المجموع : 47
أرِقتُ ومُعرِضاتُ الليلِ دوني
أرِقتُ ومُعرِضاتُ الليلِ دوني / لِبَرقِ باتَ يَستَعِرُ استِعارا
تواضَعَ للسجاسجِ من مُنيمٍ / وجادَ العينَ وافترشَ الغمارا
وبات يَحُطُّ من جبلي نِزارٍ / غواربَ سيلِهِ حُزَماً كِبارا
بسحٍّ تغرقُ النجواتُ منه / ويبعثُ من مرابِعها الصُّوارا
ويصطادُ الرِّئالَ اذا علاها / وإن أمعَنَّ من فَزَعٍ فِرارا
وحَبلٌ من جُمانَةَ مستجدٌ / أبيتُ لأهلِهِ إِلا ادِّكارا
يُطالعُني بدَومةَ يا لَقومي / اذا ما قلتُ قد نَهضَ استحارا
فما غراءُ في دَمثٍ هيامٍ / أراد بها السهولةَ والقرارا
بأحسنَ من جُمانَةَ يومَ ردوا / جمالَ البينِ وارتحلوا نهارا
وقِيدَ الى الظعينةِ ارحَبيٌّ / جلالٌ هيكَلٌ يصفُ القطارا
فقلنَ لها اركبي لا تحبسينا / أبت خَفَراً وخالَطَت انبِهارا
تهدُّ محالَ آدمَ دوسريٍّ / تجوزُ بها ملاطاه القفاراَ
تدافع بالمناكبِ من بعيدٍ / وتسترُ بالمطارفِ أن تضارا
ترى السمكَ الطوالَ يَحدنَ عنها / وتبهرُ في المقاومةِ القِصارا
فلما قامَ كبّرَ من يليها / وقالوا خالطَ الجملُ انكسارا
فما ذكري جُمانةَ غيرَ أَني / كصاحبِ خِلعةٍ ذكرَ القمارا
وخُصّي في الحوادثِ أَن قيساً / أصابوا بعد خُضبِهمُ الغيارا
وتغلِبُ جَدَّعَ السرواتِ منها / وذاقَت من تَخَمطِها البوارا
وما كلبٌ بجازيةٍ بنعمى / ولا بهراءُ تَطَلعُ الديارا
فلولا الخيلُ من غاري كلابٍ / وحيٌّ بني الحُبابِ ومن أجارا
لما دُعِيَت غداةَ الروعِ قيسٌ / ولا كانَت نِزارُهُمُ نِزارا
وإنّا يومَ نازَلَهُم شُعيبٌ / كليثِ الغابِ أَصحَرَ فاستغارا
ظلَلنا ما من الحَيينِ الا / يرى الصَّبرَ التجملَ والفخارا
بضرب تنعسُ الابطالُ منه / وتمتكرُ اللحى منه امتكارا
تجدَّلَ كاهلٌ ونجا ابنُ بدرٍ / نجاءً من اسنَّتِنا فِرارا
وغودر هوَبرٌ وبنو مليكٍ / كمن قد ماتَ في زمنٍ فبارا
فلا شَمِتَ الاعادي في شبيبٍ / ومن قاسى ومن بالسرو غارا
فاني قد وجدت بني نفيلٍ / يشنون القنابلَ والغوارا
على كلبٍ وأَهلِ الشامِ طراً / كشدّ الاسدِ غَصباً واهتصارا
أَمِن طَرَبٍ بكيتُ وذكرِ أهلٍ
أَمِن طَرَبٍ بكيتُ وذكرِ أهلٍ / وللطربِ المُتاحِ لَكَ إدِّكارُ
وأطلالٌ عَفَت من بعدِ أنسٍ / ودارُ الحي منكرةٌ قفارُ
خَلَت غيرُ الظباءِ بها وعينٌ / وظلمانُ النعامِ لها عِرارُ
وإنَّ بكلِ محنيةٍ وسفحٍ / مقابلَ منظرٍ فيها صوارُ
خواذلَ من مصاحبةٍ وفردٍ / كَبُلقِ الخيلِ يتبعُها المهارُ
وقد دَرَسَت سوى آثارِ نؤيٍ / وآريٍّ تنصَّفَهُ الغبارُ
وكلِّ جَذَمِّهِ خَرِبٍ محيلٍ / كأنّ بقيةً منه جدارُ
وأَورقَ كالحمامَةٍ مقشعِرٍّ / وشُعثٍ سجَّحَتهنَّ الفِهارُ
ومحتدمِ القدورِ على ثلاثٍ / كأنَّ مناكبَ الأحجارِ قارُ
وملعبِ وبربٍ أدمٍ هجانٍ / نوادٍ عند مشيتِها انفتارُ
بوارقَ ترقد الصبحاتُ خردٍ / بهن من الشَّبابِ ضحى انبهارُ
ونادينا الرسومَ وهُنَّ صُمٌّ / ومنطقُها المعاجمُ والسّطارُ
وكان الصّبرُ أجملَ فانصرفنا / وَدمعُ العينَِ البثُهُ انحدارُ
وعارضت المطيةُ وهي تهوي / وأهونُ سيرِها منها انسجارُ
وقلت لصاحبيَّ الا اصبحاني / لتسلي عبرتي خَمرٌ عقارُ
فَشَعشَعَ بالأداوةِ شَرمحيٌّ / وليس بنا ولو جهدَ انتظارُ
ونحن على قلامِسَ يعملاتِ / أضَرَّ بها الترحُّلُ والسّفارُ
كأنّ لغامَهُنَّ سبيخُ قطنٍ / على المعزاءِ تَندِفُهُ الوتارُ
وتسمعُ من أسادِسِها صريفاً / كما صاحَت على الحَدَبِ الصقارُ
سواهم تغتلي في كلِّ فرعٍ / كما يَرمي مدى الغَرضِ القِتارُ
وبشَّرَنا البشيرُ بنغمِ طيرٍ / ومما أن تقبَّلنا البشارُ
بظعنٍ لجَّجَت في يومِ صيفٍ / وقالوا ليس بالأنهى قِطارُ
دَعتهنَّ الهواجرُ نحو نجدٍ / وصابَ الهيفُ فابتدرَ الغمارُ
فشمَّرت الحداةُ بكل رَسلٍ / علاه الرّيطُ اشعَلَه احمِرارُ
فلمّا أن لحقنا بَعدَ لأيٍ / ببيضِ في محاجِرها احوِرارُ
تنازَعنا الحديثَ فحدَّثتنا / عطابيلٌ تُقتَّلُ مَن يَغَارُ
وجدنَ بفديةٍ قصدت الينا / وطرفِ يعافرٍ فيه انكسارُ
وعُجنَ سوالِفاً وقدت عليها / قلائدُها كما تقِدُ الجمارُ
اذا ما احتلَّ بالبطحاءِ حَيٌّ / بَدَت غُرَرٌ تُرادِفُها البشارُ
أذاك هديت أم ما بالُ ضيفٍ / تضمَّنُهُ المضاجعُ والشعارُ
وأرَّقني بدائِعُ من مَعَدٍّ / أراها اليومَ ليس لها ازدجارُ
اذا ما قلت قد جُبِرَت صدوعٌ / تُهاضُ وليس للهَيضِ انجبارُ
كذاك المُفسِدونَ اذا تولوا / على شيءٍ فأمرُهم التَّبارُ
فأينَ ذوو البطاحِ ذرى قريشٍ / وأحلامٌ لَهُم ما تستعارُ
ونحن رعِيةٌ وهم رُعاةٌ / ولولا رَعيُهُم شنع الشنارُ
فإن لم تأتَمِر رُشداً قريشٌ / فليس لسائرِ العَرَبِ ائتمارُ
وفضلُهُمُ باذنِ اللهِ صَبرٌ / وضَرسٌ للاعادي واحتقارُ
فيا قومي هَلُمَّ الى جميعٍ / وفيما قد مضى لكم اعتبارُ
الم يُخز التفرقُ جيشَ كِسرى / ونُحّوا عن مدائنهم فطاروا
وشُقَّ البَحرُ عن اصحابِ موسى / وغُرِّقَت الفراعِنةُ الكفارُ
فكَم مِن مُدَّةٍ سَبَقَت لقومٍ / زَماناً ثم يلحقها انبتارُ
فما من جِدَّةٍ الا ستَبلى / ويبقى بعد جِدَّتها الحبارُ
وأنذُرُكم مصائرَ قوم نوحٍ / وكانت أمةً فيها انتشارُ
وكان يسبّحُ الرحمنَ شكراً / وللهِ المحامدُ والوقارُ
فلما أَن أرادَ اللهُ أمراً / مضى والمُشرِكونَ لهم جؤارُ
ونادى صاحِبُ التنورِ نُوحاً / وصُبَّ عليهِمُ منهُ الوَبارُ
وضجوا عند جيئتِهِ اليهم / ولا يُنجي من القدرِ الحذارُ
وجاشَ الماءُ مُنهَمِراً اليهم / كأنّ غثاءَه خرقٌ نشارُ
وعامَت وهي قاصِدَةٌ بإذنٍ / ولولا اللهُ جارَ بها الجوارُ
الى الجوديِّ حتى صار حجراً / وحان لتالِك الغمر الخسارُ
فهذا فيه موعِظَةٌ وحُكمٌ / ولكني امرؤٌ فيَّ افتِخارُ
مِن الفتيانِ اقذفُ كلَّ عَبدٍ / بحربٍ ليس فيهنّ اعتِذارُ
وعندَ الحقِ تعتزلُ الموالي / اذا ما أُوقدَت للحَربِ نارُ
اكلبُ هلمّ نحنُ بني أبيكُم / ودعوى الزورِ مَنقَصةٌ وعارُ
وقد علمت كهولهم القدامى / اذا قعدوا كأنهم النسارُ
بان قُضاعةَ الاولى معدٍّ / لقرمٍ لا تَغُطُّ بهِ البِكارُ
اذا هدرت شقاشِقُهُ ونَشبَت / له الاظفارُ تركَ له المدارُ
ومَن يَتَوَلَّ للرحمن نَصراً / يفرّثُ من مدامِعِهِ انتثارُ
اذا اصطَكَّا بارَعنَ مكفهرٍ / تفارَطَ أن تناوله القصارُ
هلم فعندنا عَدلٌ ونَصفٌ / وأحكامٌ تسدُّ بها الثِغارُ
وإن يعطفكُمُ نَسَبٌ الينا / فليسَ عليكم منها ظهارُ
أبونا فارسُ الفرسانِ عَلقَت / بكفته الاعنةُ والغوارُ
وأفضلُ ما اقتنينا من سوامٍ / ذكورُ الخيلِ والاسلُ الحرارُ
ورَثِنا الخيلَ قد عَلِمَت مَعَدٍّ / ومن عاداتهِنَّ لنا اختيارُ
تراثاً عن أبي صدقٍ أيادٍ / وعِيلانٍ وخندفِها الكثارُ
اباعرةٌ فكلٌّ ساقَ نهباً / له منه العرارةُ والخيارُ
فصارت بالجدودِ بنو نِزارٍ / فَسِدناهم واثعلت المضارُ
فكان لنا وللمضرين حظٌّ / وللحُسّادِ في الأثَرِ الغبارُ
فصار العِزّ والبَسَطات فينا / واعلامٌ قدامِسَةٌ كبارُ
ومنا الأنبياءُ وكُلٌّ مَلكٍ / وحُكّامُ الائمةِ حيثُ صاروا
غَلَبنا الناسَ في الدنيا بفضل / ونرجو أن يكونَ لنا المحارُ
واسماعيلُ بعد اللهِ يقضي / لنا بالحقِّ اذ رُفِعَ الخطارُ
فعندي الفصلُ للجهالِ منكم / كمنهاجِ الطريقِ به المنارُ
قضاعةُ كان حزباً من معدٍ / تَصِر تبعاً وللتَبَعِ الصَّغارُ
ويلقوا ثَرَّ شَخبٍ من مَعَدٍّ / يَدُرُّ لِمَن يشاركُه الغرارُ
وتعرفُ من بني قحطانَ بُعداً / وتظلم وهي ليس لها انتصارُ
ومَن يكُ يومَ دعوتِهِ غريباً / يخُنهُ من جناحَيهِ انكسارُ
ونصرُ ذوي الاباعدِ منك رَيثٌ / واحشاءُ ابنِ عمِّكَ تُستطارُ
ومن يَنزَع أرومَتَه لأخرى / فذاك لثابتِ الأصلِ اعتقارُ
كما الزيتونُ لا يَمّازُ نخلاً / ولا الجبارُ تبدلُه الصحارُ
ولا التمرُ المكمَّمُ حولَ حِمصٍ / اذا ماحانَ من هَجَرِ الجزارُ
وآنَفُ أن يكونَ اخي تبيعاً / لدى يمنٍ وقد قُهِرت نزارُ
ويأبى الصيدُ من سلفى نزارٍ / وأرفادٍ محالبُها غِزارُ
اذا الرِّيحُ الشّآميةُ استحنّت / وَلَعبض بها مع الليلِ العصارُ
فأُدبَتُنا الجوافِلُ كلَّ يومٍ / وبعضُ الناسِ أُدبَتُه انتقارُ
وقولُ المرءِ ينفذُ بعبدَ حينٍ / اماكنَ لا تجاوُرها الابارُ
أميرُ المؤمنين هدىً ونورٌ / كما جلّى دجى الظلمِ النهارُ
قريعُ بني أميةَ من قريشٍ / همُ السَّرُ المهذبُ والنضارُ
وعبدُ المَلكِ للفقراء طَعمٌ / وحِرزٌ ليس معقلُه يُضارُ
وقد حَمَلَ الخِلافَةَ ثم حَلَّ / بها عند ابنِ مروانَ القرارُ
وقلت لذي الكلاعِ وذي رعينٍ / أَحَقَّ قولُ حميرَ أم جوارُ
تدعّيهم قضاعَةُ بَعدَ دَهرٍ / وفي الدَّهرِ التَّقَلُّبُ والغيارُ
وانمارُ بنُ بجلةَ قال قِيلاً / وليس له اذا عدوا غدارُ
متى ترعش الى الالجامِ يوماً / يَقُم سوقُ الطعانِ لها تجارُ
ومعقلُنا السيوفُ اذا انخنا / وقد طارَ القنازعُ والشرارُ
بضَربٍ تَبصُرُ العميانُ منه / وتعشى دونَه الحَدَقُ البِصارُ
واسحاقٌ اخونا قد علمتُم / علينا من مواسِمِه النجارُ
نَهُزُّ المشرفيةَ ثم نعدوا / وليس بنا عن العادي ازورارُ
أتاني مِن الأسدِ النَذيرةُ بعدما
أتاني مِن الأسدِ النَذيرةُ بعدما / تناشدَ قولاً بالعِراقِ المجالِسُ
فقالوا عليكَ ابنَ الزُّبير فَعُذ به / أبى اللهُ أن اخزى وعَزَّ خنابِسُ
وإني امرؤٌ في العُودِ منّي صَلابَةٌ / وفي جَبَلَي بَكرٍ وتغلبَ حابِسُ
وما جَعَل اللهُ المهلبَ فارساً / ولكنّ امثالَ الهُذيلِ الفوارِسُ
أخو الحَربِ اما صادِراً فوسيقُهُ / جميلٌ وإمّا وارداً فمغامِسُ
يَجُرّ الخناذيدَ الجيادَ على الوجا / تُواعِسُ في ظلمائها ما تُواعِسُ
تعاد المراخي ضُمَّراً في جنوبها / وَهُنَّ من الشَطِّيِّ عارٍ ولابِسُ
على كُلِّ مَحبوكِ السراةِ مُقَلَّصٍ / تخببَ عنه لحمُه المتكاوِسُ
يُطالِبنَ ديناً في قُضاعَةَ لم يَكُن / ليمعَكَهُ الألوى ولا المتكادِسُ
تركن عُبيدَ اللهِ يوم لقينَهُ / وفي النَّفسِ من أرماحِ تغلبَ هاجِسُ
ومَن يَكُ أرعاه الحمى اخواتُهُ
ومَن يَكُ أرعاه الحمى اخواتُهُ / فمالي من أختٍ عَوانٍ ولا بِكرِ
تعادى السنونَ عن جراجبَ جلةٍ / مهاريسَ ليست من دياتٍ ولا مَهرِ
تناصي ضريبَ الحَمصِ ليلةَ غَبِّها / نصاءَ بني سَعدٍ على سَمَلِ العَذرِ
اذا احتَطَبَته نِيبُها قذَفت به / بلاعِيمُ أكراشٍ كأوتيةِ الغَفرِ
وما ضرَّها إن لم تكن رَعِتِ الحمى / ولم تطلب الخيرَ الملاوِذَ من بشرِ
جِبالٌ اذا صافَت هضابٌ اذا شتت / وفي القيظِ يعطفَن المياهَ على العَشرِ
مياهُ سوىً يحملَنها قبلَ العِرى / دليف الروايا بالمثممةِ الخُضرِ
بناتُ عِلَندى المنكبينِ كأنَّما / تُزِيِّنُهُ الإخصابُ بالمَغَرِ الحُمرِ
اذا رفع الراعي الهُراوةَ فوقَه / تخمَّطَ انكارَ العزيزِ من القَهرِ
يُعضُ عليها الحاسدونَ بنانَهم / وليس بأيديهم غنايَ ولا فَقرِي
طوالُ القِرى لا يلعنُ الضيفَ اهلُها / اذا هو ارغى وَسطَها بَعدمضا يَسري
اذا لم يَكُن فيها حلوبٌ تكشَّفَت / عن السَّيفِ مَصقولاً وأبيضَ كالبَدرِ
وما اتقي السَّاقَ التي تتقى بها / اذا ما تعادى الراتِكاتُ من العَقرِ
ويكفيك ألاَّ يَرحلَ الضيفُ لائماً / كراديسُ من نابٍ تغامسُ في القدرِ
ظُعنٌ اذا قابَلنَ قصر مقاتلٍ
ظُعنٌ اذا قابَلنَ قصر مقاتلٍ / فالقَلبُ في أثَرِ الذين تَيَمّمُوا
نَظَرَت اليك بمقلةٍ مكحولةٍ / نظراً يكادُ بطرفِهِ يَتَكَلَّمُ
أُنادي خَليطا بائِناً حينَ أعصَفَت
أُنادي خَليطا بائِناً حينَ أعصَفَت / شآميةُ الأقراب نكباءُ حَرجَفُ
ومن لا يَزَل يَستَحمِل الناسَ نفسَهُ / يعنَّف ويُنكرهُ الذي كان يَعرِفُ
ألا أيُّها اللاَّحي كفاك عِتابا
ألا أيُّها اللاَّحي كفاك عِتابا / ونَفسَك وفِّق ما استطعتَ صوابا
فإنَّ رعاةَ الحلمِ قد رَجَعوا به / عليّ وآذَنتُ السفاهَ فآبا
خلا أَنَّه لَيسَت تغنّي حمامَةٌ / على أَيكَةٍ الاَّ ذَكَرتُ رَبابا
وما مَتَّعتنا والركابُ مناخةٌ / على عَجَلٍ خفَّ المتاعُ وَطابا
تناوَلتُ منها مُسفِراً اقبلت به / عليَّ وهفّافَ الغَروبِ عذابا
كأن ثناياها ذرى اقحوانةٍ / علاها ندى الشؤبوبِ ساعةَ صابا
وسِربُ عذارى بينَ حَيِّين موهناً / من الليلِ قد نازَعتُهُنَّ ثِيابا
وقلن لنا أهلٌ قريبٌ فنتَّقي / عيونَ يقاظى مِنهُمُ وكلابا
دبيبُ القطا حتى اجتعلن نحيزةً / من الليلِ دُونض الكاشحينَ حِجابا
وَهُنَّ كَريعانِ المخَاضِ سبقتَها / بأوَّلها لا بل اخفُّ جنابا
تلاَهينَ عني واستنَعتُ بأربعٍ / كهِمةِ نفسٍ شارةً وشبابا
تلاَهين واستهلكتُ حتى تجهَّمت / قلوبٌ وهاماتٌ وَرَدنَ لهابا
اذا المعصمُ الرّيانُ باشرتُ بردَهُ / بكفيّ لاعَبتُ الوقوفَ لعابا
وما انطلقَ التيميُّ يطلبُ حاجةً / ولا كان اكرى بالعراقِ رِكابا
ولكن ما كان القطاميُّ يبتغي / نواعمَ خلاَّها العريبُ عرابا
قَد عَلِمَ الابناءُ مَن غلامُها
قَد عَلِمَ الابناءُ مَن غلامُها / اذا الصراصيرُ اقشَعَرَّ هامُها
أنا ابنُ هيجاها معي زمامُها / لم أَنبُ عنها نبوةً أُلامها
من طولِ ما جرَّبني أيامُها / لستُ كَمن حَلّ له حَرامُها
ولا ترى حانيةً أرحامُها / وليلةً قد بِتُّ ما أنامُها
أحييتها حتى انجلى ظلامُها / بذاتِ لَوثٍ ضَرِعٌ بغامُها
يهدي المطيَّ النجبَ اعتزامُها / وأمُّها في البيدِ واهتزامُها
وبلدةٍ طامسةٍ أعلامُها / يضغو جميعاً بومُها وهامُها
ان رزاماً غرّها قرزامها / قبيلةٌ اجملُها غُلامُها
قبيلةٌ زبابُها كمامُها / لم تَدرِ ما موسى ولا سطّامُها
إذا ماتَ ابنُ خارجةَ بنِ حِصنٍ
إذا ماتَ ابنُ خارجةَ بنِ حِصنٍ / فلا مَطَرَت على الأرضِ السَّماءُ
ولا رَجَع البَريدُ بغُنمٍ خيرٍ / ولا حَمَلت على الظَّهرِ النَّساءُ
ليس الوكاءُ بأهلٍ أَن يسودَ ولا
ليس الوكاءُ بأهلٍ أَن يسودَ ولا / عمرو بأوَّلِ مسؤولٍ به ذَهَبا
قد هَجَّنوا الأوسَ حتى ما يُصابَ له / في الخيل جريُ جَوادٍ يأخُذُ القَصَبا
سادَ ابنُ قيسٍ بيوتَ النَمر واعترفت / له اتمُّ ذراعٍ فوقَها غَرَبا
مَدَّ اليدينِ فلم تقصُر أنامِلُهُ / وأدرَكَ السورةَ العُليا التي طلَبا
أيّوب أنتَ امامُ النَمرِ اذ نُسِبت / اذا المخبّرُ عن مجهولِها نُسِبا
أنتَ الموطِّىءُ اكنافَ الرجالِ اذا / هَزَّ القناةَ وَرَدَّ القولَ وانتصبا
تخاذَلَ جَفرانا ولو قَد تعاوَنا
تخاذَلَ جَفرانا ولو قَد تعاوَنا / رَوينا ومن يُخذَل عنِ الحَقِّ يُغلَبِ
قَبيلانِ لَم يَجعَل سواءً جباهما / لأهلٍ ولا جارٍ على حينَ مَرغَبِ
تداعى ولم تَظلم لقاحي على الملا / على حين لوحُ الراكبِ المتعصبِ
وحنَّت الى ذي الهَضبِ حتى كأنها / حنيٌّ وما حامَت عليه لِمشرَبِ
فلما رَأَت أَنّ الخطوبَ اضطررنها / الى ذائدٍ عما يلي الحوضَ مرهبِ
سَمَت فوقَها أعناقُها فتجاوَبَت / تجاوبنَ رجّافِ الضحى المتحلّبِ
فباتَ يباري النيبَ من بكراتِها / رعيلٌ كأسرابِ القطا المتَسَرِّبِ
اذا عارَضَت من عالجٍ مكفهِرّةٍ / زبونش الذُّرى من ظَهرِها المتقبِّبِ
تَفَرَّعنَ منها رأسَها فاتخذنَها / طريقاً فنالتها على مِثلِ مثقبِ
لها ساطِعٌ سامٍ حوالَي عمودِها / كثيفانِ منها مَن ذلولٍ وصعّبِ
وَمَرَّت بمعتمٍّ الجبالِ كأنَّها / عصائبُ فُرسانٍ على إثرِ مَطلَبِ
فَصَبَّحنَ قَبلَ الصُّبحِ أو بعدما بدا / زلالاً كماءِ العارضِ المتحلّبِ
ألارُبَّ يَومٍ صائفٍ قد رأيتها / تراعي بخبتٍ عازبٍ أم ربربِ
اذا ما أهابَ الراعيان تراجعت / الى رزِ محبوكِ البضيعةِ منجبِ
صِلَخدٌ عظيمُ المنكبينِ كأنما / عليه خميلٌ جيبَ لما يُهذّبِ
ترى الشّولَ تأوى جانِبَيهِ كانَّها / عذارى تهادى بينَ أهلٍ ومَلعَبِ
طوالُ الذُرى اعناقُها مُشمَخِرَّةٌ / كنخلِ القرى عِيدانُها لم تُشذَّبِ
ترى كُلَّ حرجوجٍ دلاثٍ ضليعةٍ / رفودٍ توفى محلباً بعد محلبِ
ذوارفُ عينيها من الحفلِ بالضحى / سجومٌ كتنضاحِ الشّنانِ المشرّبِ
وأخرى على عَسنٍ بنى الصَّيفُ نيَّها / عَرورٌ بها لولا الغِنى لم تحلّبِ
رَشوفٌ وراءَ الخورِ لو تندرىء لها / صبا وشمالٌ حَرجَفٌ لم تقلَّبِ
تَلوذُ الحواشي ليلةَ القَرِّ تحتها / لزوقَ القطا بالنيقِ من رأسِ غربِ
قد صبحت قباقِباً صَباحا
قد صبحت قباقِباً صَباحا / مهريةٌ قد غلبت مِراحا
تحمِلُ من قيسٍ فتىً وَضّاحا / سمحُ اليدينِ بالندى نفّاحا
كأنّ في الموكبِ حين لاحا / بدراً يزيدُ النظرَ انفساحا
افلحَ ساقٍ بيديك امتاحا / وقرّ عيناً ورَجا الرِّباحا
الا ترى ما غشيَ الاركاحا / وغشيَ الخابورَ والأملاحا
يُصفِّقون بالاكفِ الراحا / لم يدع الثلجُ بها وجاحا
باللهِ ترجو وبك النجاحا /
إذا بَرَكَت خَرَّت على ثَفناتها
إذا بَرَكَت خَرَّت على ثَفناتها / مجافيةً صلباً كَقنطرةِ الجِسرِ
كأنَّ يديها حينَ تجري ضفورُها / طريدانِ والرجلان طالبتا وِترِ
ألا أَبلِغ سَراةَ بني زهيرٍ
ألا أَبلِغ سَراةَ بني زهيرٍ / وحياً للأخاطِل والخزازِ
فقد أبليتُمُ خوراً وجُبناً / غداةَ الرَّوعِ اذ عزّ المنازي
كفينا الحيَّ من جُشَم بنِ بكرٍ / سُليماً والفوارسَ من معازِ
لعمرُ ابيك ما جشَم بنُ بكرٍ / بعزٍ في الحوادِثِ لاعتزازِ
صَبَرنا الخيلَ اذ جشمُ بنُ بكرٍ / تيَسَّرَ في الحوادِثِ لانحيازِ
وما دَهرٌ يمنيني ولكن / جزتكُم يا بني جُشَمَ الجوازي
تَصلينا بهم وسعى سِوانا / الى النعمِ المسيبِ والمعازِ
تتلو عنا الفوارِسَ من سُليمٍ / وَأهلَ الطلحِ من خيلِ الحجازِ
أكُنَّا الايمنينَ اذا اتجهنا / بأيدينا الصوارمُ للنجازِ
أرى البأسَ أدنى للرشاد وإنَّما
أرى البأسَ أدنى للرشاد وإنَّما / دنا العيُّ للإنسان من حيثُ يَطمَعُ
فَدَع أكثرَ الاطماعِ عنك فإنَّها / تضرُّ وإن اليأسَ لا زالَ يَنفَعُ
جَزى اللهُ خَيراً والجزاءُ بكفِّهِ
جَزى اللهُ خَيراً والجزاءُ بكفِّهِ / بني دارمٍ عن كُلِّ جانٍ وغارِمِ
هُمُ حملوا رَحلي وأدوا أمانتي / إِليَّ وردوا فيَّ رِيشَ القوادِمِ
ولا عَيب فيهم غَير أّنَّ قدورَهم / على المثل امثالَ السنينِ الحواطمِ
وإنَّ مواريثَ الأُلى يرثونَهُم / كنوزَ المعالي لا كنوزَ الدراهمِ
وما ضرَّ منسوباً أبوهُ وأمُّهُ / الى دارِمٍ أن لا يكونَ لهاشِمِ
أطَفنَ ببلكوثٍ ثلاثاً يَعُدنَه
أطَفنَ ببلكوثٍ ثلاثاً يَعُدنَه / ويومينِ لا يطمعن إِلاَّ الشكائِما
يُطالِبنَ دينا بعد ما قد مَنَعنَه / وكان طوالاً بالأسِنَّةِ عالِما
وأشرقَ اجبالُ العويرِ بفاعلٍ
وأشرقَ اجبالُ العويرِ بفاعلٍ / اذا خَبَت النيرانُ بالليلِ أَوقَد
فانقضَّ قد فات العيونَ الطُرَّفا
فانقضَّ قد فات العيونَ الطُرَّفا / اذا أصابَ صيدَهُ أولا خطفا
وراشَتِ الريحُ بالبُهمي أشاعرَهُ
وراشَتِ الريحُ بالبُهمي أشاعرَهُ / فآض كالمَسَدِ المفتولِ احناقا