المجموع : 181
لِلدَّهرِ إِدبارٌ وَإِقبالُ
لِلدَّهرِ إِدبارٌ وَإِقبالُ / وَكُلُّ حالٍ بَعدَها حالُ
وَصاحِبُ الأَيّامِ في غَفلَةٍ / وَلَيسَ لِلأَيّامِ إِغفالُ
وَالمَرءُ مَنسوبٌ إِلى فِعلِهِ / وَالناسُ أَخبارٌ وَأَمثالُ
يا أَيُّها المُطلِقُ آمالَهُ / مِن دونِ آمالِكَ آجالُ
كَم أَبلَتِ الدُنيا وَكَم جَدَّدَت / مِنّا وَكَم تُبلي وَتَغتالُ
ما أَحسَنَ الصَبرَ وَلا سِيَّما / بِالحُرِّ إِن ضاقَت بِهِ الحالُ
يَشهَدُ أَعدائي بِأَنّي فَتىً / قَطّاعُ أَسبابٍ وَوَصّالُ
لا تَملِكُ الشِدَّةُ عَزمي وَلا / يُبطِرُني جاهٌ وَلا مالُ
بَلِّغ أَميرَ المُؤمِنينَ الَّذي / لَم آلُهُ نُصحاً وَلا آلو
عَجِلتِ وَما كُلُّ العَواذِلِ يَعجَلُ
عَجِلتِ وَما كُلُّ العَواذِلِ يَعجَلُ / وَكَم لائِمٍ مُستَجهِلٍ وَهُوَ أَجهَلُ
وَرىً لِمَطايا لا تَزالُ عِتاقُها / تَخُبُّ بِآجالِ الرِجالِ وَتُرقِلُ
كَأَن لَم تَكُن لَيلى تُزارُ وَلَم أَكُن / أُزارُ إِذا ما غِبتُ عَنها وَأوصَلُ
وَلَمّا بَدَت بَينَ الوُشاةِ كَأَنَّها / عِناقُ الفِراقِ يُشتَهى وَهُوَ يَقتُلُ
يَئِستُ مِنَ الدُنيا وَقُلتُ لِصاحِبي / لَئِن عَجِلَت لَلمَوتُ أَوحى وَأَعجَلُ
أَلا عَلِّلاني وَالكَريمُ يُعَلَّلُ / وَلا تَعذِلاني ما يَحِلُّ وَيَجمُلُ
سَماعٌ وَرَيحانٌ وَراحٌ وَصاحِبٌ / حَبيبٌ إِلَينا ما يَقولُ وَيَفعَلُ
وَإِيّاكُما وَالخَمرَ لا تَقرَبانِها / كَفى عِوَضاً عَنها الشَرابُ المُعَسَّلُ
لَنا في بَني العَباسِ أَكرَمُ أُسوَةٍ / فَهُم خَيرُ خَلقِ اللَهِ طُرّاً وَأَفضَلُ
أَلَيسَت لَهُم عِندَ المَقامِ سِقايَةٌ / مُكَرَّمَةٌ تَروي الحَجيجَ وَتَفضُلُ
وَقائِلٍ أَيُّهُما أَنوَرُ
وَقائِلٍ أَيُّهُما أَنوَرُ / الشَمسُ أَم سَيِّدُنا جَعفَرُ
قُلتُ لَقَد أَكبَرتَ شَمسَ الضُحى / جَهلاً وَما أَنصَفتَ مَن تَذكُرُ
هَل بَقِيَت فيكَ مَجوسِيَّةٌ / فَالشَمسُ في مِلَّتِها تُكبَرُ
أَم أَنتَ مِن أَبنائِها عالِمٌ / وَزَلَّةُ العالِمِ لا تُغفَرُ
فَقُل مَعاذَ اللَهِ مِن هَفوَةٍ / قالَ فَهَل يَغلَطُ مُستَخبِرُ
الشَمسُ يَومَ الدَجنِ مَحجوبَةٌ / وَاللَيلُ يُخفيها فَلا تَظهَرُ
فَهيَ عَلى الحالَينِ مَملوكَةٌ / لا تَدفَعُ الرِقَّ وَلا تُنكِرُ
فَكَيفَ قايَستَ بِها غُرَّةً / غَرّاءَ لا تَخفى وَلا تُستَرُ
في كُلِّ وَقتٍ نورُها ساطِعٌ / وَكُلُّ وَصفٍ دونَها يَقصُرُ
فَقالَ هَل أَكمَلَها قَدرُهُ / إِذا بَدا في حُلَّةٍ يَخطُرُ
كَالرُمحِ مَهزوزاً عَلى أَنَّهُ / لا فارِطُ الطولِ ولا جَحدَرُ
أَحسَنُ خَلقِ اللَهِ وَجهاً إِذا / بِدا عَلَيهِ حُلَّةٌ تَزهَرُ
وَأَخطَبُ الناسِ عَلى مِنبَرٍ / يَختالُ في وَطأَتِهِ المِنبَرُ
وَتَطرَبُ الخَيلُ إِذا ما عَلا / مُتونَها فَالخَيلُ تَستَبشِرُ
وَتَرجُفُ الأَرضُ بِأَعدائِهِ / إِذا عَلاهُ الدِرعُ وَالمِغفَرُ
قالَ وَأَينَ البَحرُ مِن جودِهِ / قُلتُ وَلا أَضعافُهُ أَبحُرُ
البَحرُ مَحصورٌ لَهُ بَرزَخٌ / وَالجودُ في كَفَّيهِ لا يُحصَرُ
قالَ وَكَيفَ البَأسُ عِندَ الوَغى / قُلتُ أَتاكَ النَبَأُ الأَكبَرُ
قامَ وَأَهلُ الأَرضِ في رَجفَةٍ / يَخبِطُ فيها المُقبِلَ المُدبِرُ
في فِتنَةٍ عَمياءَ لا نارُها / تَخبو وَلا موقِدُها يَفتُرُ
وَالدينُ قَد أَشفى وَأَنصارُهُ / أَيدي سَبا مَوعِدُها المَحشَرُ
كُلُّ حَنيفٍ مِنهُمُ مُسلِمٍ / لِلكُفرِ فيهِ مَنظَرٌ مُنكَرُ
إِمّا قَتيلٌ أَو أَسيرٌ فَلا / يُرثى لِمَن يُقتَلُ أَو يُؤسَرُ
فَأَمَّرَ اللَهُ إِمامَ الهُدى / وَاللَهُ مَن يَنصُرُهُ يُنصَرُ
وَفَوَّضَ الأَمرَ إلى رَبِّهِ / مُستَنصِراً إِذ لَيسَ مُستَنصَرُ
وَنَبَذَ الشورى إِلى أَهلِها / لَم يَثنِهِ خَشيَةُ ما حَذّروا
وَقالَ وَالأَلسُنُ مَقبوضَةٌ / لِيُبلِغِ الغائِبَ مَن يَحضُرُ
أَنّي تَوَكَّلتُ عَلى اللَهِ لا / أُشرِكُ بِاللَهِ وَلا أَكفُرُ
لا أَدَّعي القُدرَةَ مِن دونِهِ / بِاللَهِ حَولي وَبِهِ أَقدِرُ
أَشكُرُهُ إِن كُنتُ في نِعمَةٍ / مِنهُ وَإِن أَذنَبتُ أَستَغفِرُ
فَلَيسَ تَوفيقيَ إِلّا بِهِ / يَعلَمُ ما أُخفي وَما أُظهِرُ
فَهوَ الَّذي قَلَّدني أَمرَهُ / إِن أَنا لَم أَشكُر فَمَن يَشكُرُ
وَاللَهُ لا يُعبَدُ سِرّاً وَلا / مِثلي عَلى تَقصيرِهِ يُعذَرُ
وَجَرَّدَ الحَقَّ فَأَشجى بِهِ / مَن كانَ عَن أَحكامِهِ يَنفِرُ
وَاِنفَضَّتِ الأَعداءُ مِن حَولِهِ / كَحُمُرٍ أَنفَرَها قَسوَرُ
وَصاحَ إِبليسُ بِأَصحابِهِ / حَلَّ بِنا ما لَم نَزَل نَحذَرُ
مالي وَلِلغُرِّ بَني هاشِمٍ / في كُلِّ دَهرٍ مِنهُمُ مُنذِرُ
أَكُلَّما قُلتُ خَبا كَوكَبٌ / مِنهُم بِدا لي كَوكَبٌ يَزهَرُ
لَم يُلهِهِ عَنّي الشَبابُ الَّذي / يُلهي وَلا الدُنيا الَّتي تُعمَرُ
وَاللَهِ لَو أَمهَلَنا ساعَةً / ما هَلَّلَ الناسُ وَلا كَبَّروا
أَلَيسَ قَد كانوا أَجابوا إِلى / أَن أَظهَروا الشِركَ كَما أَضمَروا
وَأَظهَروا أَنَّهُمُ قُدَّرٌ / قُدرَةَ مَن يَقضى وَمَن يَقدِرُ
وَشَتَموا القَومَ الَّذينَ اِرتَضى / بِهِم رَسولُ اللَهِ وَاِستَكبروا
فَرَدَّهُم طَوعاً وَكَرهاً إِلى / أَن عَرَفوا الحَقَّ الَّذي أَنكَروا
وَوافَقوا مِن بَعدِ ما فارَقوا / وَأَقبَلوا مِن بَعدِ ما أَدبَروا
يا أَعظَمَ الناسِ عَلى مُسلِمٍ / حَقّاً وَيا أَشرَفَ مَن يَفخَرُ
الرِدَّةُ الأولى ثَنى أَهلَها / حَزمُ أَبي بَكرٍ وَلَم يَكفُروا
وَهذِهِ أَنتَ تَلافَيتَها / فَعادَ ما قَد كادَ لا يُذكَرُ
فَاِسلَم لَنا يا خَيرَ مُستَخلَفٍ / مِن مَعشَرٍ ما مِثلُهُم مَعشَرُ
وَاِسمَع إِلى غَرّاءَ سُنِّيَّةٍ / يَسطَعُ مِنها المِسكُ وَالعَنبَرُ
مَوقِعُها مِن كُلِّ ذي بِدعَةٍ / مَوقِعُ وَسمِ النارِ أَو أَكثَرُ
عَفا اللَهُ عَنكَ أَلا حُرمَةٌ
عَفا اللَهُ عَنكَ أَلا حُرمَةٌ / تَعوذُ بِعَفوِكَ أَن أُبعَدا
لَئِن جَلَّ ذَنبٌ وَلَم أَعتَمِدهُ / فَأَنتَ أَجَلُّ وَأَعلى يَدا
أَلَم تَرَ عَبداً عَدا طَورَهُ / وَمَولىً عَفا وَرَشيداً هَدى
وَمُفسِدَ أَمرٍ تَلافَيتَهُ / فَعادَ فَأَصلَحَ ما أَفسَدا
أَقِلني أَقالَكَ مَن لَم يَزَل / يَقيكَ وَيَصرِفُ عَنكَ الرَدى
وَيُنجيكَ مِن غَمَراتِ الهُمومِ / وَوِردِكَ أَصعَبَها مَورِدا
وَيَغذوكَ بِالنِعَمِ السابِغاتِ / وَليداً وَذا مَيعَةٍ أَمرَدا
وَتَجري مُقاديرُهُ بِالَّذي / تُحِبُّ إِلى أَن بَلَغتَ المَدى
فَلَمّا كَمَلتَ لِميقاتِهِ / وَقَلَّدَكَ الأَمرَ إِذ قَلَّدا
قَضى أَن تُرى سَيِّدَ المُسلِمينَ / وَأَن لا يُرى غَيرُكَ السَيِّدا
وَأَعلاكَ حَتّى لَو أَنَّ السَماءِ / تُنالُ لَجاوَزتَها مُصعِدا
وَلَم يَرضَ مِن خَلقِهِ أَجمَعي / نَ أَلّا تُحَبَّ وَلا يُعبَدا
فَما بَينَ رَبِّكَ جَلَّ اِسمُهُ / وَبَينَكَ إِلّا نَبِيُّ الهُدى
وَأَنتَ بِسُنَّتِهِ مُقتَدٍ / فَفيها نَجاتُكَ مِنهُ غَدا
فَشُكراً لِأَنعُمِهِ إِنَّهُ / إِذا شُكِرَت نِعمَةٌ جَدَّدا
وَعَفوَكَ عَن مُذنِبٍ خاضِعٍ / قَرَنتَ المُقيمَ بِهِ المُقعِدا
إِذا اِدَّرَعَ اللَيلَ أَفضى بِهِ / إِلى الصُبحِ مِن قَبلِ أَن يَرقُدا
تَجِلُّ أَياديكَ أَن تُجحَدا / وَما خَيرُ عَبدِكَ أَن يُفسِدا
أَلَيسَ الَّذي كانَ يُرضي الوَلِيَّ / وَيُشجي العَدُوَّ إِذا أَنشَدا
فَصُن نِعمَةً أَنتَ أَنعَمتَها / وَشُكراً غَدا غائِراً مُنجِدا
وَلا عُدتُ أَعصيكَ فيما أَمَرتَ / بِهِ أَو أُرى في الثَرى مُلحَدا
وَإِلّا فَخالَفتُ رَبَّ السَماءِ / وَخُنتُ الصَديقَ وَعِفتُ النَدى
وَكُنتُ كَعَزّونَ أَو كَاِبنِ عَمروٍ / مُباحَ العِيالِ لِمَن أَولَدا
أُكَثِّرُ صِبيانَ بَيتي لِكَي / أَغيظَ بِهِم مَعشَراً حُسَّدا
وَأَورَيتُ مِن حاجِبيَّ الجَزام / بِشعرٍ يُسَوِّدُ إِن سُوِّدا
وَصَيَّرتُ في مَنحَري لِلعَزاءِ / وَأَلبَستُهُ شَعَراً أَسودا
كَفِعلِ اِبنِ أَيّوبَ في خَلوَةٍ / يُنازِعُ خادِمَهُ المِروَدا
عَلَيهِ العفاءُ أَلَيسَ الَّذي / نَهاهُ بِأَن يَقرَبَ المَسجِدا
وَجاءَتهُ مِن أَجرَمٍ بَيعَةٌ / عَلى رَأسٍ ميلَينِ أَو أَبعَدا
فَأَقصاهُ وَهُوَ نَبِيُّ الهُدى / لِئَلّا يُشاهِدَهُ مَشهَدا
تَوَكَّلنا عَلى رَبِّ السَماءِ
تَوَكَّلنا عَلى رَبِّ السَماءِ / وَسَلَّمنا لِأَسبابِ القَضاءِ
وَوَطَّنّا عَلى غِيَرِ اللَيالي / نُفوساً سامَحَت بَعدَ الإِباءِ
وَأَفنِيَةُ المُلوكِ مُحَجَّباتٌ / وَبابُ اللَهِ مَبذولُ الفِناءِ
فَما أَرجو سِواهُ لِكَشفِ ضُرّي / وَلَم أَفزَع إِلى غَيرِ الدُعاءِ
وَلِم لا أَشتَكي بَثّي وَحُزني / إِلى مَن لا يَصَمُّ عَنِ النِداءِ
هِيَ الأَيّامُ تَكلِمُنا وَتَأسو / وَتَجري بِالسَعادَةِ وَالشَقاءِ
فَلا طولُ الثَواءِ يَرُدُّ رِزقاً / وَلا يَأتي بِهِ طولُ البَقاءِ
وَلا يُجدي الثَراءُ عَلى بَخيلٍ / إِذا ما كانُ مَحظورَ الثَراءِ
وَلَيسَ يَبيدُ مالٌ عَن نَوالٍ / وَلا يُؤتى سَخِيٌّ مِن سَخاءِ
كَما أَنَّ السُؤالَ يُذِلُّ قَوماً / كذاكَ يُعِزُّ قَوماً بِالعَطاءِ
حَلَبنا الدَهرَ أَشطُرَهُ وَمَرَّت / بِنا عُقَبُ الشَدائِدِ وَالرَخاءِ
فَلَم آسَف عَلى دُنيا تَوَلَّت / وَلَم نُسبَق إِلى حُسنِ العَزاءِ
وَلَم نَدَعِ الحَياءَ لِمَسِّ ضُرٍّ / وَبَعضُ الضُرِّ يَذهَبُ بِالحَياءِ
وَجَرَّبنا وَجَرَّبَ أَوَّلونا / فَلا شَيءٌ أَعَزُّ مِنَ الوَفاءِ
تَوَقَّ الناسَ يَاِبنَ أَبي وَأُمّي / فَهُم تَبَعُ المَخافَةِ وَالرَجاءِ
وَلا يَغرُركَ مِن وَغدٍ إِخاءٌ / لِأَمرٍ ما غَدا حَسَنَ الإِخاءِ
أَلم تَرَ مُظهِرينَ عَلَيَّ غِشّاً / وَهُم بِالأَمسِ إِخوانُ الصَفاءِ
بُليتُ بِنَكبَةٍ فَغَدَوا وَراحوا / عَلَيَّ أَشَدَّ أَسبابِ البَلاءِ
أَبَت أَخطارُهُم أَن يَنصُروني / بِمالٍ أَو بِجاهٍ أَو بِراءِ
وَخافوا أَن يُقالَ لَهُم خَذَلتُم / صَديقاً فَاِدَّعَوا قِدَمَ الجَفاءِ
تَضافَرَتِ الرَوافِضُ وَالنَصارى / وَأَهلُ الإِعتِزالِ عَلى هِجائي
فَبَختَيشوعُ يَشهَدُ لِاِبنِ عَمروٍ / وَعَزّونٌ لِهارونَ المُرائي
وَما الجَذماءُ بِنتُ أَبي سُمَيرٍ / بِجَذماءِ اللِسانِ عَنِ الخَناءِ
وَعابوني وَما ذَنبي إِلَيهم / سِوى عِلمى بِأَولادِ الزِناءِ
إِذا ما عُدَّ مِثلُهُمُ رِجالاً / فَما فَضلُ الرِجالِ عَلى النِساءِ
عَلَيهِم لَعنَةُ اللَهِ اِبتَداءً / وَعَوداً في الصَباحِ وَفي المَساءِ
إِذا سَمَّيتُهُم لِلنّاسِ قالوا / أُولئِكَ شَرُّ مَن تَحتَ السَماءِ
أَنا المُتَوَكِّلِيُّ هَوىً وَرَأياً / وَما بِالواثِقِيَّةِ مِن خَفاءِ
وَما حَبسُ الخَليفَةِ لي بِعارٍ / وَلَيسَ بِمُؤيسي مِنهُ التَنائي
لَيلي عَلَيَّ بِهِم طَويلٌ سَرمَدُ
لَيلي عَلَيَّ بِهِم طَويلٌ سَرمَدُ / وَهَوىً يَغورُ بِهِ الفِراقُ وَيُنجِدُ
وَإِذا تَمَنَّت عَينُهُ سِنَةَ الكَرى / مَنَعَ الكَرى عَينٌ عَلَيهِ وَمَرصَدُ
يا شَكلَ كَيفَ يَنامُ صَبٌّ هائِمٌ / غَلَبَت عَلَيهِ غَوايَةٌ لا تَرشُدُ
في الرَأسِ مِنها نَبتُ جَثلٍ فاحِمٍ / وَأَنامِلٌ في اللينِ مِنها تُعقَدُ
وَمُعَقرَبِ الصُدغَينِ يَشكو طَرفُهُ / مَرَضَ الَّذي حَنَّت عَلَيهِ العُوَّدُ
ما سامَني البَينَ الَّذي بَعَثَ الهَوى / فَأَشاقَني خَدٌّ عَلَيهِ مُوَرَّدُ
ما لِلعَذارى البيضِ سُمنَ مَوَدَّتي / خَسفاً سَقاهُنَّ الغَمامُ المُرعِدُ
وَزُجاجَةٍ غَرَضَت عَلَيكَ شُعاعَها / وَاللَيلُ مَضروبُ الدَوالي أَسوَدُ
تَخفى الثُرَيّا في سَوادِ جَناحِهِ / وَيَضِلُّ فيهِ عَن سُراهُ الفَرقَدُ
فَكَأَنَّها فَوقَ الزُجاجَةِ لُؤلُؤٌ / وَكَأَنَّ خُضرَتَها عَلَيهِ زُمُرُّدُ
غَلَبَ المِزاجُ بِها فَظَلَّت تَحتَهُ / تَرغو بِمَكنونِ الحَبابِ فَتُزبِدُ
رَقَّت بِجَوهَرَةٍ وَوافَقَ شَكلُها / فَحُلِيُّها مِن جَوفِها يَتَوَلَّدُ
وَالشِعرُ داءٌ أَو دَواءٌ نافِعٌ / وَمُحَمَّقٌ في شِعرِهِ وَمُبَرَّدُ
خُذ لِلسُرورِ مِنَ الزَمانِ نَصيبَهُ / فَالعَيشُ يَفنى وَاللَيالي تَنفَدُ
وَالمالُ عارِيَةٌ عَلى أَصحابِهِ / عَرَضٌ يُذَمُّ المَرءُ فيهِ وَيُحمَدُ
يَدنو وَيَنأَى عَنكَ في رَوَغانِهُ / كَالظِلِّ لَيسَ لَه قَرارٌ يوجَدُ
كَم كاسِبٍ لِلمالِ لَم يَنعَم بِهِ / نَعِمَ العَدُوُّ بِمالِهِ وَالأَبعَدُ
يا مورِيَ الزَندِ المُضيءَ لِغَيرِهِ / بِحِسابِهِ تَشقى وَغَيرُكَ يَسعَدُ
كَأَمانَةٍ أَدَّيتَها لَم تَرزَها / حَتّى أَتاكَ مُعَجَّلاً ما توعَدُ
لا تَذهَبي يا نَفسُ وَيحَكِ حَسرَةً / فَالناسُ مَعدولٌ بِهِ وَمُشَرَّدُ
وَاِبنُ الفَتى الزِيّاتِ عِندي واعِظٌ / وَمُذَكِّرٌ لي لا يَجورُ وَيَقصِدُ
راحَت عَلَيهِ الحادِثاتُ بِنَكبَةٍ / عَظُمَت فَرَقَّ لَها العِدى وَالحُسَّدُ
وَلَرُبَّما اِعتَلَّ الزَمانُ عَلى الفَتى / وَلَرُبَّما اِنقَصَفَ القَنا المُتَقَصِّدُ
وَكذا المُلكِ في تَدبيرِهِ / وَالعِزُّ دونَ فِنائِهِ وَالسُؤدَدُ
ضَخمُ السُرادِقِ ما يُرامُ حِجابُهُ / جَبَلٌ مِنَ الدُنيا وَبَحرٌ مُزبِدُ
حَتّى إِذا مَلَأَ الحِياضَ وَغَرَّهُ / كَيدُ اللَيالي طابَ فيهِ المَورِدُ
حَزَّتهُ أَسنانُ الحَديدِ فُروحُهُ / بَينَ اللَهاةِ وَعَينُهُ لا تَرقُدُ
يا وَيحَ أَحمدَ كَيفَ غَيَّرَ ما بِهِ / غِشُّ الخَليفَةِ وَالزَمانُ الأَنكَدُ
هذا مِنَ المَخلوقِ كَيفَ بِخالِقٍ / لِعِقابِهِ يَومَ القِيامَةِ مَوعِدُ
مَلِكٌ لَه عَنَتِ الوُجوهُ تَخَشُّعاً / يَقضى وَلا يُقضى عَلَيهِ وَيُعبَدُ
لَم تولِ أَيّامَ الإِمامِ حَفيظَةً / تُنجيكَ مِن غَمَراتِها يا أَحمَدُ
فَزَرَعتَ شَوكاً عِندَهُ فَحَصَدتَهُ / وَكَذا لَعَمري كُلُّ زَرعٍ يُحصَدُ
لَم يَضحَكِ الوَردُ إِلّا حينَ أَعجَبَهُ
لَم يَضحَكِ الوَردُ إِلّا حينَ أَعجَبَهُ / حُسنُ النَباتِ وَصَوتُ الطائِرِ الغَرِدِ
بَدا فَأَبدَت لَنا الدُنيا مَحاسِنَها / وَراحَتِ الراحُ في أَثوابِها الجُدُدِ
ما عايَنَت قُضُبُ الرَيحانِ طَلعَتَهُ / إِلّا تَبَيَّنَ فيها ذِلَّةُ الحَسَدِ
بَينَ النَديمَينِ وَالخِلَّينِ مَضجَعُهُ / وَسَيرُهُ مِن يَدٍ مَوصولَةٍ بِيَدِ
قامَت بِحُجَّتِهِ ريحٌ مُعَطَّرَةٌ / تَجلو القُلوبَ مِنَ الأَوصابِ وَالكَمَدِ
فَبادَرَتهُ يَدُ المُشتاقِ تَسنُدُهُ / إِلى التَرائِبِ وَالأَحشاءِ وَالكَبِدِ
كَأَنَّ فيهِ شِفاءً مِن صَبابَتِهِ / أَو مانِعاً جَفنَ عَينَيهِ مِنَ السَهَدِ
لا عَذَّبَ اللَهُ إِلّا مَن يُعَذِّبُهُ / بِمُسمِعٍ بارِدٍ أَو صاحِبٍ نَكِدِ
وَرُقعَةٍ جاءَتكَ مَثنِيَّةً
وَرُقعَةٍ جاءَتكَ مَثنِيَّةً / كَأَنَّها خَدٌّ عَلى خَدِّ
نَبذُ سَوادٍ في بَياضٍ كَما / ذُرَّ فَتيتُ المِسكِ في الوَردِ
ساهِمَةُ الأَسطارِ مَصروفَةٌ / عَن مُلَحِ الهَزلِ إِلى الجِدِّ
يا كاتِباً أَسلَمَني عَتبُهُ / إِلَيهِ حَسبي مِنكَ ما عِندي
بِديهَتُهُ وَفِكرَتُهُ سَواءٌ
بِديهَتُهُ وَفِكرَتُهُ سَواءٌ / إِذا ما نابَهُ الخَطبُ الكَبيرُ
وَأَحزَمُ ما يَكونُ الدَهرَ رَأياً / إِذا عَيَّ المُشاوِرُ وَالمُشيرُ
وَصَدرٌ فيهِ لِلهَمِّ اِتِّساعٌ / إِذا ضاقَت بِما فيها الصُدورُ
اُنظُر فَعَن يُمناكَ وَيحَكَ عالِمٌ
اُنظُر فَعَن يُمناكَ وَيحَكَ عالِمٌ / يُحصي عَلَيكَ وَعَن يَسارِكَ كاتِبُ
وَأَرى البَصيرَ بِقَلبِهَ وَبِفَهمِهِ / يَعمى إِذا حُمَّ القَضاءُ الغالِبُ
صَبراً أَبا أَيّوبَ حَلَّ مُعَظَّمٌ
صَبراً أَبا أَيّوبَ حَلَّ مُعَظَّمٌ / فَإِذا جَزِعتَ مِنَ الخُطوبِ فَمَن لَها
إِنَّ الَّذي اِنعَقَدَت بِهِ عُقَدُ المَكا / رِهِ فيكَ عَن قُربٍ يُحَسِّنُ حَلَّها
وَاِصبِر فَإِنَّ الصَبرَ يُعقِبُ راحَةً / وَعَسى بِها أَن تَنجَلي وَلَعَلَّها
بَديهَتُهُ مِثلُ تَفكيرِهِ
بَديهَتُهُ مِثلُ تَفكيرِهِ / إِذا رُمتَهُ فَهُوَ مُستَجمِعُ
وَمِن كَفِّهِ لِلحَيا مَطلَبٌ / وَلِلسِرِّ مِن صَدرِهِ مَوضِعُ
يَحزُنُني أَن لا أَرى مَن أُحِبُّهُ
يَحزُنُني أَن لا أَرى مَن أُحِبُّهُ / وَأَنَّ مَعي مَن لا أُحِبُّ مُقيمُ
أَحِنُّ إِلى بابِ الحَبيبِ وَأَهلِهِ / وَأُشفِقُ مِن وَجدٍ بِهِ وَأَهيمُ
وَإِنّي لَمَشغوفٌ مِنَ الوَجدِ وَالهَوى / وَشَوقي إِلى وَجهِ الحَبيبِ عَظيمُ
وَقَد ضاقَت الدُنيا عَلَيَّ بِرُحبِها / فَيالَيتَ مَن أَهوى بِذاكَ عَليمُ
ذَريني أَمُت وَالشَملُ لَم يَتَشَعَّبِ
ذَريني أَمُت وَالشَملُ لَم يَتَشَعَّبِ / وَلا تَبعُدي أَفديكِ بِالأُمِّ وَالأَبِ
سَقى اللَهُ لَيلاً ضَمَّنا بَعدَ فُرقَةٍ / وَأَدنى فُؤاداً مِن فُؤادٍ مُعَذَّبِ
فَبِتنا جَميعاً لَو تُراقُ زُجاجَةٌ / مِنَ الراحِ فيما بَينَنا لَم تَسَرَّبِ
فَيالَيتَ أَنَّ اللَيلَ أَطبَقَ مُظلِماً / وَأَنَّ نُجومَ الشَرقِ لَم تَتَغَرَّبِ
إِلى اللَهِ فيما نابَنا نَرفَعُ الشَكوى
إِلى اللَهِ فيما نابَنا نَرفَعُ الشَكوى / فَفي يَدِهِ كَشفُ الضَرورَةِ وَالبَلوى
خَرَجنا مِنَ الدُنيا وَنَحنُ مِنَ اَهلِها / فَلَسنا مِنَ الأَحياءِ فيها وَلا المَوتى
إِذا جاءَنا السَجّانُ يَوماً لِحاجَةٍ / عَجِبنا وَقُلنا جاءَ هذا مِنَ الدُنيا
وَنَفرَحُ بِالرُؤيا فَجُلَّ حَديثِنا / إِذا نَحنُ أَصبَحنا الحَديثُ عَنِ الرُؤيا
فَإِن حَسُنَت لَم تَأتِ عَجلى وَأَبطَأَت / وَإِن قَبُحَت لَم تَحتَبِس وَأَتَت عَجلى
عُجنا المَطِيَّ وَنَحنُ تَحتَ الحاجِرِ
عُجنا المَطِيَّ وَنَحنُ تَحتَ الحاجِرِ / بَينَ الأَبارِقِ وَالسَبيلِ الغامِرِ
وَإِذا بِداهِيَةٍ كَأَنَّ حَفيفَها / بَينَ الثُمامِ حَفيفُ لَيثٍ خادِرِ
صَمّاءَ لَو نَفَخَت ثَبيراً نَفخَةً / لِاِنساحَ أَو لَهَوى هُوِيَّ الطائِرِ
فَدَعَوتُ وَحشاً فَاِستَجابَ فَلَم نَجِد / لِلأَمرِ عِزّاً مثلَ قُربِ الناصِرِ
وَسَمَت إِلَيَّ فَبادَرَتها ضَربَةٌ / تَرَكَت مَعالِمَها كَرَسمٍ دائِرِ
مَن سَبَقَ السَلوَةَ بِالصَبرِ
مَن سَبَقَ السَلوَةَ بِالصَبرِ / فازَ بَفَضلِ الحَمدِ وَالأَجرِ
يا عَجَباً مِن هَلِعٍ جازِعٍ / يُصبِحُ بَينَ الذَمِّ وَالوِزرِ
مُصيبَةُ الإِنسانِ في دينِهِ / أَعظَمُ مِن جائِحَةِ الدَهرِ
قُلتُ لَها حينَ أَكثَرَت عَذَلي
قُلتُ لَها حينَ أَكثَرَت عَذَلي / وَيحَكِ أَزرَت بِنا المُروءاتُ
قالَت فَأَينَ الأَملاكُ قُلتُ لَها / لا تَسأَلي عَنهُمُ فَقَد ماتوا
قالَت وَلِم ذاكَ قُلتُ فَاِعتَبِري / هذا وَزيرُ الإِمامِ زَيّاتُ
إِذا رُزِقَ الفَتى وَجهاً وَقاحاً
إِذا رُزِقَ الفَتى وَجهاً وَقاحاً / تَقَلَّبَ في الأُمورِ كَما يَشاءُ
وَلَم يَكُ لِلدَواءِ وَلا لِشَيءٍ / يُعالِجُهُ بِهِ عَنهُ غَناءُ
وَرُبَّ قَبيحَةٍ ما حالَ بَيني / وَبَينَ رُكوبِها إِلّا الحَياءُ
وَكانَ هُوَ الَّذي أَلهى وَلكِن / إِذا ذَهَبَ الحَياءُ فَلا دَواءُ
كُنتُ في مَجلِسٍ فَقالَ مُغَنّي ال
كُنتُ في مَجلِسٍ فَقالَ مُغَنّي ال / قَومِ كَم بَينَنا وَبَينَ الشِتاءِ
فَذَرَعتُ البِساطَ مِنّي إِلَيهِ / قُلتُ هذا المِقدارُ قَبلَ الغِناءِ
فَإِذا ما عَزَمتَ أَن تَتَغَنّى / آذَنَ الحَرُّ كُلُّهُ بِاِنقِضاءِ