدَكَ طيبا
تمتَّعْ بالمَسَرَّةِ والشبابِ
تمتَّعْ بالمَسَرَّةِ والشبابِ / فقد بَرز الرَّبيع من الحجاب
فحُّبك والزمانُ وأنت فيه / شبابٌ في شباب في شباب
فحَيِّ على المُدام بكفّ ساقٍ / يُدير الخمرَ من بَرَدٍ عِذَاب
يُدير بِريقِه ويديه خَمْراً / شرابٌ في شَراب في شَراب
كأنّ يديه حاكت وجنَتيْه / بنارٍ يَصْطَلي منها لُهاب
يَداه ثم وجنتُه وقلبي / شِهابٌ في شهاب في شِهابِ
إذا ما أكثر العُذَّالُ فيه / وزاد عليّ ترديدُ العتاب
عداوتُهم وعذلُهمُ جميعاً / سَرابٌ في سَرابِ في سَراب
لعَمْرُك إنما الدنيا عَروسٌ / جَلاها الغيثُ من تحت النِّقاب
بَنَفْسَجُها ونَرْجسُها ووَرْدٌ / خِضابٌ في خضاب في خِضاب
فأَهْرِقْ من دم الإبريق راحاً / فإنّ الغيث ممنوعُ السَّحاب
فإبرِيقي وكأسي والغوادي / سحابٌ في سَحابٍ في سَحابٍ
فتَمَّ الشرب إنّ الصحَو عزمٌ / وللنَّيْروز حظٌ في الشَّراب
فرأيُك ثم شُرْبُك والغواني / صوابٌ في صوابٍ في صواب