المجموع : 117
لو ان دموعي استهلت دما
لو ان دموعي استهلت دما / لما أنصفت بالبكا مسلما
قتيل أذاب الصفا رزؤه / وأحزن تذكاره زمزما
وأورى الحجون بنار الشجون / وأبكى المقام واشجى الحمى
أتى أرض كوفان في دعوة / لها الأرض خاضعة والسما
فلبّوا دعاه وأمُّوا هداه / لينقذهم من غشاء العمى
وأعطوه منعهدهم ما يكاد / الى السهل يستدرج الأعصما
وما كان يحسب وهو الوفي / أن ينقضوا عهده المبرما
فديتك من مفرد أسلموه / لحكم الدعيِّ فما استسلما
والجأه غدرهم أن يحلَّ / في دار طوعة مستسلما
فمذ قحموا منه في دارها / عريناً أبى الليث أن يقحما
أبان لهم كيف يضرى الشجا / عُ ويشتدّ بأساً إذا أسلما
وكيف تهبُّ أسود الشرى / إذا رأت الوحش حول الحمى
وكيف تُفَرِّقُ شهبُ البزا / ةِ بغاثاً تطيف بها حوَّما
ولما رأوا بأسه لا يطاق / وماضيه لا يرتوي بالدما
أطلُّوا على شرفات السطو / حِ يرمونه الحطب المضرما
ولولا خديعتهم بالأمان / لما أوثقوا ذلك الضيغما
وكيف يحسُّ بمكر الأثيم / من ليس يقترف المأثما
لئن يُنسني الدهر كل الخطو / ب لم ينسني يومك الأيوما
أتوقف بين يدي فاجر / دعيٍّ إلى شرِّهم منتمي
ويشتم أسرتك الطاهرين / وقد كان أولى بأن يُشتَما
وتقتل صبراً ولا طالب / بثارك يسقيهم العلقما
وترمى الى الأرض من شاهق / ولم ترمِ أعداك شهبُ السما
فإن يحطموا منك ركن الحطيم / وهدُّوا من البيت ما استحكما
فلست سوى المسك يذكو شذاه / ويزداد طيباً إذا حطما
فإن تَخلُ كوفان مننادب / عليك يقيم لك المأتما
فإن ظبى الطالبيين قد / غدت لك بالطف تبكي دما
زها منهمُ النقع في أنجمٍ / أعادت صباح العدى مظلما
على كوفة الجند عرِّج وقف
على كوفة الجند عرِّج وقف / ويَمِّم بها المسجد الأعظما
وقف خاضعاً خاشعاً باكياً / وصلِّ وسلِّم وصل مسلما
هي شمس زفَّها بدر الحسان
هي شمس زفَّها بدر الحسان / وبها شَعَّت لئالي الحبب
سعد الطالع في هذا القران / فلك البشرى بنيل الأرب
قام يجلوها وفي مقلته / فترة يحسبها الرائي نعاس
كلما استمسك في مشيته / عبث الدلُّ بعطفيه فماس
ذقت غير الخمر من ريقته / ولي السكر على غير قياس
من مجيري والهوى فيه الهوان / من شتيت الثغر حلو الشنب
إن حكته الريم في لحظ فما / هي تحكيه بثغر وفمِ
فعلت عيناه في القلب كما / فعلت في الحرب أسياف الكمي
ليت شعري ما على عذب اللمى / لو شفى برد لماه ألمي
وسقاه بين منظوم الجمان / بَرَداً يمزجه بالضرب
أترى ألثم عينيه وفاه / وأشمُّ الآس من تلك الجعود
أم تراه مسعداً لي بوفاه / فأقضِّي منه ممطول الوعود
أم ترى إن نطق اللاحي وفاه / يذهب العشق أم الصبر يعود
كيف والشوق جموح والعنان / في يَدَي طفل كثير اللعب
يا غزالاً ملأ الجسم ألَم / وأذاب القلب منِّي وصَبَا
طال عهد بتلاقيك ألم / يأنِ أن ترحم صبّاً متعبا
كم أقاسي حرق الوجد وكم / أسهر الليل أَعدُّ الشهبا
وعلى العشاق في حبك هان / سهر الليل وعدُّ الشهب
أبداً قلبي أسير في يديك / وبه المكثر في اللوم يجور
أوما تنظر ما في شفتيك / إن تشأ يحيى به من في القبور
وترى الناس بداجي وفريتك / آية الثعبان في سود الشعور
إن هاتين لعمري آيتان / شهدا أنك في الحسن نبي
سحر عينيك أرى الناس العجاب / من ضعيفين يصيدان الأسود
وبخديك جرى ماء الشباب / فذكت في موجه ذات الوقود
وذررت المسك في التبر المذاب / وهو الخال على ورد الخدود
وتَثَنَّيت فماس الخيزران / فوق مرتجٍّ كدعص الكثب
جذوة الحسن غدت برداً عليك / وسناها في القلوب اتَّقَدا
مذ بدا لاهبها في وجنتيك / وجد القلب على النار هدى
لا ألوم الفرس فالقصد إليك / حين للنيران خرُّوا سجدا
لورأتها الحور فارقن الجنان / وسكنَّ النار ذات اللهب
كيف يسلو القلب من بين الصِبَاح / من جرى في خدِّه ماء الصبا
يرسل الشعر على مثل الصباح / لو رآه قمر التَمِّ صبا
حَسُنَ الجورُ لديه فأباح / طولَ هجري وعن الوصل أبى
وبه الشوق وفى والصبر خان / وجرت عيني كفيض السحب
أقبل من أهواه بالكأس
أقبل من أهواه بالكأس / فتهتُ بين البدر والشمس
مَلك على عرش الجمال استوى / فاقرأ عليه آية الكرسي
بل ملك أضحت على حسنه / وقفاً عيون الجن والإِنس
وردٌ على خدّيه من شأنه / أن يصبغ العشاق بالورس
بل جلَّ أن تحكيه وردة / في اللون والنفحة واللمس
تملَّكَ النفسَ فخادعت إذ / قلت له أفديك بالنفس
في حبه احتمل السهد وال / شيبَ على العينين والرأس
ومن محيَّاه واصداغه / أُصبحُ في الحب كما أمسي
ما أنا في اليوم ولا في غد / إلاّ كما قد كنت بالأمس
يحيى بي الحب فإن أُختَرَم / فهو معي يدفن في الرمس
إن أبصرت ريقته مقلتي / سكرت حتى غبت عن حسِّي
غِرٌّ ولم يرض ببيع اللقا / من مهجتي بالثمن البخس
يقول أَنسِ النفسَ عهد الهوى / فإنه عندي كالمنسي
وكيف أُنسِي مهجتي عهده / وليس إلا عهده أنسي
يا فارس الحسن الذي غادر ال / عُربَ أسارى بهوى الفرس
كُفَّ سهام العين عن مهجتي / فقد ترى القلب بلا ترس
قد جرح الهجر فؤادي ولا / أراك بالوصل له تأسي
ما لَكَ إن أرسلتُ طرف الرجا / تقطعهُ بالحرمان واليأس
أذاك طبع فيك أم طالعي / يجري المقادير على عكس
في مأتم منك فؤادي ومن / عرس شريف الندب في عرس
بكر العلا زفَّت الى داره / فتهت بين البدر والشمس
فغنِّ لي والحن وأعرب فقد / أقبل من أهواه بالكأس
وهنِّ هادي الناس ربِّ الندى / والبأس والنعماء والبؤس
أكفُّه فكَّت عناة العفا / بنائل هم فيه في حبس
رب الحجى والمجد والجود وال / هيبة والنجدة والبأس
خضل الردا مغمورهُ عَفُّهُ / نَقِيُّهُ من دنس الرجس
بحر ندى فلك الأماني على / سواه لا تجري ولا ترسي
فلا تقل أجود من حاتم / ولا تقل أفصح من قسِّ
أخرسَ بالبِرِّ الورى فالورى / تشكره بالألسن الخرس
له يدٌ لا تفضل الأبحرُ ال / سبعُ على أنملها الخمسِ
ومقول إن يتكلم فلا / تسمع في الناس سوى الهمس
بيت الرجا بيتك بل كعبة ال / آمال لا بل دارة القدس
يا طيب المغرس غصن الرجا / يثمر منك النجح في الغرس
سطاه وهو الحرّ يوم الوغى / يعنو له عنترة العبس
بشراك بالسعد الذي لا ترى / من بعده ما عشت من نحس
ودمت بالإقبال واليمن وال / بشرة والفرحة والأنس
وهاك أبياتاً سمت فاغتدت / شامخة محكمة الأسِّ
وأسطراً تحسبها أنجماً / طالعة في فلك الطرس
من لفظها السلس المعاني أتت / منقادة بالمقود السلس
قد لبست ثوب وضوح فما / شينت بتعقيد ولا لبس
جاد السحاب الجون بالعذب الغدق
جاد السحاب الجون بالعذب الغدق / حدائقاً طاف بها ساهي الحدق
يزفُّ لي شمس حميّاً بدَّلَت / صبح مُحيَّاه إلى لون الشفق
صابحني بالكاس ظبيٌ لي من / رضا به مصطبح ومغتبق
والطل من فوق الشقيق خلته / إيّاه إذ كلَّلَ خديه العرق
ورقَّ في الروض النسيم إذ كَسَت / أيدي الربيع عاري الدوح ورق
يا مسترقَّ الحسن كلُّ شائقٍ / من المعاني فهو منك مسترق
شاق هواك مهجتي بل شقهاً / وأي قلب بهواك لم يُشَق
أقلقتني منك بخصر ناحلٍ / حتى الوشاحان عليه في قلق
قرطك في جيدك لَجَّ خافقاً / فلا تلم قلبي فيك إن خفق
يا لائمي في الحب لو رأيته / للمت من أبصره وما عشق
أردت تطفي حرقي فهجتها / شانك واللوم وشاني والحرق
أقذى جفوني إذ جفاني أرقاً / ذو وجنة من ورق الورد أرق
وناظر غصِّ المآقي غنجٍ / لم يبق لي من رمق لما رمق
أنشأه لي فتنة خالقه / أعيذه من شر كل ما خلق
حتّى النسيم اعتلَّ شوقاً إذ سرى / محتملاً من مسك صدغيه العبق
والخال مسك نقِّط الورد به / أو كوكب في نيِّر الخدّ احترق
يقول من شاهد سيف لحظه / في جفنه أشهد أن الموت حق
نافسني دمعي على جماله / فإن أحاول نظرة منه سبق
صبراً على قضائه فإنّه / عدل وإن كلفني ما لم أطق
لم يجتمع منه البعاد والجفا / إلا ونومي مع جفنيَّ افترق
قد أحرق القلب فلو لم يطفه / عرس الأمين لاذبته الحرق
فتى أحبته العلا واعتلقت / لما رأته بسواها ما اعتلق
مبرَّز من مجده في حلبةٍ / حاز بها دون مجاريه السبق
أخلاقه مدامة لمن نشا / بل هي مسك فائح لمن نشق
كل ثنائي عن معانيه التي / جلَّت وإن كانت من السحر أدق
إن غسق الجهل ظلاماُ بزغت / أفكاره الغرُّ نجوماً في الغسق
أخي الرضا الخاتم للكرام وال / فاتح من باب الرجاء ما انغلق
لو أن بحر جوده يضربه / موسى الكليم بعصاه ما انفلق
لو أن طود حلمه كان له / يأوي ابن نوح لنجا من الغرق
من دوحة تزكو بأصل ثابت / وكل فرع في المعالي قد بسق
كبيرهم صيت علاه طائر / وفرخهم في المهد بالعلم يزق
براهمُ ربُّ السما من نوره / لما برى كلَّ البرايا من علق
هم زينة المجلس إن ذكرٌ طرا / وهم غياث الناس إن خطب طرق
لو كتبت مديحهم ايدي الورى / أعوزت الأقلام عنه والورق
وكيف لا يخرس فيهم منطق ال / ذاكر والذكر بعلياهم نطق
لا تتبع غيرهم في منهجٍ / فإن من يهدي الى الحق أحق
تتباعوا الى العلا تتابع ال / لؤلؤ إذ تنظمه على نَسَق
يشق غيظاً قلب من جاراهمً / إذا رأى منهم غباراً لا يشق
فهنِّهم يا سعد في عرس جلا / سحب الهموم برقه لما ائتلق
وخُصَّ منهم جعفراً فجعفرٌ / يصدق فيه المدح كيفما اتفق
صفه بما شئت من المجد فلا / تذكر وصفاً حسناً إلا انطبق
يا حعفر الصادق من يمدحه / فكل بيت قاله قيل صدق
لا زال كاسم جدكم موردكم / صافٍ ولا كُدِّرَ يوماً برنق
غزال روت عن سحر عينيه بابل
غزال روت عن سحر عينيه بابل / وما أشبهته في البغام البلابل
له معطف كالغصن ريان بالصبا / ولكنه في معرك الحب ذابل
يروق لقلبي خصره وهو ناقص / ويصبيه بدر من محياه كامل
واستملح الممنوع من عذب ريقه / ويحلو لعيني جيده وهو عاطل
يعاتبني أني مطلت ديونه / ولو سمع الشكوى لبان المماطل
لقد جدَّ فتكاً بالحشا غير أنّني / أجدُّ له بالحب وهو يهازل
قد استوعرت منه مسالك وصله / ولم تجدني الأشواق وهي وسائل
إذا عن قوانين الهوى حين قربه / تعدَّى فهل تغني إليه الرسائل
أحبةض قلبي فيكم القلب آهلٌ / وإن أوحشت منكم ومنّا المنازل
سقى عهدكم دمعي إذا غب سقيه / من الحافلات الضرع هامٍ وهاملُ
ترحلتمو عني وصبري ذاهب / وسرتم ولبي بالصبابة ذاهل
فأصبح جسمي عنكم وهو نازح / مقيم وقلبي عندكم وهو راحل
ولم أنسكم حتى أقول ذكرتكم / ولا طمعت يوماً بعذلي العواذل
ولي فيكم خلٌّ بقلبي وداده / صحيح وجسمي بعدما غاب ناحل
صفا عنده ودِّي وعندي ودُّه / سواء ومثلي بالجميل يقابل
فلا بعدت منه شمائل لم تزل / بها من رياض المجد تزهو خمائل
ولفظ إذا ما أنشأ الدرّ ناظماً / تحلّت به لا بالجمان العقائل
إذا ما رقى الأعواد يوم خطابة / تشابه في الإِعياء قسٌّ وباقل
يحاكي نسيم الصبح لطفاً وإن يكن / ثبير حجى ما حركته الزلازل
فيا شيبة الحمد الذي أنا قاصر / ثنائي عليه وهو للنجم طائل
إذا أنزل الله الكتاب بمدحه / فماذا ترى في شأنه أنا قائل
أقلني عثاري إن تجدني مقصراً / فها أناذا في ظلّ عفوك قائل
تقربك الذكرى إليَّ كأنّما / لعيني بعد البعد شخصك ماثل
لئن كان حكم الدهر بالبين جائراً / فما القلب يوماً عن ولائك عادل
هواك مقيم لا يحول وإن يحل / من البعد ما بيني وبينك حائل
قد أولد السعد لي ما ألقحت هممي
قد أولد السعد لي ما ألقحت هممي / وعاد طفل رجائي بالغ الحلم
فزف لي بنت كرم من كرامتها / عليّ أبدلتها من دنها بفمي
واجعل خضابي منها إنّني رجل / في السلم والحرب لم أخضب بغير دم
حتى إذا قتلت عقلي بسورتها / فأحي سمعي بالأوتار والنغم
بذكر ظبي يرى قتلي وسفك دمي / حلاًّ وإن التجيء منه الى حرم
فمن تَذكُّرِ ظبي بالحمى كلفي / لا من تذكر جيران بذي سلم
صاغ البديع له من حسنه علماً / فصار وجدي به ناراً على علم
إذا مشى هزَّ أغصان الأراك فهل / من النسيم براه بارىء النسم
أَغُضُّ عنه وبرئي في ملاحظه / خوفاً على ورد خديه من الألم
كلا ولكنني أخشى بنظرته / يميتني ما بعينيه من السقم
يا من سواه يخون العهد ابق على / من طبعه فيك حفظ العهد والذمم
حزت الجمال فهلا كنت تقرنه / بأجمل الصفتين البخل والكرم
أحين أيقنت أني لا أرى قمراً / سواك أبقيتني بالهجر في ظلم
غفلت عمَّا أقاسي في هواك فلم / تسهر وأرَّقتَ أجفاني فلم أنم
وتهت عجباً لأنّي فيك مفتتن / كأنّني أول العبَّاد للصنم
مهلاً فما كل مخدوم يليق به / إظهار قدرته العظمى على الخدم
رفقاً بمن أوقفته فرط صبوته
رفقاً بمن أوقفته فرط صبوته / في خطة الخسف بين الهم والهمم
حتى سلبت الكرى منه وقلت له / مستهزئاً سترى لقياي في الحلم
زعمت أن الليالي ليس تسعفه / بعرس من عرسه من أفضل النعم
محمد شبل خير الناس زُوِّج من / فتاة علينا نزار سادة الأمم
فالدهر بلغنا فيه المنى وغدا
فالدهر بلغنا فيه المنى وغدا / يفترُّ فيه الهدى عن ثغر مبتسم
ولاح في مطلع الإقبال كوكبه / مبشراً بزوال البؤس والنقم
لك الهنا يا أبا المهدي في خلف / كفَّاه تخلف فينا صيِّبَ الديم
غذيت في حب طه عند مرضعتي / بدرَّة أنا منها غير منفطم
لذاك فاخرت أقراني كما فخرت / بالفضل أمة طه سائر الأمم
سألت من قلمي يوماً فقلت له / اعمل معي فكرك النفاذ يا قلمي
إني أروم لطه مدحة وأرى / قد ضاق عن وسع ما حاولته كلمي
وكيف أحصر ما قد حاز من شرف / ومن فخار ومن زهد ومن كرم
فإن يقف من تراه العرب أفصحها / فكيف تفصح عنه أنت يا عجمي
تراك تسعى بما أبغي فقال نعم / سعياً على الراس لا سعياً على القدم
فجال في حلبة القرطاس أسمره / وضاق عنه مجال الشهب والدهم
يلف رقة ألفاظي بقوتها / كالخيل لفَّت سهول الأرض والأكم
لكنني لم أطق رداً لجامحه / كما يرد جماح الخيل باللجم
قف عن مدائح طه يا يراعى أو / قل ما تشاء ونزهة من القدم
ولا تقل هو يحيي أو يميت وقل / بالعلم أوجد أهليه من العدم
يا ثالث القمرين النيرين هدى / وثاني العرش في قدر وفي عظم
وكعبة لحجيج العلم راحته / كالركن يفخر فيها كل مستلم
العذر يا من قبول العذر شيمته / قصرت عنك وما التقصير من شيمي
أخرستني وأنا الشافي بمنطقه / مسامع الصخرة الصمَّا من الصمم
كأنّما اللوح يوحي ما أخطّ إلى / فكري فتمليه أفكاري على قلمي
أقم مدى الدهر في خفض وفي دعة / إن الهدى لك حلف إن تقم يقم
حتام قلبي من بعادك خائفُ
حتام قلبي من بعادك خائفُ / أو ليس يامن في حماك الطائف
ومتى يقضيّ نسكه صبٌّ له / بمشاعر الشوق الشديد مواقف
حاشاك تطرد من فناك نزيله / وسواءٌ البادي به والعاكف
ولي الهيام من الغزال وإنّما / لك منه جيدٌ أتلعٌ وسوالف
يا من تخالف طبعه بقطيعتي / وعليه طبعي مثله متخالف
فشمائل منهنّ طرفي مربع / ولهيب شوق فيه قلبي صائف
حالفت غيري إذ قطعت مودَّتي / فالهمُّ لي أبد الزمان محالف
فكأنّه المجد الأثيل ومهجتي / عبد الحسين لكل مجد آلف
وسع القوافي مجده فعلاؤه / متواتر وعطاؤه مترادف
يهنيك ما عين الرشاد قريرة / فيه وأنف الغيّ منه راعف
جبتَ القفار على مضمَّرة بها / للبيد تُقطَعُ أظهرٌ وتنائف
كالريح تستاق الغبار سحابة / وتمرُّ فيها وهي برق خاطف
هي صرح بلقيس وزجرك مذ غدا / علم الكتاب علمت أنك آصف
ما مسَّها جوع وروضك ناضر / كلا ولا ظمأ وغيثك واكف
فأطفت بالبيت الحرام ملبياً / وبودِّه لو أنه بك طائف
يبني خباؤك للمؤمل كعبة / وطوائف الحجاج فيه طوائف
أما لائذ في طود عزّك واثق / أن لا يمرَّ عليه ريح عاصف
والدهر يمثل حول بيتك قائلاً / بالباب عبد من عبيدك واقف
بسطت عصاك لمن عصاك مخالفاً / هيهات ليس لما تقول مخالف
فالخائف اللاجي لعدلك آمن / والآمنُ العاصي لأمرك خائف
عجباً وأنت لكل حق حافظ / من ان يضيع فما لمالك تالف
ألَهُم عليك غرامة بالضعف قد / شرطت فأنت تفيهم وتضاعف
أم أنت والراجي نداك كلاكما / أخوان فهو لما ورثت مناصف
لم تبق للأجواد من أثر فلم / تقتصَّهُ حتى كأنّك قائف
جَمَّعتَ تالد مجدهم وفضلتهم / إذ فيك قد شفع التليد الطارف
أبدعت في العليا صفات لم تكن / في الأولين فما يقول الواصف
لم أَلفِ فيهم من يقول عجزت عن / عرفانه لأقول هذا العارف
وبقيت كهفاً للعفاة ومأمناً / أوَ ليس يأمن في حماك الطائف
ساقي الطلا وقف الإبريق أم وكفا
ساقي الطلا وقف الإبريق أم وكفا / حسبي بريق حبيبي خمرة وكفى
أهلاً ببدر جلا شمس الضحى فحلا / بُرد الهنا وضفا والوقت منه صفا
وأكمل الأنس لي لما بدا قمراً / وكان ألزمني النقصان والكلفا
رأى اصفراري وما ألقى به فدرى / بعلَّتي فسقاني ريقه فشفى
ورديُّ خدٍّ به ماء الجمال جرى / فكل لحظ رآه حائراً وقفا
أباح لي روض خديه ورخَّصني / أن أغتدي بفمي للورد مقتطفا
فكاد يشبهني الصديان عنَّ له / وِردٌ فمدَّ إليه الكف مغترفا
رواية السحر عن عينيه ثابتة / وإن يكن خبراً يروى عن الضعفا
ما ضَرَّ مسكيَّ خال فوق مرشفه / أن لا يذوق سواه قطّ مرتشفا
لقد تجمعت الأهواء واتفقت / عليك يا من جمعت الحسن مختلفا
بحاجب لك مثل النون ذي عوجٍ / وقامة في اعتدال تشبه الألفا
وكاد يحكيك جيد الريم ملتفتاً / والبدر مكتملاً والغصن منعطفا
كيف السلامة من قدٍّ ومن مقل / قد أودعا قاتليَّ الغنج والهيفا
أقام بينهما قلبي على ثقة / بأنّه غير مضمون إذا تلفا
من لي بأغيد غضِّ الجسم مترفه / إذا انثنى غمرت أثوابه ترفا
سألته أن يفي وعدي فأخلفه / لو كنت أسأله ترك الوفا لوفى
طوراً يرق لأشجاني فيمنحني / وصلاً وطوراً يريني قسوة وجفا
لا يستقيم على حال فأعرفه / كالدهر ما زال في الحالات مختلفا
كم أسلف الدهر ذنباً ثم أعقبه / من عرس جعفر ما يمحو الذي سلفا
حوى المفاخر في عدل ومعرفة / فلم يكن عن طريق الحق منصرفا
وكيف يقصر عن مجد ووالده / بحر العلوم ومن لُجيِّه اغترفا
محمد عرف الحق المبين به / نعم ولولا اتباع الحق ما عرفا
من كان في الصحف الأولى مدائحه / لم يكف في مدحه أن أملأ الصحفا
تفني بوصفك ألفاظ الثنا وأرى / في كنه ذاتك معنى بعدما وصفا
والعذر عندك مقبول وها أناذا / عن الثنا جئت بالتقصير معترفا
لا زال بيتك للاجي به حرماً / وللوفود مدى الأيام مُعتَكَفَا
ودام كهفك بين الناس متفقاً / على حماه وللأملاك مُختَلَفَا
ودمت للشرف الوضاح تحرسه / والدين ترفع من بنيانه الشرفا
بعرس جعفر والعباس دام لكم / نيل المنى والهنا والبشر مؤتلفا
هل لي إلى ورد لماه سبيل
هل لي إلى ورد لماه سبيل / فإن في ريقته السلسبيل
وليته جاد بتقبيلةٍ / يطفي بها الوجد ويشفي الغليل
فهو طبيبي وبه علَّتي / ما ضرَّ لو رقَّ لحال العليل
رضيت منه بقليل وإن / كان قليل الوصل غير القليل
يا فاتني عندك لي حاجة / فهل بها تسخو وأنت البخيل
رشف وتقبيل وضمٌّ فإن / منعتني منها فصبر جميل
وكلت طرفي بنجوم الدجى / فحسبي الله ونعم الوكيل
يا جؤذر الرمل ألا لفتة / ويا قضيب البان لم لا تميل
أضحيتني منك بحرِّ الجفا / فهل بظلّ الصدغ لي من مقيل
إن رمت تشفيني فأرسل شذى / صدغيك في طيِّ النسيم العليل
يا مالكاً يهواه مملوكه / وقاتلاً فيه يهيم القتيل
أنحلتَ جسمي بأليم الهوى / لما تمايلت بخصر نحيل
والقلب بالأشواق أثقلته / لما تراءيت بردف ثقيل
وأعيني بالسهد كَحَّلتَها / لما تغنجت بطرف كحيل
إن تضرم النيران في أضلعي / وتحرق القلب بوجد دخيل
فالنار برداَ وسلاماً غدت / عليَّ في ليلة عرس الخليل
يا ليلة في يمنها أصبحت / على الليالي كلها تستطيل
فهنِّ يا سعد أباه الذي / فاق على الناس بمجد أثيل
وجدَّه السامي الى موضعٍ / يرمقه النجم بطرف كليل
بل هنِّ يا سعد به واحداً / فرداً به يفخر كل القبيل
بل يفخر الناس به كلهم / إذ ليس في الناس له من مثيل
وجوده بين الورى واجب / لكنما المثل له مستحيل
تخافه كل الورى هيبة / ولم يخف إلا العظيم الجليل
مجتهد في الله لكنه / قلَّد أعناق الورى بالجميل
ابا التقي أسلم فكم عثرة / لولاك لم نلف لها من مقيل
فأنت حصنٌ للهدى شاهق / عاش بك الناس بظلّ ظليل
أرعبت أهل الشرك من خيفة / وبيتك العالي أمان النزيل
أجال فيك الناس أفكارهم / هيهات قد أتعبت فكر المجيل
فدمتم بالسعد ما أطلعت / طلعاً نضيراً باسقات النخيل
قدَّرتَ أن جيوش الشرك تنكسرُ
قدَّرتَ أن جيوش الشرك تنكسرُ / ولا مَردَّ لما يأتي به القدرُ
وكيف تبقى بإيران جيوشهمو / وبيض عزمك لا تبقى ولا تذر
تألبوا وتمنوا بالهدى ظفراً / فلا وربك ما برُّوا ولا ظفروا
وليس قصدهمو صلحاً كما زعموا / لكنهم قدَّروا أمراً وما قدروا
إن غبت عنهم فمنك الرعب يحضرهم / سيّان عندك إن غابوا وإن حضروا
ما دمت ترعى الهدى عيناً مسهَّدةً / فليس تبقى لهم عين ولا أثر
للذبِّ أوردهم كسرى ممالكه / فعاد حيران لا ورد ولا صدر
وظنَّ أن سينال المسلمين بهم / ضرٌّ وفي راحتيك النفع والضرر
أو أن نور الهدى يمحى بظلمتهم / أنّى وأنت بآفاق الهدى قمر
أو أن سينجو إذا كانوا له وزراً / كلا إذا جاء أمر الله لا وزر
حتى إذا التجأ الإسلام منك إلى / كهف به تستظلُّ الأنجم الزهر
أرخصت من نفسك العلياء جوهرة / كانت لنصرة دين الله تدَّخَرُ
فهب لنفسك منها غنية أو لم / تعلم بأن إليها الناس تفتقر
وقمت بالأمر فرداً غير مكترثٍ / إن قلَّ في نصرك الأعوان أو كثروا
أبقيت مذ مذ سرت عن أرض الغرى لها / قلباً يكاد من الأحزان ينفطر
والدين منتظر منك الإياب وهل / سواك من قائم بالأمر ينتظر
فمذ رأى الله قلب الدين منكسراً / وليس إن لم تعد بالفتح ينجبر
خلَّى الأمور بما تبغيه جارية / والدهر تأمره عبداً فيأتمر
فعاد لابس ثوب الظلم مختلعاً / والذلّ يشمله والعجز والخور
وأصبح المجلس الملِّي منتظماً / من دونه أرؤس الأعداء تنتثر
مولاي هنيت بالعيد السعيد وبال / شاه الجديد فدم تهدى لك الغرر
فقرَّ بل بك قرَّت للهدى مقل / إذ عند غيرك لا يقضى له وطر
يا آية الله كم لله فيك بدت / من آية عاجزٌ عن مثلها البشر
أصبحت قرآن فضل إذ بك اجتمعت / مناقب للمعالي كلها سور
يسعى الحسود ليخفيها فيظهرها / كأنّها المسك إذ يطوي فينتشر
أو أنها السيف إن تكتمه أغمده / فإنّه في الورى لا بدّ يشتهر
وفي معانيك فقت الناس كلهم / إذ كل معنى نراه فيك مبتكر
إذا علوت على الأعواد يابسة / تخضر زهواً ومنها يجتنى الثمر
وإن جرى منك في لوح القضا قلم / جرى القضاء بما يجريه والقدر
هيهات يخفى عليك الظلم في بلد / وأنت للمسلمين السمع والبصر
هُنيِّتَ في أشبل للمجد منتشبٌ / في قلب كل عدوٍّ منهمُ ظفر
توازنوا حيث لا يمتاز واحدهم / على شقيقيه لولا السنُّ والكبر
هم خير نسل إذا أنت افتخرت بهم / وأنت خير أب إن هم بك افتخروا
داموا ودمت حمىً للناس ثم لهم / ما لاح بدر السما والأنجم الزهر
حماك لا البيت فيه الناس تعتمر / ولتستلم يدك البيضاء لا الحجر
يا من به دهرنا أضحى بأجمعه / عيداً لأن أعاديه به نحروا
ترمي الوغى جمرات في بيوتهمُ / يطير منها الى أوج السما شرر
حتى يكون تمام الحج أن يقعوا / من هوة المكر في البئر التي احتفروا
كذاك من لم يكن بالغير معتبراً / فغيره عن قريب فيه يعتبر
ليت الحسين يرى ما نال شانئه / أو ليت يبلغه في قبره الخبر
أبا التقيِّ سقت مثواك غادية / وطفاء صيِّبُها الرضوان لا المطر
إن تخل منك محاريب بك امتلأت / أنوار قدس وجنح الليل معتكر
فقد ركزت مدى الأيام ألوية / من العدالة بين الناس تنتشر
أضحت بهمتك الأحرار في دعةٍ / وأدركوا أحسن العقبى بما صبروا
أما جد بذلوا الله أنفسهم / وتاجروا الله أعماراً فما خسروا
فتلك هيئة أهل العلم بارزة / من خوفها أنفس الأعداء تستتر
إن سددت أسهم الآراء فكرتهم / لم يُنجِ أعداءهم قوس ولا وتر
والمستبدون أمسوا من مهابتهم / موتى ولكن بترب الذل قد قبروا
لا يستقرون في أوطانهم حذراً / لو كان يدفع محتوم القضا الحذر
أنّى ينالون بالفتح وقد / قدَّرتَ أن جيوش الشرك تنكسر
بدر المسرات قد تجلَّى
بدر المسرات قد تجلَّى / فطالعي في لقاه أسعد
وفي موعدي فوافى / وحيَّى فعدت حيَّا
وبدر الملاح طافا / بشمس من الحميَّا
إذا قابل السلافا / بوجه له محيَّا
من نشوة الراح ماس دلاَّ / وبالحيا خدُّه تورَّد
بديع له معاني / بها حارت العقول
إذا لاح للعيان / ومالت به الشمول
تلجلجت في بياني / فلم أدر ما أقول
إن قلت كالبدر قال كلا / أين له شعري المجعَّد
تعدَّيت لا تقسني / إذا ما بدا جمالي
بظبيٍ ولا بغصنٍ / وبدر ولا هلال
فما للظباء حسني / وما الغصن في اعتدالي
والظبى يقلى إذا تحلَّى / والغصن يجفا إذا تجرَّد
فتفاح ورد خدي / من الخال فيه عنبر
وثغري كنظم عقدي / وريقي كطعم سُكَّر
وإن تلتفت لجعدي / تجد منه حين يُنشَر
عنقود كرم وقد تدلَّى / من وجنتي فوق وردتي خد
تطيَّب بآس شعري / وفي ظله تَقَيَّل
وإن ترم رشف ثغري / ففي وجنتي تنقل
ومنها ففز لعمري / بتفاحة تُقَبَّل
إذا سقاها الحياء طلاَّ / من مائه جنرها توقَّد
فبتنا وللأغاني / صدى بالقلوب عابث
برجع من المثاني / ونغم من المثالث
فلم ندع للهموم شملا / إلا وباللهو قد تبدَّد
بليلٍ به المجره / جرى نهرها المسلسل
ولي بالوصال نظرة / شفت قلبي المبلبل
فتمت به المسرة / ونلنا الذي يؤمل
لم يحكمه في السرور إلا / عرس عليِّ الذرى محمد
فتى قد حوى خصالاً / بها أمتاز في الأنام
روى المجد والكمالا / عن آبائه الكرام
أجل حسبه جلالا / بأن كان من إمام
فاق جميع الأنام فضلاً / فهو بكل الصفات مفرد
إمام له الزعامة / على حاضر وباد
له منصب الإمامة / له الأمر في البلاد
به تمت الكرامة / من الله للعباد
إن كان ركن الهدى ليبلى / لو لم يكن فيه قد تجدّد
له الحكم والسياسة / له الفضل والعلاء
له الحزم والفراسة / له العزّ والإِباء
له الأمر والرياسة / له المجد والبهاء
فكلما في النديِّ حلاَّ / عليه تاج البهاء يعقد
إذا ما أجلت فكرا / بما فيه من معان
يقول اللسان عذرا / فقد حرت في البيان
فكم في الطروس أجرى / منايا وكم أماني
في قلم إن جرى وصلَّى / خَرَّت جميع الملوك سُجَّد
وما يبلغُ الثناءُ / بمن أنجب التقيَّا
كريماً له سخاءُ / طوى الأكرمين طيا
فلا تبلغ السماء / مقاماً له عليّاً
بدر هدى قد سما محلاَّ / له نجوم السماء حُسَّد
فيا سعد قم وأنشد / قصيد الهنا لديه
ورجِّع بها وغرّد / واهدِ الثنا إليه
أعد لفظها وردّد / وكن ناشراً عليه
صحف مديح عليه تتلى / وزد وبارك على محمد
أخيه الفتى المهذب / أبي القاسم النبيل
هو الموئل المجرب / من الحادث الجليا
وكم للرشاد كوكبٍ / بدا من بني الخليل
داموا لأهل الزمان ظلاَّ / ما الركب غنى بهم وغرَّد
إلى ربعهم زففتُ / من الفكر أيَّ بكر
ولولاهم وقفت / ولم أهد بنت فكري
وما غيرهم عرفت / بنظمي ولا بنثري
ولم أزل منذ كنت طفلاً / ناصرهم باللسان واليد
ما لك يا قاتلي ومالي
ما لك يا قاتلي ومالي / حملتني في جفاك مالا
أترمي بي المرامي / ولم تعطني المراما
ودمعي عليك هامي / وفيك الفؤاد هاما
هب القلب فيك دامي / وفيه الغرام داما
فالجور في الحب قد حلا لي / وإن تُصَيِّر دمي حلالا
فيا من سبى المعنّى / بعينيه سحر بابل
وغصناً متى تثنَّى / يهج في الحشا بلابل
لئن جار او تجنَّى / فما القلب عنه عادل
أنفقت صبري به ومالي / وليته رقَّ لي ومالا
بنفسي فديت بدرا / به العارفون تاهوا
حمى باللحاظ ثغرا / روى القلب في لماه
أحال الوصال هجرا / وما حلتُ عن هواه
هيهات يغدو الفؤاد سالي / دمي ودمعي عليه سالا
حماني عن الرقاد / وشمل الوصال شتَّت
وأصفيته ودادي / ولكن لحبله بت
وذي حبة الفؤاد / على وجنتيه فُتَّت
ما زال منّي الفؤاد خالي / حتى تراءت عليه خالا
رشاً من نواه خفت / لأن اللقا أماني
رماني وقد ألفت / هواه الى هواني
ولكن به شغفت / وإن كان قد قلاني
لم أستمع فيه وهو قالي / قيلاً لعذَّاله وقالا
دعوني فكل صبِّ / بذا العيسوي يُعذَر
ففي وجنتيه لبي / كماء الصبا تحيَّر
وما حيلتي وقلبي / بشرع الهوى تَنَصَّر
ليس لعيني سواه حالي / فالرشد والنسك فيه حالا
فعطفاً على مولَّه / بدين الهوى يدينك
أغصنَ الأراك لِن لَه / فقد جاء يستلينك
له في حماك قبله / وقرآنه جبينك
في وجهك الحسن قد تلا لي / سورة والشمس إذا تلالا
بشهدٍ ملأت فاكا / وعوضتني بصبري
فإن متُّ في جفاكا / فدعني هواي عذري
وإن استمل وفاكا / بشعري فليت شعري
تنعم لي خاطري وبالي / أم فيك تغدو المنى وبالا
تعللت عن لقاه / بطيف من الخيال
ولم يبق في جفاه / بقلبي سوى توالي
قضى الله لي نواه / رضاً بالذي قضى لي
عسى الرضا منعشاً توالي / قلبي بجود له توالي
بحبل الرضا تمسَّك / وكن ماسكاً عراه
وفي ذكره تمسك / فالمسك في شذاه
حمى الدهر إن تمسك / عواديه في حماه
لأنّه للأمور والي / له الزمان العنيد والى
نماه الى الجلال / أبد ماجد وجدُّ
وخصاه بالكمال / له همة وجد
مجاروه في المعالي / وإن شمروا وجدوا
تسافلوا عن أشم عالي / سمح بكل الأنام عالا
بما فيك من معاني / بديع البيان كلاَّ
وكلفتها لساني / فكانت عليه كلا
وما العجز في بياني / لفرط القصور كلا
بل يا أبا المجد أنت عالي / معناك عن وهمنا تعالى
في مطلع الإقبال بدر الحسان
في مطلع الإقبال بدر الحسان / لاح وفي كفيه شمس الطلا
فاسعد مدى الدهر بهذا القران / واستقبل العيش فقد أقبلا
أقبل نشوان وفرط الحيا / مكلل وجنته بالعرق
ما الورد مطلولاً بماء الحيا / أشف منها حمرة أو أرق
يرنو بنجلاوين كم أوحيا / سحراً يزيد الوجد لي والأرق
منعطف فوقهما حاجبان / كنوني الكاتب إن مُثِّلا
أو مثل قوسين ولا يرميان / إلا أصابا منِّي المقتلا
أقبل يثني لي من قدِّه / غصناً له الدلُّ نسيم الصبا
والحسن قد فتَّح في خده / ورداً عليه ماج ماء الصبا
فأرسل المسود من جعده / أفعى ولوَّى صدغه عقربا
كيف اجتناء الورد والحارسان / بحفظ ذاك الروض قد وكِّلا
من لي لو أنهما يغفلان / وآفة الحارس أن يغفلا
أقبل يسقي من كؤوس الرحيق / صرفاً أطال الدنُّ تعتيقَهُ
ويصبغ الدر بلون العقيق / إن صبَّ في الكأس أباريقه
لكنه جاد بمرٍّ عتيق / على الندامى وأبى ريقه
صرفان لو انهما يمزجان / لأنعشا الأموات بعد البلى
فخذ من المحبوب كأس الدنان / واصبر فكم بالصبر مرٌّ حلا
يا سالباً عيني طيب الهجود / وملبساً جسمي ثوب الضنى
لا أنت بالوصل علينا تجود / ولا أنا أسلو لطول العنا
ولم يزل حظّي منك الصدود / أعلل النفس بطول المنى
إن شئت فارحم مستهام الجنان / وباللقا فامنحه بعد القلى
أو لا فقد أرخى إليك العنان / فافعل به ماشئت أن تفعلا
إن كنت فينا مبدياً للجفا / فالدهر للآمال فينا معيد
وطاب لي الأنس ووقتي صفا / إذ أسعد الدهر بعرس السعيد
يا فرحة فيها زماني وفى / فكل يوم لي بالبشر عيد
عن ريقة روت الشمول
عن ريقة روت الشمول / معنى تطيش به العقولُ
وبجفنه مرَّ النسيم / الغضُّ فهو به عليل
وبخده ولع الشقي / قُ فشفَّ نضرته الذبول
والغصن ما لقدِّه / ذلاًّ كذا من يستطيل
والطود حاول أن يوا / زنَ ردفه وكذا الثقيل
رشأ كحيل الناظري / نِ فداؤه الرشأ الكحيل
حكَّمت عدل قوامه / في مهجتي فغدا يميل
فسأرفض التحكيم إن / كانت كقامته العدول
إن قلت أضناني النحو / لُ يقول بل خصري النحيل
أو قلت قد طال الصدو / دُ يقول عادته يطول
أو قلت أجمل قال لي / أولى بك الصبر الجميل
لا تكثرنَّ من الشكا / يةِ إنني ظبيٌ ملول
أنا عالم بجميع ما / تخفي فقل ماذا تقول
اقنع بلقيا ساعة / فالصب يرضيه القليل
يا سعد قد سمح الزما / نُ وقلما يسخو البخيل
فأدر بكأسك جذوة / بلهيبها يُطفى الغليل
واشرب فقد رقَّ الشما / لُ ضحى وروقت الشمول
والروض جنات من ال / أنهار فيها سلسبيل
والعندليب بلحنه للغصنِ / أصبح يستميل
يروي لنا عرس الحسي / نِ فكلنا طرباً نميل
فرع نماوكذا الفرو / ع إذا زكت منها الأصول
فغدا مثالاً للعلا / فلذاك عزَّ له المثيل
الخال في وجنتيك قد لثمك
الخال في وجنتيك قد لثمك / والشَعر أهوى مقبلاً قدمك
ولم تنلني الذي أنلتهما / فليتني قد لثمت من لثمك
نَحلتُ مثل السواك فيك فما / ضرَّك لو أنني رشفت فمك
يا كشحه طال عدل قامته / فاشك إليه من الذي هضمك
يا جفنه اعتاد بالضنى جسدي / فليحتمل فوق سقمه سقمك
دعه يكابد سقمين فيك فما / أهون أمراً كلَّفتَهُ خدمك
يا غصنُ طاولت قدَّه فلئن / يقصفك ريح الصبا فما ظلمك
ويا عنيقيد قستَ وفرته / فيك فإن استطع شربت دمك
يا كعبة الحسن ليس يحسن أن / تريع بالصد من أتى حرمك
يا أسعد الخال فوق وجنته / لقد قضى حجَّهُ من استلمك
يا آس فوق الشقيق من رقمك / يا درُّ بين العقيق من نظمك
من ملأ الريق بالرحيق ومن / بمسكِ خال عليه قد ختمك
مَن فيك أجرى نواظري سُحُباً / لما رأت كالوميض مبتسمك
بميسم الشوق قد كوى كبدي / مَن بِسِماتِ الجمال قد وسمك
أنشاك لي نشوة ومنتزهاً / من أودع الراح والأقاح فمك
مولاي هل أنت راحم كلفاً / لو كنت يوماً مكانه رحمك
لو أنه بالجفا غدا سئماً / من كل لذاته لما سئمك
أضللتني في هواك يا صنمي / لمااتخذت الواشي بنا صنمك
مذ ملتَ عنّي وأنت غصن نقا / ظنك مني مللت واتهمك
تذكر كم ليلة أتيت بها / سرّاً وقلب الظلام قد كتمك
فكيف لم ترع في الهوى ذممي / ولم أزل فيه راعياً ذممك
أقسمت ألا تخون عهدي يا / ريم فأفسدت بالجفا قسمك
ما كنت قدماً زعمت تتبع الوا / شي أو تغتدي كما زعمك
يا طرف كم تشتفي بنظرته / ألم تكن منه تشتكي ألمك
ترعى نجوم السما تعدُّ بها / آثار مولى على السماك سمك
لا تدجُ يا همُّ فالحسين لنا / بدر كشفنا بنوره ظلمك
يا حاضراً ناب أمر غائبنا / احكم فإن الإِله قد عصمك
ما فيك من وصمة تشين سوى / أن العدى لا تطيق أن تصمك
أنت نظام الهدى تبارك من / في سلك هذا الوجود قد نظمك
قد جمع المكرمات فيك كما / في العلم والحلم والتقى قسمك
وسرُّ غيب القديم أنت فمن / قاسك بالحادثات ما فهمك
ما البيت إلا حمى نزلت به / ما الحج إلا لمن أتى حرمك
ما اللوح إلا صحائف نُشِرَت / وكنت فيهنَّ مجرياً قلمك
ما الشهب تسمو على جلالتها / صعيد أرضٍ أوطاتها قدمك
يا بحر من فيضك ارتوى البر / والفاجر لما أبحتهم نعمك
هنيت في عرس شبلك العلم الرا / كز في هامة السها علمك
أنجبت بدرين قصَّرا همم الده / رِ علاً إذ تورثا هممك
فذا تقى قضى بفضلك من / حق المعالي جميع ما لزمك
ليثاً ترى الناس فيه بأسك يا لي / ثُ وغيثاً يريهم كرمك
وذا أبو القاسم المبين لنا / حكمك عند البيان أو حكمك
قف يا يراع الثنا فحسبك أن / يكون فيه محمد ختمك
ماضي الجراز ولحظه سيان
ماضي الجراز ولحظه سيان / هذا يُسَلُّ وذاك في الأجفان
يرنو إليَّ بلحظه فيصيبني / ومن العجائب أن يصيب الراني
رشأ لطلعة وجهه ولجيده / ما للبدور سناً وللغزلان
وبخده خال كأنَّ سواده / خال بخد شقائق النعمان
فإذا تثنى بين أغصان النقا / فضح الغصون بقدِّه النشوان
وإذا رنا بين الظباء بطرفه / فتن الظباء بطرفه الفتان
وإذا تكلّم خلت دراً لفظه / وإذا تبسم خلت عقد جمان
لو كان للأوثان بعض صفاته / جازت لديَّ عبادة الأوثان
ما زلت أشكو للتصابي منَّةً / حتى جفاني ناعس الأجفان
لم يصف لي من بعد طول صدوده / إلا بعرس للجواد زماني
فلذاك عرس عمّني بسروره / وبه بلغت مقاصداً وأماني
فاهنأ بعيش يا جواد مرغَّدٍ / ما غرّدت ورق على الأغصان
فالأنس نحوك مقبل لا مدبر / والبؤس ناءٍ عنك ليس بداني
زُفَّت إلى بدر الدجى شمس فقل / قمران باتا ليلة بقران
شمس الضحى قد أدركت قمر الدجى / فهما إذاً ضدّان مجتمعان
منحته وصلاً بعد طول صدودها / ولطالما قتلته بالهجران
وأتت تثنى والدلال يهزها / فقل النسيم يهزّ غصن البان
هب أن دهرك قد جنى ببعادها / فالآن تاب وليس بعدُ بجان
فبه أهني واحد الزمن الذي / ساد الأنام وماله من ثاني
وبه أهني عمه الندب الذي / جاز المدى فغدا بلا أقران
دمتم جميعاً والهنا حلف لكم / تشدو به الورقاء بالألحان
يا كتابي بلغ سلامي الى من
يا كتابي بلغ سلامي الى من / لا يزال السلام منّي عليه
ثم خبِّره أن لي منه شكوى / غير أنّي شكوت منه إليه