القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : البُحْتُري الكل
المجموع : 933
كَأَنَّ تَشَكِّيَ السَفرِ الحَيارى
كَأَنَّ تَشَكِّيَ السَفرِ الحَيارى / عَويلُ ضَرائِرٍ باتَت غَيارى
نُعيرُ القُفصَ وَالبَردانَ شَوقاً / نَضَنُّ بِهِ عَلى بِنَّي وَبارى
نُرَجّي أَن يُتاحَ لَنا مَسيرٌ / كَما تَرجو المُفاداةَ الأَسارى
إِذا سَمَحَ الوَزيرُ لَنا بِإِذنٍ / تَعَرَّضَ فيهِ دَجّالُ النَصارى
تَرى العِذيوطَ يَمنَعَني طَريقي / إِذا كَلَّفتُهُ وَخدَ المَهارى
مُنيتُ بِأَوضَعِ الثَقَلَينِ قَدراً / فَيا هُلكى هُناكَ وَيادَمارى
بِأَضرَطَ حينَ يُصبِحُ مِن حِمارٍ / وَأَسلَحَ حينَ يُمسي مِن حُبارى
وَكَم لَطَخَ الأَحِبَّةَ مِن ثَجيرٍ / تَبيتُ صُحاتُهُم عَنهُ سُكارى
فَواحِشُ لَو تَوافَت عِندَ كَلبٍ / تَخَفّى الكَلبُ خِزياً أَو تَوارى
يُصَلِّبُ مِن شَناعِتِها دَميصاً / وَتَخزى مِن سَماجَتِها تَمارى
عَزمي الوَفاءُ لِمَن وَفى
عَزمي الوَفاءُ لِمَن وَفى / وَالغَدرُ لَيسَ بِهِ خَفا
صِلني أَصِلكَ فَإِن تَخُن / فَعَلى مَوَدَّتِكَ العَفا
جَلَوتُ مِرآتي فَيا لَيتَني
جَلَوتُ مِرآتي فَيا لَيتَني / تَرَكتُها لَم أَجلُ عَنها الصَدا
كَي لا أَرى فيها البَياضَ الَّذي / في الرَأسِ وَالعارِضِ مِنّي بَدا
يا حَسرَتا أَينَ الشَبابُ الَّذي / عَلى تَعَدّيهِ المَشيبُ اِعتَدى
شِبتُ فَما أَنفَكُّ مِن حَسرَةٍ / وَالشَيبُ في الرَأسِ رَسولُ الرَدى
إِنَّ مَدى العُمرِ قَريبٌ فَما / بَقاءُ نَفسي بَعدَ قُربِ المَدى
قُل لِأَهلِ الوُقوفِ موتوا بِغَيظٍ
قُل لِأَهلِ الوُقوفِ موتوا بِغَيظٍ / وَاِبكِ مِما أَقولُهُ يا اِبنَ عيسى
إِن أَرَدتُم أَن تُبصِروا كَيفَ أَنتُم / فَاُنظُروا كَيفَ صارَ وَقفُ اِبنِ موسى
مَن كانَ في الدُنيا لَهُ شارَةٌ
مَن كانَ في الدُنيا لَهُ شارَةٌ / فَنَحنُ مِن نَظّارَةِ الدُنيا
نَرمُقُها مِن كَثَبٍ حَسرَةً / كَأَنَّنا لَفظٌ بِلا مَعنى
أَيُّها الأَعرَجُ المُحَجَّبُ مَهلاً
أَيُّها الأَعرَجُ المُحَجَّبُ مَهلاً / لَيسَ هَذا مِن فِعلِ مَن يَتَمَرّى
ما رَأَينا مُعَلِّماً قَطُّ مَحجو / باً وَلَو أَنَّهُ عَلى مُلكِ كِسرى
قَد رَأَينا عَصاكَ صَفراءَ مَلسا / ءَ مِنَ النَبعِ بَينَ صُغرى وَكُبرى
جَمَعَت خَلَّتَينِ حُسناً وَليناً / لَكَ فيها ظَنّي مَآرِبُ أُخرى
عارَضنَنا أُصُلاً فَقُلنا الرَبرَبُ
عارَضنَنا أُصُلاً فَقُلنا الرَبرَبُ / حَتّى أَضاءَ الأُقحُوانُ الأَشنَبُ
وَاِخضَرَّ مَوشِيُّ البُرودِ وَقَد بَدا / مِنهُنَّ ديباجُ الخُدودِ المُذهَبُ
أَومَضنَ مِن خَلَلِ الخُدورِ فَراعَنا / بَرقانِ خالٌ ما يُنالُ وَخُلَّبُ
وَلَوَ اَنَّني أَنصَفتُ في حُكمِ الهَوى / ماشِمتُ بارِقَةً وَرَأسي أَشيَبُ
وَلَقَد نَهَيتُ الدَمعَ يَومَ سُوَيقَةٍ / فَأَبَت غَوالِبُ عَبرَةٍ ماتُغلَبُ
وَوَراءَ تَسدِيَةِ الوُشاةِ مَلِيَّةٌ / بِالحُسنِ تَملُحُ في القُلوبِ وَتَعذُبُ
كَالبَدرِ إِلّا أَنَّها لا تُجتَلى / وَالشَمسِ إِلّا أَنَّها لا تَغرُبُ
راحَت لِأَربُعِكِ الرِياحُ مَريضَةً / وَأَصابَ مَغناكِ الغَمامُ الصَيِّبُ
سَأَعُدُّ ما أَلقى فَإِن كَذَّبتِني / فَسَلي الدُموعَ فَإِنَّها لا تَكذِبُ
أَعرَضتِ حَتّى خِلتُ أَنّي ظالِمٌ / وَعَتَبتِ حَتّى قُلتُ أَنّي مُذنِبُ
عَجَباً لِهَجرِكِ قَبلَ تَشتيتِ النَوى / مِنّا وَوَصلُكِ في التَنائي أَعجَبُ
كَيفَ اِهتَدَيتِ وَما اِهتَدَيتِ لِمُغمَدٍ / في لَيلِ عانَةَ وَالثُرَيّا تُجنَبُ
عَفَتِ الرُسومُ وَما عَفَت أَحشاؤُهُ / مِن عَهدِ شَوقٍ ما يَحولُ فَيَذهَبُ
أَتَرَكتِهِ بِالحَبلِ ثُمَّ طَلَبتِهِ / بِخَليجِ بارِقَ حَيثُ عَزَّ المَطلَبُ
مِن بَعدِ ما خَلُقَ الهَوى وَتَعَرَّضَت / دونَ اللِقاءِ مَسافَةٌ ما تَقرُبُ
وَرَمَت بِنا سَمتَ العِراقِ أَيانِقٌ / سُحمُ الخُدودِ لُغامُهُنَّ الطُحلُبُ
مِن كُلِّ طائِرَةٍ بِخَمسِ خَوافِقٍ / دُعجٍ كَما ذُعِرَ الظَليمُ المُهذِبُ
يَحمِلنَ كُلَّ مُفَرَّقٍ في هِمَّةٍ / فُضُلٍ يَضيقُ بِها الفَضاءُ السَبسَبُ
رَكِبوا الفُراتَ إِلى الفُراتِ وَأَمَّلوا / جَذلانَ يُبدِعُ في السَماحِ وَيُغرِبُ
في غايَةٍ طُلِبَت فَقَصَّرَ دونَها / مَن رامَها فَكَأَنَّها ما تُطلَبُ
كَرَماً يُرَجّى مِنهُ مالا يُرتَجى / عُظماً وَيوهَبُ فيهِ مالا يوهَبُ
أَعطى فَقيلَ أَحاتِمٌ أَم خالِدٌ / وَوَفى فَقيلَ أَطَلحَةٌ أَم مُصعَبُ
شَيخانِ قَد عَقَدا لِقائِمِ هاشِمٍ / عَقدَ الخِلافَةِ وَهيَ بِكرٌ تُخطَبُ
نَقَضا بِرَأيِهِما الَّذي سَدّى بِهِ / لِبَني أُمَيِّةَ ذو الكَلاعِ وَحَوشَبُ
فَهُما إِذا خَذَلَ الخَليلُ خَليلَهُ / عَضُدٌ لِمُلكِ بَني الوَلِيِّ وَمَنكِبُ
وَعَلى الأَميرِ أَبي الحُسَينِ سَكينَةٌ / في الرَوعِ يَسكُنُها الهِزَبرُ الأَغلَبُ
وَلِحَربَةِ الإِسلامِ حينَ يَهُزُّها / هَولٌ يُراعُ لَهُ النِفاقُ وَيَرهَبُ
تِلكَ المُحَمِّرَةُ الَّذينَ تَهافَتوا / فَمُشَرِّقٌ في غَيِّهِ وَمُغَرِّبُ
وَالخُرَّمِيَّةُ إِذ تَجَمَّعَ مِنهُمُ / بجِبالِ قُرّانَ الحَصى وَالأَثلَبُ
جاشوا فَذاكَ الغَورُ مِنهُم سائِلٌ / دُفَعاً وَذاكَ النَجدُ مِنهُم مُعشِبُ
يَتَسَرَّعونَ إِلى الحُتوفِ كَأَنَّها / وَفرٌ بِأَرضِ عَدُوِّهِم يُتَنَهَّبُ
حَتّى إِذا كادَت مَصابيحُ الهُدى / تَخبو وَكادَ مُمَرُّهُ يُتَقَضَّبُ
ضَرَبَ الجِبالَ بِمِثلِها مِن رَأيِهِ / غَضبانُ يَطعَنُ بِالحِمامِ وَيَضرِبُ
أَوفى فَظَنّوا أَنَّهُ القَدَرُ الَّذي / سَمِعوا بِهِ فَمُصَدِّقٌ وَمُكَذِّبُ
ناهَضتَهُم وَالبارِقاتُ كَأَنَّها / شُعَلٌ عَلى أَيديهُمُ تَتَلَهَّبُ
وَوَقَفتَ مَشكورَ المَكانِ كَريمَهُ / وَالبيضُ تَطفو في الغُبارِ وَتَرسُبُ
ما إِن تَرى إِلّا تَوَقُّدَ كَوكَبٍ / في قَونَسٍ قَد غارَ فيهِ كَوكَبُ
فَمُجَدَّلٌ وَمُرَمَّلٌ وَمُوَسَّدٌ / وَمُضَرَّجٌ وَمُضَمَّخٌ وَمُخَضَّبُ
سُلِبوا وَأَشرَقَتِ الدِماءُ عَلَيهِمُ / مُحمَرَّةً فَكَأَنَّهُم لَم يُسلَبوا
وَلَوَ اَنَّهُم رَكِبوا الكَواكِبَ لَم يَكُن / لِمُجِدِّهِم مِن أَخذِ بَأسِكَ مَهرَبُ
وَشَدَدتَ عَقدَ خِلافَتَينِ خِلافَةً / مِن بَعدِ أُخرى وَالخَلائِفُ غُيَّبُ
حينَ التَوَت تِلكَ الأُمورُ وَرُجِّمَت / تِلكَ الظُنونُ وَماجَ ذاكَ الغَيهَبُ
وَتَجَمَّعَت بَغدادُ ثُمَّ تَفَرَّقَت / شِيَعاً يُشَيِّعُها الضَلالُ المُصحِبُ
فَأَخَذتَ بَيعَتَهُم لِأَزكى قائِمٍ / بِالسَيفِ إِذ شَغِبوا عَلَيكَ فَأَجلَبوا
وَاللَهُ أَيَّدَكُم وَأَعلى ذِكرَكُم / بِالنَصرِ يُقرَأُ في السَماءِ وَيُكتَبُ
وَلَأَنتُمُ عُدَدُ الخِلافَةِ إِن غَدا / أَو راحَ مِنها مَجلِسٌ أَو مَوكِبُ
وَالسابِقونَ إِلى أَوائِلِ دَعوَةٍ / يَرضى لَها رَبُّ السَماءِ وَيَغضَبُ
وَمُظُفَّرونَ إِذا اِستَقَلَّ لِواءُهُم / بِالعِزِّ أَدرَكَ رَبُّهُ ما يَطلُبُ
جَدٌّ يَفوتُ الريحَ في دَرَكِ العُلا / سَبقاً إِذا وَنَتِ الجُدودُ الخُيَّبُ
ما جُهِّزَت راياتُكُم لِمُخالِفٍ / إِلّا تَهَدَّمَ كَهفُهُ المُستَصعَبُ
وَإِذا تَوَثَّبَ خالِعٌ في جانِبٍ / ظَلَّت عَلَيهِ سُيوفُكُم تَتَوَثَّبُ
وَإِذا تَأَمَّلتُ الزَمانَ وَجَدتُهُ / دُوَلاً عَلى أَيديكُمُ تَتَقَلَّبُ
رَحَلوا فَأَيَّةُ عَبرَةٍ لَم تُسكَبِ
رَحَلوا فَأَيَّةُ عَبرَةٍ لَم تُسكَبِ / أَسَفاً وَأَيُّ عَزيمَةٍ لَم تُغلَبِ
قَد بَيَّنَ البَينُ المُفَرِّقُ بَينَنا / عِشقَ النَوى لِرَبيبِ ذاكَ الرَبرَبِ
صَدَقَ الغُرابُ لَقَد رَأَيتُ شُموسَهُم / بِالأَمسِ تَغرُبُ في جَوانِبِ غُرَّبِ
لَو كُنتَ شاهِدَنا وَما صَنَعَ الهَوى / بِقُلوبِنا لَحَسَدتَ مَن لَم يُحبِبِ
شُغِلَ الرَقيبُ وَأَسعَدَتنا خَلوَةٌ / في هَجرِ هَجرٍ وَاِجتِنابِ تَجَنُّبِ
فَتَلَجلَجَت عَبَراتُها ثُمَّ اِنبَرَت / تَصِفُ الهَوى بِلِسانِ دَمعٍ مُعرِبِ
تَشكو الفِراقَ إِلى قَتيلِ صَبابَةِ / شَرِقِ المَدامِعِ بِالفِراقِ مُعَذَّبِ
أَأُطيعُ فيكِ العاذِلاتِ وَكِسوَتي / وَرَقُ الشَبابِ وَشِرَّتي لَم تَذهَبِ
وَإِذا التَفَتُّ إِلى سِنِيَّ رَأَيتُها / كَمَجَرِّ حَبلِ الخالِعِ المُتَصَعِّبِ
عِشرونَ قَصَّرَها الصِبا وَأَطالَها / وَلَعُ العِتابِ بِهائِمٍ لَم يُعتَبِ
ما لي وَلِلأَيّامِ صَرَّفَ صَرفُها / حالي وَأَكثَرَ في البِلادِ تَقَلُّبي
أُمسي زَميلاً لِلظَلامِ وَأَغتَدي / رِدفاً عَلى كَفَلِ الصَباحِ الأَشهَبِ
فَأَكونُ طَوراً مَشرِقاً لِلمَشرِقِ ال / أَقصى وَطَوراً مَغرِباً لِلمَغرِبِ
وَإِذا الزَمانُ كَساكَ حُلَّةَ مُعدِمٍ / فَاِلبَس لَهُ حُلَلَ النَوى وَتَغَرَّبِ
وَلَقَد أَبيتُ مَعِ الكَواكِبِ راكِباً / أَعجازَها بِعَزيمَةٍ كَالكَوكَبِ
وَاللَيلُ في لَونِ الغُرابِ كَأَنَّهُ / هُوَ في حُلوكَتِهِ وَإِن لَم يَنعَبِ
وَالعيسُ تَنصُلُ مِن دُجاهُ كَما اِنجَلى / صِبغُ الشَبابِ عَنِ القَذالِ الأَشيَبِ
حَتّى تَجَلّى الصُبحُ في جَنَباتِهِ / كَالماءِ يَلمَعُ مِن وَراءِ الطُحلُبِ
يَطلُبنَ مُجتَمَعَ العُلا مِن وائِلٍ / في ذَلِكَ الأَصلِ الزَكِيِّ الأَطيَبِ
وَبَقِيَّةَ العُربِ الَّذي شَهِدَت لَهُ / أَبناءُ أُدٍّ بِالفَخارِ وَيَعرُبِ
بِالرَحبَةِ الخَضراءِ ذاتِ المَنهَلِ ال / عَذبِ المَشارِبِ وَالجَنابِ المُعشِبِ
عَطَنِ الوُفودِ فَمُنجِدٌ أَو مُتهِمٌ / أَو وافِدٌ مِن مَشرِقٍ أَو مَغرِبِ
أَلقَوا بِجانِبِها العِصِيِّ وَعَوَّلوا / فيها عَلى مَلِكٍ أَغَرَّ مُهَذَّبِ
مَلِكٌ لَهُ في كُلِّ يَومِ كَريهَةٍ / إِقدامُ غِرٍّ وَاِعتِزامُ مُجَرِّبِ
وَتَراهُ في ظُلَمِ الوَغى فَتَخالُهُ / قَمَراً يَكُرُّ عَلى الرِجالِ بِكَوكِبِ
يا مالِكَ اِبنَ المالِكِيّينَ الأُلى / ما لِلمَكارِمِ عَنهُمُ مِن مَذهَبِ
إِنّي أَتَيتُكَ طالِباً فَبَسَطتَ مِن / أَمَلي وَأَنجَحَ جودُ كَفِّكَ مَطلَبي
فَشَبِعتُ مِن بِرٍّ لَدَيكَ وَنائِلٍ / وَرَويتُ مِن أَهلٍ لَدَيكَ وَمَرحَبِ
وَغَدَوتَ خَيرَ حِياطَةٍ مِنّي عَلى / نَفسي وَأَرأَفَ بي هُنالِكَ مِن أَبي
أَعطَيتَني حَتّى حَسِبتُ جَزيلَ ما / أَعطَيتِنيهِ وَديعَةً لَم توهَبِ
فَلتَشكُرَنَّكَ مَذحِجُ ابنَةُ مَذحِجٍ / مِن آلِ غَوثِ الأَكثَرينَ وَجُندَبِ
وَمَتى تُغالِب في المَكارِمِ وَالنَدى / بِالتَغلِبِيّينَ الأَكارِمِ تَغلِبِ
يُنسيكَ جودَ الغَيثِ جودُهُمُ إِذا / عَثَرَت أَكُفُّهُمُ بِعامٍ مُجدِبِ
قَومٌ إِذا قيلَ النَجاءَ فَما لَهُم / غَيرُ الحَفائِظِ وَالرَدى مِن مَهرَبِ
يَمشونَ تَحتَ ظُبا السُيوفِ إِلى الوَغى / مَشيَ العِطاشِ إِلى بَرودِ المَشرَبِ
حَصَّ التَريكُ رُؤوسَهُم فَرُؤوسَهُم / في مِثلِ لَألاءِ التَريكِ المُذهَبِ
يَتَراكَمونَ عَلى الأَسِنَّةِ في الوَغى / كَالصُبحِ فاضَ عَلى نُجومِ الغَيهَبِ
حَتّى لَوَ انَّ الجودَ خُيِّرَ في الوَرى / نَسَباً لَأَصبَحَ يَنتَمي في تَغلِبِ
ما عَلى الرَكبِ مِن وُقوفِ الرِكابِ
ما عَلى الرَكبِ مِن وُقوفِ الرِكابِ / في مَغاني الصِبا وَرَسمِ التَصابي
أَينَ أَهلُ القِبابِ بِالأَجرَعِ الفَر / دِ تَوَلَّوا لا أَينَ أَهلُ القِبابِ
سَقَمٌ دونَ أَعيُنٍ ذاتِ سُقمٍ / وَعَذابٌ دونَ الثَنايا العِذابِ
عَرِّجوا فَالدُموعُ إِن أَبكِ في الرَب / عِ دُموعي وَالإِكتِئابُ اِكتِئابي
وَكَمِثلِ الأَحبابِ لَو يَعلَمُ العا / ذِلُ عِندي مَنازِلُ الأَحبابِ
فَإِذا ما السَحابُ كانَ رُكاماً / فَسَقى بِالرَبابِ دارَ الرَبابِ
وَإِذا هَبَّتِ الجَنوبُ نَسيماً / فَعَلى رَسمِ دارِها وَالجَنابِ
عَيَّرَتني المَشيبَ وَهيَ بَدَتهُ / في عِذاري بِالصَدِّ وَالاِجتِنابِ
لا تَرَيهِ عاراً فَما هُوَ بِال / شَيبِ وَلَكِنَّهُ جِلاءُ الشَبابِ
وَبَياضُ البازِيّ أَصدَقُ حُسناً / إِن تَأَمَّلتَ مِن سَوادِ الغُرابِ
عَذَلَتني في قَومِها وَاِستَرابَت / جَيئَتي في سِواهُمُ وَذَهابي
وَرَأَت عِندَ غَيرِهِم مِن مَديحي / مِثلَ ما كانَ عِندَهُم مِن عِتابي
لَيسَ مِن غَضبَةٍ عَلَيهِم وَلَكِن / هوَ نَجمٌ يَعلو مَعَ الكُتّابِ
شيعَةُ السُؤدُدِ الغَريبِ وَإِخوا / نُ التَصافي وَأُسرَةُ الآدابِ
هُم أُولو المَجدِ إِن سَأَلتَ فَإِن كا / ثَرتَ كانوا هُمُ أُولي الأَلبابِ
وَمَتى كُنتُ صاحِباً لِذَوي السُؤ / دُدِ يَوماً فَإِنَّهُم أَصحابي
وَكَفاني إِذا الحَوادِثُ أَظلَم / نَ شِهاباً بِغُرَّةِ اِبنِ شِهابِ
سَبَبٌ أَوَّلٌ عَلى جودِ إِسما / عيلَ أَغنى عَن سائِرِ الأَسبابِ
لَاِستَهَلَّت سَماؤُهُ فَمُطِرنا / ذَهَباً في اِنهِلالِ تِلكَ الذِهابِ
لا يَزورُ الوَفاءَ غِبّاً وَلا يَعشَ / قُ غَدرَ الفَعالِ عِشقَ الكَعابِ
مُستَعيدٌ عَلى اِختِلافِ اللَيالي / نَسَقاً مِن خَلائِقٍ أَترابِ
عادَ مِنها لَمّا بَداهُ إِلى أَن / خِلتُهُ يَستَمِلُّها مِن كِتابِ
فَهوَ غَيثٌ وَالغَيثُ مُحتَفِلُ الوَد / قِ وَبَحرٌ وَالبَحرُ طامي العُبابِ
شَمَّرَ الذَيلَ لِلمَحامِدِ حَتّى / جاءَ فيها مَجرورَةَ الهُدّابِ
عَزَماتٌ يُضِئنَ داجِيَةَ الخَط / بِ وَلَو كانَ مِن وَراءِ حِجابِ
يَتَوَقَّدنَ وَالكَواكِبُ مُطفا / ةٌ وَيَقطَعنَ وَالسُيوفُ نَوابي
تَرَكَ الخَفضَ لِلدَنيءِ وَقاسى / صَعبَةَ العَيشِ في المَساعي الصِعابِ
سامَ بِالمَجدِ فَاشتَراهُ وَقَد با / تَ عَلَيهِ مُزايِداً لِلسَحابِ
واحِدُ القَصدِ طَرفُهُ في اِرتِفاعٍ / مِن سُمُوٍّ وَكَفُّهُ في اِنصِبابِ
ثَرَّةٌ مِن أَنامِلٍ ظَلنَ يَجري / نَ عَلى الخابِطينَ جَريَ الشِعابِ
وَسَمِيُّ لَهُ تَمَنّى مَعالي / هِ وَكَلبٌ مُشتَقَّةٌ مِن كِلابِ
وَإِذا الأَنفُسُ اختَلَفنَ فَما يُغ / ني اِتِّفاقُ الأَسماءِ وَالأَلقابِ
يا أَبا القاسِمِ اِقتِسامُ عَطاءٍ / ما نَراهُ أَمِ اِقتِسامُ نِهابِ
خُذ لِساني إِلَيكَ فَالمِلكُ لِلأَل / سُنِ في الحُكمِ عِدلُ مِلكِ الرِقابِ
صُنتَني عَن مَعاشِرٍ لا يُسَمّى / أَوَّلوهُم إِلّا غَداةَ سِبابِ
مِن جِعادِ الأَكُفِّ غَيرِ جِعادٍ / وَغِضابِ الوُجوهِ غَيرِ غِضابِ
خَطَروا خَطرَةَ الجَهامِ وَساروا / في نَواحي الظُنونِ سَيرَ السَحابِ
أَخطَأوا المَكرُماتِ وَالتَمَسوا قا / رِعَةَ المَجدِ في غَداةِ ضَبابِ
هَل لِلنَدى عَدلٌ فَيَغدو مُنصِفاً
هَل لِلنَدى عَدلٌ فَيَغدو مُنصِفاً / مِن فِعلِ إِسماعيلِهِ اِبنِ شِهابِهِ
العارِضِ الثَجّاجِ في أَخلاقِهِ / وَالرَوضَةِ الزَهراءِ في آدابِهِ
أَزرى بِهِ مِن غَدرِهِ بِصَديقِهِ / وَعُقوقِهِ لِأَخيهِ ما أَزرى بِهِ
في كُلِّ يَومٍ وِقفَةٌ بِفِنائِهِ / تُخزي الشَريفَ وَرِدَّةٌ عَن بابِهِ
اِسمَع لِغَضبانٍ تَثَبَّتَ ساعَةً / فَبَداكَ قَبلَ هِجائِهِ بِعِتابِهِ
تاللَهِ يَسهَرُ في مَديحِكَ لَيلَهُ / مُتَمَلمِلاً وَتَنامُ دونَ ثَوابِهِ
يَقظانَ يَنتَخِبُ الكَلامَ كَأَنَّهُ / جَيشٌ لَدَيهِ يُريدُ أَن يَلقى بِهِ
فَأَتى بِهِ كَالسَيفِ رَقرَقَ صَيقَلٌ / ما بَينَ قائِمِ سِنخِهِ وَذُبابِهِ
وَحَجَبتَهُ حَتّى تَوَهَّمَ أَنَّهُ / هاجٍ أَتاكَ بِشَتمِهِ وَسِبابِهِ
وَإِذا الفَتى صَحِبَ التَباعُدَ وَاِكتَسى / كِبراً عَلِيَّ فَلَستُ مِن أَصحابِهِ
وَلَرُبَّ مُغرٍ لي بِعِرضِكَ زادَني / غَيظاً بِجَيئَةِ قَولِهِ وَذَهابِهِ
لَولا الصَفاءُ وَذِمَّةٌ أَعطَيتُها / حَقَّ الوَفاءِ قَضَيتُ مِن آرابِهِ
مُحَمَّدُ ما آمالُنا بِكَواذِبِ
مُحَمَّدُ ما آمالُنا بِكَواذِبِ / لَدَيكَ وَلا أَيّامُنا بِشَواحِبِ
دَعَوناكَ مَدعُواً إِلى كُلِّ نَوبَةٍ / مُجيباً إِلى تَوهينِ كَيدِ النَوائِبِ
بِعَزمِ عُمومٍ مِن مَصابيحِ أَشعَرٍ / وَحَزمِ خُؤولٍ مِن لُؤَيِّ بنِ غالِبِ
لَغِبتَ مَغيبَ البَدرِ عَنّا وَمَن يَبِت / بِلا قَمَرٍ يَذمُم سَوادَ الغَياهِبِ
فَكَم مِن حَنينٍ لي إِلى الشَرقِ مُصعَدٍ / وَإِن كانَ أَحبابي بِأَرضِ المَيارِبِ
وَما اِلتَقَتِ الأَحشاءُ يَومَ صَبابَةٍ / عَلى بُرَحاءٍ مِثلَ بُعدِ الأَقارِبِ
وَلا اِنسَكَبَت بيضُ الدُموعِ وَحُمرُها / بِحَقٍّ عَلى مِثلِ الغُيوثِ السَواكِبِ
رَحَلتَ فَلَم آنَس بِمَشهَدِ شاهِدٍ / وَأُبتَ فَلَم أَحفِل بِغَيبَةِ غائِبِ
قَدِمتَ فَأَقدَمتَ النَدى يَحمِلُ الرِضا / إِلى كُلِّ غَضبانٍ عَلى الدَهرِ عاتِبِ
وَجِئتَ كَما جاءَ الرَبيعُ مُحَرِّكاً / يَدَيكَ بِأَخلاقٍ تَفي بِالسَحائِبِ
فَعادَت بِكَ الأَيامُ زُهراً كَأَنَّما / جَلا الدَهرُ مِنها عَن خُدودِ الكَواعِبِ
أَبا جَعفَرٍ مارِفدُ رِفدٍ بِمُسلِمي / إِلى مَذهَبٍ عَنكُم وَلا سَيبُ سائِبِ
فَمَن شاءَ فَليَبخَل وَمَن شاءَ فَليَجُد / كَفاني نَداكُم مِن جَميعِ المَطالِبِ
وَما أَنسَ لا أَنسَ اِجتِذابَكَ هِمَّتي / إِلَيكَ وَتَرتيبي أَخَصَّ المَراتِبِ
صَفِيُّكَ مِن أَهلِ القَوافي بِرَغمِهِم / وَأَنتَ صَفِيّي دونَ أَهلِ المَواهِبِ
جَعَلناهُ حِلفاً بَينَنا فَتَجَدَّدَت / مَناسِبُ أُخرى بَعدَ تِلكَ المَناسِبِ
فَيا خَيرَ مَصحوبٍ إِذا أَنا لَم أَقُل / بِشُكرِكَ فَاِعلَم أَنَّني شَرُّ صاحِبِ
بِمَنظومَةٍ نَظمَ اللَآلي يَخالُها / عَلَيكَ سَراةُ القَومِ عِقدَ كَواكِبِ
أَتارِكي أَنتَ أَم مُغرىً بِتَعذيبي
أَتارِكي أَنتَ أَم مُغرىً بِتَعذيبي / وَلائِمي في هَوىً إِن كانَ يُزري بي
عَمرُ الغَواني لَقَد بَيَّنَ مِن كَثَبٍ / هَضيمَةً في مُحِبٍّ غَيرِ مَحبوبِ
إِذا مَدَدنَ إِلى إِعراضِهِ سَبَباً / وَقَينَ مِن كُرهِهِ الشُبّانَ بِالشَيبِ
أَمُفلِتٌ بِكَ مِن زُهدِ المَها هَرَبٌ / مِن مُرهَقٍ بِبَوادي الشَيبِ مَقروبِ
يَحنونَهُ مِن أَعاليهِ عَلى أَوَدٍ / حَنوَ الثِقافِ جَرى فَوقَ الأَنابيبِ
أَم هَل مَعَ الحُبِّ حِلمٌ لا تُسَفِّهُهُ / صَبابَةٌ أَو عَزاءٌ غَيرُ مَغلوبِ
قَضَيتُ مِن طَلَبي لِلغانِياتِ وَقَد / شَأَونَني حاجَةً في نَفسِ يَعقوبِ
لَم أَرَ كَالنُفَّرِ الأَغفالِ سائِمَةً / مِنَ الحَبَلَّقِ لَم تُحفَظ مِنَ الذيبِ
أَغشى الخُطوبَ فَإِمّا جِئنَ مَأرَبَتي / فيما أُسَيِّرُ أَو أَحكَمنَ تَأديبي
إِن تَلتَمِس تَمرِ أَخلافَ الأُمورِ وَإِن / تَلبَث مَعَ الدَهرِ تَسمَع بِالأَعاجيبِ
وَأَربَدُ القُطرِ يَلقاكَ السَرابُ بِهِ / بَعدَ التَرَبُّدِ مُبيَضَّ الجَلابيبِ
إِذا خَلا جَوُّهُ لِلريحِ عارِضَةً / قالَت مَعَ العُفرِ أَو حَنَّت مَعَ النيبِ
لُجٌّ مِنَ الآلِ لَم تُجعَل سَفائِنُهُ / إِلّا غَريريَّةَ البُزلِ المَصاعيبِ
مِثلُ القَطا الكُدرِ إِلّا أَن يَعودَ بِها / لَطخٌ مِنَ اللَيلِ سوداً كَالغَرابيبِ
إِذا سُهَيلُ بَدا رَوَّحنَ مِن لَهَبٍ / مُسَعَّرٍ في كِفافِ الأُفقِ مَشبوبِ
وَقَد رَفَعتُ وَما طَأطَأتُها وَهَلاً / عَصا الهِجاءِ لِأَهلِ الحينِ وَالحوبِ
إِذا مَدَحتُهُمُ كانوا بِأَكذَبِ ما / وَأَوهُ أَخلَقَ أَقوامٍ بِتَكذيبي
حَتّى تُعورِفَ مِنّي غَيرُ مُعتَذِرٍ / تَحَوُّزي عَن سِوى قَومي وَتَنكيبي
إِلى أَبي جَعفَرٍ خاضَت رَكائِبُنا / خِطارَ لَيلٍ مَهولِ الخَرقِ مَرهوبِ
تَنوطُ آمالُنا مِنهُ إِلى مَلِكٍ / مُرَدَّدٍ في صَريحِ المَجدِ مَنسوبِ
مُحتَضَرِ البابِ إِمّا آذِنِ النَقَرى / أَو فائِتٍ لِعُيونِ الوَفدِ مَحجوبِ
نَغدو عَلى غايَةٍ في المَجدِ قاصِيَةِ ال / مَحَلِّ أَو مَثَلٍ في الجودِ مَضروبِ
إِذا تَبَدّى بِزَيدِ الخَيلِ لاءَمَهُ / بِحاتَمِ الجودِ شَعباً جِدَّ مَرؤوبِ
حَتّى تُقَلِّدَهُ العَليا قَلائِدَها / مِن بَينِ تَسمِيَةٍ فيها وَتَلقيبِ
يَكونُ أَضوَأَهُم إيماضَ بارِقَةٍ / تَهمي وَأَصدَقَ فيهِم حَدَّ شُؤبوبِ
إِن جاوَرَ النيلَ جارى النيلَ غالِبُهُ / أَوحَلَّ بِالسيبِ زُرنا مالِكَ السيبِ
أَغَرُّ يَملِكُ آفاقَ البِلادِ فَمِن / مُؤَخَّرٍ لِجَدى يَومٍ وَمَوهوبِ
رَضيتُ إِذ أَنا مِن مَعروفِهِ غُمُرٌ / وَاِزدَدتُ عَنهُ رِضىً مِن بَعدِ تَجريبِ
خَلائِقٌ كَسَواري المُزنِ موفِيَةٌ / عَلى البِلادِ بِتَصبيحٍ وَتَأويبِ
يَنهَضنَ بِالثِقلِ لا تُعطى النُهوضَ بِهِ / أَعناقُ مُجفَرَةِ الهوجِ الهَراجيبِ
في كُلِّ أَرضٍ وَقَومٍ مِن سَحائِبِهِ / أُسكوبُ عارِفَةٍ مِن بَعدِ أُسكوبِ
كَم بَثَّ في حاضِرِ النَهرَينِ مِن نَفَلٍ / مُلقىً عَلى حاضِرِ النَهرَينِ مَصبوبِ
يَملَأُ أَفواهَ مَدّاحيهِ مِن حَسَبٍ / عَلى السِماكَينِ وَالنَسرَينِ مَحسوبِ
تُلقى إِلَيهِ المَعالي قَصدَ أَوجُهِها / كَالبَيتِ يُقصَدُ أَمّا بِالمَحاريبِ
مُعطىً مِنَ المَجدِ مُزدادٌ بِرَغبَتِهِ / تَجري عَلى سَنَنٍ مِنهُ وَأُسلوبِ
كَالعَينِ مَنهومَةً بِالحُسنِ تَتبَعُهُ / وَالأَنفِ يَطلُبُ أَعلى مُنتَهى الطيبِ
ما اِنفَكَّ مُنتَضِياً سَيفي وَغىً وَقِرىً / عَلى الكَواهِلِ تَدمى وَالعَراقيبِ
قَد سَرَّني بُرءُ عِجلٍ مِن عَداوَتِهِ / بَعدَ الَّذي اِحتَطَبَت مِن سُخطِهِ الموبي
ساروا مَعَ الناسِ حَيثُ الناسُ أَزفَلَةٌ / في جودِهِ بَينَ مَرؤوسٍ وَمَربوبِ
وَلَو تَناهَت بَنو شَيبانَ عَنهُ إِذاً / لَم يَجشَموا وَقعَ ذي حَدَّينِ مَذروبِ
ما زادَها النَفرُ عَنهُ غَيرَ تَغوِيَةٍ / وَبُعدُها عَن رِضاهُ غَيرَ تَتبيبِ
أَمِنكَ تَأَوُّبُ الطَيفِ الطَروبِ
أَمِنكَ تَأَوُّبُ الطَيفِ الطَروبِ / حَبيبٌ جاءَ يُهدى مِن حَبيبِ
تَخَطّى رِقبَةَ الوَشينَ وَهناً / وَبُعدَ مَسافَةُ الخَرقِ المَجوبِ
يُكاذِبُني وَأَصدُقُهُ وِداداً / وَمِن كَلَفٍ مُصادَقَةُ الكَذوبِ
تُجيبُ الدارُ سائِلَها فَتُنبي / عَنِ الحَيِّ المُفارِقِ مِن تُجيبِ
نَأَوا بِأَوانِسٍ يَرجِعنَ وَحشاً / إِذا فوجِئنَ بِالشَعَرِ الخَضيبِ
أَقولُ لِلِمَّتي إِذ أَسرَعَت بي / إِلى الشَيبِ اِخسَري فيهِ وَخيبي
مُخالِفَةً بِضَربٍ بَعدَ ضَربٍ / وَما أَنا وَاِختِلافاتُ الضُروبِ
وَكانَ حَديثُها فيها غَريباً / فَصارَ قَديمُها حَقَّ الغَريبِ
يَعيبُ الغانِياتُ عَلَيَّ شَيبي / وَمَن لي أَن أُمَتَّعَ بِالمَعيبِ
وَوَجدي بِالشَبابِ وَإِن تَوَلّى / حَميداً دُونَ وَجدي بِالمَشيبِ
أَما لِرَبيعَةِ الفَرَسِ اِنتِهاءٌ / عَنِ الزَلزالِ فيها وَالحُروبِ
لِكُلِّ قَبيلَةٍ خَيلٌ تَداعى / إِلى خَيلٍ مُعاوِدَةِ الرَكوبِ
كَدَأبِ بَني المُعَمِّرِ حينَ زاروا / بَني عَمروٍ بِمُصمِيَةٍ شَعوبِ
تَبالوا صادِقَ الأَحسابِ حَتّى / نَفَوا خَوَرَ الضَعيفِ عَنِ الصَليبِ
صَريحُ الخَيلِ وَالأَبطالِ أَغنى / عَنِ الهُجُناتِ وَالخِلطِ المَشوبِ
وَكانوا رَقَّعوا أَيّامَ سِلمٍ / عَلى تِلكَ القَوادِحِ وَالنُدوبِ
إِذا ما الجُرحُ رُمَّ عَلى فَسادٍ / تَبَيَّنَ فيهِ تَفريطُ الطَبيبِ
رَزِيَّةُ هالِكٍ جَلَبَت رَزايا / وَخَطبٌ باتَ يَكشِفُ عَن خُطوبِ
يُشَقُّ الجَيبُ ثُمَّ يَجيءُ أَمرٌ / يُصَغَّرُ فيهِ تَشقيقُ الجُيوبِ
وَقَبرٌ عَن أَيامِنِ بَرقَعيدٍ / إِذا هِيَ ناحَرَت أُفُقَ الجَنوبِ
يَسُحُّ تُرابُهُ أَبَداً عَلَيها / عِهاداً مِن مُراقِ دَمٍ صَبيبِ
إِذا سَكَبَت سَماءٌ ثُمَّ أَجلَت / ثَنَت بِسَماءِ مُغدِقَةٍ سَكوبِ
وَلَم أَرَ لِلتِراتِ بَعُدنَ عَهداً / كَسَلِّ المَشرَفِيَّةِ مِن قَريبِ
تُصَوَّبُ فَوقَهُم حِزَقُ العَوالي / وَغابُ الخَطِّ مَهزوزَ الكُعوبِ
كَنَخلِ سُمَيحَةَ اِستَعلى رَكيبٌ / تُكَفّيهِ الرِياحُ عَلى رَكيبِ
فَمَن يَسمَع وَغى الأَخَوَينِ يُذعَر / بِصَكٍّ مِن قِراعِهِما عَجيبِ
تَخَمُّطَ تَغلِبَ الغَلباءِ أَلقَت / عَلى الثَرثارِ بَركاً وَالرَحوبِ
زَعيماً خُطَّةٍ وَرَدا حِماماً / وُرودَهُما جَبا الماءِ الشَروبِ
إِذا آدَ البَلاءُ تَحَمَّلاهُ / عَلى دَفَّي مُوَقَّعَةٍ رَكوبِ
إِذا قُسِمَ التَقَدُّمُ لَم يُرَجَّح / نَصيبٌ في الرِجالِ عَلى نَصيبِ
خَلا أَنَّ الكَبيرَ يُزادُ فَضلاً / كَفَضلِ الرُمحِ زيدَ مِنَ الكُعوبِ
فَهَل لِاِبنى عَدِيٍّ مِن رَشيدٍ / يَرُدُّ شَريدَ حِلمِهِما الغَريبِ
أَخافُ عَلَيهُما إِمرارَ مَرعىً / مِنَ الكَلَإِ الَّذي عُلِقاهُ موبي
وَأَعلَمُ أَنَّ حَربَهُما خَبالٌ / عَلى الداعي إِلَيها وَالمُجيبِ
كَما أَسرى القَطا لِبَياتِ عَمروٍ / وَسالَ لِهُلكِهِ وادي قَضيبِ
وَفي حَربِ العَشيرَةِ مُؤيِداتٌ / تُضَعضِعُ تالِدَ العِزِّ المَهيبِ
لَعَلَّ أَبا المُعَمَّرِ يَتَّليها / بِبُعدِ الهَمِّ وَالصَدرِ الرَحيبِ
وَكَم مِن سُؤدُدٍ قَد باتَ يُعطي / عَطِيَّةَ مُكثِرِ فيهِ مُطيبِ
أَهَيثَمُ يا اِبنَ عَبدِ اللَهِ دَعوى / مُشيدٍ بِالنَصيحَةِ أَو مُهيبِ
وَما يُدعى لِما تُدعى إِلَيهِ / سِواكَ اِبنَ النَجيبَةِ وَالنَجيبِ
تَناسَ ذُنوبَ قَومِكَ إِنَّ حِفظَ ال / ذُنوبِ إِذا قَدُمنَ مِنَ الذُنوبِ
فَلَلسَهمُ السَديدُ أَحَبُّ غِبّاً / إِلى الرامي مِنَ السَهمِ المُصيبِ
مَتى أَحرَزتَ نَصرَ بَني عُبَيدٍ / إِلى إِخلاصِ وُدِّ بَني حَبيبِ
فَقَد أَصبَحتَ أَغلَبَ تَغلِبِيٍّ / عَلى أَيدي العَشيرَةِ وَالقُلوبِ
رَأى البَرقَ مُجتازاً فَباتَ بِلا لُبٍّ
رَأى البَرقَ مُجتازاً فَباتَ بِلا لُبٍّ / وَأَصباهُ مِن ذِكرِ البَخيلَةِ ما يُصبي
وَقَد عاجَ في أَطلالِها غَيرَ مُمسِكٍ / لِدَمعٍ وَلا مُصغٍ إِلى عَذَلِ الرَكبِ
وَكُنتُ جَديراً حينَ أَعرِفُ مَنزِلاً / لِآلِ سُلَيمى أَن يُعَنِّفَني صَحبي
عَدَتنا عَوادي البُعدِ عَنها وَزادَنا / بِها كَلَفاً أَنَّ الوَداعَ عَلى عَتبِ
وَلَم أَكتَسِب ذَنباً فَتَجزِيَني بِهِ / وَلَم أَجتَرِم جُرماً فَتُعتَبَ مِن ذَنبِ
وَبي ظَمَأٌ لا يَملِكُ الماءُ دَفعَهُ / إِلى نَهلَةٍ مِن ريقِها الخَصِرِ العَذبِ
تَزَوَّدتَ مِنها نَظرَةً لَم تَجُد بِها / وَقَد يُؤخَذُ العِلقُ المُمَنَّعُ بِالغَصبِ
وَما كانَ حَظُّ العَينِ في ذاكَ مَذهَبي / وَلَكِن رَأَيتُ العَينَ باباً إِلى القَلبِ
أُعيدُكِ أَن تُمنى بِشَكوِ صَبابَةٍ / وَإِن أَكسَبَتنا مِنكِ عَطفاً عَلى الصَبِّ
وَيُحزِنُني أَن تَعرِفي الحُبَّ بِالجَوى / وَإِن نَفَعَتنا مِنكِ مَعرِفَةُ الحُبِّ
أَبَيتُ عَلى الإِخوانِ إِلّا تَحَنِّياً / يَلينُ لَهُم عِطفي وَيَصفو لَهُم شِربي
وَإِنّي لَأَستَبقي الصَديقَ إِذا نَبا / عَلَيَّ وَأَهنوا مِن خَلائِقِهِ الجُربِ
فَمَن مُبلِغٌ عَنّي البَخيلَ بِأَنَّني / حَطَطتُ رَجائي مِنهُ عَن مَركَبٍ صَعبِ
وَأَنَّ اِبنَ دينارٍ ثَنى وَجهَ هِمَّتي / إِلى الخُلُقِ الفَضفاضِ وَالنائِلِ النَهبِ
فَلَم أَملَ إِلّا مِن مَوَدَّتِهِ يَدي / وَلا قُلتُ إِلّا مِن مَواهِبِهِ حَسبي
لَقيتُ بِهِ حَدَّ الزَمانِ فَفَلَّهُ / وَقَد يَثلِمُ العَضبُ المُهَنَّدُ في العَضبِ
كَريمُ إِذا ضاقَ اللِئامُ فَإِنَّهُ / يَضيقُ الفَضاءُ الرَحبُ في صَدرِهِ الرَحبِ
إِذا أَثقَلَ الهِلباجُ أَحناءَ سَرجِهِ / غَدا طِرفُهُ يَختالُ بِالمُرهَفِ الضَربِ
تَناذَرَ أَهلُ الشَرقِ مِنهُ وَقائِعاً / أَطاعَ لَها العاصونَ في بَلَدِ الغَربِ
لَجَرَّدَ نَصلَ السَيفِ حَتّى تَفَرَّقَت / عَنِ السَيفِ مَخضوباً جُموعُ أَبي حَربِ
فَإِن هَمَّ أَهلُ الغَورِ يَوماً بِعَودَةٍ / إِلى الغَيِّ مِن طُغيانِهِم فَهوَ بِالقُربِ
حَلَفتُ لَقَد دانَ الأَبِيُّ وَأُغمِدَت / شَذاةُ عَظيمِ الرومِ مِن عِظَمِ الخَطبِ
وَأَلزَمُهُم قَصدَ السَبيلِ حِذارُهُم / لِتِلكَ السَوافي مِن زَعازِعِهِ النُكبِ
مُدَبِّرُ حَربٍ لَم يَبِت عِندَ غِرَّةٍ / وَلَم يَسرِ في أَحشائِهِ وَهَلُ الرُعبِ
وَيُقلِقُهُ شَوقٌ إِلى القِرنِ مُعجِلٌ / لَدى الطَعنِ حَتّى يَستَريحَ إِلى الضَربِ
أَضاءَت بِهِ الدُنيا لَنا بَعدَ ظُلمَةٍ / وَأَجلَت لَنا الأَيّامُ عَن خُلُقٍ رَطبِ
وَمازالَ عَبدُ اللَهِ يُكسى شَمائِلاً / يَقُمنَ مَقامَ النَورِ في ناضِرِ العُشبِ
وَفَتىً يَتَعالى بِالتَواضُعِ جاهِداً / وَيَعجَبُ مِن أَهلِ المَخيلَةِ وَالعُجبِ
لَهُ سَلَفٌ مِن آلِ فَيروزَ بَرَّزوا / عَلى العُجمِ وَاِنقادَت لَهُم حَفلَةُ العُربِ
مَرازِبَةُ المُلكِ الَّتي نَصَبَت بِها / مَنابِرَهُ العُظمى جَبابِرَةُ الحَربِ
يُكِبّونَ مِن فَوقِ القَرابيسِ بِالقَنا / وَبِالبيضِ تَلقاهُم قِياماً عَلى الرُكبِ
لَهُم بُنِيَ الإيوانُ مِن عَهدِ هُرمُزٍ / وَأُحكِمَ طَبعُ الخُسرُوانِيَّةِ القُضبِ
وَدارَت بَنو ساسانَ طُرّاً عَلَيهِمِ / مَدارَ النُجومِ السائِراتِ عَلى القُطبِ
مَضَوا بِالأَكُفِّ البيضِ أَندى مِنَ الحَيا / بَلالاً وَبِالأَحلامِ أَوفى مِنَ الهَضبِ
أَبَعدَ الشَبابِ المُنتَضى في الذَوائِبِ
أَبَعدَ الشَبابِ المُنتَضى في الذَوائِبِ / أُحاوِلُ لُطفَ الوُدِّ عِندَ الكَواعِبِ
وَكانَ بَياضُ الرَأسِ شَخصاً مُذَمَّماً / إِلى كُلِّ بَيضاءِ الحَشا وَالتَرائِبِ
وَما اِنفَكَّ رَسمُ الدارِ حَتّى تَهَلَّلَت / دُموعي وَحَتّى أَكثَرَ اللَومَ صاحِبي
وَقَفنا فَلا الأَطلالُ رَدَّت إِجابَةً / وَلا العَذلُ أَجدى في المَشوقِ المُخاطَبِ
تَمادَت عَقابيلُ الهَوى وَتَطاوَلَت / لَجاجَةُ مَعتوبٍ عَلَيهِ وَعاتِبِ
إِذا قُلتُ قَضَّيتُ الصَبابَةَ رَدَّها / خَيالٌ مُلِمٌّ مِن حَبيبٍ مُجانِبِ
يَجودُ وَقَد ضَنَّ الأُلى شَغَفي بِهِم / وَيَدنو وَقَد شَطَّت دِيارُ الحَبائِبِ
تُرينيكَ أَحلامُ النِيامُ وَبَينَنا / مَفاوِزُ يَستَفرِغنَ جُهدَ الرَكائِبِ
لَبِسنا مِنَ المُعتَزِّ بِاللَهِ نِعمَةً / هِيَ الرَوضُ مَولِيّاً بِغُزرِ السَحائِبِ
أَقامَ قَناةَ الدينِ بَعدَ اِعوِجاجِها / وَأَربى عَلى شَغبِ العَدُوِّ المُشاغِبِ
أَخو الحَزمِ قَد ساسَ الأُمورَ وَهَذَّبَت / بَصيرَتَهُ فيها صُروفُ النَوائِبِ
وَمُعتَصِمِيُّ العَزمِ يَأوي بِرَأيِهِ / إِلى سَنَنٍ مِن مُحكَماتِ التَجارِبِ
تُفَضِّلُهُ آيُ الكِتابِ وَيَنتَهي / إِلَيهِ تُراثُ الغُلبِ مِن آلِ غالِبِ
تَوَلَّتهُ أَسرارُ الصُدورِ وَأَقبَلَت / إِلَيهِ القُلوبُ مِن مُحِبٍّ وَراغِبِ
وَرُدَّت وَما كانَت تُرَدُّ بِعَدلِهِ / ظُلاماتُ قَومٍ مُظلِماتِ المَطالِبِ
إِمامُ هُدىً عَمَّ البَرِيَّةَ عَدلُهُ / فَأَضحى لَدَيهِ آمِناً كُلُّ راهِبِ
تَدارَكَ بَعدَ اللَهِ أَنفُسَ مَعشَرٍ / أَطَلَّت عَلى حَتمٍ مِنَ المَوتِ واجِبِ
وَقالَ لَعاً لِلعاثِرينَ وَقَد رَأى / وُثوبَ رِجالٍ فَرَّطوا في العَواقِبِ
تَجافى لَهُم عَنها وَلَو كانَ غَيرُهُ / لَعَنَّفَ بِالتَثريبِ إِن لَم يُعاقِبِ
وَهَبتَ عَزيزاتِ النُفوسِ لِمَعشَرِ / يَعُدّونَها أَقصى اللُهى وَالمَواهِبِ
وَلَولا تَلافيكَ الخِلافَةَ لَاِنبَرَت / لَها هِمَمُ الغاوينَ مِن كُلِّ جانِبِ
إِذاً لَاِدَّعاها الأَبعَدونَ وَلَاِرتَقَت / إِلَيها أَمانِيُّ الظُنونِ الكَواذِبِ
زَمانَ تَهاوى الناسُ في لَيلِ فِتنَةٍ / رَبوضِ النَواحي مُدلَهِمِّ الغَياهِبِ
دَعاكَ بَنو العَبّاسِ ثَمَّ فَأَسرَعَت / إِجابَةُ مُستَولٍ عَلى المُلكِ غالِبِ
وَهَزّوكَ لِلأَمرِ الجَليلِ فَلَم تَكُن / ضَعيفَ القُوى فيهِ كَليلَ المَضارِبِ
فَما زِلتَ حَتّى أَذعَنَ الشَرقُ عَنوَةً / وَدانَت عَلى صُغرٍ أَعالي المَغارِبِ
جُيوشٌ مَلَأنَ الأَرضَ حَتّى تَرَكنَها / وَما في أَقاصيها مَفَرُّ لِهارِبِ
مَدَدنَ وَراءَ الكَوكَبِيِّ عَجاجَةً / أَرَتهُ نَهاراً طالِعاتِ الكَواكِبِ
وَزَعزَعنَ دُنباوَندَ مِن كُلِّ وُجهَةٍ / وَكانَ وَقوراً مُطمَئِنَّ الجَوانِبِ
وَقَد أَفِنَ الصَفّارُ حَتّى تَطَلَّعَت / إِلَيهِ المَنايا في القَنا وَالقَواضِبِ
حَنَوتَ عَلَيهِ بَعدَ أَن أَشرَفَ الرَدى / عَلى نَفسِ مُزوَرٍّ عَنِ الحَقِّ ناكِبِ
تَأَتَّيتَهُ حَتّى تَبَيَّنَ رُشدَهُ / وَحَتّى اِكتَفى بِالكُتبِ دونَ الكَتائِبِ
بِلُطفِ تَأَتٍّ مِنكَ ما زالَ ضامِناً / لَنا طاعَةَ العاصي وَسِلمَ المُحارِبِ
فَعادَ حُساماً عَن وَلِيِّكَ ذَبُّهُ / وَحَدَّ سِنانٍ في عَدُوِّكَ ناشِبِ
بَقيتَ أَميرَ المُؤمِنينَ مُؤَمَّلاً / لِغَفرِ الخَطايا وَاصطِناعِ الرَغائِبِ
وَمُلّيتَ عَبدَ اللَهِ مِن ذي تَطَوُّلٍ / كَريمِ السَجايا هِبرِزِيِّ الضَرائِبِ
شَبيهُكَ في كُلِّ الأُمورِ وَلَن تَرى / شَبيهَكَ إِلّا جامِعاً لِلمَناقِبِ
أُؤَمِّلُ جَدواهُ وَأَرجو نَوالَهُ / وَما الآمِلُ الراجي نَداهُ بِخائِبِ
لا أَرى بِالبِراقِ رَسماً يُجيبُ
لا أَرى بِالبِراقِ رَسماً يُجيبُ / سَكَّنَت آيَها الصَبا وَالجَنوبُ
خَلَفَ الجِدَّةَ البِلى في مَغاني / ها كَما يَخلُفُ الشَبابَ المَشيبُ
أَيبَسَ العَيشُ بَعدَهُنَّ وَقَد يُع / هَدُ فيهِنَّ وَهوَ غَضُّ رَطيبُ
أَسَفٌ غالِبٌ يَحِرُّ جَواهُ / وَعَزاءٌ مَتَعتَعٌ مَعلوبُ
راعَني ما يَروعُ مِن وافِدِ الشَي / بِ طُروقاً وَرابَني ما يَريبُ
شَعَراتٌ سودٌ إِذا حُلنَ بيضاً / حالَ عَن وُصلَةِ المُحِبِّ الحَبيبُ
مَرَّ بَعدَ السَوادِ ما كانَ يَحلو / مُجتَناهُ مِن عَيشِنا وَيَطيبُ
تِلكَ أَسماءُ إِذ أَجدَّت وَداعاً / جَلَبَ الوَجدَ بَينُها المَجلوبُ
نَظَرَت خُلسَةً كَما نَظَرَ الري / مُ وَمادَت كَما يَميدُ القَضيبُ
وَإِلى أَحمَدَ اِبتَعَثنا المَهارى / لِلُباناتِ طالِبٍ ما يَخيبُ
جُنَّحاً في الظَلامِ يَحدينَ وَهناً / وَمَراسيلَ دَأبُهُنَّ الدُؤوبُ
قاصِداتٍ مُهَذَّباً لَم يُشَقِّق / في مَعالي فَعالِهِ التَهذيبُ
إِن تَطَلَّب شَرواهُ فَالغَيثُ دَفقاً / مَثَلٌ مِن سَماحِهِ مَضروبُ
وَإِذا ما الحُظوظُ أَجرى إِلَيها / مُخطِئٌ مِن بُغاتِهِم أَو مُصيبُ
بَلَدَ العاجِزُ المُزَنَّدُ فيها / وَمَضى الأَحوَذِيُّ فيها النَجيبُ
وَأَرى القَومَ حينَ خَلَّوا مَداهُ / وَتَناهى جَرِيُّهُم وَالهَيبوبُ
حاجَزوا سابِقاً تَمَهَّلَ حَتّى / أَحسَرَ الريحَ شَأوُهُ المَطلوبُ
ما لَقينا مِن الحُقوقِ اللَواتي / تَتَشَكّى أَوجاعَهُنَّ القُلوبُ
كُلَّ يَومٍ حَقٌّ يُلِمُّ فَيَغلو / جَزعاً أَو يَشِطُّ بُعداً قَريبُ
فَالتَلَقّي لَهُ عَقابيلُ خَطبٍ / وَلِفَرطِ التَشييعِ أَيضاً خُطوبُ
سُقِيَ الرَكبُ عامِدينَ فِلَسطي / نَ فَفيهِم شَخصٌ إِلَينا حَبيبُ
يَشهَدُ الأُنسُ حينَ يَشهَدُ فينا / وَيَغيبُ السُرورُ حينَ يَغيبُ
شيمَةٌ مِنكَ حُرَّةٌ يا أَبا العَبّ / اسِ وَفّاكَ نَجرَها أَيّوبُ
فَاِبقَ ما طَرَّبَ الحَمامُ وَما نا / زَعَ شَوقاً إِلى مَحَلٍّ غَريبُ
عادَ لِلصَبِّ شَجوُهُ وَاِكتِئابُه
عادَ لِلصَبِّ شَجوُهُ وَاِكتِئابُه / بِبِعادِ الَّذي يُرادُ اقتِرابُه
رَشَأُ ما دَنَت بِهِ الدارُ إِلّا / رَجَعَ البُعدَ صَدُّهُ وَاِجتِنابُه
كَم غَرامٍ لَنا بِأَلحاظِ عَينَي / هِ شَهِيٍّ إِلى النُفوسِ عَذابُه
وَسُرورٍ بِمَشهَدٍ مِنهُ وَالتُف / فاحُ خَدّاهُ وَالمُدامُ رُضابُه
كِدنَ يَنهَبنَهُ العُيونِ سِراعاً / فيهِ لَو أَمكَنَ العُيونَ اِنتِهابُه
هُبِلَ الغانِياتُ كَم يَتَقاضى / دَينَهُ مُعلَقُ الفُؤادِ مُصابُه
كانَ خُلفاً ما قَد وَعَدنَ وَإِن طا / لَ بِذي الوَجدِ مَكثُهُ وَاِرتِقابُه
قُلنَ أَينَ الشَبابُ في عَقَبِ فَوتٍ / مِنهُ قَولاً أَعيا عَلَيَّ جَوابُه
وَيَموتُ الفَتى وَإِن كانَ حَيّاً / حينَ يَستَكمِلُ النَفادَ شَبابُه
ما نُبالي يَدُ الوَزيرِ اِستَهَلَّت / أَم رَأَيتَ العَقيقَ سالَت شِعابُه
وَسَواءٌ مَقاوِمُ الحِلمِ مِنهُ / وَرِعانُ الرَيّانِ أَرسَت هِضابُه
قائِدُ الخَيلِ مُستَقِلٌ عَلَيها / أَجَمُ الخَطِّ في الحَديدِ وِغابُه
وَوَلِيُّ التَدبيرِ لَيسَ بِبِدعٍ / عَجَبٍ أَن يُبِرَّ فيهِ صَوابُه
بَينَ حَقٍّ يَنوبُهُ يَصرِفُ الرَغ / بَ إِلَيهِ أَو مُعتَفٍ يَنتابُه
ظَلَّ إِدمانُهُ التَطَوُّلَ يُعلي / هِ وَقَومٌ يَحُطُّهُم إِغبابُه
مُبدِئُ الفِعلِ إِن تَبايَنَتِ الأَف / عالُ بانَ اِقتِرابُهُ وَاِغتِرابُه
وَالمَواعيدُ يَندَفِعنَ عَلى عا / جِلِ نُجحٍ وَشيكَةٍ أَسبابُه
مِثلَ ما اِهتَزَّتِ العَبورُ فَلَم يُك / دِ نَشاصُ السَحابِ ثُمَّ رَبابُه
في نِظامٍ مِنَ المَحاسِنِ مازا / لَت تُضاهي أَخلاقَهُ آدابُه
وَتَلالي وَجهٍ إِذا لاحَ لِلطا / لِبِ أَمسى مَبلوغَةً أَرابُه
سَومَ بَدرِ السَماءِ وَفَّت سَناهُ / فَرجَةُ الغَيمِ دونَهُ وَاِنجِيابُه
وَمَهيبٌ عِندَ المُناجينَ لَولا / كَرَمُ الأُنسِ كانَ هَولاً خِطابُه
لا يَزَل يُفتَدى بِأَنفُسِ قَومٍ / نَقِيَت مِن عُيوبِهِم أَثوابُه
عَجَباً مِنهُ ما اِنطَوى سَيبُهُ عَن / نا بِعَوقٍ إِذا طَواهُ حِجابُه
لَم يَكُن نَيلُهُ الجَزيلُ وَقَد رُمنا / هُ صَعباً فَكَيفَ يَصعُبُ بابُه
خابَ مَن غابَ عَن طَلاقَةِ وَجهٍ / ضَوَّأَ الحادِثَ المُضِبَّ شِهابُه
ما رَأَيتُ السُلطانَ مَيَّلَ في أَن / نَكَ ظُفرُ السُلطانِ أَغنَت وَنابُه
أَتُراكَ الغَداةَ مُطلِقُ رِبقي / مُؤذِنٌ بِالرَحيلِ زُمَّت رِكابُه
صادِرٌ عَن نَدى يَدٍ مِنكَ لا يَن / صُفُها البَحرُ مَوجُهُ وَعُبابُه
حاجَةٌ لَو أَمَرتَ فيها بِنُجحٍ / قَرُبَ النازِحُ البَعيدُ مَآبُه
لَيسَ يَحلو وُجودُكَ الشَيءَ تَبغي / هِ اِلتِماساً حَتّى يَعِزَّ طِلابُه
إِلَيكِ ما أَنا مِن لَهوٍ وَلا طَرَبِ
إِلَيكِ ما أَنا مِن لَهوٍ وَلا طَرَبِ / مُنيتِ مِنّي بِقَلبٍ غَيرِ مُنقَلِبِ
رُدّي عَلَيَّ الصِبا إِن كُنتِ فاعِلَةً / إِنَّ الهَوى لَيسَ مِن شَأني وَلا أَربي
جاوَزتُ حَدَّ الشَبابِ النَضرِ مُلتَفِتاً / إِلى بَناتِ الصِبا يَركُضنَ في طَلَبي
وَالشَيبُ مَهرَبُ مَن جارى مَنِيَّتَهُ / وَلا نَجاءَ لَهُ مِن ذَلِكَ الهَرَبِ
وَالمَرءُ لَو كانَتِ الشِعرى لَهُ وَطَناً / حُطَّت عَلَيهِ صُروفُ الدَهرِ مِن صَبَبِ
قَد أَقذِفُ العيسَ في لَيلِ كَأَنَّ لَهُ / وَشياً مِنَ النورِ أَو أَرضاً مِنَ العُشُبِ
حَتّى إِذا ما اِنجَلَت أُخراهُ عَن أُفُقٍ / مُضَمَّخٍ بِالصَباحِ الوَردِ مُختَضِبِ
أَورَدتُ صادِيَةَ الآمالِ فَاِنصَرَفَت / بِرَيِّها وَأَخَذتُ النُجحَ مِن كَثَبِ
هاتيكَ أَخلاقُ إِسماعيلَ في تَعَبٍ / مِنَ العُلا وَالعُلا مِنهُنَّ في تَعَبِ
أَتعَبتَ شُكري فَأَضحى مِنكَ في نَصَبٍ / فَاِذهَب فَمالِيَ في جَدواكَ مِن أَرَبِ
لا أَقبَلُ الدَهرَ نَيلاً لا يَقومُ بِهِ / شُكري وَلَو كانَ مُسديهِ إِلَيَّ أَبي
لَمّا سَأَلتُكَ وافاني نَداكَ عَلى / أَضعافِ ظَنّي فَلَم أَظفَر وَلَم أَخِبِ
لَم يُخطِ مَأبِضَ خُلساتٍ تَعَمَّدَها / فَشَكَّ ذا الشُعبَةِ الطولى فَلَم يُصِبِ
لَأَشكُرَنَّكَ إِنَّ الشُكرَ نائِلُهُ / أَبقى عَلى حالَةٍ مِن نائِلِ النَشَبِ
بِكُلِّ شاهِدَةٍ لِلقَومِ غائِبَةِ / عَنهُم جَميعاً وَلَم تَشهَد وَلَم تَغِبِ
مَوصوفَةٍ بِاللَآلي مِن نَوادِرِها / مَسبوكَةِ اللَفظِ وَالمَعنى مِنَ الذَهَبِ
وَلَم أُحابِكَ في مَدحٍ تُكَذِّبُهُ / بِالفِعلِ مِنكَ وَبَعضُ المَدحِ مِن كَذِبِ
قَليلٌ لَها أَنّي بِها مُغرَمٌ صَبُّ
قَليلٌ لَها أَنّي بِها مُغرَمٌ صَبُّ / وَأَن لَم يُقارِف غَيرَ وَجدٍ بِها القَلبُ
بَذَلتُ الرِضا حَتّى تَصَرَّمَ سُخطُها / وَلِلمُتَجَنّي بَعدَ إِرضائِهِ عَتبُ
وَلَم أَرَ مِثلَ الحُبِّ صادَ غُرورُهُ / لَبيبَ الرِجالِ بَعدَ ما اِختُبِرَ الحُبُّ
وَإِنّي لَأَشتاقُ الخَيالَ وَأُكثِرُ ال / زِيارَةَ مِن طَيفٍ زِيارَتُهُ غِبُّ
وَمِن أَينَ أَصبو بَعدَ شَيبي وَبَعدَما / تَأَلّى الخَلِيُّ أَنَّ ذا الشَيبِ لايَصبو
أَسالِبَتي حُسنَ الأُسى أَو مُخيفَتي / عَلى جَلَدي تِلكَ الصَرائِمُ وَالكُثبُ
رَضيتُ اِتِّحادي بِالغَرامِ وَلَم أُرِد / إِلى وَقفَتي في الدارِ أَن يَقِفَ الرَكبُ
وَلَو كُنتُ ذا صَحبٍ عَشِيَّةَ عَزَّبي / تَحَدُّرُ دَمعِ العَينِ عَنَّفَني الصَحبُ
لَقَد قَطَعَ الواشي بِتَلفيقِ ما وَشى / مِنَ القَولِ ما لا يَقطَعُ الصارِمُ العَضبُ
فَأَصبَحتُ في بَغدادَ لا الظِلُّ واسِعٌ / وَلا العَيشُ غَضٌّ في غَضارَتِهِ رَطبُ
أَأَمدَحُ عُمّالَ الطَساسيجِ راغِباً / إِلَيهِم وَلي بِالشامِ مُستَمتَعٌ رَغبُ
فَأَيهاتَ مِن رَكبٍ يُؤَدّي رِسالَةً / إِلى الشامِ إِلّا أَن تَحَمَّلَها الكُتبُ
وَعِندَ أَبي العَبّاسِ لَو كانَ دانِياً / نَواحي الفِناءِ السَهلِ وَالكَنَفُ الرَحبُ
وَكانَت بَلاءً نِيَّتي عَنهُ وَالغِنى / غِنى الدَهرِ أَدنى ما يُنَوِّلُ أَو يَحبو
وَذو أُهَبٍ لِلحادِثاتِ بِمِثلِها / يُزالُ الطَخى عَنّا وَيُستَدفَعُ الكَربُ
سُيوفٌ لَها في عُمرِ كُلِّ عِدىً رَدىً / وَخَيلٌ لَها في دارِ كُلِّ عِدىً نَهبُ
عَلَت فَوقَ بَغراسٍ فَضاقَت بِما جَنَت / صُدورُ رِجالٍ حينَ ضاقَ بِها الدَربُ
وَثابَ إِلَيهِم رَأيُهُم فَتَبَيَّنوا / عَلى حالِ فَوتٍ أَنَّ مَركَبَهُم صَعبُ
وَكانوا ثَمودَ الحِجرِ حَقَّ عَلَيهُمُ / وُقوعُ العَذابِ وَالخَصِيُّ لَهُم سَقبُ
تَحَنّى عَلَيهِم وَالمَوارِدُ سَهلَةٌ / وَأَفرَجَ عَنهُم بَعدَما أَعضَلَ الخَطبُ
وَلَو حَضَرَتهُ أُنثَياهُ استَقَلَّتا / إِلى كُليَتَيهِ حينَ أَزعَجَهُ الرُعبُ
فَما هُوَ إِلّا العَفوُ عَمَّت سَماؤُهُ / أَوِ السَيفُ عُريانُ المَضارِبِ لا يَنبو
وَما شَكَّ قَومٌ أَوقَدوا نارَ فِتنَةٍ / وَسِرتَ إِلَيهِم أَنَّ نارَهُمُ تَخبو
كَأَن لَم يَرَوا سيما الطَويلَ وَجَمعَهُ / وَما فَعَلَت فيهِ وَفي جَمعِهِ الحَربُ
وَخارِجَ بابَ البَحرِ أُسدُ خَفِيَّةٍ / وَقَد سَدَّ قُطرَيهِ عَلى الغَنَمِ الزَربُ
تَحَيَّرَ في أَمرَيهِ ثُمَّ تَحَبَّبَت / إِلَيهِ الحَياةُ ماؤُها عَلَلٌ سَكبُ
وَقَد غَلُظَت دونَ النَجاةِ الَّتي اِبتَغى / رِقابُ رِجالٍ دونَ ما مَنَعَت غُلبُ
تَكَرَّهَ طَعمَ المَوتِ وَالسَيفُ آخِذٌ / مُخَنَّقَ لَيثِ الحَربِ حاصِلُهُ كَلبُ
وَلَو كانَ حُرَّ النَفسِ وَالعَيشُ مُدبِرٌ / لَماتَ وَطَعمُ المَوتِ في فَمِهِ عَذبُ
وَلَو لَم يُحاجِز لُؤلُؤٌ بِفِرارِهِ / لَكانَ لِصَدرِ الرُمحِ في لُؤلُؤٍ ثَقبُ
تَخَطَّأَ عَرضَ الأَرضِ راكِبَ وَجهِهِ / لِيَمنَعَ مِنهُ البُعدُ ما يَبذُلُ القُربُ
يُحِبُّ البِلادَ وَهيَ شَرقٌ لِشَخصِهِ / وَيُذعَرُ مِنها وَهيَ مِن فَوقِهِ غَربُ
إِذا سارَ سَهباً عادَ ظُهراً عَدُوَّهُ / وَكانَ الصَديقَ غُدوَةً ذَلِكَ السَهبُ
مَخاذيلُ لَم يَستُر فَضائِحَ عَجزِهِم / وَفاءٌ وَلَم يَنهَض بِغَدرِهِمِ شَغبُ
أَخافُ كَأَنّي حامِلٌ وِزرَ بَعضِهِم / مِنَ الذَنبِ أَو أَنّي لِبَعضِهِمِ إِلبُ
وَما كانَ لي ذَنبٌ فَأَخشى جَزاءَهُ / وَعَفوُكَ مَرجُوٌّ وَإن كانَ لي ذَنبُ
يا حارِثِيَّ وَما العِتابُ بِجاذِبٍ
يا حارِثِيَّ وَما العِتابُ بِجاذِبٍ / لَكَ عَن مُعانَدَةِ الصَديقِ العاتِبِ
ما إِن تَزالُ تَكيدُهُ مِن جانِبٍ / أَبَداً وَتَسرُقُ شِعرَهُ مِن جانِبِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025