المجموع : 54
إعزف على العود يا معبودي الثاني
إعزف على العود يا معبودي الثاني / وغنّ يا حب أنت الهادم الباني
إعزف على العود إن الشك ساورني / يا سلوة القلب وابعث ميت أشجاني
وهاتها يا غذاء الروح أغنية / تحيي الرجاء بقلب البائس العاني
يا ساجي اللحظ والأحلام شاردة / اسرع بربك وأملا كأسي الثاني
واترع لنفسكَ أخرى يا حبيبي من / خمر العراق ودع صهباء إيران
ما كان أطيبها صرفاً وأعذبها / ممزوجةً فاسقنيها وأجلُ أحزاني
إنّي لأشتمُ عطر الرافدين بها / نشر الخزامى وعبق الآس والبان
وكم رأيتُ ظباء الكرخ سارحة / بالسكر ما بين أورادٍ وغدران
قُم واسكُب الروح أنغاماً على مهل / فما لديّ سواها فهيَ قرباني
ولنصطبح بحميا زحلةٍ وإذا / فرغت عن اسلمي يا أرض لبنان
إعزف على العود ولنسكر ولا حرج / ولنحي ميت الأماني بابنة الحان
هنا الهوى وأغانيه العذاب هنا / عرائس الوحي ألقاها وتلقاني
هنا الرمال هنا الأمواج راقصة / وههنا صغتُ أشعاري وأوزاني
هنا الرحيق المصفّى والرؤى وهنا / ملهى اللآلىء من حور وولدان
هنا كؤوس الحميا كم وكم خطرت / تختال ما بين سماري وندماني
يا مهبط الوحي يا ملهى طفولتنا / أوّاهُ ليت الذي أهواهُ يهواني
علّلتُ نفسي فلا الآمال صادقة / وضقتُ ذرعاً وفرط الشوق أضناني
فالطرف جفّ وسال الروح من شجنٍ / دمعا وفاضت به ويلاهُ عينان
يا مرتع الروح والأشجان ثائرة / إني على العهد ما كرّ الجديدان
جاء الشتاء وولّى الصيف واأسفا / أما سمعت بجنح الليل ألحاني
قد جئتُ وهنا وآمالي محطمةٌ / لكي أبثّك أشواني وأشجاني
فلا شويطئك الرمليّ اطرَبني / كلا ولا موجه الفضي وأساني
ولا الأصائل والأسحار باسمةٌ / ولا نسيمك لما مرّ عزّاني
فالحبّ داء عضال لا دواء له / فلا يغرّنك ما يبدي الحبيبان
يا طائرَ الفجرِ من بالراح أغرانا
يا طائرَ الفجرِ من بالراح أغرانا / إلاك حين تناغي الروض سكرانا
قم واصطبح فكؤوس الورد مترعة / من خمرة الفجر إن الفجر قد بانا
وارقص وصفق وطر واهتف وغن به / وحيه واسكب الأشواق ألحانا
كم نغمة صغت من إلهام روعته / ووحي طلعته فاصدح بها الانا
وسائل الروض عن أحلام غفوته / واستخبر الآس والنوار والبانا
وابعث بأنفسنا ميت العزاء فقد / أودى بها اليأسُ واسمع بعد شكوانا
يا جيرة الروض من منكم يخبرنا / فالدهر أدناكم منه وأقصانا
كيف الأحبّة جاد الغيث ربعهم / إنا على عهدهم رغم الذي كانا
سلوا بربكم ليلاكم فلكم / باتت تشاكي بجنح الليل ليلانا
كم كاشفتها بما ضمت جوانحها / فتذرف الدمع إشفاقا وتحنانا
يا جيرة الروض والأحلام شاردة / ما كان أسعدكم فيه وأشقانا
في ذمة اللَه ما ضينا وحاضرنا / بؤس ويأس ألا سحقا لمن خانا
ليلى تعالى وردي بعض ما أخذت / منا ليالي النوى عطفا وإحسانا
ليلى تعالي فصرف الدهر أعلنها / حربا وحطمنا ظلما وطغيانا
ليلى تعالي لنشكو ما نكابده / في الحي مذ أصبح الأحرار عبدانا
ليلى تعالي فإن الشك خامرنا / وكفكفي دمعنا فالوضع أبكانا
ليلى تعالي أديريها مشعشعة / لعل بالراح يا ليلاي سلوانا
إنا منادوك يا ليلى فلا عجب / فأنت والله دنيانا وأخرانا
ما لي وللظبي الغرير الصغير
ما لي وللظبي الغرير الصغير / يرقص نشوان وكوبي كسير
بالأمس يشكو لي وأرثي له / واليوم لا يرثي لقلبي الأسير
راح إليه مستجيرا به / فعاد مخذولا فأين المجير
طرقت يا حب فؤادي وهل / أنت بشير يا ترى أم نذير
فيا حبيبي وغرامي لظى / لها بأغوار فؤادي زفير
جرعتني الصاب ولم تكترث / أواه من صاب القنوط المرير
أسرفت يا هذا ولم تقتصد / والبعد قد طال وعمري قصير
تعال حدثني ولو ساعة / وجنح الروح وذرها تطير
أعد لها شتى الرؤى والمنى / وأبعث بها ذكر الربيع النضير
وهات عودي واسقني واستمع / وبعد ودّعني الوداع الأخير
أسفر الصبح قم نحيي الصباحا
أسفر الصبح قم نحيي الصباحا / يا منى القلب واترع الأقداحا
واصح وافتح طرفا مريضا صحيحا / إن قلبي يهوى المراض الصحاحا
وأعر طلعة الصباح ضياء / من محياك كم أعرت الصباحا
يا حبيبي كفى مناما فهيا / نتساقى على الرمال الراحا
أطفا الصحو مشعلي فاسكب ال / زيت وأشعل بربك المصباحا
وأدرها علي جهرا فإن ال / راح أمست للعاشقين مباحا
خمرة تملأ النفوس سروراً / واغتباطا وتطرد الأتراحا
زعموا أنها فساد فلولا / أترعوا جامها لشاموا الصلاحا
كذبوا فالفساد ما اقترفوه / جهرة لم يروا عليهم جناحا
يا ملاكي الصحو قص جناحي / واصطباحي منها يريش الجناحا
اسقنيها فالصحو شرد أحلام / فؤادي وما بلغت نجاحا
اسقنيها فالصحو بعثر آلامي / وأدنى العذال والنصاحا
ها هي الشمس يا حبيبي أطلت / قم نغني وننعش الأرواحا
فضياها الوهاج ذهب خديك / وأندى جبينك الوضاحا
ونسيم الصباح في الروض يسري / عطرا من شذا عبيرك فاحا
قم نغني معا نشيد هوانا / ونناجي الشويطيء الصداحا
ونناغي الطيور وهي على الشاطىء / تشدو وتعلين الأفراحا
ثم نلهو على الرمال كطفلين / ونهتز نشوة ومراحا
وإذا ما افترشت يا حلو أحضاني / وصيرت ساعدي وشاحا
نم وضع رأسك الجميل على صد / ري لأجني شقائقا وأقاحا
يا صغيرا أطل من كوة الرؤيا / على مهجتي ولاح صباحا
أنا بالصحو يا ملاكي جموح / آه ما ضر لو كبحت الجماحا
يا حبيبي والشمس في كبد الأفق / سئمت النداء والإلحاحا
أزفت ساعة الرحيل وقد ودع / مهد الصبا الظبا والملاحا
أنا أخشى عليك من أهلك / السوء فهلا جعلتني مرتاحا
يا حبيبي تغلغل الألم اللاذع / في مهجتي وأنكا الجراحا
يا حبيبي تاصل الداء بالروح / وعز الدوا فناح وباحا
يا حبيبي تمركز الشجن الصارخ / بالقلب عنوة واستباحا
قم أثر غافي المخاوف إني / أبدا أعشق الأسى والنّواحا
قم أثرها حربا عليّ عواناً / ثمّ دعني معذّبا ملتاحا
فأنا شاعرٌ خلقت لأشقى / لا لألقى سعادةً وفلاحا
خار عزمي مذ صارعتني الليالي / ثم ألقيت رغم أنفي السّلاحا
ما الذي أبقت المصائب منّي / من حياة حتى أو إلي الكفاحا
إيه رُبّان زورقي هاك قلبي / إنّني قد جعلته ملّاحا
إنّني ههنا على شاطيء الرمل / أُشاكي النوى مساء صباحا
وأنا ههنا مقيم على العهد / أناجي الأوهام والأشباحا
ما أعرنا عذل العواذل أذنا / إذ سمعنا عواءهم والنباحا
طال النوى يا قبلة الأنظار
طال النوى يا قبلة الأنظار / فترفقي بالوامق المتواري
حواء ما هذا التجني بالقلا / رحماك لست بعاشق صبار
حواء قد نشر الظلام رداءه / هلا سمعت بجنحه استغفاري
فنسائم الإمساء عنك سألتها / فسلي نسيم الصبح عن أخباري
حواء بين أضالعي نارٌ وعا / فَ زيارتي من حرها زواري
أو ما سمعت شهيقها وزفيرها / يوم الوداع فيا لها من نار
حواء أعشق ثغرها فلكم تطا / رحنا الغرام وثغرها خماري
حواء همت بصوتها حتى غدت / أذناي تكره نغمة الأوتار
حواء يا ذات الجمال ويا ضيا / هذا الوجود وربة الأشعار
ويلاه قد هجرت مجالس أنسنا / وخلت من الندماء والسمار
لا الراح بالكاسات مشرقة بها / فتبدد الظلماء بالأنوار
كلا ولا الأوتار صادحة فتلهمنا / الغناء بهدأة الأسحار
حوّاء قد صمتت بلابل روضنا / وسرى الذبول بأجمل الأزهار
لا الورد في جنباته متبسم / فيعطر الورد النسيم الساري
كلا ولا الأشجار مورقة فيشدو / الطير فوق ذوائب الأشجار
حواء وادي اللهو أصبح مقفرا / خال من الأزهار والأطيار
لا الريم يا حواء سارحة به / تختال بالآصال والأبكار
كلا ولا الغادات في أحضانه / يحملن بالأيدي كؤوس عقار
يا حب بين يديك نفسي تشتكي / أفما كشفت غوامض الأسرار
يا حب أنت ضيا الحياة وسرها / مزق بنورك كل كل ستار
يا حب أحلام الغرام جميلة / رحماك فهي قصيرة الأعمار
يا حب رفقا فالقلوب بريئة / والذنب للأسماع والأبصار
يا حب أنت الصارم القهار لست / بمشرك بالواحد القهار
أترعي الأقداح يا حوّا
أترعي الأقداح يا حوّا / فإن الليل عسعس
وينم الورد إن شاء / إذا الصبح تنفّس
وأديري الكاس باللَه / فما أعطش قلبي
فابنةُ العنقود تحيي / كلّ ميتٍ إي وربّي
لا تخافي غفل الواشي / ونام الرقباء
فاسفري يا ربّة / الحسن وعنوان الوفاء
لأرى الطّرف الذي كم / صرع الصبّ أحوراره
وأرى الخدّ الذي كم / أخجل الورد أحمرارُه
وأرى الثغر الذي أح / لى من الخمر رضابه
وأرى الجفن الذي كم / مزّقت قلبي حرابه
وأرى الجيد الذي كم / تيّم الريم جماله
وأرى القدّ الذي كم / أدهش الغصن اعتداله
عانقيني صدق اللَه / فبعد العسر يسرا
سكرت روحي فهل / روحك يا حوّاء سكرى
لم يرق لي العيش لو / لاك فيا حوّا أفيقي
أنت أمّي وأبي / أنت خليلي وشقيقي
وارقصي فالقلب ما / بين الحنايا قد رقص
ودعينا ننتهز يا / ربّة الحسن الفرص
وضعي رأسك في أحض / ان من يخشى عليك
وأنعمي بالا ونامي / فأنا طوع يديك
وهزار الدوح غنّى / فإذا لاح الصباح
فلننم نوما هنيئا / وحمام الأيك ناح
فلنفق كي نحتسي يا / سلوة الروح الصبوح
ودعي الأزهار والأطيار / إن شاءت تبوح
من رآنا يا حياة / الروح في هذي الجنينه
خالنا قيساً وليلى / أو جميلا وبشينه
إن نمت ايتها العذراء / إن الحب خالد
يا ملاك الموت خذها / روح معبود وعابد
أنا قيس في هواها / وهي في حبي ليلى
عاشقان امتزجا / والتقيا سرّا لكيلا
ولهان ذو خافق رقّت حواشيه
ولهان ذو خافق رقّت حواشيه / يصبو فتنشره الذكرى وتطويه
كأنّه وهو فوق الغصن مضطرب / قلب المشوق وقد جدّ الهوى فيه
رأى الربيع وقد أودى الخريف به / بين الطيور كميت بين أهليه
فراح يرسلها أنّات محتضر / إلى السماء ويشكو ما يعانيه
لا الروض زاه ولا الاكمام باسمة / ولا عرائسه سكرى فتلهيه
يجيل ناظره فيه ويطرق في / صمت فيجيه مرآه ويبكيه
ماذا رأى غير أعوادٍ مبعثرة / على هشيم به وأرى أمانيه
فللخريف صراخ فيه يذعره / والريح تزفر في شتى نواحيه
حيران ما انفك مذهولا كمتهم / لم يجن ذنبا ولم ينجح محاميه
تطل من كوّة الماضي عليه وقد / أشجاه حاضره أطياف ماضيه
يرنو إليها كما يرنو المريض وما / أبلّ بعد إلى عيني مداويه
فيستمرّ نواحاً كالفطيم رأى / نديا فصاح وأين الثدي من فيه
وإن غفا راحت الأحلام عابثة / به فتدنيه أحيانا وتقصيه
وكم تراءت له من خلفها صور / يختال فيها الربيع البكر في تبه
فيستفيق فلا الأغصان مورقة / كلا ولا السامر الشادي يناجيه
فيسكب اللحن أنّاتٍ بغصّ بها / ويح الشتاء فما أقسى لياليه
ولّى الشتاء فوافى الدوح بلبله / وجاء آذار بالبثرى يهنيه
وأقبلت سحرا نشوى نسائمه / تهفو وتلثمه شوقا فتشفيه
واستقبل الروض بالأطياب شاعره / وهبّت الطير أسراباً تحبيه
فأين داوود من أثغام مطربه / وأين معبد من ألحان شاديه
جذلان يظفر من غصن إلى غصن / وبسمة الصبح بالإنشاد تغريه
فيورد الشعر آيات يرتلها / من وحي نيسان والأوتار ترويه
الروح تهفو لموسيقاه في مرح / والقلب يرشف أحلاما معانيه
تكاد تسمع فيه حين يرسله / دقات خافقه والوجد يكويه
وتلمح الفنّ في دنيا ترنمه / وتشرب السحر خمرا في تغنيّه
سكران يرقص فوق الدوح مبتهجا / والورق راد الضحى ولهى تصابيه
الفجر خماره يبدو فيصبحه / والروض معشوقه والأيك ناديه
رفّت على الورد والريحان شادية / أحلامه وبها خفّت أغانيه
حنا الربيع عليه وهو في جذل / كالطفل حين يناغيه مربيه
ذر الطبيعة يا هذا تدلله / ذره بأحضانها يشدو وتسقيه
ذرة وأفراخه في العش مغتبطا / بقربها ناعما دعها تناغيه
صديان يغلي في حشاه المرجل
صديان يغلي في حشاه المرجل / ترثي الجنوب له وتحنو الشمأل
هيهات تلهيه الطيور بشدوها / ويبلّ غلّته الرحيق السلسل
كابن الملوح لا يفرّ قراره / أبدا إلى ليلى يحنّ ويسال
يا لائمه سقيتم صاب الأسى / كفّوا متى بلّ الأوام الحنظل
هيمان كم ذكر الحمى وأقامه / وله وأقعده الهوى المتغلغل
وأغرورقت عيناه أو كادت فيا / لهوّى تطيب به النفوس وتكمل
وتجود بالغالي وسحقا لامرىء / لا يبذل الغالي النفيس ويبخل
بسبيل موطنيه وحبّ بلاده / هذا ولا عاش الخؤون المبطل
لهفان ها هو والظلام مخيّم / متلهّف في جنحه متعلّل
متعطش والذكريات هواتفٌ / تهفو بخافقه الحنون وتنهل
وتعربد الأحلام فوق جفونه / سحرا ويقيها الهوى المسترسل
يصبو ويبعث والنسيم رسوله / قبلا يكاد يذوب فيها المرسل
لمسارح وملاعب ومراتع / ومرابع فيها البدور الكمّل
شطّت وعانقت الرؤى أطيافها / وعليه في وادي الكرى تتنزّل
ولهان قد طبع الحنين بذهنه / صورا فدعه غارقا يتخيّل
صورا مجنّحة بريشة وهمه / تغري وتدبر في الخيال وتقبل
منها أطلّت ذكريات حلوة / بيض يقصّ روّاه وهي تؤول
حفّت بها الآمال سكرى والمنى / ودنت فكاد يضمّها فتقبّل
فهنا الطفولة والصبا وهنا الهوى / وهناك ملعبه وهذا المنزل
وهنا الأحبّة ودّعوه ها هنا / ومضى وراح بحسنها يتغزّل
نشوان إذا أصغى بأذن خياله / والوهم يملى والوداد يسجّل
والوجد يرفض في قرارة روحه / والشوق يعزف والفؤاد يرتل
فشدا له ناي وغنى شاعر / وترنّمت ورق ورجّع جدول
وتساءلت أمّ وذكر والد / ودعا أخو روح وأمّن محفل
واستفرت أخت ونادت طفلة / والكل منهم شقة ما يجمل
دنيا من الأوهام غاب سويعة / فيها وعاد وقلبه يتململ
متفائل لا البأس يعرف مدخلا / لفؤاده وهو الشجيّ فيدخل
صرع الشكوكَ بحزمه ويقينه / ومن الوساوس ما يحرّ ويقتل
فاسمعه يا هذا يحيّى موطنا / في جانحيه له المقام الأوّل
وطني فديتك عش ودم واسلم وطب / فحمائم السلم القريب ستهدل
والمجد باسمك يا ربوع مسبّح / والفخر يهتف والزمان يهلل
عشق المجد والهوى فكرةٌ تنمو
عشق المجد والهوى فكرةٌ تنمو / وتسمو بالروح والوجدان
واجتوى الذل كيف لا وهو حرّ / أيطيق الأحرار عيش الهوان
يا له اللَه من همامٍ غيورٍ / صادق العزم ثابت الإيمان
حمل قبل أن تدول الرحى لي / يٌ إذا أوشكت قويّ الجنان
يتغنى والموت منه قريب / بالمنى والجنديّ رمز التفاني
أيّ وقع في النفس صاح لمرأى / مستميت يختال في الأكفان
تتراءى في عينه صور قد / أخرست عبقريّة الفنان
رسمتها بريشة الحزم والعز / م يد الحق في أدق معان
وإذا ما دعاه قائده الباسل لب / ى بالروح لا باللسان
يتخطى الصعاب غير مبال / بزفير الآلات والنيران
وزئير الحديد في أذنيه / شدو قيثارة ورجع مثاني
وأنين الجرحى وحشرجة المو / تى هتافٌ لا عاش كلّ جبان
ويزيد الملاح في ثورة اليم / نشاطا مهارة الربّان
دمه في عروقه أجّجته / ثورة الروح فهو في غليان
هاتف صارخ به وهو في لي / لٍ من النقع بين سحب الدخان
وكؤوس الردى يطوف بها الهو / ل فللّه سكرة الندمان
كلما صفّق العلا لشهيد / هتف المجد للشهيد الثاني
أي بأس كبأسه حيثما ثار / بوجه الأعداء كالبركان
ثورة زلزلت قلوبا وأرواحا / فباء العدو بالخذلان
إن للحقّ صولةً تصرع الظلم / وتودي بالبغي والطغيان
وجنودا تمدّهم قوّة الل / هِ ويرعاهم بعين الحنان
وجلالاً ملءَ النفوسِ تجلى / بثبات الشيوخ والشبّان
وجمالاً حواه أسمى وسام / رصّعته الجروح بالمرجان
إيه يا ابن الحريّة البكر / أبليت فإن يهدموا فأنت الباني
فعليك السلام حيّا وميتا / وتقبّل منّا أحرّ التهاني
أيهذا الشاعر المغ
أيهذا الشاعر المغ / ترب الباكي أصيلا
حبك اللَه تجلّد / واتئد واهدأ قليلا
وأصخ لي واتخذني / يا أخا البؤس خليلا
فكلانا لم يجد إلّا / إلى الآل سبيلا
يا رفيقي يا رسول / الحب في دنيا القلوب
ما الذي أشجاك هل / سخرية الآل الكذوب
أم شحوب الشّمس أم ما / تركت بعد الغروب
أم هجوم الليل بالأشبا / ح في الشاطي الصخوب
كفكف الدمع فما / أثمن دمع البؤساء
هو عند اللَه أزكى / من دماء الشهداء
وادّخار ما تركت / منه العوادي للشتاء
عندما تهتف ذكرى الصب / ح في صمت المساء
هاك كوبى واغتبق في / مأتم الفصل الغضوب
علّ في النّهلة ما ينفي / ولو بعض الريوب
والتمس للنفس والقلب / عزاء في شحوبي
فالخطوب الغبر لم تت / رك بكفي غير كوبي
يا طريد الدهر والنح / س قرين الشعراء
سائل الليل فبي ما / بك من داء عياء
وكلا الداءين من دن / يا المآسي والعناء
فالأذى والبؤس فيها / حظّ أبناء السماء
إن تسلني فأنا ابن / الريب مذ كنت صبيا
آه ما اشقى الذي / يوهب حسّا شاعريّا
الشجي والأرق امتصّا / السّنى من مقلتيّا
كذبوا واللَه لم اطف / يء سراجي بيديّا
كم رمى الأوغادُ والأه / دافُ أقذاذ كرام
آثروا الصّمت وغب / ن ان يصابوا وحرام
وقديما قالها شاع / رنا الفحل الهمام
ما أنا منهم ولكن / معدن التبر الرغام
الأكاذيب وقد طال / سكوتي والقعود
أصبحت رائجةً لا عاشَ / في الناس الحسود
يوقد النار فيصلاها / وتخبو فيعود
والأراجيف سلاح / والنعامات جنود
آه من عاصفة هوجاء / في نفسي الشقيّه
زلزلت قلبي وأودت / برؤاه الذهبيّه
أنا في طخياء كم للهم / فيها من ضحيه
لم تغيّب شاعرا إلّا / ووافته المنيّه
يا نديمي في صبايا
يا نديمي في صبايا / أنت يا ملهى الصبايا
أنت يا مهد هواها / ورؤاها وهوايا
أنت يا ملهم قلبي / الشعر جدّدت أسايا
وبعثت الحب والهفي / على تلك البقايا
يا سمير الأمس يا من / فيه لم يخل محلّي
يوم كنّا نتعاطى / الراح سرّاً ونصلّي
نستحي حتى من / الأنجم والبدر المطل
أين أمسي والتي كم / ساءها بالحب ذلي
ها هو الشاطىء فاسمع / أيها القلبُ هديره
وصراخ الموج في الظل / ماء طوراً وزفيره
وعويل الريح إذ تلطم / بالموج صخوره
مأتم ثار به العق / لُ على الروح الأسيره
أيهذا الهائج الصاخب / أوقدت الضراما
ومن الآثار والأطياف / ما يذكي الغراما
أنا عطشان وكم من / نبأٍ بلّ أواما
فعن السمراء خبّرني / وأقرئها السلاما
ها هنا عاهدت هندا / بعدما حرّرت نفسي
ها هنا بالحبّ والنشوة / قد غيّبت نحسي
وهنا في غيهب الأتراح قد / واريت أُنسي
وهنا أبكيت هندا / فاحفروا إن متّ رمسي
هذه الصخرة كم في / ظلّها وقت الظهيره
جلست منشدةً شادي / ةً هند الصغيره
وعلى تلك وهذي / في ليالينا الأخيره
كم نشرنا من بساط / وشربنا بالكبيره
وعلى هاتيك والشمس / بأحضان المغيب
بحت قبل القبلة الأولى / بحبي للحبيب
وعروس الشعر كم / طافت بذيّاك الكئيب
وعليه هند كم / غنّت لحون العندليب
إنّ لي عندك لحناً / هاته يا موج هاته
من لحون هتف الصي / فُ بها في أُمسياته
فهي للقلب وكم رتّلها / في صلواته
أنا في معبده قد / صغتها من عبراته
كن ضنينا أيها اللي / لُ بسرّ قد أذاعه
تائه يبحث في جنحك / عن كنزٍ أضاعه
هو كالملّاح حين / التهم اليمّ متاعه
وانبرى للريح والموج / فلم تُغن الشجاعه
يا ليالي القرب والإل / هام بالماضي القريب
كم تراءى لي على ذكراك / من طيف حبيب
فطغى الشوق وقد يلهي / النوى بعض القلوب
ما أنا بعدك بالحاسي / وبالشادي الطروب
يا ندامى قد تحدّى / الهمّ في قلبي المداما
هاك كأسي هاك يا / ساقي وعذرا يا ندامى
وذروني أجرع الصاب / وأستوحي الظلاما
فأسير القيد يصلي / كاسه نارا إذا ما
يا فتاة الأمس وأشوقي / لأمسي وفتاته
وهواء اليوم قد هبّ / بقلبي من سباته
وإلى الشاطىء والأمس / مضى في حسناته
عدت محمولاً على أجنحةٍ / من ذكرياته
عودة طاف به العاشق / يا هند وجالا
يسأل الشاطىء والأمواج / ليلا والرمالا
والدجى والنجم والريح / جنوبا وشمالا
ولكم حيا به طيفا / وكم ناجى خيالا
يا فتاتي حسب من ناداك / في الفصل المخيف
حسب من كهفه يا / ربّة القصر المنيف
حسبه من هنده / في ثورة الحب العنيف
قبلةٌ يغرق في / خمرتها همّ الخريف
فتعالي فزئير الريح / بالوصل صداح
واصطخاب الموج شدوٌ / ودموع المزن راح
لا تقولي نسيَ ال / ماضي وفي الحيّ ملاح
أنت قيثاري وكاسي و / سمائي والجناح
جاء الربيع وأنت راقد
جاء الربيع وأنت راقد / قم واشد يا ربّ القصائد
ما للبلابل حين يبتسم / الصباح وللمراقد
لك في الرياض أسرّة / لا كالأسرّة والوسائد
قم حيّه فيها وصغ / ببهائه أسنى الفرائد
غرّاء يغضي النيران / لضوئها قبل الفراقد
والدر في الأصداف قب / ل الدر في جيد الخرائد
تروي محاسنها الكواكب / للعرائس والنواهد
غرّد فكم أطربت مع / بوداً وكم جنّحت عابد
أسكر بها الوادي على / فرح الأقارب والأباعد
ودع الحداة يرقّصون بها / الدراري في الفدافد
وذر الخليج بها يعيذ / عروسه من كل حاسد
وأضف إلى الغرر الخوالد / حليةً تسبي الخوالد
من درّك الغالي وغالي / الدر يهدى للأماجد
والشاعر الحرّ الأبيّ / يصونه والسوق كاسد
والشعر ما هفت النفوس / له وبعض الشعر فاسد
والشعر ما اضطرم الشعور / به وإلّا فهو بارد
والشعر في الأشراف حيّ / خالد والمال نافد
ولآلىء الوجدان ظلم / أن تصاغ لغير ناقد
والصائغ الموهوب تلمع / في قلائده قلائد
أهلاً وسهلاً بالربيع / بمن به دنت الشوارد
ولكلّ ملتاح صفت / شتّى المناهل والموارد
أهلا بعبد اللَه / أهلا بالمفاخر والمحامد
بفتى الكويت وذخرها / وأميرها الشهم المساعد
أهلاً وسهلاً بالمنار / والمآرب والمقاصد
أهلا ويا بشرى المدارس / والمكاتب والمعاهد
بعد الشواكي والبواكبي / والسواري والقواصد
يا فرحة الشعراء في / ظلم الفوادح والشدائد
مولاي يا أمل العزيزة / وابنها الحر المجاهد
يا من برفعة قدره / بعد السها باهت عطارد
ولحبّه بقلوبنا / ونفوسنا أبقى المعابد
وبمدحه هتف الزمان / وكم أصاخ وخرّ ساجد
يا كوثراً يشفي ولا / يلتاح بعد الورد وارد
يا نعمة للَه لم / تجحد وما في الشعب جاحد
بالأمس شيّعنا الفقيد / بدمعنا وبما نكابد
واليوم بين يديك تلقي / بالأعنّة والمقاود
فخذ الزمام وسر بنا / فالسعد بسام وصاعد
سر أيّها الفذّ الهمام / فأنت فينا اليوم واحد
ولديك عزم بالمصاعب / يستخفّ وبالمكايد
ولأنت أدرى بالطريق / وبالحواجز والمصايد
ولأنت أعرف يا ابن / سالم بالسياسة والأساود
ولأنت أعلم بالحقول / وما تدرّ وبالحواصد
ولأنت أخبر من سواك / بمن علا بعض المقاعد
ما كان أغنى المقلة الكح / لاء عن تلك المراود
يا ربّ ريح طوّحت / بسفينة والبحر راكد
وحمامة للسّلم قصّ / جناحها طمع المحايد
وصريع كأس في السرير / وكلبه ريّان راقد
فإذا أفاق حسا الصبوح / وألف طرف منه ساهد
ولربّ عقد طارف / لا تشتريه بسلك تالد
والنار في المصباح غير / النار في جوف المواقد
وهوى الدراهم إن تأصّ / ل علّة كهوى الموائد
والزهد يوجد في السماء / وقد يكون الذئب زاهد
هذا وبسام اللَه كم / أحبولة نصبت لصائد
والدين من نعم السماء / وباسمه الصياد راغد
وأبو التعصب والعقوق / الجهل وهو أبو المفاسد
والعلم نبراس على / أضوائه تجنى الفوائد
فإلى الأمام إلى الأمام / بنا ولا عذر لقاعد
وإلى الصراط المستقيم / ولن ترى في القوم حائد
والنار مثوى من يحيد / ومن يشذّ عن القواعد
واللَه بالمرصاد يخزي / كل شيطان ومارد
وعلى التكاتف والتفاني / كلّنا جند يعاهد
ولك التهاني من صميم / قلوبنا يا خير قائد
ولذخرنا آل الصباح / وإنّهم نعم السواعد
ولنا بعيد جلوسك / الميمون أعياد عوائد
يا ابن الأباة وللمجال فحو / له ولك الشواهد
كلّ يطير وللبزاة / سماؤها وكذا الهداهد
مولاي لا أشكو الزمان / وكان قبل اليوم حاقد
كلا ولا أخشى المباضع / وهي تدمي والمبارد
لي فيكم عين بها / بكم ألوذُ من الحواسد
يا ابن الصباح وما ابنه / إلّا الضياء لكلّ قاصد
دم للكويت ابنها لها / برّاً وعش للشّعب والد
للشيب منّا والشباب فكلّنا / سعد وخالد
هاك اليمين على المحبّة / والولا واللَه شاهد
ذري القلب يطوي حبّه ويواريه
ذري القلب يطوي حبّه ويواريه / ذريه فقد أقصى هواك أمانيه
ومن كفّك الصهباء صاب فاترعي / عدمتك كأسي واغربي لا تديريه
فلست على الحب القتيل بآسف / فحبّ كهذا لا تطاق مساويه
ولست على أمسي وغرسي بنادم / وتبّا لقلبٍ كاذب الحبّ يغريه
دعيني وهاتي يا هلوك رسائلي / فإنّ ربيب الإثم خابت مساعيه
وهاك الذي بالأمس كنت أضمه / إلى مهجتي الحرى وكنت أفدّيه
خذيه ففي طيّاته لك صورة / ودمع وبعض الدمع خرسٌ معانيه
ولي في يا أفعى دموع بعيد ما / أثار ابن جنبي فارعوى ما سأخفيه
ويا شبح الموت اذهبي وتصيّدي / عسى ولعلّ السهم يودي براميه
حنانيك يا ساقي الطلا أصبابة / تبلّ الصدى والحيّ عطشان شاديه
إذن هات هاتيك الزجاجة واسقني / ومثلي مدين بالحياة لساقيه
أغثني ففي روحي لحون حبيسة / وفي الصدر ما فيه أغثني لأبديه
ويا أيها اللاحي وكأسي في يدي / منار لنفسي وهي تحبط في التيه
أأترك كأسي والفؤاد ربيبها / وهيهات ينسى القلب فضل مربيه
أربّ الرفيق الجزل ألف تحيّة / ومثلك من أعماق قلبي أحيّيه
وأرفع إعجابي وشكري خالصا / له واعترافي صادقا وأهنّيه
ومثلك أهديه القريض مهذّبا / ولم لا وأنت الراقصات قوافيه
تغّنيت في الوادي فاسكرت نشأه / وأطربت دانيه ورقّصت قاصيه
ورحت على الأحلام في الروض نائحا / فأبكيت في فصل الربيع قماريه
وبتّ تبثّ الوجد والشوق زهره / فيلقي الضحى والدمع ملء مآقيه
وكم نبّهت شكواك في الدوح بلبلا / فشاطرك الشكوى ونارك تكويه
وكم لك من وجدانك الحيّ صرخة / بعثت بها ميتا وأيقظت ما فيه
وكم عبرة أرسلتها إثر عبرة / لمست بها جرحا تناساه آسيه
وكم لك من أغنية شفت الصدى / ومثلك عبد اللَه تشفي أغانيه
فتى الهاتفات الواثبات شواديا / ويا من بأفق الفنّ لاحت دراريه
فديتك طال الصمت والركب حائر / وخارت قوى حاديه مذ تاه هاديه
بربّك أطلقها لحونا مثيرة / تحرك في القلب الشعور وتذكيه
فكم صغتها والدر صعب مناله / عقودا بها الوادي فخور براميه
عقودا بها باهي النجوم وصانها / وما كل غوّاص تصان لآليه
أخي كم دعاني الشعر والفكر شارد / فلم أستطع والآن لبيت داعيه
فمن غور قلبي هاكها عسكريّة / مجنّحة والشاعر الحرّ أهديه
سباك الجيد والقدّ
سباك الجيد والقدّ / وتلك العين والخدّ
وذاك الخصر والردف / وذاك الصدر والنهد
وهاتيك الحواجب والجبي / ن وشعرها الجعد
ومبسمها بما فيه / فأين الخمر والورد
وأين الفيد من لي / لاك والآرام والمرد
وأين الشمس والبدر / وأين الطير والرند
سبتك وكم وكم من / شاعر أودى به الوجد
سبتك وأسرفت بدلالها / والأهل كم ودوا
سبتك بحسنها والحب / قتال ولا حدّ
سبتك بحسنها لتروح / مجذوبا ولا تغدو
سبتك بحسنها والحب / فيه الصاب والشهد
فجد قبله مزح / ومزح بعده الجدّ
وبعد قبله قرب / وقرب بعده البعد
فأصبحت بها كلفاً / قليل الصبر يا فهد
وأضناك الشجى المرّ / بتهيامك والصدّ
وأرمض روحك الشوق / وليس من النوى بدّ
فلم تشغلك خولة لا / ولا هند ولا دعد
وحظّك من هواها الغمّ / والتبريح والسهد
فلا رفق ولا عطف / ولا عهد ولا وعد
ألم يأن لها أن / ترحم المجنون أم بعد
لك اللَه إذا سرت الصبا / أو لعلع الرعد
وناديت بروحي أنت / يا ليلى ويا نجد
وأبكيت ابنة الدوح / بشكواك وما يبدو
وأقعدك اضطربا / النفس في الظلماء والجهد
كأنّك قلب هاتيك القط / اة وقد نأى الورد
فهل لامك في حبّك / إلّا ذلك الوغد
فدع عنك القنوط فك / ل جزر بعده مدّ
أخي حسن لي العذر / إذا ما قصّر الردّ
فقد كفّنت قيثاري / وكأسي مذ كبا الجدّ
فلا الصهباء صهباء / ولا الأوتار إذ تشدو
فأفق النفس مربد / ووجه العيش مسود
أيشقى الليث والهفى / عليه ويسعد القرد
ولا أطوي الدياجي / صارخا إنّي إذن عبد
فلا المدفع بالمجدي / إذا لم يصدق الجند
ولا الجيش بزحّاف / إذا ما اطرق البند
ولا بالبيض والعسل المصف / ى يدرك المجد
فيا أرض خذيني واب / لع العسكر يا لحد
أخي حسن لي العذر / إذا ما اضطرب الردّ
فقد أهديتني عقدا / نفيسا دونه العقد
فشكراً والسلام عليكَ / واشدُ فخدنك السعدُ
يا أخا الروح من يبلّ أوامي
يا أخا الروح من يبلّ أوامي / يا لحزني وأنت تحت الرجام
من لقلبي وقد تملّكه اليأس / ونفسي الثكلى وروحي الطامي
آه من لي بلمّ شمل القوافي / فأنا لم يعد بكفّي زمامي
ربّة الشعر هات ما شئت منه / واطلعي يا عرائس الإلهام
أسعفيني به قلست بقنّاص / فاصطاده وبلي أوامي
اسعفيني به لأرثي رفيقا / غيّبوه تحت الحصا والرغام
وا صديقاه وا حنيني إليه / واشتياقي وحرقتي وهيامي
يا أخا الروح آه ما ضرّ لو / ودّعتني أو خصصتني بالسلام
يا أخا الروح كيف أصدرت / الأقدار حكما عليك بالإعدام
كيف نفّذته بنفسك يا هذا / بلا رهبة ولا إحجام
وا صديقاه آه بل كيف يصفو / العيش لي بالقسوة الأحكام
كيف يحلو لي المقام بدار / الغدر والغشّ والفنا والسقام
كيف تحسو كاس الردى قبل أن / اشربه وهو غايتي ومرامي
ليتها إذ سقتك هذا غبوقا / أصبحتني الدنيا بكأس الحمام
لهف نفسي على شباب نضير / كفنوه واحرّ قلبي الدامي
لهف نفسي على المروءة والإخلاص / والنبل والشعور السامي
ذبل الغصن وهو غصن رطيب / وذوى الزهر وهو بالأكمام
وطويت البساط مذ غيّبوه / فدعوني يا معشر اللوام
حطّموا العود والكؤوس فلا / حاجة بالعود أو كؤوس المدام
واصرفوا عنّي الندامى / فقد عطّل نادي الغرام والأنغام
يا صديقي أما سمعت نواحي / كنواح الرضيع يوم الفطام
وأنيني أما سمعت أنيني / دونه يا أخي أنين الحمام
وا صديقاه وا حنيني إليه / واشتياقي وحرقتي وهيامي
ليتهم إذ رموه بالضعف ذاقوا / بعض ما ذاقه من الأيام
وادّعوا أنّه الجبان أمنهم / واحد قابل الردى بابتسام
فمن الظلم أن يعذّب حرّ / ويعيش اللئام بعد الكرام
ومن الغبن أن تموت وما حقّقت / حلما وا ضيعة الأحلام
وا صديقاه وا حنيني إليه / واشتياقي وحرقتي وهيامي
حطمت جسمه صروف الليالي / ورمته بالبؤس دنيا الطغام
وسقته صاب القنوط دهاقا / إي وربّي ألجام بعد الجام
وا صديقاه وا حنيني إليه / واشتياقي وحرقتي وهيامي
كنت أشكو إليك آلامَ نفسي / حول ذاك الشاطي بجنح الظلام
فتواسي وما تملّ الموا / ساة فأرتاح ناسيا آلامي
كم سبحنا معا ونحن نشاوى / بسماء الخيال والأوهام
وسهرنا معا ونمنا وقمنا / وجلسنا العام بعد العام
وقتلنا مع الزمان ليالي الصي / ف بالشدو أو لذيذ الكلام
ولهونا على الرمال مع الصح / ب إلى أن يحين وقت المنام
يا لها من ذكرى تؤجج في القلب / ضراما ويا له من ضرام
وا صديقاه وا حنيني إليه / واشتياقي وحرقتي وهيامي
فاض كاسي وخار عزمي وأعلنت / خضوعي لليأس واستسلامي
لست أسطيع ردّ صرف الليالي / أنا أغمدت رغم أنفي حسامي
وا صديقاه وا حنيني إليه / واشتياقي وحرقتي وهيامي
يا صديقي الشهيد نم ناعمَ البال / ودعنا نعيش كالأنعام
نم فيومي الأخير ليس بناء / فمتى يا ترى يصيب الرامي
نم فإنّ المقام بالقبر خير / للكريم الأبيّ بين اللئام
فعلى روحك البريئة عبد اللَه / ألفا تحيّة وسلام
غادة حطّم الفؤاد بكاها
غادة حطّم الفؤاد بكاها / ليت شعري ما بالها ما دهاها
قد حباها اللَه الجمال ولكن / لم يصنه يا ليته ما حباها
وقفت حول ذلك الشاطيء / الرملي ليلا تبثّه شكواها
واستحال الإعوال فيها أنينا / حين جفّت من فرطه مقلتاها
تلطم الصدر تارة وتشق / الجيب أخرى حتى إذا أعياها
سامرت أنجم السماء وناجت / بسكون الدجى الهلال أخاها
ملأ اليأس قلبها يا لحزني / والآسى شفّ روحها وبراها
وتنادي والناس لاهون عنها / يا إلهي هلا أجبت نداها
لا قريب حنا عليها ولا / خل شفيق بحزنها واساها
فتح الليل صدره لثريا / وبكى الموج رحمة لصباها
أدهاها من الهوى ما دهاني / فقلاها حبيبها واجتواها
أم رماها كما رماني زماني / بعواديه ليته ما رماها
فحداني إلى الفتاة شعور / لاقت الروح منه ما أضناها
فحثثت الخطى إليها بجنح / الليل والناس نوّم لأراها
فإذا بي أمام عذراء تحكي / الورس من فرط حزنها وجنتاها
فدعتني إلى الدنوّ إليها / بعد لأي واغرورقت عيناها
حيث شاهدت هيكلا من عظام / حطّمته الأقدار ما أقساها
نظرة قطّعت نياط فؤادي / إن تسلني يا صاح عن عقباها
جرّعتها الأيّام صابا مريرا / وسقتني فكيف لا أرعاها
ونسى قلبي الحزين أساه / بعد ما شاطر الفتاة أساها
كفكفت دمعها وكفكفت دمعي / وسألت العذراء عما دهاها
فشكت ظلم أمها وأبيها / قاتل اللَه أمها وأباها
حمّلاها ويلاه عبئا ثقيلا / رزحت تحته فلم حمّلاها
أرغماها على الزواج بشيخ / ذي ثراء من أجل ذا أرغماها
حدّدا موعد الزفاف فجاءت / تندب الحظ حين خاب رجاها
وجه ذاك الشيخ المجعد ألقى / الرعب في قلبها وأطفا سناها
أمن العدل أن تزفّ ثريّا / لعجوز فأين أين فتاها
فمن الظلم أن تشاطره العي / ش وقد كان مصدرا لشقاها
ومن الظلم أن تساق إلى من / صوته لا تطيقه أذناها
ومن الغبن أن تلامس خدّاً / ذا غضون كخده خدّاها
ومن الغبن أن يداعب في كفّ / نحيل ككفّه نهداها
ومن الغبن أن تقبل ثغرا / خاويا مثل ثغره شفتاها
ومن الغبن أن ترفّ على فودي / عجوز كحامد خصلتاها
ومن الغبن أن يطوّق جيدا / معرقا مثل جيده ساعداها
هل رأيتم ورقاء هامت بنسر / وسمعتم بوكره نجواها
أو رأيتم غزالة عشقت يا / قوم ذئبا وطوّقته يداها
هيّا الشيخ يا إلهي نعشا / من حنايا ضلوعه لصباها
ثم راح العجوز ينسج أكفان / ثريا من لحية أرخاها
ومن أحضانه أعدّ لها قب / راً وهذا ما اختاره أبواها
ربّ رحماك بالفتاة ورفقا / فكفاها ما حمّلاها كفاها
أنهك الذلّ جسمها وهي في مق / تبل العمر لم تحقّق مناها
خسرت خالدا رفيق صباها / وعلى نبذ خالد أكرهاها
عاهدته على الزواج فلم تهو / سواه وما أحبّ سواها
هي لولاه لم يلذّ بها العيش وما / عاش خالد لولاها
خالد ذلك الفتى الطيب القل / ب النبيل الشعور لا ينساها
كيف ينسى تلك الفتاة التي كم / أعربت عن إخلاصها ووفاها
كيف ينسى تلك الفتاة التي لم / ير في هذه الدنيا إلّاها
كيف ينسى تلك التي ودّعته / ببكاها وأودعته حشاها
كيف ينسى تلك التي يذرف الدم / ع إذا ما مرّت به ذكراها
كيف ينسى تلك التي كم وكم ضاهى / بإخلاصها العظيم وباهى
كيف ينسى تلك التي تترامى / بين أحضانه وتشكو هواها
كيف ينسى تلك التي كم وكم بل / كم وروّى غليله من لماها
هيَ بالأمس غادةٌ ذات دلّ / يملأ النفس غبطة مرآها
هي بالأمس وردةٌ تنعش الأرواح / بل يسكر القلوب شذاها
هي بالأمس دمية تبعث الإيمان / بالقلب جلّ من سوّاها
وهي اليوم هيكل من عظام / قاتل اللَه أمّها وآباها
طلع الفجر وافترقنا ولم أد / ر أتسطيع حملها قدماها
أرغمتني على التخلف عنها / إي وربّي وخلّفتني وراها
بأبي غادة تسير الهوينا / حول ذاك الشاطي تجرّ رداها
وبأمّي عذراء حطّمت الأوصاب / في ميعة الشباب قواها
وبروحي هيفاء تهتزّ لا تيها / ولكن من فرط ما قد عراها
تتخطّى الصخور حتى إذا ما / خار عزم الفتاة ألقت عصاها
وقفت حول ذلك الصخر كالتمثال / فاهتزّ هزّة من بكاها
ظمئت روحها ولم تر كأسا / غير كاس الردى تبلّ صداها
سكنت روحها إلى خاطر مرّ / بها رغم أنّه أدماها
ثمّ صاحت لبّيك والبحر ساجٍ / ليت شعري من الذي ناداها
أدعاها الردى فلبّت نداه / أم دعته يا ليته ما دعاها
رفعت وجهها ونادت إلهي / قد دعتك العذراء فاقبل دعاها
رأت العيش في جوارك أمنا / فاجعل الخلد يا إلهي قراها
حست الكاس وهي صاب مرير / لا تلمها فكم محبّ حساها
إيه يا مذبح الهوى ها هي الرو / ح فخذها من بائس أهداها
ووداعا يا سؤل قلبي وداعا / من فتاة لم ترو منك ظماها
من فتاة فدتك بالروح فاحفظ / عهدها وانتظر فسوف تراها
أرسلت نظرة إلى البحر لم يعرف / سوى البحر ويحه مغزاها
أعقبتها بصرخة ردّد الأفق / وقد خيّم السكون صداها
نكثَت شعرها فراح نسيم / الفجر يلهو به ويلثم فاها
حملته إلى رفيق صباها / قبلاً لو سمعت موسيقاها
حجبت وجهها بكلتا يديها / لا عن الموت حينما وافاها
بل عن الشمس أختها إذ أطلّت / لو رأت وجهها هوت من سماها
فتح البحر والشوطيء باك / لثريّا أحضانه فاحتواها
يا ثريا قضوا عليك فواها / يا ثريا على شبابك واها
أعف يا ربّ عن ثريّا فهذا / ما جنوه لا ما جنته يداها
قتلوها أب وأمّ وزوج / آه لو مات هؤلاء فداها
ربّ رحماك بالحبيب إذا ما / عاد والشوق شفّه للقاها
كم فتاة ربّ اسعدها / الحسن وهذي جمالها أشقاها
يا من صهرت لهم شعوري
يا من صهرت لهم شعوري / فجراً على شدو الطيور
وتالّق البسمات من / ثغر الصباح المستنير
وطواف أحلام الحمائم / والبلابل بالزهور
ورفيفها بالأفق وهي / مضمّخات بالعطور
نشوى سقاها الفجر فهي / معربدات في الأثير
وسكبته من غور وجداني / وأعماق الضمير
بقصيدة واللَه يعلم / وحده ما في الصدور
أوحى بها حبّي / لموطنيَ العزيز وللأمير
يا من صهرت لهم شعوري / فجراً على شدو الطيور
باللَه معذرةً فديتكم / على عدم الحضور
قد حيل بين الماء / والعطشان في حرّ الهيجر
باللَه قف حيّ المعارف / بالنظيم وبالنثير
بفرائد تشدو بفضل / رئيسها الحرّ الغيور
وصحابه الأمجاد أع / ضاء المعاف والمدير
واشكر أساتذة سموا / بشبيبة الشعب الشكور
فالشعب مديون لهم / بثقافة النشء الفخور
وارفع لمعتمد الحكومة / خالص الشكر الوفير
إنّي لمغتبط بما / أبداه نحوي من شعور
فاليوم جائزة وقبل / اليوم أخرى في سطور
برسالة قد جنّحت / قلبي فطار من السرور
فارفع لمعتمد الحكومة / خالص الشكر الوفير
واستقبل الأمل الوحيد / على زغاريد البشير
واقطف لنا ورد المنى من / روضه الزاهي النضير
وانظم فديتك منه إكلي / لا على نفح العبير
واهبط به دسمان في راد / الضحى فخر القصور
واهتف لمولانا الأمير / الأوحد الفذّ الخبير
يا ليتني فوق الغصون حمامة
يا ليتني فوق الغصون حمامة / لأنوح بالآصال والأسحار
علي أرى في الروض من يفضي / إليّ بسرّه وأبثّه أسراري
أو أنّني بين النسائم نسمة / لأبشّر الأطيار في آذار
وأطوف بعد الأرض آفاق السما / لأرى مكان حبيبي المتواري
يا ليتني بين الورود فراشه / تروى الصدى من أكؤس الأزهار
حتّى إذا شفت الغليل تعطشست / للموت واندفعت بجوف النار
أو أنني يا فجر قبّرة أرف / رف في جناحي بالفضاء العاري
لأردّد النغمات سكرانا / بخمر الحسن قبل تألّق الأنوار
يا ليتني بين الروابي ربوة / خضراء مشرقة على الوديان
لأكون منمبر كل طير صادحٍ / ويكون سفحي مسرح الغزلان
أو أنني وسط الحدائق جدول / ينساب بين الورد والريحان
لترفرف الأطيار فوق مياهه / سكرى ترجّع أعذب الألحان
يا ليتني طير لأسبح في الفضا / وأؤوب مغتبطاً مع الأطيار
أو بلبل لأشنّف الأسماع بالن / غم الرقيق على ذرى الأشجار
أو أنني للعود أمسي ريشة / لتمرّ بي الأيدي على الأوتار
لأبثّها شكوى الهوى فلعلّها / ترثي لحال العاشق المحتار
يا ليتني يا ليتني قمريّة / لائنّ بالإصباح والإمساء
عليّ أثير بقلب كلّ مليحة / عطفا على البؤسا من الشعراء
أو أنّني وسط الرياض خميلة / لأعطّر الأجواء بالأشذاء
أو وردةٌ صاغ الربيع جمالها / لترشّني الأصباح بالأنداء
فلكم تراءى لي الخيال حقيقة / فيخالني الرائي صريع عقار
فأفيق مذهولاً وأهتف من أنا / فأجاب مجنون بعقر الدار
يا حبّ بين يديك نفسي تشتكي / أفما كشفت غوامض الأسرار
يا حبّ أحلام الغرام جميلة / رحماك فهي قصيرة الأعمار
يا عيد عدت فأين الروض والعود
يا عيد عدت فأين الروض والعود / والهف نفسي وأين الراح والغيد
بل أين أحباب قلبي والمواعيد / عيد بأيّة حال عدت يا عيد
بما مضى أم لأمر فيك تجديد /
قلبي أسيرٌ وربّ البيت عندهم / قد حيل واحسرتا بيني وبينهم
أين المؤاسون فاض الكاس أين هم / أمّا الأحبّة فالبيداء دونهُم
فليت دونك بيداً دونها بيد /
أوّاه ضاعف أحزاني شرابكما / شتّان شتّان ما بيني وبينكما
فخبّراني بحقّ اللَه ربّكما / يا ساقييّ أخمرٌ في كؤؤسكما
أم في كؤوسكما همّ وتسهيد /
يا للتّعاسة لا الأوتار تطربني / بشدوها لا ولا الأنغام تؤنسني
فيا ندامى أمنكم من يخبّرني / أخصرةٌ أنا مالي لا تحرّكني
هذي المدام ولا تلك الأغاريد /
بالأمس كانت قطوف الوصل دانيةً / واليوم أضحت لتعس الحظّ قاصية
وضاع عمري وما حقّقت أمنيةً / إذا أردت كميت الخمر صافية
وجدتها وحبيب النفس مفقود /
يومي كأمسي وأمسي أوسد وغدي / يا دهر خفّف كفى ما ذقت لا تزد
ويا رفاقي اعذروني إن نفضت يدي / لم يترك الدهر من قلبي ومن كبدي
شيئا تتيّمه عين ولا جيد /
فكم شكوت ولكن لم أجد أحدا / يصغي فأبكي وهل تروي الدموع صدى
وعشت لا أرتجي مالاً ولا ولدا / وكنت أروح مثر خازنا ويدا
أنا الغنيّ وأموالي المواعيد /
وعشت بين أناس لا وعودهم / تشفي غليلا ولا تغني عهودهم
عميٌ وأطماعهم أمسَت تقودهم / جود الرجال من الأيدي وجودهم
من اللسان فلا كانوا ولا الجود /
خفقانُ الفؤادِ ويحي بصدري
خفقانُ الفؤادِ ويحي بصدري / كهدير الأمواج من بعد هجري
فألق مرساك وانتشلني بأجري / يا شراعاً وراء دجلةَ يجري
في دموعي تجنّبتك العوادي /
صدت قلبي ريم الفراتين صيدا / كدت بي بعد صيد قلبي كيدا
فهواهُنّ آهلٌ في السوَيدا / سر على الماء كالمسيح رُوَيدا
واجر في اليمّ كالشعاع الهادي /
هنّ عذّبن مهجتي تعذيبا / فحمامي أراه منّي قريبا
سر بيُمن وقيت يوما عصيبا / وأْتِ قاعاً كرفرف الخلد طيبا
أو كفردوسه بشاشة وادي /
فإذا لاح اخضرا مستطيلا / زاهراً والطيور تعلو النخيلا
بمروج تزهو تربّت قليلا / وانظر الشطّ بالملاهي أصيلا
هل من الغيد رائح أو غادي /
وإذا ما أتيت منه بقرب / لأراهنّ قبل أقضيَ نحبي
ورأيت الملاح في شكل سرب / قف تمهّل وخذ أماناً لقلبي
من عيون المها وراء السواد /
عاريات يسبحن وسط الغدير / خارجات منه لقطف الزهور
راكضات معا وراء الطيور / لابساتٌ جلابيا من حرير
بهواهنّ قد فقدت رشادي /
هنّ ذكّرتني مواقف تشفي / يوم منا الثغور تلهو برشف
نقتل الوقت بين لهو وقصف / وقيانٍ على نشيد وعزف
وشراب على طعام وزاد /
نشرب الخمر سائغا سلسبيلا / ثمّ نتلو سفر الهوى ترتيلا
إتّخذنا الخبار دوحا ظليلا / عن وشاة لقد أضلّوا السبيلا
ذاك سؤلي بل ذاك كلّ مرادي /
مع أناس ترجو العروبة منهم / عزّها والأسود تفرق إن هم
ذكروا تأخذ المسرّة عنهم / والنواسيّ والندامى أمنهم
سامرٌ يملأ الدجى أو ناد /
شعب ملك العروبة الفذّ أعني / بطل الرافدين نجل الحسين
فيصل من أقام في عشر قرن / أمّة تنشيء الحياة وتبني
كبناء الأبوّة الأمجاد /
ذاك سفر التاريخ تلقاه يشدو / بمساع حميدة لا تعدّ
قد بنى صرح سؤدد لا يهدّ / خطرت فوقه المهابة تعدو
في غبار الآباء والأجداد /
أمّة أدركت مناها بملك / وتبارت والشهب تزهو بفلك
ضحكت بعدما غدت قبل تبكي / تحت تاج من القرابة والملك
على فرق أريحي جواد /
من علا عرشه على الجوزاء / ورقى جدّه لسبع سماء
وزكا أصله من الشرفاء / ملك الشطّ والفراتين والبطحاء
أعظم بفيصل والبلاد /