القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الأبلَه البغداديّ الكل
المجموع : 297
أيا ريع ذاتِ الخالِ لا بت خاليا
أيا ريع ذاتِ الخالِ لا بت خاليا / وأصبحت من نور الخمائل حاليا
ولا برحت تحنو عليك غمائم / تغص شعابا باللوى ومجانيا
ولا ونت الأنواء فيك وحبذا / نسيما في ظل الأصائل وأنيا
على أنني رضت الهوى فيك جامحا / فلان ونلت العيش عندك راضيا
عشية لم أنزف من العين حمّة / رواء ولم أعرف لعلوة واشيا
ولم تقدح الأشواق بين جوانحي / زنادا إذا واريته عاد واريا
وبدر تمام فيه يحلو لي الهوى / خلوت به حتى بدا النجم هاويا
رمى مقتلي شاكي السلاح وقال لي / رميت بهجري إن رأيتك شاكيا
عند تعليه خنصر اللهو والمنى / وعدّ الثريا مثل صبري واهيا
رنا فاتر الألحانا نحو فخلتني / أعاطي الطلاظبيا بوجرة عاطيا
فلله كم يمنى الفؤاد بزفرة / إذا شمت برقا بالعقيق يمانيا
يذكرني في تلك الثغور ولم أكن / لها ناسيا كلا ولا متناسيا
سل الليل عني هل رآني راقدا / وسل بي عذولي هل رآني ساليا
وهيهات أن ترقا دموع لمن غدا / لنبغ غرام لم يجد منه رافيا
فلست أرى في الوجد مثل ثانيا / ولا لعلاء الدين في المجد ثانيا
علقت به مستمسكا فوجدته / أبيًّا إذا ماسمته الضيم أبيا
صقيل حواشي الحزم والعزم والعلي / ثقيل حصاة الحلم أغلب ساميا
به حلت الأيام وهي مريرة / وأصبح جيد الدهر أجيد خاليا
تحرك منه الأريحيه ماجدا / يوازن بالحلم الجبال الرواسيا
حسام ردى ظام إذا شهد الوغى / وبحر ندى طام إذا حل ناديا
محاربه يلقي المنايا سريعة / وسائله يلقى لديه الأمانيا
من الزينبين الذين تقبلوا / ظلل المعالي واستقلوا العواليا
إذا سوجلوا كانوا أعز مطنّها / وأكرم أعراقا وأعلى بانيا
لهم كعبة الله الحرام ومن بها / أنام ومن لبى ومن جاء ساعيا
فما كان فيهم عن سوى الخير أمرا / ولا كان فيهم عن سوى الشر ناهيا
ولولا أبو نصر وجدواه لم أطع / رجاء ولم أطلع من الأرض واديا
كريم يحب الصفح عن كل مذنب / مسيء ويعطي الصفو من جاء صافيا
كأن على يمناه في بذلها الندى / يمينا على أن لا تخيب راجيا
فيا شرف الإسلام لا زلت سالما / يسير فيك المادحون القوافيا
يرون غدير الجود عندك مفعما / ندى ورخيص المجد عندك غاليا
فخذها كما رق النسيم وغازلت / دموع الغمام المستهل الأقاحيا
إذا قصها في القوم راو حسبته / يقص على الأسماع سبعا مثانيا
بقيت على مر الليالي محسّدا / عزير الأيادي قاهر الجد عاليا
علاء الدين يا أقضى القضاة
علاء الدين يا أقضى القضاة / لقد أحييت شرع المكرمات
فما نيل الصعيد إذا تناهت / زيادته ولا سيل الفرات
باجدى من نداك وأين منه / عطايا آل برمك والفرات
فيا جبل الحلوم بلا خلاف / ويا بحر العلوم الزاخزات
ختمت صيام شهرك والليالي ال / تي صليت فيها بالصلات
أصغ لمدائحي كرما وبشر / توافيها ببشر والتفات
فإني قد صمدت لأخذ بعض ال / جباب الفاخرات المصمتاتِ
أعيد معجبا فيها وأدعو / لمجدك بالبقاءِ معَ الدعاةِ
قل لضياء الدين أنت امرؤ
قل لضياء الدين أنت امرؤ / أشكره سرا وإعلانا
قم وادخل الساعة مستعجلا / إلى علاء الدين مولانا
وقل له عني يا ماجد ا / لم أره بالعرف منانا
لو حزت بغداد بأعمالها / وصرت في الملك سليانا
ظننت أن الدهر قد خانني / ما لم أفز بالكوثر الخانا
فلست بالمقصر حتى أرى / ساحبها ذيلا واردانا
فالرأى أن يصنع في حق من / يحسن فيه المدح إحسانا
علاء الدين صب كرما فاني
علاء الدين صب كرما فاني / عهدتك ذا يد بالجود صبه
تفرح بالسماحة كل هم / عن العافي وتكشف كل كربه
وبذلك للرغائب غير بدع / كما لك في اقتناء الحمد رغبه
حلفت لأنت أزكى الناس أصلا / وأوضح من ضياء الصبح نشيه
أيحسن أن أجيء بكل بكر ال / معاني سهلة إلا لفانا صعبه
فتحسبها لديك وما تساوى / وقد جابت لك الآفاق جبه
ولولا أن لي طمعا قويا / يحاشي الله مجدك قلت جبه
يا علاء الدين يا أع
يا علاء الدين يا أع / لى ندىَّ منه أشد
والذي آوى إلى ركن / ندىَّ منه أشد
والذي أضمن عنه / أنه ينجز وهدى
جد فقد طل البرايا / بأب زاك وجد
وندى كالقطر سدّ / جلّعن حصرٍ رعدِ
بك أستعد على دهر / ى والحاكم يعدي
سيدي غيرك يرمي ال / مدح في مقامكم كردي
ويرى في وجه من يق / صده خطة رد
إن كانون الذي أص / بح يقرونا بدَردِ
شملتي فيه شمال / قرة والبرد بردي
وتراني كل يوم / منه في أينٍ وجهدِ
الحم المشي الى / بابك قصد وأسدى
أتسلى بالنسايا / عن مديح لي تئدِ
وأرجى جود كف / لك سبط غير جعدِ
فاعطنيها اليوم واغنم / شكري الباني وحمدي
فأنا عيد الأيادي / وعبيد الشعر عبدي
قل لعلاء الدين يا
قل لعلاء الدين يا / أكرم من فوق الثرى
ومن يرى عند النوا / ل ضاحكا مستبشرا
غدا يجد ركبنا / إلى الحسين في السرى
قد ركبوا وجنبوا ال / خيل العتاف الضمرا
وليس لي غير كعا / بي إن أردت السفرا
فانعم ونفذ عاجلا / لي الجواد الأشقرا
عارية مردودة / إليك فافعل ما ترى
فلست أرجو نيل من / يحب أن يعطي الكرا
أوجوه غيد أم رياض ربيع
أوجوه غيد أم رياض ربيع / وكؤوس خمر أم نجوم هزيع
والماء قد صقل النسيم متونه / أم في جداوله متون دروعِ
والطل يجلوه الشقيق كلؤلؤ / أم وجنة مطلولة بدموع
أو ما ترى بَرد النسيم وقد ونى / سَحرا وبُرد الليل في توشيعِ
فاربع أشاطرك السرور وخلني / من ذكر أطلال عفت وربوعِ
واقطع أقاويل الوشاة فإنها / سبب لوصلة حبلنا المقطوعِ
واشرب بكف أعن مقتبل الصبا / خنه الشمائل والدلال بديعِ
ساجي اللحاظ تريك صنعه عينه / فتكاتِ مسنون الغرار صنيعِ
ما نم مسك عذارضي خدِّه / إلا ليظهر عذر كل خليعِ
يا هاجري كم ذا التجنّب والقلى / أَو ما تناصف ذلَّتي وخضوعي
إن كنت لم أعص الغرام فإنني / أصبحت للوّام غيرَ مطيعِ
والعذل في سمع المحب كأنه / مال العلاء يراد للتضييعِ
يعطي مؤمنه يغير شفاعة / ما رامه من نائل مشفوعِ
ترعى أمانينا حديقة جوده / فترود في خض النبات مريعِ
مستجمع الطرفين شمل عداته / أبداً وشمل لهاه غير جميعِ
أمواله بين العفاة مضاعة / وضميره للود غير مضيع
ثبت العزيمة لا يزال مقارعا / في حومة الهيجاء كل قريعِ
رفعت له آباؤه وجدوده / شرا بمشترف الرعان رفيعِ
قوم أصولهم أصول للعلى / وفروعهم للمجد خير فروعِ
يا قاطعَ البيداء يبري عنسَه / بالوخد بين برى وبين قطوعِ
كادت تطير برحله لولا الذي / جذبت به من أحبلٍ ونسوعِ
أخر بأبي فخر الدين وأعرف أنه / في الناس وصفيعِ
وأربع بربع الزيني معرسا / تذمم به خضراء كل ربيع
بمطهر الإراس مرهوب الطسا / والبأس ضرار اليدين تفوعِ
لماع أردية المواهب لا يني / يعصي ببراق الفرند لموعِ
يا من أمنتُ وقد خطبت أمانه / من كل خطب للزمان فظيعِ
ووضعت عن كتفي السؤال لغيره / والموت أطيب من سؤال وضيعِ
يفني بأجمعه ويبقى بعده / تقطيعه في أول المجموعِ
أسمع بمذهبها البديع وهاكها / تختال في التذهيب والترصيعِ
فصرت خطاها عن سواك فاقبلت / تمشي إلى جداوك مشي سريعِ
لا زلت تبقى منعما ماغريت / شمس النهار وشرقت لطلوعِ
قرب الوجد والسلو بعيد
قرب الوجد والسلو بعيد / فإلام الملام والتفنيد
حاشلي لا أرى خليع عذار / في هوى من له عذار جديد
بدر تم له من الرمل ردف / وله من جد آية الرمل جيد
حبذا روض خده الغض لو أس / رح لثا في حسنه واورى
مذ قادني دمعي كخديه قان / وجفاني أيامي البيض سودُ
خصِر الريق حل عزم سلوى / عن هواة خصر له معقود
ليس يطفي وقد الصبابة إلا / برد في مجاج فيه برودَ
بأبي زروة له غير زور / ليلة النصف والنجوم ركود
حين وافنى بنبت عنفود فيه / والثريا كأنها عنودُ
بامغاني العقيق لاعفَّك المز / نُ ومدَّت على رباك المدود
وبكت شجوها السحائب في رب / عك ريا وضاحكتك الرعود
كل جود تخال كف علاء الد / ين فيه بالمكرما تجود
ملك صان عرضه ما استباحت / من حمى ماله المضاع الوفود
زينبي للوحي ما بين بيتي / ه نزول وللدعاء صعود
باب إحسانه على الوفد مفتو / ح وباب اعتذاره مسدود
قسما ما أغب طرفة عين / عن مرحٍ طريفه والتليدُ
أبيض العرض والنوائب سود / سائل الجود والأكفّ جمود
فعقيم الرجاء قد لقحته / راحة منه للأيادي ولود
شرس ليَّن لجافٍ ووافٍ / متلف مخلف مفيت مفيدُ
ورع أروع يرجى ويخشى / منه وعد معجّل ووعيدُ
عدم العدم في البرية لما / ملأ الأرض جوده الموجودُ
ولدته من آل غالب الأقيال / غر غلب بها ليل صيدُ
معشر في الندى بحور وفي السل / م بدور وفي الهياج أسودُ
ففداء العلاء نجل علي / من قريب الندى عليه بعيد
عرض كله فعرض زجاج / ويد جلد ووجه حديد
بالنسايا يجود إن جاد يوما / ولديا الرفد السني تقود
قل لمن واصل السرى بأمون / للفيافي والبيد قطعاً تبيدُ
يطلب اليسر من أخي كل عسر / فهو فيهم مجاهد مجهود
زر عماد الإسلام بالمدح واعلم / إنه بالسماح صب عيد
فلديه للوفد حوض إيادٍ / ذو ازدحام وروض جود مجود
يتساوى المجدود أما اجتداه / في اتساع الأرزاق والمحدود
يا أبا نصر الذيب النصر والأق / بال شاد اعلاه والتأييد
إن خطو الخطوب تقصر عمن / ظل نعماك فوقه ممدود
أنا عبد لك استرقَّني الأح / سان فلتشهد العدول الشهود
إرق أعلى ذرى السيادة وال / مجد فرأى الإمام فيك سديد
نبت عنه فالعدل مطرد يش / رق والجور منا لم مطرودُ
ساهراً بت في صلاح الرعايا / وهم وادعون أمناً هجود
رب خطب فصلته بخطاب / لك لم يوت حكمه داود
فاستمعها كأن أبياتها النظ / م لآل منثورة أو عقود
أحكمتها الألفاظ نسجاً ووشت / ها المعاني كما توشى البرودُ
وتمل الدار التي دارت الأف / لاك فيها بما أراك تريد
هي في حسنها كجنة خلد / لك فيها البقاء والتخليد
نقله تنقل الحسود إلى الأخ / رى سريعا مسلم المحسود
أذنت إذ مللت فيها على رغ / م الأعادي يألف عيد يعودُ
أيروى في الهوى غيري وأظما
أيروى في الهوى غيري وأظما / وأقنع بالمنى كلا ولما
سأعطي النفس ما طلبت فأما / تهون فتحمل البلوى وأما
الام تسومني هجرا فهجرا / وتجعل لي وما أجرمت جرما
صددت غرغرة بالشوق ترقى / عليك وصلة بالدمع تدمى
أحاول ستر ما القى وتأبى / دموع العين إلا أن تنما
أحب الوعد منك وأن تنادي / واقنع بالخيال إذا ألما
عسى الأيام تمسح لي بوصل / وتأخذ لمن الهجران سلما
فأثني غدك الممشوق ضما / وأفني ريقك المسعول لثما
وكم ليل من التطوال بتنا / يقلب نجمه في الكأس نجما
يريني عطفا الغصن الرطيب ال / قوام وطرف الرشا الأجما
إلى أن مدت الجوزاء كفا / وساقت من خيول الليل دهما
وقد رق العتاب ودق حتى / ظننا الأسماع وهما
شربنا الراح بالأرواح طيبا / وبعنا الغم في حانات غما
ومائرة الملاط إذا أهيجت / وسمت بوخدها البيداء وسما
فليت بها الفلا والليل مرخ / ملائته وطرف النجم أعمى
إذا بلغت بنا عمرا ولانت / حميما من ندى كفيه جما
فلاحكت لها الأقتاب ظهرا / ولا وردت بها الأخطار حزما
أبرميمٍ قولا وفعلاً / وأكرم منتمٍ خالا وعما
له لحظيريه القرب بعدا / ولفنا يخرق السمع الأصما
وسيم ماسما الأمبيدا / عداه ولا رمى إلا وأعما
مضي العزم ذو رأي جلي / إذا ما حادث الدهر أدلهما
إذا حاربته حاربت ليثا / وإن جاريته جاريت يمّا
له بشر ينم على العطايا / وكيف سترت نشر المسك نما
أغريريك يوم الحرب طيشا / إذا أبلى ويوم السلم حلما
بجودك يا أمين الدين صحَّت / أماني الظنون وكن رجما
لقد شردت عنا العدم حتى / كأن لم يخلق الرحمان عدما
وتمت بسنة المعروف حتى / جعلت عني العفاة عليا حتما
فداؤك يا كما لالدين عار / من النعمة إذ مدح استذما
كأني حين أسأله نوالا / أًُسائل من لوى تيماء رسما
سلمت على الزمان فأنت طود / تقاصر دونه أجما وسلمى
زار من أحيا بزورته
زار من أحيا بزورته / والدجى في لون طرتهِ
قمر يثني معانقه / بانة في ثني بردَتهِ
بت أستجلي المدام على / غرة الواشي وغرتهِ
يا لها من زورة قصرت / فأماتت طول جفوتهِ
حين حلت عقد مصطبرى / عقد من سحر مقلتهِ
وخدود الورد قد دميت / خجلاً من ورد وجنتهِ
يا له في الحسن من صنم / كلّنا من جاهليتهِ
ليس آسي الصب منه سوى / آس خديه وخضرتهِ
وبعيد أن يبل فهل / حبلة في بل غلتهِ
أخذت منه السكون صباً / حركت أفنان صبوتهِ
كلما رمت السلوك له / ردني وجد برمته
آه من خصر له وعلى / خصِر من خمر ريقته
واعتدال فيه حملني / كل جور من قضيتهِ
خان عهدي فاعتمدت على / ماجد يوفي بذمتهِ
وأمين الدين من ضعفت / منتي عن حمل منتهِ
لاح ماء البشر مطردا / لي في أثناء صفحتهِ
أي خطَب ما جلاه لنا / رأيه من بعد غمَّتهِ
ووفاء ليس ينشره / بعد طيّ من طويته
جاوز الجوزاء مشترفا / بمساعيه وهمتهِ
الندى من طبعه أبداً / والعطايا من سجيته
ويمين إنما عمر / عمر في حسن سيرتهِ
ملحق في شرع كل ندى / فرض ما يأتي بسنتهِ
وإذا بحر الحِمام طما / قبو ولاح للجنهِ
بجنان مثل صارمه / وسنان مثل عزمتهِ
وتخال النثرة انتثرت / بعد وهن فوق نثرتهِ
راح عافيه على ثقة / بالغنى من أريحيتهِ
يجزل الجدوى له أبدا / موسعا في سد خلتهِ
يا كمال الملك خذ كلما / لم يرق إلا لرقتهِ
مدت النعماء جانبها / لك فينا طول مدتهِ
دعني أكابد لوعتي وأعاني
دعني أكابد لوعتي وأعاني / أين الطليق من الأسير العاني
آليت لا أدع الملام يغرني / من بعد ما أخذ الغرام عناني
أولي تروض العاذلات وقد رأت / روضات حسن في خدود حسان
ولدى يلتمس السلو ولم أزل / حي الصبابة ميت السلوان
يا برق إن تجف الصقيل فطالما / أغنته عناء سحائب الأجفان
هيهات إن إنسي رباك ووقفة / فيها أغرت بها علم الغيران
ومهفهف ساجي اللحاظ حفظته / فأضاعني وأطعته فعصاني
يسمي قلوب العاشقين بمقلة / طرف السنان وطرفها سبيان
خنث الدلال بشعره وبثغره / يوم الوداع أضلني وهداني
ما قام معتدلا يهز قوامه / إلا وبانت خبطة في البان
يا أهل نعمان إلى وجناتكم / تعزى الشقائق لا إلى النعمان
ما يفعل المران في يد قلب / في القلب فعل مرارة الهجران
ويح اللئام لقد رأوا أعراضهم / عرضا فباعوها بأثمان
يا حاسدي إن كان فضلي ضائعا / فيهم فقد عرف الزمان مكاني
أتيهم بالمدح وهو منخل / فأعود جين أعود بالحرمانِ
وأقول أعواني فإن أملتهم / لندى رأيت الحرب جدعوان
الفقر أمرضني وإن قناعتي / عن أن أطب بجودهم تنهاني
مازلت في بحرانه واليوم لي / بيديك يا ابن محم بحرانِ
إن رمت سقيا الحظ عندك رويا / ظمأى وإن رمت الشفا شفياني
لله من يحي يد نفاعة / نفاحة يحي بها الثقلان
معروفة بالعارفات فدهرها / في بسط مكرمة وقبض عنانِ
ملك مردى بالفخار معدل / رطب الغرار مردد الإحسان
وهاب ما ملكت يداه من اللهى / شباب نار الحرب والضيفان
يعفو عن الجاني ويدني بالندى / أبدا قطوف سماحه للجاني
آل الوحيد من العفاة وغيره / آل يلوح لمائه الظمانِ
أسد إذا ما سار في أجم القنا / لم يلف مفترسا سوى الفرسانِ
وإذا عصى باغٍ عليه رأيته / يمصي بلماع الفرند يمانِ
العفو شيمته وتحت عقابه / خيل تريك كواسر العتبانِ
يهب الجزيل لوفده متهللاً / يوم الندى ويهاب يوم طعانِ
ما روضة وشى الربيع ربوعها / ووشى بها عرف من الريحانِ
مطلولة الأرجاء يضحك زهرها / عن أبيض يقق وأحمر قانِ
كلا ولاسيل بمنعرج اللوى / زجل تغعر به لهي القيعانِ
يوما بأعبق من ثرى إبن هبيرة / طيبا وأغدق منه صوب بنانِ
وأبيد يا تاج الملوك وأنت من / يضح السيوف مواضع التيجانِ
صني فلست أبيع شعرى بعدها / في سوته همج وسوف هوانِ
أضحوا وما للشعر وزن عندهم / إني وقد عرفوه بالأوزان
فاصلح بجود يديك شأني علني / أحظي لديه بما يغيظ الشاني
وانظر إليَّ بعين جودك نظرة / علي أرى شخص الغنى ويراني
واسمح فما للسيل مثل مواهب / تسدى ولا للسيف مثل لساني
ما لي وللشعراء لا يقرون ما / أفرى ولا يجرون في ميداني
فغيبهم سفها يعجز مصقعا / وهجيتهم يبغي لحاق هجانِ
أقول للغيث لما سال واديه
أقول للغيث لما سال واديه / تحدثي عن جفوني يا غواديهِ
بيني وبينك سر توصفين به / لولا الحبيب لما نمت دواعيِهِ
أمرت مزنا أجفانا بكيت بها / فمن أعارا ضوء البرق من فيه
أما وزورته والشهب ناعسة / والليل قد رق أو كادت حواشيهِ
لقد وهي عزم صبري يوم ودَّعني / أحوي ضعيف نطاق الخصرواهيهِ
أهون الأمر أحيانا فاعتبه / واستغيث فاخشى نخوة التيهِ
جنيت من خده ورد الحياء على / عمد وقد كان يحميه تجنيه
عصيت في حبه من بات يعذلني / وما أطعت الهوى إلا لأعصيهِ
ورب روض بريق الدن مغتبن / لولا ثناياك لم تعرف قاحيه
باكرته وعيون الزهر ساهية / وللصبا نشطات في نواحيهِ
أقول يا لائمي فيمن كلفت به / اقامة الغصن أبطى أم تثنيهِ
وذا الرلي عهاد المزن تبعثه / للرونض أم يدعون الدين توليهِ
لا تطلب النصر إلا من كتائبه / ولا المعالي إلا من معانيه
لله أي وفاء في طويته / وأي حزم وعزم كامن فبه
عضب الصرائم لم تكهم صوارمه / يوم اللقاء ولم تسلم أعاديدِ
قيل إذا قال عاف عن مواهبه / قامت بحجة ما يولي دعاويهِ
تداركت كفه الإحسان وهو لقى / فأوجدته ولجت في تلاقيهِ
يسالم القدر الجاري مسالمه / طوعا له ويعادي من يعاديهِ
بلغت من زمني ما أرتجيه به / فليس ينشر ما أصبحت أطويه
يشب نار القرى والقور مظلمة / والعام بالجدب قد شابت نواصيهِ
خرق مرت يده خلف الرجاء لنا / فلا محالة أن يمترا راجيهِ
مقسم الرأي في ملكِ يدبره / وعارض رجل الأرجاء يزجيه
لوسار سَاريه فيه لما سمعت / أذناه من قاب قوس من يناديه
يلقي على الليل ليلا من عجاجته / ويقذف الشهب شهب من عواليهِ
يقوده كل مسبوح الذراع جرى / إلى الزمان فأعيا من يجاريه
يعدو به لاحق إلا طلبن مشترف / ما خالف الطير إلا في خوافيه
يعود لا يرى يوما له كفل / في غارة فهو يوم الروع هاديهِ
يغديك يا ذاكر المعروف كل فتى / ينسى العطاء على عمد وينسيه
مهون العرض ما أبيضت عوارفه / للطالبين ولا أسيدت أثافيه
به من البخل داء لا دواء له / إلا الهجاء وعندي ما يداويهِ
وما دعيت بيحيى إذ دعيت به / إلا لميت رجاء أنت محييه
والله لا ذل لاج أنت ناصره / يوما ولا ضل راج أنت هاديهِ
رام بي أنني حصاة قذاف
رام بي أنني حصاة قذاف / واشف هماً ما إن له اليوم شاف
واستعر لي إن شئت ضدا فإني / ليس ضدي كفوا فمن ذا اكافي
إن أكن قد خفيت عنهم فإن ال / بدر يمسي عن أعين الكنة خاف
وكذاك الدر اليتيم تراه / أبدا يستكن في الأصدافِ
أو ما شعري الذي لم يزل ين / شره في البلاد طي الفيافي
هو أحلى من الخدود إذا / أنبت فيها الحياء ورد القطافِ
يتشافى به الرواة ومنه / في قلوب الأعداء وخز الأشافي
يا أعف الأنام يا عون دين ال / له يا من غدا ملاذ العافي
لم أسفسف منه مديحك فاسمع / ه ولا تستمعن السفاسفِ
معشر قد بليت منهم باجبا / س ثقال ذوي رؤوس خفافِ
حضر فيهم على حصر الأل / سن في القول غلظة الأجلافِ
كيف لا يجدون من خص باللط / طف من الله والمعاني اللطافِ
من له بحر خاطر مثل جدوا / ك تراه من نسيبه ذا اغترافِ
يا فتى دينه مضاعفة الجو / د لسؤال ونصر الضعافِ
قد ألفت الإحسان منك فتمّم / وتلاف أمري قبيل تلاقي
فمتى مالويت طرفات عني / خانني القول والتنت أطرافي
أوعداني طول لديك فثق من / سي بطول النمين والإيجافِ
يا فتى ترجف القلوب إذا أف / بل في عرض جيشه الزحَّافِ
تتهادى بد الكميت تهادى ال / برق بين الأرماح والإسبافِ
وعليه مسرودة نسب داو / د وأخرى من التقى والعفافِ
لك ورد صاف وربع خصيب / وجناب رحب وظل ضافِ
وانعطاف من الرضا أبدا تغن / نيك عاداته عن استعطافِ
أنت من انشر القريض وقد كا / ن رميما تسفي عليه السوافي
لا تسمني بغير وسمي فما ين / كر خلق أني عويق التوافي
فتأمل أو كان شعري زيفا / لم ابهري به على الصرافِ
أولو اني من اللصوص لما جئ / ت بكايتي إلى العرافِ
قصدهم في تخلفي يبعدوني / عنك يا ذا الندى بغير خلافِ
ليس يقفو لي شاعر قط أثرا / فارم قول الواشين بي خلف قافِ
وطويل لمن يكون سطيحا / سبق عمرو في عدوه وخفافِ
أنت بدر الخطوب لا زلت تجلو / ها ونار الحروب ىوالأضيافِ
أنت أسلفتني السماح فخذها / حرة يا مقابل الأسلافِ
كلما كررت على سامعيها / فعلت بالعقول فعل السلاف
يتغنى بها الحداة وتغني / عن لقاء الأحباب والآلاف
لا كأشعار من إذا أنشدوها / وسط آب حست بالنفناف
لا عدا ربعك الوفود ولا / زال رحيبا موطاّ الأكناف
وساحر الطرفَ فاتر الناظر
وساحر الطرفَ فاتر الناظر / ذليلة وهجرانه بلا أخر
سهرت شوقا أرعى النجوم له / وبات في رقدة عن الساهر
خاطرت في حبه وما خطرت / مني له سلوة على خاطرَ
ما أنا ناس تلك العهود فمن / يضمن لي عنه أنه ذاكرُ
يا بدر هذا الربيع مقتبل / فقم وبادر أوقاته بادر
واشرب على الورد إنه خجل / وانظر إلى الغصن إنه ناضرُ
ورب سمراء قد لهوت بها / بلا رقيب يخشى ولا سامر
أطلت منها عمر الوصال ولم / أحفل على أن فومها عامر
تنعى إلى سدرة الغضا خبر ال / إصباح والليل بيننا سادر
ما أحوح الصب بعد فرقة تي / ماء إلى وقفة على حاجر
يغدر بالعاذلات في حب ظم / ياء ويهدى الوفاء للنادر
كيف تبدلت يا ديارهم / للصب من بعد انسرمنافرُ
يغنيك إن لم تجد سارية / وطفاء جود من مد معصي ماطر
يا دهركم تخمل الأديب وكم / ترفع قدرا من خامل قاصرً
لا بد من سفرة ترى أملي / في صفحتيها عن وجهه سافرُ
فليس ذنبي إلى البخيل سوى / أني لا ريبة له شاعر
وكيف أرضى بذا ولي خطر / مافا بعني وخاطر حاضر
وسابح إن علوت صهوته / حسبتني طائرا على طائر
هيهات أخشى من الزمان أذى / وعون دين الإله لي ناصر
ذاك الذي وفره لسائله / نهب مباح وعرضه وافرُ
يحيى الوزير الذي بنائله / يحيا محل السماحة الدائر
أشجع من قلبت أنامله / رمحا طويلاً أو مرهقا باتر
نعم ومن جال يوم معركة / على قرا واسع القرا ضامرُ
يكسر جمع الصفوف مقتحما / كأنه فوق أجدلِ كاسر
يسقطر ماء السماح من يده / وسيفه من دم العدا قاطر
يحكم جمع الصفوف مقتحما / كأنه فوق أجدلِ كاسرُ
لما رآه المام احزم من / جرب من وارد ومن صادر
ناط الامور الأمام منه إلى / طَبَّ مادواء مثلهم ماهرُ
يا غيث جدب ما زال منهمرا / وليث حرب بين القنا خادرِ
يا عاقر الكوم والكماة معا / لولاك كانت أم الندى عاقر
قدمت لما قدمت في لجب / كأنه سيل قلة غامرُ
في ظهر نهد يهوي بمنصلت / كأنه بطن جدول مارُ
يلقى العدا العدا الخائفين دهرهم / ببأس لا خائف ولا ذاعرُ
كم كان للسائلين يا ملك ال / جيوش لما بعدت من ناهرُ
لولا نداك انطوى القريض وما / كان له بعد طيه ناشرُ
ولا رأى في يديه من أحد / مهر ابنة الفكر شاعر ماهرُ
وهاك شعري فانّه عجب / حلو المعاني مقيد سائرُ
لا زلت مغرى بالمجد مقتدرا / ناه لأيام دهرنا أمرُ
لو شاء من أبدى الوصال أَعادا
لو شاء من أبدى الوصال أَعادا / أو ممرض لي بالصبابة عادا
ما لي ألام على الغرام ولم أكن / يا صاحبي لتركه معتادا
سهلت طريف الصبر لولا زفرة / ملأت جفوني عبرة وسهادا
ولرب فتلاء الوشاح غريرة / ولع الصبا بقوامها فانادا
أهدت إليك صبابة لم تنسها / وأتتك في أترابها تتهادى
خاصرتها فخصرت لدنا ناعما / ولثمت معسول الرضاب برادا
وسقيتها الصهباء صوفا والدجى / قدَرت بُردُ شبابهِ أو كادا
يا سلم لو أنصفت خففت الأسى / عني وبدلت السهاد رقادا
أبعدت مرمى الوصل عمن رامه / وازددت مع قرب الرقيب بعادا
زيدي من الهجر المبرح انني / بعت اصطباري عنك فيمن زادا
وأبيك ما تجدين غيري عاشقا / كلفا ولا غير الوزير جوادا
ملك مباح حمى المكارم حامل / ماشئت إلا الوتر والاحقادا
يهب الكواعب محصنات والظبى / مشحوذة والصافنات جيادا
وعلاه لا صحبت عداه رؤوسهم / ما فارقت أسيافه الإغمادا
صبغت صوارمه الرقاق وخيله / وقناه ما ورد العجاب ورادا
أصبحت يا ابن محمد بن هبيرة / في الحرب أورى القادحين زنادا
أنت الذي قاد الردى نحو العدا / قسرا ولولا باسه ما انقادا
باسود غيل هجهجت يوم الوغى / بسطاك من جيش العدو نفادا
نبتوا على دين الخلاف فأصبحوا / لسيوف أرباب الرفاق حصادا
ناهضتهم في عارض متألق / لبست به شمس النهار حدادا
برقت به البيض الصفاح فلم تزل / حتى جعلت لبرقها أرعادا
لم يلف مسعود السادة عندها / كبتا ولم يجد الرشيد رشادا
وابيض منه سواده لما رأى / نقعا أعدت به الضحاء سوادا
ومضى هزيما وانثنيت مظفرا / ثبتا تعود لقصمة لا عادا
قسما لقدب لغت مناها أمة / أمسى لها تاج الملوك عمادا
ما شاد حصن في فزارة بعض ما / شادت يدا يحيى الوزير وسادا
الواطئين الهام في رهج الوغى / بسنابك تذر اليفا وهادا
قوم إذا استلموا ليوم كريهة / أفنوا العدا والمرهفات جلادا
لله مني شاعر خولته / منك الغنى فأجاد فيمن جادا
ينسيك كعباً والرميع ومالكا / والأعشيين وجرولا وزيادا
طبعا رزقت صناعة الشعر التي / أبدعت فيها بيد أن أتَبادى
شعر يفوح الشيح من أثنائه / عبقا وما جاوزته بغدادا
وافيتك ابن أبي صريحا لم أقل / سائل جدودي خثعما ومرادا
كم من فقير خامل أصفدته / وفككت بالإحسان عنه صفادا
لم ترض همتك الأراضي موطنا / فبنت على فرع السماك مهادا
أمسى عتادك كل محبوك القرا / أكرم به في الحادثات عتادا
وصوار ما مثل الخدود صقيلة / وذوابلا مثل القدود صمادا
يفديك من خاطبته بمدائحي / فكأنما خاطبت منه جمادا
ينسيه مدحي بخله فيهم إن / يعطي ولو أعطى لكان ثمادا
لولا نداك الغمر بت مبدلا / بالأهل أهلا والبلاد بلادا
في راحتيك النفع والضرر
في راحتيك النفع والضرر / يا من يدين لأمره القدر
أنت الذي في عمر موعده / أبدا وعمر عدوة قصرُ
أنت الذي آليت إنك لا / تبقي على شيء ولا ذرُ
أنت الذي لا ألعي يحصره / إن قال مبتدها ولا الحصرُ
أنت المسير كل مكرمة / بحديثها تتجمل السيرُ
بأبي إياد منك سالفة / راقت في صفوها كدرُ
ومواهب بالبشر تمزقها / في مثلها يتنافس البئرُ
يا من يروم اليسر من نفر / قفل المكارم عندهم عسرُ
أنزل بعون الدين وأدع به / أنا مقتر تتبادر البدرُ
سبط الأنامل رطبهن إذا / يبس الثرى وتجعد المطرُ
عقدت تمائمه على ملك / ما حل عقدة رأيه خورُ
يجفو الخنا ويعافه كرما / منه ويعفو وهو مقتدرُ
سيّان إن ذكرت عزيمته / في مأزق والصارم الذكرُ
حلو غداة السلم ممتدح / لكنه يوم الوغى صبرُ
لا الجود نزر من يديه إذا / أعطى ولا الإحسان مختصرُ
يعطيك فوق مناك من أمل / أملته فيه ويعتذرُ
متواضع والفخر يرفعه / متبلج والدهر معتكر
ومدرب في الحرب تعرفه / بيض الصوارم والقنا السمرُ
والسابقات تزينها أعذر / والسابغات كأنها غدرُ
ماروضة بالحزن باكرها / طل على المنثور منتثرُ
اغصانها من لينها هيفا / تحكي الخصور وماؤها خصرُ
نظرت إليها السحب باكية / فأتاك ببسم نبتها النضرُ
يوما باحسن من خلائقه / ولشبهها يستحسن الزهرُ
ففداء يحيى من عوائده / أن لا يرى في عوده ثمرُ
لم تخطر الجدوى بخاطره / وكذاك راح وماله خطرُ
يا من يصدق ظن أمله / لاغيرت أيامك الغِيَرُ
وبقيت يا من عصر دولته / للخائفين زمانهم عصرُ
لو أن كفك لامست حجرا / صلدا لا ورف ذلك الحجرُ
كم فيك لي غراء خالية / من كلفة أبياتها الغورُ
معقولة بنداك سائرة / ماسار يوما سيرها القمر
فاعطف عليها إنها قمر / أضحت إلى جدواك تفتقر
وافطر وعِيد وابق في نعم / كبد الحسود لها ستفطر
ورب مر الهجر حلو العتاب
ورب مر الهجر حلو العتاب / معتدل يثنيه سكر الشباب
عاطيته صهباء ممزوجة / بدمعة الصب ودمع السحاب
فانتقبت وجنته حمرة / يا حسنها من وردة في نقاب
وسمته في سكره قولة / ودونها في الصحو شيب الغراب
فما الذي أعتب من هاجر / أدّبته معتمدا فاستراب
إن أعرض اليوم فكم دعوة / أجابها في عرضه المستجاب
حيث مغاني اللهو مأهولة / منه وأغصان التصابي رطاب
فما الأقاحي خضل نبته / أغب في حاشيتيه الرباتِ
ينساب في أثنائه جدول / منفتل مثل انسياب الحباب
مفضض طوراً وطورا يرى / مذهب المتن ببرق الذهاب
يحيا بأحلى منه لما بدا / يبسم عن تلك الثنايا العذاب
تلك لتقبيل فمي صورت / وكف يحي للندى والضراب
المانح المانع عن جاره / والماجد الثبت اللبيب اللباب
أغر مصقول حواشي الندى / وأرى زناد المجد رحب الجناب
لدن إذا هز لمسترفد / صعب على الحساد سهل الحجاب
أشم سامي تلعات العلى / موطا العز فسيح القباب
ذو عزة قعساء عادية / وغرة لائحةٍ كالشهاب
إن صال أبصرت غمود الظبي / عداه أو قال سمعت الصواب
محارب تغنيه أراؤه / عن المواضي والفنا والحراب
إذا سما طالب شأو شأى / وإن رمى مفصل غاو أصاب
سماحة في طرفيها حجى / ورحمة في طرفيها عقاب
إن سئل المعروف أسنى وإن / جاد على العافي ابتداء أطاب
يا راكبا في كل ملومة / جرد المذاكي وظهور العصاب
وطود حلم لي من كفه / بحر سفيه الموج طامي العباب
وواهب الأبكار مثل الدمى / والهجمة الرتع مثل الهضاب
عندك للأعداء يا حتفهم / عقبان فوقها أسد غاب
وليس يحلو غمرات الردى / غير عراب في متون العِراب
في كل يوم للغدا منهم / وقعة ذي قار ويوم الكلاب
عتادهم في الروع مسرودة / زغف وجرد عمل كالذئاب
وكل رجاف الأعالي حكى / لون سليمي ووام الرباب
فداء عون الدين من عرضه / عند التسامي عرضة للنباب
تخوضه العين ولكنها / تخوض منه معمعان السراب
رفقا بما توليه رفقا فقد / سارت بشعري ونداك الركاب
فاجتل من لفظي مشمولة / ترقص بالألباب رقص الحبابِ
حرمتها عمداً على باخل / بمهرها وهي حلال الشراب
واستقبل السعد فقد أقبلت / أنجمه تطلع من كل باك
عاود القلب شجوه واد كاره
عاود القلب شجوه واد كاره / يوم سارت عن حاجر أقماره
ليت ذاك الحبيب يوم استقل ال / حي تدنو من المحب دياره
فأداني بعد البعاد غزالا / تفر النوم عن جفوني نفاره
لست إنساهِ زائرا في دجى ال / ليل وحاشا الحبيب ينسى مزاره
حين طوقته عناقا فكفا / ى وشاح له وصدري صداره
طرفه واحو راره ملك الأن / فسر منا أم خده واحمراره
يا لها مقلة تبرح بالجل / د وخدا يهون النار ناره
كيف لي بالدنو منه ومن أي / ن وحزوى داري وتيماء داره
لا استقلت حوافل المزن أوتن / تج في ذلك البحل عشاره
فيسقي حوذانه وأقاحي / ه ويروى خيريه وعراره
جار في مذهب الصبابة لا جار / ورام الهجران فالله جاره
شهره صرت في هواه كأني / جود يحيى بين الورى وأشتهارُه
المرجى نواله الغمر والمغ / شي مغناه والعلي مناره
والوقور الذي يخف ذرا أح / د وقدس ولا يخف وتارُه
رائق بشره هني نداه / طيب نشره زكي نجاره
طالعا في دجى الحوادث بدرا / ليس يخشى منها عليه سراره
ليس تأتي يمينه عند بذل ال / عرف شيئا إلا وزاد يساره
أريحي خالي العطاء من المن / نة ملآن من عفاف ازارُ
ذكرت قبله الكرام فلما / جاء أنست أخبارهم أخبارُه
حبذا رفده الجزيل لراجي / ه وبعد الرفد الجزيل اعتذاره
يخجل القطر كفه حين يستم / طر والبحر طاميا تيارُه
ليس يعفو وطبعه العفو إلا / حين يبدو لجارميه اقتدارُه
أثبت الناس في الهياج إذا ما / أوقدت ناره وطار شراره
لا يخاف الفرار منه إذا خي / ف من العاجز الجبان فرارُه
وسواء حسامه ولسان / باتك حدة رهيف غرازه
ففداء الوزير كل بخيل / كاذب الوعد ربه دينارُه
ما الذي يستلذ في جمعه الما / ل وعار عليه وهو معارُه
يا جوادا غلا به الشعر لما / رخصت في زماننا أسعارُه
أنت عود الندى الرطيب ولا غر / و إذا ما حلت لجان ثماره
هاك سحر الكلام تجلى على مج / دك يا واحد الندى أبكاره
عشت في دولة تخلد مالا / ح مساء وما أطل نهارُه
ولع النسيم وبانه الجرعا
ولع النسيم وبانه الجرعا / وصفاك إلا الحلي والردعا
يا دمية ضاقت خلاخلها / عنها وضقت بحبها ذرعا
قد كنت ذا دمع وذا جلد / فبقيت لا جلدا ولا دمعا
صيرت جسمي للضنى سكنا / وسكنت بعد قبالة الجزعا
يا من رأى أدماء سانحة / قلبي لها لا المنحنى مرعى
لاثت بمثل الدعص مئزرها / وجلت بعودا راكة طلعا
وإذا تراجعك الكلام فلا / تعدم لأيام الصبا رجعا
ولقد سعت بالراح تصبحني / سكرى اللواحظ وعثة المسعى
في مستنير الزهر ما صنعت / إبراده عدن ولا صنعا
باكرت مقترعا ثراه وما / ركت الحام لبانة فرعا
سلت عليه البارقات ظبي / لبس االغدير لحوفها دوعا
يا عاذلي إن شئت تسمعني / عذلا فشف لصخرة سمعا
طبعا جبلت على الغرام كما / جهل الوزير على الندى طبعا
ملك رزين الحلم منتقم / غير أن طبع مجتني المرعى
لطريره ونزيله قسمت / خلقاه ذاضرا وذا نفعا
سامي الندى يلقى العدا أبدا / وترا وتلقى جوده شفعا
هام تدر عليك أنعمه / عفوا لوم تبس لها ضرعا
لما صنعت له المديح رأى / حسنا فأحسن عنده الصنعا
مازلت تحت الخفض مستترا / حتى رأيت بمدحه الرفعا
قسما بمن حج الحجيج له / والمازمين ومن أتى جمعا
تسعى به فتلاء تحسبها / في نسعها من دقةٍ نسعا
ما زال سير الخمس ينحلها / حتى أطفن بمكة سبعا
إن الوزير فتى هبيرة لم / يرث السماحة والندى بدعا
الواصل المعروف حين رأى / لسواه في إيثاره قطعا
لوقيل زد وسعا على كرم / تأتيه طبعا فلم يجد وسعا
تغنيه يوم الروع سطوته / عن أن يخوض لمأزق نفعا
وبكفه قلم يصول به / يغني الفتير ويشعب الصدعا
فيه حياة للولي وللغم / ر المعادي حية تسعى
ففداء هون الدين كل فتى / يقلي السماح ويعشق المنعا
من معشر ليسوا إذا نسبوا / في الجود لا غربا ولا نبعا
بيض الوجوه فغن هم سئلوا / رفدا رأيت وجوههم سفعا
وافيت يا تاج الملوك على / وضع يخالف ذلك الوضعا
لما رايتَ البخل شرعهم / أرسلت تنسخ ذلك الشرعا
يا ابن الأولي وطئوا على عنفٍ / من حاسديهم آنفا جدعا
غرس مساميع ذوو لسن / مشحوذة لا تعرف القذعا
بلك يدفع النكبات نازلة / من ساورته فلم يطق دفعا
فلك سددت لآمل خللا / ولكم مددت لخامل ضبعا
لو كنت في زمن الكليم لما / دخل المِرا آياته التسعا
أعدد للحدثان كل فتى / لبى الكريهة قبل أن يدعا
ومهندا ما اهتز يوم وغى / إلا رأيت لبان لمعا
ومشرفا نهدا مراكله / جذعا تخال بلبته جذعا
يجري على الغايات فارسه / خبيا فتحسب طرفه سمعا
أحييتَ يا حيى الرجاء كما / أحيا وليَّ الديمة الرَّرعا
أنا ناظم الدر الثمين إذا / وأفاك غيري ناظما جزعا
فتهنَّ شهر الله وابق على / مر الشهور مهنئا جمعا
ما ناوح الدوحَ النسيم وما / طرب الحمام فرجَع السجعا
بأي لسان للوشاة ألام
بأي لسان للوشاة ألام / وقد علموا أني سهرت وناموا
أهيم وما أظهرت في الحب بدعة / ولو انهم ذاقوا الغرام لهاموا
هل العشق إلا لوعة مستكنة / ينم عليها زفرة وغرامُ
الأم على حبّي وهو مبرح / وأكبر برح في هواك ملامُ
أيستكثرون الوصل لي منك ليلةً / وقد مر عام بالصدود وعامُ
يكلفين أن لا أرى الغدر شيمة / غاسلو وداد صادف وذمامَ
كأن علي العشق ضربة لا زم / وما هو إلا للكريم لزامُ
ومائله العطفين من نشرة الصبا / لها صحة في طرفها وسقامُ
يخجل منها الأقحوان مقبل / ويروي بخوط الخيزران قوامُ
أعانقها سرا فيظهر سرنا / وشاح له بين الوشاة كام
على أن بردينا وقد برد الثرى / عناق وضم واللثام لثامُ
أحن إذا فاحت من الغور نفحة / وناحت بأعلى الدوحتين حمامُ
وبيد أيدناها بعنس كأنها / إذا نفحت ريح السموم سمام
طلائح أمثال القسي يحثها / رجال كأمثال السهام سهامُ
لها عند عون الذين ذي الطول / مربع جميم وأمواه تسيل جمامُ
ولو لم نقدها نحوه لاستقادها / له سائق من جوده وزمامُ
هو المرء أما ماله فيحلل / مباح وأما عرضه فحرامُ
أتى فعلى دار السلام سلامة / بمقدمه مستبشرا وسلامُ
وعاد إليها صبحها ولقد غدا / بها الصبح لما سار وهو ظلامُ
يذوذ به الجاني فيدنو مناله / ويحمي حماه والصفوف قيامُ
أشم رزين الحلم تحسب أنه / إذا ما احتبى وسط النّديّ شمامُ
منيع الحمى لو رام أدرك جده / من النجم لم يبعد عليه مرامُ
عصام اليتامى والأرامل حجرة / وناهيك منه حجرة وعصامُ
خفي مرامي الكيد باتت تدلنا / عليه عطايا لا تعب جسامُ
ينام وراء الثار ولم يزل / بعين وراء الثأر ليس تنامُ
وما ذاك إلا أنه متيقظ / تضام الرواسي وهو ليس يضامُ
الست من القوم الذين وجوههم / بدور وأيديهم حمى وحمام
أعدوا لأسباب الردى كل سابح / عليه غلام للمتون غلامُ
يناط بأعراف النجوم لجامه / ويجري فيلقى الأرض منه حزامُ
وموضونة كالماء أرعد متنه / وفض عليه للنسيم ختامُ
واسمر سكران المهزة يلتقي / شطاط بأعلى عوده وعرامُ
حسامك يا يحيى الوزير منية / ورأيك يا تاج الماوك حسامُ
أفي كل يوم أنت قائد جحفل / تروم به الأعداء وهو لهامُ
لهم منه في الأقدام ما بصروا به / نفار وفي الأحجام عنه زحامُ
يسوفهم مثل السوام جوامحا / إلى كل سوق للحمام
لقد عرقتني بالعراق نوائب / ولولاك لم تبعد علي شآم
ووالله لانكبت عنك معزبا / ولو جب مني غارب وسنامُ
وهيهات أن أنسى نداك وبلدة / بها نبتت لي جلدة وعظام
لقد حل منك المجد في مستقره / فلا حُلّ منه ما حييت نظامُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025