القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الأعْمَى التُطِيليّ الكل
المجموع : 111
صحّت لديّ أبا مروان عن طُرُقٍ
صحّت لديّ أبا مروان عن طُرُقٍ / قضيّةٌ نامَ عنها الزهرُ والثمر
نلتَ المنى من غزالٍ وصْلُهُ حُرَمٌ / يَلينُ قَداً ولكن قَلْبُهُ حجر
أحْلى من الأمن وصْلاً لو ظفرتُ به / لكن تُسَوِّفني عيناهُ والنظر
يَجولُ ماءُ الصّبا في صحْن وجنته / وَيُنبتُ الوردَ أحياناً بها الخفرُ
هو الغزالةُ في إشراق غُرّتِهِ / وابنُ الغزالةِ لحظاً زاتَهُ الحور
أتى به الدهر فرداً في محاسِنِهِ / فقلْ كثيب وقلْ غصنٌ وقلْ قمر
يا كعبةَ الحُسْنِ طاف العاشقون بها / لهم بأرْجائِها حجٌّ وَمُعتَمر
وَنَيِّرٍ يَلْعَبُ بالنّار
وَنَيِّرٍ يَلْعَبُ بالنّار / كالصُّبْحِ يرعى القَمَرَ السّاري
أو مثل ما قلّب أحْدَاقَهُ / ذو عُفْرَةٍ في غابةٍ ضاري
بيَ اشتياقٌ وبهِ مِثْلُهُ / لولا اتّقَاء الله والعار
إن لم أُنَازِعْهُ الهوى والتقى / كلاهما حظٌّ لمختار
هاتِ اسقِني لا على شيءٍ سوى ذِكَرِي
هاتِ اسقِني لا على شيءٍ سوى ذِكَرِي / راحاً من الدَّمْعِ في كأسٍ من السهر
وَغَنني بزفيري بين تلك وذي / مكانَ صَوْتِكَ بينَ النايِ والوتر
أما ترى اليوم كيف اسوَدَّ سَائِرُهُ / وَهَبْهُ ليلاً أما يُفْضي إلى سَحَر
وَأيْنَ أنْجُمُه أم غالَ أنْفُسَها / هذا الردى المُتقَفّي أنْفُسَ البشر
لا بل عَنَاها فأنْسَاهَا مَطالِعَها / معنىً ترَّددَ بين الشمس والقمر
إحدى قوارعِ رضوى نالها قَدَرٌ / هلاَّ تناولها شيءٌ سوَى القدر
إذن للاقى رداهُ دون عَقْوَتِها / حيرانَ من قلقٍ حَرّانَ من ضجر
بحيثُ لا يهتديَ سهْمٌ إلى غَرَضٍ / لو نَصَّلُوهُ ببعضِ الأنْجُمِ الزُّهُر
هو الحمامُ ولم يَضْرِبْ له أجَلاً / فلا تَقُلْ لَيْتَني منه على حَذَر
يغتالُ حتى أبا شبلين ذا لُبَدٍ / رَحْبَ الذراع حديدَ النابِ والظفر
يظلُّ في غِيلهِ من رأسِ شاهقةٍ / ممَّا بهِ من بقايا الهامِ والقصر
يدعو الفراشَ بألْهُوبَيْنِ من ضَرَمٍ / كأنما اسْتُوْدِعَا وَقْبَيْنِ في حجر
وَرْدٌ له كلّ يومٍ من هنا وهنا / وِرْدٌ من الدّمِ لا يُفْضي إلى صَدَر
كلٌّ سَيُودِي وإنْ طالت سَلاَمَتُهُ / يا حاملَ الحربِ لا تغترّ بالظَّفَر
هذا عليٌّ على عُجْبِ الزّمان به / لم يَسْقِهِ الصفوَ حتى شابَ بالكدر
سَمَتْ إليه فما ارتابتْ ولا ندمت / نكراءُ جَلَّتْ له عَنْ حادثٍ نكر
عن مصرعِ الدينِ والدنيا وما وسعا / لعمرُ صَرْفِ الليالي إنّهُ لجري
يا قبرَ أمِّ عليٍ هل علمت بها / إنّ السيادةَ بين الشُّرْبِ والمدر
أُنثى ولكنْ إذا عَدُّوا فضائِلَها / لم يدْعِ الفضلَ من أنثى ولا ذكر
تتلو الكتابَ ونتلو من مآثرها / آياً كآيٍ ولم تظلم ولم تَجُرِ
قوّامةُ الليل تتلوه وتقنته / على اختلافَيْهِ منْ طول ومن قصر
حتى إذا الصبحُ جلّى ليلَها فَزِعَتْ / إلى صيامٍ بمرضاةِ الإله حري
كأَنَّ محرابَها والليلُ مُعتكرٌ / في هالة البدر بين البيضِ والعُشر
والحورُ قد برَزَتْ من كُلِّ مطّلَعٍ / تكادُ تُفْصِحُ بالإصغاء والنظر
وإنك ابنَ أبي صفوانَ قد علموا / تَنَاسُقَ المجدِ بين العَيْنِ والأثر
من معشرٍ لم يزِدْهُمْ صَرفُ دهرهمُ / إلا الجرَاءَ على أزماته الكُبَر
لم يَذْهبُوا وبلى والله قد ذهبوا / كالمُزْنِ أفضَتْ بما فيها إلى الغُدُر
نَتْلونثاهُمْ ونغذو فضلَ أنْعُمِهِمْ / لولا اشتياقٌ إلى الأشكال والصور
هنيهةً ثمّ تبديهمْ قبورهُمُ / مثلَ الكمام قد انشقّتْ عنِ الزهر
ونبئتُ ذاك الوجهَ غَيّرَهُ البِلى
ونبئتُ ذاك الوجهَ غَيّرَهُ البِلى / على قُرْبِ عَهْدٍ بالطّلاقة والبِشْرِ
بكيتُ عليه بالدُّموعِ ولو أبَتْ / بكيتُ عليه بالتجلُّدِ والصبر
فليتهم واروا ذكاء مكانه / ولو عرفت في أوجه الأنجم الزهر
وليتهمُ وارَوْهُ بين جَوَانحي / على فَيْضِ دَمْعي واحْتدامِ لظى صدري
أمُخْبِرَتي كيفَ استقرّتْ بكِ النّوَى / على أنّ عندي ما يزيدُ على الخبر
وما فعلتْ تلك المحاسنُ في الشّرى / فقد ساءَ ظنّي بينَ أدري ولا أدري
يهوِّنُ وَجْدِي أن وَجْهَكِ زَهْرةٌ / وأن ثَرَاها من دموعي على ذِكْرِ
وَيَحْزُنني أني شُغِلْتُ ولم أكنْ / أسائلُ عمّا يفعلُ الدمعُ بالزّهر
دَعينيْ أعلّللْ فيكِ نفسيَ بالمنى / فقد خفتُ ألا نلتقي آخرَ الدهر
وإن تسْتَطيبي فابْدَئيني بزورةٍ / فإنك أولى بالزيارةِ والبر
مُنىً أتمناها ولا يدَ لي بها / سوى خطراتٍ لا تريش ولا تبري
وأحلامُ مذعورِ الكرى كلما اجْتلى / سُروراً رآهُ وهو في صورةِ الذُّعْر
أآمِنَ أن أجزعْ عليك فإنني / رُزِئتُكَ أحْلى مِنْ شبابي ومن وفْري
أآمِنَ لا والله ما زلتُ موقناً / ببينك لو أني أخذتُ له حِذْري
خُذِي حدِّثيني هل أطقتِ على النّوى / أُحَدِّثْكِ أني قد ضَعُفْتُ عن الصبر
مغالطةً لولا الأسى ما حملتُها / على مركبٍ مما وصفت به وعر
ونيتهم قد أجْمعُوا عنكِ سَلْوةً / لعشرينَ مَرّتْ من فراقك أو عشر
وأذهلهمْ حبُّ التُراثِ فكفكفوا / به زفرةً تعتادُ أو عَبْرةً تجري
ولم يبقَ إلا ذكرةٌ ربما امترتْ / بقية دمعِ الشوقِ في أكؤوس الخَتْر
وأمّا أنا فالتَعْتُ واللهِ لوعةً / هي الخمرُ لو سامحتِ في لَذَةِ السكر
أهزُّ لها عطفيّ منْ غيرِ نشوةٍ / على ما بجسمي من كلال ومن فَتْر
وأودِعُها عينيّ لا لِصَبَابةٍ / ولكن لِتَمْرِي دَمْعَ عيني كما تمري
فلا تبعدي إن الصبابة خطه / لشخصك في قلبي وإن كان في القلب
ولا تَبْعَدي إني عليكِ لواجدٌ / ولكنْ على قدرِ الهَوَى لا على قدري
ذكرتُكِ ذكرَ المرءِ حاجةَ نفسهِ / وقد قيل إن الميتَ مُنْقَطِعُ الذكر
ووالله ما وَفّيْتُ رُزْءَكِ حَقّهُ / ولكنه شيء أقمتُ به عذري
أصيخي إلى الدّاعي فليس بنازحٍ / وما بكِ عنه من وقارٍ ولا وَقْرِ
ولا تبعثي طيفَ الخيالِ فإنه / سميرُ همومٍ لا يُضيفُ ولا يَقْري
متى يَسْرِ نحوي يلقَ دوني كتائباً / من السُّهْدِ آلتْ لا تسيرُ ولا تَسْري
وعهدي به إنْ لم تُحِلْهُ يدُ البِلى / جديراً بأن يَشْكو الوَنَى وهي في الخِدْرِ
إذا أجْرَسَ الحليُ استُطيرَ وقلّما / مشى فيه إلا ريث يختال للزهر
فإن يأبَ إلا برّه فابعثي به / على رقْبَةٍ مما هناك وفي سشتْر
وكان الأسى نذراً عليكِ نَذَرْتُهُ / ولكن أراد الشوقُ أكبرَ مِنْ نذري
ومن لي بعينٍ تحملُ الدمعَ كلّهُ / فأبكيكِ وحدي لا اقَرُّ ولا أدري
ولي مقلةٌ أفضتْ بها لحظاتها / إلى عَبَرَاتٍ جَمّةٍ وكرىً نَزْر
وكان حراماً أن تجودَ بدمعةٍ / وقد تركتْها الحادثاتُ بلا شَفر
ولكنْ حداها الحُزْنُ فاستوسقتْ به / وأكبرُ ما يُعِطي البخيلُ على قسر
فإنْ أنا لم استسقها لك نجدتي / فلا عرك الورَّاد من سَبَل القطر
أنمضِي الليالي لا أراكِ وربّما / عَدَتْنِي العَوَادي عنْ طِلابِكِ في الحَشْر
في عَزْمَةٌ لو خِفْتُها لَسَبَقْتُها / إليكِ ولو بين السماكينِ والنسر
ألا ليتَ شِعْري هل سمعتِ تأوهي / فقد رعْتُ لو أسْمعتُ قاسيةَ الصخر
وهل لعبتْ تلك المعاطفُ بالنُّهى / كسالفِ عهدي في مجاسِدِها الحمرِ
ونبئتُ ذاك الجيدَ أصبحَ عاطلاً / خذي أدمعي إن كنتِ غضبي على الدر
خُذي فانظميها فهيَ كالدرِّ إنني / أرى علتي أوْرى بها وهي كالجمر
خذي اللؤلؤَ الرطب الذي لَهِجوا به / مَحارَتُهُ عيني ولُجّتُه صَدْري
لعلكِ يَوْماً أن تَرَيْهِ فتذكري / وسائلَ لم تَعْلَقْ بلومٍ ولا عُذْر
خُذِي فانظميه أو كليني لِنَظْمِهِ / حليّاً على تلكَ الترائبِ والنحر
ولا تخبري حُوْرَ الجنانِ فربما / غَصَبْنَكِهِ بين الخديعةِ والمكر
أيا قُرّةَ العينِ اعتباراً وَحَسْرَةً / أَجِدَّكِ قد أصبحتِ قاصمةَ الظهر
برغميَ خُلّي بين جِسْمِكِ والثَّرى / وإن كنتُ لا أخْشى الترابَ على التبر
هنيئاً لقبرٍ ضمّ جسمَكَ إنه / مَقَرُّ الحيا أو هالةُ القمر البدر
وإنك فيه كلما عَبَثَ البلى / بأرجائهِ كالغُصْن في الورق النضر
إذا جئتِ عدناً فاطلبينا فقلَّما / تقدمتنِي إلا مشيتُ على الأثر
ولا تَعْذُليني إن أَقمتُ فربَّما / تأخَّر بي سعيي وأَثْقَلني وِزْري
شِعْرِي وجودُكَ يا أَبا العبَّاسِ
شِعْرِي وجودُكَ يا أَبا العبَّاسِ / مَثَلانِ قد سارا بنا في النَّاسِ
أدنى سماحُك كلَّ شأوٍ نازحٍ / وأَلانَ شعري كلَّ قلبٍ قاس
فإذا التقينا مَتَّ طُلاَّبُ العُلاَ / بأواصرٍ وَبَنَوْا على آساس
وإذا افترقنا لم يزلْ ما بيننا / أَرِجَ المهبِّ مُعَطَّرَ الأنفاس
كم نهضةٍ لك بالمعالي أَطْلَعَتْ / نُوْرَ الرجاءِ على ظَلاَمِ الياس
وإشارةٍ لك في المكارم زاحمتْ / ضَيْقَ الهمومِ بِفُرْجَةِ الإيناس
أنت الصباحُ فما يضرُّ مؤَمّلٌ / أَلا يقيسَ سناكَ بالنبراس
ونوالُكض الفرجُ القريبُ وإن رَنَتْ / بعضُ العيونِ إلى الحيا البجَّاس
أذللتَ صَرْفَ الدهرِ بَعْدَ تَخَمُّطٍ / وَأَلَنْتَهُ من بعدِ طولِ شِماس
وحذوتَ حَذْوَ أبيكَ تَرْمِي بالندى / صَرْفَ الزمان وَتَتَّقي بالباس
شِيَمٌ بَهْرتَ بها الغمامَ مواطراً / والشهبَ زهراً والجبالَ رواسي
حَزْمِيّةٌ ما ضرَّها إن لم تَكُنْ / قطَعَ الرياضِ برملةِ الميعاس
مشهورةٌ بين المكارمِ والعُلاَ / تأْسُو بها أَدْواءَهَا وتواسي
سبقتْ إليَّ الحادثاتِ فأمسكتْ / عني بأيدي الذلِّ والأبلاس
فاليوم أُعْرِيها فهبني لم أكنْ / لظهورها حلساص من الأحلاس
أَعْلَى أبو مروان منها رُتْبَتِي / وَحَمَى بها سِرْبي أبو العباس
إنسانُ عين المجدِ سَمَّوْهُ به / لا أنَّه ناسٍ ولا متناس
عاجَتْ عُلاهُ على القوافي عَوْجَةً / نَفَضَتْ رِمامَ رسُوْمِها الأدْرَاس
في حيثُ أوْحَشَها الزمانُ وأهْلُهُ / فاستعجمتْ مِنْ غربةٍ وتناسي
ومحا بَشَاشَتها الخمولُ فَأْطَرقَتْ / وكأنها آناءُ ليلٍ غاسِ
مَوْتَى أجَنَّتْهَا الصدورُ وربما / رَجَعَ النشورُ بها على الوسواس
إيهٍ أبا العبّاسِ دعوةَ آملٍ / عن صِدْقِ تقليدٍ وَحُسْنِ قياس
يا حافظَ الأحباس إن وسائلي / قد ضِعْنَ فاحفظها مع الأْحبَاس
لعبتْ صروفُ الدهرِ بي وبهمتي / من بعدِ تجربتي لها ومراسي
كالكاسِ طاف بها المديرُ فلم يكنْ / ليَ ظئرها وغداً صريعَ الكاس
أدعوك بين صعودِها وصَبُو بِها / كالعِشْقِ بين الشَّيبِ والإفلاس
أُدْلي بمجدكَ أو أُدِلُّ فإنما / أَضَعُ الحنيَّة في يدِ القوّاس
وأزفُّ من شعري إليكَ عقيلةً / أحظيتُها من حليةٍ ولباس
ذهبتْ بحسنِ الوردِ إلا أنها / قامتْ عُلاكَ لها بعمرِ الآس
الدهرُ إيحاشٌ وإيناس
الدهرُ إيحاشٌ وإيناس / والناسُ ما لم تَبْلُهُمْ ناسُ
وكلُّ ما في القلبِ مُسْتَأنَفٌ / لا طَمَعٍ فيه ولا ياس
وليس حظُّ المرءِ منْ عُمْرِهِ / إلا خُطىً تُحْصَى وأنفاس
جرى الفتى والشيخ في حلبة / الموتى وولَّى الوردُ والآس
أصبحْ على رَحْلٍ فلا بدَّ أن / تُشَدَّ أقْتَابٌ وأحلاس
وَجُدْ على قدرٍ فإن الغنى / سُكْرٌ وإنَّ الجاهَ وسواس
ولي صديقٌ من بني أغْلَبٍ / يَدٌ تُوَاسِي ويدٌ تَاسُو
فتى أقامَ المجدَ معروفُهُ / كما أقام الجسدَ الراس
إيهٍ أبا غسحاقَ من صاحبٍ / ليس على خُلَّتِهِ باس
كانت له في الأرض مندوحةٌ / وفي الورى صحبٌ وَجُلاَّس
قَصَّرْتَ في برّي على أنني / لا الكِيسُ من همتي ولا الكاس
وَحدْتَ عن قُرْبي فقلْ هل أنا / مُهَلْهِلٌ أو أنت جَسَّاس
هلاّ كما كنا ووجهُ المنى / طَلْقٌ وعِطْفُ العيشِ مَيَّاس
إذ نححنُ صنوانِ وأيمُنا / في الودِّ أعيادٌ وأعراس
ففيم أعرضتَ وأزْرَى بنا / دونك إطراقٌ وإبلاس
مهلاً فلم آتكَ مُسْتَرْفِداً / وإن بدا مَسْحٌ وإبساس
لستَ بفوزٍ وطئتْ يثرباً / ولا أنا بعدكَ عبَّاس
عندي رضى بالله لا يعتري / ريبٌ ولا يَعروه إلباس
صبٌّ له في كلِّ عُضْوٍ مَدْمَعُ
صبٌّ له في كلِّ عُضْوٍ مَدْمَعُ / هَجَعَ الخليُّ وليلُهُ ما يَهْجَعُ
لعبَ الفراقُ بصبرهِ وعزائِهِ / لَعِباً يَرِيْثُ الجِدُّ فيه وَيُسْرعُ
يا وَصْلَ ذاتِ الخالِ هلْ مِنْ مُرْجِعٍ / هيهاتِ ليس لما تَوَلَّى مُرْجع
يا لذ ما أدْرِي وقد وَدَّعْتِني / منْ أيِّ شيءٍ أتَّقِي أوْ أجْزَع
بحياةِ عِصْياني عَلَيْكِ عَوَاذِلي / هل كانتِ القُرباتُ عندك تَشْفَعُ
هل تذكرينَ ليالياً بِتْنَا بها / لا أنتِ باخلةٌ ولا أنا أمْنَع
أُثْنِي عليكِ وكل أصفرَ مُرْهَفٍ / لهواكِ يَعْنُو أو لحمدك يَضْرَع
من كلِّ مَمْشُوقِ القضوَامِ تخالُهُ / وكأنه بين الصَابِعِ إصْبَع
عِيٌّ إذا فَرَعَ البَنَانةَ منبراً / شاهدتَهُ وهو الخطيبُ المِسْقَع
ولقىً إذا وصلَ الخُطَى في مُهْرَقٍ / جاءَتْهُ أعناقُ الخطوبِ تَقَطَّع
يا من يَعوذ به الورى
يا من يَعوذ به الورى / من مُجِبرٍ أو مُستطيعِ
أَنتَ الربيع وإنما / جادَ الزمانُ على الربيع
غَفَلَ الرقيبُ فزارني / قمرٌ مطالعه ضلوعي
فرنا إلى مَجْرى الكؤو / سِ وأنتَ أعلمُ بالخليع
فابعثْ بها تُسْلي النفو / سَ وتَقْتَضي أمْن المروع
لأرى بديلةَ ريقِهِ / ويرى بديلاً من دموعي
نَبَتْ بيَ حِمْصُ جادَها كلُّ مُرْهِمٍ / تُهِلُّ الرُّبا بالشكرِ أيَّانَ يَهْمَعُ
وما كنتُ أخْشَى أن أَحُلَّ ببلدةٍ / بها غَصَصٌ من أهلها وهيَ بلْقَع
وما أخملوني لكنِ المجدَ أَخْمَلُوا / وما ضَيّعُوني لكنِ العلمَ ضيعوا
وبينَ ضُلوعي ما لو أنّ أقَلّهُ / بأكْنافِ رَضْوى أوْشكتْ تتصدَّع
أشَاءُ من الأَيامِ ما لا تشاؤُهُ / وأطْمَعُ في ما ليس لي فيه مَطْمَع
وينئينيَ الحرمانُ عن كلِّ مطْلَبٍ / وَنَفْسِي عليه حَسْرَةً تتقطع
سَلْ دمعيَ المبذولَ هلْ مِنْ حيلةٍ
سَلْ دمعيَ المبذولَ هلْ مِنْ حيلةٍ / لي أوْلَه في نوميَ الممنوع
وحنينيَ الموصولَ كيف تَعَرَّضَتْ / شُبُهَاتُهُ لرجائي المَقْطُوع
لا تركننَّ إلى الزمانِ وَصَرْفِهِ / فَتَكَ الزمانُ بآمنٍ وَمَرُوع
وَدَعِ الأحبَّةَ والدنوَّ أو النوى / ما أشْبَهَ التسليمَ بالتوديع
يا وانياً يَأسَى على ما فاتَهُ / إن الوَنَى طَرَفٌ من التّضْيِيع
ومداجياً تَخِذَ الخديعةَ جُنّةً / ألاّ أنِفتَ لرأيِكَ المخدوع
دافعْ بعزمِكَ أو بجهدك إنها / عَزَمَاتُ حُكْمٍ ليس بالمدفوع
وانظرْ بعينِكَ أو بقلبك هل تَرَى / إلا صريعاً أو مآلَ صريع
أَبني عُبَيدِ الله أينَ سَرَاتُكُمْ / مِنْ عاثِرٍ بِعنانِهِ المخلوعِ
دهرٌ كأنّ صُرُوفَهُ قد جُمَعَت / من نثرِ مُنتَظِمٍ وَشتِّ جميع
يَهْنَ البقيْعَ وليته لم يَهْنَهُ / قبرٌ غدا شَرَفاً لكلِّ بقيع
عجباً له وَسِعَ المكارمَ والعُلا / وَدَعا له الداعونَ بالتّوسيع
وإلى العزاءِ فكلُّ شرٍّ ذاهبٌ / وإذا استَمَرَّ فلاتَ حينَ رجوع
وإذا عجبتَ من الزمانِ بحادثٍ / فلتابعٍ يَبْكي على متبوع
وإذا اعتبرتَ العُمْرَ فهو ظُلامَةٌ / ولاموتُ منه موضعُ التوقيع
حسبي من المال أَغْرَاهُمْ وَعزَّهُمُ
حسبي من المال أَغْرَاهُمْ وَعزَّهُمُ / علمٌ تتيهُ به الأقلامُ والصُّحُف
والحَزْنُ إلا يكنْ والأمرُ مُسْتَبِهٌ / فيه الغديرُ وفيهُ الروضةُ الأنُفُ
آبَ الوزيرُ فآبتْ كلُّ عارفةٍ / بها ترفُّ ظلالُ الفَخْرِ أو تَرِفُ
الواهبُ الكاعبَ الحسناءَ آنسةً / يُنَافِسُ القُضْبَ في أعطافها الترف
من كلِّ هيفاءَ إلا فضلةٌ ثَقُلَتْ / عن الوِشَاحِ فلم يَنْهَضْ بها الهَيَف
والسابحَ النَّهْدَ مختالاً براكبهِ / كأنه بِرِدَاءِ الصُّبْحِ مُلْتَحِفُ
كالجِذْعِ شُذِّبَ حتى طالَ ثم هَفَا / ذاك السَّبيب فقلنا إنه سَعَف
يمرُّ كالعارضِ المركومِ مُعْتَرضاً / حيث المنايا غِمَارٌ والمُنَى نُطَف
جذلانَ والدَّمُ في أعْطَافِهِ دُفَعٌ / وثائرُ النَّقْعِ من أرْجَائِه كِسَف
والخيلُ تَمْزَعُ أو تلتفُّ كالحةً / مثلَ الغُصُونِ تَلاقَى ثم تَنْعَطِف
والصارمُ العَضْبُ يَقْضِي المستميتُ به / بَرْقٌ ولكنه للهام مُخْتَطِفُ
يُزْهى به الرمحُ من عُجْبٍ ومن عَجبٍ / أما درى أنه ذو مَلّةٍ طَرِف
يهتزُّ كالغُصْنِ لا من لينِ مُنْعَطَفٍ / تخالهُ أريحيّاً وهو مُلْتَهِف
يشفي من الدَّنَفِ المُضني وَتحْسِبُهُ / مُضْنىً تَخامَلَ حتى شَفَّهُ الدَّنَفُ
والأسمرُ اللدنُ ذا عَشْرٍ وواحدةٍ / بين السبيلين لا عَبْلٌ ولا قَضِفُ
أشدُّ شيءٍ على الأصلاب يَقصِفها / وقد تأَوَّد حتى كاد يضنْقَصِف
كلاَّ بذلتَ ولا مَنٌّ ولا مَذَلٌ / ولا اعتلالٌ ولا ليٌّ ولا جَنَف
تلك العلا وهي آمادٌ مُقَدَّرةٌ / وعَهْدُها بك يُسْتَوفَى ويؤتنفُ
منْ كان أسْلفَ ما أسْلَفْتَ مِنْ كَرَمٍ / ونجدةٍ فَبنُو زُهْرٍ له سَلَف
الغالبون على ما فاتَ غَيرَهُمُ / لا يُسبقُون إلى شيءٍ وإن وَقَفُوا
والمُؤْثِرُونَ على ما حاقَ جارَهُمُ / وإن تكاثرتِ الشَّنْآنُ والشَّنَفُ
قومٌ تُحامي المنايا الحمرُ دونهم / إذا احْتَبَوْا وَتَحامَاهمْ إذا زَحَفُوا
هُضْبُ الإطالةِ فُرْسَانُ المقالةِ / جِنَّانُ البَسَالةِ لا عُزْلٌ ولا كُشُفُ
لا يطمعُ الدهرُ في خِذلانِ مَنْ نصروا / ولا يجوزُ له إنكارُ ما عَرَفوا
وليلةٍ لا يرومُ الصبحُ سَقْطَتَها / وقد تَبَيَّنَ فيها الشيبُ والخَرَف
إذا تخوَّنها النقصانُ من طَرَفٍ / تَخَوَّنَتْهُ بِرَبْعٍ ما له طرف
سريتُها والنجومُ الزهرُ واقفةٌ / كأنها بسوادِ الليلِ تُكْتَنَفُ
حتى بدا الصبحُ مرتاباً وقد بَقِيَتْ / من الدُّجَى لتعلاتِ السُّرى نُتَفُ
أَنخْتُ تحتَ رُواقِ العزِّ تَكْنُفُهُ / ألسادةُ الغُرُّ والمقْوَرَّةُ الشُّيُف
حيث الحِمَى حَرَمٌ والمنتمى كَرَمٌ / والمُلْكُ لا أوَدٌ فيه ولا وَكَف
أَخِلْتَ حُسنَكَ شيئاً لا انتقاصَ له / لا تكذبنَّ فإن الشمسَ تَنْكَسِف
إني لآخذُ من وجدي لموجدتي / والحرُّ يَغْضبُ أحياناً فينتصف
كم من أخٍ رامها مني فَمَانَعَه / صَعْبُ القيادِ إذا جاراك لا يَقِفُ
من بعد ما طالتِ الأيام بي وبه / منهُ الجفاءُ ومني البرُّ واللُّطُفُ
وتارةً يَرْعَوِي حتى أقولُ دنا / به هوىً أو تأتَّى منه مُنْصَرَفُ
حتى إذا اختلفتْ تلك الشؤونُ به / وكلُّ مُتَّفِقٍ يوماً سَيَخْتَلفُ
وليته ذات هجري ثم قلت له / أليوم تعرف ناظر كيف تعترف
من حيثُ شئتَ فْذَرْني إنني زَمِرٌ / وحيثُ شئتَ فَكِلْني إنني حَشَف
بي كُلَّما نابَ خَطْبٌ أو نأَيَ سكنٌ / نَفْسٌ عزَوفٌ وأَنْف كله أَنَف
وهمةٌ كلما أفْضَتْ إلى شرفٍ / طالتْ فعنَّ لها منْ همتها شضرَف
أَسْلِمي مُقْلَتيْكِ قَبْلَ الفراقِ
أَسْلِمي مُقْلَتيْكِ قَبْلَ الفراقِ / في الذي جرَّتا على العُشَّاقِ
قبلَ أنْ يُطْلِعَ الوَدَاعُ بدوراً / يَقْتَضيها السّرارُ قبلَ المُحَاقِ
قبل أنْ تُصْغِيَ القلوبُ لداعي / البَيءنِ حتى تكونَ فوق التراقي
آهِ ممّا لقيتُ من طرفك الشا / ئق أو من فُؤَادي المشتاق
نَفَثَتْ مُقْلَتَاكِ في عُقَدِ السَّحْ / رِ فلم أنتفِعْ بِنَفْثِ الراقي
عَجِبَ الغانياتُ من شَيْبِ رأسي / وتناسْينَ هَوْلض يوم الفراق
وتساءَلْنَ عن شبابي وقد / قسَّمْتُهُ في الشُّعُورِ والأحداق
خُذْنَ بي مأخذاَ من الموت حلواً / إن موتَ الصدود مُرُّ المذاق
وتعجَّبْنَ كيف لا يَنْفَدُ الدمعُ / وقد أَحْرَقَتْهُ نارُ اشتياقي
ثم لا تَسْتَرِبْنَ منْ سوءِ ظنّي / بعهودٍ منكنَّ غيرِ بَوَاقِ
وَتَعَوَّدْنَ أَنَّ عادةَ سوءِ / الظنِّ مَحْسُوبةٌ على الإشفاقِ
أَدْرَكَ اللهُ عند أعينكنَّ الن / جلِ ثاراتِ هذه الأَرْمَاقِ
وقضى لي على الزمانِ فلم / يَسْمَحْ بِوَصْلٍ ولا قضى بفراق
حَسَدَتْني صروفُهُ هَمَماً / زَعْزَعْنَ زُهْرَ النجوم في الآفاق
وهموم ليس الرَّدَى بكَفيلٍ / بانْبِعَاثٍ لها ولا إطلاق
ومكاني من ابنِ حمدينَ أَرقا / ني من المجدِ فوق سَبْعٍ طباق
المُعلَّى منَ القِداح وذو الأَثْر / المُحَلَّى بين المواضي الرقاق
وقريعُ الأيام ذو نجدة تمضي / وشمس النهار في الإشراق
أَسدٌ يملأُ العرينَ من البأ / سِ وَطَوْدٌ يحمي من الإملاق
وفتىً مِثْلَما يشقُّ على الحُسَّا / دِ ماضٍ يومَ الكريهةِ واق
أريحيٌّ تراه يهتزُّ للبذْ / ل اهتزازَ القضيبِ للإبراق
راكدٌ مثلُ صفحةِ الماءِ أوْرَى / عن ذَكاءٍ كالنارِ في الإبراق
مُسْتَبدٌّ بالمجدِ هَشٌّ إلى الجو / دِ مُطِيقٌ للأمرِ غيرَ مطاق
دَرِبٌ بالإحسانِ مُثْرٍ من الحُسْ / نَى أَقامَ العُلا على كلِّ ساقِ
وكفيلٌ بالعدل والجودُ مشدو / دُ الأواخي مُمَزِّقُ الإملاق
زُهِيَتْ خُطَّةُ القضاءِ به زَهْ / وَ حَمامِ الغُصُونِ بالأَطواق
وَسَمت رتبةُ الوزارة منه / ببعيدِ المدى بعيدِ السّباق
وَسَطَتْ تغلبٌ به صارماً / عَضْباً يلفُّ الأَقدامَ بالأَعْنَاق
وأقامَتْ دارُ الأَمانة من / نعماهُ في صَوْبِ العارضِ الغَيْداقِ
واستظلَّت من بِرِّه في ظلالٍ / لم يَعِبْها مُنَافقٌ بِنِفَاقِ
واستجارَتْ مِنْ عَدْلِهِ بجمالٍ / غير مَنْكُوثَةِ ولا أَخَلاقِ
شَمِلَتْ فيه المسلمينَ أَيادٍ / همْ بها كالغُصُون في الأوراق
وأَحاطت بالمُجْرِمينَ غواديه / إحاطةَ العقدِ بالأعناق
لأبي القاسم بن حمدينَ نفسٌ / خُلِقَتْ منْ مكارِمِ الأخْلاق
ويدانِ يراهما المجد حتى / سَحَّتا بالآجالِ والأرزاق
يا أبا قاسمٍ دعاءَ امرىء وافا / كَ سَبْقاً في أوَّلِ السُبَّاقِ
خذ إليكَ الثناءَ لا بل أدلَّ / الشكرَ عرف المهبِّ حلْوَ المساق
لكَ مجدٌ لو كان للنجمِ شملاً / لم يَرُعْهُ صرْفُ الردى بفراق
وَغناءٌ لو أَنْبَتَتْه الرُّبَى لم / يُمْسِكِ الناسُ خَشْيَةَ الإنفاق
فاتخذني مكافِحاً عَنْ معالِيكَ / شديدَ القوى عنيفَ السّياقِ
وَاصْطَنِعْنِي مُشَايعاً لك لا / يَشْغَلُه عنك الصَّفْقُ في الأسواق
لستُ ممن إذا هفا أنكرَ السَّطْ / وَةَ لا بل أولى بما هو لاق
إن تعاقبْ فقد تركتَ عقاباً / إن حزَّ الرءوس غيرُ الحِلاق
بك قامَ القسطاسُ وانتعشَ الحقُّ / وَصِيْنَتْ مُذَالَةُ الأَعناق
إن يَهِمْ نحوكَ القريضُ فقد نَفَّقْتَ / منه ولاتَ حينَ نَفَاق
أو أضيفتْ إليك غرُّ المعاني / فَبِمِلْكٍ لهنَّ واسْتِحْقَاق
سَرَتْ وقد وَقَعَ السّاري لجانبه
سَرَتْ وقد وَقَعَ السّاري لجانبه / والشمسُ تَضْرِبُ دُهْمَ الليل بِالبَلَقِ
بدرٌ لملتمسٍ غصنٌ لمعتنقٍ / خمر لمغتبق مسك لمنتشقِ
كأنما الروضُ أهداها وشيّعَها / فاستصحَبَت لمّةً من طربة العَبَق
وأقبلتْ تحسبُ الظلماءَ تَكْتُمُها / وقد رَمَتْها نجومُ الليل بالحدق
والصبحُ يَقْدَحُ في الظلماءِ نائرةً / كأنها تفثةُ المَصْدورِ عنْ حَنَق
والشرق يفهق والآفاقُ واردةٌ / وأنجمُ الليل قد أَيقَنَّ بالغرق
والفجر يُظْهِرُ فوقَ الليل آيَتَهُ / وللشّمال عليه وقعةُ الصّعِقِ
تَتَوَّجَتْ بالدجى فالشّعْرُ من غَسَقٍ / والخدُّ من شَفَقٍ والثغرُ منْ فلَقِ
ألهو بمسكِ شَذاها لا أُحاولُ ما / وراءَ ذاك ولو حَاوَلْتُ لم أُطق
فبتُّ أحسبُ إني قد طرقتُ بها / روضاً شممتُ به طيباً ولم أذُق
صدودٌ ملظٌّ أو فراقٌ مواشكُ
صدودٌ ملظٌّ أو فراقٌ مواشكُ / لعمري لقد ضاقَتْ عليّ المسالكُ
أتى دون أسماءَ العتابُ ودوننا / مآخذُ أحْصَتْها النّوى ومتارك
ومن لي بها والبيضُ والسُمْرُ دونها / وَجُرْد المذاكي والقِلاص الرواتك
وكلُّ طويلِ الرمحِ طبٌّ بِحَمْلِهِ / إذا شاءَ أبكاهُ دماً وهو ضاحك
أخو عزماتٍ لا المهارَى أمَامَها / نواجٍ ولا الخيلُ العتاق مساهِكُ
له مثقْلَةٌ شَوْساءُ أكثرُ نومها / غِرارٌ إذا نام العُدَاةُ الصّعالك
إذا مَرَقتْ بين الودائقِ والدُّجى / فلا حِجْلَ إلا ما تثير السّنابك
وَعَرْض فلاةٍ ما تُعارِضُها النّوى / ترى الموتَ فيها وهو أعْزَلُ شائك
وجُنْحُ ظلامٍ لو تُثارُ عجاجةٌ / لما لَمَعَتْ فيها السيوف البواتك
دجىً لو سرت فيها الشياطين ترتقي / إلى السرِّ لم تخلص إليها النيازك
خليليَّ هلْ في أدْمُعي وانحدارِهَا / جِلاءٌ لعينٍ دَمْعُها مُتَمَاسِكُ
ولي سَكَنٌ ينأى ويدنو وحبُّهُ / بِصَبْريَ مُوْدٍ أو لِسِرِّيَ هاتك
سلِ الخيلَ هل جَشّمْتُها كلَّ غايةٍ / يهونُ عليها شَدُّهَا المتدارك
وهل عرفتني ربما بِتُّ مغرماً / تدافعه أكفالها والحوارك
وما نكرت إلا التفاتيَ بالقنا / وقد شَرِقَتْ بالمعلمين المعارك
وإلا اختيالي في ذُرى صَهَوَاتها / وقد نظرتْ شزراً إليَّ المهالك
أيا رحمتا للشعر أقوت ربوعُهُ / على أنها للمكرمات مناسك
وللشعراء اليوم ثُلَّتْ عروشهم / فلا الفخر مختالٌ ولا العز تامِك
إذا ابتدر الناس الحظوظَ وأشرفت / مطالبُ قومٍ وهي سود حوالك
رأيتهمُ لو كان عندك مَدْفَعٌ / كما كَسَدَتْ خلفَ الرئالِ الترائك
فيا دولةَ الضّيْمِ اجْمِلِي أوْ تَجَامَلي / فقد أصْحَبَت تلك العرى والعرائك
ويا قام زيد أعرضي أو تعارضي / فقد حال من دون المنى قال مالك
سَمَتْ بأبي العباسِ تلك وهذه / إلى حيثُ لا تسمو النجوم السّوامك
رحيبُ مجالِ الفكر والأمرُ ضيق / صليبُ قناةِ الصبر والأمر ناهك
ومشترك الأكفاء في السخط والرضى / وليس له في المكرمات مشارك
بقاضي قضاة الغرب وابن قضائه / تودّدَتِ الآمال وهي فوارك
فتىً لم يكنْ يوماً لينآه مَطْلَبٌ / ولو أنّه في مَسْلَكِ البحرِ سالك
يُطلُّ على الأعداءِ من كلِّ جانبٍ / وقد أفكت عنه الخطوب الأوافك
إزاء العوالي وهو جذلانُ بِاسمٌ / ودونَ المعالي وهو شيحانُ فاتِك
حَرِيٌّ بأن لا يعدو الحقَّ وَجْهُهُ / لديه وقد راغ الأَلدُّ المُمَاحِك
وأن تعرف الأقوامُ سَوْرَةَ عَدْلِهِ / كما احتَمَلتْ نارَ القيون السبائك
وأن يتوقّى الضيمُ جانبَ جاره / كما يتوقّى البعل عَذْراءُ عارِكُ
نضاه أميرُ المؤمنين مهنّداً / لكلِّ دمٍ منه وإن عزَّ سافك
وتاهتْ به الأيامُ عِلقَ مضِنَّةٍ / تَنَازَعُهُ أَمْلاكُهُ والممالك
إذا التقتِ النارُ الفَرَاش تأَلّقَتْ / أياديه فالتفّتْ عليها الهوالك
إذا سمعتْ أُذناه حيَّ على العلا / فلا الجودُ متروكٌ ولا البأس تارك
وإن علقتْ كفاه حبلَ سيادةٍ / فلله مسموكٌ به المجدُ سامِكُ
وإن أسعرت عيناهُ وجه صنيعةً / رأيتَ عيون الأسدِ وهي مضاحك
الكني إليه في السلام وبيننا / مخارمُ لا تسمو إليها المآلك
بآيةِ ما يَكْفي الملمَّ وربّما / وَنَتْ فيه أخْلافُ السّحاب الحواشك
أَجِدَّكَ لم توقظكَ والنجمُ هاجعٌ / هواتفُ لِلّبِّ الأَصيلِ هَوَاتك
دَعَتْ فأَشاعتْ بَثَّها وسرورَهَا / وأنضاءُ همي والدياجي بوارك
بناتُ الهوى تُمليه أو تَسْتَمِلُّه / لها الشجْوُ مني والأرَاكُ أرائك
يَلُكْنَ حديثاً ربما أفْصَحَتْ به / هَنَاتٌ لحبَّاتِ القلوبِ هواتك
وأحسبها غنَّتْ بذكركَ موهناً / وأيدي المطايا بالرِّحالِ بواشك
لذاك جلاها من سنا الصبحِ شارقٌ / وَصَاكَ بها من مسكِ دارينَ صائك
وراقتْ رباها كلَّ حسنٍ كأنما / تُنَشَّرُ فيما بينهن الدَّرَانك
ففي كل بطنٍ مَشْرَعق مُتَلاحِنٌ / وفي كل ظَهْرٍ مَرْتَعٌ متلاحك
إليك أبا العباسِ غُرَّ مدائحي / تُصلِّي عليهن العُلا وَتُبارك
إليكَ وريعانُ الرجاءِ يَؤُمُّها / وَقِدْماً رَجَتْهَا البائسات الضرائك
قلائدَ أعناقس وأزهارَ أعينٍ / ومنهنَّ في بعضِ الصدورِ حَسَائك
فَحِكْ ليَ من نَعْماك بُرْداً أجُرُّهُ / فإني لأبرادِ المدائح حائك
بني قاسمٍ قد زنتم الدهرَ كلَّه / كما زانتش الصدرَ الثُّدِيُّ الفَوَالك
رفعتمْ لأهلِ الغربِ أعلامَ دينهمْ / فأبصرَ مأفوكٌ وأقْصَرَ آفك
فَقُلْ لِسَلاَ شحي على آلِ قاسمٍ / ولا تَسَلي بغدادَ أين البرامك
إذا الدِّيمُ الوُطْفُ انتحتْكَ فلا تُبَلْ / وقد عرَّجَتْ عنكَ الذِّهَابُ الرَّكَائِك
وسائلةٍ بالدهرِ كيفَ أطَقْتُهُ
وسائلةٍ بالدهرِ كيفَ أطَقْتُهُ / فقلتُ ابنُ عيسى مُنْتَهى علمِ ذلكِ
وقالتْ فلانٌ لم تصرِّحْ عن اسْمِهِ / فقلتُ فتىً لو أنَّهُ مثلُ مالك
هو انْتَاشَنِي منْ غمرةِ الموتِ بَعْدَما / يئستُ وقالوا هالكٌ في الهوالك
وَأنْهَبَني منهُ امتداحي خلائقاً / فدونكِ ما أنْهَبَتْنِي منْ وِصَالك
عفافاً وإقداماً وحزماً ونائلاً / وهيهات يَحْكي واصفٌ ما هنالك
نُبَلّغُها تَحيَّةَ مُسْتهام
نُبَلّغُها تَحيَّةَ مُسْتهام / إلى تلك السَّجايا والخلالِ
كما سَرَتِ الصَّبا وَهْنَاً فأَهْدَت / على الهَضَبَاتِ أنْفَاسَ الغَوالي
ألذُّ من الحديثِ على الأماني / وإن كانَ التعللَ بالمحال
وَأشْهَى من ليالي الوصلِ تَتْرى / ويا شوقاً إلى تلكَ الليالي
محمدُ يا ابنَ عيسى ثم حسبي / مكانُكَ من دعائي وابتهالي
ويا ابنَ الحضرميِّ وكتَ تَسْمو / لِتَحْدُو من عُلاهُ على مثال
ويا كافي الكُفَاةِ ولو بِحُكْمِي / وقدرِكَ قلتُ يا مَوْلَى الموالي
تَنَقَّلْ حيث شيتَ فأنت بدرٌ / تنقَّلُ من كمالٍ في كمال
أو اثبتْ كلما أحْمَدْتَ أمراً / فإنَّكَ بعضُ أركانِ ابال
وأيَّاً ما فعلتَ فأنت ظِلٌّ / وَقَاكَ اللهُ فَيْئَاتِ الظّلال
إليكِ فقد عرفتكِ أُمَّ دَفْرٍ
إليكِ فقد عرفتكِ أُمَّ دَفْرٍ / فَلَنْ تَجِدِي إلى خَدْعِي سَبيلا
نفضتُ يديَّ منكِ على يقينٍ / صحيحٍ نَهْنَهَ الشكَّ العليلا
أتى دون الأَسَى المعتادِ صَبْري / وجلّ فهوَّنَ الصبرَ الجليلا
وقلَّبْتُ الورى ظهراً لِبَطنٍ / فلم أَحْمَدْهُمُ إلاَّ قليلا
تُرَاوِحُنَا المنيَّةُ أوْ تُغَادِي / فإنْ تَسْطِعْ فَدَعْهَا أنْ تَصولا
وَنَحْنُ نَجِدُّ في حبِّ الأَماني / لِنَجْنُبَهُنَّ صَعْباً أو ذَلُولا
هيَ الشَّهَوَاتُ لا تنفَكُّ تُصْغِي / إليهنَّ السَّوَامِعَ والعقولا
كأنا حيثُ لم نَسَعِ المنايا / فَطَبَقَتِ الحُزُونَةَ والسُّهولا
لِنَبْكِ على بَقيَّةِ آلِ حَزْمٍ / عُيُونْهُمُ شَبَاباً أو كُهُولا
على حاميهمُ أنْ يسْتَضَامُوا / وَمَانِعِ دَهْرِهِمْ أن يَسْتَطيلا
أَعزُّهُمُ على الأَيَّامِ جَاراً / وَأهدَاهُمْ إلى العَلْيَا دليلا
مضى وكأنَّهُ الدنيا تَوَلَّتْ / ولكن لا نَظيرَ ولا بَديلا
مُصَابٌ كفَّ دونكَ كلَّ صَبْرٍ / فلا تكففُ دموعَكَ أنْ تسيلا
ألمْ يكُ حُبُّهُ كَهْفاً منيعاً / ألم يكُ قُرْبُهُ ظِلاً ظليلا
ألم يكُ لليتامَى والأَيامَى / وليّاً حانياً وَلهاً وَصُولا
ألم يكُ حينَ يَدْجُو الخطبُ بَدْراً / ولكنْ لا سَرَارَ ولا أُفُولا
ألَمْ يُحْرِزْ نهايةَ كلِّ مَجْدٍ / يقولُ الفَصْلَ أو يُعْطِي الجزيلا
ولما لم يقمْ للعلمِ وَزْنٌ / فأَصْبَحَ جاهُ حامِله خُمُولا
تَجَرَّدَ دونَه سَيْفاً حُسَاماً / وَهَبَّ لأَهله ريحاً بَليلا
وكان لكلِّ مَكْرُمَةٍ إماماً / وكانَ بكلِّ صالحةٍ كفيلا
أقولُ وقد نعاهُ ناعياهُ / أحُمَّ لركنِ رَضْوَى أنْ يَزُولا
وما شمطاءُ ضامتها الليالي / على أنْ لا قريبَ ولا دَخيلا
وشبَّ لها على شَمَط وَشَيْبٍ / وَيَأسٍ من زمانٍ أنْ يُقيلا
سليلاً ماجدِ الآباءِ قرمٍ / وطالا واستحقَّا أنْ يَطُولا
فأصبحَ في المقانبِ لا سُلَيْكاً / وأصْبَحَ في التنسُّكِ لا أبِيلا
إلى الحظَيْنِ من دنيا وَأُخْرَى / أقرَّ العينَ منه حين نيلا
أصابَ كليهما سًهْمُ المنايا / فلم تَمْلِكْ له إلا العَويلا
أقَبْرَ محمدٍ ولو اسْتَطَعْنَا / لقاءَ محمد لَشَفَى الغليلا
أظَلَّكَ كلُّ أوْطَفَ مُسْتَهِلِّ / يُسَقّيك الرحيقَ السَّلْسبيلا
وكيف نجدُّ في استسقاءِ غَيْثِ / لقبرٍ ضُمّنَ الغيثَ الهَطُولا
غزاءً يا بني حزمٍ عزاءً / فإنَّ لكلِّ نائبةٍ بديلا
وما عَزَّيْتُ قبلكمُ قبيلاً / أُصِيْبَ بواحدٍ يُدْعَى قبيلا
إلى من تَضْرَعونَ بكلِّ همٍّ / يَؤودُ أخَفُّهُ الجَلْدَ الحَمُولا
إلى من تُسْنِدُونَ بكلِّ خطبٍ / يكون جِلاؤُهُ الرأيَ الصَّقيلا
بمنْ تَسْتَظهِرونَ على الليالي / إذا حكمتْ فخفتمْ أنْ تَميلا
ومَنْ تَسْتَصْرِخونَ على الأَعادي / إذا استنكرتمُ منهمْ حَويلا
بني حزم وَطُوْلُكُمُ فُرُوعاً / يُبَيّنُ أنكُمْ طِبْتُمْ أُصُولا
أُعَزِّيكُمْ وليس معي عَزَاءٌ / ولكن لستُ أتْرُكُ أنْ أقولا
إليكَ أبَا الوليدِ هَوَايَ مَحْضَاً / بَعَثْتُ من القريضِ به رسولا
على أنّي أُنَادي منْ بعيدٍ / ولم أُحْمَ اللقاءَ ولا الوُصُولا
ولكن الزَّمَانَةَ قَصّرتْ بي / وَأجْلَى العُذْرِ ما رُزْقَ القَبُولا
وقد زارتْكَ خَيْلُ بناتِ فكري / ولكنْ لم تَزُرْكَ لِنَسْتَنيلا
وعندي من مكارمِ آلِ حَزْمٍ / طَوَائِلُ منه زِدْنَ رَجَايَ طولا
جمَالَكَ كلُّ حيٍّ سوفَ يَبْرِي / له صَرْفُ الرَّدَى سَهْماً قَتُولا
تصرَّفتِ الليالي كيفَ شاءَتْ / فَقَصْراً ليسَ يُجْدي أن تطولا
بَيْنَ سُمْرِ القَنَا وبَيضِ النّصَالِ
بَيْنَ سُمْرِ القَنَا وبَيضِ النّصَالِ / طُرَقُ المُهْتَدينَ والضُلاَّلِ
فَإلى الأمنِ والمانةِ أو في / غَمَراتِ الأَوْجَالِ والآجَالِ
وَمَعَ السّعْدِ والسَّعَادَةِ أوْ بَيْ / نَ حَنَايا السُّيُوفِ والأَغْلاَل
أصبحَ الملكُ في ضمانِ عليٍّ / آمنَ السّربِ ضافيَ السّربال
في ظلال القنا وقد زالت الهض / ب بما فوقها زوال الظلال
وسيوفُ الأبطالِ تُرْعِدُ مما / فعَلَتْ في جماجمِ الإبطال
كلُّ ماضي الشَّبَا يعوِّدكَ القَتْ / لَ وإن لم تُعِدَّه للقتال
مُحْرِمٌ يستحلُّ كلَّ دمٍ بَسْ / لٍ بِبَسْلٍ منْ حكمه وَحَلال
يَتْرُكُ المعلمينَ في الحربِ كالبُدْ / نِ وما أُعْلِمُوا به كالنّعال
يَخْلَعُ الغِمْدَ والحمائلَ مُعْتَا / ضَاً بلبسِ الأَشْلاَءِ والأَوْصَال
صَدِئَتْ صفحتاهُ من مُهَجِ القَتْ / لَى على قُرْبِ عَهْدِهِ بالصّقَال
عُلّقَتْ فوق مَتْنِه أكْرُعُ النّمْلِ / وفي حَدِّهِ قُلَوبُ الرِّجَالِ
شَاحِبٌ ليس من هُزَالٍ ولكنْ / بالعدا منهُ فَوْقَ كلِّ هُزَال
مُشْكيلُ الفعلِ بين ماءٍ ونارٍ / بدعةٌ في الأَضدادِ والأَشْكَال
مثله أذْهَبَ المجيبَ عن الدا / عي وأرْضَى الدَّنِيْ من المتعالي
هَزَّهُ كلُّ مُعْجِزِ الأَخْذِ والتَّرْ / كِ مُشِيْحِ الأدْبارِ والإقبالِ
بيمينٍ إذا تَظَلَّمَ منها السيفُ / عَمْداً أجاره بشمال
بينما السيفُ كالمجرَّةِ في قَبْضَةِ / يمناه عادَ مثلَ الهلال
والعوالي شواجرٌ تَصِفُ المو / تَ بأيمانِ فتيةٍ كالعوالي
أقيلوها وجأجأ الخيل حتى / شَرِقَتْ بالنجيع أو بالرُّؤَال
أنْجُمٌ يَهْتَدِي بها الموتُ / أوْ تَهْدِي على بُعْدِ شَأوِهَا بالضَّلال
في دُجَى ليلةٍ من النَّفْعِ ليلا / ءَ أَجَرَّتْ على ثلاثِ ليال
ظلماتٌ تَنَاكَرُ الخيلُ فيها / غير ما يستبينُ بالتّصْهَال
كما تخَيَّرْتِ في قذاليَ منها / لم يُرَوِّعْكِ مَفْرِقي وَقَذالي
ما يَريبُ الحسناءَ من لونِ شعرٍ / شَيَّبَتْهُ بين القِلى والتَّفَالي
اثبتيهِ فيما تغمدته ثم اشهَ / دِي لي به على العُذَّل
وَهَبيه وَبيضَ تلك الثنايا / إن أَجَازَتْ عيناكِ عَدْوَى الجمال
ذاك برقٌ لو امتَرى المُزْنَ خِلْنَا / قَطْرَهُ صَوْبَ مُنْفِسَاتِ اللآلي
أَشبهتْهُ السيوفُ في النَّقْع فاختا / لتْ وإن لم تكنْ بحين اختيال
لكَ ما أحْرَزَتْهُ من باهرِ / الفَضْلِ وَبَثَّتْ منْ غامرِ الإفضال
لكَ مُدْكُ الملوكِ في البرِّ والبحرِ / وَأَثناءَ الحلِّ والتّرْحَال
أنت قُدْتَ الجيادَ مثلَ بَنَاتِ / العُصْمِ أو مثل أُمَّهات الرِّئال
ضُمَّراً كَالقِسِيِّ مُطَّرِدَاتٍ / كالقنا مُسْتَشِقَّةً كالنبال
من منايا الأَوَابِدِ المسْتَفَزَّا / ت وأقواتِ الضُيّعِ الأَغفال
تَرْتَمِي بالنزالِ في حَوْمَةِ المو / تِ إذا ما دَعَوْا نَزَالِ نَزَالِ
كلُّ رَحْبِ الذِّراعِ في مُلْتَقَى / الضَيقِ وَرَحْبِ الجَنَانِ رَحْبِ المجال
يملأ الدرعَ نجدةً والحُبَى حلماً / وصدرَ النديِّ بَذْلَ نوال
كعليٍّ وما الحيا كعليٍّ / غير أنْ لا مردَّ للأمثال
وَاهبُ العسكرِ العرمرمِ يلتَفُّ / على ذي الرياسةِ المختال
طبَّقَ الأرض كلما حلّ فيها / صار فيها جَنْبٌ منَ الزلزال
تَسْجُدُ الهُضْبُ نَحْوَهُ ولو / استَعْصَتْ عليه لآدَنَتْ بالزَّوَال
ثلَّ عرشَ العدوِّ منْ دونِهِ حَدُّ / المُضَاهِي وَحيلةُ المحتالِ
مُوغِلاً في البلادِ مُحتكماً في / حُرُمَاتِ الدماءِ والأَمْوال
لا يَمَلَّ النَّدَى وقد تُخْلِف / الأَنْواءُ حتّى تكونَ مثلَ الآل
ذاكَ يُعْطي قبلَ السؤالِ / ولا فَخْرَ فماذا يُعيدُ للسّؤَّال
ضاقَ ذَرْعُ المُحْصِي وَوُسْعُ المُسَامِي / ويدُ المجندي وبيتُ المال
قد جَنَبْتَ العِدَا ذَلولاً وَصَعْباً / واشتريت العُلا رخيصاً وغالي
وبلغتَ المدى وزدتَ عليهِ / لا تُبالي وَقَلَّ مَنْ لا يبالي
إمرةُ المسلمينَ أَيْسَرُ شأنْيْكَ / إذا خُطّةٌ ثَنَتْ عطف والي
وَمَحَلُّ السّماكِ أدْنَى مكانَيْكَ / وإن كانَ عالياً كلَّ عالي
وَمَحَلُّ السّماكِ أدْنَى مكانَيْكَ / وإن كانَ عالياً كلَّ عالي
وجهادُ العدوِّ أوْلى زَمَانَيْكَ / بطيبِ الغُدُوِّ والآصال
أوْجَسُوا منكَ خِيْفةً وَتُهابُ / النَّبْلُ قَبْلَ استِدَادِها بالنّصال
لهجوا منْ علاءِ شانكَ باسمٍ / سوف يَجْري لهم بأَبْرَحِ فال
يَوْمَ يَغْشَى ديارَهُمْ قَبْلَكَ / الرُّعْبُ على نَخْوَةٍ بها وَاختيال
تُقْبلُ الوهدُ فيه بالخفراتِ البيضِ / والهُضْبُ بالعتاقِ المنَالي
ووراءَ الحُصونِ فَلٌّ من القو / مِ عيال على بَقَايا العِيَال
نافَسُوا في الحياةِ واستشعروا الذلَّ / ولم يَحْفَلُوا بِهُجْرِ المقال
يحسبونَ العتاقَ من ثائرِ النَّقْع / ولو كانَ من بُرُودِ الجلال
وَيَرَوْنَ الفِرارَ أوْقَى من القتل / وَأوْفَى لِرُتْبَةِ الإقْبَال
وَيُفَدُّونَ سابحاتِ المذاكي / بكرامِ الأعْمَامِ والأَخوال
يحسبونَ الحياةَ منها وَيَنْسَوْ / نَ امتدادَ الأعمارِ والآجال
وَقَفوا حينَ فُتَّ أقصى خُطَاهُمْ / وِقْفَةَ العاشقينَ في الإطلال
فَقُدِ الخيلَ مُشْرفَاتِ الهوادي / لاحقاتِ الأَقرابِ والآطالِ
تتبارى بكل طيارَ كالأَيْمِ / وَإنْ هجتَهُ فكالرئبال
باهرٌ في اللئام والطّرفُ لا يَبْهَرُ / حتى يجولَ مُلْقَى الجلال
يا عليَّ العَلاءِ في كل يومٍ / والمُغَالَى به على كل حال
يا ربيعَ البلادِ يا غيمةَ العا / لَم من بين مُؤْتَلٍ وَمُوال
يا قريعَ الأيامِ عنْ كلِّ مجدٍ / يا سليلَ الأذواءِ والإقبال
لك من تاشفينَ أو منْ أبي يع / قوبَ ذكرى مكارمٍ وفعال
نَسَبٌ زادَ رفعةً وجلالاً / في مدى كلّ رفعةٍ وجلال
واضحٌ كالصباحِ مُتَّسِقٌ كالنجمِ / مُمْرٍ كالعارضِ الهطَّال
إنْ تُسَائِلْ به يحَدِّثْكَ عَنْهُ / المجْدُ ثَبْتَ الإسنادِ والأرسال
أنا مِمَّنْ أهلَّ منْ جودِ نَعما / كَ الغيث مستهل العرالي
أنا ممنْ أَفْضَى به فَرْحُ لقيا / كَ إلى فُرْجَةٍ كحلِّ العقال
أنا ممنْ أَهْدَى إليكَ القوافي / غَيْرَ وَحْشِيَّةٍ ولا أهْمَال
كنجومِ السماءِ يَطْلُعْنَ في الكُتْبِ / وَيَغْرُبْنَ في صُدُور الرجال
جادَهَا في بلادِها رائدُ الوَبْلِ / فأغنى عن نُجْعَةٍ وَارْتحال
وأقيمتْ لها الصلاة بذكرا / كَ فكانتْ صلاتها في الرحال
أبَى اللهُ إلاّ أَنْ يكون لكَ الفَضْلُ
أبَى اللهُ إلاّ أَنْ يكون لكَ الفَضْلُ / وَأَنْ يَتَباهى باسْمِكَ القولُ وَالفِعْلُ
وألا يُفيضَ الناسُ في كلِّ سُؤْددٍ / يَعُدُّونَهُ إلا وأنتَ له أهل
وأن تقفَ العَلْيَا عليك ظنونَها / إذا رابها جِدٌّ من الأمرِ أوْ هزل
وأن تُوْسِعَ الأيامَ جوداً ونجدةً / وما ليس يخلو منه عَقْدٌ ولا حَلُّ
وَأيَّدَ سيفاً قلَّما هزَّ عِطْفَهُ / إلى الحربِ إلا والحمامُ له ظِلُّ
تغارُ عليه الشمسُ منْ كلِّ ناظرٍ / فَتُعْشِيهِ عَنْهُ وهو في مَتْنِهِ صَقْل
يَكادُ يَسيلُ الغمدُ من ماءِ جفنهِ / وفي مَضْرِبَيْهِ النارُ والطَبُ الجزل
تَرَى حَيْثُما أبْصَرْتَهُ الغمدَ كلَّه / وإن لم يُسَلّطه قتالٌ ولا قتل
وَيُفْهَمُ عنه الحلمُ في كلِّ هَزَّةٍ / وإنْ كان مما هَزَّ أعطافَهُ الجهل
وربَّ جنونٍ لا يُدَاوَى صريعُهُ / تعلَّمَ منه كيف يُكْتَسَبُ العقل
تُرَاعُ الأسودُ الغْلبُ من شَفَراتِهِ / وقد أثَّرَتْ فيها كما أثَّرَ النمل
أغاليطُ قولٍ لفَّ ألبابَنا بها / فراغٌ لنا أو للقوافي به شغل
من البيضِ إلا ما استباحَ غِرارُهُ / من الدمِ حلٌّ للسيوفِ ولا حِلّ
به ما بِأَجسامِ المحبينَ منْ ضَنَىً / وإنْ لم يُتَيّمْهُ دلالٌ ولا دَلُّ
له بمكانِ العِقْدِ والحجلِ في الوغى / مآربُ ليس العِقْدُ منها ولا الحِجل
وقد يستعينُ الشيء بالشيء لَوْطَةً / ولا نَسَبٌ يُدْنِيه منهُ ولا شَكْل
له خَلَوَاتٌ بالنفوسِ وإن جَنَتْ / عليها الليالي والتقى دونه الحَفْل
كأنَّ الذي أَخْطَتْهُ منهُ بجانبٍ / ولكنْ على أنْ لا يلذَّ ولا يحلو
له هبَّةٌ لا من أنَاةٍ ولا وَنىً / إلى حيثُ لم يَسْبِقْهُ عُذْرٌ ولا عَذْل
واسمرَ عَرَّاضِ الكعوبِ كأنه / إذا اهنزَّ صِلٌّ أو يُسَاوِرُهُ صل
وذو غلمة عبد حليفُ رجاحةٍ / يسيرُ إليها كلَّما نَبَتَ البَقْلُ
أَصَمُّ وتدعوهُ الأمانيُّ غضَّةً / فيألُو وتدعوهُ المنايا فلا يألو
جَرَى الموتُ في عِطْفَيْهِ بَدْءاً وَعَوْدةً / كما كان يَجْري فيهما الماء من قبل
ومالَ وقد أضحتْ منابتُهُ الكُلَى / كما كانَ ميَّالاً وَمَنْبِتُهُ الرمْل
ولذَّ جناهُ واللواءُ يؤودُهُ / كعهدِكَ إذ يُزْهَى به الوَرَقُ الجَثْل
وقد كان مُرّاً وهو في الخصبِ مائسٌ / فكيف تراهُ حينَ أَزْرَى به المحل
وكنَّا عَهِدْنَا النَّقْلَ يُذْويه آنفاً / فإياكَ منه حيثُ لم يُذْوِهِ النقل
ولم أرَ شيئاً مثلهَ طالَ طُوْلَهُ / إلى الموتِ إلا ما ينازِعُهُ النّبْل
ولما نَمَاها فَرْعُهُ ونجارُهُ / حَكَتْهُ وإنْ لم تَحْكِهِ فلها الفضل
وللموتِ أسبابٌ يحاذِرُهَا الفتى / وَأحْتَلُهَا ما ليسَ يَدْرَأُه الختل
تُهَابُ المنايا في عصاً أو حديدةٍ / وَتُوهِنُ ما دارت به الأعينُ النجل
وروضةِ حَزْنٍ بَيْنَ طِيْبِ نَسيمها / وبين ثَنِياتِ الحَشَا مَخْلَصٌ سهل
تسيرُ بما بينَ الأحبَّةِ من هوىً / رسائلُ منه لا تُضَيَّعُ أو رسْل
شذاً تتهاداهُ الأَصَائِلُ والضُّحَى / تَصِحُّ المُنَى في صَفْحَتَيْهِ وَيَعْتَلَ
مع الريحِ ما هبتْ له فإذا وَنَتْ / تحيرَ في أكمامها هُوَ والطل
كأنّ المدامَ الصّرْفَ باتتْ تَعُلُّها / فللطيبِ منها جانبٌ قلَّما يَخْلو
وللهِ درُّ الكأسِ شادُوا بذكرها / تَعِلَّةَ قلبٍ لا يُعين ولا يَسْلو
هِيَ الشيءُ أُطْرِيهِ ولا علمَ لي بهِ / سوى أنَّني لا أمتري أنها بَسْل
وقالوا َكَتْ ريحَ الحبيب فهاتها / وإن لم يُسَوِّغْهَا غِنَاءٌ ولا نُقْلُ
وكنتُ أظنُّ الراحَ من قَبْلِ ما ادّعَتْ / ستأنفُ من أنْ تلتقي هيَ والنّحْلُ
أتلكَ سَقَتْ أزهارهَا أمْ غمامةٌ / إذا نَفَحَتُ أيْقَنْتُ أنْ سَوْفَ تَنْهَل
من المُثْقِلاَتِ الهُضْب حتى يؤودَها / وإن حملتها حاجةٌ ما لها ثقل
إذا لَقِحَتْ حَرْبٌ بها أو بمثلها / فليسَ على طيبِ الحياةِ لها نسل
سَرَتْ ضَخْمَةَ الأكنافِ تامكةَ الذُّرَى / دلوحَ السُّرى تُتْلَى على ذاكَ أو تَتْلو
كأنّ التماعَ البرقِ في جَنَبَاتِها / مصابيحُ تُذْكَى أوْ صوارمُ تُسْتَل
وقهقهَ فيها الرعدُ من كلِّ جانبٍ / كما هَدَرَتْ في الهجمَة الفُتُقُ البُزْلُ
أرنّتْ على ذي الأثْلِ غَيْرَ حليمةٍ / فهل عندها علمٌ بما لقيَ الأَثْل
ومالتْ على أكناف لبنانَ مَيْلَةً / فسحّ عليها ديمةٌ كلُّها وبل
كذلك حتى كلُّ مندوحةٍ بها / غديرٌ وحتى كلُّ مشرفةٍ وحل
وحتى التقى في سُبْلها الصقرُ مخفقاً / وليثُ الشّرى غرثان والسّرْب والإجل
وحتى بَدَتْ شمسُ الضحى وكأنها / محياكَ لا أغلو وإن كنتُ لا أغلو
وسالتْ على روضِ الحزونِ أبَاتها / مَعَ الماءِ كالعشقِ استبدّ به الوصل
كشعريَ إذ يَلْقَى اهتزازكَ للندى / ولولاهما لم يجتمعْ للعُلا شمل
أضِىءْ يا سراجَ الدينِ وابنَ سِراجِهِ / إذا اشتبهتْ تلكَ المسالكُ والسُّبْل
وقلْ كيفَ كانَ الدهرُ إذ كنتَ شاكيَاً / ولو بَهَرَتْ فيه النباهةُ والنبل
وليس يزينُ الغمدَ حُسْنُ حُليّه / غداةَ الوغى حتى يُزَيّنَهُ النصل
شكوتَ فظلَّتْ كلُّ أرضٍ بأهلها / تميدُ ولو أنَّ الجبالَ لها أهل
وأمسكتِ الأفلاكُ عن دورانها / كأنَّ لياليكَ الطوالَ لها شَكْل
وَأَوْحَشَتِ الآدابُ حتى كأنَّها / وقد ظَعَنَتْ سلمى التَّعَانيقُ والثّقْل
وَأُلْبِسَتْ الدنيا وَأَجْمِعُ أهْلِهَا / ضَنىً ذاقَهُ بَعْضٌ وعالجه كُلُ
فلا جوّ إلا وهو أسودُ مُظلمٌ / ولا أرضَ إلا وهي مُوحشة فَلُّ
وأُبْطِلَ سحرُ الأعينِ النُّجلِ بعدما / مَضَتْ برهةٌ والسحرُ ما دونه بطل
وودّ غَريمي لو نَبَيّنَ أمْرَهُ / فأَنْصَفَنِي إذ كانَ يُعْجبه المَطْل
مُصيبي على موتِ الشباب بلحظةٍ / وأيامَ كانت قَبْلَه تَنْصُلُ الإلُّ
أأُحْسَدُ والدنيا تَضنّ بِدرِّها / عليّ وكانتْ كلُّ أخلاقها نُغْل
وأنضو على حكمِ الزمانِ وصرفه / شبابي ولا يُلْقي شبيبته الحِسْل
قَضَاءٌ من الأيامِ فَصْلٌ نَقَمْتُهُ / عليها فلا كفّني أنّهُ فصل
وأدبرَ شيطاني بحقّي وباطلي / كأنْ لم يقرّبه ذِمامٌ ولا إلّ
فلم أُتْبِعِ اللذاتِ إلا تأسفاً / لِنَهْلَتِهَا أنْ لا يكون لها عَلُّ
ولم أتعاطَ الشعر إلا تغنّياً / بذكركَ يُشْفَى أو يُدَاوى بهِ الخبل
فهل عندهُ أنْ قد أظَلّتْ بِشَارة / بِبُرْئِكَ تجلو مِنْ أمانيّ ما تجلو
وأن قد دنا وَجْهُ الرِّضَى بعدما التوتْ / به جُرُعاتٌ من هموميَ أو سَجْلُ
وأنّي قد استأنفتُ عُمْرِيْ فها أنا / وليدٌ وإن ظنّ الصّبا أنني كهل
وأنّيَ لو شئتُ ارتجعتُ غوايتي / بكل ابنِ سُبْلٍ لا يُعَرّجُهُ طِفْلُ
بأنضاءَ هَزلى نَازَعَتْها نُفُوسُهُمْ / نوىً تَتَعاطَاهَا المطيّةُ والرّحْل
إلى ابنِ أبي مروانَ حتى أجارهمْ / فتىً لا يهيمُ الجانبين ولا غفل
عَفَاءً على الأرضِ التي لا تحلُّها / ولو نَبَتَتْ فيها السماحةُ والبذل
أقلُّ ما تهبُ الأعمارُ والدولُ
أقلُّ ما تهبُ الأعمارُ والدولُ / ودونَ ما تَتَعَاطى القولُ والعملُ
وَمِنْ منايا الأَعَادِي إذْ فرغتَ لهم / ألا يواريهمْ سَهْلٌ ولا جَبَلُ
ومن دلائلِ ما أُعْطِيْتَ من ظَفَرٍ / ألا يكونَ لهم رزقٌ ولا أجَل
وَإنَّ سَيْفَكْ لا يثْنِي جَهَالَتَهُ / حتى يُبَيّنَ للجهّالِ ما جَهِلوا
نارٌ تسوقُ العِدا من حيثما حُشِرُوا / إلى الثرى وهو مَأوَاهُمْ إذا قتلوا
هِنْدِيّةٌ لم يزلْ بالهندِ مغتربٌ / يَدْعُو بها كلمّا شَبّتْ وَيَبْتَهِلُ
من نارِ كِسْرَى وكانتْ قَبلهُ سِمَةً / للبرق يُسْمَى بها الصمصامة النّمِلُ
رَبْداء تَضْحَكُ في الهيجاءِ عنْ لُمَعٍ / كما التقى الدَّمْعُ والأَجْفَانُ والكُحُل
مازال فيها لِصَاليها وَمُوقِدِهَا / سرٌّ به عُبِدَ المريخُ أو زُحَل
وربما انجابَ عنها الغمد فاضطرمتْ / زهراءَ يَعْشُو إليها الفارسُ البطل
وَرُبَّما خالها رَقْراقَ غاديةٍ / فظل ينظر هل في عِطْفِهِ بَلَلُ
أَعْيَا عليه أَنِهْيٌ في قَرَارَتِهِ / أمْ مارج من لظى ترْمي به شُعَل
وقد أَرَاهُ بها الضَديْنِ رَافِعُها / فإنما هي تَبْدُو ثم تَشْتكِلُ
تخبو فلا غَرْوَ أن يرْوَى بريقَتِها / وَيَهْتَدِي بِسَنَاهَا حينَ تَشْتعل
فداؤك السيف في يمناه قاتله / فدونه ولأمِّ الحائنِ الهَبَلُ
وإن رمْحَكَ لا يَثْنِي مَعَاطِفَهُ / إلا انْثَنَى القِرْنُ لا يألُو ولا يئل
حُلْوُ المَجَسَّةِ لا عَبْلٌ ولا قَضِفٌ / قَصْدُ المهزَّةِ لا كَزٌّ ولا خَطِل
مستحصد المتن إمّا هزَّه عجباً / يميل صَرْف الرَّدى فيهِ وَيعْتَدلُ
تُزْهى به الطعنةُ النجلاءُ يطْعَنُها / كأنّما استعْملتها الأعينُ النُّجُلُ
لا تُبْصرُ الموتَ إلا حيث تُبْصِره / موتاً يُسدِّدُ أحياناً ويعتقل
أَذاكَ أم عَزْمَةٌ رُمْت الصليبَ بها / وقد أتت دونَهُ الغيطانُ والقُلَلُ
فسائِلِ الرومَ هل كانتْ على ثقة / منْ غَزوِ أروَعَ يُعْطي الغزو ما يَسَل
قادَ الجيادَ إليهم من مَرَابطِها / ماضٍ إذا عرَّد الهيابَةُ الوَكِل
يَغْشى القتالَ فإن تضللْهُ فالتَقِهِ / حيثُ الحتوفُ على الأرواح تقْتَتِل
إياكَ من أسدٍ تشقى الأسودُ به / في كفِّهِ غُلَّةٌ تَرْوي بها الغلل
ولا تَحدَّثْ عن الدنيا فذا مَلِكٌ / تَحُلُّ في جيشه الدنيا وترتحل
وقائدٌ تزدْهي الآفاقُ طَلْعَتَهُ / إذا ذُكاءُ زَهاها الثورُ والحمل
إذا تَجَلى لها في حُجْبِ هَيْبَتِهِ / فَكُلّث شيءٍ يُوازِي ضَوْءَهَا خَجِلُ
وبحرُ جودٍ إذا التجَّتْ غواربُهُ / فَأَبْلغِ البحرَ عنّي أَنه وَشَل
وباذخٌ لا تنالُ الطيرُ ذِرْوَتَهُ / حتى سَوَاءٌ به العِقْبَانُ والحجل
ضخمٌ تَرَى للغوادي في جَوَانِبِه / مساحباً نَبْتُها الحَوْذانُ والنَّفَل
بها مليكٌ بنورِ الحقِّ ممتزجٌ / وظلُّ أَمْنٍ بسترِ اللهِ مُتَّصِل
وَعَزْمَةٌ في جهادِ الكُفْرِ ماضيةٌ / من غَرْبها لا الشبا الماضي ولا الأسَل
يُدْعَى الأميرُ أبو يحيى بها ولها / إذا تَوَاكَلَ أقوامٌ أو اتَّكَلُوا
خفَّ الأعادي بها عن عُقْرِ دارهم / لقد عَجِلْتَ إليهمْ أوْ لقدْ عجلوا
شافهْ طليطلةً ماذا تريدُ بها / بِالعَطْفِ إنْ أشكَلَ التوكيدُ والبدل
أَمْطَرْتَ ما حولها الموتَ الزؤامَ فهلْ / من عَوْدةٍ أيُّهذا العارضُ الهَطِل
فإنْ تثُبْ أو تُقارِبْ والنَّوى أمَمٌ / فقد خَلَتْ قَبْلها الأمْثَالُ والمُثلُ
فإنْ أبتْ فالرَّدى رَهْنٌ بِمُعْضِلَةٍ / لا القارةُ انتصفتْ منها ولا عضَلُ
أوْلى لهمْ ثم أولى للصّليبِ بها / منْ عارضٍ صَوبُهُ الأسْيافُ والأسل
وللعدا دُونَها من حَرِّ مَلْحَمَةٍ / يكادُ منها الهواءُ الرَّطبُ يشتْعل
ومن رحىً لمناياهمْ يَدورُ بها / يومٌ تضيقُ بهِ الآفاقُ والسُّبُلُ
يومٌ شتِيمُ المحيّا لا يُزَيّنُهُ / حليٌ وإن كانَ لا يُزري به العَطَلُ
وأعصلُ النابِ إن يُغْرَ الكماةُ به / كذلك الحربُ في أَنْيابِها عَصَل
ومن مَكَرِّ أبي يحيى وَمَوقِفِهِ / بحيثُ يُؤمَنُ أو لا يُؤمَنُ الزَّلل
أَبِدْ فداكَ رجالٌ لو عرَضْتَ لهمْ / دونَ الحياةِ لما قَالوا ولا فعلوا
كيفَ السبيلُ إلى يومٍ أُؤَمّلُهُ / يكونُ لي ولحسَّادي به شُغُلُ
حتى أُقبّلَ يُمْنَاكَ التي حَظِيَتْ / بها الظُّبَى قَبْلَ أَنْ نَحْظَى بها القُبَل
وأشتكي جَوْرَ أيَّامي إلى مَلِكٍ / لا يَحْضُرُ الجُبْنُ يوميه ولا البَخَل
يا أيها الملكُ الميمونُ طَائِرُهُ / يا بدرُ يا بحرُ يا ضرغامُ يا رجل
أتاركي لصروفِ الدهرِ تلعبُ بي / وقد حَدَاني إليكَ الحبُّ والأمل
شكرتُ نُعْماك لما قلَّ شاكرُهَا / إن الكريمَ على العلاَّتِ يَعْتَمِل
وهاكها يقتضيكَ الحسنُ رَوْنَقَها / وإن لَوَتْهَا به الأعذارُ والعِلَل
تَطَاوَلَ الدهرُ منها لو يُعَارِضُهُ / دهرٌ عُلاَكَ به الأسحارُ والأصُل
سيارةٌ في أقاصي الأرضِ شاردةً / مما تُرَوِّي لكَ العَلْيَا وَترْتجِلُ
لا تحسبوني وإن ألْمَمْتُ عن عُقُرٍ
لا تحسبوني وإن ألْمَمْتُ عن عُقُرٍ / بِمُضْمِرٍ لكمُ هجراً ولا مَلَلا
أحبكمْ وَأوَالي شُكْرَ أَنْعُمِكُمْ / وَأَرْتجيكمْ ولا أبغي بكمْ بَدَلا
وأستديمُ جميلَ الصُّنعِ عندكُمُ / ولا أُبالي أَجارَ الدهرُ أم عدلا
وما أراني بمُسْتَوْفٍ مَناقِبَكُم / ولو نظمتُ لكمْ زُهْرَ النجوم حُلى
ولا يُبالغُ عُذري في زيارتكمْ / ولو سلكتُ إليكمْ بَينها سُبُلا
وأنتمُ زينةُ الدنيا فإن ذهبتْ / فلا أقولُ لشيءٍ فات ما فعلا
قدْ فُتُّمُ كلَّ ساعٍ والمدى شَططٌ / لو حُدِّثَ البرقُ عن أدناه ما اشتعلا
أَعْطَيتُمُ وَكَفَيتُمْ فازْدَهتْ بكمُ / مكارمٌ لم تَزَلْ من شانِكُمْ وعلا
ذُدْ يا ابنَ عيسى الليالي عن موارِدِها / فما تَرَكْنَ لنا علا ولا نَهَلا
وَحُدَّ للدهرِ حَداً لا يُجاوِزُهُ / فقد تَعَلَّمَ منكَ القولَ والعملا
ولُحْ صباحاً إذا لم تَسْرِ بَدْرَ دُجىً / فقد يُقالُ استسرَّ البدرُ أو أفَلا
وأبسط لنا يدك العليا تقبلها / فإننا لم نرد براً ولا وشلا
وَدَعْ بمرآك ضَوْءَ الصُّبْحِ عن كَثَبٍ / فإنَّنا قد ضَرَبْنَاهُ له مَثَلا
وطالبِ الدَّهْرَ عنْ إنجازِ مَوْعِدِهِ / فربَّما سَوَّفَ الحرمانُ أَوْ مَطَلا
وكنْ لنا أملاً حتى نعيشَ به / لا يعرفُ العيشَ منْ لا يعرفُ الأمَلا
خذ يا محمدُ شُكْري عن مآخِذِهِ / أَوْحَتْ إليه العُلا آياتِها قِبَلا
من النجومِ التي مازلتُ مُطْلِعَهَا / بحيثُ لستَ ترى ثوراً ولا حملا
أعْزِزْعليَّ بدهرٍ لا أراك به / تديرُ آراؤُك الأيامَ والدولا
وأسْتَقِيْلُ الليالي فيكَ غرتها / فربما لان أمر بعد ما عَضَلا
ولا أزالُ أُدارِيْهِ وَأعْذُلُهُ / فربما سَيْفُهُ لم يَبْلُغِ العَذَلا
لا وحياةِ الأعْيُنِ النُّجْلِ / وإن تَعَاوَنَّ على قَتْلي
ألِيَّةً ما زالَ بِرِّي بها / أكثرَ مِنْ برِّكَ بالعدل
ما جَمَع الأنْسُ لأهلِ الهوى / كالجمع بين القُرْط والحجل
فخالفِ العقلَ فإنَّ الهوى / ليسَ بمحتاجٍ إلى العقل
واحتجَّ بالجهلِ وقاوِمْ به / ما دمتَ مَعْذُوراً على الجهل
واشرَبْ على ماشيتَ مَنْ نظرةٍ / مُعْلَمَةٍ في وَجْنَةٍ غُفل
كصفحةِ السَّيْفِ ولكنَّها / يَجْرِي الهوى فيها مع الصَّقْل
قام بِعُذرِي في الهوى حُسْنُها / مقامَ بُرهانٍ على شكْل
وابأبي تفتيرُ أجفانها / لو لم يكنْ خَبلاً من الخبل
أرقُّ من قلبيْ ومما ادَّعى / في ذلكَ العُشَّاقُ مِنْ قبلي
يا ليتني اليوم على مَوْعدٍ / قد حارَ بين الخُلْفِ والمَطْل
نازَعَني صَبْرِي به باخلٌ / كدتُ به أثني على البُخل
أحْرَقَ بالحبِّ وَمَنْ لي به / يُمرُّ أحياناً ولا يُحْلي
طَالَبْتُهُ دَيْني فَألْوَى به / يَرُوْغُ بين المَنْعِ والبَذْلِ
فتىً إذا أعْطَاكَ أخْلاَقَهُ / أغْنَاكَ عن راحٍ وعن نُقْل
دلَّتْ على السُّؤْدَدِ أفْعَالُهُ / دلالةَ الشَّمْسِ على الظل
كالأسَدِ الوَرْدِ وما حُجَّتِي / إن لم أقُلْ كالعارضِ الوَبْل
إنْ حَشَّ نارَ الحربِ قامتْ لها / أعداؤه كالحَطَبِ الجَزْل
في كلِّ هيجا لَقِحَتْ نفسها / بالموتِ فاستغنت عن الفحل
كثيرةُ النسْلِ ولكنّها / أقْطَعُ ما في البَطْنِ للنَّسْل
أيَّمهَا الثُّكْلُ على أنَّها / وَشُرْبَهَا شرٌّ منَ الثُّكل
في عارضٍ للموتِ مُثْعَنْجِرٍ / أوَّلُ ما يَبْدأ بالهَطْل
تمورُ فيه الخيلُ والنبلُ لا / تَفْرُق بين الخيلِ والنَّبْل
إذا اخْتَلَى سيفٌ به هامةً / لم ترَ إلا مِرْجَلاً يَغْلي
ماذا تريدُ النَّفْسُ من مُهْجَةٍ / أنْتَ بها أوْلضى من النَّصْل
قد نُبْتَ عن سَيْفك في الحربِ أو / نابَ لك الرُّعْبُ عنِ القتل
واشتْتغَلَ الناس بنقصانهمْ / لما رأوْا شُغلَكَ بالفَضْل
أملِ على شعريَ إحْسَانَهُ / فإنَّ شِعْري منكَ يَسْتَملي
ولا تَكِلْهُ لأبَاطِيْلِهِ / فالجِدُّ أوْلَى بي منَ الهزل
جُوْدُكُ أجْدَى في طِلاَب العلا / من الحَيَا في البَلَدِ المحل
جودٌ لو أنَّ الأرضَ غيْثَتْ به / لم تُنْبِتِ البُرَّ مَعَ البقل
وهزَّة لو أنها نشوةٌ / لكان منها النُّسْكُ في حِلِّ
ومنطقٌ لو لم يكن مفْرَداً / لَفُضَلَ القَولُ على الفِعْل
يحكي جنى النَّحْلِ ولكنّه / لم تَكْتَنِفْهُ إبَرُ النحل
كم من يدٍ بيضاءَ مشكورةٍ / أوليت بين الأزم والأزل
وحجة كالصبح مشهورة / قُمْتَ بها تُعلي وَتَسْتَعلي
ومأزِقٍ ضَنْك تَقَحَّمْتُه / تُرْخِصُ بالأرواحِ أوْ تُغلي
ومُنْتَدىً رحبٍ تَبَوَأْتَهُ / مُضْطَلِعاً بالعَقْدِ والحلِّ
إنَّ أَبا حفصٍ أرانا العُلا / أقومَ مِنْ ساقٍ على رجل
رِد يا أبا حفص جِمامَ العلا / ما شئتَ من عَلٍّ ومن نَهْل
يَنمِيك للمجد أبو قاسمٍ / ما أقْرَبُ الفَرْعَ من الأصْلِ
كلاكُمَا قامَ على مَجْدِهِ / بشاهدٍ منْ مَجْدِهِ عَدْلِ
منْ أسْرةٍ إنْ شَهدوا مَشْهَدَا / كانوا أحقَّ الناسِ بالخَصْلِ
لو كَتَبُوا أحْسَابَهُمْ أحْرُفاً / أغْنَتْكَ عن نَفْطٍ وعن شَكْل
تَسَرْبَلُوا للحربِ أثْوَابَها / ليسوا بأنْكاسٍ ولا عُزْلِ
وَأوْرَدُوا أعْدَاءَهُمْ مَوْرِداً / رَنْقاً من الغِسْلينِ والمُهْلِ
دُوْنَكَ مما صُغْتُهُ حليةً / فَصَّلْتُها بالمنطقِ الفَصْل
تلهيكَ في الخلوةِ أبياتُها / وَرُبَّما هَزَّتْكَ في الحَقْل
فإن يكنْ حُسْنٌ فلا مِثْلُهَا / أوْ يكُ إحسانٌ فلا مثلي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025