المجموع : 316
أعرب إذا ما الخطب لم يعرب
أعرب إذا ما الخطب لم يعرب / عن شرف الهمة أو فاغرب
وقل لمن يطلب نيل العلى / إن أنت لم تغلب فلا تجلب
من قرع الباب ومفتاحه / ماض طرير الحد لم يحجب
إن كان لا يدنيك من موطن / تكرهه إلا الرضى فاغضب
أو كنت لا تركب متن العلى / إلا على شوك القنا فاركب
حتى متى والحق لي واجب / أدفع بالصدر وبالمنكب
وارحمنا مني لذي جلدة / صحيحة يحتك بالأجرب
من سفه الدنيا ومن لؤمها / جرأة مغلوب على أغلب
كأنما جنباي لم يحنيا / مني على قلب فتى قلب
ولاكففت الغرب من مقول / أمضى إذا شئت من المعضب
طال قعودي تحت ظل المنى / أجذب من عرضي ولم يصحب
وأعجز الناس فتى همه / وقف على المأكل والمشرب
قد تقنع النفس بدون غنى / قناعة تسند عن أشعب
لأنفضن الهون عن خاطري / نفض سقيط الطل عن منكبي
مستحقباً رحلي على عزمة / تنقض مثل الأجدل الأحقب
أسري من الليل على أدهم / ومن قرا الصبح على أشهب
افري شباب الليل عن مفرق / صباحه كالشعر والأشيب
مقتحماً لجة بحر الردى / إلى الندى إن أنا لم أعطب
ملبياً دعوة حظ دعا / إن صدق الحظ ولم يكذب
إلى الذي لولا سني وجهه / أظلم في عيني سنى الكوكب
أروع لولا أن أخلاقه / مخلوقة في الماء لم يعذب
مظفر تظفر طلابه / بالشرف الأقصى من المطلب
مفضل يدني إلى الأفضل الس / امي العلى بالنسب الأقرب
مضى أبو الفتح سليم ولم / تمض سجاياه ولم تذهب
أبقى مصاناً عرضه كاسمه / والابن من أحيا ثناء الأب
لا كملوك خلفت خالفاً / معقبة مات ولم يعقب
من يعرب العرباء حيث التقت / شعائب السؤدد من يعرب
قومي الأولى يرجع ميزانهم / إن فاضلوا أو ناضلوا الناس بي
أي مقام قمت فيه لهم / بحجة المجد فلم أغلب
أو ذكر الإسلام لم يفتخر / غيرهم حي بنصر النبي
أو ذُكر الجود فمن طيء / أبو عدي نجعه المجدب
وهذه أفعال أبنائهم / حاضرة تشهد بالغيب
رايات نجم الدين منصوبة / لقومه في كرم المنصب
يرفعها أبلح من طيء / نيرانه تجلو دجى الغيهب
ملك إذا ما زرت أبوابه / عرفت معنى الأهل والمرحب
تلوك سيما الملك في وجهه / إن كنت لم تقرأ ولم تكتب
تلقى المنايا يده والمنى / فارغب إذا قابلته وارهب
يعرف من لم يره أنه / باقي طراز الحسب المذهب
إن جحفل أو محفل ضمه / جمل صدر الدست والموكب
جهلت حظي قبل علمي به / والماء قد يستر بالطحلب
هل القلب إلا مضغة تتقلب
هل القلب إلا مضغة تتقلب / له خاطر يرضى مراراً ويغضب
أم النفس إلا وهدة مطمئنة / تفيض ثغاب الهم منها وتنضب
فلا تلزمن الناس غير طباعهم / فتتعب من طول العتاب ويتعبوا
فإنك إن كشفتهم ربما انجلى / رمادهم عن جمرة لم تتلهب
فتاركهم ما تاركوك فإنهم / إلى الشر مذ كانوا من الخير أقرب
ولا تغترر منهم بحسن بشاشة / فأكثر إيماض البوارق خلب
واصغ إلى ماقلته تنتفع به / ولا تطرح نصحي فإني مجرب
فما تنكر الأيام معرفتي بها / ولا أنني أدرى بهن وأدرب
وإني لأقوام جذيل محكك / وإني لأقوام عذيق مرجب
عليم بما يرضي المروءة والتقى / خبير بما آتي وما أتجنب
حلبت أفاويق الزمان براحة / تدر بها أخلافه حين تحلب
وصاحبت هذا الدهر حتى لقد غدت / عجائبه من خبرتي تتعجب
ودوخت أقطار البلاد كأنني / إلى الريح أعزى أو إلى الخضر أنسب
وعاشرت أقواماً يزيدون كثرة / على الألف أو عد الحصى حين يحسب
فما راقني في روضهم قط مربع / ولا شافني من ودهم قط مشرب
تراني وإياهم فريقين كلنا / بما عنده من عزة النفس معجب
فعندهم دنيا وعندي فضيلة / ولاشك أن الفضل أعلى وأغلب
أناس مضى صدر من العمر عندهم / أصعد ظني فيهم وأصوب
رجوت بهم نيل الغنى فوجدته / كما قيل في الأمثال عنقاء مغرب
وكسل عزم المدح بعد نشاطه / ندى ذمه عندي من المدح أقرب
كأن القوافي حين تسعى لشكرهم / على الجمر تمشي أو على الشوك تسحب
أفوه بحق كلما رمت ذمهم / وما غير قول الحق لي قط مذهب
وأصدق إلا أن أريد مديحهم / فإني على حكم الضرورة أكذب
ولو علموا صدق المدائح فيهم / لكانت مساعيهم تهش وتطرب
ولكن دروا أن الذي جاء مادحاً / بغير الذي فيهم يسب ويثلب
ومازال هذا الأمر دأبي ودأبهم / أغالب لومي فيهم وهو أغلب
إلى أن أدالتني الليالي وأعتبت / وما خلتها بعد الإساءة تعتب
فهاجرت نحو الصالح الملك هجرة / غدت سبباً للأمن وهو المسبب
فمن مبلغ سعد العشيرة معشري / وشعباً بهم صدع النوائب يشعب
بأني قد أصبحت جاراً لأبلج / مدائحه من ريق المزن أعذب
يشجع آمال العفاة ابتسامه / وتجبه آساد الشرى حين يغضب
غفرت به ذنب الليالي التي مضت / وربتما يستوجب العفو مذنب
لئن شغفت غر القوافي بحبه / فكل امرئ يولي الجميل محبب
وإن عز مثواها وطال بقربه / فكل مكان ينبت العز طيب
وكم نبت الأوطان يوماً بأهلها / فأورثها عز الحياة التغرب
وهذا رسول الله فارق مكة / على جفوة لم ترضها فيه يثرب
ولولا فراق السيف للغمد لم يفز / له بجميل الذكر حد ومضرب
ولو لزم الطير الفلاة ووحشها / أماكنها ما صاد ناب ومخلب
وحسبي أن أصبحت جاراً لساحة / مكارمها بالوافدين ترحب
رأينا بيومي بأسه ونواله / على ضاع فيه حاتم و المهلب
إذا ما ذكرنا وقعة من حروبه / فيما يذكر الحيان بكر وتغلب
له معجزات في الشجاعة والندى / وسر عن الأبصار فيها مغيب
ترى كل رعديد الفؤاد وباخل / يصدقها ف ينفسه ويكذب
عُلى بهرت آياتها بطلائع / فهل في العُلى أيضاً نبي مقرب
تيقنت الأفرنج أنك إن ترد / دمارهم لم ينجهم منك مهرب
وخافتك إن لم تعطها الأمن منعماً / فجاءتك بالأسد الثرى تتغلب
وأهدوا رجال السلم آلة حربهم / ومن بعض ما أهدوا مجن ومقضب
وذلك فأل صادق إن عزهم / بسيفك يا سيف الهدى سوف يسلب
لك الرأي لم تلل ظباه ولم يُفل / إذا ظلت الآراء تطفو وترسب
وما شئت فاصنع راشداً في سؤالهم / فرأيك من رأي البرية أصوب
وعندك حزم لا يضيق نطاقه / وصدر من الدهناء أرخى وأرحب
أقول لمغتر بظاهر بشره / تيقظ فإن الماء يخفيه طحلب
ولا تركنن للبحر عند سكونه / وبادر فإن البحر إن هاج يعطب
وقد يبسم الضرغام وهو معبس / وقد يتلظى البرق والغيث يسكب
تباعد إذا أولاك قرباً ولم يزل / أخو الحزم من يخشى الملوك ويرهب
فلا تتصوره بصورة صاحب / فليس أبو شبلين غرثان يصحب
ولا تتسحب واثقاً بحيائه / فما ذلك إلا واثق يتسحب
مهدت لنا أكناف عز منيعة / على أنها من مرتقى النجم أعزب
وأسبلت أستار الحجاب مهابة / وذلك في بعض المواطن أهيب
ولكنك الشمس التي لا محلها / بدان ولا أنوارها قط تحجب
نراك وستر من جلالك حائل / فنحن حضور والبصائر غيب
وأكثر ما نلقاك حلماً ورحمة / إذا كان ذنب للعقوبة يوجب
قصدت ولكن فيك فضل بقية / يغالبها رأي العفاف فيغلب
تميل إذا ما كان في الأمر شبهة / إلى كل ما فيه من الله تقرب
فلا زلت للدنيا وللدين عصمة / وثغرهما من مأثراتك أشنب
أيحسب صرف الدهر أني عائبه
أيحسب صرف الدهر أني عائبه / على ما أتى من زلة وأعاتبه
وماذا عسى يجدي علي عتابه / وقد أنشبت في خلب قلبي مخالبه
مساعيك يهدي للنجاح طلابها
مساعيك يهدي للنجاح طلابها / وتحدى لإصلاح الفساد ركابها
لقد أسفرت عن غرة المجد سفرة / دنا بك من بعد الرحيل إيابها
قدمت فأقدمت الحياة لأنفس / يمنيك إن ضن السحاب سحابها
وأطلعت نور العدل في كل بلدة / جبينك إن غاب الشهاب شهابها
ترحل عنها مذ رحلت أنيسها / فبان عليها وحشها واكتئابها
وكانت رحاب الملك تشكو فراغها / فمذ أبت ضاقت بالوفود رحابها
وأضحت تحيي بالسجود كرامة / ويشفي شفه اللاثمين ترابها
ولله عزم كاملي وهيبة / نرى الدهر يرجو فضلها ويهابها
يفرق في أهل الوداد ثوابها / ويجمع في أهل العناد عقابها
وكم أمنت ثغر المخافة قبها / ولاحت به للوافدين قبابها
أفي كل يوم أنت مزج كتيبة / يسيل بها وهد الربى وشعابها
فيوماً إلى أرض الصعيد صعودها / ويوماً كما انصب الأتي انصبابها
ولما رمت بالأمس حي لواتة / أطاعك عاصيها وذلت صعابها
ولو أنها ما أعتبتك مطيعة / لكان بأطراف الوشيج عتابها
وأوطأتهم أيدي جياد متى ترد / لمعمورة كيداً أتاها خرابها
على صحف البيداء منها كتائب / سطور قناها في المصف كتابها
جياد عليها كاسمها من كماتها / فقد كرمت أعرابها وعرابها
عليها أسود تحمل الغاب من قنا / ومن عجب أن يصحب الأسد غابها
متى ما تخاصمها الخطوب فإنما / بألسنة الأغماد يتلى كتابها
لها حجب يوم الوغى من مثارها / وأبوابها في السلم سهل حجابها
إذا غضب الإسلام أرضاه بأسها / وما رضي الإسلام لولا غضابها
شفى غلة الدنيا شجاع بن شاور / إلى أن تجلى شكها وارتيابها
ولاذت بعطفيها المنيعين دولة / به عاد من بعد المشيب شبابها
تتيه بيوميه سماحاً ونجدة / ويزهو به محرابها وحرابها
وبالجانب الغربي جردت عزمة / يفل بها ظفر الأعادي ونابها
إذا ما بغتها همة كاملية / فقد ولغت بالأسد فيها ذئابها
هم فتحوها ثلمة في عصا العلى / ولولاك في شعبان ظل انشعابها
دعيت لها لما دعت آل شاور / فما شعرت إلا وأنت جوابها
فتحت على الهادي أبي الفتح بالظبى / وبالرأي قطريها وقد سد بابها
وسكنتها والسيف في الجفن نائم / ولولا حذار الضرب دام اضطرابها
تكفلتها عن حضرة شاورية / منابك عنها في الأمور منابها
ولو لم تناصب عن وزارة شاور / أعاديه لم يستقر نصابها
فلا غرو أن أفضى إليك نعيمها / وأفضى إلى شاني علاك عذابها
وأصبح مقسوماً بأمرك في الورى / ندى وردى شهد الليالي وصابها
وما نحن إلا روضة كاملية / أياديك يا رب السماح ربابها
وقد ظمئت آمالنا نحو مزنة / ذهاب القوافي أن يظن ذهابها
نعد لها الأوقات إذ كل مزنة / سواها سراب لا يرجى شرابها
وهذي قوافي الشعر يثنى عنانها / إليك وتلوى عن رحال رقابها
وما ذاك إلا أنها فيك لم تزل / تفوه بصدق لم يشبه كذابها
وهنيت عن شهر الصيام وظائفاً / من العمل المبرور يرجى ثوابها
صيام يزكيه قيام وخشية / رقيب عليها خوفها وارتقابها
وألطاف أفعال من الخير لم يثب / إلى أحد إلا إليك انتسابها
بقيت فإن الجود واليأس والعلى / قشور إذا عدت وأنت لبابها
افخر فحسبك ما أوتيت من حسب
افخر فحسبك ما أوتيت من حسب / كفاك مجدك من إرث ومكتسب
لولا الحفاظ على الأنساب مكرمة / أغناك فضلك أن تعزى إلى نسب
وقد رأينا رسول الله أشرف من / نعده وهو منسوب إلى العرب
فليهن دولة مصر أنها نصرت / من آل سعد بخير ابن وخير أب
بشاور وشجاع عز نصرهما / عزت على طارق الأيام والنوب
غيثان إن وهبا ليثان إن وثبا / فاضا على الخلق بالإعطاء والعطب
هو الكفيل ولكن قد كفلت له / أبا الفوارس نجح السعي والطلب
لو لم تناصب عداه دون مطلبه / ما قر من دسته في أشرف الرتب
وما أتته من الأيام نازلة / إلا وسيفك فيها كاشف الكرب
مواطن لم يغب لما حضرت بها / والشبل إن يحم غاب الليث لم يغب
دارت عليك أمور الملك قاطبة / وهل تدور رحى إلا على قطب
أصبحت منه كنوز الشمس مشرقة / أو لا كمثل فرند السيف ذي الشطب
كم عقدة من خطوب الدهر مبرمة / قد حل سعدك منها عقدة الذنب
في كل يوم إلى الأعداء مرتحل / يشكو به الظهر جور السرج والقتب
وعسكر كأتي السيل مندفعاً / إما إلى صعد في الأرض أو صبب
كانت لواتة حياً لا يروعه / حي وشعباً صحيحاً غير منشعب
وطالما أمعنوا في البغي واحتقروا / جر الكتاب والتهديد بالكتب
وكم دعتها ملوك العصر قبلكم / إلى المجير فلم تسمع ولم تجب
حتى رماهم أبو الفتح الذي ضمنت / أسيافه فتح باب المعقل الأشب
بث الجيوش على التدريج فانبعثت / في غزوهم سرباً كالوابل السرب
وكنت آخر سهم في كنانته / وفارس الروع من يحمي حمى العقب
ولم يزل عندهم منع ومقدرة / وأمرهم مستمر غير مضطرب
حتى نهضت فلم تنهض قوائمهم / والرعب يخفق في الأحشاء والركب
وسار من ذكرك العالي مقدمة / كانت طليعة ذاك الذعر والرعب
وما على القوم من عار إذا اعصتموا / أبا الفوارس خوفاً منك بالهرب
ولو قدحت شهاب العزم معتزماً / حرب الكواكب خافت أنفس الشهب
وما لواتة بالمحقور جانبها / لكنك البحر مداً وهي كالقلب
ولو وصفتهم بالضعف ما نسبت / إليك مكرمة في القهر والغلب
كسر العمود هو الفتح الذي جبرت / بن ظباكم عماد الملك والطنب
يد لكم في رقاب الجند تشكركم / لأجلها ألسن الأيام والحقب
رد الإله بكم إقطاعهم ولقد / كانت على ما مضى نهبى المنتهى
وسوف تشكركم آثار نعمتكم / في جند مصر كشكر الروض للسحب
عممتم الناس بالحسنى فشكركم / دين على ذمة الأشعار والخطب
وزاد في خطر الآداب أنكم / أغليتم بعد رخص قيمة الأدب
وإن شاعركم المثني عليك بما / شادت مماليك يستغني عن الكذب
لما أرحت ضمير الملك من تعب / باتت لخدمتك الأشعار في تعب
ما كل سجع بمعدود من الخطب
ما كل سجع بمعدود من الخطب / فلا تغرنك دعوى الناس في الأدب
فاقبض على كلماتي كف منتقد / زيف الكلام فليس الصفر كالذهب
قصائدي لم تزل في كل جارحة / من حسنها نشوات الخمر والطرب
كانت مكرمة المثوى منزهة / في أرض مصر عن التصريح بالطلب
فأصبحت في جوار النيل ظامئة / تحوم حول لآل الماء والعشب
حتى كأن بني أيوب ما علموا / بأنني في زماني أفصح العرب
ضاقت علي لياليهم وقد رحبت / للوافدين إلى الساحات والرحب
حتى كأن أذى قلبي يطيب لهم / كالعود لولا حريق النار لم يطب
خافوا علي ولا رأيي بمنحرف / عن الوداد ولا قلبي بمنقلب
فإن أتى فرج من راحتي فرج / فليس ذاك بمعدود من العجب
الأبلج الطلق وجهاً والكريم يداً / إذا تجهم وجه الدهر والسحب
الأورع البر لا تخشى بوادره / إذا استخفت رجالاً سورة الغضب
لا بالحريص على الدنيا إذا انحرفت / ولا البخيل بما يحوي من النشب
لما عرفت سجاياه التي كرمت / عرفت منه شريف النفس والحسب
وقلت للمتعاطي شأو شيمته / ما أوضح الفرق بين الرأس والذنب
يحدث الصدق عن أفعال سؤدده / بسيرة أمنت من وصمة الكذب
لو كان في السلف الماضي لكان به / إما ولياً لعهد أو وصي نبي
أغيب عنه وألقاه ومنزلتي / محروسة فكأني عنه لم أغب
محبة سهلت وعر الكلام له / حتى كأني أستملي من الكتب
إن للقوافي إذا قلت كرامتها / زيادة بعد قتل النفس في السلب
كم مات قوم فأحيتهم مدائحهم / والشعر أشرف إحياء من النسب
أعطى نصيب بني مروان خالدة / تبقي عليهم بقاء السبعة الشهب
أولوه نزراً فأولاهم مجازفة / ما في الحقائب ما يبقى على الخطب
فلينظر المجد في إنجاز موعده / فشهر طوبة فيه الكسر للقضب
أيا مالكاً تسمو به رتب العلى
أيا مالكاً تسمو به رتب العلى / وتعلو على زهر النجوم مراتبه
تمل بدست أنت بدر سمائه / وأبناؤك الغر الكرام كواكبه
وفي عودة الأصدى دليل سعادة / تبشر في الدنيا بما أنت طالبه
جواد أبى الله المهيمن أن يُرى / وشخص سوى بدر بن زريك راكبه
لو أمكنتني في مدحي لك الشهب
لو أمكنتني في مدحي لك الشهب / لم يرضني في علاك الشعر والخطب
ولو نظمت النجوم الزهر ممتدحاً / لم أقض من حقك المفروض مايجب
أحسنت يا بدر إحساناً ملكت به / ودي فصرت إلى نعماك أنتسب
وعرفتك أياديك التي كرمت / كيف السبيل إلى أن يملك العرب
وسعت ما ضاق من رزقي وزدت على / ما كنت أرجوه في نفسي وأحتسب
لعل حلمك وهو الحق ينصف من / قضية يشتكي من جورها الأدب
هذا ابن سبريه جاءته زيادته / عفواً وما عنده هم ولانصب
فكيف تأبى الليالي أن تنجز لي / زيادة أنت في إثباتها السبب
لولا شفاعتك الحسنى لقصر بي / عن البلوغ إليها السعي والطلب
أرويتني وأسود الغاب ظامئة / فكيف يعطش من تعنى به السحب
قل لمن يرتجي طنين الرباب
قل لمن يرتجي طنين الرباب / عند تغريد طائرات الذباب
أخلفت خلب البروق أراجي / ك كما أخلفت بحور السراب
ظامياً ظل يرقب العذب منها / فغدا شارباً كؤوس العذاب
فاجتنب ما غررت فيه وعرج / نحو رأي مستخلص كاللباب
والتمس غرب باترات من الغر / ب فما خاب حازم الاغتراب
واصدع الهم باهتمام أبي / لم يهب عزمه ركوب الصعاب
أنف العيش تحت خطة ضيم / فرمى طرفه فويق السحاب
ولتجدني متى عزمت رفيقاً / سائراً مسرعاً أمام الركاب
وهو قول عدلت فيه عن الغي / ر ولم أرتكب معمى الخطاب
وأنا واصل وراء كتابي / قادم خلفه على الأعقاب
وما كنت أرضى عن علاك بذا الجفا
وما كنت أرضى عن علاك بذا الجفا / ولكنه من غاب غاب نصيبه
يا غائباً عنا قد اش
يا غائباً عنا قد اش / تاقت لطلعتك القلوب
إن كنت أصبحت البعي / د فأنت في قلبي قريب
البدر في نصف الشهو / ر وقد تكامل لا يغيب
ومغيب شخصك عن زيا / رة من تحب هو العجيب
أترى يكون لي الخلاص قريب
أترى يكون لي الخلاص قريب / فالموت بعدك يا بني يطيب
عللت فيك الحزن كل تعلة / لم تنفعني شربة وطبيب
ما كنت آلف منزلي إلا به
ما كنت آلف منزلي إلا به / ولقد كرهت الدار بعد مصابه
وكرهت عيشي بعدما فارقته / ورغبت في الترحال نحو جنابه
أنف الإقامة عندنا وصبا إلى / ما يرتجيه من بلوغ ثوابه
ماذا أقل بقاءه ما بيننا / مترحلاً للترب عن أترابه
حار الطبيب بما يداوي داءه / لما غدا والموت أكبر دابه
ما كان في خلدي ولا بتصوري / أن الحمام يحثه بحرابه
قد كنت آمل أن أكون فداءه / أخطأت في أملي وظن حسابه
فارقته والعيش فارق خاطري / وتفكري لم يخل من أسبابه
أتراك إسماعيل تعلم ما الذي / في القلب من لوعاته وعذابه
وظننت أن النوم باشر مقلة / لم تكتحل غمضاً ولا تحظى به
أتبيت إسماعيل ثاو في الثرى / من بعد قلب كنت من حجابه
ورحلت عن صدري وحجري للبلى / رغماً علي وصرت رهن ترابه
ولقد أمنت عليك نائبة الردى / لم أدر حتى صرت في أنيابه
مازال يخدعني عليك وإنما / أرداك مخلبه بطول خلابه
ضر الحوادث ليس يؤمن خطبه / لكنني من بعض من أغرى به
وحسبت خيراً بالزمان وريبه / فغدوت أخسر واثق بحسابه
الموت فرق شملنا وأضامنا / والدهر ساعده على أوصابه
لم تسو فرحة مهجتي بولادة / عادت بموتك ترحة بمنابه
وكذاك ماسويت عمارة منزل / وكماله بفنائه وخرابه
فلأبكين عليه ما لاح الضيا / أو ما اقتضاني القول حسن جوابه
بني إن سُقِّيتَ كأسَ الردى
بني إن سُقِّيتَ كأسَ الردى / فسوف يسقاها قريباً أبوك
كأنني قد ذقت ما ذقته / وغبت في اللحد كما غيبوك
قصدتك من أرض الحطيم قصائد
قصدتك من أرض الحطيم قصائد / حادي سراها سنة وكتاب
إن تسألا عما لقيت فإنني / لا مخفق أملي ولا كذاب
لم أنتجع ثمد النطاف ولم أقف / بمذانب وقفت بها الأرتاب
لكن وردت قراراة الغمر الذي / تغدو عبيداً عنده الأرباب
عثرت به قد الشتاء فلا لعاً / إن لم يقلها رفعة وثواب
حاشاك من هذا الخطاب خطاباً
حاشاك من هذا الخطاب خطاباً / يا خير أملاك الزمان نصاباً
لكن إذا ما أفسدت علماؤكم / معمور معتقدي وصار خرابا
ودعوتمو فكري إلى أقوالكم / من بعد ذاك أطاعكم وأجابا
فاشدد يديك على صفاء محبتي / وامنن علي وسد هذا الباب
أرى حنك الوزارة صار سيفاً
أرى حنك الوزارة صار سيفاً / يجز بحده صيد الرقاب
كأنك رائد البلوى وإلا / بشير بالمنية والمصاب
تيقنوا أن قلبي منهم يجب
تيقنوا أن قلبي منهم يجب / فاستعذبوا من عذابي فوق مايجب
وأعرضوا ووجوه الود مقبلة / وللمكارم قلب ليس ينقلب
ولو قدرت لأسلاني عقوقهم / وكم عقوق سلت أم به وأب
إن لم يكن ذلك الإعراض عن ملل / فسوف ترضيهم العتبى إذا عتبوا
وإن تكدر صاف من مودتهم / فالشمس تشرق أحياناً وتحتجب
لم ترض عيذاب أني مسني نسب / من أهلها وجرى لي منهم تعب
حتى لقيت بقوص لا سقت أبداً / أكناف قوص ولا من حلها السحب
عوارضاً كشف المريخ صفحته / لهن والمشتري عنهن محتجب
وكان إعراض سيف الدين أكبر ما / لقيت والبحر تنسى عنده القلب
أتيت من مأمني فيه وفاجأني / ما لم تكن أعين الآمال ترتقب
وأرجف الناس حتى قال قائلهم / يا رائد الحي لا ماء ولا عشب
فقلت هل أفقر الوادي أم افتقر النادي / أم انحل ذاك الكرب والكرب
فقيل بل جملة الأحوال حالية / ومعقل العز معمور القنا أشب
وإنما المجلس السيفي منحرف / فإن تعذر مأمول فلا عجب
وكيف لا تعرض الدنيا متابعة / لرأيه وهو في إقبالها السبب
لولا شفاعته الحسنى نائله الأسنى / لما أنجح المسعى ولا الطلب
يا جامع العز والتقوى وبينهما / بون بعيد المرامي ليس يقترب
قد بان لي منك أمر كنت أجهله / وغامض العلم بالتدريج يكتسب
بأنك المرء في أهل وفي وطن / لكنه بالسجايا البيض مغترب
صافي المروءة لولا فضل نخوته / ودينه أدرك الواشون ما طلبوا
وكيف ينفق زور عند مجلسه / والغالبان عليه الدين والحسب
تغدو مهابته حجاباً دونه
تغدو مهابته حجاباً دونه / ونداه عنا ليس بالمحجوب
سكنت محبته وهيبة بأسه / منا سوادي ناظر وقلوب
ومحوت عن وجهي مياسم صنعة / ومعيشة كان اسمها يزري بي
وجعلتني في أحدوثة تتلى بها أبداً صحائف / أجرك المكتوب
فليفتخر بالشعر غير إنه / حسب لمثلي ليس بالمحسوب
أصبحت شاكر نعمة لا خدمة / أقضي أداء الفرض بالمندوب
إذا لم يسالمك الزمان فحارب
إذا لم يسالمك الزمان فحارب / وباعد إذا لم تنتفع بالأقارب
إذا كان أصلي من تراب فكلها / بلادي وكل العالمين أقاربي
ولا تحتقر كيد الضعيف فربما / تموت الأفاعي من سموم العقارب
فقد هد قدماً عرش بلقيس هدهد / وخرب فأر قبل ذا سد مارب
إذا كان رأس المال عمرك فاحترز / عليه من الإنفاق في غير واجب
فبين اختلاف الليل والصبح معرك / يكر علينا جيشه بالعجائب
وما راعني غدر الشباب لأنني / أنست بهذا الخلق من كل صاحب
وغدر الفتى في عهده ووفائه / وغدر المواضي في نبو المضارب
إذا كان هذا الدر معدنه فمي / فصونوه عن تقبيل راحة راهب
رأيت رجالاً أصبحت في مآدب / لديك وحالي وحدها في نوادب
تأخرت لما قدمتهم علاكم / علي وتأبى الأسد سبق الثعالب
ترى أين كانوا في مواطني التي / غدوت لكم فيهن أكرم نائب
ليالي أتلو ذكركم في مواقف / حديث الورى فيها بغمز الحواجب