القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الأَبّار الكل
المجموع : 275
دَعْ ما يريبُ إلى ما ليسَ بالرِّيب
دَعْ ما يريبُ إلى ما ليسَ بالرِّيب / فَذا يبوؤك العَلْيا مِن الرُّتبِ
واعْمِدْ إلى سُبُل الخيراتِ منتَهجا / لَها لِتَسْعَدَ في حالٍ وَمُنْقَلَبِ
دارت السرّاء فيهِ قَهْوة
دارت السرّاء فيهِ قَهْوة / فَتَسَوّغْتُ الأجَلَ الأعْذَبا
قَبْل أنْ أغْشَاهُ هَاجَرْتُ له / نِيّةٌ أخْلَصْتُها مُحْتَسِبا
فَلَئِنْ وَافَيْت عَبْداً كَلِفاً / فلَقد لاقَيْتُ مَوْلىً حَدِبا
لا أعْصِرُ الخَمْرَ بل أغْرِس العِنَبا
لا أعْصِرُ الخَمْرَ بل أغْرِس العِنَبا / حَسبي ثُغُورٌ تُبيحُ الظّلْمَ والشّنَبا
إذا تُدارُ على صاحٍ سُلافَتُها / يَوْماً تَهافَتَ سُكْراً وانتَشى طرَبا
وظلّ يَهْزَجُ في أثناءِ نَشْوَتِه / حتّى كأنّ دَمَ العُنقودِ ما شرِبا
قل للنّزيفِ بِها أدْمِنْ على ثِقَةٍ / فلا جُناحَ على مَن أدْمن الضَربا
يا بُؤْسَ للصبّ شَام البَرْقَ مُبتَسما / فباتَ يُزْري بصَوْبِ المُزْن مُنْتَحبا
وفي الحَشا ما الحَشايا عنْه تُنْبِئُه / مِن لوْعة سَعّرتها فاغْتَدَتْ عَجَبا
لا أنكرُ الضّد يلقى الضّدّ مذ جمعتْ / جوانحي وجفوني الماء واللَهبا
إنّ الذين ولُوا أمْر التي ولِيَتْ / أمْري غدا سِلْمُهُم حَرْباً فَواحرَبا
أمُّوا العَقيق فعاقوا العاشِقين ولَوْ / عاجُوا على منعجٍ قضّى الهوى أرَبا
آمَتْ بَنَاتُ نَسيبي يوْم بينهِمُ / لِفَقْدها منْ فُؤادي قَيّماً حَدِبا
ساروا بِه دونَ جِسْمي كَيفَ صاحَبَهُم / ولا قوامَ لهُ إلا إِذا اصْطُحِبا
يا آلَ خَوْلَةَ لا آلُو مَضَارِبَكُم / حَوْما عَليها رَجاء الوردِ إذْ عذُبا
وإنْ حَجَبْتم عنِ الأبصارِ هَوْدجَها / فحاجب الشمس لا يخفى وإن حُجبا
ما ضرّكم لو نَفَحْتُم مِن تعلّقها / بأنْ يَسوق لَها المُهرية النُّجُبا
لَئِن بَخِلْتُم بِنزْر ليسَ يَرْزَؤُكُمْ / لَتَفْضَحُنّ بِما تأتُونَه العَربَا
أليسَ يُعْديكُم جُودُ الأميرِ عَلى / قاصٍ ودانٍ بِما يَسْتَغْرقُ الطَلبا
المُنتَضي صارِماً للهَدْي مُنْتَصراً / والمُرْتَضى قائِماً بِالحَقّ مُنْتصبا
إمامُ دينٍ ودُنيا لمّ شَمْلَهُما / مِنْ بعد ما اضْطَرَبا دهراً وما اغْتَربا
تقلّد المُلْكَ والسُّلطان مُنْهَجةً / أثْوَابُه فَثَناها غَضّةً قُشُبا
يَسمو بآبائِهِ الأنام مُفْتَخِراً / إِذا المَنابِر سَمَّتْهُمْ أباً فأبا
وإنّ يَحْيى بنَ عبد الواحدِ بنِ أبي / حَفْصٍ لأَنوَرُ من شَمسِ الضُحى نَسبا
ثَلاثَةٌ هُمْ نُجومُ الأرضِ قَد عَشَروا / وعَاشَرُوا في السّماءِ السّبْعَة الشُهُبا
مُبارَكونَ عَلى الدُنيا عَزائِمُهُم / حِزْبُ الديانَة فيما غالَ أو حَزَبا
أضحى وحيدَهُمُ في كلِّ مَعْلُوَةٍ / مَنْ ردّ من ألْفة التّوحيدِ ما ذَهَبا
مَلْكٌ تَبَحْبَحَ في عَلْياء سُؤْدَدِه / فأَحرَزَ السّلَف القُدْسِيّ وَالعَقبا
تَهْوى الكَواكِبُ لوْ أهوَت لِسُدّتِه / فَقبّلَتْ راحَةً لا تَأتَلي تَعَبا
طَعْنَاً وضَرْباً وبَذلاً كُلّ آوِنَة / ولا نَصيبَ لمَن يَستَنكِفُ النّصَبا
فمِنْ سماح إذا القطر المُلِثُّ ونَى / أوْ مِنْ مَضاء إِذا العَضْبُ الحُسامُ نَبا
لَم يَدْنُ مِن بابِهِ مُسْتَشْعِرٌ وَجَلاً / إلا دنا مِن أمانِ اللّهِ وَاقْتربا
أَعْرى الصَوارِمَ لمّا باتَ مُدَّرعا / مُفاضَة الحزْم واستَدنَى القَنا السُّلبا
وَصالَ بِالبيضِ بأساً حِينَ سالَ نَدىً / بِالصَّبرِ فاسْتفْرغ الأكياس والقِربا
الطّوْد والبَحر من حُسّادِه أبداً / إذا احْتَبى في سَريرِ المُلكِ ثُمّ حَبا
لأجلِها طاشَ هَذا مُزبِدا قَلِقاً / وقَرّ ذاك طويلَ الفِكْرِ مُكْتَئِبا
ثمّ استَبان كَمالاً فيهِ عِزُّهُما / حتَّى لَقَد رَضِيا مِن طُولِ ما غَضِبا
مُبَارَكٌ لَم تَلُحْ كالصُّبحِ غُرّتُه / إلا جَلَتْ كالظّلام الحَندس النوَبا
يُغادِر النّهْر غَصّاناً وقَد جُعِلَت / تُحيلُ شُمّ الرّواسي خيلُه كُثبا
في الجَيْشِ منهُ رَبيط الجَأشِ يُؤْمِنُه / والرّوْع يَفْصِلُ عن راياتِها العَذَبا
ما هَزّهُ المَدْحُ إلا انْثَالَ نائِلُهُ / كالجِذع ساقط لما حرَّك الرُّطبا
عُلى المُلوكِ وُقوفٌ دونَ غايَته / إنّ القُطوف إذا جارى الجَواد كَبا
وَإن أخالُوا بِدَعوى في مُجَانَسَةٍ / فمن لَهم بلُجيْن يُشبِهُ الذّهَبا
هذِي الشُهورُ شُهورُ اللّهِ واحِدَةٌ / والفَرْدُ مِنهُنّ وَصفٌ لازِمٌ رَجبا
مَوْلايَ سَحّتْ عَلى العبدِ اللهَى دِيَماً / فَبَادَرَ الحَمْد يَقْضي مِنْهُ مَا وَجَبا
إنّي أخاف وَقَد عُجلْتهَا مِنَحاً / إِذا أؤَجّل مَدْحاً أن يكونَ رِبا
سارَعتُ بالشكرِ إِفصاحاً بأن يَدي / تَأثّلَت مِن يَدَيْك المَالَ والنّشَبا
وَما توقّفتُ عَن بَيْتٍ وَقَافِيَةٍ / مُنذُ استَفدْتُ لَدَيك العِلم والأدَبا
عَذلُوهُ في تَشْبِيبِهِ ونَسيبِه
عَذلُوهُ في تَشْبِيبِهِ ونَسيبِه / من ذا يُطيقُ تَنَاسِياً لحَبيبِهِ
ومَضَوْا عَلى تَأنيبِهِ وبِحَسْبِهِم / تأبِينُه مَحياهُ في تأنيبِهِ
أو ليسَ من خَضَب البياض مموها / كَصَريعِ مُشْتَجر القَنا وخضيبِهِ
ركدت صَبا عَصْر الصّبا وهُبوبُها / وهَفا النَسيم لِنَوحه وهبوبِهِ
تاللّهِ ما جَوْرُ الفَتى من كَوْرِهِ / وَكَفاهُ وَهْنُ قراهُ في تَجريبِهِ
والْعُمْرُ ليس قَشيبُه كَدَريسِه / كاليوم لَيْسَ شُروقُهُ كغُروبِهِ
من شارف الخَمسينَ ضَيّقَ عُذْرَهُ / تَعْدَادُهُ في الشّيبِ عَن تَشبيبِهِ
لَكِنها حَدَقُ المَهَا خَبَأت لَهُ / مِنْ سِحْرها ما جَدّ في تَحبيبِهِ
فالقَلبُ محتَملٌ صِلاءَ شُجونِهِ / والجِسْم مُشْتَمِلٌ مُلاء شُحوبِهِ
واهاً لَه حَسِبُوا المَشيبَ يَصُدُّهُ / عَنْ ذكر أيّامِ الحِمَى وكَثيبِهِ
وإذا العَميدُ نَضا رداءَ شَبابِهِ / أغراهُ بِالتّهْيام لِبْسُ مَشيبِهِ
هَيهات يَصْحو أو يفيقُ مِنَ الهَوى / مُسْتَعْذِبُ البُرَحاء في تَعذيبِهِ
يا حَبَّذا نَجدٌ وسَالِفُ عَهْدِهِ / فيهِ استَفَدنا طيبَها من طِيبِهِ
ومَجالُنا مِن رَوْضهِ بغَديرِهِ / في ظِلّ مائِسِ دَوْحِهِ وَرطيبِهِ
وصَباً تَحَمّلُ من تضَوّعِ رَندِه / وعَرَارِهِ ما زادَ في وَصبي بِهِ
لَم يَلْبثِ المَكروهُ فيها أنْ نَأى / لمّا دَنا المَحبوبُ دونَ رَقيبِهِ
هِبة الزمانِ قَضى بِها دَيْن المُنى / لو لم يَعُدْ مِنْ بَعد عن موهوبِهِ
شتّان بَينَ مُجَرِّر لِذُيولِهِ / طَرَباً وبَيْنَ مُمَزّقٍ لِجُيوبِهِ
ومِنَ العَجائِبِ أن يَتمّ تَمَتُّعٌ / لأخي هَوى بأَنيقِهِ وعَجيبِهِ
كانَت مَتَاعاً لَوْ يَدومُ وإنّما / ضَحِكُ الزمانِ ذريعَةٌ لِقُطوبِهِ
ولئِنْ تَقضّت لَيسَ يَنسَى عَهْدَها / كَلِفٌ بَسيطُ الحُبّ في تَركيبِهِ
مِنْ دونِ سَلْوتِها نَوازِعُ لَوْعَةٍ / قَرَّ الفؤادُ بها فُوْيقَ وجِيبِهِ
رَحُبَتْ حَياتي عندَ يَحيى المُرْتَضى / في رَحْبِ نائلِهِ وفي تَرحيبِهِ
مَلِكٌ أقامَ الحَقّ عندَ قُعودِهِ / وأَعادَ فَيْضَ الجُودِ بَعد نُضوبِهِ
حَسّت خلافَتُهُ الخلافَ وصيّرت / مِنْ حِزْبِه مَنْ لَجّ في تحزيبِهِ
وكذاكَ من لَحِظ العَواقِبَ لُبُّه / حَذِر العِقاب فكفّ عن تأليبِهِ
لاَ يَسْلُبُ الجَبّارَ بَيْضَةَ مُلكِهِ / إلا إذَا هوَ حاد عَن أسْلوبِهِ
تَتَقمّنُ الأقْدارُ خادِمةً لَهُ / سَرّاءه في سِلْمِهِ وحُروبِهِ
وعَلى مَيامِنِهِ الكَوافِلِ بِالمُنى / تأمِينُ ظَبْي القَفْر عَدْوةَ ذيبِهِ
وافَى الزمانُ بهِ إماماً عادِلاً / والجَوْرُ قَد عَمّ الوَرى بِضُروبِهِ
وَخليفَةً في الأرضِ لكِن بَيْتَه / فَوْق السماء يُمَدُّ في تَطْنِيبِهِ
يَرْمِي فيُصمي قاصِياتِ مَرامِهِ / مِن رَأيهِ بِسَديدِهِ ومُصيبِهِ
خَلَعَتْ مَناسِبُه الكَريمَةُ عِتْقَها / وزكاءَها حتى عَلى يَعْبُوبِهِ
فإِذا امتَطاهُ سَما النُّجومَ بِجيدِه / وشَأى الرياح بِحَضْره ووثوبِهِ
لو أنَّ لِلأملاكِ فَضْلَ نِصابِهِ / مَلَكوا مِن الأمداحِ مِثْل نَصيبِهِ
تَخريبُ بَيْتِ المالِ عادَةُ جُودِه / وحَصَانَةُ العَلياءِ في تَخْريبِهِ
ضَمِنَتْ لَهَاهُ ضَرَائِبٌ حَفْصِيّةٌ / قَد أعْدَمَتْ فِيهَا وُجودَ ضَريبِهِ
إنَّ الهُدى لمّا شَكا لِضَنىً بِهِ / ما شَكّ في إبْلالِه بِطَبِيبِهِ
جَرّ الجُيوشَ مُصَمّماً في رَفْعِه / مِلْءَ الملا هَضَبَاتِهِ وَسُهوبِهِ
وجَنَى جَنِيّ النّصْرِ في تَشريقِه / مِنْ غَدْر خَاذلهِ وفي تَغْريبِهِ
لَمْ يُبْقِ مِنْ شُعبِ الضلالَة شُعْبَةً / بالصَّيدِ من أحيائِه وَشُعُوبِهِ
مُتَبسّماً ورِماحُهُ تَبْكِي دَماً / في اليَوْمِ تُحْجَبُ شَمْسُه بِكُعوبِهِ
حَيثُ المُهنَّدُ مُسمعٌ بِصليلِهِ / والمَوْتُ ساقٍ للكُماةِ بِكوبِهِ
تِلْك الخِلافَة في يَديْهِ وعَهْدُها / لِسليلِه رَبّ النّدى ورَبِيبِهِ
ثَبَتَتْ معاقِدُها علَى تَأريبِهِ / وَرَسَت قَواعِدُها على ترْبيبِهِ
ألَمْ تَرَها تَسْمو لأشرَفِ غَايَةٍ
ألَمْ تَرَها تَسْمو لأشرَفِ غَايَةٍ / وتَسبِقُ سَبْق المقرباتِ الشَوازِبِ
إذا أصْدَرَتْ غُبْرُ السّباسِبِ وافِداً / لَها أوْرَدَتْ شرْواه خُضْرُ الغَوارِبِ
سَعادَةُ آفاقٍ بِها شَقِيَ العِدَى / كبت بمَجاريها مجرّ الكَتائِبِ
أَجابَتْ نِداء الحَقّ تَبْغي نَجاتَها / فأَعْقَبَها التّوفيقُ حُسْنَ العَواقِبِ
وَكانَتْ عَلى الكُفّارِ غَير مُعانَةٍ / فَسُرعان ما قَدْ صُرّعوا بِالقَواضِبِ
هُوَ الزّمَنُ المَضروبُ للنّصْرِ مَوْعِداً / ومازالَ وَعْدُ اللّهِ ضَرْبَةَ لازِبِ
لَقَد رَاقَبَتْ عام الجَماعَةِ بُرْهَةً / فَلَمْ يَعْدُها إِقرارُ عَيْنِ المُراقِبِ
هَنيئاً لأَهلِ العُدْوَتَينِ عِدَادُهُمْ / بإِخلاصِهِم في المُخْلِصِين الأطايِبِ
أَطاعُوا الإِمام المُرْتَضَى وَتَسابَقوا / إلى سَنَنٍ يهدي إِلى الرُّشد لاحِبِ
إلى مَذْهَبٍ سنّتْه سبْتةُ قاصِدٍ / بِهِ عَدَلُوا عَنْ زَائِعاتِ المَذاهِبِ
ألا هَذِه حِمْصٌ تُناسِبُ طاعَة / سِجلماسة في رَفْضِها لِلمناصِبِ
وَما خالَفَت غرْناطةٌ رَأي رَيّة / لتَشْمُلَ أنْوارَ الهُدى كُل جانِبِ
وَجَيّانُ لم تَبْرح كشلْبٍ وطَنجَةٍ / مُبارِيةً هُوجَ الصَبا والجَنائِبِ
لتسْعد بالرّضوانِ بَيْعاتُها التي / كَفى شَاهِدٌ مِنْه تَأمّلَ غَائِبِ
وَهَلْ قَدَحتْ إلا لِفَوْزٍ قِداحُها / فَلا غَرْوَ أن تَحظَى بِكُبرَى المَواهِبِ
كذا الخُلَفَاءُ الأَكرَمونَ مَنَاسِباً / تُنالُ بِهِم عَفواً كِرامُ المَطالِبِ
مَمَالِكُ ألْقَت خُضّعاً بِقِيادِها / إلى مَلِكٍ في العِزِّ سامي الذّوائِبِ
بهِ اعْتَصَمَتْ مِمّا تَخافُ عَلى النَوى / فلَيْسَ مَرُوعا سِرْبُها بالنّوائِبِ
سَتَظْمأ مِنْ وِرْدِ الرّدى جَنَباتُها / وإنْ رويتْ قِدما بِصَوْب المَصائِبِ
وَيَثْنِي مُلوُك الرّوم عمّا تَرُومُه / بِعَزْمة رَاض للدّيانة غَاضِبِ
وَمن يَرهَبُ الجُلّى وَهَذا جَلالُه / عَلى الأَمْنِ مَحْمولٌ بِهِ كُل راهِبِ
لأندَلُسَ البُشرى بِنَصْرِ خَليفَةٍ / ضَروبٍ بِنصْل السيف زاكي الضَرائِبِ
قَريبٌ عَليهِ نيْلُ كُلّ مُحاوِلٍ / وَلو كانَ بُعداً في مَحَلّ الكَواكِبِ
تَعَوّدَ إمْلاء النّوادِرِ بَأسُه / بِحَيثُ تَعِيها صارِخاتُ النّوادِبِ
غَرائِبُ مِن نَظْمِ الكُماةِ بِنَثْرِهِ / كُعُوبَ القنا واهاً لتِلك الضّرائِبِ
وقامَ بِحِزْبِ اللّهِ يَنْصُرُ دينَهُ / فلَمْ تَهَبِ الدُّنيا طُروقاً لِحازِبِ
وَقَدْ جَعل الهَيْجا رِياضاً خِلالَها / يُفجِّر أنْهارَ الدّماء الصّوائِبِ
أمَدّ بِجدٍّ صَاعِدٍ جُرَعَ الرّدى / عِدَاه فمَغْلُوبٌ بِهِ كُلُّ غَالِبِ
ومَن كانَ بالإحسانِ والعَدْل قَائِماً / فلَيسَ يُقِرُّ العَضْبَ في يَد غَاصِبِ
بِمَطْلَعِ يَحيى غار كلُّ مخالِف / ومِنْهُ اسْتماح السّلمَ كلُّ مُحارِبِ
وكَمْ أظهَرَ الماضونَ شَوْقاً لعصْرِهِ / بِما خَبّروه في العُصورِ الذّواهِبِ
إمَامَتُهُ أَلْوَتْ بِكُلّ إِمَامةٍ / وَبِالصُّبْحِ وَضّاحاً جَلاءُ الغَياهِبِ
هيَ العُرْوَة الوُثْقى ومنْ يعتصم بها / فلَيسَ يُبالي ناجِياً بالمَعاطِبِ
بنورِ هُداها يَقْتدِي كُلُّ تَائِه / وَمَحْضَ رِضاها يَقْتَني كُلُّ تائِبِ
أيَقْصُر عنْ فَتْح المشارِق بعْدَما / تَقاضى بِأَمْرِ اللّهِ فَتْح المَغارِبِ
وَسارَ إِلَيها في المقانِب زاحِفاً / وَلَو شاءَ لاسْتَغْنَى بِزُهْرِ المَناقِبِ
يُضارِب في ذاتِ الإلَهِ وَلَم يَكُنْ / لِيُخفِقَ في الأيامِ سَعْيُ المُضارِبِ
مَديد الغِنى من كَفِّه مُتقارِبٌ / لِمُنْتَزَحٍ عَن بابِهِ وَمُصاقِبِ
أجارَ من الإظْلامِ ثاقِبُ نُورِهِ / فَلا زالَ جاراً لِلنجومِ الثّواقِبِ
هنيئاً لوَفْدِ الغَرْبِ من صفوة العُرْب
هنيئاً لوَفْدِ الغَرْبِ من صفوة العُرْب / قُدومٌ على الرُّغبِ المُجيرِ من الرُّعبِ
وهَصْرٌ لأفنانِ الأماني أفادَهُم / أفانينَ حصْبِ الجُودِ بالرَّفْهِ والخِصْبِ
ألم تَرهُم أفضوا إلى فائض النّدى / فلقّاهُمُ بالنائِل الرّحب والرّحْبِ
وَقَلّدهم لَمّا كَساهُم فَلا تَرى / سوى العضْبِ حَلاهُ النُّضارُ عَلى العَصْبِ
تَحارُ عُقُولُ المعْقِلِيّينَ في لُهىً / كَفى السّحْب من فَضْفاضِها نُجْعة السحبِ
بِعَيْشِهِمُ هل أحْرَزوا قَبْل مِثْلَها / إذِ العَيْشُ بينَ القَسْبِ يَرْتادُ والسَّقَبِ
وأنْفَسُ مِنها ما أُفيدَ من الهُدى / وإن جَعَلَتْ تُربي عَلَى عَددِ التُّرْبِ
أَما انْجَلَتِ الجُلّى أما التَأم الثأى / فلِلّه شَعْبٌ قابلوا الصّدْع بالشّعبِ
دَنا بِهم الإخْلاصُ والدار غُرْبَةٌ / فكعْبُهم يَعلو رُؤوسَ بني كَعْبِ
هُمُ الرّكْبُ حاد الكْرب عَنهم محيدَهم / عَن الجَرْيِ في الإيضاعِ والخَبّ في الخبِّ
بُدوراً إِذا ما قطّب الجَوُّ أشرَقوا / تَدور رحاهُم مِن هِلالٍ على قُطْبِ
إنابَتُهُم تَقضي بِصِدْقِ منابهم / وعَزْمَتُهُم تُنْبي بِأنّ الظّبى تُنْبي
هَدَتْهُم إِلى الهادِي الإمام سعادَةٌ / تؤُمُهم بالسّرْبِ يوهِب والسّرْبِ
وتُعلمُهم أن ليس كَالْغَيْهَب الضُّحى / ولا السّابِقاتُ الجُرْد كالرُّزح الجُرْبِ
ومَنْ رامَ يحيى كَعْبَةً لِطَوافِه / غدا لا يُهابُ الهَضْم في ذَرْوَة الهَضْبِ
إمامُ هُدى أفنى الضّلال مُسلّطاً / عليهِ بِأوْحى القَضْبِ ماضية القُضْبِ
وبَحْر ندىً منْ يَرْجُ فيض عُبابه / يَفُزْ بالنُّضار السبك والوَرِق السَّكْبِ
أبَرّ على الأملاك بِراً مباركاً / صَنائعُه وهي الجسامُ إلى ربِّ
وأنْفَذَ عدْوَ الخَيْلِ في طلبِ العِدى / وَبنْدُ الهُدى منهُ إلى ملكٍ نَدْبِ
يُحبّر كُتْباً أو يَجُرُّ كتائِبا / وحَسبُك بالحِبْر المغامر في الحَرْبِ
فَكَمْ عَالِمٍ أرْدَتْ عُلاهُ وَمُعْلَمٍ / بِضَرْبٍ من التبكيتِ كالطّعنِ والضّربِ
عَلى النّشْجِ مقصورُ الزّهادةِ والتُّقى / وصارمُه الظمآن في العَلِّ والعَبِّ
أما راعَ منهُ الشّرقَ تأييدُ أرْوَعٍ / سَطا غَيْرَ نابي الغَرْبِ والحَدّ بالغَرْبِ
يُديل من الإملاقِ والفَقْرِ بِالغِنى / ويُفرِجُ بالكَر العَظيم من الكربِ
ويُؤمِنُ مَن تَضْطَرُّهُ حالُ مَحْلِه / إلى الخبطِ في الآفاقِ مِن خيفةِ الخطبِ
أوَى الدّين من سُلطانِه لِمُناجِزٍ / مُناوئَه بَسْلٍ على الدّم بالذّبِّ
أقامَ صَغاه يَوْم قام لِنَصْرِهِ / بصبح الأعادي الحَيْنَ في أشرَفِ الصَّحْبِ
تَرى كُلّ جحجاح إذا اعتزّ واعتَزَى / إلى الحَسَبِ الوَضّاحِ نادى بهِ حَسْبي
خَضيب الظُّبى من خضْدِه شوْكةَ العِدى / كأنّ به شَوْقاً إلى الخَضْدِ والخَضْبِ
تَقَبّل آثارَ الخَليفَة مُسلِفا / بِها قُرباً تحْظى من اللّهِ بالقُرْبِ
وَهَلْ هِيَ إلا الصّالِحاتُ بِأَسرِها / فَعُجْ بي عَلَيْها أستجدَّ بها عُجبي
وأُملي قَريضاً لا أملُّ تَوسُّلا / إلَيها بسحْرٍ منه يُعربُ عن حُبِّي
هُيامي بِأن يَرْضى إمامي وحَبّذا / فيأمُر من رحْماه بالغِبّ للصّبِّ
خِلافاً لِمن يَهذي بِلُبْنى وخوْلَةٍ / ويَحمِلُ ما يودي من اللسْنِ والنّسبِ
وَلَم أرَ كالهَيْمانِ يقْنَعُ في الهَوى / فتوناً بمُرِّ العَذْلِ من حلْوهِ العَذْبِ
ويَصْبو لخطْفِ البَرقِ أو هَبَّة الصَّبا / فَيُضحي ويُمْسي نُصْبَ ذلك في نَصْبِ
ومِنْ نِعْمة المَوْلى عليّ تخلُّصي / بِحُبّ العُلى من حالِي العيْث والعيْبِ
أما وحُلاها لا أسرّ صَبابَةً / إلى غَيرها قَلْبي ثَباتاً بِلا قلبِ
فإبْداء ما استنبطْتُ في الشكرِ شيمَتي / وإهدَاء ما اسْتَبْضَعْتُ من أدبي دأْبي
وفَوّضَ في سُلطانهِ لاضْطِلاعِه / ولابُدّ للجَيْشِ العَرمْرَم من قَلبِ
خلافَة يَحيى زانَ عَهْدُ مَحَمّد / ولا شكّ أنّ الزّند يَزْدان بالقلبِ
هُما القَمَران النيّران وإنّما / مَدارُهُما لِلْمَعْلُواتِ عَلى قُطْبِ
أما ووليُّ العَهْد أزكى ألِيَّة / لقَد أحرَزَ العَلْياء بالإرْثِ والكَسْبِ
وجَمّع أشتاتَ الكَمالات فالنهى / معَ الطبعِ مَشفوعانِ بالرّأبِ والشعبِ
هَنيئاً لَنا رَيْعَانُ دولَته التي / بِها يأمَن المُرتاعُ حتّى مِن العَتْبِ
وهل هي إلا رَحْمة اللّهِ يُسّرَتْ / لِمَوْهِبة الحُسْنَى وَمَغْفِرَة الذّنبِ
دَانَتْ بِهَجْر الدُّنى للّهِ وازْدَلَفَت
دَانَتْ بِهَجْر الدُّنى للّهِ وازْدَلَفَت / كَريمَة المُنتمَى مرْضِيّةَ القُرَبِ
قَوّامة الليلِ مَحْنِيا عَلى خَصَرٍ / صَوّامة اليَوْم مَطْوياً عَلى لَهَبِ
تَبَايَنتْ واليَتامى هُنّ في رغَب / لِمَا تَعَوّدْنَ مِنها وَهي فِي رَهَبِ
لَوْ أن آثَارها تُحصَى لَمَا كَتبَتْ / سِوى مَآثِرها الأقْلامُ في الكُتُبِ
نقُول في خطبها المُلقي طَلْعَتَهُ / إنّا بَكَيْناهُ بِالأشْعَارِ والخُطَبِ
فَلَوْ عَقَلْنَا عقَلنا عَنهُ ألسُننا / لكِنّها سُنَةٌ في شِرْعَة الأدبِ
هُنِّئْتَ يَا بَدْرَ الكَمَالِ أهِلّة
هُنِّئْتَ يَا بَدْرَ الكَمَالِ أهِلّة / طَلَعَتْ بِأسْعَد حَالَةٍ وَمَآبِ
اثْنَانِ ثُمّ ابْنَان مِنْكَ تَفَرَّعَا / في أطْهرِ الأحْسَابِ والأنْسَابِ
وَهلالُ هَذا الشّهْرِ ثَالِثُها الذي / أبْدَى شهَاباً مِنْهُمَا لِشهَابِ
لا زَالت الأيّامُ وَاهِبَةَ المُنى / مِنْ مُنْتَدَاك لِمفضَلٍ وَهّابِ
لَقَدْ تَرِبَتْ يَميني مِنْ شُخَيْصٍ
لَقَدْ تَرِبَتْ يَميني مِنْ شُخَيْصٍ / إلَى التُّرْبِ استقَل مِن التّرائِبْ
يُقَرِّبُه التّذُّكُّرُ وهْوَ نَاء / ويُحْضرُه التفكر وهْو غائِبْ
يا حُسْنَها سَوْسَناتٍ أطْلعتْ عَجَبا
يا حُسْنَها سَوْسَناتٍ أطْلعتْ عَجَبا / مَداهِناً مِن لُجَيْنٍ تخْبأُ الذّهَبا
لمّا سَقاها الحَيا ما شاء مُنْبِتُها / لم تَعْدُ أنْ مزّقَتْ أثْوَابَها طرَبا
تَحِيّةُ اللّهِ عَلى مَعْشَرٍ
تَحِيّةُ اللّهِ عَلى مَعْشَرٍ / ودّعْتَهُم توديع شَرْخ الشّبابْ
كانوا وكُنَّا زَمَناً وانْطوى / ما بَيْننا مثل انطِواء الكِتابْ
إنْ أنْصَفوني لم أسَلْهُم سِوى / أنْ يَجعَلوا العُتبى مكان العِتابْ
لَم يَبْقَ رَسْمٌ للأدَبْ
لَم يَبْقَ رَسْمٌ للأدَبْ / أودَى ضَياعاً وَذَهَبْ
أوْفَدْتُه فَلَم يُفِدْ / مِنْ فِضّةٍ ولا ذَهَبْ
أحِنُّ لأرْبابِ المَعارفِ بالتُّرْبِ
أحِنُّ لأرْبابِ المَعارفِ بالتُّرْبِ / وأرْجو بِهِم شَفْعَ الصّنيعَة بالرّب
مكانَ اعتمادِي واعتدادِي جَعلتهم / وتُدَّخَر الأعلاقُ للحِقَبِ الشُّهْب
وَهل دَرَكٌ في أن تَقَربْتُ مِنهم / بأسْنَى أناسٍ أحرَزوا دَرَكَ القُرْب
تَلَقّوا جنى القُرآن غُضّاً عنِ الذي / أتَى خاتِماً للرُّسل في خاتم الكُتب
أطوف بِناديهِم رَجَاءَ نَداهُم / كذاكَ انتظامُ الطّير في مَنثَر الحَب
هُم القوْمُ لا يَشْقى جَليسُهُمُ بِهم / وَحسْبِيَ أن يَغْشَى مَجالِسَهُم قَلبِي
نضِيتُ لإخْلاصي لَهُم وتَخلّصي / بإرْشادِهِم مِنْ حَيْرةِ الرّفْض والنّصْب
وَيا بِأبي المُخْتَارُ من سرِّ هاشِم / ومَنصِبُه المُختارُ من صَفوَةِ العُرْب
مُحَمَّدٌ المَنصورُ بِالرُّعبِ وَالصّبا / فَبَيْنَ الصَّبا طاحَتْ أعاديهِ والرُّعب
رَوَى أنَسٌ ما فيه أنْسٌ مُجدّدٌ / لِمْستَوحِشٍ من فادحِ الوِزْر والذَنب
فَأتْبَعْتُ حُبَّ اللّهِ حُبّ رَسولِهِ / ولَيسَ مَتابُ الواصِلين سِوى الحُب
حَسْبُ التّقْريظِ حُلاك وما
حَسْبُ التّقْريظِ حُلاك وما / هِي إلا السؤدَدُ والحَسَبُ
بَأسٌ لا يَغْلِبُه بَطَلٌ / وَنَدىً لا يَبْرَحُه طَلَبُ
نُخَبٌ عَيَّ البُلَغاءُ بها / عَجزاً ومآخِذُهم نُخَبُ
وإذا وَصَفَتْها الآي فَما / تَصِفُ الأشْعارُ والخُطَبُ
عَن عَبْد الوَاحِد أحْرَزَها / يَحيى لِلنّجْل ابْنٌ وأبُ
في جُمْجُمَة عُليْا وَرَحىً / عُمَرُ الفاروقُ لَها قُطُبُ
بَيْتٌ في الترْبِ رَسا وَتَداً / وَعَلى الأفْلاكِ لَه طُنُبُ
بُشرى هي في وَجْهِ الدُّنيا / بِشْرٌ وَبِمَبْسَمِهَا شَنَبُ
طَلَعَتْ للعادةِ خَارقَةً / فارْقُبْ أعداءَك قَد غَربوا
حَسبوا الهَيجاءَ كَما ألِفوا / فأتَاهُم ما لا يُحْتَسَبُ
صَدَقوا زَحْفاً لَكنّهُم / خُذِلوا فكأنّهُم كُذُبُ
حتّى الرّاياتُ يُخامِرُها / لِفُتوحِكَ إذ نُسِقَتْ طَرَبُ
تَسْتَعْذبُ مُرّ الحَرْب بِها / فَلِذلكَ ما تَهْفو العَرَبُ
حَسَدَتْها البيضُ تجلّيها / حُمْراً فغدتْ لك تختضِبُ
عِشْنا لِمَوت إمامِنا
عِشْنا لِمَوت إمامِنا / أيْن الوفاءُ لقَد ذَهَبْ
ما بالُنا لم نَفْدِهِ / ونُفُوسُنا مِمّا وَهَبْ
للّهِ نَهْرٌ كالْحُباب
للّهِ نَهْرٌ كالْحُباب / تَرْقيشُه سامي الحَبابِ
يصفُ السّماء صفاؤه / فحصاهُ ليسَ بذِي احتِجابِ
وَكأنّما هُو رقّةً / من خَالِص الوَرق المُذابِ
غَازَلْتُ في شَطّيْهِ أبْ / كارَ المُنى عَصْر الشَبابِ
والظلّ يَبْدو فَوْقَه / كالخالِ في خدِّ الكَعابِ
لا بَل أدارَ عليهِ خَو / فَ الشَّمسِ منه كالنِّقابِ
مِثل المَجرّة جرَّ في / ها ذَيْلَه جوْنُ السَحابِ
أبى الحَسَن إلا أنْ تَعِزّ وَتَغْلِبا
أبى الحَسَن إلا أنْ تَعِزّ وَتَغْلِبا / عَقيلَةُ هذا الحيّ من سِرِّ تَغْلبا
فكيفَ بِفَوْزٍ منْ رَبيبَة فازَة / مَسابِحُها بَيْن الأباطحِ وَالربى
تُظَلّلها خُضْر القَنابِل والقنا / وتَكْلؤُها زُرْقُ الأسِنّة وَالظُّبى
مِن البيضِ حمْراءُ المَطارفِ والحُلى / إذا طَلَعتْ حُلّتْ لطلعَتها الحُبى
تُصَادِر عَما في الصُّدورِ عِصابَة / همُ عَصَبوا قتْلى الصَّبابَة والصِّبا
فتاة يَفوت الوصفُ مُعْجب حُسنِها / فَلا غَرْو أن تُزْهى دَلالاً وتُعْجَبا
أُراعُ لِذِكْراها فأُرْعَدُ خيفَةً / كَما زَعْزَعَتْ غُصْناً بهَبَّتِها الصّبا
وَأبْتاعُ بِالْمَحيْا وناهيكَ صَفقَةً / مُوَفّقَةً ذاك المُحيّا المُحَجّبا
ورُبّ يَدٍ بَيْضَاءَ عِندِي لِلَيْلَةٍ / تَحَمّلتُ فيها الهجْر حوْلاً مُحَسّبا
تَراءَت لَنا وَهْناً إِزاء خَريدَةٍ / تُسايِرُها كالْبَدْرِ قارَنَ كَوْكَبا
وجَازَتْ بِنا مذْعورةً من شِعارِنا / كجَازية بالرّمْلِ تَتْبَعُ رَبْرَبا
وما علِمَتْ أنّا قنائِصُ لَحْظِها / ورُبّ مَهاةٍ تقْنِصُ اللّيث أغْلَبا
فقُلتُ لِصَحبي واثِقاً بحِفاظِهم / بقُرْبِي التَصابي لا تَريمُوهُ مَرْقَبا
وَأقْبَلْتُ أسْتَقري خُطاها مقَبِّلا / مَجَرّاً لِمَوْشِيِّ البُرودِ ومَسْحَبا
وقَد جَعَلَتْ تَشتدُّ نحوَ خِبائها / لِتَخْبَأ نوراً مذْ تلألأَ ما خبَا
كَما أوْمأَتْ بالكفّ أن كُفَّ وانكَفأ / فَسُمْرُ شَباب الحَيِّ ما ضِيةُ الشّبا
فَأبْتُ وقد قَضّيتُ بعْضَ مَآربي / وإن كنتُ من نجوايَ لم أقْضِ مَأْرَبا
إلى اللّهِ أشكو العيرَ لا بل حَداتَها / فَلوْلا هُمُ لم أمتطِ الشوْقَ مَركَبا
ولا استَعذب القلبُ المُعذَّبُ حَتْفَه / وحسبُك تَعذيباً يَرى الحَتْف أعذَبا
بَكَيْتُ عَلى تلك الحَقائبِ حِقبَةً / وحُقَّ لِعَيني أن تَسُحّ وتَسْكُبا
نِزاعاً لِخَوْدٍ أشرِبَ القلبُ حُبّها / فَباتَ عَلى جَمْرِ الغَضا متقلّبا
أرُدُّ بِأرْداني سَوابِقَ عَبْرَتي / ولَو شِئْت لم يفقد بها الرّكبُ مَشربا
وأدْرَؤُها حُمراً كَلوْنِ خِضابِها / بِفَضْلِ رِدائي خائِفاً مُترَقّبا
وما بِيَ إلا أن يَرى الحَيُّ موْضِعي / فَتَسْمَعَ منْ أجْلي مَلاماً ومعْتبا
سَلامٌ على دوْحِ السلامِ فكَمْ لنا / مَقيلاً بِها ما كانَ أَنْدَى وَأَطْيبا
جَميل كَرَيْعانِ الشّبابِ وَجَدْتُني / هنالِك أصبى من جَميلٍ وَأنْسَبا
وللّهِ منها بِالمُحصّب وَقْفَةً / أنافِسُ فيها ما حَييتُ المُحصّبا
عَلَوْتُ الكَثيبَ الفَرْد أرْقب صُنعها / وقَد آنَ تقويضُ القِبابِ وأَكثَبا
فَراحَتْ إلَى نُعْمانَ تنْعَم بِالمُنى / وخَلّت غُرابَ البَين يَنْدُبُ غُرَّبا
وَلا حَظّ إلا نَظرَةٌ تُحْسِبُ الهَوى / وَلو أنْصَفوا ما كانَ ذاكَ مُحَسّبا
تَعَلّلْتُ لَما جاوَز الحَيُّ يعْلَما / وثَرَّبْتُ لمّا جاوزَ الرّكبُ يَثْرِبا
وقَد كانَ من سَمْتي العَقيقُ ومَنْ به / فَعَقّنِيَ الحادي وحاد ونَكّبا
خَلِيلَيَّ أمّا رَبّةُ القلْبِ فارْمُقا / بها القَلْبَ أعْشاراً يَذوبُ تَلَهُّبا
وَإِن مَزّقَتْني شُعْبَةً إثْرَ شُعْبَةٍ / فَما أقْتَفي إلا العَلاقَة مَشْعَبا
لَقَدْ أُحْضِرَت مَوْتِي وَما هِيَ بِالتي / تَعُدّان سَهْواً حَضْرَ مَوْت لها أبا
فإن مِتُّ شَوْقاً أو فَنيتُ صَبَابَةً / خُذا بِدَمي ذاك البَنان المُخضَّبا
أناسٌ مِن التّوحيدِ صِيغَتْ نُفوسُهُم
أناسٌ مِن التّوحيدِ صِيغَتْ نُفوسُهُم / فَزُرْهُم تَرَ التّوحيدَ شَخصاً مُرَكبا
وَمِن ساكِباتِ المُزْنِ فَيضُ أكُفِّهمْ / فَرِدْهُمْ تَرِدْ ماءَ الغمام وَأعْذَبا
أحَقّاً طَربتَ إلَى الرّبْرَبِ
أحَقّاً طَربتَ إلَى الرّبْرَبِ / ومُذْ شَطَّت الدارُ لَمْ تَطْرَب
رُوَيْدَكَ أعْرض عنكَ الشبابُ / وحسْبُك بالعارِضِ الأشْيَب
فَكَيْفَ تَعِنُّ لِعينِ المَها / وتُشرِقُ لِلْمُشْرقِ الأشْنَب
وَإنّ الغَرامَ عَلَى كَبْرةٍ / لإحْدى الكَبائِرِ فَاسْتَعْتِب
أبَعْدَ نُضوبِ مِياه الصِّبا / وَتَصْويح يانِعِه المُخْصِب
تحِنُّ إلى مَلْعَبٍ للظّباء / بِكُثْبانِ رامَةَ أو غُرَّب
فهَلا إلى مَلْعبٍ لِلأسودِ / نَعمت بِمَنظرِهِ المُعْجب
يُقَامُ الجِهَادُ بِهَا والجِلادُ / لِكلِّ فَتىً مِدْرَهٍ مِحْرَب
وَيَضْرَى عَلى الفَتْكِ بِالضّارِيات / وإن غَالَبَ القِرْنَ لَمْ يُغْلَب
تَرَاهُ مُبيداً لأهلِ الصليب / بِفَلّ خمسهمُ الأصْلَب
ضَوار ضَوارِبُ أظفارِهَا / تُعِيرُ الظُّبَى رقّةَ المَضْرب
فَمِنْ أَسَدٍ شَرِسٍ مُحْنَقٍ / ومِنْ نَمِرٍ حَردٍ مُغْضَب
أثِيرَتْ حَفَائِظُهَا فانْبَرَت / تَسَابَقُ في شأوِها الأرْحَب
تُصِيم المَسَامِعَ مِنْ زَأْرها / عَوادِيَ كالضُّمَّر الشزُّب
وَتَنْبُو العُيون لإقْدَامِها / مُذربةَ النابِ والمِخْلَب
لُيُوثٌ إِذا ذمَرَتْ صَمّمَت / وإن لَغَبَ الذّمْرُ لم تُغْلَب
كَواشِرُ عَنْ مُرْهفاتٍ حَدادٍ / متى تصْدَعِ الشملَ لم يُشعَب
نُيوب نَبَتْن مِن النّائِبات / وأزْرَينَ بالصارِمِ المُقْضِب
تَنُوء ثِقالاً ولَكِنّها / أخَفُّ وُثوباً من الجُنْدُب
كأنّ لَها مَأرَباً في السّماء / فَتَسْمُو لِتَظْفَرَ بِالمَأرَب
ومُقْتحِمٍ غَمرات الرّدى / إذَا ما ادّعى الناسُ لم يكذِب
يُلاعِبُها حَيْثُ جَدّ الحِمامُ / فتفْزَعُ مِنْهُ إلى مَهْرَب
يَكُرُّ عَلَيْهَا وَلا جُنَّةٌ / سوى كُرَةٍ سهْلَة المَجْذب
يُدَحْرِجُها ماشِياً ثِنْيَها / عَلى حَذرٍ مِشْيَة الأنكب
عَجِبتُ لَها أحجَمَتْ رَهْبَةً / وأقْدَمَ بأساً وَلَم يرْهَب
وَقَتْهُ الأَواقي علَى أنّهُ / تَسَنّمَهَا صّعْبَة المَرْكَب
وَثاوٍ بِمَطْبَقَةٍ فَوْقَه / مَتَى تَطْفُ هامَتُهُ تَرْسُب
يُهَجْهِجُ بالليثِ كَيما يَهيج / ويأوِي إِلى الكَهفِ كالثّعلب
كذلكَ حتّى هوَتْ نَحوَهَا / عُقابُ المنيّة مِنْ مَرْقَب
وعَاجَتْ عَلَيْهَا قَواسِي القِسِيّ / فَعَبّتْ مِن الْحَيْن في مَشْرَب
وشَالَتْ هُنَاكَ بِأذْنَابِها / لِيَاذاً من العقرِ كالعَقْرب
فَيا لِقَساوِرَ قد صُيّرَتْ / قَنَافِذَ بالأَسْهُمِ الصُّيَّب
ويَا لمَآثِرَ لَوْ عُدِّدَتْ / لأَعيَتْ عَلى المُسهِب المُطنِب
غَرَائِبُ شَتّى بهرْن العقول / جُمِعْنَ لَدَى مَلِك المَغرِب
فَإنْ جَوّدَ الفكرُ لم يُغربِ / وإنْ قصّر الشعر لم يُذنب
إمَامُ هُدىً نُورُه ثَاقِبٌ / وَزهْرُ الكَواكبِ لمْ تثقُب
عَلى مَذْهبٍ للإمَامِ الرّضى / تَقَيله وَعلى مَشْعَب
يُهيبُ لِدَعْوَتِهِ بالأنَامِ / فَيُرْضي الإلَه ويُرْضي النّبي
ظَهيرُ الهِدايةِ أهدَى الظهور / إلَيْهَا نَصيباً وَلَمْ يَنْصب
وَحِيداً تَواضَعَ في عزّة / وَمَوْطِنُه هامَةُ الكَوْكَب
لَهُ شرَفُ البيتِ دونَ الملوك / وطيبُ الأرُومَة والمَنْسَب
نَمَاهُ أبو حَفْصٍ المُرْتَضى / إلى المَحْتِد الأطْهَر الأطْيَب
وأحْرَزَ سُؤْدَدَهُ عَنْ أبِي / مُحَمّدٍ السّيّد المُنْجب
وَفَى لِلْعُلَى بِحُقُوقِ العُلى / نُهوضاً على المَرْكبِ الأصْعَب
وَجَلّتْ مَنَاقِبُهُ الزُّهْرُ أنْ / تُقَوّضَ بالحُولِ القُلَّب
تَقَلّدَهَا إمْرَةً أحْرَزَتْ / بِمَنْصِبهِ شَرَفَ المنْصِب
وَقَام بِهَا دَعْوَةً مَزَّقَتْ / بِأنْوَارهَا حُجُبَ الْغيهَب
بَعيدُ المَدى بِالقَنا مُحْتَمٍ / قريبُ النّدى بالتقى مُحتَب
نَأى راقِياً وَدَنَا قارياً / فبُشرَاك بالأبعَد الأقرَب
ولَم أرَ شَمس الضُّحى قَبلَه / وَبَحراً وطَوْداً عَلى مَغْرِب
لا أرْتَضي البَاخِلَ خِلاً وإنْ
لا أرْتَضي البَاخِلَ خِلاً وإنْ / أحَلّهُ الإيسارُ في ذرْوَتِهِ
دَعْهُ يُكَاثِرْ بِالثّراء الثّرى / قَنَاعَتي أكْثَرُ مِنْ ثَرْوَتِهِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025