القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : جَميل صِدقي الزَّهاوي الكل
المجموع : 955
لَيلى أَطلِّي عَلى العا
لَيلى أَطلِّي عَلى العا / شقين لَيلى أَطلي
تَرى أَعزة قوم / مطأطئين بذلِّ
تَري صدوراً من الشو / ق وَالصبابة تغلي
عِدي وان كان وعد ال / حَبيب رهناً بمطل
هَل كانَ يمكن أَن لا / يحب مثلك مثلي
إني لأَجلك يا لَي / لى عفت أَرضي وَأَهلي
فأَنت منذ حلفنا / ماذا فعلت لأَجلي
أَبيت في الدار وَحدي
أَبيت في الدار وَحدي / معاتِباً لخيالِكْ
قد غَرَّني أَنَّه كا / ن باسماً كمثالك
لا تسأَلينيَ عَمّا / أَصابَني بعد ذلك
ما زلت أَضمر حباً / مناسباً لجمالِك
أَبيع كل حَياتي / بساعة من وصالك
إِنّي بحبك يا لَي / لى لا محالة هالِك
فَهَل سأَخطر يوماً / إِذا هلكتُ بِبالِك
حسبت أَن انتهائي
حسبت أَن انتهائي / من الهَوى كشروعي
وأن منه نزولي / ميسر كطُلوعي
لا ترجونَّ سُلوّاً / لي بعد هَذا الولوع
لَقَد مَشيت حَثيثاً / فلا يَجوز رجوعي
قَد هاجَ قَلبيَ لَيلاً / وَميض برقٍ لَموع
يا برق انك يا بر / ق عارِفٌ بنزوعي
فَلابتسامك هَذا / علاقة بدموعي
قد طَلعت في خيلعِ
قد طَلعت في خيلعِ / فَيا لحسن المطلعِ
قد طلعت من غير در / عٍ ساتر أَو مقنع
قد طلعت ككوكبٍ / بالغ في التلمُّع
القَلب ماذا قَد أَصا / بَ القَلب بين أَضلعي
تلك لعمري غادة / حمدت فيها وَلَعي
قَد صرعتني عينها / فَما ذممت مصرعي
جَمالها في بَصري / كصونها في مَسمَعي
أَبدعها بارئها / أَكبر به من مبدع
دعني بحسن وجهها / لِناظِري أَمتع
فإنَّ عَيني بَعدُ مِن / رؤيتها لَم تَشبَع
وَدَدت لَو أني أَرا / ها بعيون أَربَع
ما أَنا بعد ذلتي / بذلك السميذع
هَذا جزاء شاعِر / مَع الهَوى مندفع
شَكوت بعض ما أقا / سيه فَلَم تَستَمِع
وَقَد ذرفت أَدمعاً / فاِستهزأت بأَدمعي
يا لعيون هجعت / لأعين لم تَهجَع
من لأَديب ذي فؤا / د في الهَوى منخلع
ذهبت في حبي لِلَم / ياء وَلمّا أَرجع
ما كنت لَولا حبها / للبّ بالمضيّع
إن أَقبلت فَلا أَرى / أَو حدثت فَلا أَعي
رجعت عَن حيّ لَيلى
رجعت عَن حيّ لَيلى / بَعد الزِيارة توّا
رجعت عنه مشيعاً / بخيبة أَتلوّى
وإِنَّ لي لرواحاً / مَع الهَوى وَغُدوّا
وإنَّ في القلب مني / لحبِّ لَيلى نموّا
وإنَّ لي في هواها / دون الملاح غلوّا
يَرجون عنها سلوّي / لَو أَستَطيع سلوّا
أَزورها بين أَصحا / بها وَلا أَتَرَوّى
فهم هناك كَطير / أَسرابها تتأوى
أَرى سماء وَلكن / لا أَستَطيع علوّا
لَيلى قلتني فَما إِن / تُريد مني دنوّا
تبدى نبوّاً وَما كا / نت قبلُ تبدي نبوا
إن الخِلاف الَّذي جَد / د بيننا لا يسوى
لَقَد وَشى بي إليها / من كانَ بي يتقوَّى
عتا عليَّ الَّذي لَم / أَجيء عليه عتوا
كانَ الصديق الَّذي كن / تُ أَصطَفيه عدوا
أَراهُ حينَ يَراني / كحيَّة تَتَلوّى
نعستِ بعد الرِضاعِ
نعستِ بعد الرِضاعِ / وَللنعاس دواعي
تغضين فَوقَ ذِراعي / والآن في المهد نامي
لأَنت بنت الأَماني / مَنزوعة من جناني
جم عليك حناني / نامي بجنبي نامي
قَد كنت لَيلة عرسي / حلماً لَذيذاً لِنَفسي
وَاليَوم يا ابنة أُنسي / أَنتَ الحَقيقة نامي
لسوف تنمين جسما / حَتّى تَكوني أتما
وَبعد ذلك أُمّا / تَرعى بنيها فَنامي
عَليك يا ابنة حبي / روحي ترفُّ وَقَلبي
نامي هَنيئاً بجنبي / نامي من الوَقت نامي
حسبي من الدهر بنتي / أَمّاً لجيل سيأتي
أَنت السَعادة أَنتِ / نامي بربك نامي
أَلَم أَصيِّر أَخيرا / لك الفِراش وَثيرا
لَقَد لعبت كَثيرا / حتّى تعبت فَنامي
لك الهَناء موفر / في اللَيل وَاللَيل أَقمر
إني عليك لأَسهَر / إلى الصباح فَنامي
أَما حَياتي فتخزى / مالَم أَجد فيك عزا
أهز مهدك هزا / حَتّى تَنامي فَنامي
اللَيل فابغي المَناما / يهدي إليك سَلاما
فَلا تَزيدي اِبتساما / نامي فَديتك نامي
هَيا إِلى النَوم هَيّا / فالوَقت أَمسى عشيّا
نامي مَناماً هَنيّا / نامي إِلى الغد نامي
لَقَد طلبت أن لا أَبوح بحبها
لَقَد طلبت أن لا أَبوح بحبها / وَلكنني قد بحت حتّى فشا أَمري
فَواللَه ما أَدري إذا ما لقيتها / وَقَد سأَلتني ما يَكون لَها عذري
ناديت لَيلى داعياً
ناديت لَيلى داعياً / وَاللَيل منسدل الستارِ
قَد جنَّ حَتّى خلت أَن / نَ الكَون مطليٌّ بقارِ
فأَتى يسارع طيف لَي / لى ساحباً فضل الازار
يا طيف لَيلى زرتَني / لَيلاً عَلى شحط المزار
يا طيف إني لَم أَكُن / في لَيلَتي لك ذا اِنتظار
ذممت سماء ما لها أنجمٌ زهرُ
ذممت سماء ما لها أنجمٌ زهرُ / وأرضاً خلاء ما بها أوجهٌ غرُّ
وَما زلت أعتاد الطواف ببقعة / بها قد تمشى الحسن يخفره الطهر
وقفت حيال الجسر أَقتَحِم الهَوى / وانظر من يدنيه للساحل الجسر
عَلى الجانِب الغَربي من حوض دجلة / بنات خَفاها ثم أبرزها الخدر
فشمت ابتسامات هناك وأدمعاً / يهزان أعصابي كأَنَّهما الشعر
وجوه عليهنَّ الكآبة والأَسى / وأخرى عليهنَّ البشاشة وَالبشر
وَمُضطَرِب يَشكو الحَريق كأَنَّما / بأَثوابه مِمّا يَلي جلدَه جمر
بدا طالِعَا جيدٍ ونحرٍ لزينب / فَما عيب منها ذلك الجيد وَالنحر
تَرى البدر يَبدو مشرقاً فوق دجلة / يطل عليها ثم ينعكس البدر
ذكرتك يا لَيلى بغناء غضة / فَهاجَ غَرامي كله ذلك الذكر
سواء عَلى من باتَ يَرجو حِمامَه / وَقَد حُمَّ يا لَيلى وِصالُك وَالهجر
علمت وَقَد ذقت الهَوى منك وَالنَوى / بأَنَّ الهَوى حلوٌ وأن النوى مر
تَعالي نصب من لذة العمر حظنا / فَقَد يَتَوَلّى ثم لا يَرجع العمر
لَقَد طالَ يا لَيلى إليك نزوعي
لَقَد طالَ يا لَيلى إليك نزوعي / فأَرسلت عَن بعد إليك دموعي
ثقي بدموعي في كتابي فإنني / بِنَفسيَ قد أَودعتهنَّ ولوعي
رَسائِل مشتاق الى من أَحبَّهُ / تخبر عَن وجد به وَنزوع
لَقَد صدعتني النائبات بوقعها / وَلَم تَلتَئم للَيوم بعدُ صدوعي
وَقَد سائَني أن النوى أَخذت بنا / تشطّ وأن الشمل غير جَميع
تعشقتها سمراء يحلو حَديثها / وَما فيه من لحن لكل سَميع
رَمَتني بسهم رائش هُوَ نظرة / فأَصمت فؤادي وهو بين ضُلوعي
لَقَد هاجَت الوَرقاء شجوي بشدوها / عَلى دوحة الليمون بين فروع
إذا سجعت هبت تجيب حمائم / وَتكثر من أسجاعها لسجوع
وَلَو كانَت الوَرقاء خلواً من الهَوى / لما هتفت في اللَيل بعد هزيع
وَما للهزار اليوم في الروض ساكتاً / كأَنَّ رَبيع الشعر غير رَبيع
وَبي قد يلم الموت في أَرض غربة / هنالك في قبر يَطول هجوعي
فتفرح أَعداء وَتأسى أَحِبَّة / وَتنهَمِر اللعنات فوق دموع
وَما أَنا من أَحزانهم ذو اِستفادة / وَلا أَنا من لعناتهم بجزوع
إذا كنت بعد المَوت للحس فاقِداً / فَما ضر أَن القبر غير وَسيع
وَكَم فلّ هَذا الموت في غشيانه / جموعاً من الأقوام إِثر جموع
وَعاث بشعب مطمئن بأرضه / كَما عاث ذئب جائِعٌ بِقَطيع
تَبارك حسن لَيلى إن لَيلى
تَبارك حسن لَيلى إن لَيلى / كعابٌ شعرها الذهب المذابُ
عيون تفتن الألبابَ سودٌ / ووجه منه يندفق الشباب
لَقَد أَرسلت عَن بعد كتاباً / إلى لَيلى فَما رجع الجواب
فَما أَدري أَليلى لَم ترد أَن / تجيب عليه أَم ضاع الكِتاب
وَلَم أَر مثل لَيلى في حَياتي / فَتاة لا يمل لها جناب
يريد الحسن من لَيلى سفوراً / فيدفن ذلك الحسن الحِجاب
تلاقينا فَطالَ لدى التَلاقي / عَلى طول النوى منا العتاب
لكل فادحة في الدهر أَحتَمِلُ
لكل فادحة في الدهر أَحتَمِلُ / إلا الفراق فَما إن لي به قِبَلُ
لَقَد رأَيتك يا لَيلى بمشرفة / وَكانَ شعرك فوق الجيد ينسدل
فرحت فيك مَعنّىً لا ينهنهني / عَن حبك اللوم كل اللوم والعذل
حَتّى حَلا بك فيما قَد حلا غزلي / وأَنتَ تلك التي يحلو بها الغزل
فَحبذا أَنتَ من حسناء فاتنة / وَحبذا منك تلك الأعين النجل
إني أَنا الصب قد ذاعَت محبته / وإنني أَنا ذاكَ الشاعر الزجل
يحول قَلبيَ دمعاً من حرارته / وَذلك الدمع من عينيَّ ينهمل
إِنَّما الناس إن نظرت إليهم
إِنَّما الناس إن نظرت إليهم / آكلٌ في الحَياة أَو مأكولُ
هذه منذ كانَت الناس ناساً / سنة اللَه ما لَها تَبديل
ضل عَن منهج الصواب بنو الشر / قِ وَهَذا الضلال خطب جَليل
ما أَرادَ القرآن إِلّا هداهم / وَكذاكَ التَوراة والانجيل
أَتُراهم ثابوا إِلى الرشد كلا / ثم كلا ما ثاب إلا القَليل
سَريت تَخوض اللَيل وَاللَيل أَسوَدُ
سَريت تَخوض اللَيل وَاللَيل أَسوَدُ / فَيا أَيُّها الساري الى أَينَ تقصدُ
أَراكَ من الإدلاج تَهبط وادياً / وَبعد قَليل من هبوطك تصعد
لعلك لا تَدري بأنك جائِب / شعاباً إليهنَّ السعالى تردد
لعلك لا تَدري بأنك والج / مخاوف فيهن الردى يتهدَّد
لعلك لا تدري بأنك منته / إلى غابة فيها الضواري ترصد
تثبَّط مقيماً في مكانك وانتظر / إلى الصبح إن الصبح قد لَيس يبعد
وإِلا فعد من قبل أن تشهد الرَدى / إلى حيث قد غادَرت فالعود أَحمد
أَراكَ شقياً في حياة حييتها / مَتى أَيُّها الإنسان قل لي تسعد
قسوت عَلى الإنسان لما ملكته / فَهَل أَيُّها الإنسان قَلبك جلمد
وَكَم مشهد في الأرض يبتعث الأسى / وَما كَضَحايا العلم في الأَرض مشهد
ذممت من الأيام يا نفس إنها / تشابه منها الأمس وَاليَوم وَالغَد
أقول لباكٍ صن من الدمع بعضه / لآتي الرَزايا إنها تتجدد
وَما بي عَلى عينيك خوف من العمى / إذا بكتا لكن دموعك تنفد
تلك المَجَرَّة مثل النهر جاريةٌ
تلك المَجَرَّة مثل النهر جاريةٌ / فيها الكَواكِب وَالقنوان والسدمُ
كأَنَّها حَيوان وَالنجوم بها / هيَ الخَلايا له وَالكَهرباء دم
تُهِيجُني رؤية الشعرى فإِنَّ لَها / إذا بدت لمعاناً ضوؤه عمم
كأنها غادة حسناء قد هُجرت / من صاحب وَمقته فهيَ تلتدم
وَما النجوم تَراها العين لامعة / في اللَيل إلا شموس هاجَها الحدم
لا يَعلَم الناس مَهما أَمعَنوا نظراً / هَل الحدوث بها أَحرى أَم القدم
الدين يضرب صفحاً عَن حقيقتها / وَالعَقل في حكمه بالظن متهم
لا يَنتَهي الكون والأجرام فيه إِلى / حدّ يحيط به هَذا هُوَ العظم
وَلي هنالك آراءٌ وأَسئلةٌ / للناس أذكرها طوراً وأكتتم
علمت من الأحداث أن الهدى عمى
علمت من الأحداث أن الهدى عمى / وأن ابتسامات الزَّمان خدوعُ
ورب عيون وَهيَ دعجاء أَغمضَت / وَجيد لواه الكرب وهو تَليع
نظرٌ لي السماء عَميق
نظرٌ لي السماء عَميق / يَتَحَرّى نهاية الأبعادِ
أَعلى الروح في الثريا أَمير / مثلما في الثرى عَلى الأجساد
إنما نحن ساكِنون بأرض / هي أدنى مراتب الإيجاد
إِنَّ في أَعماق السماء نجوماً / سابحات فيها بغير استناد
يَقرأ الفَيلَسوف فيها فصولاً / من كتاب الدهور والآباد
يطفئ الموتُ ما تضيء الحَياةُ
يطفئ الموتُ ما تضيء الحَياةُ / وَوَراء انطفائه ظلماتُ
إن للنازِلين في القبر نوماً / تنتَهي في سكونه الحَركات
رب مال يفنى ذووه وَيَبقى / وَبناء يَبقى وَتفنى البناة
كَم وقفنا عَلى ضَريح كَريم / وقفةً قَد جَرَت لها العبرات
نَتَمَنى للعَيش في هذه الدن / يا ثباتاً وَهَل لعيش ثبات
أَنسينا أنا عَلى الأرض أَبنا / ءُ أُناسٍ عاشوا قَليلاً وَماتوا
ستجدّ الأبناء سيراً لدار / نزلتها الآباء والأمهات
عاش في الأرض مثلنا الناس قدماً / وهم اليوم أعظُمٌ بالياتُ
هل لقوم ساروا نزوعٌ إلى الأه / ل ترى أو إلى الدار التفات
غرض كل من عَلى الارض يحيا / لمنايا سهامُها صائِبات
ستموت الأحياء طرّاً ولكن / هل تلاقي حياتها الأموات
نحن نبلى تحت التراب وفوق ال / أرض تجري الفصول والأوقات
ربما في القبور تشبع نوماً / آنساتٌ عيونها ناعِسات
بليت أَوصالٌ هناك وَخَوفي / أنهنَّ الأحداقُ وَالوجنات
منهل الموت واحد وإليه / طرق الواردين مختلفات
في المَنايا وَهُنَّ رزءُ البَرايا / تَتَساوى الرعاع وَالسروات
فَيَموت الدهاة مثل سواهم / وَبودّي أَن لا تموت الدهاة
رب قومٍ عاشوا بأمن زَماناً / ثم دارَت عليهم الدائرات
وَقَبيلٍ باتوا جَميعاً بليل / فإذا هم في صبحه أَشتات
تلحق المرء ما تحرك حياً / حادِثاتٌ وَراءَها حادِثات
أسعيد هذا الجمال فأشقى ال / عالمين الحيوان ثم النبات
كَم فَتى شيب عيشه بالرَزايا / وَفَتاة حَياتها وَيلات
كل كرب يا أيها الحي فاصبر / ينتهي عند ما يجيءُ الممات
إِنَّ في الموت راحةً غير أَن ال / مرء قَد لا ترضيه إلا الحَياة
سَتَذوق الحمام نَفسي فَتردى / وَسَتبقى في النفس أمنيات
وكذاك الإنسان يمضي من الدن / يا وتبقى في نفسه حاجات
إن أمت خائِباً فَكَم من كرام / بقيت في نفوسهم حسرات
لا أُبالي إِن مت جاورني في ال / قبر صحبي أَم جاورتني العداة
أَنا كالناس حينَما مت ماتَت / مَع نَفسي الهموم وَاللذات
ربما تتلى بعد مَوتي بحين / فوق قَبري لشاعر مرثاة
لهف نَفسي على رفات شبابٍ / طحنتهم طحن الرحى النائباتُ
لَو سألت الرفات ما ذا دهاه / لاشتَكى من ظلم الولاة الرفات
فوق وجه البيض الحسان سطورٌ / كتبت بالدموع فيها شكاة
وهب اللَه للرعايا حقوقاً / غصبتها من الرعايا الولاة
أرهقوكم ذلاً وأَنتم سكوتٌ / أين أين الأحرار أين الأباة
إنَّ أشقى البلاد ما كان يجري / في أراضيه دجلة والفرات
وهي في سالف الزمان بلاد / عامرات الأكناف مرتقيات
عظم الخطب في العراق فَلِلَّ / هِ قلوب هناك مرتجفات
قد سقونا كاساً ستشرب منها / عَن قَريب من الزَمان السقاة
يا زمان البخار حسبك فخراً / أنه فيك تنقضي الحاجات
وبك الناس والمغاطش تروى / وتجاب البحار والفلوات
حبس المانعون خيرك عنا / وسكتنا كأننا أموات
أخر المسلمين عن أمم الأر / ض حجابٌ تشقى به المسلمات
لا أرى بين الغرب والشرق بوناً / غير أن الأحكام مختلفات
فهي في الغرب بالعدالة تجري / وهي عنها في الشرق منحرفات
سيوافي مدى التقدم قوم / وسعت فيه منهم الخطوات
عامل الظالمين بالظلم تسلم / ربّ شرٍّ يكون فيه نجاة
يقرع الحادثات ما قرعته / كلُّ من عنده لعمري حصاة
لست تَلقى أَمراً تهذَّب حَتّى / غلبت سيئاته الحَسَنات
قلَّ نفعٌ لا ينتج الضُرُّ منه / ربّ شرّ تجره الخيرات
أيها الأغنياء لا تجهلوا ما / يحمل البائسون والبائسات
ما تفكرت في الحَقيقة الا / ساورتني الشكوك وَالشبهات
كَم يودّ الإنسان لَو طارَ في الجو / وِ خَفيفاً كَما تطير القطاة
كل ما في الوجود فهو لعمري / علل تارة وَمعلولات
ليس فضلٌ على زمان لوقت / فالليالي جميعها أخوات
يلهج الجاهِلون في كل عصر / بدعاوٍ ما إِن لها إثبات
إنمّا الجاهِل المجادِل بالبا / طل في أَعين الترقي قذاة
جوهر الكون في الوجود قَديم / غير أن الأشكال مخترعات
من تَروّى أن النجوم شموس / عظمت في عيونه الكائنات
يقرأ الفَيلَسوف من سور في / ها كتاباً آياته بينات
يا راصِد الخنس الجواري
يا راصِد الخنس الجواري / ما جدَّ في تلكم الدراري
هَل أَخذ الجذب في قواها / يقاوم الدفع باقتدار
يأمرها الجذب أن تَدانى / والدفع يأبى غير النفار
لا تثقن بالضياء منها / فإنما نورها ابنُ نارِ
إِن لم يبن للحَياة فيها / وجه فَيا وحشة الديار
أَذهب صَبري اطراد دَهري / وَربما أَوجب اِنتحاري
أَورَثَني السأم من حَياتي / تعاقب اللَيل وَالنَهار
قد جعل الأرض لي قراراً / وبئست الأرض من قرار
لا تقبل الأجرام عدّا
لا تقبل الأجرام عدّا / كلا ولا الأَبعاد حدّا
العَقل يرجع خائباً / عنَها وإن لم يأل جهدا
يَرقى إليها مورياً / بالفكر في الظلماء زندا
مسترشداً بعلومه / فبها إذا ما ضل يُهدى
وَقَد استعدَّ وكل سا / ع يَستَعين بما استعدا
فَيسيح في لَيل به / زهر النجوم يقدن وقدا
وَيَجوز أجوازاً لَها / متعسفاً فَيَكاد يَردى
مَهما تَرقى صاعداً / أَلفى وَراء البعد بعدا
يَسمو وَيَذهَب موغلاً / فيصده الإعياء صدا
حَكَت المجرَّة صارِماً / وَحَكَت سحائبها فرندا
نَفسي تود وَكَيفَ أم / نع فيّ نَفسي أَن تودّا
لَو أَنَّها وجدت طَري / قاً منه للشعرى يؤدَّى
وَتصعدت فَتقلدت / من أنجم الجوزاء عقدا
وَبكفها لمست من ال / قرب السَماء اللازوردا
خادعت نَفسي حين لَم / أَر من خداع النفس بدا
إني إذا خالفتها / كانَت لي الخصم الألدا
يا نفس بعد الموت ذا / لك كائنٌ فإليك وعدا
وَالعَقل يَعلم من سيا / حته الَّتي أَولته مجدا
أن المجرة لَم تَكُن / إلا عوالم فقن عدّا
وَالسحب فيها أنجم / هن الشموس بعدن جدا
متحركات في السما / ء تخال أن لهنَّ قصدا
متنقلات في فسي / حِ فَضائها عكساً وَطردا
فَلَها مجاز في مجا / هلها تسير به وَمعدى
زرقاً وَحمراً زاهيا / تٍ في مجاريها وَرُبدا
متجاذِبات لَو تخل / لفَ واحدٌ عنها لأودى
وَهناك أجرام عَلى / كر الدهور جمدن بردا
سَتُعيد يَوماً ما حَرا / رتها القديمة أَو أَشدا
وَتمد ثانية أَشع / عتها إلى الأطراف مدا
إني لأحسب أن هَ / ذا الكون حيٌّ سوف يَردى
وَكَذاك أَحسب كل نج / مٍ جوهراً للكون فردا
والأرض بنت الشمس تَل / زم أُمَّها جرياً وَتحدى
وَتدور في أطرافها / مشدودة بالجذب شدا
فَتَطوف مثل فراشة / لاقَت بجنح اللَيل وقدا
وَبدور محورها تُوَج / جِه نحو نور الشمس خدا
لَولا دَليل الجذب ما / ملكت بهذا السعي رشدا
وَلأُبعدت عَن أمها / فمَضَت وَما ألفت مردا
بل تاه جامد جرمها / أَو صادفت في السير ضدا
وَيلي لَها إن صادمت / جرماً من الأجرام صلدا
فَهناك يهلك أَهلها / وَتَكون للإِنسان لحدا
لهفي على الشبان تخ / مد منهم الأنفاس خمدا
وعلى الحسان الكاعبا / ت عرضن كالرمان نهدا
والورد خداً والظبا / عيناً وخُوط البان قدا
تردى وأكبر في نفو / س العاشقين بذاك فقدا
فتموت سلمى في الشبا / ب وزينب وتموت سعدي
وعلى الرجال الذائدي / ن عن الرعية من تعدَّى
كُشفت بهم غماؤها / وأُحيل بؤس العيش رغدا
هم ألبسوا الأقوام إذ / فسدوا من الإصلاح بُردا
وبنوا بفضل الذَبِّ بي / ن الظلم والضعفاء سدا
مثل السيوف المصلتا / ت لهم تكون الأرض غِمدا
وعلى الفلاسفة الأُلى / كشفوا من الأسرار عدا
وعلى الرجال الماحصي / ن العلم تحقيقاً ونقدا
ويلي له من حادث / يستنفد الأعمار حصدا
إن لم يمت في يومهِ ال / إنسان فهو يموت بعدا
ما الموت إلا منهل / نأتَمُّهُ وفدا فوفدا
قد مرّ للمتنعمي / ن وطابَ للبؤساء وِردا
حمداً لك أللهم في ال / سرّاءِ والضراء حمدا
ماذا تكون الأرض بع / د صلائها أتعود تهدا
أَتُحِدُّ بعد خرابها ال / مظنون للعمران عهدا
أَلها إذا بلغت نها / ية دورها المسعود مبدا
إني لآمل أن تُعي / د قوى الحياة وتستردا
وتُعيش حيواناً بها / وتكون للانسان مهدا
وتعيد آباء كما / كانوا بها وتعيد وِلدا
الأرض بالإنسان تك / سب بهجةً وتنال سعدا
يا ارض لولا سعيه / لم تدركي يا أرض مجدا
هو ذلك السرُّ الذي / أفشاه مُبدعه وأبدى
لا تحتقره لكونه / في أصله قد كان قردا
فلقد تقدم في الكما / ل وبالفضائل قد تردّى

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025