المجموع : 955
لَيلى أَطلِّي عَلى العا
لَيلى أَطلِّي عَلى العا / شقين لَيلى أَطلي
تَرى أَعزة قوم / مطأطئين بذلِّ
تَري صدوراً من الشو / ق وَالصبابة تغلي
عِدي وان كان وعد ال / حَبيب رهناً بمطل
هَل كانَ يمكن أَن لا / يحب مثلك مثلي
إني لأَجلك يا لَي / لى عفت أَرضي وَأَهلي
فأَنت منذ حلفنا / ماذا فعلت لأَجلي
أَبيت في الدار وَحدي
أَبيت في الدار وَحدي / معاتِباً لخيالِكْ
قد غَرَّني أَنَّه كا / ن باسماً كمثالك
لا تسأَلينيَ عَمّا / أَصابَني بعد ذلك
ما زلت أَضمر حباً / مناسباً لجمالِك
أَبيع كل حَياتي / بساعة من وصالك
إِنّي بحبك يا لَي / لى لا محالة هالِك
فَهَل سأَخطر يوماً / إِذا هلكتُ بِبالِك
حسبت أَن انتهائي
حسبت أَن انتهائي / من الهَوى كشروعي
وأن منه نزولي / ميسر كطُلوعي
لا ترجونَّ سُلوّاً / لي بعد هَذا الولوع
لَقَد مَشيت حَثيثاً / فلا يَجوز رجوعي
قَد هاجَ قَلبيَ لَيلاً / وَميض برقٍ لَموع
يا برق انك يا بر / ق عارِفٌ بنزوعي
فَلابتسامك هَذا / علاقة بدموعي
قد طَلعت في خيلعِ
قد طَلعت في خيلعِ / فَيا لحسن المطلعِ
قد طلعت من غير در / عٍ ساتر أَو مقنع
قد طلعت ككوكبٍ / بالغ في التلمُّع
القَلب ماذا قَد أَصا / بَ القَلب بين أَضلعي
تلك لعمري غادة / حمدت فيها وَلَعي
قَد صرعتني عينها / فَما ذممت مصرعي
جَمالها في بَصري / كصونها في مَسمَعي
أَبدعها بارئها / أَكبر به من مبدع
دعني بحسن وجهها / لِناظِري أَمتع
فإنَّ عَيني بَعدُ مِن / رؤيتها لَم تَشبَع
وَدَدت لَو أني أَرا / ها بعيون أَربَع
ما أَنا بعد ذلتي / بذلك السميذع
هَذا جزاء شاعِر / مَع الهَوى مندفع
شَكوت بعض ما أقا / سيه فَلَم تَستَمِع
وَقَد ذرفت أَدمعاً / فاِستهزأت بأَدمعي
يا لعيون هجعت / لأعين لم تَهجَع
من لأَديب ذي فؤا / د في الهَوى منخلع
ذهبت في حبي لِلَم / ياء وَلمّا أَرجع
ما كنت لَولا حبها / للبّ بالمضيّع
إن أَقبلت فَلا أَرى / أَو حدثت فَلا أَعي
رجعت عَن حيّ لَيلى
رجعت عَن حيّ لَيلى / بَعد الزِيارة توّا
رجعت عنه مشيعاً / بخيبة أَتلوّى
وإِنَّ لي لرواحاً / مَع الهَوى وَغُدوّا
وإنَّ في القلب مني / لحبِّ لَيلى نموّا
وإنَّ لي في هواها / دون الملاح غلوّا
يَرجون عنها سلوّي / لَو أَستَطيع سلوّا
أَزورها بين أَصحا / بها وَلا أَتَرَوّى
فهم هناك كَطير / أَسرابها تتأوى
أَرى سماء وَلكن / لا أَستَطيع علوّا
لَيلى قلتني فَما إِن / تُريد مني دنوّا
تبدى نبوّاً وَما كا / نت قبلُ تبدي نبوا
إن الخِلاف الَّذي جَد / د بيننا لا يسوى
لَقَد وَشى بي إليها / من كانَ بي يتقوَّى
عتا عليَّ الَّذي لَم / أَجيء عليه عتوا
كانَ الصديق الَّذي كن / تُ أَصطَفيه عدوا
أَراهُ حينَ يَراني / كحيَّة تَتَلوّى
نعستِ بعد الرِضاعِ
نعستِ بعد الرِضاعِ / وَللنعاس دواعي
تغضين فَوقَ ذِراعي / والآن في المهد نامي
لأَنت بنت الأَماني / مَنزوعة من جناني
جم عليك حناني / نامي بجنبي نامي
قَد كنت لَيلة عرسي / حلماً لَذيذاً لِنَفسي
وَاليَوم يا ابنة أُنسي / أَنتَ الحَقيقة نامي
لسوف تنمين جسما / حَتّى تَكوني أتما
وَبعد ذلك أُمّا / تَرعى بنيها فَنامي
عَليك يا ابنة حبي / روحي ترفُّ وَقَلبي
نامي هَنيئاً بجنبي / نامي من الوَقت نامي
حسبي من الدهر بنتي / أَمّاً لجيل سيأتي
أَنت السَعادة أَنتِ / نامي بربك نامي
أَلَم أَصيِّر أَخيرا / لك الفِراش وَثيرا
لَقَد لعبت كَثيرا / حتّى تعبت فَنامي
لك الهَناء موفر / في اللَيل وَاللَيل أَقمر
إني عليك لأَسهَر / إلى الصباح فَنامي
أَما حَياتي فتخزى / مالَم أَجد فيك عزا
أهز مهدك هزا / حَتّى تَنامي فَنامي
اللَيل فابغي المَناما / يهدي إليك سَلاما
فَلا تَزيدي اِبتساما / نامي فَديتك نامي
هَيا إِلى النَوم هَيّا / فالوَقت أَمسى عشيّا
نامي مَناماً هَنيّا / نامي إِلى الغد نامي
لَقَد طلبت أن لا أَبوح بحبها
لَقَد طلبت أن لا أَبوح بحبها / وَلكنني قد بحت حتّى فشا أَمري
فَواللَه ما أَدري إذا ما لقيتها / وَقَد سأَلتني ما يَكون لَها عذري
ناديت لَيلى داعياً
ناديت لَيلى داعياً / وَاللَيل منسدل الستارِ
قَد جنَّ حَتّى خلت أَن / نَ الكَون مطليٌّ بقارِ
فأَتى يسارع طيف لَي / لى ساحباً فضل الازار
يا طيف لَيلى زرتَني / لَيلاً عَلى شحط المزار
يا طيف إني لَم أَكُن / في لَيلَتي لك ذا اِنتظار
ذممت سماء ما لها أنجمٌ زهرُ
ذممت سماء ما لها أنجمٌ زهرُ / وأرضاً خلاء ما بها أوجهٌ غرُّ
وَما زلت أعتاد الطواف ببقعة / بها قد تمشى الحسن يخفره الطهر
وقفت حيال الجسر أَقتَحِم الهَوى / وانظر من يدنيه للساحل الجسر
عَلى الجانِب الغَربي من حوض دجلة / بنات خَفاها ثم أبرزها الخدر
فشمت ابتسامات هناك وأدمعاً / يهزان أعصابي كأَنَّهما الشعر
وجوه عليهنَّ الكآبة والأَسى / وأخرى عليهنَّ البشاشة وَالبشر
وَمُضطَرِب يَشكو الحَريق كأَنَّما / بأَثوابه مِمّا يَلي جلدَه جمر
بدا طالِعَا جيدٍ ونحرٍ لزينب / فَما عيب منها ذلك الجيد وَالنحر
تَرى البدر يَبدو مشرقاً فوق دجلة / يطل عليها ثم ينعكس البدر
ذكرتك يا لَيلى بغناء غضة / فَهاجَ غَرامي كله ذلك الذكر
سواء عَلى من باتَ يَرجو حِمامَه / وَقَد حُمَّ يا لَيلى وِصالُك وَالهجر
علمت وَقَد ذقت الهَوى منك وَالنَوى / بأَنَّ الهَوى حلوٌ وأن النوى مر
تَعالي نصب من لذة العمر حظنا / فَقَد يَتَوَلّى ثم لا يَرجع العمر
لَقَد طالَ يا لَيلى إليك نزوعي
لَقَد طالَ يا لَيلى إليك نزوعي / فأَرسلت عَن بعد إليك دموعي
ثقي بدموعي في كتابي فإنني / بِنَفسيَ قد أَودعتهنَّ ولوعي
رَسائِل مشتاق الى من أَحبَّهُ / تخبر عَن وجد به وَنزوع
لَقَد صدعتني النائبات بوقعها / وَلَم تَلتَئم للَيوم بعدُ صدوعي
وَقَد سائَني أن النوى أَخذت بنا / تشطّ وأن الشمل غير جَميع
تعشقتها سمراء يحلو حَديثها / وَما فيه من لحن لكل سَميع
رَمَتني بسهم رائش هُوَ نظرة / فأَصمت فؤادي وهو بين ضُلوعي
لَقَد هاجَت الوَرقاء شجوي بشدوها / عَلى دوحة الليمون بين فروع
إذا سجعت هبت تجيب حمائم / وَتكثر من أسجاعها لسجوع
وَلَو كانَت الوَرقاء خلواً من الهَوى / لما هتفت في اللَيل بعد هزيع
وَما للهزار اليوم في الروض ساكتاً / كأَنَّ رَبيع الشعر غير رَبيع
وَبي قد يلم الموت في أَرض غربة / هنالك في قبر يَطول هجوعي
فتفرح أَعداء وَتأسى أَحِبَّة / وَتنهَمِر اللعنات فوق دموع
وَما أَنا من أَحزانهم ذو اِستفادة / وَلا أَنا من لعناتهم بجزوع
إذا كنت بعد المَوت للحس فاقِداً / فَما ضر أَن القبر غير وَسيع
وَكَم فلّ هَذا الموت في غشيانه / جموعاً من الأقوام إِثر جموع
وَعاث بشعب مطمئن بأرضه / كَما عاث ذئب جائِعٌ بِقَطيع
تَبارك حسن لَيلى إن لَيلى
تَبارك حسن لَيلى إن لَيلى / كعابٌ شعرها الذهب المذابُ
عيون تفتن الألبابَ سودٌ / ووجه منه يندفق الشباب
لَقَد أَرسلت عَن بعد كتاباً / إلى لَيلى فَما رجع الجواب
فَما أَدري أَليلى لَم ترد أَن / تجيب عليه أَم ضاع الكِتاب
وَلَم أَر مثل لَيلى في حَياتي / فَتاة لا يمل لها جناب
يريد الحسن من لَيلى سفوراً / فيدفن ذلك الحسن الحِجاب
تلاقينا فَطالَ لدى التَلاقي / عَلى طول النوى منا العتاب
لكل فادحة في الدهر أَحتَمِلُ
لكل فادحة في الدهر أَحتَمِلُ / إلا الفراق فَما إن لي به قِبَلُ
لَقَد رأَيتك يا لَيلى بمشرفة / وَكانَ شعرك فوق الجيد ينسدل
فرحت فيك مَعنّىً لا ينهنهني / عَن حبك اللوم كل اللوم والعذل
حَتّى حَلا بك فيما قَد حلا غزلي / وأَنتَ تلك التي يحلو بها الغزل
فَحبذا أَنتَ من حسناء فاتنة / وَحبذا منك تلك الأعين النجل
إني أَنا الصب قد ذاعَت محبته / وإنني أَنا ذاكَ الشاعر الزجل
يحول قَلبيَ دمعاً من حرارته / وَذلك الدمع من عينيَّ ينهمل
إِنَّما الناس إن نظرت إليهم
إِنَّما الناس إن نظرت إليهم / آكلٌ في الحَياة أَو مأكولُ
هذه منذ كانَت الناس ناساً / سنة اللَه ما لَها تَبديل
ضل عَن منهج الصواب بنو الشر / قِ وَهَذا الضلال خطب جَليل
ما أَرادَ القرآن إِلّا هداهم / وَكذاكَ التَوراة والانجيل
أَتُراهم ثابوا إِلى الرشد كلا / ثم كلا ما ثاب إلا القَليل
سَريت تَخوض اللَيل وَاللَيل أَسوَدُ
سَريت تَخوض اللَيل وَاللَيل أَسوَدُ / فَيا أَيُّها الساري الى أَينَ تقصدُ
أَراكَ من الإدلاج تَهبط وادياً / وَبعد قَليل من هبوطك تصعد
لعلك لا تَدري بأنك جائِب / شعاباً إليهنَّ السعالى تردد
لعلك لا تَدري بأنك والج / مخاوف فيهن الردى يتهدَّد
لعلك لا تدري بأنك منته / إلى غابة فيها الضواري ترصد
تثبَّط مقيماً في مكانك وانتظر / إلى الصبح إن الصبح قد لَيس يبعد
وإِلا فعد من قبل أن تشهد الرَدى / إلى حيث قد غادَرت فالعود أَحمد
أَراكَ شقياً في حياة حييتها / مَتى أَيُّها الإنسان قل لي تسعد
قسوت عَلى الإنسان لما ملكته / فَهَل أَيُّها الإنسان قَلبك جلمد
وَكَم مشهد في الأرض يبتعث الأسى / وَما كَضَحايا العلم في الأَرض مشهد
ذممت من الأيام يا نفس إنها / تشابه منها الأمس وَاليَوم وَالغَد
أقول لباكٍ صن من الدمع بعضه / لآتي الرَزايا إنها تتجدد
وَما بي عَلى عينيك خوف من العمى / إذا بكتا لكن دموعك تنفد
تلك المَجَرَّة مثل النهر جاريةٌ
تلك المَجَرَّة مثل النهر جاريةٌ / فيها الكَواكِب وَالقنوان والسدمُ
كأَنَّها حَيوان وَالنجوم بها / هيَ الخَلايا له وَالكَهرباء دم
تُهِيجُني رؤية الشعرى فإِنَّ لَها / إذا بدت لمعاناً ضوؤه عمم
كأنها غادة حسناء قد هُجرت / من صاحب وَمقته فهيَ تلتدم
وَما النجوم تَراها العين لامعة / في اللَيل إلا شموس هاجَها الحدم
لا يَعلَم الناس مَهما أَمعَنوا نظراً / هَل الحدوث بها أَحرى أَم القدم
الدين يضرب صفحاً عَن حقيقتها / وَالعَقل في حكمه بالظن متهم
لا يَنتَهي الكون والأجرام فيه إِلى / حدّ يحيط به هَذا هُوَ العظم
وَلي هنالك آراءٌ وأَسئلةٌ / للناس أذكرها طوراً وأكتتم
علمت من الأحداث أن الهدى عمى
علمت من الأحداث أن الهدى عمى / وأن ابتسامات الزَّمان خدوعُ
ورب عيون وَهيَ دعجاء أَغمضَت / وَجيد لواه الكرب وهو تَليع
نظرٌ لي السماء عَميق
نظرٌ لي السماء عَميق / يَتَحَرّى نهاية الأبعادِ
أَعلى الروح في الثريا أَمير / مثلما في الثرى عَلى الأجساد
إنما نحن ساكِنون بأرض / هي أدنى مراتب الإيجاد
إِنَّ في أَعماق السماء نجوماً / سابحات فيها بغير استناد
يَقرأ الفَيلَسوف فيها فصولاً / من كتاب الدهور والآباد
يطفئ الموتُ ما تضيء الحَياةُ
يطفئ الموتُ ما تضيء الحَياةُ / وَوَراء انطفائه ظلماتُ
إن للنازِلين في القبر نوماً / تنتَهي في سكونه الحَركات
رب مال يفنى ذووه وَيَبقى / وَبناء يَبقى وَتفنى البناة
كَم وقفنا عَلى ضَريح كَريم / وقفةً قَد جَرَت لها العبرات
نَتَمَنى للعَيش في هذه الدن / يا ثباتاً وَهَل لعيش ثبات
أَنسينا أنا عَلى الأرض أَبنا / ءُ أُناسٍ عاشوا قَليلاً وَماتوا
ستجدّ الأبناء سيراً لدار / نزلتها الآباء والأمهات
عاش في الأرض مثلنا الناس قدماً / وهم اليوم أعظُمٌ بالياتُ
هل لقوم ساروا نزوعٌ إلى الأه / ل ترى أو إلى الدار التفات
غرض كل من عَلى الارض يحيا / لمنايا سهامُها صائِبات
ستموت الأحياء طرّاً ولكن / هل تلاقي حياتها الأموات
نحن نبلى تحت التراب وفوق ال / أرض تجري الفصول والأوقات
ربما في القبور تشبع نوماً / آنساتٌ عيونها ناعِسات
بليت أَوصالٌ هناك وَخَوفي / أنهنَّ الأحداقُ وَالوجنات
منهل الموت واحد وإليه / طرق الواردين مختلفات
في المَنايا وَهُنَّ رزءُ البَرايا / تَتَساوى الرعاع وَالسروات
فَيَموت الدهاة مثل سواهم / وَبودّي أَن لا تموت الدهاة
رب قومٍ عاشوا بأمن زَماناً / ثم دارَت عليهم الدائرات
وَقَبيلٍ باتوا جَميعاً بليل / فإذا هم في صبحه أَشتات
تلحق المرء ما تحرك حياً / حادِثاتٌ وَراءَها حادِثات
أسعيد هذا الجمال فأشقى ال / عالمين الحيوان ثم النبات
كَم فَتى شيب عيشه بالرَزايا / وَفَتاة حَياتها وَيلات
كل كرب يا أيها الحي فاصبر / ينتهي عند ما يجيءُ الممات
إِنَّ في الموت راحةً غير أَن ال / مرء قَد لا ترضيه إلا الحَياة
سَتَذوق الحمام نَفسي فَتردى / وَسَتبقى في النفس أمنيات
وكذاك الإنسان يمضي من الدن / يا وتبقى في نفسه حاجات
إن أمت خائِباً فَكَم من كرام / بقيت في نفوسهم حسرات
لا أُبالي إِن مت جاورني في ال / قبر صحبي أَم جاورتني العداة
أَنا كالناس حينَما مت ماتَت / مَع نَفسي الهموم وَاللذات
ربما تتلى بعد مَوتي بحين / فوق قَبري لشاعر مرثاة
لهف نَفسي على رفات شبابٍ / طحنتهم طحن الرحى النائباتُ
لَو سألت الرفات ما ذا دهاه / لاشتَكى من ظلم الولاة الرفات
فوق وجه البيض الحسان سطورٌ / كتبت بالدموع فيها شكاة
وهب اللَه للرعايا حقوقاً / غصبتها من الرعايا الولاة
أرهقوكم ذلاً وأَنتم سكوتٌ / أين أين الأحرار أين الأباة
إنَّ أشقى البلاد ما كان يجري / في أراضيه دجلة والفرات
وهي في سالف الزمان بلاد / عامرات الأكناف مرتقيات
عظم الخطب في العراق فَلِلَّ / هِ قلوب هناك مرتجفات
قد سقونا كاساً ستشرب منها / عَن قَريب من الزَمان السقاة
يا زمان البخار حسبك فخراً / أنه فيك تنقضي الحاجات
وبك الناس والمغاطش تروى / وتجاب البحار والفلوات
حبس المانعون خيرك عنا / وسكتنا كأننا أموات
أخر المسلمين عن أمم الأر / ض حجابٌ تشقى به المسلمات
لا أرى بين الغرب والشرق بوناً / غير أن الأحكام مختلفات
فهي في الغرب بالعدالة تجري / وهي عنها في الشرق منحرفات
سيوافي مدى التقدم قوم / وسعت فيه منهم الخطوات
عامل الظالمين بالظلم تسلم / ربّ شرٍّ يكون فيه نجاة
يقرع الحادثات ما قرعته / كلُّ من عنده لعمري حصاة
لست تَلقى أَمراً تهذَّب حَتّى / غلبت سيئاته الحَسَنات
قلَّ نفعٌ لا ينتج الضُرُّ منه / ربّ شرّ تجره الخيرات
أيها الأغنياء لا تجهلوا ما / يحمل البائسون والبائسات
ما تفكرت في الحَقيقة الا / ساورتني الشكوك وَالشبهات
كَم يودّ الإنسان لَو طارَ في الجو / وِ خَفيفاً كَما تطير القطاة
كل ما في الوجود فهو لعمري / علل تارة وَمعلولات
ليس فضلٌ على زمان لوقت / فالليالي جميعها أخوات
يلهج الجاهِلون في كل عصر / بدعاوٍ ما إِن لها إثبات
إنمّا الجاهِل المجادِل بالبا / طل في أَعين الترقي قذاة
جوهر الكون في الوجود قَديم / غير أن الأشكال مخترعات
من تَروّى أن النجوم شموس / عظمت في عيونه الكائنات
يقرأ الفَيلَسوف من سور في / ها كتاباً آياته بينات
يا راصِد الخنس الجواري
يا راصِد الخنس الجواري / ما جدَّ في تلكم الدراري
هَل أَخذ الجذب في قواها / يقاوم الدفع باقتدار
يأمرها الجذب أن تَدانى / والدفع يأبى غير النفار
لا تثقن بالضياء منها / فإنما نورها ابنُ نارِ
إِن لم يبن للحَياة فيها / وجه فَيا وحشة الديار
أَذهب صَبري اطراد دَهري / وَربما أَوجب اِنتحاري
أَورَثَني السأم من حَياتي / تعاقب اللَيل وَالنَهار
قد جعل الأرض لي قراراً / وبئست الأرض من قرار
لا تقبل الأجرام عدّا
لا تقبل الأجرام عدّا / كلا ولا الأَبعاد حدّا
العَقل يرجع خائباً / عنَها وإن لم يأل جهدا
يَرقى إليها مورياً / بالفكر في الظلماء زندا
مسترشداً بعلومه / فبها إذا ما ضل يُهدى
وَقَد استعدَّ وكل سا / ع يَستَعين بما استعدا
فَيسيح في لَيل به / زهر النجوم يقدن وقدا
وَيَجوز أجوازاً لَها / متعسفاً فَيَكاد يَردى
مَهما تَرقى صاعداً / أَلفى وَراء البعد بعدا
يَسمو وَيَذهَب موغلاً / فيصده الإعياء صدا
حَكَت المجرَّة صارِماً / وَحَكَت سحائبها فرندا
نَفسي تود وَكَيفَ أم / نع فيّ نَفسي أَن تودّا
لَو أَنَّها وجدت طَري / قاً منه للشعرى يؤدَّى
وَتصعدت فَتقلدت / من أنجم الجوزاء عقدا
وَبكفها لمست من ال / قرب السَماء اللازوردا
خادعت نَفسي حين لَم / أَر من خداع النفس بدا
إني إذا خالفتها / كانَت لي الخصم الألدا
يا نفس بعد الموت ذا / لك كائنٌ فإليك وعدا
وَالعَقل يَعلم من سيا / حته الَّتي أَولته مجدا
أن المجرة لَم تَكُن / إلا عوالم فقن عدّا
وَالسحب فيها أنجم / هن الشموس بعدن جدا
متحركات في السما / ء تخال أن لهنَّ قصدا
متنقلات في فسي / حِ فَضائها عكساً وَطردا
فَلَها مجاز في مجا / هلها تسير به وَمعدى
زرقاً وَحمراً زاهيا / تٍ في مجاريها وَرُبدا
متجاذِبات لَو تخل / لفَ واحدٌ عنها لأودى
وَهناك أجرام عَلى / كر الدهور جمدن بردا
سَتُعيد يَوماً ما حَرا / رتها القديمة أَو أَشدا
وَتمد ثانية أَشع / عتها إلى الأطراف مدا
إني لأحسب أن هَ / ذا الكون حيٌّ سوف يَردى
وَكَذاك أَحسب كل نج / مٍ جوهراً للكون فردا
والأرض بنت الشمس تَل / زم أُمَّها جرياً وَتحدى
وَتدور في أطرافها / مشدودة بالجذب شدا
فَتَطوف مثل فراشة / لاقَت بجنح اللَيل وقدا
وَبدور محورها تُوَج / جِه نحو نور الشمس خدا
لَولا دَليل الجذب ما / ملكت بهذا السعي رشدا
وَلأُبعدت عَن أمها / فمَضَت وَما ألفت مردا
بل تاه جامد جرمها / أَو صادفت في السير ضدا
وَيلي لَها إن صادمت / جرماً من الأجرام صلدا
فَهناك يهلك أَهلها / وَتَكون للإِنسان لحدا
لهفي على الشبان تخ / مد منهم الأنفاس خمدا
وعلى الحسان الكاعبا / ت عرضن كالرمان نهدا
والورد خداً والظبا / عيناً وخُوط البان قدا
تردى وأكبر في نفو / س العاشقين بذاك فقدا
فتموت سلمى في الشبا / ب وزينب وتموت سعدي
وعلى الرجال الذائدي / ن عن الرعية من تعدَّى
كُشفت بهم غماؤها / وأُحيل بؤس العيش رغدا
هم ألبسوا الأقوام إذ / فسدوا من الإصلاح بُردا
وبنوا بفضل الذَبِّ بي / ن الظلم والضعفاء سدا
مثل السيوف المصلتا / ت لهم تكون الأرض غِمدا
وعلى الفلاسفة الأُلى / كشفوا من الأسرار عدا
وعلى الرجال الماحصي / ن العلم تحقيقاً ونقدا
ويلي له من حادث / يستنفد الأعمار حصدا
إن لم يمت في يومهِ ال / إنسان فهو يموت بعدا
ما الموت إلا منهل / نأتَمُّهُ وفدا فوفدا
قد مرّ للمتنعمي / ن وطابَ للبؤساء وِردا
حمداً لك أللهم في ال / سرّاءِ والضراء حمدا
ماذا تكون الأرض بع / د صلائها أتعود تهدا
أَتُحِدُّ بعد خرابها ال / مظنون للعمران عهدا
أَلها إذا بلغت نها / ية دورها المسعود مبدا
إني لآمل أن تُعي / د قوى الحياة وتستردا
وتُعيش حيواناً بها / وتكون للانسان مهدا
وتعيد آباء كما / كانوا بها وتعيد وِلدا
الأرض بالإنسان تك / سب بهجةً وتنال سعدا
يا ارض لولا سعيه / لم تدركي يا أرض مجدا
هو ذلك السرُّ الذي / أفشاه مُبدعه وأبدى
لا تحتقره لكونه / في أصله قد كان قردا
فلقد تقدم في الكما / ل وبالفضائل قد تردّى