المجموع : 154
إن الإمام محمدا
إن الإمام محمدا / أهدى الخليفة أحمَدَا
للباسِهِ ثوباً وقد / لَبِس المحامد وارتدى
وعمامة التقوى التي / من فوقها شَمسُ الهدى
يا حسنها إذ أرسلت / من كفّه غيْث الندى
وكأنَّ وشْيَ رُقومها / بالبرق طُرُزَ عَسْجَدَا
وبطرزه لونٌ السما / ء ووجهه قمر بدا
لله منه نَيِّرٌ / حَلَّ المنازل أَسعَدا
مستنصر أعلى له / فوق المنازل أسعُدا
مَنزلَ اليُمْن والرضا والسُّعودِ
مَنزلَ اليُمْن والرضا والسُّعودِ / أَنجزت فيه صادقات الوعودِ
كل يوم نزاهة إن تَقَضّتْ / أنشدتها السُّعود باللَّهِ عُودي
جمع المستعين وصف كمالٍ / بين بأسٍ عمَّ الملوكَ وجودِ
فاهُنَ في غبطةٍ وعزة مُلْكٍ / أنت والله فخر هذا الوُجودِ
سلو البارقَ النجديِّ من عَلَمَيْ نجدِ
سلو البارقَ النجديِّ من عَلَمَيْ نجدِ / تبسَّمِ فاستبكى جفوني من الوجدِ
أجاد ربوعي باللوى بوركَ اللوى / وسَحَّ به صوبُ الغمائم من بعدِي
ويا زاجري الأظعانِ وهي ضوامِرٌ / دعُوها تردْ هيماً عطاشاً على نَجْدِ
ولا تنشقوا الأنفاس منها مع الصَّبا / فإن زفيرَ الشوق من مثلها يُعْدي
براها الهوى بريَ القِداح وخَطَّها / حُرُوفاً على صفح من القفر مُمْتَدُ
عجبت لها أنِّى تجاذبني الهوى / وما شوقها شوقي ولا وجدها وجدي
لئن شاقَها بين العُذَيْب وبارقٍ / مياه بفَيء الظلُ للبان والرَّندِ
فما شاقني إلا بدورَ خدُورِها / وقد لُحْنَ يومَ النّفر في قُضُبِ مُلْدِ
فكم في قباب الحيِّ من شَمْسِ كِلَّةٍ / وفي فلك الأزرار من قمر سعدِ
وكم صارم قد سُلَّ من لحظِ أَحوَرٍ / وكَمْ ذابلٍ قد هُزَّ من ناعمِ القَدِّ
خذوا الحذر من سُكان رامةَ إِنّها / ضعيفات كرِّ اللّحظ تفتك بالأسْدِ
سهام جفونِ عن قسِيِّ حواجبٍ / يُصاب بها قلبُ البريء على عمدِ
وروض جمال ضاع عَرفُ نسيمه / وما ضاع غير الورد في صفحة الخدِّ
ونرجس لحظ أرسل الدمع لؤلؤاً / فرشَّ بماءِ الورد روضاً من الوردِ
وكم غُصُنٍ قد عانق الغصنَّ مثله / وكلٌُّ على كلٌّ من الشوق يَسْتَعدي
قبيح وداع قد جلا لعيوننا / محاسنَ من روض الجمال بلا عَدِّ
رعى الله لَيْلَى لو علمت طريقها / فرَشتُ لأخفاف المطيِّ بها خَدِّي
وما شاقني والطيف يرهب أدمعي / ويسبح في بحر من الليل مُرْبدُ
وقد سُلَّ خفَاق الذوائب بارق / كما سُلَّ لمَّاع الصِّقال من الغمدِ
وهُزَّتْ مُحلاَةً يدُ الشوق في الدُّجى / فحُلَّ الَّذي أبرمتُ للصبر من عَقدِ
وأَقلق خفّاق الجوانح نسمة / تَنِمُّ مع الإصباح خافقة البردِ
وهبْ عليلٌ لفَّ طيَّ بُرودِهِ / أحاديثَ أهداها إلى الغَور من نَجدِ
سوى صَادحٍ في الأيك لَمْ يَدْرِ ما الهوى / ولكنْ دعا مني الشجون على وعدِ
فهل عند ليلى نعمَّ اللهُ ليلَها / بأنّ جفوني ما تمَلُّ من السُّهدِ
وليلةًَ إِذْ وافى الحجيجُ على مِنىً / وَفَتْ لي المُنى منها بما شئتُ من قصدِ
تقضَّيتُ منها فوق ما أحسب المنى / وبُرد عفافي صانه الله من بُردِ
وليس سوى لحظ خفيِّ نُجيلُه / وشكوى كما ارفضَّ الجُمانُ من العِقْدِ
غفرت لدهري بعدَها كلَّ ما جنى / سوى ما جنى فدُ المشيبِ على فَؤدِي
عرفتُ بهذا الشَّيْب فضلَ شبيبتي / وما زال فضلُ الضّدِّ يُعرفُ بالضِّدِّ
ومن نام في ليل الشباب ضلالةً / سيوقظه صبحُ المشيب إلى الرشدِ
أما والهوى ما حِدْتُ عن سَنَن الهوى / ولا جُرْتُ في طُرْق الصَّبابَةِ عن قصدِ
تجاوزت حدَّ العاشقين الألى مضَوْا / وأصبحت في دين الهوى أمَّةً وحدي
نسيتُ وما أنسى وفائي وخلتي / وأقفر ربعُ القلب إِلاَّ من الوَجْدِ
إليك أبا زيدٍ شكاةً رفعتُها / وما أنت من عَمْرِو لديَّ ولا زيد
بعيشِك خبَّرني وما زلتَ مُفُضِلاً / أعندك من شوقِ كمثل الذي عندي
فكم ثار بي شوق إليك مُبَرْحٌ / فظلَّت يدُ الأشواق تقدح من زندي
وصفق حتى الريح في لِمَمِ الرُّبى / وأشفق حتّى الطفل في كبد المهدِ
يقابلني منك الصباح بوجنةٍ / حَكى شَفَقاً فيها الحَيَاءُ الَّذي تُبدِي
وتوهمني الشمسَ المنيرة غُرَّةٌ / بوجهك صان اللهُ وجهك عن رَدِّ
محيّاك أجلى في العيون من الضحى / وذكرك أحلى في الشفاه من الشهدِ
وما أنْت إِلاَّ الشمسُ في علو أفقها / تفيدُك من قرب وتَلْحظُ من بُعدِ
وفي غُمَّةٍ مَنْ لا ترى الشمسَ عينُهُ / وما نفعُ نور الشَّمسِ في الأعين الرُّمدِ
من القوم صانوا المجد صون عينُهُ / كما قد أباحوا المال يُنهّبُ للرُفدِ
إذا ازدحموا يوماً على الماء أسوة / فما ازدحموا إلاَّ على مورد المجدِ
ومهما أغاروا منجدين صريخَهُمُ / يشبُّون نارَ الحرب في الغور والنَّجدِ
ولم يقتنُوْا بعد الثناء ذخيرةً / سوى الصّارم المصقول والصافن النَّهدِ
وما اقتسم الأنفال إلا ممدِّحٌ / ملاها بأعراف المطهَّمةِ الجُرْدِ
أَتنسى ولا تنسى ليالِينَا التي / خلسنا بِهِنَّ العيش في جنَّة الخُلدِ
ركبنا إلى اللَّذات في طَلَقِ الصِّبا / مطايا الليالي وَادعينَ إلى حدِّ
فإن لم نَرِد فيها الكؤوس فإننا / وردنا بها للأنس مستعذبَ الوردِ
لقيتُك في غرب وأنت رئيسه / وبابُك للأعلام مجتمعُ الوفدِ
فآنست حتى ما شكوتُ بغربةٍ / وواليتَ حتَّى لَمْ أَجدْ مَضَضَ الفقدِ
وعدتُ لقُطري شاكراً ما بلّوتُهُ / من الخُلُقِ المحمودِ والحَسَبِ العِدِّ
إلى أن أجزتَ البحر يا بحرُ نحونا / وزرت مزارَ الغيث في عَقِب الجَهْدِ
ألذْ من النُّعمى على حال فاقةٍ / وأشهى من الوصل الهَنيِّ على صدِّ
وإن ساءني أَنْ قَوْضَتْ رحلَك النوى / وعُوِّضت منها بالذَّميل وبالوَخْدِ
لقد سرني أنْ لُحْتَ في أُفُق العلا / على الطائر الميمون والطالع السعدِ
طلعتَ بأفق الشرق نجمَ هدايةٍ / فجئت مع الأنوار فيه على وعدِ
يميناً بمن تسري المطيُّ سَوَاهماً / عليها سامُ قد رمت هدف القَصدِ
إلى بيته كيما تزور معاهداً / أبان بها جبريلُ عن كرم العهدِ
لأنت الذي مهما دجا ليلُ مشكلٍ / قَدَحْتَ به للنور وارية الزِّندِ
وحيث استقلَّت في ركاب لطيَّةٍ / فأنت نَجيُّ النفس في القرب والبعدِ
وإنِّي بباب الملك حيث عهدتني / مديدُ ظِلالِ الجاه مستحصَف العقدِ
أُجهْزُ بالإنشاء كلَّ كتيبةٍ / من الكُتْبِ والكُتّابُ في عرضها جندي
نلوذ من المولى الإمامِ محمّدٍ / بظلٍّ على نهر المبرَة مُمُتَدِّ
إذا فاض من يمناه بحر سماحة / وعَمَّ به الطوفان في النجد والوَهْدِ
ركبنا إلى الإِحسان في سُفُنِ الرّجا / بحورَ عطاءٍ ليس تجزُرُ عَن مَدِّ
فمن مبلغُ الأمْصار عنِّي ألوكةً / مغلغلةٌ في الصدق منجزةَ الوعدِ
بآيةِ ما أعطى الخليفةَ ربُّهُ / مفاتيح فتحٍ ساقها سائق السعدِ
ودونَك من روض المحامدِ نفحةٌ / تفوقُ إذا اصطفَّ النَّديُّ عن النَّدِّ
ثناء يقول المسك إن ضاع عَرْفُهُ / أيا لك من نَدِّ أما لك من نِدِّ
وما الماء في جوِّ السحاب مُروْقاً / بأطْهر ذاتاً منك في كنف المهدِ
فكيف وقد حلّتك أسرابَها الحُلَى / وباهت بك الأعلام بالعلم الفردِ
وما الظل في ثغر من الزهر باسمٍ / بأصفى وأذكى من ثنائي ومن وُدِّي
ولا البدر معصوباً بتاج تمامِهِ / بأبهر من وُدِّي وأسْيَرَ من حَمْدي
بقيتَ ابنَ خلدونٍ إمام هدايةٍ / ولا زلتَ من دنياك في جنَّة الخُلدِ
على الطائرِ الميمون والطالع السعدِ
على الطائرِ الميمون والطالع السعدِ / قدمت مع الصنع الجميل على وعدِ
وقد عُدتَ من جَبْل الشِّوار لتجتلي / عقائلَ للفتح المبين بلا عَدِّ
أيا عِلية الكتاب دعوةَ مُنصفٍ
أيا عِلية الكتاب دعوةَ مُنصفٍ / عليكم بكم في مقطع الحق يستعدي
سمحتم بنظم الدُّرِّ في لَبَّةِ العلا / فكم راق من سمط هناك ومن عِقدِ
فما ضرَّكم أنْ تسمحوا لي بكتبها / فتستجزلوا شكري وتستوجبوا حَمدي
على الطائر الميمون والطالع السعد
على الطائر الميمون والطالع السعد / أتتني مع الصنع الجميل على وعدِ
وأحييت يا يحيى بها نفس مغرم / يجيل جيادَ الدمع في ملعب السعدِ
نسيتُ وما أنسى وفائي وخلتي / وأقفر ربع القلب إلاّ من الوجد
وما الطلُّ في ثغرٍ من الزهر باسم / بأزكى وأصفى من ثنائي ومن وُدِّي
فأصدقتها من بحر فكري جواهراً / تنظّم من در الدراريّ في عقدِ
وكنتُ أطيلُ القولَ إلاَّ ضرورةً / دعتني إلى الإيجاز في سورة الحمدِ
أَإِنسان عين الدهر جفنك قد غدا
أَإِنسان عين الدهر جفنك قد غدا / يحفُّك منه طائر اليمن والسعدِ
إذا ما هفا فوق الرؤوس شراعُهُ / أراك جناحاً مُدَّ للجزر والمدِّ
ضريحَ أمير المسلمين محمد
ضريحَ أمير المسلمين محمد / يخصُّك ربِّي بالسلام المردَّدِ
وحيَّتكَ من رَوْح الإِلَه تحيةٌ / مع الملأ الأَعلى تروح وتَغتدي
وشقّت جيوبَ الزهر فيك كمائمٌ / يرفُّ بها الريحان عن خَضِلٍ نَدي
وصابت من الرُّحمَى عليك غمائمٌ / تُروّي ثرى هذا الضريح المنجّدِ
وزَارَتْكَ من حور الجنان أوانسٌ / نواعمُ في كل النعيم المخلْدِ
وجاءتك بالبشرى ملائكة الرضى / كما جاء في الذكر الحكيم الممجَّدِ
وصافح منك الروضُ أطيب تربةٍ / وعاهد منك المزنُ أكرم معهدِ
رضى الله والصفحُ الجميل وعفوُهُ / يُوالي على ذاك الصفيح المنضدِ
ويا صدفاً قد فاز من جوهر العلا / بكلِّ نفيس بالنفاسة مفردِ
أعندك أن العلم والحلم والحجى / وزهرَ الحلى قد أُدرجت طيَّ مَلْحَدِ
وهل أنت إِلاّ هالةُ القمر الذي / بنور هداه الشهبُ تهدي وتهتدي
ويا عجبً من ذلك الترب كيف لا / يفيضُ ببحر للسماحة مزبدِ
لقد ضاقت الأكوان وهْيَ رحيبةٌ / بما حُزتَ من فخر عظيم وسؤددِ
قدِمْتَ على الرحمن أكرم مَقدّمٍ / وزُوَدت من رُحماه خير مُزوَّدِ
أقام بك المولى الإمام محمدً / مؤمِّلَ فوز بالشفيع محمّدِ
فجاء كما ترضى وترضى به العلا / وأنجز للآمال أكرم موعدِ
ومدَّ ظلال العدل في كل وجهةٍ / وكفَّ أكُفَّ البغي من كلِّ معتدِ
وقام بمفروض الجهاد عن الورى / وعوّدَ دين الله خير معوَّدِ
قضى بعدما قضَّى الخلافةِ حقّها / وعامل وجه اللَّهِ في كل مقصدِ
وفتّح بالسيف الممالك عَنْوةً / ومدَّت له أملاكُها كفّ مجتدِ
وكسَّر تمثال الصليب وأخرست / نواقيسُ كانت للضلال بمَرْصَدِ
وطهَّر محراباً وجدَّد منبراً / وأعلن ذكر الله في كل مسجدِ
ودانت له الأمْلاك شرقاً ومغرباً / وكلُّهُمُ ألقى له الملكَ باليدِ
وطبَّق معمورَ البسيطة ذكرُهُ / وسارتْ بهِ الركبان في كل فَدْفَدِ
وسافر عن دار الفناء ليجتلي / بما قدّم اليوم السعادة في غدِ
وقام بأمر الله حقَّ قيامه / بعَزمة لا وانٍ ولا مُتَردِّدِ
لئن سار للرحمن خير مودع / وحلَّ من الفرودس أشرفَ مقعدِ
فقد خلَّف المولى الخليفة يوسفاً / يُعيد له غُرَّ السماعي ويبتدي
سبيلك في سُبْل المكارم يقتفي / وهديَك يا خير الأئمة يقتدي
محمدُ جلَّى الخطبَ من بعدُ يوسفٌ / ويوسفُ جلَّ الخطبُ بعد محمَدِ
ولو وَجَدَ الناسُ الفداء مُسوْغاً / فداك ببذل النفس كلُّ مُوحِّدِ
ستبكيك أرض كنت غيثَ بلادها / وتبكيك حتى الشهبُ في كل مشهدِ
وتبكي عليك السحبُ ملءَ جفونها / بدمع يُروِّي غُلّة المجدِب الصَّدِي
وتلبَسُ فِيكَ النَّيِّراتُ ظلامَهَا / حداداً ويذكي النجمُ جفُن مُسهْدِ
وما هي إِلاْ أعين قد تسهَّدت / فكحَّلها نجم الظلام بإِثمِدِ
فلا زلتَ في ظل النعيم مخلَّداً / ونجلُك يحيا بالبقاء المخلَّدِ
وأوردك الرحمن حوض نَبيِّهِ / وأصدر من خلَّفت عن خير موردِ
عليك سلامٌ مثل حمدك عاطر / يفضُّ ختام المسك عن تُربك النَّدي
وصلى على المختارِ من آل هاشم / صلاةً بها نرجو الشفاعة في غدِ
ألائمةً في الجود والجود شيمةٌ
ألائمةً في الجود والجود شيمةٌ / جُبلتُ على إِيثارها يوم مولدِي
ذريني فلو أَنّي أُخَلّد بالغنى / لكنتُ ضنيناً بالذي ملكت يدي
هنيئاً هنيئاً لا نفاد لعدِّهِ
هنيئاً هنيئاً لا نفاد لعدِّهِ / وبشرى لدين الله إنْجازُ وعدِهِ
فقد لاح بدر التم في أفق العلا / وحلَّ كما يرضى منازل سعدهِ
وطاف أمير المسلمين محمدٌ / بحضرته العليا مبلَّغ قصدِهِ
وأبصَرَتِ الأبصار شَمْسَ هداية / وأشرقت الأرجاءُ من زُهر رفدِهِ
ولوَّحتِ الأعلامُ فيها بنصره / كما لوَّح الصبح المبين ببندِه
ستُهدي له الأيام كلَّ مسرَّةٍ / ويحيي به الرحمن آثار جَدِّهِ
فسُلَّ حسام السعد واضربْ به العدا / وخَلِّ حسام الهند في كِنِّ غِمْدهِ
فسيفُك سيفُ الله مهما سَلَلْتَهُ / يُقيم حُدودَ الله قائمُ حَدِّهِ
رعى الله زهراً ينتمي لقرنفل
رعى الله زهراً ينتمي لقرنفل / حكى عَرْفَ من أهوى وإشراقَ خَدِّهِ
ومنبته في شاهق متمنّعٍ / كما امتنع المحبوب في تيهِ صدِّهِ
أميل إذا الأغصان مالت بروضةٍ / أعانق منها القُضْبَ شوقاً لقدِّهِ
وأهفو لخفّاق النسيم إذا سرى / وأهوى أريج الطيب من عَرْقِ نَدِّهِ
ما للعوالم جُمّعت في قبة
ما للعوالم جُمّعت في قبة / قد شادها كرم الإمام محمد
في صفح صرح بالزجاج مموْهِ / وبجود مولاي الإمام ممهْدِ
ما إن رأيت ولا سمعت بطائرٍ / عن ثوب موشيِّ الرياش مجرَدِ
إن لم تكن تلك الطيور تغرَدْت / فلشكر هذا العيد سجع مُغرَّدِ
صُفَّتْ عليه للفواكه كُلُّ ما / قد عاهدته بدوحها المتعوّدِ
لو أبصرتُ صنهاجةٌ أوضاعَه / دانت له أملاكُها بتعبُّدِ
عوَّذتَني الصنع الجميلَ تَفَضّلاً / لا زلتَ خير مُعَوَّدٍ ومُعَوِّدِ
وبسورة الأنعام كم من آيةٍ / فيها لقارِ بالنَوال مُجَوّدِ
أَكتيبة الكتاب أُيَّدَ جمعُكم
أَكتيبة الكتاب أُيَّدَ جمعُكم / بعناية المولى الخليفة أحمد
لا تمطلوا دَيْن الغريب فإنني / منكم وإن رَغِمَتْ لذل حُسَّدَي
زيَّنتُمُ حل البيان بسحركم / أَلِيوْمِ زينة سحركم من موعدِ
فلْتَسْمحوا لي بالقصائد عاجلاً / ولتَبلغوا مما أؤمَل مقصدي
ما عذركم أنْ لم تجودوا بعدما
ما عذركم أنْ لم تجودوا بعدما / مُلْكتُمُ كَفَّ الخليفة أحمدِ
فلْتَبْعثوا لي كلَّ بكرٍ فذّةِ / تأتي بفخر حلالها وسْطَ النَّدي
يا إماماً قد تَخِذْنا
يا إماماً قد تَخِذْنا / هُ من الدّهر ملاذا
خطُّ يُمناك ينادي / صحَّ هذا صحَّ هذا
واليتَ ما أوْليتَ يا بحر الندى
واليتَ ما أوْليتَ يا بحر الندى / ووحقّ جودك ما رأيت كهذِهِ
فإذا يهز لها اللسان حُسامَه / فصفاتُ فخرك قد قضت بنفاذِهِ
علّمتَ فرسان الكلام نظامَها / كتعلم التلميذ من أستاذِهِ
والبحر تمتار السحائب ماءه / فتجوده من غيثها برذاذِهِ
ومشتملٍ بالحسن أحوى مهفهف
ومشتملٍ بالحسن أحوى مهفهف / قضى رجع طرفي من محاسنه الوطرْ
فأبصرتُ أشباه الرياض محاسناً / وفي خده جرحٌ بدا منه لي أثرْ
فقلتُ لجلاسي خذوا الحذر إنما / به وَصَبٌ من أسهم الغنج والحوَرْ
ويا وجنة قد جاورتْ سيف لحظه / ومن شأنها تدمى من اللمح بالبصرْ
تخيْلَ للعينين جرحاً وإنما / بدا كلفٌ منه على صفحة القمرْ
هبّ النسيم على الرياض مع السَحَرْ
هبّ النسيم على الرياض مع السَحَرْ / فاستيقظت في الدوح أجفان الزَهَرْ
ورمى القضيب دراهماً من نوْرِهِ / فاعتاض من طل الغمام بها دُرَرْ
نشر الأزاهر بعدما نظم الندى / يا حسن ما نظم النسيم وما نَثَرْ
قُمْ هاتها والجو أزهرُ باسمٌ / شمساً تحلُ من الزجاجة في قَمَرْ
إن شجها بالماء كفُّ مديرها / ترمي من شُهب الحباب بها شَرَرْ
ناريةً نوريةً من ضوئها / يقدح السراج لنا إذا الليل اعتكرْ
لم يُبقِ منها الدهرُ إلا صبغة / قد أرعشت في الكأس من ضعف الكِبَرْ
من عهد كسرى لم يُفضَّ ختامُها / إذ كان يدخر كنزها في ما دَخَرْ
كانت مذاب التُبْر فيما قد مضى / فأحالها ذوبَ اللجين لمن نظرْ
جدّدْ بها عرس الصبوح فإنها / بكر تحييها الكرام مع البُكرُ
وابلُلّ بها رمق الأصيل عشيةً / والشمس من وعد الغروب على خطَرْ
محمرة مصفرة قد أظهرتْ / خجلَ المريب يشوبه وَجَلُ الحَذِرْ
في كف شفَاف تجسّد نوره / من جوهرِ لألاءُ بهجته بَهَرْ
تهوى البدور كماله وتودُّ أن / لو أوتيت منه المحاسن والغررْ
قد خَطّ نونَ عذاره في خده / قلمان من آس هناك ومن شعر
وإلى عليك بها الكؤوس وربما / يسقيك من كأس الفتور إذا فَتَرْ
سُكْرُ النّدامى من يديه ولحظه / متعاقب مهما سقى وإذا نظَرْ
حيث الهديلُ مع الهدير تناغيا / فالطير تنشد في الغصون بلا وترْ
والقضبُ مالتْ للعناق كأنها / وفد الأحبة قادمين من السَفَرْ
متلاعبات في الحلي ينوب في / وجناتهنَّ الوردُ حسناً عن خَفَرْ
والنرجس المطلول يرنو نحوها / بلواحظ دمعُ الندى منها انهمَرْ
والنهر مصقول الحُسام متى تَرِدْ / درعُ الغدير مصفقاً فيها صَدَرْ
يجري على الحصباء وهي جواهرٌ / متكسِّراً من فوقها مهما عَثَرْ
هل هذه أم روضة البشرى التي / فيها لأرباب البصائر مُعتَبَرْ
لم أدرِ من شغفٍ بها وبهذه / من منهما فَتَن القلوب ومن كَسَرْ
جاءت بها الأجفان مِلْءَ ضلوعها / مِلْءَ الخواطر والمسامع والبصَرْ
ومسافرٍ في البحر مِلْء عنانه / وافى مع الفتح المبين على قَدَرْ
قادته نحوَك بالخِطام كأنه / جَمَلٌ يساقُ إلى القياد وقد نفَرْ
وأراه دينُ الله عزّةَ أهله / بك يا أعفَّ القادرين إذا قدرْ
يا فخر أندلس وعصمة أهلها / للناس سرُّ في اختصاصك قد ظهرْ
كم معضل من دائها عالجتَه / فشفيتَ منه بالبدار وبالبدِرْ
ماذا عسى يصف البليغ خليفة / واللهِ ما أيامه إِلاَّ غرَرْ
وُرَّثتَ هذا الفخرَ يا ملك الهدى / من كلِّ من آوى النَّبِيَّ ومن نَصَرْ
من شاء يعرفُ فخرهم وكمالهم / فليتلُ وحي الله فيهم والسَّيَرْ
أبناؤهم أبناء نصر بعدهم / بسيوفهم دين الإله قد انتصرْ
مولاي سعدُك والصباح تشابها / وكلاهما في الخافقين قد اشتهرْ
هذا وزير الغرب عبد آبق / لم يُلفِ غيرَك في الشدائد من وَزَرْ
كفر الذي أوليته من نعمة / واللهُ قد حتم العذابَ لمن كفرْ
إن لم يمت بالسيف مات بغيظه / وصَلّى سعيراً للتأسّف والفِكرْ
ركب الفِرارَ مطيَةً ينجو بها / فجرتْ به حتى استقر على سَقَرْ
وكذا أبوه وكان منه حِمامُهُ / قد حُمَّ وهُوَ من الحياة على غَرَرْ
بلّغتَهُ واللهُ أكبرُ شاهدٍ / ما شاء من وطن يعزّ ومن وَطرْ
حتى إذا جحد الذي أَوْلَيْته / لم تُبق منه الحادثات ولم تذَرْ
في حاله واللهِ أعظم عِبرةٍ / لله عَبدٌ في القضاء قد اعتبرْ
فاصبرْ تنلْ أمثالها في مثله / إن العواقب في الأمور لمن صبَرْ
رِدْ حيث شئت مسوَغاً وِرد المنى / فالله حسبك في الورود وفي الصَّدَرْ
لا زلتَ محروساً بعين كلاءةٍ / ما دام عين الشمس تعشي من نَظَرْ
والعودُ في كف النديم بسر ما
والعودُ في كف النديم بسر ما / تُلقي لنا منه الأنامل قد جَهَرْ
غنَى عليه الطير وهو بدوحه / والآن غنَّى فوقه ظبي أغَرْ
عود ثوى حجر القضيب رعى له / أيام كانا في الرياض مع الشَّجَرْ
لا سيما لما رأى من ثغرهِ / زهراً وأين الزهر من تلك الدُرَرْ
ويظن أن عذاره من آسه / ونظن تفاح الخدود من الثمَرْ
يسبي القلوب بلفظه وبلحظه / وَافِتْنَتي بين التكلم والنظرْ
قد قيّدته لأُنسنا أوتاره / كالظبي قُيِّد في الكناس إذا نَفَرْ
لم يُبلَ قلبي قبلَ سمع غنائه / بمعذَّر سلب العقول وما اعتذرْ
جَسَّ القلوب بجَسّه أوتارَهُ / حتى كأن قلوبنا بَيْن الوتَرْ
نمّت لنا ألحانه بجميع ما / قد أودعت فيه القلوب من الفكرْ
يا صامتا والعود تحت بنانه / يُغنيك نطق الخُبر فيه عن الخَبَرْ
أغنى غناؤك عن مدامك يا ترى / هل من لحاظك أم بنانك ذا السَّكَرْ
باحت أناملك اللدان بكل ما / كان المتيم في هواه قد سَتَرْ
ومقاتلٍ ما سَلَّ غير لحاظه / والرمحَ هزّ من القوام إذا خطرْ
دانَتْ له منا القلوب بطاعة / والسيف يملك ربه مهما قَهَرْ
نفسي الفداء لشادن مهما خطرْ
نفسي الفداء لشادن مهما خطرْ / فالقلب من سهم الجفون على خطرْ
فضح الغزالة والأقاحة والقنا / مهما تثنَى أو تبسّم أو نظرْ
عجباً لليل ذوائبِ من شعرهِ / والوجه يُسفر عنْ صباح قد سفرْ
عجباً بعِقدِ الثغر منه منظماً / والعِقد من دمعي عليه قد انتثرْ
ما رمتُ أن أجني الأَقاحَ بثغره / إلاّ وقد سلَّ السيوف من الحورْ
لم أنسَهُ ليلَ ارتقاب هلاله / والقلب من شك الظهور على غَررْ
بتنا نراقبه بأول ليلةٍ / فإِذا به قد لاح في نصف الشهرْ
طالعته في روضة كخلاله / والطيب من هذي وتلك قد اشتهرْ
وكلاهما يُبدي محاسن جمة / مِلْءَ التنسّم والمسامع والبصرْ
والكأسُ تطلع شمسها في خدِّهِ / فتكادُ تُعشي بالأشعة والنظرْ
نورية كجبينة وكلاهما / يجلو ظلامَ الليل بالوجه الأغرْ
هي نسخة للشيخ فيها نسبة / ما إن يزالا يرعشان من الكبرْ
أفرغتَ في جسم الزجاجة روحها / فرأيتُ روح الأنس فيها قد بهرْ
لا تسقِ غير الروض فضلة كأسها / فالغصن في ذيل الأزاهر قد عثرْ
ما هبَ خفاق النسيم مع السحرْ / إلا وقد شاق النفوس وقد سحرْ
ناجى القولبَ الخافقات كمثله / ووشى بما تخفي الكِمام مع الزهرْ
وروى عبد الضحاك عن زَهر الربُّى / ما أسند الزهري عنه عن مطرْ
وتحملت عنه حديث صحيحه / رُسُلُ النسيم وصدّق الخُبُرُ الخَبَرْ
يا قصر شنّيل وربعك آهلٌ / والروض منك على الجمال قد اقتصرْ
لله بحرك والصِّبا قد سرَّدْتْ / منه دروعاً تحت أعلام الشجرْ
والآس حفَّ غداره من حوله / عن كلِّ من يهوى العِذارَ قد اعتذرْ
قَبِّلْ بثغر الزهر كفَّ خليفة / يُغنيك صوبُ الجود منه عن المطرْ
وافرشْ خدود الورد تحت نعاله / واجعل بها لون المضاعف عبد خفرْ
وانظمْ غناء الطير فيه مدائحاً / وانثر من الزهر الدراهم والدررْ
المنتقى من جوهر الشرف الذي / في مدحه قد أنزلت آيُ السورْ
والمجتبى من عنصر النور الذي / في مطلع الهَدي المقدس قد ظهرْ
ذو سطوة مهما كفى ذو رحمة / مهما عفا ذو عفة مهما قدرْ
كم سائل للدهر أقسمَ قائلاً / والله ما أيامُهُ إلا غُرَرْ
مولايَ سعدك كالمهنّد في الوغى / لم يُبق من رسم الضلال ولم يَذَرْ
مولاي وجهُك والصباحُ تشابها / وكلاهما في الخافقين قد اشتهرْ
إن الملوك كواكبٌ أخفيتها / وطلعت وَحْدَك في مظاهرها قمرْ
في كل يوم من زمانك موسمٌ / في طَيّهِ للخلق أعيادٌ كُبَرْ
فاستقبل الأيام يندَى روضها / ويرف والنصر العزيز له ثمرْ
قد ذهَبتْ منها العشايا ضعف ما / قد فضَّضَتْ منها المحاسن في السحرْ
يا ابن الذين إذا تُعَدُّ خلالهم / نفِدَ الحسابُ وأعجزت منها القدرْ
إن أوردوا هِيمَ السيوف غدائراً / مصقولةٌ فلطالما حَمِدُوا الصِّدَرْ
سائلْ ببدرٍ عنهمُ بدرَ الهدى / فبهم على حزب الضلال قد انتصرْ
واسألْ مواقفهم بكل مشهّر / واقرَ المغازي في الصحيح وفي السِّيَرْ
تجد الثناء ببأسهم وبجودهم / في مصحف الوحي المنزل مُستطرْ
فبمثل هديك فلتُنِزْ شمس الضحى / وبمثل قومِكَ فليفاخر من فَخَرْ
ماذا أقول وكل وصف معجزٌ / والقول فيك مع الإطالة مختصرْ
تلك المناقب كالثواقب في العلا / من رامها بالحصْرِ أدركه الحَصَرْ
إن غاب عبدُك عن حماك فإنه / بالقلب في تلك المشاهد قد حضرْ
فاذْكُرْهُ إن الذكرَ منك سعادةٌ / وبها على كل النام قد افتخرْ
ورضاك عنه غايةٌ ما بعدها / إلا رضى الله الذي ابتدع البشرْ
فاشكر صنيع الله فيك فإنه / سبحانه ضمن المزيد لمن شكرْ
وعليك من رَوْح الإله تحيةٌ / تهفو إليك مع الأصائل والبُكَرْ