القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الأَخْطَل الصَّغير الكل
المجموع : 141
كذبَ الواشي وخاب
كذبَ الواشي وخاب / من رأى الشاعرَ تاب
عمرُهُ فجرٌ من الحبِّ / وليلٌ من شراب
كيف أصحو؟ خمرتي من شفتيكِ / والمنى تضحكُ لي في ناظرَيكِ
وأناشيد الهوى في أذنيك / همساتُ القطرِ بل رنّاتُ أيكِ
غنني يا بلبُلي واسقني يا جدولي / ألليالي الحمرُ لي والشراب
ردّدي ذكرى لقانا الأولِ / وتساقينا كؤوسَ الغَزَلِ
وافتراشَ العشبِ عندَ الجدوَلِ / أنا لا أنسى وقد غنّيتِ لي
عندما الليلُ احتوانا / كيف سالت دمعتانا
وتلاقت شفتانا في الضباب / كذب الواشي وخاب
يا ليالينا على شطِّ الخليجِ / وملاهينا على مرمى الثلوجِ
حَبَّذا لبنان من أفقٍ بهيجِ / فاسفحي الخمرَ على تلكَ المروجِ
واسقني الشهد المذاب / فإذا ولّى الشباب
كل ما يبقى تراب وسراب / كَذَبَ الواشي وخاب
أنا طيف من خيالاتِ الليالي / من صدى الوادي ومن همسِ الدوالي
كم على الصحراء وشيٌ من خيالي / وعلى البحر يتيماتي الغوالي
منهما صغتُ حلاكِ / ومُنى النفس رضاكِ
أنا والشعرُ فداكِ / والشباب
كذب الواشي وخاب / من رأى الشاعر تاب
عمرهُ فجرٌ من الح / بِّ وليلٌ من شراب
نم إن قلبي فوق مهدك كلما
نم إن قلبي فوق مهدك كلما / ذكر الهوى صلى عليه وسلما
نم فالملائكة عينها يقظى فذا / يرعاك مبتسما وذا مترنما
نم واجتن الأحلام أزهار الصبا / واستنزل الزهرالنجوم من السما
نم ملئ عينك إن عيني ملؤها / دمع وان عنفتها امتلات دما
نم فالسلام على شفاهك سطرت / اياته فلثمتها ........ متوهما
نم فالهوى حزب علي لإنه / يقضي بأن اشقى وأن تنعما
نم وارع حبات القلوب ولاتكن / ترعى كعيني في الظلام الأنجما
نم فوق صدري إنه مهد الهوى / وعفافه ابدا يرف عليكما
نم إنت واتركني بلا نوم ودع / روحي وروحك في الهوى تتكلما
واذا الكرى لعبت بجفنك كفة / واذا السكون على سريرك خيما
واذا النسيم - وأنت في بحر الشذا / غرق - دنا من وجنتيك ليلثما
نبه جفونك لحظة تبصر فتى / لم يبق منه هواك الإ الأعظما
جاث على قدم السرير وعينه / عين المصور حاولت أن ترسما
لو أن بعض هواك تعبدا / وحياة عينيك ما دخلت جهنما
سَلِي الليْلَ عَنْ عَيْني إذَا رابَكِ الفَجْرُ
سَلِي الليْلَ عَنْ عَيْني إذَا رابَكِ الفَجْرُ / أَفَازَ بِهَا إلاكِ وَ الأنْجُمُ الزُّهْرُ
قَسَمْتُ فُؤَادِي بَيْنَ بُؤْسيَ وَ الهَوَى / فَهذا لَهُ شَطْرٌ وَ هَذا لَهُ شَطْرُ
حَيَاتيَ هَلْ ثَغْرُ البَنَفْسَجِ يَفْتَرُّ / كَعَهْدِي وَ هَلْ يجرِي كَعَادَتِهِ النَّهْرُ
وَهَلْ يَذْكُرُ الصَّفْصَافُ إِذْ نحْنُ عِنْدَهُ / وَ في أُذُنِ الظَّلْمَاءِ مِنْ هَمْسِنَا نَقْرُ
سُقِيتُ مَرَارَاتِ الحَيَاةِ فَلَمْ أَجِدْ / كَمِثْلِ الَّذِي يَسْقِيهِ مِنْ كَفِّكِ الهجْرُ
وَأَشْقَى شَقِّيٍ في الوَرَى قَلْبُ شَاعِرٍ / نَبَا الحَظُّ عَنْهُ وَ الْتَقَى الحُبُّ وَ الفَقْرُ
فَفِي كُلِّ أُفْقٍ مِنْ أَمَانِيِه مَأْتَمٌ / وَ فِي كُلِّ عُضْوٍ مِنْ جَوَارِحِهِ قبر
يا نهرَ طوسٍ ويا أظلالَ واديها
يا نهرَ طوسٍ ويا أظلالَ واديها / رسالةُ الشعرِ عني من يؤديها
سل جارةَ السَّدِّ هل في السد من أثَرٍ / لصبّه أم محا الآثارَ ماحيها
مثلتُهُ ديمةً في أفق مرحمةٍ / قصيدة أدمع الباري قوافيها
هل للأزاهر عن أماتها خبرٌ / عن شاعر سكبَ الأطيابَ في فيها
وألبستها صباغَ اخلدِ ريشتهُ / فافتر عن ألف لون في ذراريها
زهر الطبيعةِ يبقى في أماكنهِ / وزهرهُ في فمِ الدنيا وأيديها
في جنبِ إيوانِ كسرى من مواهبهِ / إيوانُ شعرٍ به كسرى زها تيها
كأن في كل بيت من قصائدهِ / روحا تغلغلُ في الموتى فتحييها
ردّ الأكاسرة الغرّانَ فانتشروا / تحت الدرفس نجوما في لياليها
والخيل تلهث في الميدان كالحةً / حمر الحمالق تطويه ويطويها
ورُستمٌ هِرقُلُ الفرسِ الفحولِ إذا / ما انقضّ قلتَ عقابُ الحربِ مُذكيها
وأدهشَ الأرضَ منه عندما نظرت / إليه .. كيف مشت إحدى رواسيها؟
ما عابَهُ أن سيف الله جندلهُ / بل شرّفَ الفرسَ لمّا جاء يهديها
مشى إليها كتاب الله يخطبُها / فأمهَرَتهُ الغوالي من نواصيها
غزا الهدى الكفر لا فرسٌ ولا عرب / يا وقعة هزت الدنياتهانيها
إسلامُ فارس أعراس تميس لها / حور الجنان على توقيع شاديها
لم يرتد المجد إلا من مطارفها / ولا انتشى النصرُ إلا من أغانيها
أشرق أبا قاسم كالشمس مرتجلا / أنشودةَ النور إن الله موحيها
واسكب لنا خمرةَ الفردوس تعصرها / مراشف الحور واشرب في أوانيها
لقد رويتَ فهل من فضلةٍ بقيَت / في الكأس أفعلها في النفس باقيها
لو شام هومير لمحا من أشعّتِها / للألأت عينُهُ وانجابَ داجيها
أو ساف نكهتها عن ألفِ مرحلَةِ / أبو نواسٍ لفدّاها نُواسيها
حنّت لعرسِكَ عرسِ الشعر فاندفقَت / وهجاً وطوّفَ بالأرواحِ ساقيها
من مطلع الشمس حتى قابِ مغربها / عبدٌ كسا الشرقَ تعظيماً وتنويها
ما ألفُ عامٍ وإن طال الزمان بها / من ساعة عشتها إلا ثوانيها
كأن روحك في الادهار عاصفةٌ / هبّت تمزّق أجيالاً وتذريها
حتى سفرت على أشلائها قمراً / ونور وجهك يطفو في نواحيها
عُد بي إلى الأرض حدث عن صغائرها / أيام تصلى بها من زند واليها
نادى لميراثِ كسرى كل قافية / إن مات قائلها ما مات راويها
صبرتَ حتى استكنّت كلُّ جائشَة / وأسلمت زمر الدعوى دعاويها
فرحتَ تبعثها من عبقرٍ شَرَراً / موصولةً بأوالها تواليها
قوسٌ من النور ماجت تحتَهُ أمَمٌ / وغابَةٌ من ظبي غنّى الردى فيها
وفي نَجِيّ القوافي هل وفيتَ له / ربّ الأريكة إذ وافى يُناجيها
أم رحتَ تبرمُ فيه رأيَ حاسدِه / راياً كسا حسنات الملكِ تشويها
أدهى النصيحة ما يأتيك مرتديا / ثوب الصداقة تضليلاً وتمويها
ضَنَنتَ بالذهَبِ ابن التربِ تمنَعهُ / عنه وجاءك بالأفلاك يهديها
إن الملوك على العلاتِ إن وعدَت / فليسَ غير زوالِ الملك يثنيها
الله أكبر نفس الشاعر انفجَرت / حُمرَ القذائفِ لم تخطىء مراميها
رمى بها العرضَ فاصطكّت قواعدهُ / وطوّقَت جيد محمود أهاجيها
يا للعقوقِ أيبني مجدَ أمّتهِ / ويجعَلُ الدهر مولى من مواليها
ويسكُبُ السحر يستهوي النفوس به / في ثغرِ زهرتِها أو حلقِ شاديها
وينشُرُ الوشي لم تنبِتهُ قِمّتُها / ويفجُرُ النهرَ لم ينبَعهُواديها
أشِعّةٌ واهتزازاتٌ وأخيلَةٌ / تكسو الحقائق ألوانً أفاويها
لولا الخيال لما كانت سوى لغةٍ / جردت عنها كناها والتّشابيها
يا للعقوقِ أيبنى مجد أمّتِهِ / حتى إذا ساورت نفسا أمانيها
حتى إذا مدّ للآلاء راحَتَهُ / نحو الأريكةِ عضّتهُ أفاعيها
فارتَدّ يلمُسُ جنبيهِ أأنصلُها / أهوَت عليهِ أم انقضّت ضواريها
جنى لها ثمرَ الأقلام يانِعَةً / وراح يجني الرزايا من مجانيها
أإن وفَت أمّةٌ يوما لشاعرِهاه / رماهُ سافلُها عن قوسِ واشيها
إذا أساءت إلى الآدابِ مملَكةٌ / فاصبِر علها فقد قامت نواعيها
إبشر أبا قاسمٍ إنّ العلى لَثَمَت / ثغرَ القوافي وجاءتها تواسيها
في قبةٍ من جلالٍ أنت رافعُها / ورَيوَةٍ من جمالٍ أنتَ كاسيها
لبنان كم للحسن فيك قصيدة
لبنان كم للحسن فيك قصيدة / نثرت مباسمها عليها الأنجم
كيف التفت فجدول متأوّهٌ / تحت الغصونِ وربوةٌ تَتَبسَّمُ
وطنُ الجميع على خدود رياضهِ / تختال فاطمة وتنعم مريم
أكماته البيضاء تحت سمائه / الزرقاء أطفال تنام وتحلمُ
تتقاعد القبلات من أنفاسها / وتمر بالوادي الوديع وتلثِمُ
كيفَ أنساكِ يا خيالاتِ أمسي
كيفَ أنساكِ يا خيالاتِ أمسي / ذكرياتِ الصبا وأحلام نفسي
كيفَ أنسى الأيام صفواً وأُنسا / كيف أنسى
ميُّ هلا ذكَرتِ تلكَ السّنينا / بأبي أنت كيف لا تذكرينا
كم نشقنا تُقىً هناك وقُدساً / كيف أنسى
أفلا تذكرين ذاكَ الغديرا / والأفانينَ حولَهُ والزهورا
والسنونو يحدثُ الماء همسا / كيف أنسى
أفلا تذكرين عند المغيب / يوم وافت سلمى كطيرِ غريب
فأرتنا إذ غابتِ الشمسُ شمسً / كيف أنسى
يوم كنا في الحقل نمرحُ زهوا / وسليمى معنا وهندٌ وسلوى
فصرفنا النهار قطفاً وغرسا / كيف أنسى
يوم كنا نقرا هجاء وكرجا / وسليمى تمحو الأساطِرَ غثنجا
وهي تملي عليّ فسي الحب درسا / كيف أنسى
يوم سمّى الرفاقُ سلمى العَروسا / وأرادوا بأن أكون العريسا
فاعتَقنا وقد جعلناهُ عُرسا / كيف أنسى
كيف أنسى وقد كبِرنا قليلا / وذكرنا ما كان ذكرا جميلا
وعرفنا الدنيا نعيما وبؤسا / كيف أنسى
لستُ أنسى ما عشتُ يومَ الفراقِ / وجراحا حمراً بتلك المآقي
وبُكاها وقولها سوف تنسى / كيف أنسى
من معيدٌ إليّ ذاك الزمانا / ومعيدٌ سلمى إليّ الآنا
لترى أنني وقد متُّ بأسا / لست أنسى
ماذا؟ أحقاً كنت بي تهزئين
ماذا؟ أحقاً كنت بي تهزئين / وكنت في حبك لي تكذبين
لم تخدعيني مطلقاً إنما / نفسك يا هذي التي تخدعين
منعت حبي عنك لكنما / منحت عفوي شيمة الأكرمين
مهلاً فمصباحك لم يأتلق / إلا بما من شعلتي تقبسين
مهلاً فإني مثل ذاك الذي / في عرس قانا أدهش العالمين
صيرت خمراً آسن الماء في / نفسك: خمراً ينعش الشاربين
وليمة كانت لنا في الهوى / أكثرت فيها عدد المعجبين
هل كنت في أبهى ليالي الهوى / أيام كنت فتنة الناظرين
هل كنت إذ ذاك سوى آلة / ألحانها مني ومنها الرنين
أنشدت أحلامي على فارغ / من القلب الذي تحملين
كالنغم الرنان في آلة / فارغة تحت يد الضاربين
إن جاءت الألحان تسبي النهى / فأي فضل عندها تدعين؟
ألم أكن استطيع إنشادها / على الملا من غير ما تذكرين؟
إني الذي أبدع هذا السنا / من عدمٍ..ولم يعش غير حين
لقد كفاني أنني عاشق / وأنني كنت من المؤمنين
والآن سيري في الطريق الذي / شئت فلي أيضاً طريق أمين
سيري ولا تنسي بأن تستري / إن كنت تستحين، ذاك الجبين
مأدبة افرغت كأسي بها / وقمت عنها لا كما تزعمين
ففضلة الكأس التي عفتها / تركتها للخدم الساقطين
لُبْنَانُ هَلْ مَرَّتْ بِخَاطِرَةِ المُنى
لُبْنَانُ هَلْ مَرَّتْ بِخَاطِرَةِ المُنى / وتَخَيُّلِ المُتَشائِمِ المُتَمادي
أَيَّامَ وَكْرُكَ في النُّسُرِ مُقَدَّسٌ / حُرُّ الجَوانِحِ بارِزُ المِنْقادِ
أيَّامَ يَضْطَجِعُ الخَيَالُ على الرُّبى / مُسْتَأثِراً مِنْ زَهْرِها بِوِسادِ
وَ النَّبْعُ يَضْحَكُ لِلْمَزَارِعِ وَالجَنَى / وَيَكادُ يَلْثُمُ مِنْجَلَ الحُصَّادِ
وَسَماكَ صَافِيَةٌ وَبَيْتُكَ ضَاحِكٌ / وحَشَاكَ رَاوِيَةٌ وَجَارُكَ صَادِ
لُبنانُ هَلْ مَرَّتْ بِخَاطِرَةِ المُنى / وَتَوَهُّمِ الآباءِ وَالأَجْدَادِ
أَنَّ الأُلى غَذَّى الخَيَالَ هَواهُمُ / رِيشاً على وَكْرٍ وَحُلْمَ حَصَادِ
فَطَموا عَنِ الحُبِّ القُلوبَ وغَادَرَوا / عَيْنَ المُحِبِّ لِدَمْعَةٍ وَ سُهادِ
وَتَنَكَّروا بَعْدَ التَّدَلُّهِ في الهَوَى / وَشِكايَةِ السُّقَمَاءِ لِلْعُوَّادِ
أَنَا في شِمَالِ الحُبِّ قَلْبٌ خافِقٌ / وَعَلى يَمِين الحَقِّ طَيْرٌ شَادِ
غَنَّيْتُ ، لِلْشَّرقِ الجَريحِ ، وفي يَدِي / مَا في سَمَاءِ الشَّرْقِ مِنْأَمْجَادِ
فَمَزَجْتُ دَمْعَتَهُ الحَنُونَ بِدَمْعتي / ونَقَشْتُ مِثلَ جِراحِهِ بِفُؤَادي
وَرَدَتْ مَنَاهِلَها الشُّعُوبُ إلى الْعُلى / فَمَتى أَرَى لُبْنانَ في الوُرَّادِ
أيها الأغنياء إن غناكم
أيها الأغنياء إن غناكم / شيّدته سواعد الفقراءِ
القصور التى تقيمون فيها / من بناها لكم سوى الفقراء
والطعام الذي تلذون من هم / صانعوه لكم سوى الفقراء
والرياحين في الجنائن من هم / غارسوها لكم سوى الفقراء
والحليب الذي رضعتم صغارا / كان من صدر معظم الفقراء
أيهاذا الجراد زادُكَ مبذولٌ / فأطبِق بالعشبة الخضراء
إهبط الحقل والتهم ما تراهُ / وانشر الموت فهو عدلُ جزاء
أنشرِ الموت ما استطعتَ / فلا تبقى ولا يبقى بعدنا ذو ثراء
ساعدوا الحربَ والجرادَ علينا / نحن نحيا بمعجزات السماء
لا تقولوا وساوس من فقير / دوّخته طوارق الأرزاء
إن للفقر ثورة لو علمتم / تسبح الناس دونها في الدماء
لبنان عيد ما أرى أم مأتم
لبنان عيد ما أرى أم مأتم / لله أنت وجرحك المبتسم
عصروا دموعك وهي جمر لاذع / يتنورون بها وصحبك مظلم
قل للرئيس إذا أتيت نعيمه / إن يشق رهطك فالنعيم جهنم
أيطوف الساقي هنا بكؤوسه / ويزمجر الجابي هناك ويرزم
تعرى الصدور هنا على قبل الهوى / وهناك عارية تنوح وتلطم
والكهرباء هنا تشع شموسها / وسراج أكثر من هناك الأنجم ..
لبنان يا بلد الذاجة والوفا / حلم .. وهل غير الطفولة يحلم
هذا حصيرك والحبيبات التي / كانت غذاءك واللحاف المبهم
بيعت لتهرق في الكؤوس مدامة / هي - لا روتهم - أنفس تتألم
لبنان يا بلد السذاجة والوفا / حلم .. وهل غير الطفولة يحلم
كبر الزمان ولا تزال كأمسه / فعساك تكبر أو لعلك تفطم
زمن به تشقي الفضائل أهلها / ألصدق يقتل والمرؤة تعدم
لبنان شاعرك الذي غاضبته / ترك العتاب وقد أتاك يسلم
صداحك الشادي على هضباته / كم معبد في عوده يترنم
هو في كلا حاليك أنت غرامهُ / وعلى كلا حاليه ذاك المغرمُ
يا عيوناً أوحَت إلينا الغَراما
يا عيوناً أوحَت إلينا الغَراما / أجنوناً سقيتنا ام مداما
آيةُ الحبّ أن تضلّي ربيعاً / لفؤادي وأن يظَلّ هُياما
أيها الدوح دوح دمّر إني / لستُ أنسى تلكَ الليالي اليتامى
يا بساطَ الهوى ويا وترَ الشعر / سلاماً ويا شقيق الندامى
سألتني وكفّها فوقَ قلبي / عمرَكَ الله هل تُحِبُّ الشآما؟
قلتُ حبّا زَقَّ الحمامَةِ للفَرخِ / فلم لا تكون ذاك الحماما
حكمة الدهر أن نعيش سكارى
حكمة الدهر أن نعيش سكارى / فاجمعا لي الكؤوس والأوتارا
واجلواها دُنْياً ممتعة الحس / ن كما تجلوان احدى العذارى
هي كالورد تحمل الشوق والعط / ر وان خيّر اللبيبُ اختارا
انما ذاك يرفع الصوت في النا / دي وهذا يلقي عليها ستارا
فانهب العيش لا أبالك نهباً / واطرح عنك وجهك المتسعارا
لست مهما عُمرتَ غير جناح / حطّ في الدّوح لحظة ثم طارا
هبك جبران يلبس الأدب السحر / فيأتى بالمعجزات كبارا
يغسل الأنفس الجريحة بالدمع / فيكسو تلك الجراح افترارا
يسكب النفس والبيان على / الطرس فيطوى على الظلام افترارا
يرسل الفكرة النقية عذرا / ء ويرخى الضحى عليها إزارا
يتعلى حتى يجوز مدى الوهم / وحتى يهتك الأسرارا
أفترجو شفيت من مرض الغفلة / أن يضفروا لرأسك غارا
هبك جبران وهو إنجيل هذا / العصر فاضت آياته أنوارا
ذلك الإرث من فلاسفة الأجيال / حابت به الحظوظ نزارا
ذلك الجدول الذى يملأ الوادى / اخضرارا والضفتين ازدهارا
تستحم النفوس فيه فلا / تبرح إلا جوانحاً أطهارا
وتود النجوم لو سمر / الليل فظلت لشجوه سمارا
هبك جبران يرسم الفكر ألواحا / تطوف العقول فيها سكارى
تَتَنَزّى أرواحها خلَلَ الخطِ / كما ثار في الحديد الأسارى
ولكادت لروعة الفن ترفض / وراحت تشق عنها الإطارا
يبعث الدارجين في الأعصر الغبر / وكانوا على رحاها غبارا
فإذا هم مواثل نفضوا الأرماس / عنهم ومزقوا الأدهارا
مت إذا شئت أن تكون أديبا / أو فبدّل بغَيرِ لبنان دارا
بلد قسمت حظوظ بنيه / فأصبنا من بيضها الأصفارا
أنفاً للبلاد أن تحمل العارَ / رضينا أن نعتب الأقدارا
ليس ما ترشح الشفاه ابتساما / لو تاملت بل جراحا حرارا
أيها العبقريّ يا شرف الأرز / كفى الأرز إن ذكرت فخارا
ويح لبنان كلما ذر نجم / فيه ولى عن أفقه وأنارا
ضمك الأرز فكرة وترابا / ليته ضم غصنهُ والهزارا
يا قطعةً من كبدى
يا قطعةً من كبدى / فداك يومي وغَدى
وداد يا أنشودتى البكرَ / ويا شعرى الندى
يا قامة من قصب / السّكّر رخصَ العقد
حلاوةٌ مهما يزد / يوم عليها تَزِدِ
توقدّى فى خاطرى وصَفّقى وغَرّدى / تستيقظ الأحلام في نفسى وتسقيها يدى
رفّى على الناّدى وقُولى اليومَ عيدُ مَولدى / عشرونَ قل للشمس لا تبرحْ وللدهرِ اجمَدِ
عشرون يا ريحانةً في أَنملى مبدّد / عشرون هلل يا ربيع للصِبّا وعيّدِ
وبشّر الزهر بأخت الزّهْرِ واطربْ وانشدِ / وانقل إِلى الفَرقَدِ ما نمنمتهُ عن فَرْقَدى
لبنان ما لك إن غمزتك تغضب
لبنان ما لك إن غمزتك تغضب / أيجد غيرك في الحياة وتلعب
إني هززتك في البلاء فلم أجد / عزماً يفل ولا إباء يغضب
أما الشعوب فقد تألف شملها / فمتى يؤلف شعبك المتشعب
نضيت موارده وجف أديمه / وتقلص الريان والمُعْشَوْشِبْ
كم مورد لك في السراب وغصة / أرأيت كيف يغص من لا يشرب
يا ليالي الجهاد ما أنت إلا
يا ليالي الجهاد ما أنت إلا / ذكريات يسوغها الفكر نهلا
كبقايا حلم علقن بذيل الليل / حتى أطل فجر فجلى
أو كصمصامة تكشف الأبطال عنها / ما بين أسرى وقتلى
رقدت في قرابها يبسط النصر عليها / من المعامع ظلا
أو كقيثارة علاها غبار المجد غنت / عرس البطولة قبلا
فاستراحت على جدار من التاريخ / تستعرض المواكب جذلى
قبسة منك يا ليالي فما البدر بأضوا / ولا الصباح بأجلى
اعصفي في النفوس أنشودة الأمس / فتمشي إلى المكارم عجلى
نشء لبنان هذه راية الأرز / فإما الفداء بالنفس أو لا
قم نخشن منا اليدين فلا / نحصد حقلاً إلا ونزرع حقلا
الأكف اللذان من شغف الغيد / فحدد منهن للحق نصلا
شقيت أمة إذا الجد ناداها / تلوت على الأسرة كسلى
أي فتى الأرز هب نستبق الفجر / بفجر من ناظريك أطلا
أغل مهر العلى إذا كنت شهماً / هان من نام في الطريق وذلا
قف في ربى الخلد واهتف باسم شاعره
قف في ربى الخلد واهتف باسم شاعره / فسدرة المنتهى أدنى منابره
وامسح جبينك بالركن الذي انبلجت / أشعة الوحي شعراً من منائره
إلهة الشعر قامت عن ميامنه / وربة النثر قامت عن مياسره
والحور قصت شذوذاً من غدائرها / وأرسلتها بديلاً من ستائره
أتراب مريم تلهو في خمائله / ورهط جبريل يحبو في مقاصره
والملهمون بنو هومير ما تركوا / لما أهل لهم سجعاً لطائره
قال الملائك : من هذا ؟ فقيل لهم : / هذا هوى الشرق هذا ضوء ناظره
هذا الذي نظم الأرواح فانتظمت / عقداً من الحب سلك من خواطره
هذا الذي رفع الأهرام من أدب / وكان في تاجها أغلى جواهره
هذا الذي لمس الآلام فابتسمت / جروحها ثم ذابت في محاجره
كم في ثغور العذارى من بوارقه / وفي جفون اليتامى من مواطره
سل جنة الخلد كم ودت أزهارها / لو استحالت عبيراً في مجامره
وصادح الطير لو سالت حناجرها / مع الصباح نشيداً في مزاهره
والزهر لو كن أزراراً مفضضة / على الذيول الضوافي من مآزره
ما بلدة سعدت بالنهر يغمرها / بكل أزهر حالي العود ناضره
بالبلبل المتغني في ملاعبه / والسنبل المتثني في غدائره
بالحقل ترعى به القطعان هانئة / والنحل يرضع من ثديي أزاهره
يستقبل الفجر أهلوها بغرته / ويغرقون الليالي في سرائره
ناموا على سرر الأعراس وانتبهوا / على صباح بكي الطرف غائره
على مآتم من طير ومن شجر / خرساء كالقبر غرقى في دياجره
يا للرزية غال النهر غائله / وغار في لهوات من هواجره
فلا الصباح ضحوك في شواطئه / ولا المساء لعوب في جزائره
وأسلم الزهر أجياداً منضرة / للشوك جفت على دامي أظافره
والناس في غمرة عمياء لا وتر / لناشديه ، ولا نجم لسامره
ما الخطب بالنهر مجرى الروح في بلد / فرد رقيق حواشي الذكر دائره
كالخطب يدوي له كون بجملته / إذا أصاب الردى شعباً بشاعره
ما للملاعب في لبنان مقفرة / وللمناهل عطلاً من حرائره
وللمآذن في الفيحاء كاسفة / كخاشع السرو في داجي مقابره
وللأصائل والأسحار أثخنها / عات من الريح إرهاقاً بحافره
وللجداول أنات مجرحة / كأنها حمل في كف ناحره
وللندى في الثرى جهش ووسوسة / كأنها همسات في ضمائره
أودى القريض فللأحزان ما لبست / على سليل الدراري من عباقره
شوقي أتذكر إذ عاليه موعدنا / نمنا وما نام دهر عن مقادره
وأنت تحت يدي الآسي ورأفته / وبين كل ضعيف القلب خائره
ولابتسامتك الصفراء رجفتها / كالنجم خلف رقيق من ستائره
ونحن حولك عكاف على صنم / في الجاهلية ماضي البطش قاهره
سألتنيه رثاء خذه من كبدي / لا يؤخذ الشيء إلا من مصادره
تغرب الحسن والإحسان فالتمسا / وجهاً من الأرض هشاشاً لزائره
لا يستوي المجد إلا في مفارقه / ولا يصفق إلا في ضفائره
ما غادرا بلداً إلا إلى بلد / والحر يلهب من خدي مسافره
حتى أطلا على مصر فراعهما / ما زخرَفَ النيلُ من إبداع ساحره
فألقيا بعصا الترحال واعتصما / بضفتيه وهاما في حواضره
فأطعم الجود من كفي قساوره / وأشرب الحسن من عيني جآذره
يا مصر ما انفتحت عين على حسن / إلا وأطلعتِ ألفاً من نظائره
ولا تفتقت الأفكار عن أدب / إلا وأنبَتِّ روضاً من بواكره
لبنان يا مصر مصر في مطامحه / كما علمت ومصر في مفاخره
هل كان قلبك إلا في جوانحه / أو كان دمعك إلا في محاجره
أو كان منبت مصر غير منبته / أو كان شاعر مصر غير شاعره
قيثارة النيل كم غنيت قافية / في مسمع الدهر مسراها وخاطره
لو عاد فرعون كانت من ذخائره / أو ختم الخلد كانت في خناصره
أنا ساهرٌ والكونُ نامَ
أنا ساهرٌ والكونُ نامَ / وكلّ ما في الكونِ نام
حتى نجوم الأفق / نامت فوق طيّات الغمام
نام الجميع ومقلتي / يقظى تجول مع الظلام
أنا ساهر وجبال لبنان / عليها الصمت حام
خلع الجلال على / مناكبها مواهبه الجسام
وتخالها إذ صعدت / في الجو مراداً عظام
صمتت لدن برَزَ الدجى / فكأن في فمها لجام
أنا ساهرق والسهل في / حضن الطبيعة كالغلام
وكأمّه فتحت ذراعيها / ليهنأ بالمنام
يغفو ويحرسُ ثغرهُ / روح البنفسج والخزام
السهل نام فلا حرامك / ولا هتاف ولا بغام
أنا ساهر والبحر أخرس / لا هدير ولا احتدام
كالمارد الجبار منطرح / على صدر الرغام
فكأنه والرمل إلفا / صبوَةٍ منذ الِطام
فتعانَقا عند المنام / وملء ثغرهما ابتسام
لاحس حتى خلت أن / ساد الحمامُ على الأنام
وحسبتَ أنفاسَ الورى / سجنت بأقفاص العظام
صمتٌ يقُزّك فيه خبّ / النمل في ملمس الرخام
ما أعظم الضوضاء يحدثها / فؤاد المستهام
إذ راح يخفق وحده / خفقان أجنحةِ الحمام
في ذلك الصمت الرهيب / وذلك الليلِ الجهام
هلِ الغناءُ إذا جرّحتِ آهته
هلِ الغناءُ إذا جرّحتِ آهته / سوى تهلهُلِ أضواءٍ وأبرادِ
كأنه موجة بيضاء ناعمةٌ / يمشي الشراع بها في بحرهِ الهادي
تأوي الأغاريد منه حين ترسله / إلى وريف نَدِيّ الظلّ مدّاد
وينثر الروض سكرانا براعمهُ / كألسن الطير شقت نصف منقاد
من ذا سقى الروض ما هذا الفتونُ به / فلستُ أبصر فيه غير مياد
كأن أغصانه لما برزت لها / سربلإ من الحور في أثواب أعياد
يكاد يفتن مثلي ثغر وردته / فيخطف اللحن قبلي من فم الشادي
أتركتَ بعدك نشوةً للراح
أتركتَ بعدك نشوةً للراح / يا ذاهباً ببشاشةِ الأفراحِ
ومهلهلَ الطرفِ الحسانِ كأنها / مرت بلا إثم على الأقداح
شغفَ الربيعُ بها فراح يزفها / لبناته من نرجس وأقاح
أشقيقَ نفسي ما افتقدتُكَ ليلةً / إلا غصصتُ بأدمعي وبراحي
خفّفتَ في أمسي بوارِحَ علّتي / ومسحتَ هاجسَ قلبِيَ الملتاحِ
واليوم يا كأسي شربت بك الأسى / وأدمت ثم عجبت أنيَ صاحِ
فدَتِ المباسِمُ بسمةً في ثغرهِ / منهُ بأكرم دمعة وجراح
إني سكبتُ بها البيان على الطلا / في عزلتي وجعلتها مصباحي
هي نجمةُ الساري إذا عبَسَ الدجى / في وجهه ومنارةُ الملاح
لستَ تدري ولا أنا منكَ أدري
لستَ تدري ولا أنا منكَ أدري / فعلام الخصامُ فالسلمُ أحرى
رُبّ سرٍّ طوتهُ ظاهرةٌ حمقاء / يطوي البسيط برا وبحرا
وبوالي حقائِقَ الأمس تهديما / ويبني على حقائق أخرى
ليسَ من يقرأ الصحائفَ في الكتبِ / كمن في صحائف الكون يقرا
أجهلُ الناس مدّعٍ يحسَبُ العلمَ / كتاباً ويحسَبُ الفنّ سطرا
ويحَ هذي العقول لم تُصِبِ / الرمية يوما إلا لتخطىء عشرا
دون ما تبتغيه من كنه هذا / الكون سر فيه الجواب استقرا
سمه الضفّةَ التي يعبرُ الأحياء / منها أو سمّ ذلك جسرا
سمّه المصنعَ الذي يفعلُ التحليل / في جوفهش عجائبَ كبرى
يتلقّى الأجسام وهيَ جمادٌ / ثم يعطيكها حياةص وفكرا
سمه المرقمَ العجيب الذي ما / انفكّ يمحو سطراً ويُثبشتُ سطرا
سمّه المعوَلَ المطلسَمَ لا / يرجىء حفرا ولا يؤخّر طمرا
سمه الهازىء العظيم إذا / راقك أو سمه إذا شئت قبرا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025