القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : صَفِيّ الدِّين الحِلّي الكل
المجموع : 899
قَطَعتُ مِنَ الهِباتِ رَجاءَ نَفسي
قَطَعتُ مِنَ الهِباتِ رَجاءَ نَفسي / وَقَلَّ إِلى العَنا دَلَجي وَسيري
فَقُل لِمُكَلَّفي تَسآلَ قَومٍ / لِيُدرِكَ مِنهُمُ نَفعاً بِضَيري
أَتَبذُلُ دونَ وَجهِكَ ماءَ وَجهي / وَتَمحو بِاِسمِ شَرَّكَ ذِكرَ خَيري
أَنِفتُ مِنَ السُؤالِ لِنَفعِ نَفسي / فَكَيفَ أُطيقُ أَفعَلُهُ لِغَيري
لا غَروَ إِن قَصَّ جَناحي الرَدى
لا غَروَ إِن قَصَّ جَناحي الرَدى / فَعُذرُهُ في فِعلِهِ واضِحُ
يَضرِبُ عَن ذي النَقصِ صَفحاً وَلا / يُقَصُّ إِلّا دِرهَمُ الراجِحُ
بَلِّغي الأَحبابَ يا ري
بَلِّغي الأَحبابَ يا ري / حَ الصَبا عَنّي السَلاما
وَإِذا خاطَبَكِ الجا / هِلُ بي قَولي سَلاما
أَنا مَن لَم يَذمُمِ النا / سُ لَهُ يَوماً ذِماما
يَحفَظُ العَهدَ وَلا يَس / مَعُ في الخِلِّ المَلاما
مِن أُناسٍ صَيَروا العِ / ضَ عَلى الذَمَّ حَراما
أَيتَموا الأَطفالَ في الحَر / بِ وَهُم كَهفُ اليَتاما
وَإِذا مَرّوا بِلَغوٍ / في الوَرى مَرّوا كِراما
فَلَكَم ذُقتُ عَذاباً / لِلهَوى كانَ غَراما
إِنَّ نارَ الشَوقِ سا / ءَت مُستَقَرّاً وَمَقاما
يَلَذُّ لِنَفسي بَذلُ ما قَد مَلَكتُهُ
يَلَذُّ لِنَفسي بَذلُ ما قَد مَلَكتُهُ / وَبَسطُ يَدي فيما تَجَمَّعَ في قَبضي
وَلَم أُبقِ بَعضَ المالِ إِلّا لِأَنَّني / أُسَرُّ بِما فيهِ الوَقائِذُ عَن عِرضي
وَلا رَأيَ لي إِلّا إِذا كُنتُ حاقِناً
وَلا رَأيَ لي إِلّا إِذا كُنتُ حاقِناً / لِماءِ المُحَيّا عَن سُؤالِ بَني الدَهرِ
وَلَم تَثنِ أَبكارُ المَدائِحِ عِطفَها / لِتُجلى عَليهِم في غَلائِلَ في شِعري
وَلَم أَبتَذِل عِرسَ المَديحِ لِخاطِبٍ / وَلَو أَرغَبوني بِالجَزيلِ مِنَ المَهرِ
أَصغَرَت مالَنا النُفوسُ الكِبارُ
أَصغَرَت مالَنا النُفوسُ الكِبارُ / فَاِقتَضَت طَولَنا السُيوفُ القِصارٌ
وَبَنَت مَجدَنا رِماحٌ طِوالٌ / قَصُرَت عِندَ هَزَّها الأَعمارُ
كَم جَلَونا بِمَعرَكٍ كَربَ حَربٍ / وَكُؤوسُ المُدامِ فيها تُدارُ
أَعرَبَت عَن صِفاتِنا عُجمُ أَقلا / مٍ فِصاحٍ جِراحُهُنَّ جُبارُ
فَلَئِن كانَ غابَ عَن أُفُقِ المَج / دِ سِناناً فَلِلبُدورِ سِرارُ
لِيَهنِكَ أَنّي في القِراعِ وَفي القِرى
لِيَهنِكَ أَنّي في القِراعِ وَفي القِرى / وَفي البَحثِ حَظّي الصَدرُ وَالصَدرُ وَالصَدرُ
وَيَومَ النَدى وَالرَوعِ إِن أَبِحِ اللِقا / تَعجَّبَ مِنّي البَحرُ وَالبَحرُ وَالبَحرُ
إِذا عَنَّ بَحثٌ أَو تَطاوَلَ حادِثٌ / يُقَصِّرُ عَنهُ الحَبرُ وَالبَطَلُ الذِمرُ
أُطاعِنُ فُرسانُ الكَلامِ وَتارَةً / أُطاعِنُ خَيلاً مِن فَوارِسِها الدَهرُ
أَيا رَبُّ قَد عَوَّدتَني مِنكَ نِعمَةً
أَيا رَبُّ قَد عَوَّدتَني مِنكَ نِعمَةً / أَجودُ بِها لِلوافِدينَ بِلا مَنِّ
فَأُقسِمُ ما دامَت عَطاياكَ جَمَّةً / وَنُعماكَ لا خَيَّبتُ ذا الظَنِّ بِالمَنِّ
إِذا بَخِلَت كَفّي بِنِعمَةِ مُنعِمٍ / فَقَد ساءَ في تِكرارِ أَنعُمِهِ ظَنّي
حَسَدَ الفاضِلُ المُماذِقُ فَضلي
حَسَدَ الفاضِلُ المُماذِقُ فَضلي / فَهوَ لِلحالَتَينِ يُخفي وَيُبدي
وَرَمى بَينَنا العَداوَةَ إِنّي / نِلتُ ما نالَ فَهوَ نِدّي وَضِدّي
لَسَيري في الفَلا وَاللَيلُ داجٍ
لَسَيري في الفَلا وَاللَيلُ داجٍ / وَكَرّي في الوَغى وَالنَقعُ داجِن
وَحَملي مُرهَفَ الحَدَّينِ ضامٍ / لِحامِلِهِ وَجودَ النَصرِ ضامِن
وَهِزّي ذابِلاً لِلخَيلِ مارٍ / يُلينُ بِبَزِّهِ صَدراً وَمارِن
وَخَطوي تَحتَ رايَةِ لَيثِ غابٍ / بِسَطوَتِهِ لِصَرفِ الدَهرِ غابِن
وَرَكضي أَدهَمَ الجِلبابِ صافٍ / خَفيفَ الجَريِ يَومَ السَلمِ صافِن
شَديدُ البَأسِ ذو أَمرٍ مُطاعٍ / مُضارِبُ كُلِّ قَرمٍ أَو مُطاعِن
أَحَبُّ إِلَيَّ مِن تَغريدِ شادٍ / وَكَأسِ مُدامَةٍ مِن كَفِّ شادِن
وَحَشّي بِالكُؤوسِ إِلى بَواطٍ / ظَواهِرُهُنَّ غابٌ وَالبَواطِن
وَلَثمِ مُضَعَّفِ الأَجفانِ ساجٍ / بِمُطلَقِ حُسنِهِ لِلقَلبِ ساجِن
وَفِكري في حَياةٍ أَو وَفاةٍ / لِأُرضي كُلَّ فاتِنَةٍ وَفاتِن
فَأُمسي وَالشَوامِتُ بي هَوازٍ / كَما شَمِتَت بِبَكرٍ في هَوازِن
وَلَيسَ المَجدُ إِلّا في مَواطٍ / عَلى هامِ السَماكِ لَها مَواطِن
بِعَزمٍ في الشَدائِدِ غَيرَ واهٍ / وَبَأسٍ في الوَقائِعِ غَيرَ واهِن
وَصُحبَةِ ماجِدٍ كَالنَجمِ هادٍ / يُسِرُّ النَطشَ حِلماً وَهوَ هادِن
وَكُلُّ غَضَنفَرٍ لِلبُؤسِ كامٍ / شَبيهِ السَيفِ فيهِ المَوتُ كامِن
كَريمٍ لا يُطيعُ مَقالَ لاحٍ / غَدا في فِعلِهِ وَالقَولِ لاحِن
تَقِيٍّ مِن ثِيابِ العارِ عارٍ / بِهِمَّتِهِ لِأَنفِ الدَهرِ عارِن
وَعُشرَةِ كاتِبٍ لِلعِلمِ قارٍ / لِحُسنِ الخُلقِ بِالآدابِ قارِن
أَخي كَرَمٍ لِداءِ الخِلِّ آسٍ / وَماءُ الوُدِّ مِنهُ غَيرُ آسِن
وَإِن أَنقَذتَ نَفسَكَ في مَعادٍ / وَصَيَّرتَ العَفافَ بِها مَعادِن
فَما لَكَ في السَعادَةِ مِن مُوازٍ / وَلا لَكَ في السِيادَةِ مِن مُوازِن
قُل لِلمَلِيّ الَّذي قَد نامَ عَن سَهَري
قُل لِلمَلِيّ الَّذي قَد نامَ عَن سَهَري / وَمَن بِجِسمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ
تَنامُ عَنّي وَعَينُ النَجمِ ساهِرَةٌ / وَاَحَرُّ قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِمُ
فَالحُبُّ حَيثُ العِدى وَالأُسدُ رابِضَةٌ / فَلَيتَ أَنّا بِقَدرِ الحُبِّ نَقتَسِمُ
فَهَل تُعينُ عَلى غَيٍّ هَمَمتُ بِهِ / في طَيِّهِ أَسَفٌ في طَيِّهِ نِعَمُ
حُبُّ السَلامَةِ يَثني عَزمَ صاحِبِهِ / إِذا اِستَوَت عِندَهُ الأَنوارُ وَالظُلَمُ
فَإِن جَنَحتَ إِلَيهِ فَاِتَّخِذ نَفَقاً / لَيَحدُثَنَّ لِمَن وَدَّعتُهُم نَدَمَ
رِضى الذَليلِ بِخَفضِ العَيشِ يَخفِضُهُ / وَقَد نَظَرتُ إِلَيهِ وَالسُيوفُ دَمُ
إِنَّ العُلى حَدَّثَتني وَهيَ صادِقَةٌ / إِنَّ المَعارِفَ في أَهلِ النُهى ذِمَمُ
أَهَبتُ بِالحَظِّ لَو نادَيتُ مُستَمِعاً / وَأَسمَعَت كَلِماتي مَن بِهِ صَمَمُ
لَعَلَّهُ إِن بَدا فَضلي وَنَقصُهُمُ / أَدرَكتُها بِجَوادٍ ظَهرُهُ حَرَمُ
أُعَلِّلُ النَفسَ بِالآمالِ أَطلُبُها / لَو أَنَّ أَمرُكُمُ مِن أَمرِنا أَمَمُ
غالى بِنَفسي عِرفاني بِقيمَتِها / حَتّى ضَرَبتُ وَمَوجُ المَوتِ يَلتَطِمُ
ما كُنتُ أُثِرُ أَن يَمتَدَّبي زَمَنٌ / شُهبُ البُزاةِ سَواءٌ فيهِ وَالرَخَمُ
أَعدَى عَدُوَّكَ أَدنى مِن وَثِقتَ بِهِ / فَلا تَظُنَّنَّ أَنَّ اللَيثَ يَبتَسِمُ
وَحُسنُ ظَنِّكَ بِالأَيّامِ مُعجِزَةٌ / أَن تَحسُبَ الشَحمَ فيمَن شَحمَهُ وَرَمُ
إِن كانَ يَنجَعُ شَيءٌ في ثَباتِهِمُ / فَما لِجُرحٍ إِذا أَرضاكُمُ أَلَمُ
يا وارِداً سُؤرَ عَيشٍ صَفوُهُ كَدَرٌ / وَشَرُّ ما يَكسَبُ الإِنسانُ ما يَصِمُ
فَيما اِعتِراضُكَ لُجَّ البَحرِ تَركَبُهُ / وَاللَهُ يَكرَهُ ما تَأتونَ وَالكَرَمُ
وَيا خَبيراً عَلى الأَسرارِ مُطَّلِعاً / فيكَ الخِصامُ وَأَنتَ الخَصمُ وَالحَكَمُ
قَد رَشَّحوكَ لِأَمرٍ لَو فَطِنتَ لَهُ / تَصافَحَت فيهِ بيضُ الهِندِ وَاللَمَمُ
فَاِفطَن لِتَضمينِ لَفظٍ فيكَ أَحسُبُهُ / قَد ضُمِّنَ الدُرَّ إِلّا أَنَّهُ كَلِمُ
مادامَ وَعدُ الأَماني غَيرَ مُنتَجِزِ
مادامَ وَعدُ الأَماني غَيرَ مُنتَجِزِ / فَطولُ مَكثِكَ مَنسوبٌ إِلى العَجَزِ
هَذي المَغانِمُ فَاِمدُد كَفَّ مُنتَهِبٍ / وَفُرصَةُ الدَهرِ فَاِسبُق سَبقَ مُنتَهِزِ
وَاِغزُ العِدى قَبلَ تَغزونا جُيوشُهُمُ / إِنَّ الشُجاعَ إِذا مَلَّ الغُزاةَ غُزي
وَاِلقَ العَدُوَّ بِجَأشٍ غَيرِ مُحتَرِسٍ / مِنَ المَنايا وَجَيشٍ غَيرَ مُحتَرِزِ
لا تَترُكِ الثَأرَ مِن قَومٍ مُرادُهُمُ / إِخفاءُ ذِكرٍ لَنا في الناسِ مُنتَبِزِ
ما عُذرُنا وَبَنو الأَعمامِ لَيسَ بِها / نَقصٌ وَلا في صِفاحِ الهِندِ مِن عَوَزِ
بَل كُلُّ مُنصَلِتٍ مِنّا وَمُنصَلِحٍ / في كَفِّ مُرتَجِلٍ مِنّا وَمُرتَجِزِ
وَكُلُّ ذي صَمَمٍ في كَفِّ ذي هِمَمٍ / وَكُلُّ ذي مَيَسٍ في كَفِّ ذي مَيَزِ
فَاِقمَع بِنا الضِدَّ ما دامَت أَوامِرُنا / مُطاعَةً وَمَعالينا عَلى نَشَزِ
إِنَّ الوِلايَةَ ثَوبٌ قَد خُصِصتَ بِهِ / جاءَت كَفافاً فَلَم تَفضَل وَلَم تَعُزِ
وافَتكَ إِذَ رَأَتِ العَلياءَ قَد نُسِبَت / إِلَيكَ وَالشَرَفَ الأَعلى إِلَيكَ عُزي
لُذنا بِظِلِّكَ عِلماً أَنَّ فيكَ لَنا / نَيلَ الأَماني وَمَن يَلقَ المُنى يَفُزِ
ما رَكَّبَ اللَهُ في أَحداقِنا بَصَراً / إِلّا لِنَفرُقَ بَينَ الدُرَّ وَالحَرَزِ
يا مَن لَهُ رايَةُ العَلياءِ قَد رُفِعَت
يا مَن لَهُ رايَةُ العَلياءِ قَد رُفِعَت / إِنَّ العُداةَ بِنا لَمّا نَأَيتَ سَعَت
وَقَد أَداروا لَنا بِالسوءِ دائِرَةً / مِنَ النَكالِ وَإِن لَم تَرفُها اِتَّسَعَت
أَراقِمٌ لينُها عَن غَيرِ مَقدِرَةٍ / لِذاكَ إِن أَمكَنَتها فُرصَةٌ لَسَعَت
إِنَّ الصُدورَ الَّتي بِالغِلِّ مُشحَنَةٌ / لَو قُطِّعَت بِلَهيبِ النارِ ما رَجَعَت
وَكَيفَ تَهواكَ أَطفالاً عَلى ظَمَإٍ / رُمتَ الفِطامَ لَها مِن بَعدِ ما رَضَعَت
تَبَسَّمَت لَكَ وَالأَخلاقُ عابِسَةٌ / إِنَّ القُلوبِ عَلى البَغضاءِ قَد طُبِعَت
تَفَرَّقَت فِرَقاً مِن خَوفِ بِأَسِكُمُ / حَتّى إِذا أَمِنَت مِن كَيدِكَ اِجتَمَعَت
وَحاذَرَت سَطَواتٍ مِنكَ عاجِلَةً / عِندَ القُدومِ فَمُذ أَمهَلتَها طَمِعَت
وَطالَعَت بِأُمورٍ لَيسَ تَعرِفُها / وَلا أَحاطَت بِها خُبراً وَلا اِطَّلَعَت
فَكَيفَ لَو عايَنَت أَمراً تُحاذِرُهُ / إِن كانَ فَعلٌ لَها عَن بَعضِ ما سَمِعَت
قَلّوا لَدَيكَ فَأَخطَأوا
قَلّوا لَدَيكَ فَأَخطَأوا / لَمّا دَعَوتَ فَأَبطَأوا
وَتَبَرَّعوا حَتّى تَصولَ / فَحينَ صُلتَ تَبَرَّأوا
خافوا النَكالَ فَوَطَّدوا / وَلِلفِرارِ تَهَيَّأوا
دَعهُم فَما كُلُّ الأَشِد / دَةِ لِلشَدائِدِ تُخبَأُ
فَلَسَوفَ تَسمَعُ ما يَحِلُّ / بِمَن لِمَجدِكَ يَشنَأُ
فَاِلقَ العُداةَ بِطَلعَةٍ / عَنها النَواظِرُ تَخسَأُ
فَلَدَيكَ مِنّا فِتيَةٌ / عَن ثارِها لا تَفتَأُ
لَجَأوا إِلَيكَ بِجَمعِهِم / وَلِمِثلِ ظِلِّكَ يُلجَأُ
وَتَوَقَّعوا مِنكَ الرِضى / وَلِما سِواهُ تَوَقَّأُوا
وَتَنَبَّهوا فَكَأَنَّهُم / بِالزِجرِ فيكَ تَنَبَّأُوا
يا دَوحَةً كُلُّ الوَرى / بِظِلالِها يَتَفَيَّأُ
ما أَنتَ إِلّا جُملَةٌ / مِنها الكِرامُ تَجَزَّأوا
إِن صُلتَ غادَرنا العُدا / ةَ بِكُلِّ فَجٍّ تُفجَأُ
وَتَجَرَّعوا غُصَصَ المَنونِ / بِما عَليهِ تَجَرَّأوا
فَاِدرَأ بِنا نَحرَ العَدُو / وِ فَبِالأَقارِبِ يُدرَأُ
إِنَّ الأُصولَ وَإِن تَبا / عَدَ عَهدُها لا تَخطَأُ
وَاِغنَم جَميلَ الذِكرِ فَه / وَ مِنَ الغَنائِمِ أَهنَأُ
فَالمَرءُ يُرزَقُ ما يَشا / ءُ مِنَ الزَمانِ وَيُرزَأُ
مَولايَ إِنّي عَلَيكَ مُتَّكِلُ
مَولايَ إِنّي عَلَيكَ مُتَّكِلُ / وَأَنتَ عَمّا أَرومُ مُشتَغِلُ
وَكَيفَ يُخطي رَأيي وَلي مَلِكٌ / يُضرَبُ في حُسنِ رَأيِهِ المَثَلُ
فَقُم بِنَصري فَقَد تَقاعَدَ بي / دَهري وَقَد ضاقَت بَعدَكَ الحِيَلُ
وَلا تَكِل حاجَتي إِلى رَجُلٍ / وَمِنكَ في كُلِّ شَعرَةٍ رَجُلُ
أَبدِ سَنا وَجهِكَ مِن حِجابِهِ
أَبدِ سَنا وَجهِكَ مِن حِجابِهِ / فَالسَيفُ لا يَقطَعُ في قِرابِهِ
وَاللَيثُ لا يُرهَبُ مِن زَئيرِهِ / إِذا اِغتَدى مُحتَجِباً بِغابِهِ
وَالنَجمُ لا يَهدي السَبيلَ سارِياً / إِلّا إِذا أَسفَرَ مِن حِجابِهِ
وَالشَهدُ لَولا أَن يُذاّقَ طَعمُهُ / لَما غَدا مُمَيَّزاً عَن صابِهِ
إِذا بَدا نُورُكَ لا يَصُدُّهُ / تَزاحُمُ المَوكِبِ في اِرتِكابِهِ
وَلا يَضُرُّ البَدرَ وَهوَ مُشرِقٌ / أَنَّ رَقيقَ الغَيمِ مِن نِقابِهِ
قُم غَيرَ مَأمورٍ وَلَكِن مِثلَما / هُزَّ الحُسامُ ساعَةَ اِجتِذابِهِ
فَالعُميُ لا تَعلَمُ إِرزامَ الحَيا / حَتّى يَكونَ الرَعدُ في سَحابِهِ
كَم مُدرِكٍ في يَومِهِ بِعَزمِهِ / ما لَم يَكُن بِالأَمسِ في حِسابِهِ
مَن كانَتِ السُمرُ اللَدانُ رُسلَهُ / كانَ بُلوغُ النَصرِ مِن جَوابِهِ
لا تُبقِ أَحزابَ العُداةِ وَاِعتَمِد / ما اِعتَمَدَ النَبِيُّ في أَحزابِهِ
وَلا تَقُل إِنَّ الصَغيرَ عاجِزٌ / هَل يَجرَحُ اللَيثَ سِوى ذُبابِهِ
فَاِرمِ ذُرى قَلعَتِهِم بِقَلعَةٍ / تَقلَعُ أُسَّ الطودِ مِن تُرابِهِ
فَإِنَّها إِذا رَأَتكَ مُقبِلاً / مادَت وَخَرَّ السورُ لِاِضطِرابِهِ
إِن لَم تُحاكِ الدَهرَ في دَوامِهِ / فَإِنَّها تَحكيهِ في اِنقِلابِهِ
وَاِجِلُ لَهُم عَزماً إِذا جَلَوتَهُ / في اللَيلِ أَغنى اللَيلَ عَن شِهابِهِ
عَزمُ مَليكٍ يَخضَعُ الدَهرُ لَهُ / وَتَسجُدُ المُلوكُ في أَعتابِهِ
تُحاذِرُ الأَحداثُ مِن حَديثِهِ / وَتَجزَعُ الخُطوبُ مِن خِطابِهِ
قَد صَرَفَ الحِجابَ عَن حَضرَتِهِ / وَصَيَّرَ الهَيبَةَ مِن حِجابِهِ
إِذا رَأى الأَمرَ بِعَينِ فِكرِهِ / رَأى خَطاءَ الرَأيِ مِن صَوابِهِ
وَإِن أَجالَ رَأيَهُ في مُشكِلٍ / أَعانَهُ الحَقُّ عَلا طِلابِهِ
تَنقادُ مَعَ أَرائِهِ أَيّامُهُ / مِثلَ اِنقِيادِ اللَفظِ مَع إِعرابِهِ
لا يَزجُرُ البارِحَ في اِعتِراضِهِ / وَلا غُرابَ البَينِ في تَنعابِهِ
وَلا يَرى حُكمَ النُجومِ مانِعاً / يُرَدِّدُ الحَزمَ عَلى أَعقابِهِ
يُقرَأُ مِن عُنوانِ سِرِّ رَأيِهِ / ما سَطَّرَ القَضاءُ في كِتابِهِ
قَد أَشرَقَت بِنورِهِ أَيّامُهُ / كَأَنَّما تَبسِمُ عَن أَحسابِهِ
يَكادُ أَن تُلهيهِ عَن طالِبِهِ / مَطالِبُ الحَمدِ وَعَن شَرابِهِ
ما سارَ لِلناسِ ثَناءٌ سائِرٌ / إِلّا وَحَطَّ رَحلَهُ بِبابِهِ
إِذا اِستَجارَ مالُهُ بِكَفِّهِ / أَدانَهُ الجودَ عَلى ذَهابِهِ
وَإِن كَسا الدَهرُ الأَنامَ مَفخَراً / ظَنَنتَهُ يَخلَعُ مِن ثِيابِهِ
يامَلِكاً يَرى العَدُوَّ قُربَهُ / كَالأَجَلِ المَحتومِ في اِقتِرابِهِ
لا تَبذُلِ الحِلَ لِغَيرِ شاكِرٍ / فَإِنَّهُ يُفضي إِلى إِعجابِهِ
فَالغَيثُ يُستَسقى مَعَ اِعتِبابِهِ / وَإِنَّما يُسأَمُ في اِنسِكابِهِ
فَاِغزُ العِدى بِعَزمَةٍ مِن شَأنِها / إِتيانُ حَزمِ الرَأيِ مِن أَبوابِهِ
تُسلِمُ أَرواحَ العِدى إِلى الرَدى / وَتُرجِعُ الأَمرَ إِلى أَربابِهِ
حَتّى يَقولَ كُلُّ رَبِّ رُتبَةٍ / قَد رَجَعَ الحَقُّ إِلى نِصابِهِ
قَد رَفَعَ اللَهُ العَذابَ عَنهُمُ / فَشَمَّروا الساعِدَ في طِلابِهِ
رَنوا إِلى المُلكِ بِعَينِ غادِرٍ / أَطمَعَهُ حِلمُكَ في اِقتِضابِهِ
إِن لَم تُقَطِّعِ بِالظُبى أَوصالَهُم / لَم تَقطَعِ الآمالَ مِن أَسبابِهِ
لا تَقبَلِ العُذرَ فَإِنَّ رَبَّهُ / قَد أَضمَرَ التَصحيفَ في كِتابِهِ
فَتَوبَةُ المُقلِعِ إِثرَ ذَنبِهِ / وَتَوبَةُ الغادِرِ مَع عِقابِهِ
لَو أَنَّهُم خافوا كِفاءَ ذَنبِهِم / لَم يُقَدِموا يَوماً عَلى اِرتِكابِهِ
فَاِصرِم حِبالَ عَزمِهِم بِصارِمٍ / قَد بالَغَ القُيونُ في اِنتِخابِهِ
كَأَنَّما النَملُ عَلى صَفحَتِهِ / وَأَكرُعُ الذُبابِ في ذُبابِهِ
يَعتَذِرُ المَوتُ إِلى شَفرَتِهِ / وَتَقصُرُ الآجالُ عَن عِتابِهِ
شَيخٌ إِذا اِقتَضَّ النُفوسَ قُوَّضَت / وَلا تَزالُ الصيدُ مِن خُطّابِهِ
يُذيقُهُم في شَيبِهِ أَضعافَ ما / أَذاقَهُ القُيونُ في شَبابِهِ
يا مَلِكاً يَعتَذِرُ الدَهرُ لَهُ / وَتَخدُمُ الأَيّامُ في رِكابِهِ
لَم يَكُ تَحريضي لَكُم إِساءَةً / وَلَم أَحُل في القَولِ عَن آدابِهِ
وَلا يَعيبُ السَيفَ وَهوَ صارِمٌ / هَذُّ يَدِ الجاذِبِ في اِنتِدابِهِ
ذِكرُكَ مَشهورٌ وَنَظمي سائِرٌ / كِلاهُما أَمعَنَ في اِغتِرابِهِ
ذِكرٌ جَميلٌ غَيرَ أَنَّ نَظمَهُ / يَزيدُهُ حُسناً مَعَ اِصطِحابِهِ
كَالدُرِّ لا يُظهِرُ حُسنَ عِقدِهِ / إِلّا جَوازُ السَلكِ في أَثقابِهِ
يا لَلحَماسَةِ ضاقَت بَينَكُم حِيَلي
يا لَلحَماسَةِ ضاقَت بَينَكُم حِيَلي / وَضاعَ حَقِّيَ بَينَ العُذرِ وَالعَذَلِ
فَقُلتُ مَع قِلَّةِ الأَنصارِ وَالخَوَلِ / لَو كُنتُ مِن مازِنٍ لَم تَستَبِح إِبِلي
بَنو اللَقيطَةِ مِن ذُهلِ بنِ شَيبانا /
لَو أَنَّني بَرُعاةِ العُربِ مُقتَرِنُ / لَهُم نَزيلٌ وَلي في حَيِّهِم سَكَنُ
وَمَسَّني في حِمى أَبنائِهِم حَزَنُ / إِذَن لَقامَ بِنَصري مَعشَرٌ خُشُنُ
عِندَ الحَفيظَةِ إِن ذو لَوثَةِ لانا /
لِلَّهِ قَومي الأُلى صانوا مَنازِلَهُم / عَنِ الخُطوبِ كَما أَفنَوا مُنازِلَهُم
لا تَجسُرُ الأُسدُ أَن تَغشى مَناهِلَهُم / قَومٌ إِذا الشَرُّ أَبدى ناجِذَيهِ لَهُم
طاروا إِلَيهِ زَرافاتٍ وَوُحدانا /
قَومٌ نَجيعُ دَمِ الأَبطالِ مَشرَبُهُم / وَرَنَّةُ البيضِ في الهاماتِ تُطرِبُهُم
إِذا دَعاهُم لِحَربٍ مَن يُجَرِّبُهُم / لا يَسأَلونَ أَخاهُم حينَ يَندُبُهُم
في النائِباتِ عَلى ما قالَ بُرهانا /
فَاليَومَ قَومي الَّذي أَرجو بِهِم مَدَدي / لِأَستَطيلَ إِلى ما لَم تَنَلهُ يَدي
تَخونُني مَع وُفورِ الخَيلِ وَالعُدَدِ / لَكِنَّ قَومي وَإِن كانوا ذَوي عَدَدِ
لَيسوا مِنَ الشَرِّ في شَيءٍ وَإِن هانا /
يولونَ جاني الأَسى عَفواً وَمَعذِرَةً / كَعاجِزٍ لَم يُطِق في الحُكمِ مَقدَرَةً
فَإِن رَأوا حالَةً في الناسِ مُنكَرَةً / يَجزونَ مِن ظُلمِ أَهلِ الظُلمِ مَغفِرَةً
وَمِن إِساءَةِ أَهلِ السوءِ إِحسانا /
كُلٌّ يَدِلُّ عَلى الباري بِعِفَّتِهِ / وَيَستَكِفُّ أَذى الجاني بِرَأفَتِهِ
وَيَحسَبُ الأَرضَ تَشكو ثِقلَ مَشيَتِهِ / كَأَنَّ رَبَّكَ لَم يَخلُق لِخَشيَتِهِ
سِواهُمُ مِن جَميعِ الخَلقِ إِنسانا /
لَو قابَلوا كُلَّ أَقوامٍ بِما كَسَبوا / ماراعَ سِربَهُمُ عُجمٌ وَلا عَرَبُ
بَلِ اِرتَضوا بِصَفاءِ العَيشِ وَاِحتَجَبوا / فَلَيتَ لي بِهِمُ قَوماً إِذا رَكِبوا
شَنّوا الإِغارَةَ فُرساناً وَرُكبانا /
خَطبٌ لِسانُ الحالِ فيهِ أَبكَمُ
خَطبٌ لِسانُ الحالِ فيهِ أَبكَمُ / وَهَوىً طَريقُ الحَقِّ فيهِ مُظلِمُ
وَقَضِيَّةٌ صَمَتَ القُضاةُ تَرَفُّعاً / عَن فَصلِها وَالخَصمُ فيها يَحكُمُ
أَمسى الخَبيرُ بِها يُسائِلُ مَن لَها / فَأَجَبتُهُ وَحُشاشَتي تَتَضَرَّمُ
إِن كُنتَ ما تَدري فَتِلكَ مُصيبَةٌ / أَو كُنتَ تَدري فَالمُصيبَةُ أَعظَمُ
أَشكو فَيَعرِضُ عَن مَقالي ضاحِكاً / وَالحُرُّ يوجِعُهُ الكَلامُ وَيُؤلِمُ
ما ذاكَ مِن فَرطِ العَياءِ وَإِنَّما / لِهَوى القُلوبِ سَريرَةٌ لا تُعلَمُ
فَلَئِن عَلا رَأسي المَشيبُ فَلَم يَكُن / كِبَراً وَلَكِنَّ الحَوادِثَ تُهرِمُ
فَاللَهُ يَحرُسُ مارِدينَ فَإِنَّها / بَلَدٌ يَلَذُّ بِها الغَريبُ وَيَنعَمُ
أَرضٌ بِها يَسطو عَلى اللَيثِ الطَلا / وَيَعوثُ في غابِ الهِزَبرِ الأَرقَمُ
حالَت بِها الأَشياءُ عَن عاداتِها / فَالحَيلُ تَنهَقُ وَالحَميرُ تُحَمحِمُ
يَجني بِها الجاني فَإِن ظَفِروا بِهِ / يَوماً يُحَلَّفُ بِالطَلاقِ وَيُرحَمُ
شَرطُ الوُلاةِ بِها بِأَن يَمضي الَّذي / يَمضي وَيَسلَمُ عِندَهُم ما يَسلَمُ
لا كَالشَآمِ فَإِنَّ شَرطَ وُلاتِها / اللِصُّ يَجني وَالمُقَدَّمُ يَغرَمُ
وَمُعَنِّفٍ في الظَنِّ قُلتُ لَهُ اِتَّئِد / فَأَقصِر فَبَعضُ الغَيبِ غَيبٌ يُعلَمُ
مَن أَينَ يَدري اللِصُّ أَنَّ دَراهِمي / لَم يَبقَ مِنها في الخِزانَةِ دِرهَمُ
صَبَروا وَمالي في البُيوتِ مُقَسَّمٌ / حَتّى إِذا اِكتَمَلَ الجَميعُ تَسَلَّموا
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي في عَصرِهِ / كُلُّ المُلوكِ لِعَدلِهِ تَتَعَلَّمُ
لا تُطمِعَنَّ ذَوي الفَسادِ بِتَركِهِم / فَالنَذلُ تَطغى نَفسُهُ إِذ تُكرَمُ
إِن كانَ مَن يَجني مِراراً لَم يَخَف / قَطعاً فَلا أَدري عَلى ما يَندَمُ
أَيَجوزُ أَن تَخفى عَلَيكَ قَضِيَّتي / وَالناسُ في مُضَرٍ بِها تَتَكَلَّمُ
فَإِذا شَكَوتُ يُقالُ لَم يَذهَب لَهُ / مالٌ وَلَكِن ظالِمٌ يَتَظَلَّمُ
أَيَجوزُ أَن يُمسي السَقيمُ مُبَرَّأً / مِنها وَصِبيانُ المَكاتِبِ تُتهَمُ
وَأُجيلُ عَيني في الحُبوسِ فَلا أَرى / إِلا اِبنَ جاري أَو غُلاماً يَخدُمُ
أَيُزارُ في بابِ البُوَيرَةِ راهِبٌ / لَيلاً فَيَدري في الصَباحِ وَيَعلَمُ
وَتَزُفُّ داري بِالشُموعِ جَماعَةٌ / غُلبٌ فَيُستَرُ عَن عُلاكَ وَيُكتَمُ
قَومٌ لَهُم ظَهرٌ شَديدٌ مانِعٌ / كُلٌّ بِهِ يَدري عَلى ما يُقدِمُ
لا يَحفِلونَ وَقَد أَحاطَ عَديدُهُم / بِالدارِ أَيقاظٌ بِها أَو نَوَّمُ
إِن يَظفَروا فَتَكوا وَإِن يُظفَر بِهِم / كُلٌّ عَلَيهِ يُنابُ أَو يُستَخدَمُ
فَأَقِم حُدودَ اللَهِ فيهِم إِنَّهُم / وَثَقوا بِأَنَّكَ راحِمٌ لا تَنقِمُ
إِن كُنتَ تَخشى أَن تُعَدَّ بِظالِمٍ / لَهُم فَإِنَّكَ لِلرَعِيَّةِ أَظلَمُ
فَالحِلمُ في بَعضِ المَواطِنِ ذِلَّةٌ / وَالبَغيُ جُرحٌ وَالسِياسَةُ مَرهَمُ
بِالبَطشِ تَمَّ المُلكُ لِاِبنِ مَراجِلٍ / وَتَأَخَّرَ اِبنُ زُبَيدَةَ المُتَقَدِّمُ
وَعَنَت لِمُعتَصِمِ الرِقابُ بِبَأسِهِ / وَدَهى العِبادَ بِلينِهِ المُستَعصِمُ
ما رَتَّبَ اللَهُ الحُدودَ وَقَصدُهُ / في الناسِ أَن يَرعى المُسيءَ وَيَرحَمُ
لَو شاءَ قال دَعوا القِصاصَ وَلَم يَقُل / بَل في القِصاصِ لَكُم حَياةٌ تَنعَمُ
إِن كانَ تَعطيلُ الحُدودِ لِرَحمَةٍ / فَاللَهُ أَرأَفُ بِالعِبادِ وَأَرحَمُ
فَاِجزِ المُسيءَ كَما جَزاهُ بِفِعلِهِ / وَاِحكُم بِما قَد كانَ رَبُّكَ يَحكُمُ
عَقَرَت ثَمودُ لَهُ قَديماً ناقَةً / وَهُوَ الغَنِيُّ عَنِ الوَرى وَالمُنعِمُ
فَأَذاقَهَم سَوطَ العَذابِ وَإِنَّهُم / بِالرَجزِ يَخسِفُ أَرضَهُم وَيُدَمدِمُ
وَكَذاكَ خَيرُ المُرسَلينَ مُحَمَّدٌ / وَهُوَ الَّذي في حُكمِهِ لا يَظلِمُ
لَمّا أَتَوهُ بِعُصبَةٍ سَرَقوا لَهُ / إِبِلاً مِنَ الصَدَقاتِ وَهوَ مُصَمِّمُ
لَم يَعفُ بَل قَطَعَ الأَكُفَّ وَأَرجُلاً / مِن بَعدِ ما سَمَلَ النَواظِرَ مِنهُمُ
وَرَماهُمُ مِن بَعدِ ذاكَ بِحَرَّةٍ / نارُ الهَواجِرِ فَوقَها تَتَضَرَّمُ
وَرَجا أُناسٌ أَن يَرِقَّ عَليهِمُ / فَأَبى وَقالَ كَذا يُجازى المُجرِمُ
وَكَذا فَتى الخَطّابِ قادَ بِلَطمَةٍ / مَلِكاً لِغَسّانٍ أَبوهُ الأَيهَمُ
فَشَكا وَقالَ لَهُ أَتَلطِمُ سوقَةٌ / مَلِكاً فَقالَ أَجَل وَأَنفُكَ مُرغَمُ
هَذي حُدودُ اللَهِ مَن يَخلُل بِها / فَجَزاؤُهُ يَومَ المَعادِ جَهَنَّمُ
وَاِنظُر لِقَولِ اِبنِ الحُسَينِ وَقَد رَأى / حالاً يَشُقُّ عَلى الأَبيِّ وَيَعظُمُ
لا يَسلَمُ الشَرَفُ الرَفيعُ مِنَ الأَذى / حَتّى يُراقَ عَلى جَوانِبِهِ الدَمُ
هَذا فَعالُ اللَهِ ثُمَّ نَبِيِّهِ / وَالصَحبُ وَالشُعَراءُ فَيما نَظَّموا
فَافتُك بِهِم فَتكَ المُلوكِ وَلا تَلِن / فَيَصِحَّ ما قالَ السَوادُ الأَعظَمُ
وَاِعذِر مُحِباً لَم يُسِئ بِقَريضِهِ / أَدَباً وَلَكِنَّ الضَرورَةَ تَحكُمُ
وَاللَهِ ما أَسَفي عَلى مالٍ مَضى / إِلّا عَلى اِستِلزامِ بُعدي عَنكُمُ
فَالمالُ مُكتَسَبٌ عَلى طولِ المَدى / وَالذِكرُ يُنجِدُ في البِلادِ وَيُتهِمُ
هَذي العِبارَةُ لِلمُحَقِّقِ عِبرَةٌ / وَاللَهُ أَعلَمُ بِالصَوابِ وَأَحكَمُ
لا يَمتَطي المَجدَ مَن لَم يَركَبِ الخَطَرا
لا يَمتَطي المَجدَ مَن لَم يَركَبِ الخَطَرا / وَلا يَنالُ العُلى مَن قَدَّمَ الحَذَرا
وَمَن أَرادَ العُلى عَفواً بِلا تَعَبٍ / قَضى وَلَم يَقضِ مِن إِدراكِها وَطَرا
لا بُدَّ لِلشَهدِ مِن نَحلٍ يُمَنِّعُهُ / لا يَجتَني النَفعَ مَن لَم يَعمَلِ الضَرَرا
لا يُبلَغُ السُؤلُ إِلّا بَعدَ مُؤلَمَةٍ / وَلا يَتِمُّ المُنى إِلّا لِمَن صَبَرا
وَأَحزَمُ الناسِ مَن لَو ماتَ مِن ظَمَإٍ / لا يَقرَبُ الوِردَ حَتّى يَعرِفَ الصَدَرا
وَأَغزَرُ الناسِ عَقلاً مَن إِذا نَظَرَت / عَيناهُ أَمراً غَدا بِالغَيرِ مُعتَبِراً
فَقَد يُقالُ عِثارُ الرِجلِ إِن عَثَرَت / وَلا يُقالُ عِثارُ الرَأيِ إِن عَثَرا
مَن دَبَّرَ العَيشَ بِالآراءِ دامَ لَهُ / صَفواً وَجاءَ إِلَيهِ الخَطبُ مُعتَذِرا
يَهونُ بِالرَأيِ ما يَجري القَضاءُ بِهِ / مَن أَخطَأَ الرَأيَ لا يَستَذنِبُ القَدَرا
مَن فاتَهُ العِزُّ بِالأَقلامِ أَدرَكَهُ / بِالبَيضِ يَقدَحُ مِن أَعطافِها الشَرَرا
بِكُلِّ أَبيَضَ قَد أَجرى الفِرِندُ بِهِ / ماءَ الرَدى فَلَوِ اِستَقطَرتَهُ قَطَرا
خاضَ العَجاجَةَ عُرياناً فَما اِنقَشَعَت / حَتّى أَتى بِدَمِ الأَبطالِ مُؤتَزِرا
لا يَحسُنُ الحِلمُ إِلّا في مَواطِنِهِ / وَلا يَليقُ الوَفا إِلّا لِمَن شَكَرا
وَلا يَنالُ العُلى إِلّا فَتىً شَرُفَت / خِلالُهُ فَأَطاعَ الدَهرَ ما أَمَرا
كَالصالِحِ المَلِكِ المَرهوبِ سَطوَتُهُ / فَلَو تَوَعَّدَ قَلبَ الدَهرِ لَاِنفَطَرا
لَمّا رَأى الشَرَّ قَد أَبدى نَواجِذَهُ / وَالغَدرَ عَن نابِهِ لِلحَربِ قَد كَشَرا
رَأى القِسِيَّ إِناثاً في حَقيقَتِها / فَعافَها وَاِستَشارَ الصارِمَ الذَكَرا
فَجَرَّدَ العَزمَ مِن قَتلِ الصَفاحِ لَها / مَلكٌ عَنِ البيضِ يَستَغني بِما شُهِرا
يَكادُ يُقرَأُ مِن عُنوانِ هِمَّتِهِ / ما في صَحائِفِ ظَهرِ الغَيبِ قَد سُطِرا
كَالبَحرِ وَالدَهرِ في يَومي نَدىً وَرَدىً / وَاللَيثِ وَالغَيثِ في يَومي وَغىً وَقِرى
ما جادَ لِلناسِ إِلّا قَبلَ ما سَأَلوا / وَلا عَفا قَطُّ إِلّا بَعدَما قَدَرا
لاموهُ في بَذلِهِ الأَموالَ قُلتُ لَهُم / هَل تَقدِرُ السُحبُ أَلّا تُرسِلَ المَطَرا
إِذا غَدا الغُصنُ غَضّاً في مَنابِتِهِ / مَن شاءَ فَليَجنِ مِن أَفنانِهِ الثَمَرا
مِن آلِ أُرتُقٍ المَشهورِ ذِكرُهُمُ / إِذ كانَ كَالمِسكِ إِن أَخفَيتَهُ ظَهَرا
الحامِلينَ مِنَ الخَطِّيِّ أَطوَلَهُ / وَالناقِلينَ مِنَ الأَسيافِ ما قَصُرا
لَم يَرحَلوا عَن حِمى أَرضٍ إِذا نَزَلوا / إِلّا وَأَبقَوا بِها مِن جودِهِم أَثَرا
تَبقى صَنائِعُهُم في الأَرضِ بَعدَهُمُ / وَالغَيثُ إِن سارَ أَبقى بَعدَهُ الزَهرا
لِلَّهِ دَرُّ سَما الشَهباءِ مِن فَلَكٍ / فَكُلَّما غابَ نَجمٌ أَطلَعَت قَمَرا
يا أَيُّها المَلِكُ الباني لِدَولَتِهِ / ذِكراً طَوى ذِكرَ أَهلِ الأَرضِ وَاِنتَشَرا
كا نَت عِداكَ لَها دَستٌ فَقَد صَدَعَت / حَصاةُ جَدِّكَ ذاكَ الدَستَ فَاِنكَسَرا
فَاِوقِع إِذا غَدَروا سَوطَ العَذابِ بِهِم / يَظَلُّ يَخشاكَ صَرفُ الدَهرِ إِن غَدَرا
وَاِرعَب قُلوبَ العِدى تُنصَر بِخَذلِهِمُ / إِنَّ النَبِيَّ بِفَضلِ الرُعبِ قَد نُصِرا
وَلا تُكَدَّر بِهِم نَفساً مُطَهَّرَةً / فَالبَحرُ مِن يَومِهِ لا يَعرِفُ الكَدَرا
ظَنّوا تَأَنّيكَ عَن عَجزٍ وَما عَلِموا / أَنَّ التَأَنّي فيهِم يَعقُبُ الظَفَرا
أَحسَنتُمُ فَبَغَوا جَهلاً وَما اِعتَرَفوا / لَكُم وَمَن كَفَرَ النُعمى فَقَد كَفَرا
وَاِسعَد بِعيدِكَ ذا الأَضحى وَضَحِّ بِهِ / وَصِل وَصَلِّ لِرَبِّ العَرشِ مُؤتَمِرا
وَاِنحَرعِداكَ فَبِالإِنعامِ ما اِنصَلَحوا / إِن كانَ غَيرُكَ لِلأَنعامِ قَد نَحَرا
أَمِن حَجَرٍ فُؤادُكَ أَم حَديدُ
أَمِن حَجَرٍ فُؤادُكَ أَم حَديدُ / فَفيهِ عَلى الوَغى بَأسٌ شَديدُ
وَأَطوادٌ حُلومُكَ أَم جِباكٌ / تَميدُ الراسِياتُ وَلا تَميدُ
لِأَنَّكَ كُلَّما حاولَتَ أَمراً / يُصَوِّبُ فَعلَكَ الرَأيُ السَديدُ
طَلَعتَ عَلى العُداةِ وَأَنتَ شَمسٌ / فَذابَ بِحَرِّ مَوقِعِها الجَليدُ
أَغَرتَ عَلى حِماهِم غَيرَ عادٍ / وَلاقوا مِنكَ ما لاقَت ثَمودُ
بِجَيشٍ تَرجُفُ الراياتُ فيهِ / وَتَخفِقُ دونَ مَقدَمِهِ البُنودُ
وَتَهتَزُّ الذَوابِلُ فيهِ عُجباً / كَما اِهتَزَّت مِنَ المَرَحِ القُدودُ
عَجِلتَ إِلى قِراعِهِمُ بِعَزمٍ / بِهِ يَدنو لَكَ الأَمَلُ البَعيدُ
وَكَم وانٍ يَعُدُّ العَجزَ حِلماً / فَيَندَمُ وَالنَدامَةُ لا تُفيدُ
وَمَن يَرَ ما يُريدُ وَكَفِّ جُبناً / رَأى مِن بَعدِهِ ما لا يُريدُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025