القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عُمَر بنُ أَبي رَبِيعة الكل
المجموع : 419
أَرِقتُ فَلَم أَنَم طَرَبا
أَرِقتُ فَلَم أَنَم طَرَبا / وَبِتُّ مُسَهَّداً نَصِبا
لَطَيفِ أَحَبِّ خَلقِ اللَ / هِ إِنساناً وَإِن غَضِبا
إِلى نَفسي وَأَوجَهِهِم / وَإِن أَمسى قَدِ اِحتَجَبا
وَصَرَّمَ حَبلَنا ظُلماً / لِبَلغَةِ كاشِحٍ كَذَبا
فَلَم أَردُد مَقالَتَها / وَلَم أَكُ عاتِباً عَتِبا
وَلَكِن صَرَّمَت حَبلي / فَأَمسى الحَبلُ مُنقَضِبا
راعَ الفُؤادَ تَفَرُّقُ الأَحبابِ
راعَ الفُؤادَ تَفَرُّقُ الأَحبابِ / يَومَ الرَحيلِ فَهاجَ لي أَطرابي
فَظَلَلتُ مُكتَإِباً أُكَفكِفُ عَبرَةً / سَحّاً تَفيضُ كَواشِلِ الأَسرابِ
لَمّا تَنادَوا لِلرَحيلِ وَقَرَّبوا / بُزلَ الجِمالِ لِطِيَّةٍ وَذَهابِ
كادَ الأَسى يَقضي عَلَيكَ صَبابَةً / وَالوَجهُ مِنكَ لِبَينِ إِلفِكِ كابِ
يَقولونَ أَنّي لَستُ أَصدُقُكِ الهَوى
يَقولونَ أَنّي لَستُ أَصدُقُكِ الهَوى / وَإِنِّيَ لا أَرعاكِ حينَ أَغيبُ
فَما بالُ طَرفي عَفَّ عَمّا تَساقَطَت / لَهُ أَعيُنٌ مِن مَعشَرٍ وَقُلوبُ
عَشِيَّةَ لا يَستَنكِرُ القَومُ أَن يَرَوا / سَفاهَ حِجىً مِمَّن يُقالُ لَبيبُ
تَرَوَّحَ يَرجو أَن تُحَطَّ ذُنوبُهُ / فَآبَ وَقَد زادَت عَلَيهِ ذُنوبُ
وَما النُسكُ أَسلاني وَلَكِنَّ لِلهَوى / عَلى العَينِ مِنّي وَالفُؤادِ رَقيبُ
مَن لِعَينٍ تُذري مِنَ الدَمعِ غَربا
مَن لِعَينٍ تُذري مِنَ الدَمعِ غَربا / مُعمَلٍ جَفنُها اِختِلاجاً وَضَربا
مُعمَلٍ جَفنُها لِذِكرَةِ إِلفٍ / زادَهُ الشَوقُ وَالصَبابَةُ كَربا
لَو شَرَحتِ الغَداةَ يا هِندُ صَدري / لَم تَجِد لي يَداكِ يا هِندُ قَلبا
فَاِعذِريني إِن كُنتُ صاحِبَ عُذرٍ / وَاِغفِري لي إِن كُنتُ أَذنَبتُ ذَنبا
لَو تَحَرَّجتِ أَو تَجَرَّمتِ مِنّي / ما تَباعَدتِ كُلَّما اِزدَدتُ قُربا
فَصِلي مُغرَماً بِحُبَّكِ قَد كا / نَ عَلى ما أَولَيتِهِ بِكِ صَبّا
ذَكَرَ القَلبُ ذُكرَةً
ذَكَرَ القَلبُ ذُكرَةً / مِن نِساءٍ غَرائِبِ
خُدَلِ السوقِ رُجَّحٍ / ناعِماتِ الحَقائِبِ
رُبَّ لَهوٍ لَهَوتُهُ / بِجِوارٍ رَبائِبِ
لَيسَ في ذاكَ مَحرَمٌ / وَإِلَهِ المَغارِبِ
غَيرَ أَنّا نَشفي الصُدو / رَ بِذَروِ التَعاتُبِ
قُلتُ لَمّا لَقيتُها / مَرحَباً بِالمُجانِبِ
أَنعَمَ اللَهُ بِالحَبي / بِ القَريبِ المُعاتِبِ
أَنتِ أَشهى إِلَيَّ مِن / صَوبِ مُزنِ السَحائِبِ
إِنَّما أَنتِ ظَبيَةٌ / مِن إِكامٍ عَشائِبِ
أَو هِلالٌ بَدا لَنا / وَسطَ زُهرِ الكَواكِبِ
لَيتَ لي مِن طِلابِكُم / أَنَّني لَم أُطالَبِ
خُلَّتي لَو بِكُم كَما / بي إِذاً لَم نُراقِبِ
في هَوانا مَن غَشَّكُم / بِحَديثِ الكَواذِبِ
خُذي حَدِّثينا يا قُرَيبُ الَّتي بِها
خُذي حَدِّثينا يا قُرَيبُ الَّتي بِها / أَهيمُ فَما تَجزي وَما تَتَحَوَّبُ
أُشَوَّقُ أَن تَنأى بِنائِلَةَ النَوى / وَهَل يَنفَعَنّي قُربُها لَو تَقَرَّبُ
فَإِن تَتَقَرَّب يُسكِنِ القَلبَ قُربُها / كَما النَأيُ مِنها مُحدِثُ الشَوقِ مُنصِبُ
فَهَل تُجزِيَنّي أُمُّ بِشرٍ بِمَوقِفي / عَلى النَخلِ يَومَ البَينِ وَالعَينُ تَسكُبُ
وَإِنّي لَها سِلمٌ مُسالِمُ سِلمِها / عَدُوٌّ لِمَن عادَت بِها الدَهرَ مُعجَبُ
أَبَيني اِبنَةَ التَيميِّ فيمَ تَبَلتِهِ / عَشِيَّةَ لَفَّ الهاجِمينَ المُحَصَّبُ
خُذي العَقلَ أَو مِنّي وَلا تَمثُلي بِهِ / وَفي العَقلِ دونَ القَتلِ لِلوِترِ مَطلَبُ
مَبيتُنا جانِبُ البَطحاءِ مِن شَرَفٍ
مَبيتُنا جانِبُ البَطحاءِ مِن شَرَفٍ / لِحافُنا دونَ وَقعِ القَطرِ جِلبابُ
مُبَطَّنٌ بِكِساءِ القَزِّ لَيسَ لَنا / إِلّا الوَليدَةَ وَالنَعلَينِ أَصحابُ
ثُمَّ المَطِيَّةُ بِالبَطحاءِ يَضرِبُها / واهي العُرى مِن نَجاءِ الدَلوِ سَكّابُ
خَليلَيَّ عَوجا حَيِّيا اليَومَ زَينَبا
خَليلَيَّ عَوجا حَيِّيا اليَومَ زَينَبا / وَلا تَترُكاني صاحِبَيَّ وَتَذهَبا
إِذا ما قَضَينا ذاتَ نَفسٍ مُهِمَّةٍ / إِلَيها وَقَرَّت بِالهَوى العَينُ فَاِركَبا
أَقولُ لِواشٍ سالَني وَهوَ شامِتٌ / سَعى بَينَنا بِالصَرمِ حيناً وَأَجلَبا
سُؤالَ اِمرِئٍ يُبدي لَنا النُصحَ ظاهِراً / يَجِنُّ خِلالَ النُصحِ غِشّاً مُغَيَّبا
عَلى العَهدِ سَلمى كَالبَريءِ وَقَد بَدا / لَنا لا هَداهُ اللَهُ ما كانَ سَبَّبا
نُعاني لَدَيها بَعدَما خِلتُ أَنَّهُ / لَهُ الوَيلُ عَن نَعتي لَدَيها قَد اِضَرَبا
فَإِن تَكُ سَلمى قَد جَفَتني وَطاوَعَت / بِعاقِبَةٍ بي مَن طَغى وَتَكَذَّبا
فَقَد باعَدَت نَفساً عَلَيها شَفيقَةً / وَقَلباً عَصى فيها المُحِبَّ المُقَرَّبا
وَلَستُ وَإِن سَلمى تَوَلَّت بِوُدِّها / وَأَصبَحَ باقي الوُدِّ مِنها تَقَضَّبا
بِمُثنٍ سِوى عُرفٍ عَلَيها فَمُشمِتٍ / عُداةً بِها حَولي شُهوداً وَغُيَّبا
سِوى أَنَّني لا بُدَّ إِن قالَ قائِلٌ / وَذو اللُبِّ قَوّالٌ إِذا ما تَعَتَّبا
فَلا مَرحَباً بِالشامِتينَ بِهَجرِنا / وَلا زَمَنٍ أَضحى بِنا قَد تَقَلَّبا
وَما زالَ بي ما ضَمَّنَتني مِنَ الجَوى / وَمِن سَقَمٍ أَعيا عَلى مَن تَطَبَّبا
وَكَثرَةِ دَمعِ العَينِ حَتّى لَوَ أَنَّني / يَراني عَدُوٌّ شامِتٌ لَتَحَوَّبا
ما بالُ قَلبِكَ عادَهُ أَطرابُهُ
ما بالُ قَلبِكَ عادَهُ أَطرابُهُ / وَلِدَمعِ عَينِكَ مُخضِلاً تَسكابُهُ
ذِكرى تَذَكَّرَها الرَبابُ وَهَمُّهُ / حَتّى يُغَيَّبَ في التُرابِ رَبابُهُ
قالَت لِنائِلَةَ اِذهَبي قولي لَهُ / إِن كانَ أَجمَعَ رِحلَةً أَصحابُهُ
فَليَبقَ بَعدَهُمُ لَدَينا لَيلَةً / فَلَهُ عَلَيَّ بِأَن يُجادَ ثَوابُهُ
قُلتُ اِذهَبي قولي لَها قَد طالَ ما / حُبِسَت لَدَيكِ عَلى الكَلالِ رِكابُهُ
بِتنا بِأَنعَمِ لَيلَةٍ وَأَلَذِّها / لِلنَفسِ ما سَتَرَ الصَباحَ حِجابُهُ
حَتّى إِذا ما الصُبحُ أَشرَقَ ضَوءُهُ / عَن لَونِ أَشقَرَ واضِحٍ أَقرابُهُ
قالَت مُوَكَّلَةٌ بِحِفظِ كَلامِها / لِمُعَلَّمٍ حاطَ النَعيمَ شَبابُهُ
أَخشى عَلَيهِ العَينَ إِن بَصُرَت بِهِ / وَتَرى صَبابَتَنا بِهِ فَتَهابُهُ
إِنَّ النَهارَ وَذاكَ حَقٌّ واضِحٌ / وَاللَيلُ يَخفى بِالظَلامِ رِكابُهُ
أَصبَحَ القَلبُ قَد صَحا وَأَنابا
أَصبَحَ القَلبُ قَد صَحا وَأَنابا / هَجَرَ اللَهوَ وَالصِبا وَالرَبابا
كُنتُ أَهوى وِصالَها فَتَجَنَّت / ذَنبَ غَيري فَما تَمَلُّ العِتابا
فَتَعَزَّيتُ عَن هَواها لِرُشدي / حِنَ لاحَ القَذالُ مِنّي فَشابا
بَعَثَت لِلوِصالِ نَحوي وَقالَت / إِنَّ لِلَّهِ دَرَّهُ كَيفَ تابا
مَن رَسولٌ إِلَيهِ يَعلَمُ حَقّاً / أَجمَعَ اليَومَ هِجرَةً وَاِجتِنابا
إِن لَمِ أَصرِفهُ لِلَّذي قَد هَوَينا / عَن هَواهُ فَلا أَسَغتُ الشَرابا
بَعَثَت نَحوَ عاشِقٍ غَيرِ سالٍ / مَع ثَوابٍ فَلا عَدِمتُ ثَوابا
بِحَديثٍ فيهِ مَلامٌ لِصَبٍّ / موجَعِ القَلبِ عاشِقٍ فَأَجابا
فَأَتاها لِلحينِ يَعدو سَريعاً / وَعَصى في هَوى الرَبابِ الصَحابا
كُنتُ أَعصي النَصيحَ فيكِ مِنَ الوَج / دِ وَأَنهى الخَليلَ أَن يَرتابا
فَاِبتُليتُ الغَداةَ مِنهُ بِشَيءٍ / سَلَّ جِسمي وَعُدتُ شَيئاً عُجابا
ما عَلى الرَسمِ بِالبُلَيَّينِ لَو بَي
ما عَلى الرَسمِ بِالبُلَيَّينِ لَو بَي / يَنَ رَجعَ التَسليمِ أَو لَو أَجابا
فَإِلى قَصرِ ذي العُشيرَةِ فَالطا / ئفِ أَمسى مِنَ الأَنيسِ يَبابا
موحِشاً بَعدَما أَراهُ أَنيساً / مِن أُناسٍ يَبنونَ فيهِ القِبابا
أَصبَحَ الرَبعُ قَد تَغَيَّرَ مِنهُم / وَأَجالَت بِهِ الرِياحُ التُرابا
فَتَعَفّى مِنَ الرَبابِ فَأَمسى ال / قَلبُ في إِثرِها عَميداً مُصابا
وَبِما قَد أَرى بِهِ حَيَّ صِدقٍ / كامِلِ العَيشِ نِعمَةً وَشَبابَ
وَحِساناً جَوارِياً خَفِراتٍ / حافِظاتٍ عِندَ الهَوى الأَحسابا
لا يُكَثِّرنَ في الحَديثِ وَلا يَت / بَعنَ يَنعَقنَ بِالبِهامِ الظِرابا
طَيِّباتِ الأَردانِ وَالنَشرِ عيناً / كَمَها الرَملِ بُدَّناً أَترابا
إِذ فُؤادي يَهوى الرَبابَ وَيَأبى ال / دَهرَ حَتّى المَماتِ يَنسى الرَبابا
ضَرَبَت دوني الحِجابَ وَقالَت / في خَفاءٍ فَما عَيَيتُ جَوابا
قَد تَنَكَّرتَ لِلصَديقِ وَأَظهَر / تَ لَنا اليَومَ هِجرَةً وَاِجتِنابا
قُلتُ لا بَل عَداكِ واشٍ فَأَصبَح / تِ نَواراً ما تَقبَلينَ عِتابا
وَآخِرُ عَهدي بِالرَبابِ مَقالُها
وَآخِرُ عَهدي بِالرَبابِ مَقالُها / أَلَستَ تَرى مَن حَولَنا فَتَرَقَّبا
مِنَ الضَوءِ وَالسُمّارُ فيهِم مُكَذِّبٌ / جَريءٌ عَلَينا أَن يَقولَ فَيَكذِبا
فَقُلتُ لَها في اللَهِ وَاللَيلُ ساتِرٌ / فَلا تَشعَبي إِن تُسأَلي العُرفَ مَشعِبا
فَصَدَّت وَقالَت بَل تُريدُ فَضيحَتي / فَأَحبِب إِلى قَلبي بِها مُتَغَضِّبا
وَباتَت تُفاتيني لَعوبٌ كَأَنَّها / مَهاةٌ تُراعي بِالصَرائِمِ رَبرَبا
فَلَمّا تَقَضّى اللَيلُ إِلّا أَقَلَّهُ / وَأَعنَقَ تالي نَجمِهِ فَتَصَوَّبا
وَقالَت تَكَفَّت حانَ مِن عَينِ كاشِحٍ / هُبوبٌ وَأَخشى الصُبحَ أَن يَتَصَوَّبا
فَجِئتُ مَجوداً بِالكَرى باتَ سَرجُهُ / وِساداً لَهُ يَنحاشُ أَن يَتَقَلَّبا
فَقُلتُ لَهُ أَسرِج نُوائِل فَقَد بَدا / تَباشيرُ مَعروفٍ مِنَ الصُبحِ أَشهَبا
فَأَصبَحتُ مِن دارِ الرَبابِ بِبَلدَةٍ / بَعيدٍ وَلَو أَحبَبتُ أَن أَتَقَرَّبا
لَم يَقضِ ذو الشَجوِ مِمَّن شَفَّهُ أَرَبا
لَم يَقضِ ذو الشَجوِ مِمَّن شَفَّهُ أَرَبا / وَقَد تَمادى بِهِ زَيغُ الهَوى حِقَبا
في إِثرِ غانِيَةٍ لَم تُمسِ طِيَّتُها / إِلّا المُنى أَمَماً مِنّا وَلا صَقَبا
إِذا أَقولُ صَحا عَنها يُعاوِدُهُ / رَدعٌ يَهيجُ عَلَيهِ الشَوقَ وَالطَرَبا
وَالدَمعُ لِلشَوقِ مِتباعٌ فَما ذُكِرَت / إِلّا تَرَقرَقَ دَمعُ العَينِ فَاِنسَكَبا
لَم يُسلِهِ النَأيُ عَنها حينَ باعَدَها / وَلَم يَنَل بِالهَوى مِنها الَّذي طَلَبا
فَهوَ كَشِبهِ المُعَنّى لا يَموتُ وَلا / يَحيا وَقَد جَشَّمَتهُ بِالهَوى تَعَبا
مُرَنَّحُ العَقلِ قَد مَلَّ الحَياةَ وَمَن / يَعلَق هَوى مِثلِها يَستَوجِبِ العَطَبا
سَيفانَةٌ أوتِيَت في حُسنِ صورَتِها / عَقلاً وَخُلقاً نَبيلاً كامِلاً عَجَبا
خَطَرَت لِذاتِ الخالِ ذِكرى بَعدَما
خَطَرَت لِذاتِ الخالِ ذِكرى بَعدَما / سَلَكَ المَطيُّ بِنا عَلى الأَنصابِ
أَنصابِ عَمرَةَ وَالمَطِيُّ كَأَنَّها / قِطَعُ القَطا صَدَرَت عَنِ الأَجبابِ
فَاِنهَلَّ دَمعي في الرِداءِ صَبابَةً / فَسَتَرتُهُ بِالبُردِ دونَ صِحابي
فَرَأى سَوابِقَ عَبرَةٍ مُهراقَةٍ / بَكرٌ فَقالَ بَكى أَبو الخَطّابِ
فَمَريتُ نَظرَتَهُ وَقُلتُ أَصابَني / رَمَدٌ فَهاجَ العَينَ بِالتَسكابِ
لَم تَجزِ أُمُّ الصَلتِ يَومَ فِراقِنا / بِالخَيفِ مَوقِفَ صُحبَتي وَرِكابي
وَعَرَفتُ أَن سَتَكونُ داراً غَربَةً / مِنها إِذا جاوَزتُ أَهلَ حِصابي
وَتَبَوَّأَت مِن بَطنِ مَكَّةَ مَسكِناً / غَرِدَ الحَمامِ مُشَرَّفَ الأَبوابِ
ما أَنسَ لا أَنسى غَداةَ لَقيتُها / بِمِنىً تُريدُ تَحيَّتي وَعِتابي
وَتَلَدُّدي شَهراً أُريدُ لِقائَها / حَذِرَ العَدُوِّ بِساحَةِ الأَحبابِ
تِلكَ الَّتي قالَت لِجاراتٍ لَها / حورِ العُيونِ كَواعِبٍ أَترابِ
هَذا المُغيريُّ الَّذي كُنّا بِهِ / نَهذي وَرَبِّ البَيتِ يا أَترابي
قالَت لِذاكَ لَها فَتاةٌ عِندَها / تَمشي بِلا إِتبٍ وَلا جِلبابِ
قَد كُنتُ أَحسَبُ أَنَّها في غَفلَةٍ / عَمّا يُسَرُّ بِهِ ذَوُو الأَلبابِ
هَذا المَقامُ فَدَيتُكُنَّ مُشَهِّرٌ / فَاِحذَرنَ قَولَ الكاشِحِ المُرتابِ
فَعَجِبنَ مِن ذاكُم وَقُلنَ لَها اِفتَحي / لا شَبَّ قَرنُكِ مَفتَحاً مِن بابِ
قالَت لَهُنَّ اللَيلُ أَخفى لِلَّذي / تَهوَينَ مِن دا الزائِرِ المُنتابِ
شاقَ قَلبي تَذَكُّرُ الأَحبابِ
شاقَ قَلبي تَذَكُّرُ الأَحبابِ / وَاِعتَرَتني نَوائِبُ الأَطرابِ
يا خَليلَيَّ فَاِعلَما أَنَّ قَلبي / مُستَهامٌ بِرَبَّةِ المِحرابِ
عُلِّقَ القَلبُ مِن قُرَيشٍ ثَقالاً / ذاتَ دَلٍّ نَقِيَّةَ الأَثوابِ
رَبَّةً لِلنِساءِ في بَيتِ مَلكٍ / جَدُّها حَلَّ ذِروَةَ الأَحسابِ
شَفَّ عَنها مُرَقَّقٌ جَنَديٌّ / فَهيَ كَالشَمسِ مِن خِلالِ السَحابِ
فَتَراءَت حَتّى إِذا جُنَّ قَلبي / سَتَرَتها وَلائِدٌ بِالثِيابِ
قُلتُ لَمّا ضَرَبنَ بِالسِترِ دوني / لَيسَ هَذا لِعاشِقٍ بِثَوابِ
فَأَجابَت مِنَ القَطينِ فَتاةٌ / ذاتُ دَلٍّ رَقيقَةٌ بِعِتابِ
أَرسِلي نَحوَهُ الوَليدَةَ تَسعى / قَد فَعَلنا رِضا أَبي الخَطّابِ
لا تُطِع في قَطيعَةِ اِبنَةِ بِشرٍ / ماجِدَ الخيمِ طاهِرِ الأَثوابِ
فَاِتَّقي ذا الجَلالِ يا أُمَّ عَمروٍ / وَاِحكُمي في أَسيرُكُم بِالصَوابِ
اِفعَلي بِالأَسيرِ إِحدى ثَلاثٍ / فَاِفهَميهِنَّ ثُمَّ رُدّي جَوابي
اُقتُليهِ قَتلاً سَريحاً مُريحاً / لا تَكوني عَلَيهِ سَوطَ عَذابِ
أَو أَقيدي فَإِنَّما النَفسُ بِالنَف / سِ قَضاءً مُفَصَّلاً في الكِتابِ
أَو صِليهِ وَصلاً يُقَرُّ عَلَيهِ / إِنَّ شَرَّ الوِصالِ وَصلُ الكِذابِ
حَيِّ المَنازِلَ قَد تُرِكنَ خَرابا
حَيِّ المَنازِلَ قَد تُرِكنَ خَرابا / بَينَ الجُرَيرِ وَبَينَ رُكنِ كُسابا
بِالثَنيِ مِن مَلِكانِ غَيَّرَ رَسمَها / مَرُّ السَحابِ المُعقِباتِ سَحابا
وَذُيولُ مُعصِفَةِ الرِياحِ فَرَسمُها / خَلَقٌ تُشَبِّهُهُ العُيونُ كِتابا
كَسَتِ الرِياحُ جَديدَها مِن تُربِها / دُقَقاً فَأَصبَحَتِ العِراصُ يَبابا
وَلَقَد أَراها مَرَّةً مَأهولَةً / حَسَناً نَباتُ مَحَلِّها مِعشابا
دارُ الَّتي قالَت غَداةَ لَقيتُها / عِندَ الجِمارِ فَما عَيِيتُ جَوابا
هَذا الَّذي باعَ الصَديقَ بِغَيرِهِ / وَيُريدُ أَن أَرضى بِذاكَ ثَوابا
قُلتُ اِسمَعي مِنّي المَقالَ فَمَن يُطِع / بِصَديقِهِ المُتَمَلِّقَ الكَذّابا
وَتَكُن لَدَيهِ حِبالُهُ أُنشوطَةً / في غَيرِ شَيءٍ يَقطَعِ الأَسبابا
إِذ كُنتِ حاوَلتِ العِتابَ لِتَعلَمي / ما عِندَنا فَلَقَد أَطَلتِ عِتابا
أَو كانَ ذَلِكَ لِلبِعادِ فَإِنَّما / يَكفيكِ ضَربُكِ دونَنا الجِلبابا
وَأَرى بِوَجهِكِ شَرقَ نورٍ بَيِّنٍ / وَبِوَجهِ غَيرِكِ طَخيَةً وَضَبابا
أَمسى صَديقُكِ مِمّا قُلتِ قَد غَضِبوا
أَمسى صَديقُكِ مِمّا قُلتِ قَد غَضِبوا / لا بَل أَدَلّوا فَأَهلٌ أَن هُمُ عَتَبوا
لا تَسمَعِنَّ كَلامَ الكاشِحينَ كَما / لَم أَستَمِع بِكِ ما قالوا وَما هَضَبوا
نَثّوا أَحاديثَ لَم أَسمَع تَحاوُرَها / وَزادَ فيها رِجالٌ غَيظَنا قَرِبوا
إِن تَعدُنا رِقبَةٌ إِذ نَأتِ غَيرَكُمُ / فَأَنتِ أَوجَهُ مَن يُنأَى وَيُجتَنَبُ
لِلناسِ فَضلُكِ في حُسنِ الصَفاءِ وَفي / صِدقِ الحَديثِ وَشَرُّ الخُلَّةِ الكَذِبُ
وَأَنتِ هَمِّيَ في أَهلي وَفي سَفَري / وَفي الجُلوسِ وَفي الرُكبانِ إِن رَكِبوا
وَأَنتِ قُرَّةُ عَيني إِن نَوىً نَزَحَت / وَمُنيَتي وَإِلَيكِ الشَوقُ وَالطَرَبُ
أَرِقتُ وَلَم يُمسِ الَّذي أَشتَهى قُربا
أَرِقتُ وَلَم يُمسِ الَّذي أَشتَهى قُربا / وَحُمِّلتُ مِن أَسماءَ إِذ نَزَحَت نُصبا
لَعَمرُكِ ما جاوَرتَ غُمدانَ طائِعاً / وَقَصرَ شَعوبٍ أَن أَكونَ بِها صَبّا
وَلَكِنَّ حُمّى أَضرَعَتني ثَلاثَةً / مُجَرَّمَةً ثُمَّ اِستَمَرَّت بِنا غِبّا
وَحَتّى لَوَ أَنَّ الخُلدَ يُعرَضُ إِن مَشَت / إِلى البابِ رِجلي ما نَقَلتُ لَها إِربا
وَمَصرَعَ إِخوانٍ كَأَنَّ أَنينَهُم / أَنينُ مُكاكي فارَقَت بَلَداً خِصباً
فَإِنَّكِ لَو أَبصَرتِ يَومَ سُوَيقَةٍ / مُقامي وَحَبسي العيسَ دامِيَةً حُدبا
إِذاً لَاِقشَعَرَّ الرَأسُ مِنكِ صَبابَةً / وَلَاِستَفرَغَت عَيناكِ مِن عَبرَةٍ سَكبا
أَلَستُ أَرى ذا وُدِّكُم فَأَوَدَّهُ / وَأُكرِمُ إِن لاقَيتُ يَوماً لَكُم كَلبا
أَرى أُمَّ عَبدِ اللَهِ صَدَّت كَأَنَّني / بِما فَعَلَ الواشي جَنَيتُ لَها ذَنبا
فَلا تَسمَعي مِن قَولِ مِن وَدَّ أَنَّني / وَإِيّاكِ نُمسي ما نَحَلُّ بِهِ جَدبا
إِنّي وَأَوَّلَ ما كَلِفتُ بِحُبِّها
إِنّي وَأَوَّلَ ما كَلِفتُ بِحُبِّها / عَجِبٌ وَهَل في الحُبِّ مِن مُتَعَجَّبِ
نُعِتَ النِساءُ فَقُلتُ لَستُ بِمُبصِرٍ / شَبهاً لَها أَبَداً وَلا بِمُقَرِّبِ
وَلَقَد تَرَكنَ حَزازَةً في قَلبِهِ / مِنها بِحَقٍّ أَو حَديثِ المُهرِبِ
فَمَكَثنَ حيناً ثُمَّ قُلنَ تَوَجَّهَت / لِلحَجِّ مَوعِدِها لِقاءُ الأَخشَبِ
أَقبَلتُ أَنظُرُ ما زَعَمنَ وَقُلنَ لي / وَالقَلبُ بَينَ مُصَدِّقٍ وَمُكَذِّبِ
فَلَقَيتُها تَمشي تَهادى مَوهِناً / تَرمي الجِمارَ عَشِيَّةً في مَوكِبِ
غَرّاءُ يُعشي الناظِرينَ بَياضُها / حَوراءُ في غَلواءِ عَيشٍ مُعجِبِ
فَتَأَمَّلَت عَيناكَ فيكَ وَإِنَّما / زَورُ المَنِيَّةِ لِاِبنِ آدَمَ يَصحَبِ
إِنَّ الَّتي مِن أَرضِها وَسَمائِها / جُلِبَت لِحَينِكَ لَيتَها لَم تُجلَبِ
لَعَمري لَقَد بَيَّنتُ في وَجهِ تُكتَمٍ
لَعَمري لَقَد بَيَّنتُ في وَجهِ تُكتَمٍ / غَداةً تَلاقَينا التَجَهُّمَ وَالغَضَب
بِلا يَدِ سَوءٍ كُنتُ أَزلَلتُ عِندَها / وَلا بِحَديثٍ نُثَّ عَنّي فَيا عَجَب
وَإِنّي لَمَصرومٌ إِذا قالَ كاشِحٌ / فَوافَقَ يَوماً بَعضُ ما قالَ أَو كَذَب
فَمِلآنَ يَثنِ الصَبرُ نَفسِيَ أَو تَمُت / إِذا اِنبَتَّ حَبلٌ مِن حِبالِكِ فَاِنقَضَب
فَما إِن لَنا في أَهلِ مَكَّةَ حاجَةٌ / سِواكِ وَإِن قَضَّيتِ مِن وَصلِنا الأَرَب
وَقَولي لِنِسوانٍ لَحَينَكِ في الهَوى / إِذا عَقلُ إِحداهُنَّ مِن وَصلِنا عَزَب
أَجِئنا الَّذي لَم يَأتِهِ الناسُ قَبلَنا / فَقَبلي مِنَ النِسوانِ وَالناسِ مَن أَحَب

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025