القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : صالِح الكَوّاز الحِلّي الكل
المجموع : 94
وبيت شاد أهل البيت منه
وبيت شاد أهل البيت منه / بناء في ذرى العليا رفيعا
بليلة نصف شعبان رأينا / عديد النيرات به شموعا
ومن للنيرات بحيث تلقى / لها ما بين مركزها طلوعا
وينهل داخليه بعين ماء / يوعود حشى اللهيف به مريعا
وهبك شققت نهراً من عين / عليه الناس واردةً جموعا
نشدتك هل لديك جبال حزوى / استحالت سكراً فيه جميعا
إذا ما قال ذا سر أناسٍ / رآه أحمد شرفاً وسيعا
يرى الدنيا وما فيها جميعا / عطية من غدا فيها قنوعا
يضيع المال في حفظ المعالي / وما حفظ المعالي لن يضيعا
فوا لبيت الذي شرفا وعزاً / به الأملاك قد هبطت خشوعا
بناه الكاظم الحبر الذي قد / حوى أسرار والده جميعا
أخو علم لو أن الخضر أضحى / لديه صاحباً لن يستطيعا
هو الداعي إليه باحتجاج / فلم يدرك لدعوته سميعا
فلم أر مثل ذاك اليوم يماً / ولم أر مثله حقاً أضيعا
وتابع أثره شبلاً عرين / بعرعرة العلا أضحى منيعا
فمن حسن وأحمد كل فعلٍ / لنا نور النبي بدا لموعا
هداة ينتمون إلى هداةٍ / زكت أعراقهم وزكوا فروعا
أتكثر في الأبصار هذي الثواقب
أتكثر في الأبصار هذي الثواقب / وتعظم للوراد هذي المشارب
ببيت ابن من قام الوجود بسرهم / فمن جودهم أنهاره والكواكب
ولو هبطت وهو الصعود لبيتهم / ذكاء وما منها الأشعة كاسب
وسالت من الأنهار ما قد أعده / آله الورى للمتقين الأطائب
لما كان ذا إلا القليل بحقهم / وما كان إلا بعض ما هو واجب
بكاظمهم غيظاً سما حسن العلا / وأحمدهم فعلاً تنال الرغائب
كأن الذي يعطيه باقٍ بكفه / وأن الذي يبقى وإن قل ذاهب
فتى لا يبالي إن تفرق ماله / وقد جمعت فيه لديه المناقب
ومن عجب أنى يلام على الندى / فتى قد نمته الأكرمون الأطائب
إذا كانت الأبناء فيها شمائل / لآبائها فالأمهات نجائب
ولما رأى الأعراب تعلي بيوتها / وتطلب فخراً وهو نعم المطالب
بنى بيت شعرٍ فيه يجتمع النهى / وتفخر أملاك السما لا الأعارب
إذا قلته جون السحاب يقول لي / صه أين مني في المنال السحائب
إذا انعقدت أبدت على الناس غيهباً / وأني الذي تنجاب عن الغياهب
كأن عمادي سوق دوحٍ ثماره / وأوراقه شهب السماء الثواقب
فهن رجوم للعدا وهدايةٌ / لطلاب نهج الحق والحق لاحب
وإن أنس لا أنس الهمام أخا النهى / فتى كنهه عن طائر الفكر عازب
له أسوةٌ في كل داعٍ إلى الهدى / وإن قيل في الدعوى وحاشاه كاذب
عليه سلام اللَه ما ذكر اسمه / ووافاه في أسماء آباه خاطب
وما أشرقت شمس النهار بمشرقٍ / وما حازها عند المساء المغارب
أضاءت ولا مثل النجوم الثواقب
أضاءت ولا مثل النجوم الثواقب / مصابيح بيت من بيوتات غالب
مصابيح كانت للمحب هدايةً / ولكن رجوماً للعدو المجانب
ترى ضوءها أهل السماء كما ترى / لدى الأفق أهل الأرض نور الكواكب
ولو أنها في الأفق كانت لما غشى / جوانبه في الدهر لون الغياهب
ولم يفتقر أفق السماء لكوكب / سواها وقد أغنته عن كل ثاقب
ولاحت ولا كالشمس تحت غمامةٍ / بدا حاجبٌ منها وضنت بحاجب
ولكنها لاحت كنار قراهم / تحيي البرايا من جميع الجوانب
يؤججها وهاجةً في سما العلا / فتى قد نمته الصيد من آلا غالب
أخو الهمة العلياء أحمود من غدا / لأحمد ينمى أصله في المناسب
ويترع عذباً خاله الناس كوثراً / به فاز من قبل الظما كل شارب
لدى ليلةٍ لو مثلها كل ليلةٍ / أمن الليالي موبقات النوائب
سمت وتعالت رفقة بمسرةٍ / لمولى سما بالملك أعلى المراتب
يؤدي لها ما كان فرضاً ومثله / فتى ليس يلهو قط عن كل واجب
يعظم في الدنيا شعائر دولةٍ / معظمةٍ في شرقها والمغارب
يواسي مليكاً بالمسرة طلما / يواسي رعاياه بجم الرغائب
تقاسمه الناس المسرات مثلما / تقاسمه أمواله في المواهب
مليك له دان الملوك فأصبحت / وهم بين راجي النيل منه وراغب
أقول وقد أهديتها بدويةٌ / تتيه على من في بيوت الأعارب
أبت كفؤها إلا ذوابة هاشم / وفاقت علواً من جميع الذوائب
أحلماً ودين اللَه أوشك يتلف
أحلماً ودين اللَه أوشك يتلف / وصبراً وداعي الشرك يدعو ويهتف
وحتى متى سيف الإله معللٌ / بضرب طلا أعدائه ومسوف
هو السيف ما لم يألف الغمد نصله / وما السيف سيف وهو للغمد يألف
أما آن أن تحيي الهدى بعد موته / بيوم يميت الشمس نقعاً ويكسف
وشعواء فيها الدهر يرجف خيفةً / وينسد منها الأفق والأرض ترجف
ويعقد فيها النقع غيماً مظللاً / وترعد فيها الأسد والبيض تنطف
كتائب ينطحن الخميس كباشها / ولا روق إلا ذابل ومثقف
إذا نزلت أرض العدو طمت بها / بحار دمٍ فعم على النجم تشرف
تزاحم برج الحوت حتى يعومها / وتدنو من الكف الخضيب فتغرف
وإن فغرت للحرب فاغرة الردى / رموها بما فيه تغص وتقذف
فلا عيب فيهم غير مطلٍ عدوهم / إذا استقرضوا منه الدما وتسلفوا
وأوفى عباد اللَه إلا بحالةٍ / إذا وعدوا البيض الغمود فلم يفوا
يميلون شوقاً للوغى فكأنما / كؤوس الردى صرف المدامة قرقف
إذا ما احتفت يوم الهياج جيادهم / نعلن من الهامات ما البيض تنقف
أبا القاسم المهدي لا عز أو ترى / لك الكتب تتلى والكتائب تزحف
فقم طالباً حق الخلافة معلماً / فهاهي في أيدي العدو تلقف
أتصدر وراداً لكم عن كيها / محلأة والقوم منهن تنزف
وتوحش هاتيك المنابر منكم / وتنزو عليهن القرود وتشرف
أما هاشم قدماً أذلوا صعابها / فما بالها تيمٌ رقوها وأردفوا
وهذا لواء المسلمين برغمهم / على رأس أشقى العالمين يرفرف
إذا أومض البرق الحجازي في الدجى / كعرنين قن من بني الزنج يرعف
شخصنا إليه مثلما شخصت إلى / الحمائم أفراخ لها تتشوف
رجاءاً إلى السيف الذي في وميضه / عن الخلق طراً ظلمة الجور تكشف
حسام إذا ما واكل الموت في الوغى / مضى بفم أضحى على الموت يجحف
وإن ورد الأعناق يوماً حكينه / من الهيم بعد الخمس عطشى تلهف
على سابق لو رامت الريح سبقه / لعادت إليه ضالعاً تتقحف
دعوتك والأبصار شاخصةٌ إلى / وميض حسام للنواظر يخطف
دعوتك للتوحيد قد غال أهله / أناسٌ على الأوثان تحنو وتعكف
دعوتك للدين الحنيف فقد غدا / ضئيلاً عليه الشرك يقوى فيضعف
دعوتك للقرآن راح ممثلاً / بأيدي أناسٍ غيروه وحرفوا
دعوتك للشرع الشريف مغيراً / بما قعدوا أهل الضلال ووظفوا
دعوتك للمظلوم ضاع حقوقه / وليس له من عصبة الجور منصف
إليك ولي اللَه بث شكايةً / تهدلها الأطواد والأرض تخسف
أترضى وأنت المستجار بأننا / بأيدي العدا من أرضنا نتخطف
وما ألفت أكبادنا حب غيركم / فكيف إلى أعدائكم نتألف
وأنى وأهل الدين تصحب عصبةٌ / سوى الجبت ديناً في الورى ليس تعرف
وكيف نغادي أو نراوح معشراً / يميل بنا عنهم ولا كم ويصرف
إذا أنت بالأغضاء عاملت كاشحاً / فمن ذا على أشياعكم يتعطف
ومن يكشف الغماء عن متلهفٍ / أضر بأحشاه إليك التلهف
ومن ذا إذا ما صرح الدهر خطبه / بمنعته يحمي الطريد المخوف
وأيسر ما يشجيك أن مجاوري / ضريح أبيك السبط عن قبره نفوا
يعدوان قيد الرمح عنه مسافةً / فكيف بهم والبعد وعروٌ ونفنف
ومن لم تطلق حمل الرداء متونه / فكيف بحمل الراسيات يكلف
فما آدم في يوم راحٍ مفارقٌ / لجنان بدمع يستهل ويذرف
بأغزر دمعاً منهم يوم فارقوا / ذرى حرم بابن النبي يشرف
فآهً لأرض الطف في كل برهةٍ / يجدد فيها حادثٌ لا يكيف
وأن نساء المؤمنين ذواعرٌ / تراع كل ريع الحمام المغدف
يلاحظها رجسٌ ويقرف عرضها / غبي بأصناف اللعائن يقرف
أيامي ولم يثكلن بعلا وحولها / يتامى وأبى لهم ليس تحتف
وأعظم مفقود من الناس آخذ / عن الأهل نأياً حاله ليس يعرف
لئن ضرب الأمثال في فقد يوسف / وما نال من يعقوب فيه التأسف
فها نحن في جيل به كل والد / من الناس يعقوب ينائيه يوسف
فهذا ولم تهتك حجاب تصبرٍ / عليك بإمها العدو يسجف
ولم تنتض السيف الذي حده على / رقاب العدا من شفرة الموت أرهف
أيملك أمر العرب من لا أباً له / ولم ينمه منهم نزار وخندف
لئيم فما للصفح عند اقتداره / محلٌّ وما للحلم أن هاج موقف
أحب الورى من ليس يحنو عليه / لديه وإعداهم له المتلطف
ومن لقطته العاهرات من الخنا / فكيف بأبناء العفائف يلطف
وما لبني الآمال إلا ابن حرة / يغار عليهم أن يضاموا ويأنف
وأنا لندري أن يومك كائن / وإن حال فيه عن سواه التخلف
ولكننا لا نستطيع تصبراً / لطول أناةٍ منك للقلب تحتف
وأين الجبال الراسيات رزانةً / من الذر فوق الأرض والريح تعصف
أقول لنفسي عندما ضاق رحبها / وكادت على سبل المهالك تشرف
وكادت ممضات الزمان تميل بي / إلى هلع يلقى له الحلم أحنف
رويداً كأني بالأماني صدقنني / بإنجاز وعد للهدى ليس يخلف
إليك ابن طه بنت فكر زففتها / تتيه على أترابها وتغطرف
تجر ذيولاً من برود شكايةٍ / تطرز في حسن الرجا وتفوف
عتبت عليه لو يرق لعاتبٍ
عتبت عليه لو يرق لعاتبٍ / وناشدته لو كان يوماً مجاوبي
وأطنب في الشكوى إليه لو أنه / سميع لشكوى وأجد القلب لأهب
أفي كل يومٍ للمنية غارةٌ / تعود بها الأرواح طعمة ناهب
هو الموت من حيث التفت وجدته / على كل حي كان ضربة لازب
فلا رد عن اسكندر ما افتدى به / ولا سد عنه السد ثغر النوائب
ولا مالت الأموال عنه بحتفه / ولم يمح مكتوب قضى بالكتائب
ولا مثل يوم المرتضى يوم نكبةٍ / أبانت بأن اللَه أغلب غالب
وراءك من ناع كأنك للورى / من النفخة الأولى أتيت بعاطب
أوانك إدراك الأنام سلبته / فلم يفرقوا ما بين أنف وحاجب
يخبر أن الدين قد أزمع النوى / وكان من الترحال من فوق غاربي
لك اللَه من ندب إلى اللَه ضاعن / وللدين والدنيا صراخ النوادب
إذا صرخت أقصى المشارق ثاكلٌ / تجاوبها ثكلى بأقصى المغارب
متى تلد الدنيا نظير مالكاً / لها تاركاً في وصلها غير راغب
ترى بيضها بيض السيوف وصفرها / إذا قاربت كفيك صفر العقارب
أتتك بأبهى ما بها من بشاشةٍ / فلاقيتها في وجه أعبس قاطب
فما تركت من حيلةٍ عملت بها / وجاءتك ترجو الصيد كل جانب
فأرجعتها عطلى تجر شراكها / رجوع امرئٍ عن مؤمل الصيد خائب
ألحت فلم تنعم عليك خطابها / وكم نفخت نشزاً على كل خاطب
كأنك والدنيا المسيح وغادةً / فكنت حصوراً مثله لم تقارب
ألا م يعزي آل بيت محمدٍ / بمؤتمنٍ ما خان نيلة شارب
وكافل أيتام لهم وأرامل / وهادي محبيهم سواء المذاهب
وكوكب محراب ومنطيق منير / وفيصل أحكام وغيث مواهب
ومستجمع الأضداد من بشر عالم / وهيبة سلطانٍ وحالة راهب
فلا تشمت الحساد في فقد ذاهب / فللَه فينا حجة غير ذاهب
أبو صالح المهدي واحد عصرنا / فأكرم به من واحد العصر صاحب
يهتك أتسار الغيوب بفكرةٍ / إذا هي زجت أحضرت كل غائب
ينبؤنا بالمشكلات صريحةً / فيشكل فينا أمره بالعجائب
يحدث أصحاباً ويقضي خصومةً / ويرقم مجهول العلوم الغرائب
فلم تلهه أقلامه عن مخاطب / ولا ينتهي عنها بقول المخاطب
ولو أنه قد كان في عصر جده / لأصبح منهم بين غالٍ وناصب
أخو همةٍ لم يحدث الدهر فتنةً / على الناس إلا غالها بالمعاطب
فيصلح من جهالها كل فاسد / ويخمد من نيرانها كل ثاقب
فتى ساس أهل الدهر في طب حكمه / فجربهم ثم اغتنى بالتجارب
يمرن أبناه على المجد صبيةً / كما مرن البازي كف الملاعب
وما ذاك من خوف الخمول وإنما / لتنتدب الفرسان فوق السلاهب
جرى وجروا في إثره نحو غايةٍ / فما اختلفوا إلا برور المناكب
وكل على كل تقدم في العلى / على قدر فضل السن غير مغالب
تقدم مقدار الجلالة جعفر / فحل من المهدي أعلى المراتب
ترقى براق العلم بل رفرف التقى / إلى قاب قوس مدرك العقل عازب
وكل إذا أبصرته شمت كوكباً / وضيئ المحيا في محل الكواكب
أخو فطنةٍ فيها استطال نباهةً / على كل كثلٍ للكرام وشائب
فلو أنه يملي على كل كاتب / قديم القضايا أعجزت كل كاتب
يكاد بأن يروي بعظهم أطلاعه / إلى ابن أبي الدنيا قديم العجائب
ولو رام كعب أن يجاري حديثه / كساه من الخجلان حلة كاعب
أضاءت بهم فيحاء بابلٍ مثلما / أضاءت قديماً في السنين الذواهب
فليست تبالي بعد أن ظفرت بهم / أغاب الذي قد غاب أم غير غائب
أعدتم لنا العصر القديم ومن به / من العلماء الفاضلين الأطائب
أتابوت طالوتَ ذا سائراً
أتابوت طالوتَ ذا سائراً / أم النعش فيه الهوادي تسير
وهذي السكينة في ضمنه / أم المرتضى عاد ضمن السرير
وأن سليمان فوق البساط / يحف به الجند جماً غفير
وذي نفحة الصور قد فاجأت / فجاء الورى يومها القمطرير
أم المرتضى جاء فيه النعي / بصوتٍ يهدُّ الرواسي جهير
وقد عطر الكون منه الحنوط / أم الحور ذرت عليه العبير
وذلك لحد له شق أم / خزانةٌ علم العليم الخبير
لئن عقرب العرب / عشية من ناقة أو بعير
فقد عقر المجد من فوقه / فطبق وسع الفضا بالهدير
وإن هي كبت جفان الكرام / وأمسين نيرانهم لا تنير
فقد أخمد النار من بعده / وكب الأواني أناس كثير
فيا راضياً دهره باليسير / ولا شيء فيه عليه عسير
أراك سليمان في ملكه / وسلمان إذ لا تعاف الحصير
فلم أر مثلك كسرى زمان / يقضي الزمان بقلب كسير
لألزمت نفسك عصر الشباب / قيام وصوم الهجير
فرحت على ذاك لا قاعداً / بك الضعف عنها لسن كبير
أبكيك للعلماء الألى / تركتهم بالعظيم الخطير
لأنهم نظم عقد الجمان / أصيب بواسطه المستنير
وهذي الشريعة مما بها / جواب مسائلها لا تحير
عزاء محمد يا ابن الألى / إليهم أمور الرايا تصير
فلا غرو إذ كنت ممن أصيب / بأمر أصاب أباك الأمير
فما يوم عمار من يومه / بأدهى وإن كان يوماً شهير
فا كوكباً في سماء العلا / وينقلب الطرف عنه حسير
جريت فأدركت أقصى المدى / وغيرك في خطة يستدير
إذا ما ارتديت ثياب الفخار / فإرثك لست لها مستعير
وما كان فيك من المكرمات / فشنشنة من نذير بشير
نضارة ذا العود من أصله / وما كل عودٍ تراه نضير
فخفض عليك ونهنه جواك / فبدر الهداية فينا منير
إذا الناس قالوا إلى أيهم / إلى ابن أبيك أشار المشير
إلى سيد القوم مولاهم / ومن هو للدين نعم النصير
همام إذا الدست فيه استقل / تقول على الدست حلماً ثبير
أبا جعفرٍ أنت نعم الدليل / لمن حار يوماً ونعم المجير
فما اعترض الشك قدماً به / ولا اليوم مقترن في نظير
وغيرك ما هو في غيرها / إذا عد منها ولا في النفير
وإن صرفت عنك بعض العيون / ولا تدرك الشمس عين الضرير
وأبناؤك الغر كل نرى / به شبراً ونلاقي شبير
هاتف بالنعي سد الفضاءا
هاتف بالنعي سد الفضاءا / وأحال الصبح المنير مساءا
وأضل الوفود ساعة أهدى / بنعي المهدي ذعراً عناءا
وفقيد خص الكرام فأضحى / الناس طراً برزئةٍ شركاءا
أسف الماجدون حزناً عليه / فهم كاظمون فيه العناءا
فكأن كل واحدٍ منهم يع / قوب قد جاءه بنوه عشاءا
كيف بالصبر في رزية ندب / طبق الري والعراق بكاءا
فكأن العراق والري قاما / مأتماً واحداً وناحا سواءا
جاء يقتاده اشتياق مزار / لقبور بها الوجود أضاءا
فمضى وهو زائر في جنان / الخلد منها نفوسها الأزكياءا
وكأنه اختار المنية كيلا / عنهم بعد قربه يتنائى
وهم حين عاينوا مننه قلباً / صادقاً في ودادهم وولاءا
قربوا جسمه إليهم وأدنوا / في الرفيع الأعلى له حوباءا
فغدا وهو فائزٌ في نعيم / ليس يخشى عليه ثم شقاءا
لست أدري أنهنه الوجد فيه / أم بعظم الفراق أزداد داءا
أم ألوم الزمان فيما تجري / وإل المحسنين فيه أساءا
لا أذم الزمان وهو محلىً / بأبي المصطفى علاً وبهاءا
الذي غنت الحداة عليه / حيث حلوا من الفجاج ثناءا
والذي سار ذكره حيث سارت / نيرات السما وأهدت سناءا
والذي يفرج الشدائد حتى / ليس تلقى الزمان إلا رخاءا
فاق فيه العراق فخراً إلى أن / كاد يغدو على السماء سماءا
من يقس نيله بنيلٍ سواه / فلقد قاس بالسراب الماءا
سبق السابقين بالمجد حتى / ترك الأقدمين سبقاً وراءا
ما ابن يحيى ما حاتم ما اب / ن عباد وإن في الأنام فاقوا علاءا
ذاك عصر يدعو بينه إلى ال / جود فلا غرو أن دوا أسخياءا
ربما قلت الوفود على من / قد رأى في العلا له أكفاء
أي الفخر للسخي بعصر / كل أهليه أصبحوا بخلاءا
وهو من بينهم كشمس نهارٍ / لا ترى الخلق من سواها ضياءا
لا تزال الدنيا لديه ذلولاً / آخذاً في زمامها حيث شاءا
مده اللَه بالعطاء كما في / حبه لم يزل يمد العطاءا
وحباه من فضله بالأماني / وكفاه الأهوال والأرزاءا
لم أفه بالعزاء علماً بأني / فيه أهدي إلى البحار الماءا
من يقل للجبال كوني جبالاً / فلقد فاه بالمقال هذاءا
لم يزده العزاء إلا كما قد / زاد ضوء المصباح نوراً ذكاءا
لا أرى صبره سوى سد ذي ال / قرنين قد عاق عن حشاه العناءا
بدر مجدٍ تحوطه من ذويه / شهب عنه ترجم اللئماءا
طهروا عنصراً وطابوا فروعاً / وأمدوا على الورى أفياءا
في بيوت مثل الربيع لدى من / نزلوا ساحها مصيفاً شتاءا
قد أقروا بساحهن شقيقي / مذا غدا لا يرى الفضاء فضاءا
ورأى اليسر نائياً منه حتى / حل في ربعهم رآه أزاءا
وتردى به وأقبل يسعى / في سرور يجر ذاك الرداءا
سكنوا روعة له وأعادوا / فقره بالسماح منهم غناءا
جمعوا شملنا به بعد صدع / جمع اللَه شملهم والعلاءا
كدت أفنى شوقاً إليه إلى أن / قيل بشراً قد حل ذاك الفناءا
وأعادوا لي الحياة أمات اللَ / ه من أصبحوا لهم أعداءا
ألا طرق الأسماع ما قد أصمها
ألا طرق الأسماع ما قد أصمها / وكلم أحشاء تكابد كلمها
مصاب به خص الكرام من الورى / ولم يعد باقي العالمين فعمها
حمدت الليالي برهة قبل وقعه / وقد حق لي من بعده أن أذمها
ليالي لم تبرح تجد بحربنا / وإن لعبت يوماً فعاينت سلمها
ليالي لا ينفك في النسا جورها / فسل أن تسل عنها جديساً وطسمها
مضت بعظيم القدر وابن عظيمه / وما استعظمت بين البرية جرمها
مضت بالفتى المهدي من شاد للعلا / دعائم لا يسطيع ذا الدهر هدمها
مضت بالذي يمضي على الدهر حكمه / وقد أنفذت فيه المنية حكمها
دنت من مليك دونه حاجب النهى / يذود فأنى أقصدت فيه سهمها
مضى مطعم الغرثى بداجيةٍ الشتا / فكيف أذاقته المنية طعمها
مضى من ينسي الضيف أهليه بالقرى / وينسي اليتامى ساعة الشكل يتمها
مضى من أباد البخل في سيف جوده / وللجود أسياف أبي المجد ثلمها
مضى واصل الأرحام بعد انقطاعها / إذا قطعت أهل المروة رحمها
إلى تربةٍ عادت عبيراً فأصبحت / تحاول أملاك السماوات لثمها
إلى خير قبر ما رأى الناس مثله / ثرى جمعت فيه المعالي فضمها
له الحلما شقوا الجيوب وزايلت / عشيةً عنهم شخصه زال حلمها
إذا احتشمت لطم الخدود أكفها / فقد جعلت حزناً على الهام لطمها
فلم أدر حتى وارت الأرض شخصه / جبال النهى يخفي الصعيد أشمها
فلم أدر حتى وارت الأرض شخصه / بدور الهدى يخفى الصعيد أتمها
فلم أدر حتى وارت الأرض شخصه / بحور الندى يخفي الصعيد خضمها
لئن أسفت فيه النفوس فأنسها / بوالده أضحت تنفس غمها
فتى باذلاً في اللَه للناس ماله / فلا حمدها يرجو ولم يخش ذمها
فتى سورة الإخلاص ملء فؤاده / وفي سورة الأنعام للناس عمها
إذا جمحت خيل السنين بأهلها / لوى بالندى رغماً على الدهر لجمها
علا لو تراءت من خصيب وحاتم / ومعن لباتوا يحسدونك عظمها
علا مالها إلا محمد صالح / فمن رام أدناها فقد رام ظلمها
به وأخيه وابنه وشبولهم / سماهم المعالي أزهر اللَه نجمها
فكانوا نجوماً في سماء سماحةٍ / أنالت شياطين الأشحاء رجمها
خلائقها تدني إليها وفودها / وهيبتها عنها تباعد خصمها
كأن لأفراخ الأنام بيوتها / وكون ترى فيها أباها وأمها
فصبراً جبال الحلم صبراً وإن يكن / مصابكم دك الجبال وأكمها
فإن سقمت في رزئكم مهجة الهدى / ففيكم أزال اللَه في الدهر سقمها
ولا نقص عندي في السماء وبدرها / مضيء إذا ما الشهب زايل نجمها
سقى غيث عفو اللَه قبراً بلحده / عظام فلم يعلم سوى اللَه عظمها
كفى الدهر ذلاً حين غالت غوائله
كفى الدهر ذلاً حين غالت غوائله / خباً ما رأت شهب السماء عقائله
وقاح فما أدري أهل كان عالماً / بأعظم ما قد جاء أم هو جاهله
تخطى إلى خدر ولو كان عاقلاً / رأى من ندى أهليه ما هو عاقله
وأسلم منه للمنايا كريمةً / ببيت كرام ما رأى الضيم نازله
دفينة خدرٍ لم يزد في حجابها / ثرى القبر مذ هيلت عليها جنادله
محجبةً لم يطرق السمع صوتها / ولا شخصها يومها تراءت شمائله
ولا أنقص التأنيث في الدهر فضلها / وعنها يعزى واحد الدهر فاضله
يعزى أبو المهدي عنها ومن غدت / أواخره ممدوحةً وأوائله
فتى أوقف الحوبا على النسك والتقى / إلى أن غدت فرضاً عليه نوافله
فتى شاغل في مدحه كل مذود / ومذوده حمد المهيمن شاغله
إذا مر يوماً الأصم يخاله / يحييه أو عن بعض شيءٍ يسائله
إذا ضمه المحراب أبصرت كوكباً / أضاء الدجى والليل قد حال حائله
فتشفق أن عاينته متهجداً / لكثرة ما يرعدن خوفاً مفاصله
إذا ما احتبى وجه النهار بدسته / وغصت بأرباب الفخار محافله
سمعت بليغ القول من نطق فيصلٍ / إذا قال أمضى كل ما هو قائله
ألا لا تقس فيه سواه مخاطباً / ولا تعدلن فيه إذا فاض نائله
فما يستوي في النطق قس وباقل / ولا يستوي طل السحاب ووابله
فلو شاهد الطائي بعض هباته / لأبهره ثم انثنى وهو عاذله
هو النير الموفي الذي كل نير / له هالة والبحر والبحر ساحله
ألم تره لما اقتفاه شقيقه / حباه من العلياء ما لا تحاوله
كريم له طبع النسيم إذا سرى / شمالاً وطيب العنبر الغض شامله
متى تلقه تلق امرءاً متبسماً / طليق المحيا مؤمنات غوائله
تواضع حتى كاد يخفى تواضعاً / على أنه فوق السماك منازله
ونال الرضا من فخره غاية الرضا / فأسخط من أعداه من لا يشاكله
فتى زانه رأي الكهول وربما / تثفن من قوت المساكين كاهله
خلائقه لو للكواكب أزهرت / نهاراً ولم يأفل من الأفق آفله
سجايا تلافاها الجواد فأصبحت / لكل جوادٍ حسرةً لا تزايله
إذا ما تمناها الكرام ترفعت / وما كل من قد حاول الشيء واصله
ومنه اكتسى ثوب الفخار محمدٌ / فقصر من قد كان جهلاً يطاوله
إذا قسته في أهله فهو جعفرٌ / وإلا فبحر والكرام جداوله
أولئك آحاد الزمان كرامه / أماجده أنجابه وأفاضله
علمت سجاياهم فصغت مديحهم / وما كل من قد يعلم الشيء فاعله
وماذا انتفاع المرء يوماً بعلمه / إذا لم يكن دون الورى هو عامله
إذا السيف لم تضرب به يوم معركٍ / فسيان ملقى كان أو أنت حامله
إليك أبا المهدي تهدي عقيلةً / تدين لها من كل فكرٍ عقائله
معزية الندب الغني بحلمه / وعلام أضعاف الذي أنا قائله
وماذا يزيد البحر ماء سحائبٍ / وإن هطلت عمر الزمان هواطله
وهل في ضياء الشمس فقر لمن غدت / توقد آناء النهار مشاعله
ولكن هذا الفرض أوجبه الوفا / فإني مؤديه وأنك قابله
تعاليت قدراً أن تكون لك الفدى
تعاليت قدراً أن تكون لك الفدى / نفوس الورى طراً مسوداً وسيدا
وكيف تفدي في الزمان ولم يكن / لديك به الذبح العظيم فتفتدى
بذاك استحلت حرمة المجد جهرةً / وإن الردى يجري عليك لتفقدوا
وكيف تخطى في حماك ألم يكن / لهيبتك العظمى أسيراً مقيدا
مصاب تعدى حد كل عظيمةٍ / وأغرق نزعاً في النضال بل اعتدى
بان أبا داوود عاجله الردى / وكان الذي ينتاشنا من يد الردى
لأن أضحت الهلاك منه بأجرد / فيا طالما كان الرواق الممدا
وكان أمان العالمين فحق أن / يحل بها الأرجاف في الدهر سرمدا
أغر إذا لاقيته أجلت العلا / لعينيك بشراً من محياه فرقدا
حذا حذو آباه الألى أسسوا العلا / فوطد من فوق الأساس وشيدا
إلى أن غدا فينا لأحمد معجزاً / ألا كل قولٍ منه معجز أحمدا
إذا لبس الدنيا الرجال فإنه / لعمري منها د ما قد تجردا
فواللَه ما ضلت عليه طريقها / ولو شاء من أي النواحي لها اهتدى
فما مالت الأيام فيه بشهوةٍ / وما ملكت منه الدنية مقودا
وإن حاولته راغ عنها محقاً / كما راغ وحشي تشوف أريدا
إذا ما توسمت الرجال رأيته / أقلهم مالاً وأكثرهم ندى
فقل لقريشٍ تخلق الصبر دهشةً / وتلبس ثوباً للمصيبة أسودا
وتصفق جذ الراحتين بمثلها / وتغضى على الأقذاء طرفا تسهدا
فقد عمها الرزء الذي جدد الأسى / عليها بما خص النبي محمدا
بطود علاء قد تفيأ ظله / من الناس من قد كان أدنى وأبعدا
وشمس نار يستضيء بنورها / جميع الورى من غار منهم وأنجدا
فللَه ذاك الطود من ذا أزاله / وللَه ذاك النور من كان أخمدا
فيا مغمضاً عينيه عند وفاته / ويا ناشراً من فوقه فاضل الردا
لغطيت وجهاً فيه يستنزل الحيا / وغمضت جفناً لا يزال مسهدا
وسكنت أمواج البحار عشيةً / عدوت على تلك اليدين ممدا
أقول لمشتق الضريح لجسمه / شققت قلوباً للهداة وأكبدا
أتدري على من تشرج اللبن جهرةً / على مقلة الإيمان بل مهجة الهدى
أحيدر يا ابن الشاكرين من الثنا / يسيراً ومعطين الكثير من الندى
لانت الذي في العز من آل هاشم / كهاشم فخراً من قريشٍ وسؤددا
رأيتك أعلى أن تعزى ومن ترى / يناشد بدر التم أن يتوقدا
حذاري أن تمسي وحاشاك جازعاً / حذاري على الأطواد أن تتميدا
لك الحكم اللاتي فضحن بلفظها / لبيداً ولكن بالمعاني مبلدا
فكم من مضلٍ في سبيل جهالةٍ / تلقيته فيهن فانصاع مرشدا
فحسبك بل حسبي وكل موحدٍ / أبو صالحٍ المهدي منتجع الهدى
عماد قباب الدين دام علاؤه / وأيده رب السماء وسددا
هو الحجة البيضاء لم يخف أمرها / على أحد إلا الذي كان ألحدا
يرى نفسه الأدنى من الناس رتبةً / على أنه الأعلى محلاً ومحتدا
عزيز إذا ما جاء للناس محفلا / ذليل إذا ما جاء للَه مسجدا
فكم شمل خطب لا نطيق دفاعه / فزعنا إلى عليائه فتبددا
هو الملتجي دنياً وديناً فمن يمل / إلى غيره ضل السبيل وما اهتدى
أبو الغر كل صالحٍ بعد جعفر / يكون حسيناً في العلاء محمدا
أجل الورى قدراً وأعذب منطقاً / وأوفرهم علماً وأسمحهم يدا
وأزكاهم نفساً وأكثرهم تقىً / وأصوبهم رأياً وأفصح مذودا
ما فارق الأسماع صوت الناعي
ما فارق الأسماع صوت الناعي / حتى دعا بنعاء آخر داع
هتفاً بنا متتابعين فاججا / ناراً على نارٍ لدى الأضلاع
فتزاحمت بهما اللواعج في الحشى / كتزاحم الأصوات في الأسماع
للَه من نصل تعذر سبره / إلا بضرب الصارم القطاع
رزء تسرع أثر رزء بغتةً / فتواصل التفجاع بالتفجاع
ورمى العيون الساهرات بمسهرٍ / من قبل أن يهممن بالتهجاع
واسأل ثمة كل دمعٍ سائل / وأراع قمة كل قلبٍ مراع
ذهب النقي فيا وفود تشتتي / في كل ذات مهالك مضياع
واستشعري إلا الحياة فإنما / هلك الرعية في هلاك الراعي
ذهب الذي قد كنت من نعمائه / في ريف ذي كرم طويل الباع
فجعت به عليا قريض وإنما / فجعت ببدر فخارها اللماع
أودى به القدر المتاح وطالما / قد ان للأقدار جد مطاع
تبكيك لابسة السواد بأدمعٍ / حمر لبيض مناقبٍ ومساع
تبكي وكل موحد من حولها / يبيك بصوت العارض الهماع
أبكيك مرفوع السرير مشيعاً / بعصائب الأملاك والأشياع
حتى أتوا بك بقعةً قد زدتها / شرفاً وكانت قبل خير بقاع
لو لم تكن في العرش روحك لان / ثنت شهب السماء نود فضل القاع
أأبا الحسين ومن به آمن الهدى / من كل قاصدٍ ركنه بتداع
ألبسته حفظاً عليه ورأفةً / زغف السوابغ من نسيج يراع
حتى غدا فيها بأعظم منعةٍ / ليست ترى بسوابغ الأدراع
رلا زال فيك وفي بينك ممنعاً / من كيد كل مصانع سماع
القوم ما خلقوا لغير هدايةٍ / وحماية للخائف المرتاع
أبناء منجبةٍ تكاد طباعهم / توفي على شهب السما بشعاع
إنا صنائعهم وقد بلغت بهم / حد النهاية قدرة الصناع
لم أدر واللَه المهين قادر / أيجيء مثلهم كرام الصناع
هضب لدى الأهوال جد ثوابت / وإذا دعا المظلوم جد سراع
يؤون لو أن ابن نوح جاءهم / آوى إلى عالي الذرى مناع
ما ذاك من حل الفضلو وإنما / كان اقتضاء طبايع ومساع
أأبى من الآساد إلا إنهم / في الجود طوع أرادة الخداع
تسع الفضاء صدورهم حتى إذا / بليت بحقد فهي غير وساع
يسعون في طلب العلاء فإن سعى / واشٍ لهم ألغوا حديث الساعي
لا يبرحن الدهر طوع أكفهم / شروى الذلول التابع المطواع
يغري محبكم وإن نقم العدا / وافى براغم أنفها جداع
اللَه ما بعد هذا اليوم مصطبرٌ
اللَه ما بعد هذا اليوم مصطبرٌ / للمسلمين ولو راموا أذن عذروا
وأصدق الناس إيماناً أشدهم / حزناً ومن قد تسلى كاذب أشر
أيملك رزء أقل الذي قد جاء أن به / تفنى النفوس وتمحى بعده الصور
ناع أصات فقال الدهر مندهشاً / اللَه أكبر ماذا أبدع القدر
فقال لا قال بل جذت سواعده / وطار في مفرقيه الصارم الذكر
إن الذي كان للعافي سحاب ندى / وليس في نيله رنق ولا كدر
أضحت تقلب أيديها قواصده / مغبرة الجو لا موج ولا مطر
أبو الأمين ولي اللَه قد نصبت / له الأرائك حول العرش والسرر
ونائحات دعت فيه فحق بان / تجيبها غرر الأملاك لا البشر
أن تبكه مقل الأفلاك تبك فتى / بمثله أنبياء اللَه تفتخر
أبا الأمين لو أن الموت أنصفنا / أبقاك ما بقيت آلاؤك الغرر
كي لا يضل طريق الحق طالبه / ولم يخب من إلى جدواك يفتقر
فهن آلاء مفقود إذا طويت / طي السجل غدت في الكتب تنتشر
نفسي الفداء لأجفان مغمضةٍ / كانت تؤرقها العلياء لا السمر
جفت وما إن جفت عن قسوة أبداً / أغضت ولم تغضها من حادت فكر
أفدي محيا أغرّاً ما تقابله / إلا وأشرق من بشر به القمر
أمسى تعفر ترب القبر غرته / وفوقها من ثرى محرابه عفر
من بعده فيه يستسقى السحاب وقد / كانت تصوب به الهطالة الهمر
أبا محمد إن الدين في دهش / قد لاذ فيك مروع وهو منذعر
نشدتك اللَه في البقيا عليه فقد / أودى لوجدك في أحشائه الضرر
وحائز قصب العلياء أسبق من / جرى إلى غياة العلياء يبتدر
مغبر في وجوه القوم ما رجحت / منه المناكب إلا والده الغرر
التابعين له في كل منقبةٍ / بيضاء عنها جميع الخلق قد قصروا
فلا يخط له في غاية أثرٌ / إلا وكان لهم من حوله أثر
جحاجح هم شبول حول غابته / وحول هالته هم أنجم زهر
الآخذين بأطراف الفخار علا / إن عاق غيرهم الأعياء والخور
نعى فشجى قلب الشريعة إذا نعى
نعى فشجى قلب الشريعة إذا نعى / وعاد لديه أصبر الناس أجزعا
وضيع أهل الحزم قوة حزمهم / كما أن حسن الحلم أضحى مضيعا
ولم تر هذا الكون إلا بدهشةٍ / كأن الفنا في الناس نادى فاسمعا
لفقد سليل الأكرمين محمد / لقد كاد قلب الدين أن يتصدعا
فتى كان في ألفاظه ولحاظه / حسامان كانا من شبا الموت أقطعا
أبا حسن قد كنت للدهر بهجةً / فأوحش منها البين للدهر أربعا
وقد كنت عرنين الزمان الذي غدا / يزان به وجهاً فأصبح أجدعا
وكنت بعينيه الضياء فما الذي / أزال الضيا عنها وأبدل أدمعا
فما أظلم المحراب بعدك وحده / نعم مشرق الدنيا ومغربها معا
كأن ضياء الصبح قد حال لونه / أو الليل قد أرخى على الصبح برقعا
وما أنت من خص الأقارب رزؤه / ولكنه عم البرية أجمعا
ألم تر هذا الكون كالفلك إذ غدا / يعوم بموج كالجبال تدفعا
بنفسي طوداً ضعضع الكون ركنه / وما خلت ذاك الطود أن يتضعضعا
أبا جعفرٍ أنت المرجى لمحنةٍ / إذا أكشلت أضحى إلى الحق مشرعا
وأعلم خلق اللَه في كل موطن / وأرساهم في الخطب ركناً وأمنعا
كأنك أعطيت الجبال ثباتها / وأوصيتها في الخطب إلا تزعزعا
وما أنت إلا عيبة لمحمد / بها كل آيات النبوة أودعا
قضى ماجد كان في عصره
قضى ماجد كان في عصره / بمنزلة النور من بدره
ومنزلة الروح من جنبها / ومنزلة القلب من صدره
وأحضى الحمام لدى العتب ذا / لسان تلجلج في عذره
لتبك الشجاعة مقدادها / ويبكي التقى لأبي ذره
ويبكي الزمان بشجو محمداً / حسناً منتهى أمره
فكان العماد وفيه تشاد / خيام الهدى في حمى أمره
ليبك الموحد حزناً له / فقد بسم الشرك عن ثغره
فكسر قنا الشرك في جبره / جبر قنا الشرك في كسره
وأضحى الزمان لما قد عراه / دجى ليس يدعو إلى فجره
فلم يعرف الظهر من ليله / ولم يعرف الليل من ظهره
لقد حملوا نعشه والهدى / يقوم ويكبو على أثره
أرى العلم والحلم والمكرمات / جميعاً حواها ثرى قبره
وما دفنوه به وحده / أجل دفنوا الكون في أسره
محمد لما قضيت الزمان / تسافل منه علا قدره
فشهرك عارٍ على عامه / ويومك عارس على شهره
هجاني لساني إذا هو لم / يكن راثياً لك في شعره
ومادح مهدي فقد الأنام / من اختصه اللَه في ذكره
فكم منكر رد في نهيه / وكم فعل العرف في أمره
أخو منن طالما أشرقت / شموس الثنا في سما شكره
وأحيا نداه رياض العلا / فهاهن ينفحن عن نشره
نرى فيه أثار خير الورى / محمد والمرتضى صهره
أبا جعفرٍ لم أفه بالعزا / لأنك أذكى ذوي دهره
وأنت وعاء علوم الإله / ومؤتمن اللَه في سره
فمن ذا يجيء إلى الشمس في / سراج وللطود في ذره
وما جاء فيه المعزى بشعر / إليك وما جاء في نثره
فذاك لعمري منك إليك / وما فاق غيرك في فخره
أأبا محمد والمصيبة سهمها
أأبا محمد والمصيبة سهمها / لجميع من في الكائنات مصيب
أني وأن عظمت علي رزيةٌ / فبمهجتي مما شجاك لهيب
فكأنما الأرزاء في أحشائنا / كانت ندوباً فوقهن ندوب
ليهن محاني مشهد الشمس أنه
ليهن محاني مشهد الشمس أنه / ثوى بدر أنسي عندها بثري القبر
وكان قديماً مشهد الشمس وحدها / فعاد حديثاً مشهد الشمس والبدر
بكى جزعاً مما به من زمانه
بكى جزعاً مما به من زمانه / فما لكما فوق الأسى تعذلانه
توهمتما أنه هاجه ذكر أهيف / يميل بأكناف الحمى ميل بانه
أو أن الصبا من أرض كاظمة سرى / عليلاً له فاعتل من سريانه
نعم كان في عهد الصبا وأوانه / يرقه ذكر الحمى وحسانه
وقد كان يصبي قلبه البرق لامعاً / فيحي الدجى شوقاً إلى لمعانه
ويبهجه الروض الأنيق بذي الغضا / فتصلي الغضا أحشاه من أقحوانه
فأصبح يليه عن اللهو همه / ويشغل شانيه الدموع لشانه
دعاه وما يلقى من الضر والجوى / إذا لم تكونا ويكما تنفعانه
لعل ابن خير المرسلين يغيثه / فيقذه من كربه وامتحانه
أقول لنفسي هوني الخطب واصبري / يهن أو يزل بالصبر صرف هوانه
ولا تجزعي من جور دهر وإن غدا / يروعك ما يأتي به ملوانه
فعندي مولى ضامن ما أخافه / وعندي يقين كافل لضمانه
وكيف تخافين الزمان ومفزعي / إلى القائم المهدي من حدثانه
لئن خوفتني النائبات فإنني / لجأت لسامي عزه وأمانه
وإن ضقت ذرعاً بالحياة لفاقة / فلي سعة من فضله وامتنانه
أدعوك للكرب التي لم تفرج
أدعوك للكرب التي لم تفرج / ونوائب ألممن في قلبي الشجي
ولفاقة لو شئت يوماً سدها / لسددتها ولفتح باب مرتج
لما رأيت الأمر ضاق علي من / كل الجهات ولم أجد من مخرج
ذكروك لي وأنا العليم بانك / المولى المبلغ عبده ما يرتجي
فأتيت قبرك قاصداً يقتادني / حسن الرجا ويسوقني القلب الشجي
وقوفي تحت الغيث ما بلني القطر
وقوفي تحت الغيث ما بلني القطر / وعمت بلج البحر ما علني البحر
ورحت بما في معدن التبر طامعاً / فعدت وكفي وهي من صفرها صفر
وكنت قد استنصحت في الأمر رائداً / فقال هو الوادي به العشب والزهر
فلما حططت الرحل فيه وجدته / وامواهه نار وأزهاره الجمر
فواللَه ما أدري أأخطأ رائدي / أم أكذبني عمداً أم أنكس الأمر
وكم أطمعتك الغانيات بوصلها / فلما تدانى الوصل آيسك الهجر
وذلك من فعل النساء محبب / ولكنه من غيرها خلق وعر
على أنه ينمى إلى العيلم الذي / تمد البحار السبع أنمله الشر
فتى كاظم للغيظ ما ضاق صدره / إذا ضاق من وسع الفضا بالأذى صدر
إذا حسن البشر الوجوه فإنه / لمولى محياه به يحسن البشر
وما هو في حسن المناقب مكتس / فخاراً ولكن فيه يفتخر الفخر
أخو العلم إمازج في الغيب فكره / إلى ما وراء الستر يلقى له الستر
وذو معجزات به الدنيا زماناً ومذ مضى / أضاء بنوري نيريه لنا الدهر
هما الحسن الزاكي النجار وصنوه / الفتى أحمد الأفعال يعزى له الشكر
لقد جريا يوم الرهان لغاية / فجاءا معاً ما حال بينهما فتر
هما رقيا في المجد ما ليس يرتقي / بأجنحة نسر وما حله النسر
رعى اللَه فكري كم يقرب لي فكري
رعى اللَه فكري كم يقرب لي فكري / بعيداً كأن عنقاء مغرب في وكر
وكم لي من آمال نوكى بمعشر / أراني غنياً بت منهم على فقر
فهل نظرت عيناك مثلي في الورى / فتى هو في أيامه معدم مثري
وكم من محال ظلت أزعم ممكناً / كمن راح نحو البحر ملتقط الجمر
أرى الناس عاشوا بادعاء فضيلتي / فما لي محرومٌ وما لحقوا أثري
بلينا بقوم كالسباع ضورياً / تصول فما تبقي من الصيد في البر
إذا فترسوا لا يتركون للاعقٍ / دماً لا ولا فرثاً إلى جعل يسري
فأنيابهم مشغولةٌ بفريسةٍ / وأعينهم ترنو إلى الصيد في القفر
كان كل فردٍ منهم الحوتة التي / رأى شبعها عياً سليمان في البحر

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025