المجموع : 87
ويْح الكِتابَة مِن شَيْخٍ هَبنَّقَةٍ
ويْح الكِتابَة مِن شَيْخٍ هَبنَّقَةٍ / يلْقَى العُيُون برأَسٍ مُخْهُ رارُ
ومُنْتِنِ الرِّيحِ إِنْ نَاجَيتَهُ أَبداً / كأَنَّما مات في خَيْشُومِهِ فارُ
تَولَّى الحِمامُ بظَبْي الخُدُورِ
تَولَّى الحِمامُ بظَبْي الخُدُورِ / وفازَ الرَّدى بالغَزَالِ الغَرِيرِ
وكُنْتُ ملِلْتُك لا عن قِلىً / ولا عن فَسادٍ جرى في ضَمِيري
كمِثْلِ ملالِ الفَتَى للنَّعِيمِ / إِذا دام فيه وحال السُّرُورِ
هذا كِتابِي وكَفُّ الموْتِ تُزْعِجُنِي
هذا كِتابِي وكَفُّ الموْتِ تُزْعِجُنِي / عن الحياةِ وفي قَلْبِي لكم ذِكَرُ
إِنْ أَقضِكُم حقَّكُم مِن قِلَّةٍ عُمُرِي / إِنِّي إِلى اللَّهِ لا حقٌّ ولا عُمُرُ
لَهفِي على نَيِّراتٍ ما صدعْتُ بها / إِلا وأَظْلَمَ مِن أَضْوائِهَا القَمرُ
فاقْر السَّلام على المنْصُورِ أَفْضلِ من / سعى لثأرِ بنِي الإِسْلامِ فانْتَصرُوا
واعطِفْ بها عطْفَةً تهتزُّ مِن كَرمٍ / على المُظَفَّرِ فهو الفَلْجُ والظَّفَرُ
شَجتْهُ مغَانٍ مِن سُلَيْمى وأَدْؤرُ
شَجتْهُ مغَانٍ مِن سُلَيْمى وأَدْؤرُ /
وأُخْرى اعْتَلَقْنَا دُونَهُنَّ ودُونَها / قُصُورٌ وحُجّاب ووالٍ ومعْشَرُ
يُزَيِّنُها ماءُ النَّعيمِ وحفَّها / مِن العيْشِ فَيْنَانُ الأَراكَةِ أَخْضَرُ
إِذا رامهَا ذُو حاجة صدَّ وجْهَهُ / ظُبا الباتِراتِ والوشِيجُ المُكَسَّرُ
ومِن قُبّةٍ لا يُدْرِكُ الطَّرْفُ رأَسها / تَزِلُّ بها رِيحُ الصَّبا فَتَحدَّرُ
إِذا زاحمتْ منها المخَارِم صوَّبتْ / هُويّا على بُعْدِ المدى وهْي تَجْأَرُ
تَكَلَّفْتُهَا واللَّيْلُ قد جاشَ بحْرُهُ / وقد جعلَتْ أَمْواجُهُ تَتَكَسَّرُ
ومِن تَحْتِ حِضْني أَبْيضٌ ذُو سَفَاسِقٍ / وفي الكَفِّ مِن عسّالةِ الخَطِّ أَسْمرُ
هُما صاحِباي مِن لَدُن كُنْتُ يافِعاً / مُقِيلانِ مِن جدِّ الفَتَى حين يَعْثُرُ
فذا جَدْوَلٌ في الغِمْدِ تُسْقَى به المُنَى / وذا غُصُنٌ في الكَفِّ يُجْنَى فيُثْمِرُ
إِلى بَيْتِ لَيْلى وهو فَرْد بذي الغَضا / يضِيءُ لعَيْنِ المُسْتَهَامِ ويزْهرُ
فبتْنَا على ضمٍّ لفَرْطِ اشْتِياقِنَا / تكادُ له أَكْبَادُنَا تَتَفَطَّرُ
ودَوِّيّةٌ مِن فِتْنَةٍ مُدْلَهِمّةٍ / دَرِيسِ الصَّوَى مَعْرُوفُهَا مُتَنَكِّرُ
إِذا جابَها الخِرِّيت في طُرُقَاتِهَا / يَظَلُّ بها أَعْمَى وإِنْ كانَ يُبْصِرُ
تَرى ثابِتاتِ الحُكْمِ عِنْدَ اعْتِسافِها / تَزلُّ على أَدْفافِها فَتَهَوَّرُ
وإِنْ سَلَكَتْ أَضْوَاجَهَا عَييَتْ بها / عَوارِبَ من ذِي مُطْرياتٍ تَزَجَّرُ
وسِرْنَا نَجُوزُ النَّهْجَ حتَّى بَدا لنا / بغُرّةِ يَحْيى ساطِعُ اللَّوْنِ أَزْهَرُ
وإِني علَى ما هاجَ صَدْرِي وغاظنِي
وإِني علَى ما هاجَ صَدْرِي وغاظنِي / ليأْمَنُنِي مَن كانَ عِنْدِي له سِر
ما في الطُّلُولِ مِن الأَحِبَّةِ مُخْبِرُ
ما في الطُّلُولِ مِن الأَحِبَّةِ مُخْبِرُ / فَمَن الَّذِي عن حالِها نَسْتَخْبِرُ
لا تَسأَلنَّ سِوى الفراقِ فإِنَّهُ / يُنْبِيكَ عنهم أَنْجدُوا أَم أَغْوَرُوا
جارَ الزَّمانُ علَيْهِمُ فَتَفَرَّقُوا / في كُلِّ ناحِيّةٍ وبادَ الأَكْثرُ
جَرَتِ الخُطُوبُ على محلِّ دِيارِهِم / وعلَيْهِمُ فَتَغَيَّرَتْ وتَغَيّرُوا
فدَعِ الزَّمانَ يصوغُ في عرصاتِهِم / نُوراً تكادُ له القُلُوبُ تُنَوِّرُ
فلِمثْلِ قُرْطُبةٍ يقلُّ بُكاءُ مَن / يَبْكِي بعَيْنٍ دَمْعُها متَفَجِّرُ
دَارٌ أَقالَ اللَّهُ عَثْرةَ أَهْلِهَا / فَتَبَرْبَرُوا وتَغَرَّبُوا وتَمَصّرُوا
في كُلِّ ناحِيَةٍ فَرِيقٌ منهمُ / مُتَفَطِّرٌ لفراقِها مُتَحَيِّرُ
عَهْدي بها والشملُ فيها جامِعٌ / مِن أَهْلِها والعَيْشُ فيها أَخْضَرُ
ورِياحُ زَهْرَتِها تلوحُ علَيْهمُ / برَوائِحٍ يَفتَرُّ منها العَنْبرُ
والدارُ قد ضَربَ الكَمالُ رِواقَهُ / فيها وباعُ النقص فيها يَقْصُرُ
والقَوْمُ قد أَمنُوا تغيُّرَ حُسْنِها / فَتَعَمَّمُوا بجَمالِها وتأَزَّرُوا
يا طِيبَهُمْ بقُصُورِها وخُدُورِها / وبُدُورها بقُصُورِها تَتَخَدَّرُ
والقَصْرُ قَصْرُ بَني أُمَيّةَ وافِرٌ / من كُلِّ أَمْر والخِلافةُ أَوْفَرُ
والزاهِرِيَّةُ بالمَراكِبِ تُزْهِرُ / والعامِرِيّةُ بالكَواكِبِ تُعْمَرُ
والجامِعُ الأَعْلَى يغصُّ بكُلِّ مَن / يتلو ويَسْمَعُ ما يَشاءُ ويَنْظُرُ
ومسالِكُ الأَسْواقِ تشهد أَنَّها / لا يَستَقِلُّ بسالِكِيها المَحْشَرُ
يا جَنَّةً عَصفَتْ بها وبأَهْلِها / رِيحُ النَّوى فتَدَمَّرتْ وتَدَمَّرُوا
آسَى علَيْكِ مِن المَماتِ وَحقَّ لِي / إِذ لم نَزَلْ بكِ في حَياتِكِ نَفخَرُ
كانَتْ عراصُك للمُيَمِّمِ مَكَّةً / يأوِي إِلَيْها الخائِفُونَ فيُنْصَرُوا
يا مَنْزِلاً نَزَلَت به وبأَهْلِهِ / طَيْرُ النَّوى فَتَغَيَّرُوا وتَنَكَّرُوا
جادَ الفُراتُ بساحَتَيْك ودِجْلةٌ / والنّيلُ جادَ بها وجادَ الكَوْثَرُ
وسُقِيتَ مِن ماءِ الحَياةِ غمامةً / تحيا بها منكَ الرِّياضُ وتُزْهِرُ
أَسَفِي على دارٍ عَهدْتُ ربوعَها / وظباؤُها بفنائِها تَتَبَخْترُ
أَيّامَ كانَتْ عَيْنُ كُلِّ كَرامةٍ / مِن كُل ناحِيَةٍ إِليَهْا تَنظُرُ
أَيْامَ كانَ الأَمْرُ فيها واحِداً / لأَمِيرها وأَمِيرِ مَن يتَأَمَّرُ
أَيَّامَ كانَتْ كَفُّ كُلِّ سلامةٍ / تسمو إِلَيْها بالسّلامِ وتَبْدُرُ
حَزَني على سَرَواتِها ورُواتِها / وثِقاتِها وحُماتِها يَتَكَرَّرُ
نَفْسِي على آلائِها وصفائِها / وبَهائِها وسَنائِها تَتَحَسَّرُ
كَبِدِي على عُلَمائِها حُلَمائِها / أُدَبائِها ظُرَفائِها تَتَفَطَّرُ
ولم أَرَ مِثْلِي ما له مِن مُعاصِرِ
ولم أَرَ مِثْلِي ما له مِن مُعاصِرِ / ولا كمَضائِي ما له مِن مُضافِرِ
ولَوْ كانَ لِي في الجَوِّ كِسْرٌ أَؤمُّهُ / رَكِبْتُ إِلَيْه ظَهْرَ فَتْخاءَ كاسِرِ
وهَمَّتْ بإِجْهاشٍ عليّ وقد رَأَتْ / مُصابيَ في آثار إِحْدى الكَبائِرِ
فقُلْتُ لها إِنْ تَجْزعِي مِن مَخَاطِرٍ / فإِنَّكِ لن تَحْظَيْ بغَيْرِ الْمَخَاطِرِ
تَشَهَّتْ ثِمارَ الوَفْرِ مِني وإِنَّها / لَدَى كُلِّ مُبْيَضِّ العَنانِيز وافِرِ
له في بَياضِ اليَوْمِ يَقْظةُ فَاجِرٍ / وتَحْتَ سَوادِ اللَّيْلِ هَجْعةُ كافِرِ
رُويْدَكِ حتَّى تَنْظُرِي عَمَّ تَنْجَلي / غَيابةُ هَذا العارِضِ المُتَناثِرِ
ودُونَ اعْتِزامِي هَضْبةٌ كِسْرَويّةٌ / مِن الحَزْمِ سَلْمانِيّةٌ في المَكاسِرِ
إِذا نَحْنُ أَسنَدْنا إِلَيْها تَبَلَّجَتْ / مَوارِدُنا عن نَيِّراتِ المَصادِرِ
وأَنْتَ ابْنَ حَزْمٍ مُنْعِشٌ مِن عِثَارِها / إِذا ما شَرقْنا بالجُدُودِ العَواثِرِ
وما جَرَّ أَذْيالَ الغِنى نَحْوَ بَيْتِهِ / كأَرْوَعَ مُعْرَوْرٍ ظُهُورَ الجَرائِرِ
إِذا ما تَبَغَّى نَضْرةَ العَيْشِ كَرَّها / لَدَى مَشْرَعٍ للمَوْتِ لمحة ناظِرِ
فَسَلَّ مِن التَّأوِيلِ فيها مُهَنَّداً / أَخُو شافِعِيّات كَرِيمُ العَناصِرِ
لِمُعْتَزِليِّ الرّأَىِ ناءٍ عن الهُدَى / بَعِيدِ المرامِي مُسْتَمِيتِ البَصَائِرِ
يُطالِبُ بالهنْدِيِّ في كُلِّ فَتْكَةٍ / ظُهُورَ المَذاكِي عن ظُهورِ المَنابِرِ
تَأَمَّلتُ ما أَفنيت مِن طُول مُدَتي
تَأَمَّلتُ ما أَفنيت مِن طُول مُدَتي / فلم أَرَهُ إِلا كلمحةِ ناظِرِ
وحَصَّلْتُ ما أَدركْتُ مِن طُول لِذَّتي / فلم أُلْفِهِ إِلَّا كصَفْقةِ خاسِرِ
وَما أَنا إِلا رَهْنُ ما قَدَّمَتْ يَدي / إِذا غادَرُوني بَيْنَ أَهْلِ المَقابِرِ
سَقَى اللَّهُ فتْياناً كأَنّ وُجُوهَهُمْ / وُجُوهُ مَصَابِيحِ النُّجُومِ الزَّواهِرِ
إِذا ذَكَرُوني والثَّرَى فَوْقَ أَعْظُمِي / بكَوا بعُيُونٍ كالسَّحابِ المواطِرِ
يَقُولُونَ قد أَوْدَى أَبُو عامِرِ العُلا / أَقِلُّوا فقِدْماً ماتَ آباءُ عامِرِ
هو المَوْتُ لم يُعْرَفْ بأَجْراِس خاطِبٍ / بَلِيغٍ ولم يُعطَفْ بأَنْفاسِ شاعِرِ
ولم يَجْتَنِبْ للبَطْشِ مُهْجةَ قادِرٍ / قوىٍّ ولا للضَّعْفِ مُهْجةَ صافِرِ
يَحُلُّ عُرَى الجَبَّار في دارِ مُلْكِهِ / ويهفُو بنَفْسِ الشارِبِ المتساكِرِ
ولَيْسَ عَجِيباً أَن تدانَتْ منيّتي / يُصَدقُ فيها أَولي أَمْر آخِري
وَلَكِنْ عَجِيباً أَن بَيْنَ جَوانِحِي / هَوى كَشَرَارِ الجمْرةِ المتطايِرِ
يحرِّكُني والمَوْتُ يَحْفُرُ مُهجتي / ويهتاجُني والنَّفْسُ عِنْدَ حناجري
كَتَبْتُ لها أَنَّني عاشِقٌ
كَتَبْتُ لها أَنَّني عاشِقٌ / عَلى مُهْرَقِ الكَتْمِ بالناظِرِ
فَرَدَّتْ عليَّ جَوابَ الهَوى / بِأَحْوَر في مائِهِ حائِرِ
مُنَعَّمةٌ نَطَقَتْ بالجُفُون / فدَلَّتْ على دِقَّة الخاطِرِ
كأَنَّ فؤادِي إِذا أَعْرَضَتْ / تَعَلَّقَ في مخْلَبَيْ طائِرِ
وبُلِّغْتُ أَقْواماً تَجِيشُ صُدُورُهُمْ
وبُلِّغْتُ أَقْواماً تَجِيشُ صُدُورُهُمْ / عليَّ وإِني منهُمُ فارغُ الصَّدرِ
أَصاخُوا إِلى قَوْلِي فأسْمَعْتُ مُعْجِزاً / وَغاصوا على سِرِّي فأَعْياهُمُ أَمْرِي
فقالَ فَرِيقٌ لَيْسَ ذا الشِّعْرُ شِعْرَهُ / وَقالَ فَرِيقٌ أَيْمُنُ اللَّهِ ما نَدْرِي
أَما عَلِمُوا أَنِّي إِلى العِلْم طامِحٌ / وأَنِّي الِّذِي سَبْقاً على عرْقِهِ يَجْرِي
وما كُلّ مَن قادَ الجِيادَ يَسُوسُها / ولا كُلُّ مَن أَجْرَى يُقالُ له مُجرِ
فمَن شاءَ فَلْيُخْبِرْ فإِنِّي حاضِرٌ / ولا شَيءَ أَجْلَى للشُّكُوكِ من الخُبْرِ
ولَرُبَّ حانٍ قد أدَرْتُ بدَيْرِهِ
ولَرُبَّ حانٍ قد أدَرْتُ بدَيْرِهِ / خَمْرَ الصِّبا مُزِجَتْ بِصَفْوِ خُمُورِه
في فِتْيةٍ جَعَلُوا الزِّقاقَ تِكاءَهُمْ / مُتَصَاغِرِينَ تخشُّعاً لكَبِيرِه
يُهْدِي إِليْنا الرّاحَ كُلُّ مُعَصْفَرٍ / كالخِشْفِ خَفَّرَهُ التِماحُ خَفِيرِه
وَالى علَىَّ بطَرْفِهِ وبكَفِّهِ / فأَمالَ مِن رَأسِي لِعَبِّ كَبيرِه
والقسُّ ممَّا شاءَ طُولَ مُقامنا / يدعو يُعَوِّذ حَوْلَنا بِزَبُورِه
وَتَرنَّمَ النَّاقُوسُ عِنْدَ صَلاتِهِمْ / ففَتَحْتُ من عَيْني لرَجْعِ هَدِيرِه
يَتَناوَلُ الظُّرَفاءُ فيه وشُرْبُهمْ / لسلافِهِ والأَكْلُ مِن خِنْزِيرِه
سَقْياً لطِيبِ زَمانِنا وسُرُورهِ
سَقْياً لطِيبِ زَمانِنا وسُرُورهِ / وعَزِيزِ عَيشٍ مُسْعِفٍ بِغَزيرِه
وتكَفُّري برداءِ وَصْلِ مُقَرْطَقٍ / كَتَبُوا بِنقْسِ المِسْكِ في كافُورِه
مُتَلَفِّعٌ بحَريرهِ مُتَضَمِّخٌ / بعَبيرهِ مُتَرَنِّحٌ بفُتُورِه
وَسْنانُ ناوَلَني مُدَامَةَ طَرْفِهِ / فشَرِبْتُها وسَمِعْتُ مِن طُنْبُورِه
يَدْعُو بلُكْنةِ بَرْبَريٍّ لم يَزَلْ / يَسْتَفُّ بالصَّحْراءِ حَبَّ بَريرِه
مُتَقَدِّمٌ بمَضائِهِ مُتَلَفِّعٌ / برِدائِهِ مُتَكَلِّمٌ في عيرِه
مُسْتَفتِحٌ لبَيانِهِ بَبنانِهِ / يُهْدِي السّلامَ إِلى رجالِ عَشِيرِه
مُتَنَصِّبٌ كالغُصْنِ إِلا أَنَّهُ / يَهْتَزُّ مِن أَعْجازِه وصُدُورِه
طارَحْتُهُ كَلِماً وكُنْتُ زَعِيمَهُ / غَرداً أُحَرِّكُ مَنْكَبي لزَميرِه
فَمَشَى إِليَّ فثُرْتُ غَيْرَ مُعَفِّرٍ / كالليثِ مطَّرداً إِلى يَعفورِه
وَمَلكتُه بالكفِّ ملكةَ قادرٍ / فانصاعَ مؤتَمراً لحُكمِ أميرِه
فَقَضَيتُ ما لم أَقْضِ فيه بِرِيبَةٍ / يَأْبَى العَفافُ وعِصْمتي بحُضُورِه
زَمَنٌ قَضَى ثُمَّ انْقَضَى فكأَنه / حُلُمٌ قَرأْتُ المَوْتَ في تَفْسِيرِه
ولَرُبَّ لَيْلٍ للهُمُومِ تَهَلَّلَتْ / أَستارُه فَمحا الصُّوى بِسُتُورِه
كالبَحْر يَضْربُ وَجْهَهُ في وَجْههِ / صَعْبٌ على العُبّار وَجْهُ عُبُورِه
طاوَلْتُهُ مِن عَزْمتي بمُضَمَّرٍ / أثْبَتُّ هَمِّي في قَرارَةِ كورِه
وعليَّ للصَّبْر الجَمِيلِ مُفاضةً / تَلْقَى الرَّدَى فتَكِلُّ دُونَ صَبُورِه
وبراحتي مِن فِكْرتي ذُو ذُكرَةٍ / عَهِدَتْ تُذاكِرُني بطَبْعِ ذَكِيرِه
فَرْدٌ إِذا بَعَثَتْ دَياجي صَرْفِهِ / هَوْلاً عليَّ خَبَطْتُ في دَيْجُورِه
حتَّى بَدا عبْد العَزيز لناظِرَيْ / أَمَلِي فمَزَّقْتُ الدُّجَى عن نُورِه
مَلِكٌ تَبَقَّى المَجْدَ ناصِرُهُ لَهُ / وتَقَيَّلَ العَلْيَاءَ عن مَنْصُورِه
طَلَبَ الحَوادِثَ مُعرِباً عن ثأْرِهِ / فجَرَتْ دِماءُ الخَطْبِ في مأْثُورِه
ورَأَى الزَّمانَ يَحِيدُ عن تَأْمِيرِهِ / فسَقَى سهامَ المَجْدِ مِن تامُورِه
إِذا اجْتازَ عُلْوِيُّ الرِّياحِ بأُفْقِهِ
إِذا اجْتازَ عُلْوِيُّ الرِّياحِ بأُفْقِهِ / أَجَدَّ لعِرْفانِ الصّبا يَتَنَفَّسُ
تَذَكَّرَ رَوْضاً مِن شَوِىٍّ وباقِرٍ / تَوَلَّتْه أَحْراسٌ مِن الذُّعْرِ تُحْرَسُ
إِذا اْنتابَها مِن أَذْؤُبِ القَفْرِ طارِقٌ / حَثِيثٌ إِذا ما اسْتَشْعَر اللَّحْظَ يَهْمِسُ
أَزَلُّ كسا جُثْمانَه مُتَسَتِّراً / طَيالِسَ سُوداً للدُّجى وَهْوَ أَطْلَسُ
فَدَلَّ علَيْهِ لَحْظُ خِبٍّ مُخادِعٍ / تَرى نارَهُ مِن ماءِ عَيْنَيْهِ تُقْبَسُ
ولمّا تَمَلأَ مِن سُكْرِهِ
ولمّا تَمَلأَ مِن سُكْرِهِ / فنامَ ونامَت عُيونُ العَسَسْ
دَنَوْتُ إِلَيهِ على بُعْدِهِ / دُنُوَّ رَفِيقٍ دَرَى ما الْتَمَسْ
أَدِبُّ إِلَيْهِ دَبِيبَ الكَرَى / وأَسْمُو إِلَيْهِ سُمُوَّ النَّفَسْ
أُقَبِّلُ منه بَياضَ الطُّلَى / وأَرْشُفُ منه سَوادَ اللَّعَسْ
وبِتُّ به لَيْلتي ناعِماً / إِلى أَنْ تَبَسَّمَ ثَغْرُ الغلَسْ
خَلِيليَّ ما انْفَكَّ الأَسَى مُنذُبينهِم
خَلِيليَّ ما انْفَكَّ الأَسَى مُنذُبينهِم / حَبِيبي حتَّى حَلَّ بالقَلْبِ فاخْتَطَّا
أُرِيدُ دُنُوّاً من خَلِيلي وقد نأَى / وأَهْوَى اقْتراباً مِن مَزارٍ وقد شَطَّا
وإِنِّي لَتَعْرُونِي الهُمُوم لذِكْرِكُم / هُدُوّاً فلا أَسطِيعُ قَبْضاً ولا بَسْطَا
وإِنَّ هُبُوطَ الوادِيَيْنِ إِلى النَّقَا / بحَيْثُ الْتَقَى الجَمْعَانِ واسْتَقْبَل السَّقْطَا
لِمَسْرَحِ سِرْبٍ ما تَقَرَّى نِعَاجُهُ / بَرِيراً ولا تَقْرُو جَآذِرُهُ خَمْطَا
ومُرْتجِزٍ أَلْقَى بِذِي الأَثْلِ كَلْكَلاً / وحَطَّ بجَرْعَاءِ الأَبَارِقِ ما حَطَّا
سَعَى في قِيادِ الرِّيحِ يَسْمَحُ للصَّبا / فأَلْقَتْ على غَيْرِ التِّلاعِ بِهِ مِرْطَا
وما زالَ يُرْوِي التُّرْبَ حَتَّى كَسا الرُّبى / دَرانِكَ والغِيطانَ مِن نَسْجِهِ بُسْطَا
وعَنَّتْ له رِيحٌ تُسَاقِطُ قَطْرَهُ / كما نَثَرَتْ حَسْنَاءُ مِن جيدهَا سِمْطَا
ولَم أَرَ دُرّاً بَدَّدَتْهُ يَدُ الصَّبا / سِواهُ فباتَ النَّوْرُ يَلْقُطُهُ لَقْطَا
وبِتْنَا نُرَاعِي اللَّيْلَ لم يَطْوِ برْدَهُ / ولَم يَجْرِ شَيْبُ الصُّبْحِ في فَرعِهِ وخْطَا
تَراهُ كَمَلْكِ الزَّنْجِ في فَرْطِ كِبْرِهِ / إِذا رامَ مَشْياً في تَبَخْتُرِهِ أَبْطَا
مُطِلاً على الآفَاقِ والبَدْرُ تاجُهُ / وقد عَلَّقَ الجَوْزاءَ في أُذْنِهِ قُرْطَا
وتَدْرِي سِباعُ الطَّيْرِ أَنَّ كُمَاتَهُ
وتَدْرِي سِباعُ الطَّيْرِ أَنَّ كُمَاتَهُ / إِذا لَقِيَتْ صِيدَ الكُماةِ سِباعُ
لَهُنَّ لُعَابٌ في الهَوَاءِ وهِزَّةٌ / إِذا جَدَّ بينَ الدّارِعين قِراعُ
تَطِيرُ جِياعاً فَوْقَهُ وتردها / ظُبَاهُ إِلى الأَوْكَارِ وَهْيَ شِباعُ
تَمَلَّكَ بالإِحْسَانِ رِبْقَةَ رِقِّهِا / فهُنَّ رَقِيقٌ يُشْتَرَى ويُبَاعُ
وأَلْحَمَ مِن أَفْرَاخِهَا فَهيَ طَوْعُهُ / لَدَى كُلِّ حَرْب والمُلُوك تُطَاعُ
تُمَاصِعُ جَرْحاها فيُجْهِزُ نَقْرُهَا / عَلَيْهِمْ وللطَّيْرِ العِتَاقِ مِصَاعُ
وناظِرَةٍ تَحْتَ طَيِّ القِنَاع
وناظِرَةٍ تَحْتَ طَيِّ القِنَاع / دَعاها إِلى اللَّه والخَيْرِ داعِ
سَعَتْ بابْنِها تَبْتَغِي مَنْزلاً / لوَصْلِ التَّبَتُّل والانْقِطَاعِ
وَجالَتْ بأَكنْافِهِ جَوْلَةً / فَحَلَّ الرَّبِيعُ بتِلْكَ البِقَاعِ
فَجاءَتْ تَهَادَى كمِثْلِ الرَّؤُومِ / تُراِعي غَزَالاً بأَعْلى يَفَاعِ
أَتَتْنَا تَبَخْتَرُ في مَشْيِهَا / فَحَلَّتْ بوادٍ كَثِيرِ السِّباعِ
ورِيعَتْ حذاراً على طِفْلِهَا / فنادَيْتُ يا هَذِهِ لا تُراعِي
غَزالُكِ تَفْرَقُ منه اللُّيُوثُ / وتَهْرُبُ منه كُمَاةُ المصاعِ
فوَلَّتْ ولِلْمِسْكِ مِن ذَيْلِهَا / على الأَرْض خَطٌّ كظَهْرِ الشُّجَاعِ
وأَتاكَ بالنَّيْرُوزِ شَوْقٌ حافِزٌ
وأَتاكَ بالنَّيْرُوزِ شَوْقٌ حافِزٌ / وتَطَلُّعٌ للزَّوْر غِبَّ تَطلعِ
وافاكَ في زَمَن عَجِيبٍ مُونِقٍ / وأَتاكَ في زَهْرٍ كَرِيمٍ مُمْتِعِ
فانظُر إِلى حُسْن الرَّبِيعِ وقَدْ جَلَتْ / عن ثَوْبِ نَوْرٍ للربِيعِ مُجَزَّعِ
فكأَنَّ نَرْجِسَهَا وقَد حَشَدَتْ به / زهْرُ النُّجُومِ تقارَبَتْ في مَطْلَعِ
أَوْ أَعْيُنُ الأَحْبَابِ حين تَرَاسَلَتْ / باللَّحْظِ تَحْتَ تَخَوُّفٍ وتوقُّعِ
وَبِها البَنَفْسَجُ قد حكى بخُضُوعِهِ / وقُنُوِّ لَوْنٍ في سَوَادٍ مُشْبَعِ
خَدَّ الحَبِيبِ وقَد عَضَضْتَ بِجَنَّةٍ / فشَكا إلَيْكَ بأَنَّةٍ وتوجُّعِ
وكأَنَّمَا خيريُّهَا تَحْتَ الدُّجَى / بَيْنَ الأَزَاهِرِ قَامَ كالمُتَطَلِّعِ
يَرْجُو زِيَارَةَ مَن يُحِبُّ لِوَعْدِهِ / كَلَفاً فباتَ مُرَاقِباً لم يَهْجَعِ
شَكَرْتُ للدَّهْرِ حُسْنَ مَا صَنَعَا
شَكَرْتُ للدَّهْرِ حُسْنَ مَا صَنَعَا / طَائِرُ مَجْدٍ بجَنَّتِي وَقَعَا
نَفَرْتُ لمّا أَيْقَنْتُ جيْئَتَهُ / وطارتِ النَّفْسُ عِنْدَها قِطَعَا
يا حُسْنَ حَمّامِنَا وقَد غَرَبَتْ / شَمْسُ الضُّحَى فيه بَعْدَ مَا مَتَعَا
أَيْقَنَ أَنَّ الهِلالَ راكِبُهُ / فضاءَ للحاضِرِينَ واتَّسَعَا
فانْعَمْ أَبا عامِرٍ بنِعْمَتِهِ / واعْجَبْ لأَمْرَيْنِ فيه قد جُمِعَا
نِيرانُهُ مِن زِنَادِكُمْ قَدِحَتْ / وماؤهُ مِن بنانِكم نَبَعَا
لقد أَطْلَعُوا عِنْدَ بابِ اليَهُو
لقد أَطْلَعُوا عِنْدَ بابِ اليَهُو / دِ شَمْساً أَبَى الحُسْنُ أَنْ تُكْسَفَا
تَراهُ اليَهُودُ على بابِهَا / أَمِيراً فَتَحْسِبُهُ يُوسُفَا