المجموع : 137
ما للفوادح نارها لا تخمد
ما للفوادح نارها لا تخمد / وزفيرها بين اللها يتردد
والدهر لا ينفك أما مبرق / ببروق صاعقة وأما مرعد
والعيش مختلف المساعي تارة / تجرى سفائنه وطورا تركد
واليسر مثل العسر ليس بنافع / عيش أغض ولا نعيم أرغد
والمرء ممتحن بخلة دهره / طورا بها يشقى وطورا يسعد
وعلى كلا الحالين لا يبقى بها / سعد يقيم ولا شقاء يقعد
وأخو الوفاء قليلة إخوانه / وأخو الحياء بها عديم مفرد
لا تدع للمعروف إلا أهله / فالجود في الشيم السليمة يوجد
واللؤم في الطبع اللئيم مركب / كالزند في طرفيه نار توقد
ما أقبح الإيسار في يد ممسك / والراح بالكأس الدنية تفسد
ولرب معتذر إليك ودونه / قاسي الطبيعة أفعوان أربد
وإذا رأيت العيش راقك صفوه / فتوقه ما كل ماء يورد
والدهر معلوم المحل وإنما / طمع ابن آدم فيه رأي مفسد
كرر لحاظك في الزمان أما ترى / إن النفوس عليه زرع يحصد
وكأنما الدنيا تقول لمن بها / عيشي وعيشك عن قليل ينفد
لا يغررنك ما ترى من فرصة / أين الألى عمروا الديار وشيدوا
راموا البقاء فصبحت أطلالهم / خيل المنون مغيرة فتبددوا
ولرب ذي حمق يروم بجهله / نيل الخلود ولا يتم له غد
لو رام بالذكر الخلود لناله / والمرء بالذكر الجميل يخلد
والنفس لا تنفك من خدع المنى / العمر يبلى والمنى تتجدد
أو ليس في إول الزمان وما جرى / عبر لمعتبر وأمر مرشد
تمسي بما تعد الليالي لاهيا / إني يصح من الكواذب موعد
أو ليس في النفر الذين رأيتهم / ورأوك مزدجر لمن يتفقد
عجبا لمن رقدت محاجر طرفه / والموت منتبه له لا يرقد
أين الفلاسفة الذين أطاعهم / جهد الأمور ولم يعقهم مقصد
أو لم يلن هذا الزمان قناتهم / حتى غدت بيد الردى تتأود
أين النطاسي الذي يشفى به / في كل مكرمة ذميم ملحد
يحيى الذي يحيا بسقياه الندى / حتى يكاد بما سقاه يخلد
من للعلوم جرت به فمشى بها / مشي السحاب عليه بحر مزبد
من للقضايا المشكلات يمدها / من فيض أبحره التي لا تنفد
خمدت مصابيح العلوم ولم تزل / بالدهن من زيتونه تتوقد
من للسحائب أن تغسل شلوه / فلعلها من فيضه تسترفد
من للغزالة أن تكفن جسمه / فيعود منه لمقلتيها اثمد
من للكواكب حين الحد في الثرى / لو أن ذاك البدر فيها يلحد
ولئن بكته المكرمات فقد بكت / فقد امرىء هو مقلتاها واليد
أيها تركت الكتب بعد دروسها / تشكو الدروس وما لها مستنجد
ولقد رحلت وللفضائل أعين / ترنو إليك كأنها تتزود
هذي فتاوى المكرمات تعطلت / فاليوم لا رشد لمن يسترشد
تهوى الغوادي إن تنوبك مره / والشمس كيف ينوب عنها الفرقد
فلترجع الدنيا بصفقة خاسر / قد ضاع منها الجوهر المتفرد
ولتفعل الأيام بعدك ما اشتهت / لم يبق للثقلين فيها مقصد
لم يبق إلا مخلف ميعاده / أو منجز آثار ما يتوعد
ما كنت إلا السيف أغمد حده / والسيف يغمد تارة ويجرد
إن الحياة لذي الضلال منية / والموت للنفس الزكية مولد
جردت من أطمار ظلمانية / ولبست نورا منه لا يتجرد
ورجعت روحا للكمال مؤبدا / لا غرو للأرواح حيث تؤبد
ولقد تناهت يوم فقدك حيرتي / هل ينفد البحر المحيط فيفقد
لا تنكروا ظمأ العلوم فإنما / ماء الإفاضة بعده لا يورد
أعياء المدائح مسها لك جوهرا / شرفا فروح المجد لا تتجسد
وظفرت من صنع الجميل بحمدها / إن الجميل له عواقب تحمد
وأخذت يا يحيى الكتاب بقوة / فأبيض منه بك المداد الأسود
وتلوت في البر منه فأثبتت / لك في النوال نبوة لا تجحد
أين الندى ومن اتخذت خليفة / بسواده خلل العباد يسدد
ولقد تشعبت الخطوب فمغور / بمكاره الدنيا وآخر منجد
فأقم عليهم من صنيعك هاديا / فإذا تركتهم سدى لم يهتدوا
كنت الجلاء لكل مقلة سؤدد / فأحق من يبكي عليك السؤدد
بشرى لبقعتك التي قد اكرمت / باغر ضوء الشمس منه أرمد
الفخر منك وأنت منه وكلما / في الكون من شرف فمنك مولد
كانت بك الدنيا ضحى فأحالها / من حادثات الدهر ليل انكد
يا آل فخر الدين ان مصابكم / جلل يقوم به الزمان ويقعد
صبرا وتعزية على ما نابكم / فالصبر سهم للكرام مسدد
بأبي وجودكم الكريم مركبا / متخيرا وهو البسيط المفرد
يا غائبين أرى المنازل بعدكم / تبكي عليكم والمكارم تسعد
عودوا إلى خلق الحفيظة إنما / خلق الحفيظة لا يذم ويحمد
آها على تلك العهود فقد مضى / زمن أرق من الزلال وأبرد
كيف التخلص من تصاريف القضا / ومن النفوس حمامها يتولد
لا يخدعنك ناعم خضل الجنى / ماء الحياة بسم دهري يجمد
يا أوحدا ما إن له ثان إذا / عد الكرام وهل يثنى الأوحد
إن كانت التقوى حظوظا في الورى / فقرانها منك القران الأسعد
بجميل جودك راقت الأعياد
بجميل جودك راقت الأعياد / واستبشرت أمم به وبلاد
لا زال فضلك للفضائل عنصرا / وأبا وهن الأهل والأولاد
وتهللت تلك الجهات بشاشة / مذ عادهن جميلك المعتاد
وانقادت الدنيا إليك ذليلة / فكأنها مملوكة تنقاد
فكأنما الأيام كانت تشتكي / سهر العيون فزارهن رقاد
كنت المراد لها فلما جئتها / لم يبق في قلب الزمان مراد
قد كان حظ الملك قبلك جازرا / فأصاباه من فيضك الأمداد
صيرته بالحزم عقدا محكما / كالتبر لا يطرأ عليه فساد
سحب البرود العبقرية بعدما / كانت عليه من المسوح حداد
اليوم أقبلت السعود روادفا / فكأنها الأجناد فالأجناد
اليوم أدبرت النحوس كأنما / هتفت بسرح بهائم آساد
شيدت بأحمد للمعالي دولة / من دون أحمد لا تكاد تشاد
يا من وقى بغداد كل كريهة / ظفرت بأي وقاية بغداد
كانت كركب تاه في سريانه / فأصابه بعد الضلال رشاد
تتمهد الدنيا بهمتك التي / هي للأمور وسادة ومهاد
اللَه أكبر يالها من ديمة / بشذا نداها تورق الأعواد
أهدت إلى الأيام روحانية / فيها لكل عقيمة ميلاد
قسما برفع يديك أبيات الندى / لولاك لم يرفع لهن عماد
ألقت إليك الحادثات قيادها / فأطاع معتاص ولأن جماد
وتبلج الأمر البهيم كأنما / خلعت عليه من السنى أبراد
حيا التقى من نور وجهك منبتا / كل السعود لروضه رواد
هو عارض الشرف الأثيل وما له / إلا الإفاضة بالجميل عهاد
سطر حوى من كل مجد سره / كل السطور لمجده حساد
بل روضة للخير لا هوتية / تحيا بها الأرواح والأجساد
زان الزمان ربيعها الأحوى كما / زان أبيضاض المقلتين سواد
بل نقطة مغموسة من عنبر / كتبت بها أكرومة وسداد
يا حبذا مسك السعادات الذي / ليست لطيب نسيمه انداد
وكأنه خط الكمال وماله / إلا من المدد العلي مداد
طابت منابته الحسان فأخروا / هي لمة من نبتها الإسعاد
يدبر صعب الخطب حتى كأنه
يدبر صعب الخطب حتى كأنه / تحقق قبل الأمر ما يقتضي بعد
إذا ما خطيب من مطول فضله / تلا لم يطق من شرح تبيانه بعد
لقد عطّر الافاق نشر سماته / كما فاء بين الروض غب الحيا الورد
ولا بدع إن حاز المكارم كلها / فمفرد لفظ الألف من تحته عد
وقد ضم من سامي المفاخر ما سما / عن الرسم تعريفا فأنى له حد
أراه ولي الفخر وابن وليه / وجامع اعداد العلى وهو الفرد
له الجود أن مس البسيطة كفه / لما عد فوق الغور مرتفعا نجد
ويا من له قد خاض من أم قسطل / عبابا على شاطيه تحر نجم الأسد
به افتخرت آباؤه وجدوده / ورب حفيد فيه يغتنم الجد
هو المصقع المقوال ان خط للعدى / كتابا ترى منه عليهم سطا جند
من القوم إما فخرهم فمؤبد / واما علاهم فهو ما سمك المجد
إذا مدح المثنون قوما فليس لي / بغيرهم في نظم سمط الثنا قصد
ألا يا حميد الطبع وابن محمد / ويا من إليه ينتهي المدح والحمد
عن أبي ذر الغفاري يروي
عن أبي ذر الغفاري يروي / خبر قاله النبي الحميد
جدد الفلك فالعباب عميق / وخذ الزاد فالمزار بعيد
واطرح حملها فإن وراها / عقبات يشيب منها الوليد
واجتهد مخلصا لربك واعلم / أنه ناقد بصير شديد
عجبا لإسماعيل كيف تشعبت
عجبا لإسماعيل كيف تشعبت / طرق الرشاد عليه وهو رشيد
هذا المقدر لا تطيش سهامه / إني يطيش السهم وهو سديد
أولاك عيد علا بفخرك أحمد
أولاك عيد علا بفخرك أحمد / والعدل يسفر مشرقا بك أحمد
والملك حك بك المجرة فرعها / فخسر يطول ونائل لا ينفد
وليهنك الشرف الممجد شأنه / للَه فخر بالسعود ممهد
ومقيل مجد قد رفعت عماده / فلك إلى حيث السها والفرقد
ومعارف أصحبتها بمكارم / خلان ما صدعا بسؤل يجهد
أو حيث من نعم الإله جلالة / شرفا على حبك السعود يشيد
ولك الجلالة والتجمل والعلى / والكل منها في التقدم يشهد
والسيف من وقدات جندك مبرق / والدهر من نكبات بأسك يرعد
فخر بباسك حك منكبه السها / وعناية بالعود منك تمجد
والملك تأنف عزة بجلالها / ملك تسدده النهى فتسدد
شأو سما شرفا على أوج السها / ومطامع بالريف منك تردد
ملك تجلى للعلى فهززته / كم رب نصر هزه المستنجد
كم للنهى منه برؤية أروع / صلت الجبين بعزمه يتوقد
ولكم تهلل قاعدا في دسته / نعم تجل بسعدها وتمجد
نعم ترف بنورها وكمالها / لله من نعم تدل وتحمد
يمسي بك الفخر البهيج محله / عز ويعلو بك الفخار الأمجد كذا
فلك تمكن بالتحنك والهدى / شأن له يعنو الحكيم المرشد
ورجال صدق في الأسنة قلدوا / أم المعالي بالفخار وجندوا
حييت من منح تحلى بالعلى / نعما كلمع الشهب حين توقد
مصباح نار شيم في مشكاته / فلذا له يأوى النبيل ويقصد
جمل علت بهرا فنوه أمرها / نعتا بها التمييز منك مؤكد
نور جلا في الكشف كنز قرائح / فعلا بدر مزيده يسترفد
من كامل طرب لوافر منحة / وطويل ملك في التكارم يفرد
فوحق شأن في علاك مشيد / وزمان فخر في نهاك يمجد
كفاك مرتبع وسيلك مورد / ولقاك لي فرح وأنت المقصد
ولانت أعزز بالكمال مكانة / وأجل شأنا في الثناء وأسعد
من باسم تحت العجاج لبأسه / تدمى القروم بها المقيم المقعد
سام علا أوج الفخار محله / شأن بساطعة السماح مقلد
ولكم تزين بالجلالة والعلى / ناهيك من فخر يجل ويحفد
والملك يجلى بالسلاح منضدا / أحسن بملك بالسلاح ينضد
ياليت علمي هل أؤوب بعطفة / فيفك موثوق ويردع أنكد
فعسى وعلى يضيء كوكب جده / بمقالة منكم وعطف يشهد
تتنافس الأدباء دون نداكم / كل التنافس بالهداية يحسد
أنا أوحد الشعراء شأنا فيكم / إني وفيضك للمعالي أوحد
كيف الدنو إلى التي تحيي النهى / فلقد كبا طرفي وشق المقصد
ذهب الزمان فلم يحبب صادق / يدعى إلى الخطب المريب فينجد
فالبس لها سور الأبوة صابرا / للصبر أحمد ما قنيت وأقصد
وأنزل على الأمر المقدر شأنه / صرف المقدر قدحه ما يصرد
بدر تسامى بالسماحة والسنى / فعلا بمطلع شكله يتوقد
ناد بقدرك قد تلامع وصفه / للَه من عقد بجيدك ينضد
أيدلها فالسعد حيا منقذا / ولك المناقب والمساعي تشهد
واصفح بلا أمر عليك بورية / من زند منك نوره لا يخمد
هاي الدنا حفت على علاتها / بسرير نعمك والبنود تبند
يهنيك عيد ان بفخرك حائن / أني واضحى في هنائك يسعد
ومناسك للحزم فيك تأكدت / فلذاك عز بها المقام الأمجد
فانحر له بدن التكرم عائدا / بالمكرمات لعود ريفك أحمد
أيبيت مجتنيا وعز على الهنا / ورق الجنا هيهات عني المقصد
إني عصمت ببيت حبك طائفا / أسعدت من بيت يحب ويصمد
والمكرمات زواهر في يمنكم / يمن بمحكمة الجلالة يحفد
عيد بكم طال السماء فارخوا / أنعم بعيد فخره بك أحمد
أقول لسعد وهو خلّي بطانة
أقول لسعد وهو خلّي بطانة / وأي عظيم لم أنبه له سعدا
إذا نكبت نجدا مطاياك لم أحل / بعيش وأن صادفته خضلا رغدا
يا صفقة المغبون من زمن أبي
يا صفقة المغبون من زمن أبي / إلا قطيعة كل أبلج أمجدا
أين الكرام بنو الكرام لقد نووا / سفرا مديد الظل ليس له مدا
ذهب الكرام فلا حمى لمن احتمى / مما يخاف ولا جدى لمن اجتدى
لا كان يومك إنه اليوم الذي / أجرى العيون دما وفت الأكبدا
فقدوا به غوث الصريخ فأرخو / بمسارح الفردوس مهديء اهتدى
سر على اسم اللَه ملكا أسعدا
سر على اسم اللَه ملكا أسعدا /
تورد الأعداء كاسات الردى /
حسبك الحظ دليلا مرشدا /
حسبك الحظ دليلا مرشدا /
إن للسعد السماوي يدا /
أيد الله به من أيدا /
وإذا الأيام جفت موردا /
كنت للجازر منه مددا /
يا جميل الفعل لا يجلو الصدا /
غير مرآك ولا يردي العدى /
رب حاد منك بالذكر حدا /
متهماً طورا وطورا منجدا /
ناشرا عنك الحديث المسندا /
من تلا آيته الكبرى أهتدى /
يا سليمان الزمان الأوحدا /
كرر اللحظ به مجتهدا /
إن داء العسر فيه اتحدا /
غذه بالروح تحيي الجسدا /
لم تزل في كل طرف اثمدا /
تجلب الضوء وتجلو الرمدا /
مبرقا في كل فج مرعدا /
ما رآك الماء إلا جمدا /
جازرا سرح الأعادي بالمدى /
قائم الذكر على طول المدى /
منقذا في كل حال منجدا /
من ملمات تفت العضدا /
ما لحظت الشر إلا شردا /
أو طردت الليث إلا انطردا /
تفتدي نعلك هامات العدى /
رب نعل برؤوس تفتدى /
أتت من يسقي الندى قبل الندا /
من بحار انفت أن تنفدا /
وإذا الدنيا عدت فيمن عدا /
وجدت منك المقيم المقعدا /
لك أقدام يقد الجلمدا /
وجميل ليس يحصى عددا /
كلما جردت رأيا مغمدا /
أصلح الله به ما أفسدا /
ملأ الدنيا ربيعا وندى /
كن كما تهوى شهابا رصدا /
داحرا عن كيده من مردا /
قبس الملك الذي لن يخمدما /
ومقيما من قناها الأودا /
لح بحمد الله سعدا أبدا /
لا أراك اللَه يوما أنكدا /
وتدفق بحر فضل مزبدا /
تمنح الناس الجمان المفردا /
واسحب الذيل هماما أمجدا /
صائدا كل جميل أصيدا /
بارزا في كل حرب أسدا /
طالعا في كل أوج فرقدا /
موردا بحر الفنى من وردا /
لابسا خير رداء يرتدى /
عش على رغم الأعادي سيدا /
تجد السادات منهم أعبدا /
قادحا زند نهىً لن يصلدا /
أخمد اللَه به ما اتقدا /
سالكا نهج المعالي الأرشدا /
انظر إليه مزررا ومبندا
انظر إليه مزررا ومبندا / قد ضم مخجلة الشموس بما ارتدى
نقل الأراك بأن خمرا ريقه / صدق الأراك أما تراه معربدا
حدر اللثام فقل بعارض انجلى / وحبا الوصال فقل بتائه اهتدى
وشدت خلاخله فقل في ساجع / في أخريات الليل حن وغردا
بأبي النديم يدير من أجفانه / كأسا تضمنت الشراب الأسودا
لم أنسه والصبح ينشر سقطه / أقداح سقط زجاجة لن يصلدا
يسقي ونحن من الهوى بمعرس / حمراء صافية أرق من الندى
ناد به التقم المجون عقولنا / فالقوم صرعى والهدوء لك الفدا
جائين كالسفر الطلاح أطاحهم / سفر من الهيمان قد بلغ المدى
يا صبذا خلوات أنس بيننا / كانت مآزرها تزر على الهدى
أنا ذلك الكلف الوفي على النوى / وجدي القديم فهل يعود كما بدا
يا غاديين راح على اللواعج واغتدى / ولهان راح على اللواعج واغتدى
للحب شغل شاغل عن غيره / أرأيتما صبا أطاع مفندا
لا تنكروا ولهي باخت مجاشع / فلقد تراضعنا الوفاء الأوكدا
وشربت منها أكؤسا صبغت بها / روحي كما صبغ المشيب مؤبدا
هل شغل أفئدة العوالم كلها / وبسرها وجدوا المقيم المقعدا
في ليلة ساهرت كوكب افقها / حتى استحال بها كلانا أرمدا
يا أهل هذا الضوء أن نزيلكم / يبغى قرى من قربكم أو موعدا
سفرت فاطبق كل نجم جفنه / والليل القى فوق كلكله بدا
وغدت تطارحني الحديث نسيمة / ملئت كلاما بالفرند منضدا
يا نسمة الوادي الذي نزلوا به / بحياتهم هات الحديث المسندا
إن انكرتك العين يا وادي قبا / فلقد عرفتك بالفؤاد مجردا
للَه أية تلعة كانت جنىً / لمن اجتنى وجدا به لمن اجتدى
ولقد وقفت بها وصحبي نوم / إلا خليلي النجم بات مسهدا
وسألتها عمن نأوا فأجابني / تصعيد أنفاسي وثالثنا الصدى
رح يا أخا فهر بنا في دجنة / فالليل أمكن للمحاول مقصدا
وانحر كرى عينيك هديا للسرى / ما حق طالب حاجة أن يرقدا
ماذا التواني لا بمغمز عودنا / خور ولا النخوات نائية المدى
فمتى تنوخ إلى اللقاء مطينا / وتراح من ألم سقاها المجهدا
ضاع الجميل فهل له من منشد / يا للرجال غلطت أم ورد الردى
لم يبق من يرجى نداه إذا عدت / إحدى النوائب فالسلام على الندى
كل الأنام عن الجميل بمعزل / هيهات لم استثن إلا أحمدا
الأروع المقدام والسند الذي / من يرو عارفة فعنه أسندا
حق على الأموال أغراه بها / طبع يخال المال من أعدى العدى
كل الأمور لرأيه مشتاقة / يلمحن منه الكوكب المتوقدا
ينظرن منه مفرجا لكروبها / لا زال يمسح عن مرائيها الصدا
فهامة العصر الذي مهما بدا / وجهان في أمر أصاب الأرشدا
يفني بما يغني به ومن انبرى / للمزن شارف ممطرا أو مرعدا
قمر إذا احتجب الكواكب كلها / أغنى سناه عن الكواكب كلها
يفتض أبكار المعالي منشئا / ولربما نظر العقيم فأولدا
ورأت منازلك السعود محلها / فتطايرت مثنى إليك وموحدا
يكفيك عن طعن الأعادي بالقنا / حسد بسمهره يقد الأكبدا
يأبى علاك كأنما هي دورة / فلكية في منتهاها المبتدا
وإذا المقل نحاه فاعلم أنه / قسم الزمان له النصيب إلا سعدا
لو مس نيران المجوس بنانه / إذن الزمان لحرها أن يبردا
فإذا اتصلت به اتصلت بأروع / كتبت بجبهته الهداية والهدى
إن شئت أن تلقى ابن مامة في الندى / ومهلهلا في الروع فانظر أحمدا
تجد السماحة والحماسة والحجا / أسدا على شكل ابن آدم جسدا
وإذا الهوى غلب الفؤاد وراضه / حسن البكاء على فراق سعاد
ضاقت بلاد الله وهي فسيحة / فاستأنسوا بمضائق الألحاد
بأبي الوجوه النيرات كأنها / تهدي المضل إلى طريق هاد
وإلى النجوم تنافسوا بنفوسهم / كالسيل جد إلى قرار وهاد
بعد المدى ومن العجائب إنهم / يخدون لامتزودين بزاد
إن كنت لم تذمم وفودك بالمنى / فمن المذم بذاك للوفاد
وقفوا بركبهم على حافاتها / شرقين في الإصدار والإيراد
متسنمي قمم الرجال تسابقت / بهم سباق القب يوم طراد
صبرا على مضض الغريم فقد دنا ال / دين الذي لا ينقضي بتماد
أين المفر وللمنايا غارة / ثارت عجاجتها بكل بلاد
هن الرواجف لا يقيم قناتها / إلا الولي أخو النبي الهادي
المنقع الأيام من غلل الأسى / بروائح من غوثه وغواد
والمجتلي كرب العفاة بنائل / مسح القذى عن طرف كل هواد
والكاشف الجلل الأحم بمعوز / شمس الضحى منه إلى استمداد
كهف الطريدة من مجامع روعها / أمن المسالم خوف كل معاد
المثقب الزندين يوم سماحة / يحيى بها ويميت يوم جلاد
طلاع كل ثنية من حكمة / يفتر عنها ثغر كل رشاد
حامي حمى الثقلين أنت وليها / في حالي الاشقاء والاسعاد
إن كنت ترضى أن يطول وبالها / فرضاك نعم الروض للمرتاد
نزلت بك الآمال وهي مطاشة / فأفض عليها منك فيض سداد
تشكو إليك قطيعة الزمن الذي / جعل القيود قلائد الأجياد
أمن المروءة ترك مثلك مثلهم / متفرقين تفوق الأضداد
هيهات لم يلق النزيل عصيهم / إلا لتورق أيبس الأعواد
وجبت رعايتهم عليك لقصدهم / وعلى الكرام رعاية القصاد
باتوا ومرقد كل شخص لوعة / تستل من جفنيه كل رقاد
وجدوا الذي أورت به آثامهم / والنار لا تورى بغير زناد
تبعوا الهوى فاثار نقع فسادهم / وكذا الهوى من هو رأس كل فساد
فاستنشقوا من ريح روحك نكهة / كانت مكان الروح للأجساد
واعتادهم مرض القضاء فعوذوا / آمالهم بجميلك المعتاد
نقعت موارده غليل عليلهم / وجلا ممسكه قذى الأنكاد
يا محيي الأموات ها ملك الردى / وافى يجر مساحب الأجناد
لو شام منك وميض لا راض بها / لأتاك يحجل في قيود قياد
أو لست داحي بابها ومزلزلا / من كل ارض أعظم الأطواد
أو لست معطي كل نفس أمنها / يوم القيامة من أذى الميعاد
أولست ساقيها غدا من كوثر / والماء ممتنع على الوراد
يا من شذاه يقي النفوس من الأذى / ويخلد الأرواح في الأجساد
حسب المؤمل منك أنك منقذ / ما كان بين نواجذ الآساد
ولئن وهبت لها الحياة فربما / فجرت بالأمواه قلب جماد
وحي من بني جشم بن بكر
وحي من بني جشم بن بكر / يزيدون القنا ثغر الأعادي
إذا نزلوا الحمى من أرض نجد / كفوه ترقب الديم الغوادي
أعاريب إذا غضبوا تروت / دما سربا أنابيب الصعاد
لهم أيد تشد عرى عراهم / بأطراف المهندة الحداد
وأعناق بها صعر قديم / تواري الغر باللم الجعاد
فلو جاورتهم لملئت كبرا / يخيم بين جيدك والنجاد
إذا ما جف ظهر الأرض محلا / فهم اندى البرية بطن واد
وفيهم كل واضحة المحيا / كأن وشاحها قلقا وسادي
ولولا حبها انتعلت نجيعا / إلى حفر حوافر من جيادي
نأت فكأن أجفاني طوتها / تباريح الهموم على قتاد
إلى كم يعادي الدهر كل مجيد
إلى كم يعادي الدهر كل مجيد / ويستخدم الدنيا لكل عنيد
أبت شيم الأيام إلا سفاهة / ترى أحمد الأفعال غير حميد
خليلي نجم الدين أين محله / أرى طالع الأمجاد غير سعيد
ومن أين للأجواد عيش ولم يزل / يشاب بلحظ للزمال حسود
خليلي من يعثر بداهية القضا / يجد من زلال الماء ذات وقود
وكم تحدث الأيام من مدلهمة / يطيش لديها رأي كل سديد
بني ودنا الأدنين هذا فرافقكم / فراق حياة لا فراق ودود
قفوا نتزود نظرة قبل بينكم / فقد طلعت أجناده ببنود
ولا تحرمونا بهجة الحسن منكم / هي الروض تجلو قلب كل عميد
رحلتم فأرواح المحبين بعدكم / تصد عن الأجسام أي صدود
أرى الدهر لم يترك جوادا على الثرى / فياعين بالدمع المضاعف جودي
خليلي أن راعيتما المجد فاندبا / من الندب عبد الله خير عهود
فتى سكنت ريح السماحة بعده / فأمست جواري الخير غير ركود
ولا تعجبا أن تبصرا العلم ذوايا / فقد بات مرعاه بغير ورود
لقد نزلت بالمعشر البيض طخية / ترى البيض منها في براقع سود
ولله مصباح من العلم موقد / أصابته أرواح الردى بخمود
ذوى يافع الدنيا فليس لطالب / مواعدها إلا بلوغ وعيد
وما العيش لولا الموت إلا مخائل / ولا الدار الا مستقر لحود
ولا تسألا عن حالة البأس والندى / خلا فلكاها من أثير سعود
لك الخير كم أرمدت عينا صحيحة / بنأيك واستيقظت ذات رقود
أعدت وأبدأت الجميل ولم تزل / إلى أن خلا من مبدىء ومعيد
مضى لك يوم عطر الكون نشره / وكان شذاه الرطب نفحة عود
سينبدك المجد الذي أنت أهله / بشق فؤاد لا بشق برود
ويبكي عليك الفضل بالمقلة التي / ملأت بها أركان كل وجود
ويرثيك شخص الفضل من حسراته / بكل قصيد مردف بقصيد
ليالي يدعوك الندى فتجيبه / وكنت على داعيك غير بعيد
لعمري خلت تلك الديار ولم تزل / مطالع سعد أو مطارح جود
كأن من الفردوس روضة ظلّها / سوى أنها ليست بدار خلود
منازل فخر فتحت زهر المنى / كما فتح التقبيل ورد خدود
لقد حل ذاك السمط فانثالت العلى / على مكسب الدنيا انثيال عقود
ولو كان غير الله نابك خطبه / لدك من الأطواد كل مشيد
وطبق عين الشمس نقع شوازب / وصك صماخ الدهر زأر أسود
وناح عليك الدهر بالقضب التي / تذيب من الأبطال كل جليد
حدود ظبي ما أذنت خطباؤها / على الهام إلا آذنت بسجود
وبالأسل الخطي تصدى صدوره / فما ترتوي إلا برشف كبود
وبالعزمات الشم غنت على القنا / غناء حمام فوق ذروة عود
إلى أن أرى دمع الصعاد كأنه / ملث يروى قلب كل صعيد
وتلقى الليالي منكم كل أصيد / نعال مذاكيه جماجم صيد
يزلزل أكباد الكماة وعيده / ورب جبال زلزلت برعود
من القوم لا يرعون للمال ذمة / كما لا يراعي السيف ذمة جيد
ملوك ولكن المنايا جنودهم / ولا ملك إلا باتخاذ جنود
حنانكيك يا قلب المعنى تصبرا / أرى جزع الإنسان غير مفيد
ألم تدر إن الشمس غابت فأخلفت / سنا قمر للمكرمات سعيد
تلوح عليه غرة نبوية / فريدة حسن في جبين فريد
آوى يحيى الشاسعين بنشره / فطوى بذاك النشر كل بعاد
لا تلتقي فيه الجفون كأنما / سمرت محاجرها بشوك قتاد
أيام تجري في دمي مقة الدمى / مجرى نمير الماء في الأعواد
وكأنني ملك سرت بركابه / غر الفوارس فوق غر جياد
من كل مقتدح زناد عزيمة / تمضي أوامره كقدح زناد
أو كل معدود بألف أسامة / لم يلف الا أول الاعداد
يا حلبة للعمر وشحها الصبا / بصدور شقر أو ورود وراد
ولقد عدمت من الشبيبة مشفقا / إشفاق والدة على أولاد
لو يفتدى ذاك السواد فديته / من ناظري بلون كل سواد
للَه أندية النسيم تعلقت / أذياله ببشام ذاك النادي
وافى وقد فضت لنا أزراره / عن رد أرواح إلى أجساد
تاللَه ما صردت سهامك بل غدت / دون السهام مراشة بسداد
أعرضت عن غرضي وساعدك الهوى / فنكثت بعد الفتل حبل ودادي
انكرت معرفتي كأن لم تذكري / عهد الاثيل سقاه صوب عهاد
أيام أخلصها الزمان من القذى / كالبيض مصلتة من الأغماد
يهني جفونك صدق رقدتها كما / يهني نجوم الليل صدق سهادي
هل تسعدين على البعاد بزورة / إن كنت راغبة إلى إسعادي
صدقت يمينك إذ غدت ببني الهوى / أسرى يمينك ما لها من فاد
وبعثت من أقصى جبال تهامة / عرفا فضمخ جانبي بغداد
من منقع ذاك الغليل وإن ذكا / من ماء كاظمة ولو بثماد
أو كنت تجهل ما حقيقة عاشق / فالعشق خير ملابس العباد
يا صاحبي عهدي قفا جمليكما / بدت القباب وآن نيل مرادي
لا تطلبا مني الحراك فإنها / أنفاس نفس آذنت بنفاد
ما ساءني فيك الفؤاد مقسما / بين التجني منك والإبعاد
إن سرك البين المشتت بيننا / فلقد جهلت سطا الغرام العادي
صنت الغرام وكنت حيث عهدتني / بإذاعة الأسرار غير جواد
ولقد عرضت لها عشية ودعت / والوجد ملء مزادها ومزادي
ولمحت منها كالسراب مطامعا / لم يغن موردها عن الوراد
أجرى الوداع دموعنا فكأنها / بزل الجمال حدا بهن الحادي
في ليلة ما أقمرت ظلماؤها / إلا بكوكب وجدي الوقاد
فعلت بنا طعنات هاتيك الدمى / ما تفعل الحسرات بالحساد
أو ما تعيراني أصاخة منصت / فأبث قصة ظالم متماد
من منجدي يا للرجال ومسعدي / بطروق أخت الفتية الأنجاد
العاطسين بأنف كل أبية / والمرعفين معاطس الأكباد
قادوا صفوف الأعوجي كأنها / غيم حشاه اللَه بالارعاد
فسروا وقد ضربت لهم هبواتها / خيما مسردقة بغير عماد
وطئوا صدور بني الصدور وطالما / حملوا الرؤوس على رؤوس صعاد
عجبا لحزمهم الذي يوري المنى / كوميض برق أو كقدح زناد
أهل الحفيظة لا تزال قبابهم / دموية الأطناب والأوتاد
أعقيلة الحي الطويل رماحه / من كل يعبوب طويل نجاد
إن كنت مزمعة فحسبك من دمي / دمع يراق كصبغة الفرصاد
أنسيت وقفتنا بأسنمة النقا / وتطوق الأجياد بالأجياد
متلائمين أحبة بأحبة / إلا الوداع لنا من الأضداد
عجبا لمثلي يستريح إلى الصبا / والريح تغري النار بالايقاد
يا أخت تغلب ما أرى لك حاجة / في طرد أفراحي إلى الأنكاد
حتى إذا دنت الوفاة من الدجى / والصبح قارن ليلة الميلاد
وغدت أماقي النجم غير قريرة / فكأنها كحلت بكلس رماد
زرنا فأدركنا المرام ولم تزل / همم الرجال تخف بالأطواد
مه يا هذيم فقد عقمت من النهى / ورأيت أمرا كان غير سداد
أو لم تحدثك الحوادث إنما / موري غليلك صاحب الأخماد
والنفس مولعة بما عودتها / فدع الطبيب وعد إلى المعتاد
واترك معاتبة الصديق إذا جفا / ما العتب غير إثارة الأحقاد
أصبحت أذرع بعدهم أرض الفلا / وأواصل الاتهام بالانجاد
وإذا الفتى فقد العشير فما له / إلا اجتناب دكادك ووهاد
ما كان أفيأ ظلهم حتى انمحى / والدهر للثقلين بالمرصاد
دعني أثني الشدقمي فإنني / عند التطلب واحد الاحاد
دعني أسل من كل نجم حاجتي / ربما تمد يدي لنجم هاد
مالي وإيثار الإقامة والذي / أبغيه بين نواجذ الآساد
أصبحت ذا قلق تقاسمني السرى / كالسحب بين مهامه وبلاد
مهلا أطلت أسى المحب فأسعدي
مهلا أطلت أسى المحب فأسعدي / وتذكري مضض الكئيب فانجدي
أنسيت إذ عقدت بنان يد الهوى / خير العهود لنا بأشرف معهد
يا أم عمرو أين أربعنا التي / حشيت بمختلف النعيم الأرغد
يا أم عمرو إن داعية الصبا / همت وداعية الهوى لم تنجد
نشوات لهو أبعدت خطواتنا / كيف السبيل إلى لقاء المبعد
إن كنت ذاكرة بمنعرج اللوى / طيب العهود الماضيات فجددي
وخذي التجلد في القضاء فإنما / عرق بغير تجلد لم يفصد
نرجو الوصال ودون ذلك مركب / للمشرفية والقنا المتقصد
ولقد ضربت إليك أمواج الدجى / فشققت كل عباب بأس مزبد
أيام أعطيت البطالة حقها / والسيف من عنق الكمي الأصيد
أيام كانت كالجمال صقيلة / فكأنها خد الغلام الأمرد
أيام حلتها السوالف والطلى / بحلي عقد للنعيم منضد
ولقد أطل دمي على رغم الظبي / سيف من الأجفان غير مجرد
يا للرجال ألا دليل مرشد / يهدي الشجي إلى الوصال فيهتدي
لم أنس في الوجنات وجنة أبيض / شمس الضحى منها كخال أسود
هبت شمائله علينا سحرة / بالند من ريحان سالفه الندي
فتنفست منه عبيقة عارض / ترخي على العاني ستور مؤبد
والكأس في يد من يردي حسنه / جسد الدجى روح الضياء فيرتدي
ويقول للكاسات وهي بكلفه / أو لست ربك فاركعي لي واسجدي
ولنا بمنعطف الربيع ملاعب / تنسيك منعطف الشباب الأغيد
يسبيك منه مدرهم ومدنر / من كاس فيه بمشمس ومفرقد
وكأن منفتق العبير من الصبا / روح بغير الراح لم يتجسد
والطل فوق الأقحوان كأنه / ماء اللجين على سبيكة عسجد
والآس مخضر العذار كأنه / في خضرة الزهري قرط زبرجد
جرت الرياح عليه وهي بليلة / فتوقدت بمجامر الكلأ الندي
والريح ما بين الرياض كفارس / يختال بين معصفر ومورد
والودق منخرق المزاد كأنه / كرم الحميد أبي المؤيد أحمد
مولي الجميل تخال جوهر جوده / خالا بوجنتي الندى والسؤدد
هو مرقد الإعسار إلا أنه / يرعى العفاة بمقلة لم ترقد
سل عن عزائمه الوجود تجد فتى / لولاه موقدة الردى لم تخمد
كم فض عذراء الأمور بصارم / غير المنايا منه لم تتولد
أسد شديد البطش إلا أنه / في غير ذات اللَه لم يتأسد
فضح العلوم فكل علم واقف / ما بين مصدر رأيه والمورد
للَه علم قد أناخ ببابه / فأطل منه على النصيب الأسعد
علم تكاد الشمس تطلع دونه / شرفا ويخجل منه فرق الفرقد
وكأنما يم السيادة ساحل / من بحر سؤدده الذي لم ينفد
كم أوقدت سقر الخطوب فما خبت / الا بكوثر راحتيه المبرد
حلفت به القصاد لولا فيضه / ما أينعت شجرات وادي المقصد
وبريك تمثال الندى للمعتفي / طورا وتمثال الردى للمعتدي
متكفل للوافدين بنائل / يرعى نواعس من حظوظ الوفد
أكرم بصبح نداه من مبتلج / ينشق عنه دجى الزمان الأنكد
هو روح روحانية الكرم الذي / تشفي موارده غليل الورد
أين الغوادي من سماحة ماجد / أمست مكارمه تروح وتفتدي
قسما بذات الجود أن يمينه / كانت بمقلته مكان الأثمد
جمع الآله به مىثر خلقه / جمع الآله قوى الجوارح باليد
مغرى بحب الجود وهو غلامه / ناهيك من مولى أغر مؤيد
يا ابن الذين هم المكارم والعلى / يهدون للآمال من لم يهتد
كم عسعست ظلم الزمان على الورى / فقدحت بالزند الذي لم يصلد
راعيت عهد المجد غير مذمم / وأتيت بالكرم الذي لم يعهد
اللَه أكبر لا قبيلة سؤدد / إلا وقمت بها مقام السيد
مسحت قذى الدنيا يداك وإنما / كانت على الأيام مسحة أرمد
نالت بنو عبد السلام بك المدى / من كل سابقة وعز سرمد
ضربوا بسيفك هام كل ملمة / سيف عن المعروف ليس بمغمد
ورموا بسهمك عن قسي إصابة / غرض الكمال فكان أي مسدد
القائدين الخيل تعثر بالطلى / عثر الرياح بكل طود أقود
وإذا تفيأت الملوك وجدتهم / يتفيأون بذابل ومهند
كم عصبة أنسية ملكية / وجدت بها الأيام ما لم يوجد
يا من أبي إلا التخلد ذكره / والعالم العلوي غير مخلد
سقيا لهمتك التي أوردتها / من لجة العلياء ما لم يورد
هي همة أوقدت عزم جيادها / فتنعلت بالكوكب المتوقد
من كان فيض سواك غاية قصده / فاليوم فيض نداك غاية مقصدي
فتى جدت الأيام في نيل مثله
فتى جدت الأيام في نيل مثله / ولا بد في كل الأمور من الجد
فتى لاح في طي الزمان مجردا / كما جرد السيف الصقيل من الغمد
لئن شكت الحساد منه فربما / أضر شعاع الشمس بالأعين الرمد
فتى نسجت للناس آلاء يمنه / موشحة الأطراف توسم بالحمد
فتى عرف المعروف أصل وجوده / فلم ينصرف عنه لحر ولا عبد
وهل يلتوي عنه ووالده الذي / طوى الله في برديه جامعة المجد
سليمان ذو الطبع السليم الذي غدت / ملوك الورى من فيض جدواه تستجدي
وزير علا شأن الوزارة فضله / ومنته فضل السوار على الزند
أعد نظرا في محكمات أموره / تجدها سليمانية الحل والعقد
تراه غنيا عن سواه برأيه / وما حاجة البحر المحيط إلى الورد
مبيدا بإذن الله عادية العدى / مريشا بحمد اللَه أجنحة الرفد
فبشره بالبدر السماوي طالعا / بأحسن ما تعطى السعود من القصد
لقد توج الرحمان مفرق عبده / بتاج من التقوى يرصع بالرشد
أتى كاملا من كل وجه فأرخوا / بدا القمر ابن السعد في هالة المجد
ولما تلثمنا الدجى وسرى بنا
ولما تلثمنا الدجى وسرى بنا / بقية جريال من الليل مسود
طرقنا بيوت الحي حتى كأننا / نجوم قد انقضت على العلم الفرد
إذا الشيح ألقى في ثيابي لونه / فصبغته من صبغة الشيح والرند
هوادج تبدو فوق أسنمة المطا / حسانا كما يبدو السوار على الزند
سقى اللَه ليلات النقا ما الذها / مجلجلة ملتفة البرق بالرعد
جرى الدمع من أجفاننا يوم رامة / ولم يكفه حتى حشاهن بالسهد
فلا أبعد اللَه الديار وأهلها / ورد بغيظ عنهم رامي البعد
لك أن تروح على الصدود وتغتدي
لك أن تروح على الصدود وتغتدي / وعلي أن أصبو لناديك الندي
أهدي إليك على البعاد تحية ال / ولهان يعثو بالفؤاد المكمد
يا راحلا والصبر يتبع أثره / إن كنت أزمعت الرحيل فزود
ضيعت عمري في هواك فلا تضع / ذممي وها أثر الوداع فأنجد
ما حق مثلي أن تضاع عهوده / شقيت حظوظ في هواك فأسعد
هيهات أن نلقى كودك صادقا / والصدق ذو ورد قليل الورد
الوعد دين يا خليط فوفه / إن الوفاء دليل طيب المولد
لم تسمع الأيام بابن تجيبه / بعد الخليل ولا يفي بالموعد
مه يا هذيم ظننت أنك ناصحي / ولقد نظرت إلى ذكاء بأرمد
وعلى اختلاف الرأي كل قائل / ضل الورى وأنا المصيب المهتدي
وإذا الإمام تبينت آثاره / في كل مفسدة فمن ذا يقتدي
والناس منقسمون في أهوائهم / ما بين بالمحل حرامه
يا رب ما أنا بالمحل حرامه / فلم استحلوا أخذ قلبي من يدي
كيف التخلص من حبائل شادن / أنا فيه بين تحير وتردد
غنى بذكرهم السمير فعن لي / طرب طمحت به طموح معربد
وتكاد أينقهم تهش جنوبها / مما حملن من الحسان الخرد
أرسلتم طيف الخيال محرضا / فسرى ونبه لوعة لم ترقد
للَه ذاك الطيف أوقد فيهم / نارا ومر كأنه لم يوقد
لو كان في عدد الكرام وطرزهم / لأبي مجاذبة الأعنة من يد
ما أنصف الظمآن من أبدى له / عذب الورود وصددون المورد
ومطية الإمساك شر مطية / يحدى براكبها إلى الوادي الردي
وتفرقت أيدي سبا أحلامنا / لفراق متهمة وآخر منجد
يا وصل هل لك أن تحلل عقدة / لولا عقيلة وائل لم تعقد
واحسرة القلب الشجي تقلبت / يرجى أحبته كرات الفدفد
من أمكنته فرصة فأضاعها / واستعتب الأيام فهو المعتدي
أرياح توضح أو ضحي أخبارهم / وإذا انتهى ذاك الحديث فرددي
وأغن أثمد ناظري لقاؤه / لادر درك باسحيق الأثمد
لبس الخلاعة في هواه موله / خلع العذار بحب ذاك الأمرد
أخجلته بالعتب حتى خلته / في راحتي فكان أبعد مبعد
فكأنما في مقلتيه أدلة / تهدي إلى البرحاء من لا يهتدي
عانقته حتى الصباح فما خبا / برقي ولا هدأت شقاشق مرعدي
ورشفته فعجبت من قلقي به / عطشا ولم يك منه أعذب مورد
ووجدت في حد النوائب نبوة / فشحذت عيشي بالأغن الأغيد
وأبيض ليلي بالعراق فبشرت / آناؤه الواشي بوجه أسود
وافت إليك مع الصباح مغيرة / خيل الصبوح فمل وغن وعربد
ويصب عين الشمس من قارورة / قعر يدور بفرقد في فرقد
من ناشد عني جآذر تغلب / ما بالها تدمي الكماة ولا تد
نضت الحجاب فأسفرت عن كوكب / يفري الدجى بسنائه المتوقد
وجلت مباسمها لنا عن لؤلؤ / رطب المحبة بالشباب منضد
فرأيت سائمة الملاحة ترتعي / في يافعين مورس ومورد
ومذ انبرى شمل الفريق مفرقا / فرقت شمل مدامعي وتجلدي
وشغلت عن ذم الزمان بمدحة / لندى سليمان القران الأسعد
حدث على إن الصواب بجده / فضلت شبائبه شيوخ السؤدد
هو جمرة الملك الذي يرمي العدى / بشرارة الطعن التي لم تخمد
أفعاله سعد على علاتها / سعدت نجوم الافق أو لم تسعد
لا ينتضي إلا ذبابة مرهف / نزاعة لشوى الكمي الأربد
بطل وإن كانت تحاياه العسجد / يا فالقا حب القلوب بفيلق
يا فالقا حب القلوب بفيلق / هشم الكلى هشم الزجاج يجلمد
شرف الفوارس أن تدوس نعالها / بنعال خيلك يا شريف المحتد
يحملن كل حزور من حمير / لورام منكبه السها لم يبعد
يعد الكريم لعلة لكنه / موف ولو ورى بذاك الموعد
أمطر سيوفك فالقشاعم والطلى / من راحتيك بموعد وتوعد
ولك المكارم لا تحول حالها / وعلى النجوم شبيبة لم تفقد
ما كان عذرك إذ حجبت حبيبتي
ما كان عذرك إذ حجبت حبيبتي / عني وقد علق الهوى بفؤادي
إني بعثت على المكارم همتي / حتى تركت الجود نعل جوادي
علم متى استودعت علم سريرة / أمست وموعدها إلى ميعادي
أيام لا أرضى جليسي في العلى / قمر السماء ولا السماء النادي
واليوم شبه الطرس طرفي أبيض / حزنا وحظي أسود كمداد
كم رمت منهجها فعاقت دونها / للنائبات عوائق وعواد
هيهات أن ترد القطا من وردها / والنسر ممتنع على المصطاد
للَه أيامي التي سلفت بها / مضمومة الأيدي على الأكباد
يا أيها الداعي إلى رشد المنى / أنظر إليّ فقد فقدت رشادي
واسمع إلى الرؤيا التي عثرت بها / عيني وقد غرقت بفيض رقاد
حتى إذا ما الليل حان وفاته / والصبح أصبح داني الميلاد
والنجم مطروف الجفون كأنما / كحلته أميال الدجى برماد
ناديت من أمن المنادي شحه / ورقدت شيئاً بعد طول سهاد
فرأيت ليلي ذاك ليلي عاقدا / بند الظلام على طلى الآباد
وإذا بأبلج ذي جبين معوز / شمس الضحى منه إلى استمداد
قد أحدقت زمر الورى بجنابه / والناس منتشرون شبه جراد
فمشى إليّ على جواد أدهم / كالبدر منقله الظلام الهادي
ويقول لي أن كنت طالب وصلها / فجناب شيخك فيض ذاك الوادي
اذهب إليه فإنه باب المنهى / للآملين وكعبة الوفاد
واقرأه فاضلة السلام وقل له / إني رسول من أمام هاد
يرجوك أن تبدو الفتاة بزيها / حتى ترى شبه الشهاب البادي
ذكره بالزمن القديم قبيل ما / يروى بها ظمأ الفؤاد الصادي
هل كان طعم العشق حلواً ورده / أو كان مراً في فم الوراد
وليعرف الأخلاق في أخلاقه / قد تعرف الأنداد بالأنداد
واجعله مدرجة إلى نيل العلى / فالنار لا تورى بغير زناد
واجهد إليه فما بذلك ذلة / فالشيء لا يأتي بغير جهاد
وإذا الهوى غلب الفؤاد وراضه / حسن البكاء على فراق سعاد
أتراه يذكر يوم نادى داعيا / والشوق منه يجد بالايقاد
نأريته كالعقد سبعة أنجم / منظومة تبنى على الاسعاد
حتى تنبه واقتنى نيل المنى / ومشى بسهل العلم دون وهاد
وإذا أراك دقيق صنعتها كما / تهوى أراه الله كل رشاد
وإذا أبى فعلي قلب نجاحه / بخسارة وصلاحه بفساد
فأجبته يخشى إذاعة سرها / مني كان لم يدر حسن سدادي
ويخالني كالخائنين من الورى / أفشي كريم سرائر الأمجاد
فأجابني لما حباني بعضها / لم لم يخف وسقاك ذاك الغادي
أفعاد ذئبا جازعا من بعد ما / كانت لديه خلائق الآساد
كم رمت من يده المنى ويعيدني / لديارك العليا بحسن معاد
وأقول في أي المدائن مطلبي / فيقول لي هو ذاك في بغداد
يا أبن الأكارم لا غدير فأرتوي / وجنى الرياض ذوي على المرتاد
دعني أكل حزن المفاوز ناشدا / عنها مرادي أين حل بوادي
دعني أسل عن كل نجم مطلبي / فعسى تمد يدي لنجم هاد
دعني أكن ثاني الركاب فأنني / عند التطلب واحد الآحاد
مالي وإيثار الإقامة والذي / أرجوه بين نواجذ الآساد
دعني أجب سهل البلاد ووعرها / أي السيوف بقد في الأغماد
أشكو إليه من زمان جائر / جعل القيود قلائد الأجياد
ومني يريني الصبر عاقبة المنى / فلقد صبرت وما قضيت مرادي
قد طال سقمي في المرام فهل أرى / فرج الزمان له من العواد
ذهبت بصافية النعيم الأرغد
ذهبت بصافية النعيم الأرغد / كدراء تعثر بالجواد الأمجد
إني يقال عثارة عائرة الردى / من بعد ما هشمت جبين السؤدد
واحسرة الأيام كيف تمكنت / من هيكل الضرغام راعشة اليد
لا أبيض وجه الدهر إن صروفه / تسعى إلى الاحرار سعي الأسود
في مثل عبد الله واصلت العلى / لبس الحداد ونوح كل معدد
اليوم جفّت من ينابيع الندى / عين الحياة فواغليل الورد
اليوم أعولت العلوم كأنها / ثكلى مروعة بفقد الأوحد
ولى فواعية الهدى من بعده / صمت وواعية الندى لم تنجد
ما للنوائب لا استهل قطارها / ذبلت بها ريحانة النادي الندي
من مبلغ العلياء إن مليكها / في قبضة الأيام أي مصفد
ذهبت بكلتى المعارف جوهر / ما كان للمعروف غير مجرد
لا تطلب الأيام مثل وجوده / فمن الضلال طلاب ما لم يوجد
هيهات إن تجد المعالي مثله / ما كل سهم يلتقى بمسدد
أسد شديد البأس إلا أنه / في غير ذات الله لم يستأسد
ما أظمأ الآمال بعد سميدع / قد كان غوث اللَه للأمل الصدي
من مبلغ أقمار حمير إنما / برج المكارم بعده لم يسعد
وأرحمتاه لانفس قدسية / وضعت يدا ملكية للأعبد
ومن العجائب أن تمس يد الردي / من عالم الأنوار كل مؤيد
هيهات من يبغي الخلود لنفسه / والعالم النوري غير مخلد
للَه ماذا أغمدت أيدي الردي / من صارم للمكرمات مجرد
يا أيها القطب الذي حركاته / في كل قطب إذ تروح وتغتدي
إن كنت لا تختار إلا مارقا / فالقطر في سبخ الثرى لم يجمد
مالي أراك تصد عن غرر الورى / وتدير في الأوغاد عين تودد
ما ذاك من عبث ولكن في الهوى / ميلان غصن البانة المتأود
لولا ذراعك ما استطال لهابد / كالنار لولا الربح لم تتوقد
مالي وللأيام كيف ألومها / والبرد في النيران ما لم يعهد
كم قهقهت قبلي على لوامها / ومن البلية عذل من لا يهتدي
يا راحلا والدهر بعد رحيله / يبكي بكاء الوالد المتوجد
أو ما ترى المعروف جن جنونه / فمشى على الأيام مشي مقيد
يهنيك نور شمائل لو لم يكن / للنار إلا بعضها لم تخمد
كم من حديث مكارم أبقيته / يرويه بعدك مسند عن مسند
هي نعمة أخذت بدائرة الثرى / كالبحر إلا أنها لم تنفد
عمت مناقبك البلاد كأنها / سيارة الفلك التي لم تجحد
وأراك محسود البرية كلها / لا خير في الرجل الذي لم يحسد
من ينشد الدنيا قصائد نائل / من بعد جودك مالها من منشد
من لليتامى بعد أكرم والد / غير المكارم منه لم تتولد
تغشى حماك ولا تنال وروده / ما الهف الظامي دوين المورد
أين الطبيب المستغاث أما يرى / مرضى المكارم ما لها من عود
ذهبت به الأيام غير كريمة / إن النوائب للكرام بمرصد
أو ما ترى الدنيا غداة رحيله / مخضوبة بدم العلى والسؤدد
ذهب الزمان الأريحي فلا حمى / للمستجير ولا ندى للمجتدي
لم تذكر الأيام يومك في الوغى / إلا بكتك بذابل ومهند
ووراء ثارك كل راكب همة / حلت به بين السها والفرقد
من كل منصوص الأمامة في الورى / يهدي إلى الأجل النفوس فتهتدي
من آل حمير الذين تخالهم / خالا يوجنتي الندى والسؤدد
للَه سعدك قد أطال لك العلى / والسعي دون السعد ليس بمسعد
خلدت بك الخيرات إذ أوردتها / من كوثر الكرم الذي لم يورد
أيام كنت وكل قطب دائر / بالنير الأعلى الذي بك يقتدي
أيام أعطيت المعالي حقها / إذ كل عارية أهابك ترتدي
يا غائبين عن العلى ومحلهم / منها محل الماء من قلب الصدي
إن كان ظعنكم تبدد شمله / فاليوم شمل المجد غير مبدد
سلي عن يعملاتي كل واد
سلي عن يعملاتي كل واد / فقد باتت تشكاها البوادي
وأوردني السرى هلكات خيلي / فلم أبخل بشقر أو وارد
تعودت السياحة في الفيافي / فلم أعبأ بلج أو ثماد
ذريني والهوى بظباء قيس / فخدع الخل أثلم للفؤاد
وقد تأتي الخديعة من صديق / كما تأتي النصيحة من معاد
سليني شرح ديوان التصابي / فخافيه عليّ اليوم باد
قرأت صحائف الأشواق حرفا / فحرفا واهتديت إلى الرشاد
علمت بأن روضك غير روضي / فمالك تسألين عن ارتيادي
وللدنيا أحاديث طوال / غرائب شيبت لمم المداد
فكم صاد إلى الأحباب يوما / وكم يوم إلى الأحباب صاد
ليالي لم تزل بالبيض بيضا / وكانت كالسهول بلا وهاد
أرقت لذكركم طرفا وقلبا / ولحظ النجم يكحل بالرقاد
فزد يا سهد في قلقي إليهم / وزل عن جفن عيني يا رقادي
وهل يجدي سهاد العين شيئا / إذا كان الفؤاد بلا سهاد
أبعد مليح وجرة من مليح / وبعد مراد وجرة من مراد
شريت هواكم بالروح نقدا / وما علقت يدي بيد التمادي
أطالت فرقة الأحباب غيظي / فهل يوم أغيظ به الأعادي
ستذكرني إذا افتقدوا وفاتي / رجال من طباعهم التمادي
حسبت اللبث عجزا وانحطاطا / وما هو غير تمهيد المهاد
ولم أبرح وأن رغمت أنوف / عزيزا حيث كنت من البلاد
سلاني من أحب وواصلتني / أناس كان قطعهم مرادي
بليت بخلة كانت كأرض / أضاع سباخها عهد العهاد
وأصبح جامحا فرس الليالي / وكنت عهدته سلس القياد
وكل تنعم عقباه بؤس / وهل نار تكون بلا رماد
تلاعبني الليالي كل يوم / ملاعبة الفوارس في الطراد
خرقت صحائف الأيام علما / وصافحت الروائح والغوادي
وجربت الرفاق وجربتني / فلم أر غير زرع في جماد
معاداة الرجال بغير داع / بناء للأمور على فساد
وكانت قرة فغدت قذاة / وعقبى النار كلس من رماد
ورميك بالقطيعة غير رام / خلاف للمروءة والسداد
ومن زرع العداوة في البرايا / فليس سوى الندامة من حصاد
إذا ما كان ود المرء طبعا / فليس يفيد تطبيع الوداد
وليس بنافع طول اقتداح / إذا ما كان وري في الزناد
وحساد أضعت بهم هجائي / وحسب الليل أردية السواد
رأوا قمري بدا فاستكتموه / وماذا للمصر على العناد
إذا فسدت طباع الدهر سادت / على نجبائه أهل الفساد
وما أسفي على الأيام إلا / على إبل حداها غير حاد
أرى ترف الصبا كالشيب عندي / إذا كان الجميع إلى نفاد
فويل للشبيبة كيف ولت / ولم أنل السعادة من سعاد
وحظ كلما تاجرت فيه / رمى تلك التجارة في كساد
وخل كان معتمدي عليه / فمنذ جفا عتبت على اعتمادي
تصبر أو فمت جزعا ووجدا / حدا بعقيلة الحيين حاد
حبست ركابهم لوداع أحوى / ضلالي في محبته رشادي
إذا لم تبل حدا في حسام / فلا يغررك طول في النجاد
وقال القلب ودعني فلسنا / بملتقيين إلا في المعاد
قريب ما إليه سبيل وصل / وقرب ذوي القطيعة كالبعاد
ذريني فيهم وفساد حالي / صلاح البابلية في الفساد
كبا في حبكم يا سلم صبري / وقد يكبو النجيب من الجياد
طربت وحق لي طربي بقوم / جرى ملء العنان بهم جوادي
ترى أرما ديارهم المعالي / وأن هي لم تكن ذات العماد
تحوم لهم على العافي هبات / كما ازدحمت على الماء الصوادي
يؤمهم سليمان المعالي / ولا قش بن ساعدة الأيادي
فتى كم قاد للدنيا حرونا / أبى جبروته ذل القياد
وكم ساق العظام إلى صغار / كأنهم بقايا قوم عاد
يمينا باقتحامك والمنايا / تصبح بكل مقتحم بداد
أراه الحزم مصدر كل حال / وموقع كل داهية ناد
متى يجنى الغنى ممن سواه / وأين الورد من شجر القتاد
كأن عطاء كلتا راحتيه / عطاء النيرين بلا نفاد
ليمناه ويسراه يسار / ويمن في الملمات الشداد
ظلوم للذخائر ليس يبقى / على رمق الطريف ولا التلاد
وكف منك بالعقيان تندى / وذكر عنك يملأ كل واد
وطيب من حديث لهاك تلهو / به الركبان عن ماء وزاد
إذا خفقت لك الرايات يوما / تركت الدهر خفاق الفؤاد
يسارك معقل من كل عسر / وبأسك عوذة من كل عاد
فأنت أبو الزمان فمن يفادي / وأنت ابن القضاء فمن يعادي
دهمتهم بطعن من منايا / تسمى بالمثقفة الحداد
وزرتهم بأقدار مواض / يقال لها ظبى البيض الحداد
وطعن لا يذم الكر منه / إذا ذم الفرار من الجلاد
وزرع قنا على خلجان زغف / كأن قتيرها حدق الجراد
وإن تسلل بوارقه لحرب / فإن البرق من سمة الغوادي
هززت عوالي المران منه / فعادت عن مكائدها العوادي
متى عبس الكرام تجده طلفا / وسل يوم الطراد عن الجواد
وقدمه السماح على بنيه / فكان دليله في كل واد
وبلق من جياد الله باتت / تجهزها يد الملك الجواد
هواد للرجال إلى مناها / تسوم بالفتوح لها هواد
يسير بسيرها مولى تمنت / مواطىء خيله مقل الأعادي
وعد الدنو وضنّ بالميعاد
وعد الدنو وضنّ بالميعاد / مذق الحديث مماطل متماد
ليت الخيال وفي لنا هيهات ذا / أعدام أيقاد فأين رقادي
نفروا فلم تترك نفورة عينهم / للعين غير مدامع وسهاد
يا طلعة الأقمار لا تتبرجي / فضحت سعودك نظرة لسعاد
والبان يعجبك انثناء غصونه / لولا اهتزاز قوامها المياد
يا دار من عقرت عليه مودتي / عقرت بعهدك كوم كل عهاد
وتمشت النسمات فيك عليلة / مشى الأسير بأثقل الأصفاد
يا ليت شعري هل ألم بساعة / تخلو من الرقباء والحساد
وأبل من نظري إليك جوارحا / أبدا إليك بكلهن صوادي
واشم من ذاك العذار بنفسجا / الند لبس له من الأنداد
وأضم من ريحانه وشقيقه / نزه النفوس ومتعة الأجساد
وأرى بوجنته سطور ملاحة / بدم القلوب تخط لا بمداد
ولقد نشطت ليوم دجن أدكن / خاط الغمام له مسوح حداد
وعلى المغاني للفواني والغنا / زهو يريك مواسم الأعياد