القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : رِضا الهِندي الكل
المجموع : 117
لو ان دموعي استهلت دما
لو ان دموعي استهلت دما / لما أنصفت بالبكا مسلما
قتيل أذاب الصفا رزؤه / وأحزن تذكاره زمزما
وأورى الحجون بنار الشجون / وأبكى المقام واشجى الحمى
أتى أرض كوفان في دعوة / لها الأرض خاضعة والسما
فلبّوا دعاه وأمُّوا هداه / لينقذهم من غشاء العمى
وأعطوه منعهدهم ما يكاد / الى السهل يستدرج الأعصما
وما كان يحسب وهو الوفي / أن ينقضوا عهده المبرما
فديتك من مفرد أسلموه / لحكم الدعيِّ فما استسلما
والجأه غدرهم أن يحلَّ / في دار طوعة مستسلما
فمذ قحموا منه في دارها / عريناً أبى الليث أن يقحما
أبان لهم كيف يضرى الشجا / عُ ويشتدّ بأساً إذا أسلما
وكيف تهبُّ أسود الشرى / إذا رأت الوحش حول الحمى
وكيف تُفَرِّقُ شهبُ البزا / ةِ بغاثاً تطيف بها حوَّما
ولما رأوا بأسه لا يطاق / وماضيه لا يرتوي بالدما
أطلُّوا على شرفات السطو / حِ يرمونه الحطب المضرما
ولولا خديعتهم بالأمان / لما أوثقوا ذلك الضيغما
وكيف يحسُّ بمكر الأثيم / من ليس يقترف المأثما
لئن يُنسني الدهر كل الخطو / ب لم ينسني يومك الأيوما
أتوقف بين يدي فاجر / دعيٍّ إلى شرِّهم منتمي
ويشتم أسرتك الطاهرين / وقد كان أولى بأن يُشتَما
وتقتل صبراً ولا طالب / بثارك يسقيهم العلقما
وترمى الى الأرض من شاهق / ولم ترمِ أعداك شهبُ السما
فإن يحطموا منك ركن الحطيم / وهدُّوا من البيت ما استحكما
فلست سوى المسك يذكو شذاه / ويزداد طيباً إذا حطما
فإن تَخلُ كوفان مننادب / عليك يقيم لك المأتما
فإن ظبى الطالبيين قد / غدت لك بالطف تبكي دما
زها منهمُ النقع في أنجمٍ / أعادت صباح العدى مظلما
على كوفة الجند عرِّج وقف
على كوفة الجند عرِّج وقف / ويَمِّم بها المسجد الأعظما
وقف خاضعاً خاشعاً باكياً / وصلِّ وسلِّم وصل مسلما
هي شمس زفَّها بدر الحسان
هي شمس زفَّها بدر الحسان / وبها شَعَّت لئالي الحبب
سعد الطالع في هذا القران / فلك البشرى بنيل الأرب
قام يجلوها وفي مقلته / فترة يحسبها الرائي نعاس
كلما استمسك في مشيته / عبث الدلُّ بعطفيه فماس
ذقت غير الخمر من ريقته / ولي السكر على غير قياس
من مجيري والهوى فيه الهوان / من شتيت الثغر حلو الشنب
إن حكته الريم في لحظ فما / هي تحكيه بثغر وفمِ
فعلت عيناه في القلب كما / فعلت في الحرب أسياف الكمي
ليت شعري ما على عذب اللمى / لو شفى برد لماه ألمي
وسقاه بين منظوم الجمان / بَرَداً يمزجه بالضرب
أترى ألثم عينيه وفاه / وأشمُّ الآس من تلك الجعود
أم تراه مسعداً لي بوفاه / فأقضِّي منه ممطول الوعود
أم ترى إن نطق اللاحي وفاه / يذهب العشق أم الصبر يعود
كيف والشوق جموح والعنان / في يَدَي طفل كثير اللعب
يا غزالاً ملأ الجسم ألَم / وأذاب القلب منِّي وصَبَا
طال عهد بتلاقيك ألم / يأنِ أن ترحم صبّاً متعبا
كم أقاسي حرق الوجد وكم / أسهر الليل أَعدُّ الشهبا
وعلى العشاق في حبك هان / سهر الليل وعدُّ الشهب
أبداً قلبي أسير في يديك / وبه المكثر في اللوم يجور
أوما تنظر ما في شفتيك / إن تشأ يحيى به من في القبور
وترى الناس بداجي وفريتك / آية الثعبان في سود الشعور
إن هاتين لعمري آيتان / شهدا أنك في الحسن نبي
سحر عينيك أرى الناس العجاب / من ضعيفين يصيدان الأسود
وبخديك جرى ماء الشباب / فذكت في موجه ذات الوقود
وذررت المسك في التبر المذاب / وهو الخال على ورد الخدود
وتَثَنَّيت فماس الخيزران / فوق مرتجٍّ كدعص الكثب
جذوة الحسن غدت برداً عليك / وسناها في القلوب اتَّقَدا
مذ بدا لاهبها في وجنتيك / وجد القلب على النار هدى
لا ألوم الفرس فالقصد إليك / حين للنيران خرُّوا سجدا
لورأتها الحور فارقن الجنان / وسكنَّ النار ذات اللهب
كيف يسلو القلب من بين الصِبَاح / من جرى في خدِّه ماء الصبا
يرسل الشعر على مثل الصباح / لو رآه قمر التَمِّ صبا
حَسُنَ الجورُ لديه فأباح / طولَ هجري وعن الوصل أبى
وبه الشوق وفى والصبر خان / وجرت عيني كفيض السحب
أقبل من أهواه بالكأس
أقبل من أهواه بالكأس / فتهتُ بين البدر والشمس
مَلك على عرش الجمال استوى / فاقرأ عليه آية الكرسي
بل ملك أضحت على حسنه / وقفاً عيون الجن والإِنس
وردٌ على خدّيه من شأنه / أن يصبغ العشاق بالورس
بل جلَّ أن تحكيه وردة / في اللون والنفحة واللمس
تملَّكَ النفسَ فخادعت إذ / قلت له أفديك بالنفس
في حبه احتمل السهد وال / شيبَ على العينين والرأس
ومن محيَّاه واصداغه / أُصبحُ في الحب كما أمسي
ما أنا في اليوم ولا في غد / إلاّ كما قد كنت بالأمس
يحيى بي الحب فإن أُختَرَم / فهو معي يدفن في الرمس
إن أبصرت ريقته مقلتي / سكرت حتى غبت عن حسِّي
غِرٌّ ولم يرض ببيع اللقا / من مهجتي بالثمن البخس
يقول أَنسِ النفسَ عهد الهوى / فإنه عندي كالمنسي
وكيف أُنسِي مهجتي عهده / وليس إلا عهده أنسي
يا فارس الحسن الذي غادر ال / عُربَ أسارى بهوى الفرس
كُفَّ سهام العين عن مهجتي / فقد ترى القلب بلا ترس
قد جرح الهجر فؤادي ولا / أراك بالوصل له تأسي
ما لَكَ إن أرسلتُ طرف الرجا / تقطعهُ بالحرمان واليأس
أذاك طبع فيك أم طالعي / يجري المقادير على عكس
في مأتم منك فؤادي ومن / عرس شريف الندب في عرس
بكر العلا زفَّت الى داره / فتهت بين البدر والشمس
فغنِّ لي والحن وأعرب فقد / أقبل من أهواه بالكأس
وهنِّ هادي الناس ربِّ الندى / والبأس والنعماء والبؤس
أكفُّه فكَّت عناة العفا / بنائل هم فيه في حبس
رب الحجى والمجد والجود وال / هيبة والنجدة والبأس
خضل الردا مغمورهُ عَفُّهُ / نَقِيُّهُ من دنس الرجس
بحر ندى فلك الأماني على / سواه لا تجري ولا ترسي
فلا تقل أجود من حاتم / ولا تقل أفصح من قسِّ
أخرسَ بالبِرِّ الورى فالورى / تشكره بالألسن الخرس
له يدٌ لا تفضل الأبحرُ ال / سبعُ على أنملها الخمسِ
ومقول إن يتكلم فلا / تسمع في الناس سوى الهمس
بيت الرجا بيتك بل كعبة ال / آمال لا بل دارة القدس
يا طيب المغرس غصن الرجا / يثمر منك النجح في الغرس
سطاه وهو الحرّ يوم الوغى / يعنو له عنترة العبس
بشراك بالسعد الذي لا ترى / من بعده ما عشت من نحس
ودمت بالإقبال واليمن وال / بشرة والفرحة والأنس
وهاك أبياتاً سمت فاغتدت / شامخة محكمة الأسِّ
وأسطراً تحسبها أنجماً / طالعة في فلك الطرس
من لفظها السلس المعاني أتت / منقادة بالمقود السلس
قد لبست ثوب وضوح فما / شينت بتعقيد ولا لبس
جاد السحاب الجون بالعذب الغدق
جاد السحاب الجون بالعذب الغدق / حدائقاً طاف بها ساهي الحدق
يزفُّ لي شمس حميّاً بدَّلَت / صبح مُحيَّاه إلى لون الشفق
صابحني بالكاس ظبيٌ لي من / رضا به مصطبح ومغتبق
والطل من فوق الشقيق خلته / إيّاه إذ كلَّلَ خديه العرق
ورقَّ في الروض النسيم إذ كَسَت / أيدي الربيع عاري الدوح ورق
يا مسترقَّ الحسن كلُّ شائقٍ / من المعاني فهو منك مسترق
شاق هواك مهجتي بل شقهاً / وأي قلب بهواك لم يُشَق
أقلقتني منك بخصر ناحلٍ / حتى الوشاحان عليه في قلق
قرطك في جيدك لَجَّ خافقاً / فلا تلم قلبي فيك إن خفق
يا لائمي في الحب لو رأيته / للمت من أبصره وما عشق
أردت تطفي حرقي فهجتها / شانك واللوم وشاني والحرق
أقذى جفوني إذ جفاني أرقاً / ذو وجنة من ورق الورد أرق
وناظر غصِّ المآقي غنجٍ / لم يبق لي من رمق لما رمق
أنشأه لي فتنة خالقه / أعيذه من شر كل ما خلق
حتّى النسيم اعتلَّ شوقاً إذ سرى / محتملاً من مسك صدغيه العبق
والخال مسك نقِّط الورد به / أو كوكب في نيِّر الخدّ احترق
يقول من شاهد سيف لحظه / في جفنه أشهد أن الموت حق
نافسني دمعي على جماله / فإن أحاول نظرة منه سبق
صبراً على قضائه فإنّه / عدل وإن كلفني ما لم أطق
لم يجتمع منه البعاد والجفا / إلا ونومي مع جفنيَّ افترق
قد أحرق القلب فلو لم يطفه / عرس الأمين لاذبته الحرق
فتى أحبته العلا واعتلقت / لما رأته بسواها ما اعتلق
مبرَّز من مجده في حلبةٍ / حاز بها دون مجاريه السبق
أخلاقه مدامة لمن نشا / بل هي مسك فائح لمن نشق
كل ثنائي عن معانيه التي / جلَّت وإن كانت من السحر أدق
إن غسق الجهل ظلاماُ بزغت / أفكاره الغرُّ نجوماً في الغسق
أخي الرضا الخاتم للكرام وال / فاتح من باب الرجاء ما انغلق
لو أن بحر جوده يضربه / موسى الكليم بعصاه ما انفلق
لو أن طود حلمه كان له / يأوي ابن نوح لنجا من الغرق
من دوحة تزكو بأصل ثابت / وكل فرع في المعالي قد بسق
كبيرهم صيت علاه طائر / وفرخهم في المهد بالعلم يزق
براهمُ ربُّ السما من نوره / لما برى كلَّ البرايا من علق
هم زينة المجلس إن ذكرٌ طرا / وهم غياث الناس إن خطب طرق
لو كتبت مديحهم ايدي الورى / أعوزت الأقلام عنه والورق
وكيف لا يخرس فيهم منطق ال / ذاكر والذكر بعلياهم نطق
لا تتبع غيرهم في منهجٍ / فإن من يهدي الى الحق أحق
تتباعوا الى العلا تتابع ال / لؤلؤ إذ تنظمه على نَسَق
يشق غيظاً قلب من جاراهمً / إذا رأى منهم غباراً لا يشق
فهنِّهم يا سعد في عرس جلا / سحب الهموم برقه لما ائتلق
وخُصَّ منهم جعفراً فجعفرٌ / يصدق فيه المدح كيفما اتفق
صفه بما شئت من المجد فلا / تذكر وصفاً حسناً إلا انطبق
يا حعفر الصادق من يمدحه / فكل بيت قاله قيل صدق
لا زال كاسم جدكم موردكم / صافٍ ولا كُدِّرَ يوماً برنق
غزال روت عن سحر عينيه بابل
غزال روت عن سحر عينيه بابل / وما أشبهته في البغام البلابل
له معطف كالغصن ريان بالصبا / ولكنه في معرك الحب ذابل
يروق لقلبي خصره وهو ناقص / ويصبيه بدر من محياه كامل
واستملح الممنوع من عذب ريقه / ويحلو لعيني جيده وهو عاطل
يعاتبني أني مطلت ديونه / ولو سمع الشكوى لبان المماطل
لقد جدَّ فتكاً بالحشا غير أنّني / أجدُّ له بالحب وهو يهازل
قد استوعرت منه مسالك وصله / ولم تجدني الأشواق وهي وسائل
إذا عن قوانين الهوى حين قربه / تعدَّى فهل تغني إليه الرسائل
أحبةض قلبي فيكم القلب آهلٌ / وإن أوحشت منكم ومنّا المنازل
سقى عهدكم دمعي إذا غب سقيه / من الحافلات الضرع هامٍ وهاملُ
ترحلتمو عني وصبري ذاهب / وسرتم ولبي بالصبابة ذاهل
فأصبح جسمي عنكم وهو نازح / مقيم وقلبي عندكم وهو راحل
ولم أنسكم حتى أقول ذكرتكم / ولا طمعت يوماً بعذلي العواذل
ولي فيكم خلٌّ بقلبي وداده / صحيح وجسمي بعدما غاب ناحل
صفا عنده ودِّي وعندي ودُّه / سواء ومثلي بالجميل يقابل
فلا بعدت منه شمائل لم تزل / بها من رياض المجد تزهو خمائل
ولفظ إذا ما أنشأ الدرّ ناظماً / تحلّت به لا بالجمان العقائل
إذا ما رقى الأعواد يوم خطابة / تشابه في الإِعياء قسٌّ وباقل
يحاكي نسيم الصبح لطفاً وإن يكن / ثبير حجى ما حركته الزلازل
فيا شيبة الحمد الذي أنا قاصر / ثنائي عليه وهو للنجم طائل
إذا أنزل الله الكتاب بمدحه / فماذا ترى في شأنه أنا قائل
أقلني عثاري إن تجدني مقصراً / فها أناذا في ظلّ عفوك قائل
تقربك الذكرى إليَّ كأنّما / لعيني بعد البعد شخصك ماثل
لئن كان حكم الدهر بالبين جائراً / فما القلب يوماً عن ولائك عادل
هواك مقيم لا يحول وإن يحل / من البعد ما بيني وبينك حائل
قد أولد السعد لي ما ألقحت هممي
قد أولد السعد لي ما ألقحت هممي / وعاد طفل رجائي بالغ الحلم
فزف لي بنت كرم من كرامتها / عليّ أبدلتها من دنها بفمي
واجعل خضابي منها إنّني رجل / في السلم والحرب لم أخضب بغير دم
حتى إذا قتلت عقلي بسورتها / فأحي سمعي بالأوتار والنغم
بذكر ظبي يرى قتلي وسفك دمي / حلاًّ وإن التجيء منه الى حرم
فمن تَذكُّرِ ظبي بالحمى كلفي / لا من تذكر جيران بذي سلم
صاغ البديع له من حسنه علماً / فصار وجدي به ناراً على علم
إذا مشى هزَّ أغصان الأراك فهل / من النسيم براه بارىء النسم
أَغُضُّ عنه وبرئي في ملاحظه / خوفاً على ورد خديه من الألم
كلا ولكنني أخشى بنظرته / يميتني ما بعينيه من السقم
يا من سواه يخون العهد ابق على / من طبعه فيك حفظ العهد والذمم
حزت الجمال فهلا كنت تقرنه / بأجمل الصفتين البخل والكرم
أحين أيقنت أني لا أرى قمراً / سواك أبقيتني بالهجر في ظلم
غفلت عمَّا أقاسي في هواك فلم / تسهر وأرَّقتَ أجفاني فلم أنم
وتهت عجباً لأنّي فيك مفتتن / كأنّني أول العبَّاد للصنم
مهلاً فما كل مخدوم يليق به / إظهار قدرته العظمى على الخدم
رفقاً بمن أوقفته فرط صبوته
رفقاً بمن أوقفته فرط صبوته / في خطة الخسف بين الهم والهمم
حتى سلبت الكرى منه وقلت له / مستهزئاً سترى لقياي في الحلم
زعمت أن الليالي ليس تسعفه / بعرس من عرسه من أفضل النعم
محمد شبل خير الناس زُوِّج من / فتاة علينا نزار سادة الأمم
فالدهر بلغنا فيه المنى وغدا
فالدهر بلغنا فيه المنى وغدا / يفترُّ فيه الهدى عن ثغر مبتسم
ولاح في مطلع الإقبال كوكبه / مبشراً بزوال البؤس والنقم
لك الهنا يا أبا المهدي في خلف / كفَّاه تخلف فينا صيِّبَ الديم
غذيت في حب طه عند مرضعتي / بدرَّة أنا منها غير منفطم
لذاك فاخرت أقراني كما فخرت / بالفضل أمة طه سائر الأمم
سألت من قلمي يوماً فقلت له / اعمل معي فكرك النفاذ يا قلمي
إني أروم لطه مدحة وأرى / قد ضاق عن وسع ما حاولته كلمي
وكيف أحصر ما قد حاز من شرف / ومن فخار ومن زهد ومن كرم
فإن يقف من تراه العرب أفصحها / فكيف تفصح عنه أنت يا عجمي
تراك تسعى بما أبغي فقال نعم / سعياً على الراس لا سعياً على القدم
فجال في حلبة القرطاس أسمره / وضاق عنه مجال الشهب والدهم
يلف رقة ألفاظي بقوتها / كالخيل لفَّت سهول الأرض والأكم
لكنني لم أطق رداً لجامحه / كما يرد جماح الخيل باللجم
قف عن مدائح طه يا يراعى أو / قل ما تشاء ونزهة من القدم
ولا تقل هو يحيي أو يميت وقل / بالعلم أوجد أهليه من العدم
يا ثالث القمرين النيرين هدى / وثاني العرش في قدر وفي عظم
وكعبة لحجيج العلم راحته / كالركن يفخر فيها كل مستلم
العذر يا من قبول العذر شيمته / قصرت عنك وما التقصير من شيمي
أخرستني وأنا الشافي بمنطقه / مسامع الصخرة الصمَّا من الصمم
كأنّما اللوح يوحي ما أخطّ إلى / فكري فتمليه أفكاري على قلمي
أقم مدى الدهر في خفض وفي دعة / إن الهدى لك حلف إن تقم يقم
حتام قلبي من بعادك خائفُ
حتام قلبي من بعادك خائفُ / أو ليس يامن في حماك الطائف
ومتى يقضيّ نسكه صبٌّ له / بمشاعر الشوق الشديد مواقف
حاشاك تطرد من فناك نزيله / وسواءٌ البادي به والعاكف
ولي الهيام من الغزال وإنّما / لك منه جيدٌ أتلعٌ وسوالف
يا من تخالف طبعه بقطيعتي / وعليه طبعي مثله متخالف
فشمائل منهنّ طرفي مربع / ولهيب شوق فيه قلبي صائف
حالفت غيري إذ قطعت مودَّتي / فالهمُّ لي أبد الزمان محالف
فكأنّه المجد الأثيل ومهجتي / عبد الحسين لكل مجد آلف
وسع القوافي مجده فعلاؤه / متواتر وعطاؤه مترادف
يهنيك ما عين الرشاد قريرة / فيه وأنف الغيّ منه راعف
جبتَ القفار على مضمَّرة بها / للبيد تُقطَعُ أظهرٌ وتنائف
كالريح تستاق الغبار سحابة / وتمرُّ فيها وهي برق خاطف
هي صرح بلقيس وزجرك مذ غدا / علم الكتاب علمت أنك آصف
ما مسَّها جوع وروضك ناضر / كلا ولا ظمأ وغيثك واكف
فأطفت بالبيت الحرام ملبياً / وبودِّه لو أنه بك طائف
يبني خباؤك للمؤمل كعبة / وطوائف الحجاج فيه طوائف
أما لائذ في طود عزّك واثق / أن لا يمرَّ عليه ريح عاصف
والدهر يمثل حول بيتك قائلاً / بالباب عبد من عبيدك واقف
بسطت عصاك لمن عصاك مخالفاً / هيهات ليس لما تقول مخالف
فالخائف اللاجي لعدلك آمن / والآمنُ العاصي لأمرك خائف
عجباً وأنت لكل حق حافظ / من ان يضيع فما لمالك تالف
ألَهُم عليك غرامة بالضعف قد / شرطت فأنت تفيهم وتضاعف
أم أنت والراجي نداك كلاكما / أخوان فهو لما ورثت مناصف
لم تبق للأجواد من أثر فلم / تقتصَّهُ حتى كأنّك قائف
جَمَّعتَ تالد مجدهم وفضلتهم / إذ فيك قد شفع التليد الطارف
أبدعت في العليا صفات لم تكن / في الأولين فما يقول الواصف
لم أَلفِ فيهم من يقول عجزت عن / عرفانه لأقول هذا العارف
وبقيت كهفاً للعفاة ومأمناً / أوَ ليس يأمن في حماك الطائف
ساقي الطلا وقف الإبريق أم وكفا
ساقي الطلا وقف الإبريق أم وكفا / حسبي بريق حبيبي خمرة وكفى
أهلاً ببدر جلا شمس الضحى فحلا / بُرد الهنا وضفا والوقت منه صفا
وأكمل الأنس لي لما بدا قمراً / وكان ألزمني النقصان والكلفا
رأى اصفراري وما ألقى به فدرى / بعلَّتي فسقاني ريقه فشفى
ورديُّ خدٍّ به ماء الجمال جرى / فكل لحظ رآه حائراً وقفا
أباح لي روض خديه ورخَّصني / أن أغتدي بفمي للورد مقتطفا
فكاد يشبهني الصديان عنَّ له / وِردٌ فمدَّ إليه الكف مغترفا
رواية السحر عن عينيه ثابتة / وإن يكن خبراً يروى عن الضعفا
ما ضَرَّ مسكيَّ خال فوق مرشفه / أن لا يذوق سواه قطّ مرتشفا
لقد تجمعت الأهواء واتفقت / عليك يا من جمعت الحسن مختلفا
بحاجب لك مثل النون ذي عوجٍ / وقامة في اعتدال تشبه الألفا
وكاد يحكيك جيد الريم ملتفتاً / والبدر مكتملاً والغصن منعطفا
كيف السلامة من قدٍّ ومن مقل / قد أودعا قاتليَّ الغنج والهيفا
أقام بينهما قلبي على ثقة / بأنّه غير مضمون إذا تلفا
من لي بأغيد غضِّ الجسم مترفه / إذا انثنى غمرت أثوابه ترفا
سألته أن يفي وعدي فأخلفه / لو كنت أسأله ترك الوفا لوفى
طوراً يرق لأشجاني فيمنحني / وصلاً وطوراً يريني قسوة وجفا
لا يستقيم على حال فأعرفه / كالدهر ما زال في الحالات مختلفا
كم أسلف الدهر ذنباً ثم أعقبه / من عرس جعفر ما يمحو الذي سلفا
حوى المفاخر في عدل ومعرفة / فلم يكن عن طريق الحق منصرفا
وكيف يقصر عن مجد ووالده / بحر العلوم ومن لُجيِّه اغترفا
محمد عرف الحق المبين به / نعم ولولا اتباع الحق ما عرفا
من كان في الصحف الأولى مدائحه / لم يكف في مدحه أن أملأ الصحفا
تفني بوصفك ألفاظ الثنا وأرى / في كنه ذاتك معنى بعدما وصفا
والعذر عندك مقبول وها أناذا / عن الثنا جئت بالتقصير معترفا
لا زال بيتك للاجي به حرماً / وللوفود مدى الأيام مُعتَكَفَا
ودام كهفك بين الناس متفقاً / على حماه وللأملاك مُختَلَفَا
ودمت للشرف الوضاح تحرسه / والدين ترفع من بنيانه الشرفا
بعرس جعفر والعباس دام لكم / نيل المنى والهنا والبشر مؤتلفا
هل لي إلى ورد لماه سبيل
هل لي إلى ورد لماه سبيل / فإن في ريقته السلسبيل
وليته جاد بتقبيلةٍ / يطفي بها الوجد ويشفي الغليل
فهو طبيبي وبه علَّتي / ما ضرَّ لو رقَّ لحال العليل
رضيت منه بقليل وإن / كان قليل الوصل غير القليل
يا فاتني عندك لي حاجة / فهل بها تسخو وأنت البخيل
رشف وتقبيل وضمٌّ فإن / منعتني منها فصبر جميل
وكلت طرفي بنجوم الدجى / فحسبي الله ونعم الوكيل
يا جؤذر الرمل ألا لفتة / ويا قضيب البان لم لا تميل
أضحيتني منك بحرِّ الجفا / فهل بظلّ الصدغ لي من مقيل
إن رمت تشفيني فأرسل شذى / صدغيك في طيِّ النسيم العليل
يا مالكاً يهواه مملوكه / وقاتلاً فيه يهيم القتيل
أنحلتَ جسمي بأليم الهوى / لما تمايلت بخصر نحيل
والقلب بالأشواق أثقلته / لما تراءيت بردف ثقيل
وأعيني بالسهد كَحَّلتَها / لما تغنجت بطرف كحيل
إن تضرم النيران في أضلعي / وتحرق القلب بوجد دخيل
فالنار برداَ وسلاماً غدت / عليَّ في ليلة عرس الخليل
يا ليلة في يمنها أصبحت / على الليالي كلها تستطيل
فهنِّ يا سعد أباه الذي / فاق على الناس بمجد أثيل
وجدَّه السامي الى موضعٍ / يرمقه النجم بطرف كليل
بل هنِّ يا سعد به واحداً / فرداً به يفخر كل القبيل
بل يفخر الناس به كلهم / إذ ليس في الناس له من مثيل
وجوده بين الورى واجب / لكنما المثل له مستحيل
تخافه كل الورى هيبة / ولم يخف إلا العظيم الجليل
مجتهد في الله لكنه / قلَّد أعناق الورى بالجميل
ابا التقي أسلم فكم عثرة / لولاك لم نلف لها من مقيل
فأنت حصنٌ للهدى شاهق / عاش بك الناس بظلّ ظليل
أرعبت أهل الشرك من خيفة / وبيتك العالي أمان النزيل
أجال فيك الناس أفكارهم / هيهات قد أتعبت فكر المجيل
فدمتم بالسعد ما أطلعت / طلعاً نضيراً باسقات النخيل
قدَّرتَ أن جيوش الشرك تنكسرُ
قدَّرتَ أن جيوش الشرك تنكسرُ / ولا مَردَّ لما يأتي به القدرُ
وكيف تبقى بإيران جيوشهمو / وبيض عزمك لا تبقى ولا تذر
تألبوا وتمنوا بالهدى ظفراً / فلا وربك ما برُّوا ولا ظفروا
وليس قصدهمو صلحاً كما زعموا / لكنهم قدَّروا أمراً وما قدروا
إن غبت عنهم فمنك الرعب يحضرهم / سيّان عندك إن غابوا وإن حضروا
ما دمت ترعى الهدى عيناً مسهَّدةً / فليس تبقى لهم عين ولا أثر
للذبِّ أوردهم كسرى ممالكه / فعاد حيران لا ورد ولا صدر
وظنَّ أن سينال المسلمين بهم / ضرٌّ وفي راحتيك النفع والضرر
أو أن نور الهدى يمحى بظلمتهم / أنّى وأنت بآفاق الهدى قمر
أو أن سينجو إذا كانوا له وزراً / كلا إذا جاء أمر الله لا وزر
حتى إذا التجأ الإسلام منك إلى / كهف به تستظلُّ الأنجم الزهر
أرخصت من نفسك العلياء جوهرة / كانت لنصرة دين الله تدَّخَرُ
فهب لنفسك منها غنية أو لم / تعلم بأن إليها الناس تفتقر
وقمت بالأمر فرداً غير مكترثٍ / إن قلَّ في نصرك الأعوان أو كثروا
أبقيت مذ مذ سرت عن أرض الغرى لها / قلباً يكاد من الأحزان ينفطر
والدين منتظر منك الإياب وهل / سواك من قائم بالأمر ينتظر
فمذ رأى الله قلب الدين منكسراً / وليس إن لم تعد بالفتح ينجبر
خلَّى الأمور بما تبغيه جارية / والدهر تأمره عبداً فيأتمر
فعاد لابس ثوب الظلم مختلعاً / والذلّ يشمله والعجز والخور
وأصبح المجلس الملِّي منتظماً / من دونه أرؤس الأعداء تنتثر
مولاي هنيت بالعيد السعيد وبال / شاه الجديد فدم تهدى لك الغرر
فقرَّ بل بك قرَّت للهدى مقل / إذ عند غيرك لا يقضى له وطر
يا آية الله كم لله فيك بدت / من آية عاجزٌ عن مثلها البشر
أصبحت قرآن فضل إذ بك اجتمعت / مناقب للمعالي كلها سور
يسعى الحسود ليخفيها فيظهرها / كأنّها المسك إذ يطوي فينتشر
أو أنها السيف إن تكتمه أغمده / فإنّه في الورى لا بدّ يشتهر
وفي معانيك فقت الناس كلهم / إذ كل معنى نراه فيك مبتكر
إذا علوت على الأعواد يابسة / تخضر زهواً ومنها يجتنى الثمر
وإن جرى منك في لوح القضا قلم / جرى القضاء بما يجريه والقدر
هيهات يخفى عليك الظلم في بلد / وأنت للمسلمين السمع والبصر
هُنيِّتَ في أشبل للمجد منتشبٌ / في قلب كل عدوٍّ منهمُ ظفر
توازنوا حيث لا يمتاز واحدهم / على شقيقيه لولا السنُّ والكبر
هم خير نسل إذا أنت افتخرت بهم / وأنت خير أب إن هم بك افتخروا
داموا ودمت حمىً للناس ثم لهم / ما لاح بدر السما والأنجم الزهر
حماك لا البيت فيه الناس تعتمر / ولتستلم يدك البيضاء لا الحجر
يا من به دهرنا أضحى بأجمعه / عيداً لأن أعاديه به نحروا
ترمي الوغى جمرات في بيوتهمُ / يطير منها الى أوج السما شرر
حتى يكون تمام الحج أن يقعوا / من هوة المكر في البئر التي احتفروا
كذاك من لم يكن بالغير معتبراً / فغيره عن قريب فيه يعتبر
ليت الحسين يرى ما نال شانئه / أو ليت يبلغه في قبره الخبر
أبا التقيِّ سقت مثواك غادية / وطفاء صيِّبُها الرضوان لا المطر
إن تخل منك محاريب بك امتلأت / أنوار قدس وجنح الليل معتكر
فقد ركزت مدى الأيام ألوية / من العدالة بين الناس تنتشر
أضحت بهمتك الأحرار في دعةٍ / وأدركوا أحسن العقبى بما صبروا
أما جد بذلوا الله أنفسهم / وتاجروا الله أعماراً فما خسروا
فتلك هيئة أهل العلم بارزة / من خوفها أنفس الأعداء تستتر
إن سددت أسهم الآراء فكرتهم / لم يُنجِ أعداءهم قوس ولا وتر
والمستبدون أمسوا من مهابتهم / موتى ولكن بترب الذل قد قبروا
لا يستقرون في أوطانهم حذراً / لو كان يدفع محتوم القضا الحذر
أنّى ينالون بالفتح وقد / قدَّرتَ أن جيوش الشرك تنكسر
بدر المسرات قد تجلَّى
بدر المسرات قد تجلَّى / فطالعي في لقاه أسعد
وفي موعدي فوافى / وحيَّى فعدت حيَّا
وبدر الملاح طافا / بشمس من الحميَّا
إذا قابل السلافا / بوجه له محيَّا
من نشوة الراح ماس دلاَّ / وبالحيا خدُّه تورَّد
بديع له معاني / بها حارت العقول
إذا لاح للعيان / ومالت به الشمول
تلجلجت في بياني / فلم أدر ما أقول
إن قلت كالبدر قال كلا / أين له شعري المجعَّد
تعدَّيت لا تقسني / إذا ما بدا جمالي
بظبيٍ ولا بغصنٍ / وبدر ولا هلال
فما للظباء حسني / وما الغصن في اعتدالي
والظبى يقلى إذا تحلَّى / والغصن يجفا إذا تجرَّد
فتفاح ورد خدي / من الخال فيه عنبر
وثغري كنظم عقدي / وريقي كطعم سُكَّر
وإن تلتفت لجعدي / تجد منه حين يُنشَر
عنقود كرم وقد تدلَّى / من وجنتي فوق وردتي خد
تطيَّب بآس شعري / وفي ظله تَقَيَّل
وإن ترم رشف ثغري / ففي وجنتي تنقل
ومنها ففز لعمري / بتفاحة تُقَبَّل
إذا سقاها الحياء طلاَّ / من مائه جنرها توقَّد
فبتنا وللأغاني / صدى بالقلوب عابث
برجع من المثاني / ونغم من المثالث
فلم ندع للهموم شملا / إلا وباللهو قد تبدَّد
بليلٍ به المجره / جرى نهرها المسلسل
ولي بالوصال نظرة / شفت قلبي المبلبل
فتمت به المسرة / ونلنا الذي يؤمل
لم يحكمه في السرور إلا / عرس عليِّ الذرى محمد
فتى قد حوى خصالاً / بها أمتاز في الأنام
روى المجد والكمالا / عن آبائه الكرام
أجل حسبه جلالا / بأن كان من إمام
فاق جميع الأنام فضلاً / فهو بكل الصفات مفرد
إمام له الزعامة / على حاضر وباد
له منصب الإمامة / له الأمر في البلاد
به تمت الكرامة / من الله للعباد
إن كان ركن الهدى ليبلى / لو لم يكن فيه قد تجدّد
له الحكم والسياسة / له الفضل والعلاء
له الحزم والفراسة / له العزّ والإِباء
له الأمر والرياسة / له المجد والبهاء
فكلما في النديِّ حلاَّ / عليه تاج البهاء يعقد
إذا ما أجلت فكرا / بما فيه من معان
يقول اللسان عذرا / فقد حرت في البيان
فكم في الطروس أجرى / منايا وكم أماني
في قلم إن جرى وصلَّى / خَرَّت جميع الملوك سُجَّد
وما يبلغُ الثناءُ / بمن أنجب التقيَّا
كريماً له سخاءُ / طوى الأكرمين طيا
فلا تبلغ السماء / مقاماً له عليّاً
بدر هدى قد سما محلاَّ / له نجوم السماء حُسَّد
فيا سعد قم وأنشد / قصيد الهنا لديه
ورجِّع بها وغرّد / واهدِ الثنا إليه
أعد لفظها وردّد / وكن ناشراً عليه
صحف مديح عليه تتلى / وزد وبارك على محمد
أخيه الفتى المهذب / أبي القاسم النبيل
هو الموئل المجرب / من الحادث الجليا
وكم للرشاد كوكبٍ / بدا من بني الخليل
داموا لأهل الزمان ظلاَّ / ما الركب غنى بهم وغرَّد
إلى ربعهم زففتُ / من الفكر أيَّ بكر
ولولاهم وقفت / ولم أهد بنت فكري
وما غيرهم عرفت / بنظمي ولا بنثري
ولم أزل منذ كنت طفلاً / ناصرهم باللسان واليد
ما لك يا قاتلي ومالي
ما لك يا قاتلي ومالي / حملتني في جفاك مالا
أترمي بي المرامي / ولم تعطني المراما
ودمعي عليك هامي / وفيك الفؤاد هاما
هب القلب فيك دامي / وفيه الغرام داما
فالجور في الحب قد حلا لي / وإن تُصَيِّر دمي حلالا
فيا من سبى المعنّى / بعينيه سحر بابل
وغصناً متى تثنَّى / يهج في الحشا بلابل
لئن جار او تجنَّى / فما القلب عنه عادل
أنفقت صبري به ومالي / وليته رقَّ لي ومالا
بنفسي فديت بدرا / به العارفون تاهوا
حمى باللحاظ ثغرا / روى القلب في لماه
أحال الوصال هجرا / وما حلتُ عن هواه
هيهات يغدو الفؤاد سالي / دمي ودمعي عليه سالا
حماني عن الرقاد / وشمل الوصال شتَّت
وأصفيته ودادي / ولكن لحبله بت
وذي حبة الفؤاد / على وجنتيه فُتَّت
ما زال منّي الفؤاد خالي / حتى تراءت عليه خالا
رشاً من نواه خفت / لأن اللقا أماني
رماني وقد ألفت / هواه الى هواني
ولكن به شغفت / وإن كان قد قلاني
لم أستمع فيه وهو قالي / قيلاً لعذَّاله وقالا
دعوني فكل صبِّ / بذا العيسوي يُعذَر
ففي وجنتيه لبي / كماء الصبا تحيَّر
وما حيلتي وقلبي / بشرع الهوى تَنَصَّر
ليس لعيني سواه حالي / فالرشد والنسك فيه حالا
فعطفاً على مولَّه / بدين الهوى يدينك
أغصنَ الأراك لِن لَه / فقد جاء يستلينك
له في حماك قبله / وقرآنه جبينك
في وجهك الحسن قد تلا لي / سورة والشمس إذا تلالا
بشهدٍ ملأت فاكا / وعوضتني بصبري
فإن متُّ في جفاكا / فدعني هواي عذري
وإن استمل وفاكا / بشعري فليت شعري
تنعم لي خاطري وبالي / أم فيك تغدو المنى وبالا
تعللت عن لقاه / بطيف من الخيال
ولم يبق في جفاه / بقلبي سوى توالي
قضى الله لي نواه / رضاً بالذي قضى لي
عسى الرضا منعشاً توالي / قلبي بجود له توالي
بحبل الرضا تمسَّك / وكن ماسكاً عراه
وفي ذكره تمسك / فالمسك في شذاه
حمى الدهر إن تمسك / عواديه في حماه
لأنّه للأمور والي / له الزمان العنيد والى
نماه الى الجلال / أبد ماجد وجدُّ
وخصاه بالكمال / له همة وجد
مجاروه في المعالي / وإن شمروا وجدوا
تسافلوا عن أشم عالي / سمح بكل الأنام عالا
بما فيك من معاني / بديع البيان كلاَّ
وكلفتها لساني / فكانت عليه كلا
وما العجز في بياني / لفرط القصور كلا
بل يا أبا المجد أنت عالي / معناك عن وهمنا تعالى
في مطلع الإقبال بدر الحسان
في مطلع الإقبال بدر الحسان / لاح وفي كفيه شمس الطلا
فاسعد مدى الدهر بهذا القران / واستقبل العيش فقد أقبلا
أقبل نشوان وفرط الحيا / مكلل وجنته بالعرق
ما الورد مطلولاً بماء الحيا / أشف منها حمرة أو أرق
يرنو بنجلاوين كم أوحيا / سحراً يزيد الوجد لي والأرق
منعطف فوقهما حاجبان / كنوني الكاتب إن مُثِّلا
أو مثل قوسين ولا يرميان / إلا أصابا منِّي المقتلا
أقبل يثني لي من قدِّه / غصناً له الدلُّ نسيم الصبا
والحسن قد فتَّح في خده / ورداً عليه ماج ماء الصبا
فأرسل المسود من جعده / أفعى ولوَّى صدغه عقربا
كيف اجتناء الورد والحارسان / بحفظ ذاك الروض قد وكِّلا
من لي لو أنهما يغفلان / وآفة الحارس أن يغفلا
أقبل يسقي من كؤوس الرحيق / صرفاً أطال الدنُّ تعتيقَهُ
ويصبغ الدر بلون العقيق / إن صبَّ في الكأس أباريقه
لكنه جاد بمرٍّ عتيق / على الندامى وأبى ريقه
صرفان لو انهما يمزجان / لأنعشا الأموات بعد البلى
فخذ من المحبوب كأس الدنان / واصبر فكم بالصبر مرٌّ حلا
يا سالباً عيني طيب الهجود / وملبساً جسمي ثوب الضنى
لا أنت بالوصل علينا تجود / ولا أنا أسلو لطول العنا
ولم يزل حظّي منك الصدود / أعلل النفس بطول المنى
إن شئت فارحم مستهام الجنان / وباللقا فامنحه بعد القلى
أو لا فقد أرخى إليك العنان / فافعل به ماشئت أن تفعلا
إن كنت فينا مبدياً للجفا / فالدهر للآمال فينا معيد
وطاب لي الأنس ووقتي صفا / إذ أسعد الدهر بعرس السعيد
يا فرحة فيها زماني وفى / فكل يوم لي بالبشر عيد
عن ريقة روت الشمول
عن ريقة روت الشمول / معنى تطيش به العقولُ
وبجفنه مرَّ النسيم / الغضُّ فهو به عليل
وبخده ولع الشقي / قُ فشفَّ نضرته الذبول
والغصن ما لقدِّه / ذلاًّ كذا من يستطيل
والطود حاول أن يوا / زنَ ردفه وكذا الثقيل
رشأ كحيل الناظري / نِ فداؤه الرشأ الكحيل
حكَّمت عدل قوامه / في مهجتي فغدا يميل
فسأرفض التحكيم إن / كانت كقامته العدول
إن قلت أضناني النحو / لُ يقول بل خصري النحيل
أو قلت قد طال الصدو / دُ يقول عادته يطول
أو قلت أجمل قال لي / أولى بك الصبر الجميل
لا تكثرنَّ من الشكا / يةِ إنني ظبيٌ ملول
أنا عالم بجميع ما / تخفي فقل ماذا تقول
اقنع بلقيا ساعة / فالصب يرضيه القليل
يا سعد قد سمح الزما / نُ وقلما يسخو البخيل
فأدر بكأسك جذوة / بلهيبها يُطفى الغليل
واشرب فقد رقَّ الشما / لُ ضحى وروقت الشمول
والروض جنات من ال / أنهار فيها سلسبيل
والعندليب بلحنه للغصنِ / أصبح يستميل
يروي لنا عرس الحسي / نِ فكلنا طرباً نميل
فرع نماوكذا الفرو / ع إذا زكت منها الأصول
فغدا مثالاً للعلا / فلذاك عزَّ له المثيل
الخال في وجنتيك قد لثمك
الخال في وجنتيك قد لثمك / والشَعر أهوى مقبلاً قدمك
ولم تنلني الذي أنلتهما / فليتني قد لثمت من لثمك
نَحلتُ مثل السواك فيك فما / ضرَّك لو أنني رشفت فمك
يا كشحه طال عدل قامته / فاشك إليه من الذي هضمك
يا جفنه اعتاد بالضنى جسدي / فليحتمل فوق سقمه سقمك
دعه يكابد سقمين فيك فما / أهون أمراً كلَّفتَهُ خدمك
يا غصنُ طاولت قدَّه فلئن / يقصفك ريح الصبا فما ظلمك
ويا عنيقيد قستَ وفرته / فيك فإن استطع شربت دمك
يا كعبة الحسن ليس يحسن أن / تريع بالصد من أتى حرمك
يا أسعد الخال فوق وجنته / لقد قضى حجَّهُ من استلمك
يا آس فوق الشقيق من رقمك / يا درُّ بين العقيق من نظمك
من ملأ الريق بالرحيق ومن / بمسكِ خال عليه قد ختمك
مَن فيك أجرى نواظري سُحُباً / لما رأت كالوميض مبتسمك
بميسم الشوق قد كوى كبدي / مَن بِسِماتِ الجمال قد وسمك
أنشاك لي نشوة ومنتزهاً / من أودع الراح والأقاح فمك
مولاي هل أنت راحم كلفاً / لو كنت يوماً مكانه رحمك
لو أنه بالجفا غدا سئماً / من كل لذاته لما سئمك
أضللتني في هواك يا صنمي / لمااتخذت الواشي بنا صنمك
مذ ملتَ عنّي وأنت غصن نقا / ظنك مني مللت واتهمك
تذكر كم ليلة أتيت بها / سرّاً وقلب الظلام قد كتمك
فكيف لم ترع في الهوى ذممي / ولم أزل فيه راعياً ذممك
أقسمت ألا تخون عهدي يا / ريم فأفسدت بالجفا قسمك
ما كنت قدماً زعمت تتبع الوا / شي أو تغتدي كما زعمك
يا طرف كم تشتفي بنظرته / ألم تكن منه تشتكي ألمك
ترعى نجوم السما تعدُّ بها / آثار مولى على السماك سمك
لا تدجُ يا همُّ فالحسين لنا / بدر كشفنا بنوره ظلمك
يا حاضراً ناب أمر غائبنا / احكم فإن الإِله قد عصمك
ما فيك من وصمة تشين سوى / أن العدى لا تطيق أن تصمك
أنت نظام الهدى تبارك من / في سلك هذا الوجود قد نظمك
قد جمع المكرمات فيك كما / في العلم والحلم والتقى قسمك
وسرُّ غيب القديم أنت فمن / قاسك بالحادثات ما فهمك
ما البيت إلا حمى نزلت به / ما الحج إلا لمن أتى حرمك
ما اللوح إلا صحائف نُشِرَت / وكنت فيهنَّ مجرياً قلمك
ما الشهب تسمو على جلالتها / صعيد أرضٍ أوطاتها قدمك
يا بحر من فيضك ارتوى البر / والفاجر لما أبحتهم نعمك
هنيت في عرس شبلك العلم الرا / كز في هامة السها علمك
أنجبت بدرين قصَّرا همم الده / رِ علاً إذ تورثا هممك
فذا تقى قضى بفضلك من / حق المعالي جميع ما لزمك
ليثاً ترى الناس فيه بأسك يا لي / ثُ وغيثاً يريهم كرمك
وذا أبو القاسم المبين لنا / حكمك عند البيان أو حكمك
قف يا يراع الثنا فحسبك أن / يكون فيه محمد ختمك
ماضي الجراز ولحظه سيان
ماضي الجراز ولحظه سيان / هذا يُسَلُّ وذاك في الأجفان
يرنو إليَّ بلحظه فيصيبني / ومن العجائب أن يصيب الراني
رشأ لطلعة وجهه ولجيده / ما للبدور سناً وللغزلان
وبخده خال كأنَّ سواده / خال بخد شقائق النعمان
فإذا تثنى بين أغصان النقا / فضح الغصون بقدِّه النشوان
وإذا رنا بين الظباء بطرفه / فتن الظباء بطرفه الفتان
وإذا تكلّم خلت دراً لفظه / وإذا تبسم خلت عقد جمان
لو كان للأوثان بعض صفاته / جازت لديَّ عبادة الأوثان
ما زلت أشكو للتصابي منَّةً / حتى جفاني ناعس الأجفان
لم يصف لي من بعد طول صدوده / إلا بعرس للجواد زماني
فلذاك عرس عمّني بسروره / وبه بلغت مقاصداً وأماني
فاهنأ بعيش يا جواد مرغَّدٍ / ما غرّدت ورق على الأغصان
فالأنس نحوك مقبل لا مدبر / والبؤس ناءٍ عنك ليس بداني
زُفَّت إلى بدر الدجى شمس فقل / قمران باتا ليلة بقران
شمس الضحى قد أدركت قمر الدجى / فهما إذاً ضدّان مجتمعان
منحته وصلاً بعد طول صدودها / ولطالما قتلته بالهجران
وأتت تثنى والدلال يهزها / فقل النسيم يهزّ غصن البان
هب أن دهرك قد جنى ببعادها / فالآن تاب وليس بعدُ بجان
فبه أهني واحد الزمن الذي / ساد الأنام وماله من ثاني
وبه أهني عمه الندب الذي / جاز المدى فغدا بلا أقران
دمتم جميعاً والهنا حلف لكم / تشدو به الورقاء بالألحان
يا كتابي بلغ سلامي الى من
يا كتابي بلغ سلامي الى من / لا يزال السلام منّي عليه
ثم خبِّره أن لي منه شكوى / غير أنّي شكوت منه إليه

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025