القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : جَعْفَر الحِلّي الكل
المجموع : 224
أَأُعزي الكَون أَن البَدر غابا
أَأُعزي الكَون أَن البَدر غابا / أَم أَهنِّيه بِأَنَّ السَعد آبا
أَعلى آيبه أَحسو طلا / أَم عَلى غايبه أَجرَع صابا
حرّ قَلبي وَهنيئاً لِلحِمى / فَلَقَد أَصبَح مخضراً جَنابا
بغيوث ضحك الدَهر بِهُم / وَلَيوث اتخذت مَغناه غابا
فاضحكي يا أَدمع العَين لَهُم / وَاسق حرّانا مِن القَلب شَرابا
وَارقصي يا عبرة الصَدر فَقَد / آب مِن نرقبه وَالنشر طابا
وَازدهي بِالخصب يا أَرض الحِمى / فَلَقَد أَصبَحت لِلدَمع مصابا
آه يا دَهر لَما جئت بِها / فَلَقَد أَغربت صُنعاً وَارتِكابا
فَلَقَد جئت بِها صادمة / مَلأت حاشية الكَون اِكتِئابا
رجع المَهدي لَكن رجعة / هزَّ مِنها الفلك الأَعلى اضطِرابا
يا أَخا الود وَمِن شَأن الصَفا / أَن دَعى صاحبه الخل أَجابا
قُم نعزّي الدين في حادِثة / إنَّهُ قَد فَقَد اليَوم الكِتابا
وَلعمري صَدعت بَيضته / وَأَصابَ الخَطب مِنهُ ما أَصابا
فَاجرعي الصَبر بني عَمرو العلى / وَاخلَعي اليَوم مِن العزّ ثِيابا
طُلتِ بِالمهدي وَاليَوم بِهِ / قَد طَواك الدَهر شَيخاً وَشَبابا
وَاحتَبِس يا مجتدي الغَيث فَقَد / رَجع الماء بِواديكُم سَرابا
وَاتئد يا رائِداً رَوض النَدى / أَصبَح المَرعى مِن الغَيث يبابا
وَعَلى العافين تَرديد الشجى / قَد قَضى الدَهر بِأَن تَقضي سغابا
لَم تَزل تَمتار مِن أَنوائه / هزَّل العام فيعطيها الرِغابا
فَبِجَدواه إِذا السُحب هَمَت / وَلِمَغناه إِذا ما الركب جابا
كَم تَعرضنا رِكابا بِعدَه / وَزَجرنا خشية البَين غَرابا
فَأَصَبنا بِالَّذي نحذره / وَكَذا الحادث أَن يحذر أَصابا
أَذنَب الدَهر وَلَكن ما عَلى / مذنب شَيء إِذا اِستَعفى وَتابا
كَفكفي الأَدمُع يا عَين العُلى / فَأَبو الهادي عَن المَهديّ نابا
كَوكَب حجبه اللَه وَفي / أُفق العَلياء كَم أَبقى شِهابا
بَل أَبو الهادي ذكاً في أُفقِها / قَد جَلى عَن وَضح الدين الضَبابا
بَشِّر العَليا ففي أَفلاكها / تَبزغ الشَمس إِذا ما البَدر غابا
لا رآني شامت أَبكي امرأً / لَم يُفارق دسته حَتّى اِستَنابا
قَد رمقنا مِن أَبي الهادي فَتى / موئل الأَعلام مَرجواً مهابا
سَيد توّجه الفَخر بِما / قيل فيهِ إِنَّما المَهدي آبا
جَمعت فيهِ المَزايا أَروع / عَذب المَدح بِهِ وَالشعر طابا
ملك عاش الوَرى في عَدله / وَالسَرى تَحدو بِذكراه الرِكابا
أَمن الجور بِهِ حَتّى لَقَد / صَحبت سائِمة الضان الذِئابا
وَتَواخى الصعو وَالصَقر مَعاً / وَالقَطا الكدري لَم يَخشَ العِقابا
لا يَنال الضَيم فيهِ مَعشراً / وجهت تَلقاءه الدهم العرابا
جرَّدته صارِماً كَفّ الهُدى / صَقلت مِنهُ التَجاريب ذُبابا
بِعُلاه عزَّ مِن فَوق الثَرى / وَنَداه مَلأ البيد الرِحابا
كُلَّما بَين المَساعي وَالحِمى / أَخصبت فيهِ سُهولاً وَشِعابا
يا رعاه اللَه مِن مُبتهج / بِقُرى الضَيف ذَهاباً وَإِيابا
أَما وَالشَأن الَّذي خَصَّ بِهِ / وَعُلوم كَم جَلى عَنها النِقابا
لِأَبو القاسم ضاهاه عُلاً / وَنَداه بخَّل الغر السَحابا
أَي شَهم ضَمنت أبراده / مثل ما قَد ضمن القشر لبابا
ثاقب العزمة ما إن هتفت / باسمه صارخة إِلا أَجابا
شادَ في إِيمانه ذكر الهُدى / وَبَنى لِلفَخر فيء الجَوزا قِبابا
هُوَ لِلعَليا حسين باسمه / نَطرد الهَم وَنَستَسقي السَحابا
يَقتل الجدب نَدى راحتهِ / إِن أَصابَ الناس أَياماً صِعابا
قَد تَجلى في مَيادين التُقى / وَكَفى فيهِ نِضالاً وَغلابا
لا أَعيب الدَهر ما دُمتُم بِهِ / فَزَمان قَد حَواكُم لَن يُعابا
وَأَرى العَيش شَباباً فيكُم / نَضر العُود وَلَولاكُم لَشابا
أَيُّها المُحيي عُلوماً دَرَّسا / وَالمنضي عَن مَعماها النِقابا
يَشتَكي الشَرع لِعلياك خَفا / فَأَبن أَحكالمه بابا فَبابا
إِنَّما مِثلك مَن يَلقى الرَدى / بِثَبات العَزم صَبراً وَاِحتِسابا
أَنتُم الرَّجح أَحلامَكُمُ / لا يَهدُّ الخَطب مِنهُن هِضابا
لا عَدا الوَسمي بَطحاء الحِمى / وَسَقاها الغَيث سَحّاً وَاِنسِكابا
وَغَدَت مَهبط أَملاك السَما / أقبر قَد طيبت مِنهُ التُرابا
خطب أَباحَ مِن الإِمامة غابَها
خطب أَباحَ مِن الإِمامة غابَها / وَرَمى شَريعة أَحمَد فَأَصابَها
شَرقت بِعبرة ثاكل فَكَأَنَّها / فَقَدت لَعمرك وَحيها وَكتابها
فَقَدَت أَخا العَزمات دبَّر أَمرَها / زَمَناً وَعرَّف لِلوَرى آدابها
عذبت مَناهلها بعصر وَليِّها / وَاليَوم حينَ قَضى أَطالَ عَذابَها
بكر النَعيُّ إِلى العِراق فَلَم يَقف / بِمفازة إِلّا وَدكَّ هِضابَها
حَتّى إِذا بَلغ الغَريَّ وَقابل ال / غروية البَيضا أَسرَّ خِطابها
فَمَشى بِبَهجتها وَغادر ثاكِلاً / صَبغت كَلابسة الحداد ثِيابَها
لَولا الحِجاب رَأَيت أَملاك السَما / في جَنب حَيدرة تَقيم مَصابَها
مَيت أَعزَّ المُؤمنين بِعَدله / وَاليَوم حينَ قَضى أَذَلَّ رَقابَها
أَردى البَصائر فَالعُيون إِذا لَها / دَمعاً وَحَبات القُلوب أَذابَها
وَتَجانَست صَفتاهما فَعُيوننا / صابَت دِماء وَالقُلوب أَصابَها
لَو تَسمَعن العَتب بَطحاءُ الحِمى / أَكثرت مِن حَرق الفُوائد عتابها
عَقدوا جَنادلها عَلى ذي غرة / كانَت تَشعشع في الدُجى محرابها
كانَ المشار لَهُ بِكُل ملمة
كانَ المشار لَهُ بِكُل ملمة / دَهَت الأَنام فَأدهَشَت ألبابها
يَدعى لَها وَهِيَ الشَجي بصدورها / فَيسيغ عَن عَذب الفُرات شَرابَها
كَم حلَّ عُقدة معضل في رَأيه / وَكَم الوَرى شَدت إِلَيهِ عرابها
تَأتي الرَكائب وَالعياب خَلية / وَتَعود مالئة يَداه عيابها
أَنعم بِهِ خَلفا يَبين رشده / حكم الشَريعة زيغها وَصَوابها
رَأس لكل فَضيلة عرفت فَكُن / بِالراس مُقتدياً وَدَع أَذنابَها
وَرث المَكارم كابراً عَن كابر / فَسَمى البَرية شَيخَها وَشَبابها
تَأتي وُفود العلم ساحة داره / فَتمس في جبهاتها أَعتابها
فَلطالما اِختلفت إِلَيهِ وَأَكثَرَت / لِلأَخذ عَنهُ ذَهابها وَإِيابَها
تَتناظر العلما فَحيث تَشاجَرَت / رَدت إِلَيهِ سؤالَها وَجَوابَها
يَتسارَعُون لَهُ بِكُل عَويصة / فَيَحل مشكلها ويَفتَح بابَها
هُوَ لاسمه وَفق وَلا كَعِصابة / مُذ لَقبت ما وَافقت القابَها
قَد أَنزَل الدين الحَنيف بِخَيمة / قَصر السماك فَلَم يَصل أَطنابَها
يا رائِداً نَجع المَكارم فَاغترف / فَلَقَد وَردت مَع البُحور عبابها
وَإِذا اِنتَجَعَت سِواه عَدت بِخَيبة / أَو رُحت تَتَبع في البِقاع سَرابَها
نِظام كُل فَرائد جِماع كُل شَوارد / قَد أَعجَزَت طلابها
فلتركننَّ إِلَيهِ نَفس راقَبَت / يَوم القِيامة حَشرَها وَمآبها
تَاللَه إنَّ بحبه وَببغضه / قرن الإِلَه ثَوابَها وَعقابها
إِن المَكارم أَقسمت بِجماله / أَن لا تذيل عَلى سِواه ثِيابَها
رَضيته عَن خَلف الأَئمة نائِباً / أَبدا يَدل عَلى الهُدى نَوابها
نَظر الأَحاديث المحجب سرَها / فَأَماطَ عَنها سترَها وَحجابَها
جلى فَاحكمها وَجلى غَيره / فَأَعادَ مُحكم أَمرَها مُتشابها
يا باسِطاً لِلبَذل أَكرم راحة / بَيضاء تَخجل بِالسَماح سَحابَها
فَدَع الوَرى يَتشرفون بِلَثمِها / وَيَشم مِن يَستافها أَطيابها
لَو وازَنَتك الناس في علمائها / كانوا القشور وَكُنت أَنتَ لبابها
ما خابَ مِن منته هديك نَفسه / تطوي لحضرتك البقاع رحابها
يلقاك بَينَ الصالِحين مِن الوَرى / شَمساً تَحيد عَن القُلوب ضبابها
يَلقاك بَينَ أُولي النُهى صَمصامة / صَقلت تَجاريب الزَمان ذبابها
يَلقاك تَنثر مِن لِسانك بَينَهُم / دُرراً تمد لَها الكِرام رِقابها
يِلقاك تَدرُس بَينَهُم بِمَناقب / حَتّى المَلائك أَصبَحَت كِتابها
يا خاطب الأَبكار خُذ بدوية / جاءَتكَ سافِرة تَميط نِقابَها
كَم عَرَضوا فيها وَكَم خَطبت عَلى / شَرط الصداق فَلَم أَجب خِطابَها
ما إِن رَجَوت لَها ثَواباً إِنَّما / أَرجو بِأُخرى النشأتين ثَوابَها
أَهل تَرى لُؤلؤاً في الكأس أَم حَببا
أَهل تَرى لُؤلؤاً في الكأس أَم حَببا / وَغلمة تَجتَليها أَم قَطيع ظبا
وَذاكَ جامَ بِهِ الصَهباء ذائِبَة / أَم فضة قَد أَذابوا وَسطها ذَهَبا
ياما أَحيلاه ملعابا يَطوف بِها / يَجدُّ فينا رَسيس الشَوق إِن لَعِبا
سيان لَون حمياه وَوَجنَته / فَصبُّهُ لَيسَ يَدري كُلَّما شَرِبا
أَراحه حمرة مِن خَده اِكتَسبت / أَم خده حمرة مِن راحة اِكتَسَبا
وافى إِليَّ وَسر النجم منهتك / وَاللَيل يَضرب مِن ظَلمائِهِ حَجبا
خَوف وَعشق عَلى عَينيه قَد حَكَما / فَمقلة لي وَالأُخرى إِلى الرقبا
يا هَل يَعود لَنا دَهر بِكاظِمة / سُرعان ما مرَّ حاليه وَما ذَهَبا
حَيث الشَبيبه ثَوب قَد لَهَوت بِهِ / كَيفَ السُلو وَثوب اللَهو قَد سَلبا
أَصبَحت مثل سهيل في تفرده / وَكانَ شَملي كَالجَوزاء مقتربا
نزول وَجرة ما راعوا لَنا ذمما / ما كانَ بَعدي وَقَد فارَقتهم عربا
يَثقفون وَلَكن القُدود قَناً / وَيَصلتون وَلَكن العُيون ظبا
هلم يا مترع الكاسات نشربها / صَهباء لَم تَبقَ لي هَماً وَلا وَصبا
إِضافة الماء تَنبي عَن أَصالَتها / فَبالحباب عرفنا أَصلَها عنبا
وَروّ فيها حَشى لَو بَعض غلتها / بِالدجلَتين لَما طابا وَلا عَذبا
وَكفِّر الذنب فيها بِالثَناء عَلى / مُحمد وَعَلى ساداتِنا النجبا
إِن البَشير الَّذي وافى يبشرنا / لمنعم وَعَلينا شُكره وَجَبا
أَعزُّ ما أَقتنيهِ النَفس وَهِيَ لَهُ / إِحدى المَواهب لَو يَرضى بِما وَهَبا
ما حاوَل اللَيث إلماما بِلبوته / إِلّا ليصبح مِنها لِلشبول أَبا
يا ابن النبوة قَد أَلقى مَقالده / لَكَ الزَمان فَمل تَيها وَمس طَرَبا
إِني لِأَحقر ما أوليك مِن مَدحي / وَلَو نَظمت الثريا فيكَ وَالشُهُبا
مالي أَرى معشر أَراموا بِأَن يَصلوا / مِنكَ البَعيد وَهُم دُون الَّذي قربا
ناموا وَربك عَما أَنتَ فيهِ وَما / كانوا ذَوي الكَهف مِن آياتِهِ عَجَبا
عش بَينَنا كَسليمان النبي عَلا / وَهُم أَذل وَأَخزى مِن رِجال سَبا
أَنتَ الجَواد سباقا وَالجَواد نَدى / وَعَن مَجاريك قَد جزت المَدى وَكَبا
هُوَ الجمود إِذا درَّت مَخالفها / فَأَركن إِلَيها والا أضرب بِها الثَعبا
وَما كَرامة ضرع قَد فَنيت يدي / حَسا عَلَيهِ وَغَير اللؤم ما حَلَبا
مَن لي بِمرجع أَبكار تَعبت بِها / أَلفاظَها عَذبت إِذا لَفقت كذبا
خِلنا بِطَوق الثَنا يَنسى طَبيعته / وَالكَلب كَلب وَلَو طَوقته ذَهَبا
رحم النُبوة لَم يَنفَع أَبا لَهَب / لَم تَغنِ أَموالُهُ عَنهُ وَما كَسَبا
يا بَدر لَيلة تم قَد أَنار بِها / ضُوء السُعود فَجالَ اللَيل وَاِنقَلَبا
لَو أَنَّ بَدر السَما مِنكَ اِستعار سَناً / لَما استسرَّ لَييلات وَلا غَربا
وَيا حساماً أَحدَّ اللَه شفرته / فَكانَ أَقطَع مِن طَبع القيون شَبا
لَو أَنَّ لِلسَيف بَعضاً مِن مضاك لَما / فلَّت مَضاربه في حالة فَنَبا
وَجمرة العَرب كانَت هاشم وَإِذا / ما كُنت مِنها فَقَد زَيدتها لَهَبا
فَاخر بنسبتك الأَشراف إِن فَخروا / أَولا فَفي نَفسك أَفخر يَكفك النَسَبا
خَفيف طَبعك أَنسى الريح خفتها / وَثقل حلمك أَنسى ثقلها الهَضبا
يا مَعشَراً طَهروا مِما يَشينهم / وَالرجس عَنهُم بِنَص الذكر قَد ذَهَبا
فلَلسَّهى رتبة في النجم عالية / وَمَجدكم قَد رَقى فَوقَ السهى رُتبا
فَما السَما عَنكُم يَوماً بِنائِية / إِذ اِتخذتم لَها مِن مَجدكم سَبَبا
شابَ الزَمان فَمُذ صُرتُم بِهِ رَجعت / أَيامه وَاِكتَسى بَعدَ المَشيب صَبا
تَدُور حَولك أَشراف المُلوك رَحىً / وَما اِستدارتها لَو لَم تَكُن قطبا
تَحكي وَتبسم بشرا لاعدمت فَتى / بِالحالَتين تريهم لُؤلُؤاً رَطبا
جاؤوا وَهم باختلاف عَن حَوائجهم / فَليأخذوا عَنكَ إِن عَلما وَإِن أَدبا
وَحسبك الفَخر إِذ كانَ الحسين أَخاً / لَكُم وَكانَ لطلاب العُلوم أَبا
مَولى بِحال الرضا يَدنو الجَبان لَهُ / وَالأَسد تَوليه أَدباراً إِذا غَضِبا
المَوقد النار قَد فاحَت نَوافحها / كَأَنَّما جَزلها مِن مندل وَكَبا
يَمدها بِسناً مِنهُ إِذا خَمدت / وَفي مَلابسه إِن أَعوزت حطبا
ما زالَ مُنبسط الكَفين في زَمَن / حَتّى السَحاب يَرى الجَدوى بِهِ عَجَبا
لَو كانَ في قَلب قارون محبته / لِلبَذل أَو بَعضَها لَم يَقتن النَشبا
بِالغَلس انسلَّت إِلى حَبيبها
بِالغَلس انسلَّت إِلى حَبيبها / تَخطو وَعَيناها إِلى رَقيبها
ساحبة الأَبراد في مَرابع / أَرجاؤها تَضوعت بَطيبها
مَرَت بِها ريح الشَمال فَافتَدَت / تَحمل طَيب المسك في جُيوبِها
فَرشت أَحشاي لَها لَكنَّني / خَشيت أَن تَضجر مِن لَهيبها
عانَقتها كَأَن كَفيَّ التقت / مِن قضب الجرعا عَلى رَطيبها
حَشاشتان التَقتا كُلٌّ تَرى / إِن لَيسَ في الآخر كَالَّذي بِها
إِذا النُجوم اِنكَدَرَت في نَحرِها / وَالبَدر قَد كَوّر في جُيوبِها
وَفَوقَ طُرس الصَدر مِنها أَسطر / ما نَظر القاري إِلى مَكتُوبِها
مثل النمال سَربت في دمية / تَسري لَها وَالحُسن في تَسريبها
أَحسد هاتيك النمال إِنَّها / إِلى الرِضاب مُنتَهى دَبيبها
تَسبل فَوقَ رَدفِها ذوائِباً / يَذوب قَلب الصَب مِن تَقليبها
سُود عَلى أَكفالِها كَأَنَّها / أَساود تَسعى إلىكَثيبها
تحبها الناس ولكن إنمشت / كَأَنَّها تَمشي عَلى قُلوبِها
فَكَم شَكَت عُشاقَها لَها جَوىً / شِكاية المَرضى إِلى طَبيبها
كَالصعدة السمرا إِذا ما خَطرت / مَوصولة الصَدر إِلى كُعوبِها
كَم كَسَرت أَجفانَها في غَنج / فَاِنكَسَرَت لي عبرة أَبكي بِها
تَنظُر في دَعج وَارنو بِالَّتي / أَخضلت الأَردان في غُروبِها
وَهبتها قَلبي لافي عَوض / إِن رَضيت فيهِ فَمن نَصيبها
ياأسم جودي بِاللَما العَذب عَلى / ذي كَبد أَفرطت في تَعذيبها
حَرّى كَأَنَّ نار خَدَّيك بِها / فَلَم تَكد تَسكُن مِن لَهيبها
أَعذل عَينيَّ عَلى ما قَد جنت / فَكلما قاسيت مِن تَسبيبها
جازَيتها رعي السواري في الدُجى / مِن حين ما تَبدو إِلى غُروبِها
أَو تُرسل النَظرة نَحو المُصطَفى / فَإِنَّه يَجلو القَذى الَّذي بِها
تَاللَه قَد سَرّ الهُدى في عرسه / وَلِلمَعالي الفَوز في مَطلوبِها
لَيلة أُنس بِالتَهاني اِبتَسَمَت / وَانكمد الحاسد مِن تَقطيبها
لم أَرَ مثل المُصطفى وَأَهله / مِن مَشرق الشَمس إِلى مَغيبها
لا عَيب في الدُنيا إِذا كانوا بِها / فَحسنهم غَطّى عَلى عُيوبها
أُسرة مَجد سَمح اللَه بِهُم / لِيَرحَم الناس عَلى ذُنوبِها
إِيمانهم قَد خلقت غَواديا / تَخصب مِنها العَرب في جدوبها
حلّوا بِنجد زَمنا فَأَخصبت / مَرعى وَساوت مَصر في خَصيبها
وَسل بِهُم طيبة إِذ حلَّوا بِها / فَطيبهم ضاعف نَشر طيبها
وَفي العِراق خَيم العز لَهُم / أَربت عَلى الجَوزاء في تَطنيبها
تَساوَت الأَمصار فيهم فَغَدا / بِعيدها أَشبه في قَريبها
بِمَن العَزا يا ناظِري فَصوبا
بِمَن العَزا يا ناظِري فَصوبا / وَلتقطرا كَبدي دَماً مَسكوبا
فلأحلبنك يا جُفون كَأَنَّني اِس / تدررت مِن ضرع الحَيا شؤبوبا
وَعَليك يا حرق الجَوى فَتصاعدي / وَلتملَئي صَدر الفَضاء لَهيبا
جفت قُلوب بَني الرَجا فَتساقطت / وَالكُل يَشبه بِالحَنين النِيبا
رّفت كَأَجنحة الطُيور لِأَنَّها / قَد ضَيَّعت تَحتَ التُراب حَبيبا
لِلّه بَدر الجعفريين الَّذي / أَبدى برغم المكرمات غُروبا
سُرعان ما سرَّ الشَريعة مَطلعا / حَتّى تَبوَّأ في التُراب مَغيبا
قَد كانَ وَجه العلم مُبتَسِماً بِهِ / وَمُذ اِستَقَلَّ ضُحى دجى تَقطيبا
أَودى فَأَبناء الشَريعة بَعده / شَقَّت لَهُ بَدل الجُيوب قُلوبا
أَدعوك يا غَوث الصَريخ فَلم تَجب / وَلَقد عَهدتك لِلصَريخ مُجيبا
إِن كُنت أَزمعت الرَحيل مقوضا / مِن بَيننا فَقُد القُلوب جَنيبا
ضَيقت نادي العلم لا في حشده / بَل بَعد صَدرك لا أَراه رَحيبا
أَطيبه أَخطأت كامن دائه / لا أَخطأتك النائِبات طَبيبا
داو السَقيم بِكُل ما يعتاده / لِتعدّ عِندَ الحاذقين مصيبا
وَاتل الكِتاب عَلى حَبيب يَنتَعش / بِسماعه التَرغيب وَالتَرهيبا
وَاذكُر لَديهِ عُلوم آل محمد / سَيَقوم فيها سائِلاً وَمُجيبا
وَاجهر بحيّ عَلى الصَلاة تَرح لَهُ / بَدَنا بِطاعة رَبه مَتعوبا
وَدَع العفاة تصل لَهُ فَنشاطه / أَن يَملك العافون مِنهُ نَصيبا
هذي عَوائده وَهنَّ دَواؤه / لَو كُنت تَدفَع يا طَبيب شُعوبا
بِمَن البَرية تَلتَجي إِن أَقبَلَت / متراكمات ينهمرن خُطوبا
وَبِوَجه مِن نَستدفع البَلوى إِذا / شاءَ الإِلَه بِخَلقه تَعذيبا
قَد كانَ وَجهك يا حَبيب ذَريعة / مَن باتَ يَدعو اللَه فيكَ أَجيبا
وَبِهِ نحلُّ عرى المحول فَإِن بَدا / لَم يَبقَ وَجه سَحابة مَحجوبا
أَبكي لِوَجهك وَالكِتاب كِلاهُما / يَتشاكَيان مِن الثَرى تَتريبا
وَلشخصك النائي وَعلمك بَيننا / كُلّ بِعالمه أَراه غَريبا
صَبراً أَبا الهادي وَإِن يَك رزؤكم / بِسهامه الدين الحَنيف أصيبا
صوّب وَصعّد مقلتيك مكرّرا / مِن عَينك التَصعيد وَالتَصويبا
أَفهل تَرى وَجه امرئ ما غادرت / لَطمات نائبة عَليه ندوبا
كَتب الفَناء عَلى الجِباه فَأَن تسل / مقل الفَتى لَن تَمحو المَكتوبا
أَن تخلق الأَيام جدة عالم / مِن بَيتكم فَقَد اِرتَدَيت قَشيبا
لَكَ فكرة في العلم إِن وَجهتها / أَبدَت بِمنة ذي الجَلال غُيوبا
هَل كَيف تَحجب عَنكُم وَأَبوكُم / كشف الغِطاء فَبَّين المَحجوبا
لَكَ طيب أَنفاس يَرق هُبوبها / كَنَسيم نَجد إِذ يَرق هُبوبا
لَو بَعض خلقك في الخَلائق كُلها / لَغَدت شِفاه الأسد تنفح طيبا
تَحكي فَتضرب مِن سَماع عَبائر / لَو كُنَّ قافية لَكنَّ نَسيبا
فَإِذا سَمعت بَديع لَفظك شاقَني / حَتّى كَأَنّي أَسمع التَشبيبا
لَو يَنظر السرحان مِنكَ مَهابة / ما راعَ خَشفا بِالفلاة رَبيبا
وَاستأسد الظَبي الأتيلع جيده / فَتَراه تذعر مُقلتاه الذيبا
تَزهو المَحارب إِذ تَقوم مَصليا / بِكَ وَالمَنابر إِذ تَقوم خَطيبا
وَتَعد نافلة العَطاء فَريضة / وَالعُذر في آثارِها تَعقيبا
بِكَ قَد تَشرفت العراق وفاخرت / مصراً لِأَنك ما بَرحت خَصيبا
أَسقى الإِلَه ثَرى أَخيك سَحائِباً / يَنهل عارضها عَلَيكَ سُكوبا
وَقفت كَوقفة كاعب عذرية / لَمحت بِأَكناف السجاف حَبيبا
ألذُلي مِن أَباريق وَأَكواب
ألذُلي مِن أَباريق وَأَكواب / وَمِن تَشعشع راحٍ بَينَ أَحباب
وَمِن فَتاة يَزين الدل قامتها / جاءَت إِلي تهادي بَينَ أَتراب
وَمِن ترنم وَرقاء إِذا سجعت / عَلى الغُصون بِتَغريد وَأَطراب
وَمِن رِياض سقيط الطل باكرها / فَأرسلت نَسماتٍ ذات أَطياب
وَمِن لحاظ فَتاة نصل أسهمها / قَد ريشته بِأَجفان وَأَهداب
وَمِن محيّا حَبيب زارَني سحراً / مِن بَعد هجعة سمارٍ وَحجاب
آيات صدق أَتى المَولى الشَريف بِها / تَزري بِكُل أَخي إِفكٍ وَكَذّاب
صبَّت عَلى قِمَم الأَعداء صاعقة / تَشوي الوُجوه بِإِحراق وَإلهاب
مثل الكَتائب قَد صالَت كَتابتها / فذللت كُل ذي كبر وَإِعجاب
وَكُل سَطر عَلى جَيش العَدوّ غَدا / أَشَدَّ مِن أَلف طعّان وَضراب
فقشَّعت غبرة القَوم الأُولى جَهلوا / فَالحَمد لِلّه ما في الأَرض وَهابي
فَدونَكُم يا أَولي الأَلباب فَاعتبروا / ما ضمنت مِن تَفاصيل وَأَبواب
تَريكم عَن يَقين أن صاحبها / بِفتكه لَيث غاب غَير هَيّاب
قَد جاهد النَفس وَالأَعداء مُنتَصِراً / بَرّبه فَأَراه نَصر غلاب
وَمِن تجرده لِلّه كانَ لَهُ / حَق التَقدم في حَرب وَمحراب
لِلّه مِن قَلم أَضحى يَسدده / لَيث بِهِ اِعتاض عَن ظِفر وَعَن ناب
فَهَل تَراه مداداً بِاليراع جَرى / أم ريق صلٍ عَلى القرطاس منساب
مصباح رشد بمشكاة العُلوم غَدا / يَهدي إِلى الحَق فيها كُل مرتاب
كَأَنَّهُ بِجهاد المارقين شَبا / سَيف الوَصي أَبيه لَيسَ بِالنابي
طَريقة عبد وَهاب أَشاع بِها / وَاليَوم عَفّى ثَراها عَبد وَهاب
أَرجو الوَسيلة لِلباري بِسيدنا ال / هادي النَبي وفي آل وَأَصحاب
بَأَن يَرينا وَإِياه شفاعتهم / بِهِم بهم لا بِأَعمال وَأَنساب
جَرى ماؤنا مِن لُطف سُلطاننا عَذباً
جَرى ماؤنا مِن لُطف سُلطاننا عَذباً / فَلذَّ لَنا طَعماً وَطابَ لَنا شُربا
شَممنا شَذا أَنفاسه حينَ جَريه / فَانشقنا الرِيحان وَالمندل الرَطبا
حَبانا إمام العَصر مِن صدقاته / مَراحم فيها اِزدادَ مِن رَبه قُربا
إمام الوَرى عَبد الحَميد الَّذي جَرت / أَياديهِ حَتّى عَمَّت الشَرق وَالغَربا
يُحبُّ الرَعايا قَلبه وَجَميعهم / يَفدُّونه مِن طيب أَنفسهم حُباً
وَمَحفوفة الهَدبين مِن كُل مُسلم / تَودُّ لَهُ لَو أَنَّها تفرش الهدبا
دَعوناه مستسقين أَيام لَم نَجد / قَليبا وَلا عَيناً تُذاق وَلا سُحبا
فَأَجرى لَنا ماء الفُرات بعزمه / وَكُنا ظِماء لا نبلُّ بِهِ قَلبا
وَكُنا كَأعراب المَفاوز حقبة / مِن الدَهر في دَيمومة تعطش الضَبا
إِذا عَبَّ مِنّا عاطش في مَنامه / بِماء حَسدناه عَلَيهِ وَما عَبّا
وَأَن قالَ مِنا مخبر سَوف نَحتَسي / فُراتاً عَدَدنا كُلما قالَهُ كذبا
إِلى أَن أَغاثتنا الحَميدية الَّتي / عَلا ماؤها سَهل الغَريين وَالهَضا
وَشَقَت جِبالاً لَو تُقاس صِغارُها / بِرَضوى لَكانَت في ترفعها أَربى
نَرى شَقها صَعباً وَلَكن همة / لِسلطاننا ما غادرت مَطلَباً صَعبا
هُوَ اليَوم حامي بَيضة الدين عِن عِدىً / تَمَنت جهاراً لَو تَصيح بِهِ نَهبا
حسام هدى قَد أَرهف اللَه حَده / فَأَحكَمه مَتنا وَحدده غَربا
غَزا المُشركين الناكثين لِعهدهم / فجاهَدَهُم حَرباً وَناجَزَهُم ضَربا
وَعَبّا جُيوش المُسلِمين وَرَبهم / مُسومة الأَملاك في نَصرهم عَبّا
فَأَبعد عَن دار الهُدى كُل مُشرك / كَصاحب ذود ذاد مِن حَوضه الجَربا
بِسَيف بِأَمر اللَه يَخترم العِدى / وَرَأي بِعون اللَه يَخترق الحجبا
تَدور رَحى الإِسلام تِلقاء ساحة / بِها المَلك الغازي وَكانَ لَها قُطبا
رَعانا عَلى بُعد فَبتنا بِأَمنه / وَما ذعرت مِنا بزاة العِدى سربا
لَقَد كَفل الأَرض البَسيطة عَدله / وَأَكفَلَها مِنهُ العَواسل وَالقَضبا
بِحَيث بغاث الطَير لَم تَخش أَجدَلا / وَشاة الفَلا في القَفر لَم تحذر الذئبا
نَرى عِشر كَفيَّهِ كَعشر سَحائب / بِناحية الإِسلام ما تَركت جدبا
تَزيد عَلى أَمواله نَفقاته / وَلَو كُل ما تَحتَ السَماء لَهُ يجبى
وَلَيسَ يَبيت اللَيل إِلا مُفَكِراً / بِأَمر بِهِ يَرضي الرَعيّة وَالربا
فَمن مبلغ عَبد الحَميد تَشكراً / لِأَلطافه وَاللطف كان لَهُ دَأبا
بَنو النَجف الأَعلى غَدوا عتقاءه / مِن الكَرب لَمّا عَنهم فَرَّج الكربا
بِنهرين قَد أَصغى لَهُم ماء واحد / وَآخر قَد صَفوا حَدايقه الغَلبا
وَقَد عَلمت بَغداد أَن وَزيرها
وَقَد عَلمت بَغداد أَن وَزيرها / غَدا لإِمام العَصر أَسرَع مِن لَبّا
بِهِ مَهدت أَرض العِراق كَأَنَّما / يَد المُلك مِنهُ جَردت صارما عَضبا
وَأخصب واديها وآمن أَهلَها / فَطبَّقها عَدلاً وَأغدقها خصبا
وَضيَّق في أَهل الشَقا واسع الفَضا / فَما طَرَحوا إِلّا عَلى رَيبة جَنبا
لَقَد شَحن القَطر العراقي جُنده / فَكانَ كَغاب يَجمَع الأسد الغلبا
لِأَن فاتَهُ سن الشَباب فَطالَما / أَعيد لَهُ إِن أَوقدت يَدهُ حَربا
لَو أنَّ سُليمان الزَمان أَصاره / أَميراً بِوادي النمل ما نمله دَبّا
خُذوها وَلم أَبلغ عَلى مَن مدحته / وَلو كُنت نَظّمت الكَواكب وِالشُهبا
قُريشية في وَحي فكري أَرسلت / وَما سؤلها إِلّا المَودة في القُربى
لَقد صدّقت أَبياتها وَهِيَ عَذبة / إِذ الناس في تاريخها شَرِبوا العَذبا
سر حَيث شئت فأن حظك غالب
سر حَيث شئت فأن حظك غالب / وَالنَصر مِن رَب السَما لَك صاحب
وَاركَب عَلى اسم اللَه إِنكَ راجع / بعداك أَسرى وَالخُيول جَنائب
حاشاك مالك في الغَنائم رَغبة / بَل أَنتَ في عز العَشيرة راغب
هب إِن سَيفك أَلف ذود ناهب / فندا يَمينك ضعف ذَلِكَ واهب
وَجه بوجهك حَيث شئت فَما بَقى / مِن دُون وَجهك في القَبائل خاضب
وَبِكُل واد قَد صنعت وَليمة / لِلطَير يَحضرها العقاب الغائب
وَاليَوم حائمة الطُيور تَباشَرَت / بِالخَصب مُذ عَرفتك إِنكَ راكب
إِن قابلتك قبيلة وقع الرَدى / فيها وَداس عَلى القَتيل الهارب
لم لا تذلُّ لَكَ القَبائل كُلَها / وَتراع مِنكَ مَشارق وَمَغارب
وَاللَه عَونك وَالسُيوف قَواطع / وَالجُند شمَّر وَالخُيول نَجائب
خَيل إِذا تَنساب فَهِيَ أَراقم / أَو شالت الأَذناب فَهيَ عَقارب
مَهما جَرَت حجب السَماء عجاجها / فَكأنَّما هِيَ عارض متراكب
أَحلى لَديك مِن السَرير تحلُّه / لِلحَرب أَمّا صَهوة أَو غارب
وَألذُّ عِندك مِن سَماح وَمائه / هَيجاء مِنها كُل ريق ذائب
لَكَ مذهب حب الكفاح وَإِنَّما / لِلناس فيما يَعشَقون مَذاهب
إِن أَنتَ صبَّحت العَدو بِغارة / قامَت عَلَيهِ مَع العشيّ نَوادب
مَن قالَ إِنكَ خَير مَن نَزل الفَلا / عزاً وَمكرمة فَما هُو كاذب
وَاديك يسقي وَالوهاد عَواطش / وَحماك يَضحك وَالسُنون قَواطب
بالراسيات كَأَنَّهن أَجارع / وَالمشرقات كَأَنهن كَواكب
لا أَختشي زَمَني وَوَجهك سالم / وليّ الفَتى عَبد العَزيز مصاحب
قرَّت بِهِ عَين الأَمير فَأَنَّهُ / لِيمينه مثل المهند صائب
عشق العُلى قَبل البُلوغ وَماله / بِسوى العلى وَالمكرمات مآرب
يَصطاد بِالسَيف الأَسود وَإِنَّما / صَيد المُلوك أَرانب وَثَعالب
يا مَن يُحاول ثانياً لمحمد / إِن كُنت في سند فطيفك كاذب
ما البَدر في الأَفلاك إِلا واحد / إِن رُمت ثانية فَعقلك ذاهب
كُل امرء يَعني بِكسب مَعيشة / وَرجال شمَّر بِالرِماح كَواسب
اللَه صَيَّر رزقهم بِرماحهم / لَم يَسألوا مِن غَيرِها وَيطالبوا
مثل الأُسود مَتى تَجُوع تكفلت / بِالقُوت أظفار لَها وَمخالب
أَنا يا محمد بِالمديح مواظب / فاسلم وَأَنتَ عَلى الجَميل تَواظب
لازلت تَمنحني العَطاء وَإِنَّني / شُكر الجَميل عليَّ فَرض واجب
الحَمد لِلّه كَم لِلشَرع نُواب
الحَمد لِلّه كَم لِلشَرع نُواب / إِن سدَّ باب لَه يَفتحن أَبواب
فَكَم بِهِ قاطن بَعد الأولى ظعنوا / وَكَم بِهِ نائب بَعد الأَولى غابوا
وَكَيفَ لَم يَلقَ لِلباقين مقوده / وَهُم بخدمته شبُّوا كَما شابوا
ملكت فكرتي بكار المَعاني
ملكت فكرتي بكار المَعاني / وَإِلى الآن ما ملكت كِتابا
هب زمان الصبا استقل وَغابا
هب زمان الصبا استقل وَغابا / أَعلى المَرء سبَّة أَن تصابي
إِنَّ في القَلب أَريحية حبّ / لزمتني مِن يَوم كُنت شَبابا
شاب صَفو الوداد كُل خَليل / لي لَما رَأى قذالي شابا
عبن مني المشيب وَهوَ وَقار / لا تَرى المَرء في سِواه مهابا
إِن لَون البزاة يَنفر مِنهُ الر / ريم خَوفاً وَلَيسَ يَخشى الغَرابا
وَحَقكُم ما ازورَّ لي عَنكُم جَنب
وَحَقكُم ما ازورَّ لي عَنكُم جَنب / وَلا حلن أَحوالي وَلا انقلب القَلب
صَبَوت إِلَيكُم قَبل أَن أَعرف الصبا / وَما كُنت لَولا طَيب إِحسانكُم أَصبو
رايتَكُم أَحنى وَاعطف مِن أَبي / عليّ وأوفى الصَحب إِن خانني الصحب
فَقُلت لِنَفسي ههنا وَيحك احبسي / فَهذا المَكان الرَحب وَالمنزل الخصب
صَبَرت عَلى ما فيكُم مِن شَراسة / وَقُلت بِطُول العتب قَد يُفسد الحُب
وَلا عَجب مِنكُم فَفي الراح سُورة / وَمَن كَدر لا يسلم البارد العَذب
وَيَعجبك السَيف الصَقيل وَقَد يَنبو / وَيَجري بِكَ الطرف الجَواد وَقَد يَكبو
عَلى كُل حال لا أَحول وَأَنتُم / أَحبَّة قَلبي لِأَملال وَلا عَتب
دَع كَثير الجَوى وَخلِّ الوَجيبا
دَع كَثير الجَوى وَخلِّ الوَجيبا / وَانتشق مِن نَسيب حَيدر طيبا
فَجَميل إِلى إلهنا أَن تَجيبا / نَفحات السُرور أَحيت حَبيبا
فَحبتنا مِن النَسيب نَصيبا /
باكرتنا بَشيرة بالتهاني / نسمات سرت مِن النعمان
أنعشت مِن ذوي الهَوى كُل فاني / وَأَعادَت لَنا صَريع الغَواني
يَستَرقُّ الغَرام وَالتَشبيبا /
أنشقتنا بِالخيف نشر رَبيع / يَشتَفي فيهِ كُل صَب وَجيع
وَحَمام الحِمى بِسجع بَديع / غادرتنا نجرُّ رجل خَليع
غَزل كَالصبا يَعد المشيبا /
حَبَّذا أَنسنا بِأَطيب أَرض / بَينَ آس زَهى وَنَرجس رَوض
حَيث عَين الزَمان مِن بَعد غَضِّ / نعمتنا بناعم القَد غَض
قَد كَساه الشَباب بَردا قَشيبا /
كَم نَشَرنا مطويَّ شَوق إِلَيه / فَثَنى عَن وَصالنا عارضيه
وَمُذ العَتب رَقَّ مِنا لَديه / زارَنا وَالنَسيم نمّ عَلَيه
فَكَأن النَسيم كانَ رَقيبا /
جاءَنا في الدُجى وَأَبدى المحيّا / فَحسبنا الشُموس ضاءَت عَشيّا
وَسَعى مِنهُ بَيننا بِالحميا / رَشأ عاطش الموشح ريا
إن بماء الصبا يَميس قَضيبا /
أخجل النيرين لما تَجلى / بِمحيا قَد راق حُسناً وَشَكلا
بَدر حسن لَم يَحكه البَدر كُلا / ما نَضى برقع المحاسن إِلّا
لَبس البَدر لِلحَياء الغُروبا /
صَبغت خدَّه الطلا فاستنارا / مِثلما أَوقدت يَد البَرق نارا
أَي وَخد بِوصفه الفكر حارا / لِو رَأَت نار وَجنَتيهِ النَصارى
عبدت كَالمَجوس مِنها اللَهيبا /
لا وَلا لِليَهود يُعرف سَبت / وَلنار المَجوس لَم يَبق بَيت
إن يَقل راهب لَها لا سَجدت /
أَولحاها قسسها لأَتت تو / قَد فيها ناقوسها وَالصَليبا
أَغيد يَعذب الهَوى بلقاه / شَهدة النَحل تَجتَني مِن لماه
بأَن عذري مَهما أَزد في هَواه / كَم لحاني العَذول ثُم رآه
فَغدا شَيّقا إِلَيهِ طروبا /
وَدَعى مَن يُحب تِلكَ الخُدودا / عاش في لذة الهَوى مَسعودا
فَتَولى صَبا وَزادَ وُقودا / جاءَني لائِماً فَعادَ حَسودا
ربّ داء سَرى فَأعدى الطَبيبا /
فاعد يا مُدير صَرف الحَميا / أَنت نَبهت لِلتَصابي وَعيّا
ذكر ريم قَد أَهلت كَثب رَيا /
يا نَديمي أطرَبت سَمعي بلميا / ء وَيا رَب زدتَني تَعذيبا
زنت خَلق السَما بِكَف خضيب / لَيسَ يَحمى عَن شاحط وَقَريب
وَإِنا لي أَن تُومي كَف حَبيب / لي فيها جَعلت أَلف رَقيب
وَلشهب السَما جَعلت رَقيبا /
ذات خَد يَزهو وَإِن لَم تَزنه / ذات وَرد تَحكي الشَقائق عَنه
ذات عَهد لشق لَم تَخنهُ / ذات قَد تَكاد تَقصف مِنهُ
نَسمات الدَلال غُصناً رَطيبا /
حُبُّ ذات الوِشاح خامر لبي / وَبِها قَد شجبت مِن دُون صحبي
يا نَديمي وَحُب لَمياء دَأبي / فَأعد ذكرها لِسَمعي وَقَلبي
كادَ شَوقاً لذكرها أَن يَذوبا /
كَم رَشفنا يَوم اللقا سَلسَبيلا / وَشَفينا بِالغانيات غَليلا
حَيث لا نَبتَغي بلميا بَديلا / كَفلا ناعِماً وَطَرفا كَحيلا
وَحشاً مخطفا وَكفّاً خَضيبا /
أَخجل الياسمين مايس قَدٍّ / مثمر لِلهَوى أَعاجيب وَرد
فكزهر الأَكمام بَهجة نَهد / وَكوشي الرِياض وَجَنة خَد
يَقطف اللَثم مِنهُ وَرداً عَجيبا /
كُلَّما همَّ عاشق بِجناه / أَرسل الصَدغ عَقرَبا فحماه
وَرد خَد طابَ الهَوى بِشَذاه / كُلَّما طلَّه الحَيا بِنداه
رش ماء فبلَّ فيهِ القُلوبا /
يا شَهيّ الرِضاب أَضنيت حالي / حينَ أَحرَمتَني نَعيم الوِصال
يا قَريباً لَولا اشتباك العَوالي / يا بَعيداً أثمرن مِنهُ أَعالي
غُصن القَدّ لي عَناقا قَريبا /
لم تَزل وَالظبا بِأَطيَب كَثب / مُستلذا مِن النَسيم بِعَذب
يا غَزالاً زَهى بِهِ كُل سرب / لَم تَزل تَألف الكَثيب وَقَلبي
يَتمنّى بِأَن يَكُون الكَثيبا /
صاحَ داعي هَواك وَالنَفس لَبَّت / وَلَظى الشَوق في الجَوانح شَبَّت
فَأَنا الصب كُلَّما الريح هَبَّت / أَو بَخديك عقرب الصدغ دَبت
بِفُؤادي لَها وَجدت دَبيبا /
قَد وَجَدت الهَوى قَليل المعاون / فَتخلصت يا بَديع المَحاسن
وَأَنا فيكَ لَستُ بِالمُتهاون / أَنتَ رَيحانة المشوق وَلَكن
جاءَنا ما يَفوق ريّاك طيبا /
ما تَرى الكَون يَزدَهي جانباه / وإمام الهُدى يرفّ لِواه
إِن تَكدر خَواطر لعداه / فَلَنا عَن محمد بشذاه
نَسمات الإقبال طابَت هَبوبا /
جاءَ يَعدو بَشيره فاستبقنا / لِفَتى مِنهُ بَرق قدس رمقنا
لفَّنا شَوقه فَلمّا اعتنقنا / نفحتنا أعطافه فانتشقنا
أرجا عطَّر الصِبا وَالجُنوبا /
رحب البَيت مُذ سَعى وَهُوَ حافي / وَاقتفته الأَملاك عِندَ الطَوافِ
وَهُوَ مُذ جاءَ فَوقَ بَدن خفاف / أَكثرت شَوقَها إِلَيهِ القَوافي
فَأَقلَّت لِلمَدح فيهِ النَسيبا /
علم الدين إِنكم حَيث كُنتُم / أَشرَف الخَلق سرتم أَم قطنتم
لم يَخف مهتدٍ بِما قَد سننتم / لحظات الإِله في الخَلق أَنتُم
وابن رَيب مِن رَدَّ ذا مستريبا /
كَم سَبقتُم إِلى العُلا وَرهنتم / وَانفردتم بقصبة الفَخر أَنتُم
خفَّ لِلصَيد جانِباً إن وَزنتم / وَمتى تنتظم قنا الفَخر كُنتُم
صَدرَها وَالكِرام كانوا كعوبا /
أَصبَح المَجد وَهُوَ داني الظلال / وَهمى في البِلاد غَيث النَوال
وَتَداعوا عَلى رِياض الكَمال / بَردت بِالهَنا ثُغور المَعالي
فَجَلى الابتسام مِنهُ الغُروبا /
شَبَّ دَهر مِن بَعد ما قَد تشيخ / وَبِطيب الإقبال زَهواً تضمخ
أَصبَح الكَون وَهُو يدعو بخٍ بخ / وَوُجوه الأَيام قَد أَصبَحَت تَخ
طب زَهواً وَكُنَّ قبل خطوبا /
فَغَدا الدين وَهُوَ باسم ثغرٍ / بِقدوم الهداة سادات فَهر
وَوُجوه الكِرام مِن كُل قُطرٍ / ضحكت بَهجة بِلامع بشر
لَم يَدع لِلتَقطيب فيهِ نَصيبا /
نَزلوا في حِمى الوصي فأَوحش / مَنزل كَم زَهى ببشرهم الهش
بشرهم شَمسنا إِذا الدَهر أغطش /
لَيت شعري أَكانَ للنجف الأَش / رف أَم لِلفَيحاء أَجلى شحوبا
زَهَت الأَرض وَالغياث أَتاها / وَالغريُّ اِزدَهى بقرة طَه
أَدرَكت فيهم المُلوك مُناها / فَتَعاطَت عَلى اِختِلاف هَواها
ضَربا هذه وَتلكَ ضَريبا /
ما دَعَوناك يا أَنيس التَوحش / لِمدام مِنها المَفاصل ترعش
فَبصفوٍ ما فيهِ شائِبة الغُش /
فِأَدر لي يا صاحِبي حلب البش / ر المصفى وَاترك لِغَيري الحَليبا
يا أَبا صالح وَفيك تَهنىَّ / قُبَّة الفَخر إذ لَها كُنت رُكنا
وَسعت كَفك الخَلائق مِنّا / أَيُّها القارم الَّذي تَتَمنى
كُل عَين رَأَته أَن لا يَغيبا /
لَم تَزل في الحِجاز كَهفاً وَظلا / فَجَبلا تَدني وَتؤوي جَبَلا
هَكَذا أَنتَ محرما أَو محلا / كُل فَج لَم تَرتَحل عَنهُ الا
وأقمت السَماح فيهِ خَطيبا /
لَكَ خيّم لَها الرَكائب تَأوي / كُل فَج يَروق فيها وَدوى
لَم يَطق جحد ما ادعيت عَدوي / قَد شَهدن الفجاج أَن بِتَقوي
ضك للجود في الفَلا تَطنيبا /
فَبِكَ الكَعبة انبرت تَتَباهى / إذ خَليل الرَحمان فيكَ بَناها
فَرحت فيكَ مُذ نَزلت حِماها / قَد بَذَلت القرى بِها وَسَقاها
بِكَ رَبُّ السَماء غَيثاً سَكوبا /
فَاهنأ اليَوم إِنَّما الأَمر أَمرك / يَفعل الدَهر ما يَشاء وَيَترك
كُل ملك كَالعبد حَولك يَبرك /
يا اِبن قَوم يَكاد يُمسكها الرك / ن كَما يَمسك الحَبيب حَبيبا
جئته وَالحَجيج خَلفك تَتَرى / فَغَدَت تَستَطيل مَكة فَخرا
يا كَريماً سَمى بِهِ البَيت قَدرا /
بِكَ باهى مَقام جَدك إِبرا / هيم لَما إِن قُمت فيهِ مُنيبا
جاوَبتك البِقاع غَرباً وَشَرقا / حينَ نادَيت رَبي لَبيكَ حَقا
لَو تَطيق التِلاع حَيَّتك شَوقا / وَلَو أَنَّ البِطاح تَملك نطقا
لَسمعت التَأهيل وَالتَرحيبا /
كادَ بَيت الخَليل شَوقاً يؤمك / حينَ أَهدى لَهُ شَذا الطَيب جسمك
وَالرُبوع التي بِها كان قَومك /
مِنكَ حيَّت عمر العلا ذَلِكَ المك / ثر للضيف زادَهُ وَالمَطيبا
يا بَهياً مِنهُ الشَمائل شاقَت / وَلَهُ طَلعة عَلى الشَمس فاقَت
كُل نَفس بِالبَيت نَحوَك تاقَت / وَارتها شَمائل لَكَ راقَت
إِن شَيخ البَطحاء قام مُهيبا /
أيقن الناس مِن هبات تَوالَت / عاد ذو الرحلَتين وَالأَرض سالَت
فَلذا مَكة سَمت وَاِستَطالَت / وَاستهلت طَير السَماء وَقالَت
مشبع الطَير جاءَ يَطوي السُهوبا /
أَنتَ فيها مِن شَيبة الحَمد أَولى / إِذ تَعديت فيهِ فَضلاً وَطُولا
وَلِهَذا مِن ذاكَ أَنشأ قَولا / إِن هَذا لَشيبة الحَمد أَولا
فابن من سادَها شَباباً وَشيبا /
رجع الدين مثل ما كانَ أوَّل / بابي صالح الإِمام المؤمل
فَكَأن الإِسلام لم يتبدل /
شَرَفاً يا بَني الإِمامة قَد أل / لَف مهديُّها عَليها القُلوبا
كَم دَعى الشرك ملة فَأَجابَت / وَعَلى دَكة القَضاء اِستَنابَت
خَسرت صَفقة العتاة وَخابَت / وَإِلَيهِ رِياسة الدين آبت
وَقصارى اِنتِظارها أَن تُؤوبا /
عَرفته الأَيام مُذ جَربته / ثاقب العَزم فَترة ما عَرته
جُودة الرَأي في الوَرى سَددته / كُلما عن مشكل حضرته
فكرة فيهِ أَطلعته الغُيوبا /
ذو جلاد عَلى الرَدى لَيسَ يَلوى / مِن خَطوب يَسيخ مِنهن رَضوى
أَفضل العالمين علماً وَتَقوى /
أَحزم العالمين رَأياً وَأَقوا / هُم عَلى العاجمين عوداً صَليبا
كُل سام لِشان وَلدك يَنحَط / وَهُم اليَوم قطب دائرة الخَط
ما اِستَنارَت شَمس عَلى مثلهم قَط /
يا أَبا الأَنجُم الزَواهر في الخَط / ب بِقَلب الحَسود أَبقوا ثقوبا
فَهُم لِلصَريخ أَبناء شَده / وَلقلب الضَعيف كنز وَعدَّه
كُل سَمح اليدين يَسعف وَفده /
حلف المَجد فيكَ لا يَلد الده / ر لَهُم في بَني المَعالي ضَريبا
زعماء الوَرى أَولو العقد وَالحل / وَبحور النَدى إِذا العام أَمحَل
وَبِهُم يَقطَع الخِطاب وَيفصل /
لَيتَ شعري هَل الصَوارم أَم ال / سنهم في الخِصام أَمضى غُروبا
لَو ت تَدلى إِلى قراهم اخوطيّ / لانثنى باهِتاً وَادرَكَهُ العي
لَيت شعري في الوَرى مثلهم حَي /
وَالغَوادي للعام أَضحك أَم أي / ديهم البيض إِن دجت تَقطيبا
أَنتَ حَقا أَورثَتهُم خَير فهم / صائب رَأيهم بظنّ وَوَهم
لا تَخف مِن آرائهم طَيش سَهم / إِن مِن عَن قسي رَأيك يَرمي
لجدير سهامه أَن تصيبا /
يا مَجداً قَد راحَ بِالقَفر يَنجو / إِن رَماه قَفر تَلَّقاه فَجُّ
فَزت إِن كُنت جَعفر الجُود تَرجو /
خَير ما اِستغزر الرَجا جَعفر الجُو / د وَناهيك أَن ترود وَهوبا
راحتاه حَوَت سَحائب عَشرا / لَم تَصلها البُحور صغرى وَكُبرى
أَي وَكفيهِ وَهِيَ بِالجُود أَحرى / لَو بصغرى البَنان ساجل بَحرا
لَأَرى البَحر أَن فيهِ نُضوبا /
وَقِرٌ وَالمَديح قَد يَستفزه / وَنَسيم الإِطراء دَوما يَهزه
شَيب في رقة الظَرافة عزه /
أَريحي أَرق طَبعاً مِن الزَه / ر المندى باكرته مستطيبا
أَنشأ الفكر في علاه اِمتِداحاً / فَثَنى التيه مِنهُ غُصناً رداحا
هُوَ طود رزانة وَرجاجا / عَجَباً هَزهُ المَديح اِرتِياحا
وَاهتِزاز الأَطواد كانَ عَجيبا /
هُوَ لِلجُود صالح لم يُساجل / وَجَميع الكَمال فيهِ تَكامل
هُوَ في مجلس الكِرام إِذا حَل /
أَطيب الناس مئزراً وَوراء ال / غَيب أَنقى عَلى العَفاف جُيوبا
تاجه يَستَنير مِن فَوق صَدغ / لَو رَأى الشَمس لَم تعاود لبزغ
يا نَديمي إِني دَعوتك فَاصغي / قُل لِمَن رامَ شَأوه أَينَ تَبغي
قَد تَعلقت ظَنَّك المَكذوبا /
كَم تَطيلون غَيَّكُم وَعماكم / فَإِلَيكُم عَن صالح وَوَراكم
أَو ما في الحسين ما قَد نَهاكُم / وَتَرمون نَيراً قَد سَماكُم
إِن تَطيلوا وَراءه التَقريبا /
كُلَهُم ذو مَآثر تَتَبلج / وَسَجايا مِن طيبها الكَون يَأرج
أَهل بَيت فيهِ الشدائد تُفرج /
سادة لِلعُلا يرشحها المج / د وَليداً وَناشِئاً وَرَبيبا
رَكبو أَغارب السُعود وَجدوا / وَنَحوَها لِغاية لا تُحدُّ
فَهُم حَيثما المَعالي تَود / سَمروا في قباب مَجد أَعدُّوا
حارسيها التَرغيب وَالتَرهيبا /
كَم أَشادوا بِوافر الجُود مَجداً / وَسِواهُم أَعطى فَتيلاً وَأكدى
لا تحيّ الَّذي عَن الوَفد صَدا / حَي بسّامة العَشي تَفدّى
بوجوه كَم قَد دَجَت تَقطيبا /
مِن رآها أرته شؤماً وَنحسا / وَاستردت مِن يَأمل الخَير نَكسا
شهن تِلكَ الوُجوه تَبّاً وَتَعسا / كَم دَعاها الرَجا فَأَنشد يأَسا
مِن سَجايا الطُلول أَن لا تُجيبا /
قَد أَضعنا في مَدحهم قُرطاسا / فَأَدر لي وَاهج الأَعاجم كاسا
كان وَسم المَديح فيهم غَريبا / لا عدا ميسم الهجاء أُناسا
فَكَسونا مِن التَشكي لِباسا /
أَنا عِندي مِن غَير حَظ تَعسف / وَالغِنى بِالجُدود لا بِالتَكَلف
كُل قَلب بِالمال يَقوى وَيَضعف /
صبغ اللَه أَوجه البيض وَالصف / ر بِحَظ الَّذي يَكون أَديبا
كَم لَئيم بِها تَنعم دَوماً / وَكَريم لَم يُلفِها الدَهر يَوما
نَحنُ لمنا لَو تَسمع الصفر لَوما / كَم أَعارت مَحاسن الدَهر قَوما
مَلأوا عَيبة الزَمان عُيوبا /
لا تَفيق الحُظوظ مِن طُول نَوم / فَجُفون الجفاة يَوماً بِيَوم
يا مجيلا خَيل المَديح لسوم / فَأَعدلي وَدَعهم ذكر قَوم
لَكَ مَهما نَشرته اِزدادَ طِيبا /
ما بَلغنا وَفاء صدق الإِخاء / بِثَناكُم يا عترة الأمناء
جئت في عذر مفلق الشعراء / عترة الوَحي ما أَقلَّ ثَنائي
إنَّ ظهر الإِنشاد لَيسَ رَكوبا /
لا وَإيمانَكُم وَحسن السَجايا / وَاكف عودتموها العَطايا
ما تلجلجت مُنشداً في البَرايا / بَل بصدر القَول ازدحمن مَزايا
كَيف ضيَّقنه وَكانَ رَحيبا /
بلَّ رَوض الكَمال وَبَل نَداكُم / وَاِزدَهى قَولَنا بِنُور عُلاكُم
جئتكم ناسِجاً لِبَرد ثَناكُم / فَبثوب الزَمان لَيسَ سِواكُم
فَالبسوه عَلى الدَوام قَشيبا /
عَلامَ دُموع أَعيننا تَصوب
عَلامَ دُموع أَعيننا تَصوب / إِذا لِحَبيبه اِشتاقَ الحَبيب
وَفيمَ نَضيق بِالأَزراء ذرعا / وَفي الجَنات مَنزله رَحيب
أَصابَكَ يا حَبيب اللَه حَتف / أَصيب بِهِ القَبائل وَالشُعوب
وَحادَكَ لِلرَدى سَفر بَعيد / يُؤوب القارضان وَلا يؤوب
أَقم وَاللَه جارَك في ضَريح / موسدة بهِ مَعك القُلوب
وَأَبناء العُلوم عَليك لابَت / كَسرب قَطا عَلى وَرد يَلوب
ألا لا حانَ يَومك فَهُوَ يَوم / عَلى دين الهُدى يَوم عَصيب
بُكاك المنبر السامي علاء / كَأَنَّك فَوقَ ذروته خَطيب
وَتَلتقف الأَفاضل مِنكَ وَحياً / بِهِ لَكَ يَهبط الفكر المصيب
نَظرت بِنور رَبك كُل غَيب / فَكانَت نَصب عَينيك الغيوب
تَرى العلماء حشدا وَاحتفالاً / لِتَعرف كَيفَ تَسأل أَو تُجيب
كَأَنَّهُم لَديك رِفاق شُرب / تُدار عَلَيهُم مِن فيك كُوب
إمام زماننا مذ نبت عَنهُ / حَسبنا أَنَّهُ ظهر المَنوب
ولو لَم تحرس الإِسلام أَضحى / يَعلّق بَينَ أَعيُنِنا الصَليب
لَئن شقت عَلى المَوتى جُيوب / فَحَق بِأَن تَشق لَكُ القُلوب
سَترت عُيوب هذا الدَهر حيناً / فبعدك ملء عَيبته عُيوب
وَكُنت بَقية الحَسنات مِنهُ / فَبعدك كُلما فيهِ ذُنوب
نَشرت العلم في الآفاق حَتّى / طَوى أَضلاع شانئك الوَجيب
تَساقط حكمة فَتطير فيها / إِلى الناس الشَمائل وَالجنُوب
قَضيت العُمر في تَعب وَجُهد / وَما نالَ المُنى إِلا التعوب
فلم يَرقدك عَن علم شَباب / وَلم يقعدك عَن نفل مشيب
وَتَترك ما يَريبك كُل حين / مجاوزة إِلى مالا يريب
لَوَ أنَّ شَعوب يِدفعها عِلاج / لَما ذهبت بِبقراط شعوب
إِذا الأَجل المتاح أَصابَ شَخصاً / فَلا عَجب إِذا أَخطا الطَبيب
أروّاد العُلوم ألا أقيموا / بِيأس إن مرتعه جَديب
فَقَد وَاللَه قشَّع مِن سماه / ضَحوك البَرق وَكَّاف سَكوب
وَإِن خَصيب هذا المصراودي / فَلا مَصر هُناك وَلا خَصيب
ألا يا دهر مِنكَ خَطب / عَلَينا فيهِ هَونت الخُطوب
فَبعد صَنيعك ارم لا نبالي / اتخطئنا سِهامك أَم تُصيب
فَيا صَبراً أمام الناس صَبرا / فَكُل الناس مِثلك قَد أصيبوا
بلاء عمَّ وَالأَمثال قالَت / إِذا ما عَمَت البَلوى تَطيب
إِلَيكَ الدَهر قَد أَلقى زِماماً / فَقُد يَنقد كَما اِنقادَ الجَنيب
لَقَد صَدق المخيلة مِنكَ بشر / يَلوح وَراءه كَرم وَطيب
وَبشر سِواك كان لَهُ شَبيهاً / سَراب القاع وَالبَرق الخَلوب
لَقَد كَرمت طِباعك في زَمان / بِهِ كَرم الطِباع هُوَ العَجيب
وَما أَعداك هذا الجيل بُخلاً / كَأَنَّك بَينَ أظَهرهم غَريب
فَما أَسفَرت في اللأواء إِلا / وَجاءَ بِوجهك الفَرج القَريب
تَخاف وَتَرتَجي دَوماً فَأَنتَ ال / فُرات العَذب وَالنار الشَبوب
فَفي بَذل النَدى غَيث ضَحوك / وَفي يَوم الوَغى لَيث قَطوب
أَغيرك تَطلب العَلياء كَفوا / وَمُنذُ وَلدت أَنتَ لَها رَبيب
أَقول لِمَن يُحاول أَن يُباري / علاك وَغره الأَمل الكَذوب
نعم سَتنال ما تبغي وَلَكن / إِذا ما عادَ للضرع الحَليب
سَقى جَدث الحبيب سحاب عفو / مِن الرضوان تلفحه الهَبوب
أَخي إِن الزَّمان لَهُ صُروف
أَخي إِن الزَّمان لَهُ صُروف / وَأَعظمها مفارقة الأَحبه
فَها أَنا بِالغريين وَلَكن / إِلى بَغداد نَفسي مشرئبة
حلفت بِمن أَترك وَهُم حَجيج / وَفي عتبات دارك وَهِيَ كعبه
كَأَنّي بَينَ إِخواني غَريب / وَدار لَست فيها دار غربه
ذكرت لَياليا قَد كُنت فيها / بقربك أَجتلي كاس المَحبه
لَقد شبَّهت وَجهك بَدر تمّ / وَلَكن الفَضيلة للمُشبه
أَقَمت وَقَلبي يَقتَفي أَثر الرَكب
أَقَمت وَقَلبي يَقتَفي أَثر الرَكب / فَما حال جسم قَد أَقامَ بِلا قَلب
سَروا والكعاب الرود بين رحالهم / كَأَنَّهُم ساروا مِن العَين في سرب
محجبة بَينَ الظُعون شُموسهم / بِغيم مِن السمر العَواسل وَالقضب
فَحامَت عَلى تِلكَ الثُغور حَشاشَتي / كَما حامَ حَران إِلى البارد العَذب
وَنَحت عَلى تِلكَ المَعاطف باكياً / كَما ناحَت الوَرقا عَلى الغُصن الرَطب
سَلام عَلى تِلكَ الظِباء وَإِن أَبَت / جآذرها الا النفار عَن الصَب
وَجازَينني عَن فرط حبيَ بِالجَفا / وَما العَدل أَن يُعطي الجفا بدل الحُب
يا مُنَى النَّفس أَنتَ بَهجة أَنس
يا مُنَى النَّفس أَنتَ بَهجة أَنس / لي في حالَتي حُضور وَغَيبه
لَو رَأى البَدر حسن وَجهك لَيلاً / عادَ مُستَخفياً ليستر عَيبه
صَدرك الرَحب يَشهد اللَه فيهِ / أَنَّهُ لِلنهى وعاء وَعَيبه
أَنا اَرجو الدنوَّ مِنكَ وَدهري / لَم يَزَل معقبا رَجائي خَيبه
فَهَنيئاً لَكَ المَقام بِأَرض / شَملتها مِن نُور جَدي هَيبه
فَعَلى أَحمَد التَحيات مِني / طَيبات ما دامَ مَأواه طَيبه
لِلمَها مِنكَ نَظرة وَالتفات
لِلمَها مِنكَ نَظرة وَالتفات / وَببدر السَماء مِنكَ سِمات
وَلو رَد الرِياض مِنكَ اِبتِهاج / رَسمته الخُدود وَالوَجنات
وَقدود الغُصون إِن هِيَ مالَت / فَهِيَ شَوقاً إِلَيك منعطفات
لَكَ نَفسي الفِداء يا حامل ال / كاس أَرقها فإِن كاسي اللثات
حمل القَلب مِنكَ عَبأ ثَقيلا / يا خَفيفا خَفت بِهِ الحَرَكات
مِن عَذيري بِهِ رَخيم دَلال / فَتنتَني أَلحاظه الفاتِرات
وَنبات العذار زاد وُلوعي / وَمِن الجَهل أَن يعاف النَبات
عَكست خَده الطلا فاستنارَت / مِثلَما تَعكس الشُموس المراة
غنج اللحظ اتلع الجَيد يَحلو / مِنهُ دل وَغَمزة والتفات
ما أحيلاه وَالأ كاويب تجلى / بَيننا إذ نقول هاكُم وَهاتُوا
وَبخديه غض وَرد نَضير / قَطفته الشِفاه لا الراحات
دبَّ في خَده العذار فَزا / دَتني ملاما عَلى هَواه اللحات
لَيت شعري وَللندامى اجتِماع / في رِياض تَجلى بِها الكاسات
اشموس تَطلعت أم سقاة / وَرحيق في الكاس أَم وَجنات
قَد نعمنا بِها بأطيب عَيش / غاب حساده وَولّى الوشاة
عَميت أَعين الكَواشح عَنا / لَيسَ يَدرون أَين بِتنا وَباتوا
يا مبيتا بِهِ الصبا نَفحتنا / فَحمدنا الصبا وَطابَ البيات
وَعَلى غَفلة الرَقيب نعمنا / بِفَتاة تغار مِنها المهاة
فَإِذا طرفها رَنى فَهُوَ ريم / وَإِذ عَطفها اِنثَنى فقَناة
طرقتنا وَهنا وَقالت رضابي / لِقَتيل الغَرام فيهِ حياة
فَسقتنا مِن ريقها فَأَرتنا / كَيف تحيى العِظام وَهِيَ رفات
وَشربنا مِن العَقيق مذابا / فَهنيئاً للشارب الرشفات
وَانتشينا مِن خَمرة بلماها / فَسكرنا بِها وَنَحنُ صِحات
وَعجبنا من ثَغرِها كَيفَ فيهِ / يُوجد الدر وَهُوَ عَذب فُرات
هَذِهِ خمرة المحبين لاما / عتقتها بِدنّها الحانات
نُورَها قبلة المحبين طرا / وَبتذكارها تلج الحداة
يا نداماي لِلرِياض هلموا / وَإِلى الراح فَاِنهَضوا يا سقاة
فُرصة لِلشَباب فَاِنتَهَزوها / في زَمان أَعوامه ساعات
بادروا لذة الغَرام فللتأ / خير عَن كُلِّ لذة آفات
برضاب عَذب المَذاق وَلَكن / قَد حمته مِن الجُفون الرماة
لا نَخاف السُيوف إِلا إِذا ما / مِن سُيوف الظِبا تسل الظُباة
خَلياني إن الصَبابة ديني / وَعَلَيهِ المَحيا وَفيهِ الممات
ما أُبالي إذا ثقلن ذُنوبي / وَاستخفت بوزنها الحَسنَات
إِن حب الحسين شبل علي / فيهِ تَمحي الذُنوب وَالسَيئات
مِن بَني جَعفر الكِرام أَباة الض / ضَيم إِن عُدِّد الكِرام الأباة
علماء أيمة حكماء / سادة قادة أباة هداة
عرف الدين منهُم وَاليهم / خَبر العلم أَسندته الرواة
مَن يُشاهد كَشف الغِطاء عَيانا / لَم يُشكك بِأَنَّهُ آيات
وَبأنوارها استنارَت سراة ال / علم إِن ضل الطَريق السراة
لا تَقس غَيرهم بِهُم فلعمر ال / مَجد بالذر لا تُقاس الحصاة
لَهُم المَجد حبوة وَهومما / وَرثته الآباء وَالأُمَهات
رشحتهم لَهُ الأُسود الضَواري / وَسَقتهم لبانه اللبوات
لَهُم المَجد طارِفاً وَتَليدا / وَسِواهُم لا تَعرف المُكرمات
بَيتُهُم كَعبة لِكُل قَبيل / وَإِلَيها حَج الوَرى وَالصَلاة
وَورثنا من جعفر إرث أبنا / ه وَمثل البَنين تَحظى البَنات

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025