القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عَبد الحَمِيد الرّافِعي الكل
المجموع : 115
ما تصلح الدنيا ولا ناسها
ما تصلح الدنيا ولا ناسها / ما لم يل الأقوام أجناسها
ولا ترقى أمة لم يكن / محرراً بالعدل قسطاسها
فالظلم باب الظلمات التي / يقضي على العالم أغلاسها
وشر ما الأنفس تعيا به / ان يحكم الأمة اشراسها
يا رحمة اللَه على أمة / أوشك ان يودي بها ياسها
تجاوز الترك على حقها / والترك قوم ضاع احساسها
هيهات ان تبقى وقد زلزلت / بمعول الأحزاب آساسها
وانقلب القوم على بعضهم / والغِل في الأحشاء يجتاسها
بمثل ذا باد بنو وائل / كليبها طاح وجساسها
ما غضب اللَه على أمة / إلا وأضحى بينها باسها
هبوا بني العرب إلى م الكرى / وقد دها الآمال دهاسها
طلبتم الاصلاح من عصبة / توتر بالافساد أقواسها
هم عصبة اللادين ويل أمها / حيّات واد لم يدس راسها
باسم اتحاد وترق لقد / غرتكم والخدع اغراسها
هيهات منها مبتغاكم ولو / شدت على الاعناق امراسها
فكم تقيمون على ذلة / وروضة الصبر ذو آسها
الستم نسل القروم الأولى / تنتعل الهامات أفراسها
الملبسي الأعداء يوم الوغى / رعباً به تصطك اضراسها
والتاركي الأملاك من خوفها / تضرب للاسداس أخماسها
فجردوا العزم الذي طالما / شق صدورا طال وسواسها
وجددوا مجد بني يعرب / فالعار ان يطفا مقباسها
وأرجعوا الترك إلى أصلها / يرن في الحمام جنطاسها
ان المماليك إذا ملكت / طف بأنواع الجفا طاسها
كنا نرى طاعتها عصر ما / كانت تلى الأحكام أقداسها
فقاست اليوم على ما مضى / عمري لقد أخطأ مقياسها
رحماك ربي ما الذي ضرها / لو ساير الانصاف سواسها
تحسب ان العرب اعداؤها / وهم مدى الأيام حراسها
عون على السلم وان حاربت / فهم مواضيها واتراسها
تزعم حب الدين لكن كما / يروج السلعة دلاسها
لو تألف القرآن ما حاربت / لسانه حتى التوى فاسها
ضيعت الحزم وهل دولة / يورى بغير الحزم نبراسها
من يمنع الأعداء عنا متى / جاس خلال الدار جواسها
هذي طرابلس وأبطالها / وبرقة الغرا وأشواسها
نالت بها الطليان آمالها / وطن في الواحات أجراسها
عار على العرب الكُماة الألى / تابى قبول الضيم احماسها
ان تغتدي يحكمها امرد / مهفهف القامة مياسها
أو طمطمي شاب مستغرباً / في خندريس دينه كاسها
اسافل لا أصل يدرى لها / وعرض أهل الأصل برجاسها
ماء الحيا قد جف منها فما / ترجى لغير النار أكداسها
ما همها في دار احكامها / آلا بأن تملأ أكياسها
من عظم ما جارت بأنحائنا / انحى على الأمة أفلاسها
ان رجال العدل ان اوطنوا / مناز لا تخضر أيباسها
وهؤلاء استنزفوا مالنا / وضاعت الدور واحلاسها
طاب الزمان واضحى أمرنا شورى
طاب الزمان واضحى أمرنا شورى / لما غدا علم الدستور منشورا
فجر أطل وجيش الليل يدفعه / حتى إنجلى فمحا تلك الدياجيرا
وأشرقت أثره شمس الخلافة من / برج الرشاد فزادت نوره نورا
محا مظالم الاستبداد وانقشعت / غمائم عمت الآكام والقورا
وقد هوى زحل من علو مطلعه / يشكو الزمان ويبكي الحظ مدحورا
وطهر الملك من أعوانه فمضوا / صلبا ونفياً وتذليلا وتخسيرا
على الخيانة عاشوا ليس همهم / إلا الدراهم جمعاً والدنانيرا
كانوا لدولتنا أركان عزتها / اسما وأفعالهم كانت مناشيرا
متى تُصان عناقير الكروم إذا / ما السارقون هم كانوا النواطيرا
فسلهم أين خلوا بعد نكبتهم / تلك الخزائن ملأى والمطاميرا
ما قد مواقط من خير لكي يجدوا / ولا اتوا عملاً في الدهر مبرورا
فما بكتهم سماء لا ولا حزنت / أرض عليهم ومن يبكي الزنابير
لو أنهم بالأذى كالنحل لسعتها / توسى بشهد لكان الذنب مغفورا
لكنهم خُلقوا شرا فلا رحموا / سحقا لهم ولمن قد عاش شريرا
وصرح يلذز لم يحرس مشيده / كأن أحجاره كانت قواريرا
ولو تمكن اسرافيله لقضى / ان يقلب الأرض او أن ينفخ الصورا
ولى وخلى كنوزاً ما تصورها / قارون يوماً فهل اغنته قطميرا
مودعاً جنة قد أشبهت ارما / ذات العماد وفاقتها مقاصيرا
لو طال لاتخذ العرش المنير لها / سقفا ودقَّ دراريه مساميرا
كأنما خالها دار الخلود فكم / شاد القصور بها واستخدم الحورا
وود لو أحرز الدنيا وزينتها / في ذلك القصر اسرافاً وتبذيرا
مهلاً فذا مال بيت المال يا ملكا / قد غره الدهر حتى ظُن مسحورا
ما شأن مثلك ان تلهيه زخرفة الد / نيا ويسحب ذيل اللهو مجرورا
ادنيت من قرناء السوء شرذمة / أنسوك ما العدل حتى بات مهجورا
ضيعت ملكاً عظيم الشأن ذا حظر / فنلت ما لم يكن بالبال مخطورا
أين اليمين وما عاهدت أمتك ال / حسرى عليه فهل أضمرت تكفيرا
رجعت ظلماً بدستور منحتهم / قبلا جعلت به المكسورا مجبورا
فيا لها عثرة أودت بصاحبها / وما نراه لعمر اللَه معذورا
الحمر للّه رب العالمين على / احسانه إذ جلا تلك التقاديرا
وانقذ الملك والاحكام من نفر / قد أوسعوا الناس توحشيا وتنفيرا
فيا له عصر سوء ساء مخبره / وعيشه كان بالأكدار موقورا
ويح الجواسيس كم جاسوا الخلال وكم / داسوا الرجال به غدراً وتزويرا
ويح الاضاليل كم راجت بضاعتها / فيه وظل حليف الحق منفورا
لا كان من زمن بالعكس ممتحنٍ / أنأى الفحول وقد أدنى الطناجيرا
أمسى به الغش والتدليس وا أسفي / وصفا لأكثر من ندعوه مأمورا
وصار أخذ الرشى في الأكثرين بهم / داء عقيماً لقد أعيا العقاقيرا
من جاءهم ويداه بالذي اقترحوا / مملوأتان كُفي هما وتحسيرا
ومن يكن عاجزاً سموه من حَنَقٍ / معجزاً وجزوا دعواه تأخيرا
وللمساكين في أبواب عزتهم / ذل يفطر قلب الدين تفطيرا
صغيرهم قد زها كبرا وقيمته / أقل لو أن للتصغير تصغيرا
أما الكبير فقل عجلا وقل صنما / لقد أبحتك في التشبيه تخييرا
وان تجد بينهم يوماً أخا شرف / وعفة تلقهم منه مضاجيرا
يدعونه باسم صوفي إذا سُئلوا / عنه وقد قصدوا ذماً وتحقيرا
مناقب كلها رجس فلو قُطرت / في البحر لاحتاج تطييباً وتطهيرا
باللَه يا أُمةَ الدستور فانتبهوا / وايدوا نصره جداً وتشميرا
واستشرفوا بجميع العزم مملكة / قد صار أكثرها بالجهل مدثورا
سكرت بخمرة السر القديم
سكرت بخمرة السر القديم / ولكن من يدي ساق كريم
لقد رقصت بها الأرواح انسا / وما أدراك ما حال الجسوم
سلوا الساقي واقداح الندامى / ايصحو هائم القلب الكليم
شربناها ولا حرج علينا / فيا سكرى وما أنا بالأثيم
إذا الراووق نادانا سحيرا / تفتح في الحشا سمعُ الكلوم
ولبته نفوس في قلوب / تحن لنغمة الصوت الرخيم
وكم ناديت والأقوام صرعى / نديمي يا نديمي يا نديمي
تنبه للغبوق فدتك روحي / فقد قرب الصباح من الهجوم
فقام يهز قداً في هواه / مشيت على الصراط المستقيم
ومازلنا نحث الكاس حتى / تركنا الدن ذا كشح هضيم
فيا لله هاتيك الليالي / بحيث الشمل كالثغر البسيم
بكت ساعاتها الأقمار فانظر / جبين البدر اصبح كاللطيم
لئن ضن الزمان بها علينا / فتلك عوائد الزمن الظلوم
رويدك أيها اللاحي لتدري / ايصغي يا ترى سمع الملوم
تؤمل في ظلام العذل رشدي / أأرجو النصح من ليل بهيم
وتسأل ويك عن اسباب سقمي / ودمعي جاء بالنبأ العظيم
احب اعزة يا عزّ روحي / إذا التفتوا ودع ذكر الظليم
أدر لي راح ذكراهم فإني / على لهف لترياق السموم
وكررها بحقك يا حياتي / ولا عاشت بُنيات الكروم
وغني لي عراقا في حجاز / وقل يا مهجة العشاق هيمي
ابيت وبعض ما بي من لهيب / كنار قرى ألى الفضل العميم
بني الزهراء أنواء العطايا / وحر الجدب يلفح كالسموم
لآلي السلك في نسب عليّ / كريم من كريم من كريم
هم حصني وهم سيف اعتمادي / اصول به على الدهر الخصيم
اما والله لولاهم لأمسي / حفاظ العهد مندرس الرسوم
ولي منهم بحمد اللَه شيخ / أناديه لدى الخطب الجسيم
رفاعي جليل هاشمي / بمجلى ذلك الصدر الحليم
أقام من السلوك لنا طريقا / محررة على النهج القويم
بأنوار الشريعة قد أضاءت / وكلل أوجها فتح العليم
إذا ناديته ابشر بنجح / ولو حاولت معجزة الكليم
فكم لعلاه ما بين البرايا / براهين كصبح مستديم
أبا العلمين يا شيخ العريجا / اغث من خاض في لجج الهموم
اسير البين نائي الدار مالي / سوى دمعي المرقرق من حميم
أحاول بالسرى نيل الأماني / وسوء الحظ من بعض الخصوم
ويا ويلاه من شوق رماني / بسهم مقعد وجوى مقيم
خفوق حشاشة في نوء دمع / اتدري كيف ايام الحسوم
فقم يا كاشف الجلي بنصري / فمالي طاقة الكرب الأليم
ولاحظ ظاهري فضلاً وسري / وقل يا نعمة الإيمان دومي
عليك اجل تسليم شذّي / برضوان من البر الرحيم
وآلت أنجم الارشاد فينا / وأقمار الفضائل والعلوم
مدى الأيام ما نادى محب / سكرت بخمرة السر القديم
ليس من الانصاف ان تهجروا
ليس من الانصاف ان تهجروا / من كان في الود لكم مخلصا
وتألفوا الخوّان من دأبه / عند انقلاب الدهر شق العصا
فترفعوا قيمة مسترذل / وتجعلوا الغالي مسترخصا
أنتم ملوك الحسن شَيْنٌ بكم / أن تجهلوا الحق وقد حصحصا
أعيذكم من نظرات الخطا / من يطرح الدر ويبقي الحصى
لكل امرئ في العيش شأن ومشرب
لكل امرئ في العيش شأن ومشرب / وحلم به تصفو الحياة وتعذب
ومن لم يُعود حالة عاش دونها / ومؤتلف العادات في الناس يُطلب
فلا القول في فضل الحضارة يزدري / ولا هو في فضل البداوة يغلب
ففي الحضر العيش الهنئ ميسر / وما عز فيه قط للرزق مطلب
وأنواع خيرات الوجود لأهله / تُساق ولذات النعيم تُسبسب
ولكن إذا ما أدرك الضيم بلدة / وجار عليها جائر متغلب
وأفسدت الأخلاق في غيبة التقى / ولم يُحترم دين هناك ومذهب
واضحى الفتى عبداً لشهوة نفسه / وأولع بالدنيا شباب وشيب
وعم الورى طرا كما في زماننا / بلاء وضنك فالحضارة عقرب
فما يستفيد الحر لو أن داره / جنان نعيم وهو فيها معذب
وما تنفع الأوطان من كان قلبه / بهنَّ على جمر الغضا يتقلب
هنالك ترنو للبداوة أنها / أعز وأهنا والموارد أعذب
يعيش بها الإنسان حراً منعما / بفيفاء فيها العز ضيف مطنب
إذا أمحلت شد الرحال لغيرها / وان أقبلت فالعيش طرز مذهب
وان أوبأت أو أن تعكر ماؤها / تنحى لأخرى ليس يُعييه مذهب
ومن تُتحّمل داره فوق عيسه / متى شاء لم يعجزه في الأرض مهرب
فلا يشتهي ما ليس يُهديه حاضر / لباد ولا يعدوه ان عن ربرب
ولا يُبتلى يوماً بظلم حكومة / وذل به أهل الحضارة تُنكب
وان رامه أعدى عدو بغارة / فحاكمه العدل الحسام المشطب
إذا قيل هم لم يحرزوا كل نعمة / إلى الحضر المرزوق تُجنى وتجلب
فقد عوضوا عنها القناعة والرضى / فليس لهم فيها هموم ومأرب
ويكفيهم واللَه كاف عباده / إذا امطروا في كل عام فأخصبوا
تدر مواشيهم وتزهو ربوعهم / ويكنفهم عزّ الحياة المحبب
أنا في جوارك يا رسول اللَه
أنا في جوارك يا رسول اللَه / يا ابن العواتك يا عريض الجاه
فأغث عبيدا قد رماه الدهر في / تيه اغتراب ليس بالمتناهي
ولكم أراه حوادثاً وكوارثا / ومصائباً ونوائباً ودواهي
رام التجلد للأسى وسهامُه / تترى فراح بخاطر اوّاه
النفس حرّى والدموع كأنها / لهب يسيل فليس يبرد آهي
كم شالني ريب الزمان وحطّني / وكأن دهري بي لعوبٌ لاهي
زلّت به قدم احتمالي إنما / مازال إيماني بفضل آلهي
عطفاً ابا الزهراء ان خواطري / بك قد علقن وعن سواك سواهي
انت الكريم وما عداك فكل ذي / كرم بفضلك في الورى متباهي
وخضم جودك كل بحر دونه / أو هل لجودك في الوجود مضاهي
يا آية الرحمن كم لك في الورى / آيات هدي كالنجوم زواهي
تاه الوجود به وذل لعزها / كل امرئ مستكبر تياه
وخبت مصابيح الهداة جميعها / في العالمين ولم يدم إلا هي
ولكم لذاتك من جليل خصائصٍ / جلّت عن الأنظار والأشباه
لا عاش قلب لا يروح ويغتدي / مغرى بحبك يا حبيب اللَه
خاب الأُلى عشقوا سواك وما خلوا / من لائم أو ناقم أو ناهي
أذكر اخواني عسى تنفع الذكرى
أذكر اخواني عسى تنفع الذكرى / وأرجو بهم في العسر للوطن اليُسرا
وما هي إلا همة من كرامهم / يشقون في ليل الأماني بها فجرا
فهيا بني الفيحاء للعم وانهضوا / بناصره تستوجبوا الحمد والشكرا
وغذوا بها أبناءكم لحياتهم / فما عاش ميت الجهل مهما يطل عمرا
اقيموا صدور العزم واحتملوا الونى / فكم راحة في طيه تشرح الصدرا
وجودوا ببذل المال في كل صالح / لأوطانكم تجنوا بها الراحة الكبرى
وجدوا لأحياء العلوم فإنها / لبالروح لا بالمال يجدر أن تشرى
بها تدفع البلوى بها تبلغ المنى / بها تدرك الدنيا بها تحرز الأخرى
بها سبق الغرب البلاد بشوطه / ومن عجب ان لم يسر شرقنا فترا
فان لم يقم أبناؤه بحقوقه / فمن ذا الذي يرثي لمقلته العبرى
وهل قام مجد الغرب إلا بأهله / وقد قتلوا الأيام في كدهم صبرا
هم القوم قد جدوا فنالوا وأوجدوا / فطالوا وردوا عين حاسدهم حسرى
أقاموا بأفعال البخار عجائباً / بها ذللوا البحر المطمطم والبرا
وكم أحدثوا بالكهرباء غرائباً / فتحسب ان الكهرباء حوت سحرا
مناطيدهم كالطير تسبح في الفضا / تحاول في أوج السماء لها وكرا
وأبراجهم في البر تشمخ رفعة / كأسطولهم في البحر إذ يمخر البحرا
وقد أحرزوا كل الصنائع فاجتنوا / متاجرنا واستنزفوا مالنا طرا
وشادوا كما شاؤا لها من مصانع / بها استنزلوا شم الصعاب لهم قسرا
وبالشركات استسهلوا كل معجز / تنوء به الأفراد فاغتنموا الفخرا
وفي كل شيء نحن في حاجة لهم / ولو ابرة فيها نخيط لنا سترا
غدونا نباهي بالحدود وليتنا / قفونا لهم في بعض ما بلغوا أثرا
بني وطني ما ذا التكاسل كله / وما عذر من قد أحرز المال والوفرا
اتخشون فقرا بعدكم لبنيكم / أعيذكم ان تسلكوا الخطة البترا
فما الفقر كل الفقر إلا لمفلسٍ / من العلم مهما كان في ماله أثرى
وماذا الذي يلهيكم عن صنائع / تشاد لها في الثغر مدرسةٌ كبرى
تنالون من خيراتها ريع مالكم / ويحيى فقير بينكم جاع واستعرى
والنجم من فلك النحور إذا هوى
والنجم من فلك النحور إذا هوى / ما ضل من يهوى الحسان وما غوى
ولعت بحب الغانيات سرائري / حتى وقعت بهن في شرك الهوى
ويلاه من لحظات جارات الغضا / فلقد أثرن بمهجتي نار الجوى
وأبيك يا ابنة يعرب ما كنت من / يهوى التحول عن هواك إلى السوى
وفيت عهدك في الهوى وغدرتني / أفعلمتك الميل بانات اللوى
وفي بعهدي يا ظلوم فإنني / ذاك العليل وليس غيرك لي دوا
ودعت في حبيك حسن تصبري / ولقيت جيش الوجد منشور اللوى
وودّعت في خديك حبة مهجتي / فأبت معاودتي وطاب لها الهوى
ولقد وقفت على هواك مدامعي / فعلام روض الود منك لقد ذوى
وأنا الذي ضيعت فيك شبيبتي / وغدوت لا حول لدي ولا قوى
ولهان يلويني الهوى ويجد بي / وجد يقوم من ضلوعي ما التوى
والله ما خطر السلو بخاطري / كلا ولا كبدي عن الحب ارعوى
والقلب دارك إنما سوداؤه / عرش عليه هوى الرفاعي استوى
وثقت يدي أبدا بحبل ولائه / وعلى محبته الفؤاد قد انطوى
وهو الذي أولى الإله جنابه / مننا بها أسنى الخصائص قد حوى
وحباه من إحسانه سرا به / يحمي المريد على التقرب والنوى
وعلى شيوخ القوم أعلى قدره / وسقاه من كأس الرضا حتى ارتوى
وأنا له تقبيل راحه أحمد / فغدا له دست التقدم مستوى
وغدت طريقته أجل طريقة / أمست لأنواع الفضائل محتوى
وضحت بها سبل الرشاد وأشرقت / شمس الهداية أي ومن فلق النوى
وامتد من أعلامها بين الورى / نور ظلام الكائنات به انزوى
وهي الأمان لكل عبد مخلص / حفظ التمسك بالعهود وما لوى
ومن ارتدى برد السلوك بلا تقى / فلقد تعرض للقطيعه والنوى
وبخيت كان تقبل الأعمال بالن / نيات كان لكل عبد ما نوى
وإليك يا شيخ العواجز مدحة / من واله في الحب ضامره انكوى
وافى على نجب الرجاء وكم وكم / بيد من الأمل العريض لقد طوى
ولهان يروي الحب عن قيس كما / عن جودك الغيث العميم لقد روى
واصل له عادات عطفك واكفه / هما بأحناء الضلوع لقد ثوى
واقبل مدائحه لدى علياك يا / فردا على جمع الكمالات احتوى
وطني يا وطني يا وطني
وطني يا وطني يا وطني / انت من عيني مكان النظر
نجح ابنائك طول الزمن / منتهى قصدي واقصى وطرى
ولعمري كل خير ونجاح / قائم في ظل تحصيل العلوم
هي في كل مساء وصباح / راحة النفس وترياق السموم
تملأ الصدر بروح الانشراح / تنعش القلب بتنوير الفهوم
تغرق الاعمار بالعيش الهني / تفتق الأذهان مثل الزهرِ
كم جلت أربابنا من درن / فهي والله حياة الفِكرَ
من أراد الدين والدنيا معاً / فهو بالعلم ينال الاملا
ما أرى كالجهل سماً منقعا / قتل الجهل فكم قد قتلا
أي خليليّ اصيخا واسمعا / كلما في الناس سارت مثلا
ان حيّ الجهل ميت الفطن / ان ميت العلم حيّ الأثر
بعد ما بينهما للمعن / بعد ما بين الثرى والقمر
أيها الشبان اني لكم / ناصح والنصح شأن المخلص
بفنون العلم جدوا وانظموا / حللا من درها المستخلص
لا تعيروا لملول منكم / نظرة واخشوا فوات الفرص
ان مبدا العمر غالي الثمن / لا تبيعوه بلعب الاكر
واشتروا العلم بنور الأعين / واستلذوا فيه طول السهر
كل ويل وانحطاط وشقا / اصله الجهل إذا الجهل طما
وكذا كل اعتلاء وارتقا / روحه العلم ولولاه لما
فرق ما بين فناء وبقا / في البرايا فرق ما بينهما
فتأمل يابن ودي واعتن / بطلاب العلم طول العمر
وإذا ما شاقك المال الجني / تلق طي العلم كنز الدُرر
ليس بالمال يُنال العلم بل / هو للعلم كبعض الخدم
وإذا ما جمّل العلم العمل / كان كالتاج بطرز الانجم
فاجتهد ثم اجتهد دون ملل / وتعلّم وتعلم واعلم
انما قدر الفتى ما يبتني / من فخار العلم بين البشر
ليس مقدار الفتى ما يقتني / من لجين أو نضار اصفر
نحن أبناء الزمان الحاضر / هون اللَه علينا الطلبا
هل ترى من قرية أو حاضر / ما حوت مكتبة أو مكتبا
وتفكر في الزمان الغابر / حين كانوا ينسخون الكتبا
ذاك أمر لم يكن بالهين / حيث لا مطبعة في قُطر
مع هذا عزمهم لم ينثن / بل علوا بالعلم هام الزُهر
أعرني طرف زرقاء اليمامه
أعرني طرف زرقاء اليمامه / لأنظر ما ورا هذي الغمامه
تكاثف عتمها طولاً وعرضاً / كأن الليل قد أرخى ظلامه
مددنا نحوها الأبصار ظناً / بأن وراءها غيث الكرامة
ولما أن وجدناها غباراً / تضمن هيكلاً فظ الجسامه
علمنا ان شيطاناً مريداً / أتاناً قاضياً يبدي احتكامه
كأن الدهر جن فليس يدري / أنعلا قد تناول أم عمامه
رويدكم بني وطني فهذي / لعمري من علامات القيامه
عتبت على الحظوظ به فقالت / بهزء ربما سوداء شامه
وعاتبت الزمان فقال مهلاً / فإن الدهر ممتحن كرامه
أتى متلبساً برداء فقر / ينفض عن جوانبه قتامه
فأضحى يستدين وليس يوفي / وان طالبته تقبض خصامه
تظاهر بالعدالة وهو منها / بريء بل عدو الاستقامه
ولا يدري بشرع أو نظام / فليت يد البلى نثرت نظامه
فكم ألقى دعاوى في مهاو / غطست وراءها تسعين قامه
فلم اسمع لها إلا أنيناً / تقول اصبر فموعدنا القيامه
يريك بأول الأمر إلتزاما / لحاجتك التي ترجو التزامه
ومذ تملا له كفا وجوفا / وتشفي لا شفا المولى أوامه
يفيك الوعد قولاً ليس فعلاً / وآخر قوله ينسى كلامه
وان ذكرته بالأمر أرغى / وازبد واستحقيت انتقامه
سألت اللَه خالق كل وحش / ومشبع كل منهوم وهامه
يسد له مصارينا وساعا / فلو أكل الحصى هضمت طعامه
فكل وليمة شملته أم لا / يجدُّ إلى تطفلها اعتزامه
ويضحكني تعففه ابتداء / وقد أمسى يشد لها حزامه
وما أحلى مقالك يا صديقي / على مال أضعت مع الندامه
نويت به الزكاة أليس يجزي / كأنك ما جزيت به ملامه
تأس وان تكن ما نلت أجراً / فطورا لا يُفيد دم الحِجامه
فليتك قد وهبت له سِماما / تعجل منه للعمر انصرامه
فقسم بي نرمه برجوم لفظ / فلا دية هناك ولا قُسامه
نسلط من شياطين القوافي / عليه عصابة تهري عظامه
رجونا قبلُ فيه الخير حتى / أزاح الاختبار لنا لثامه
فأبصرناهُ زنديقاً تردى / بطبع الغدر في قلق الدمامه
أتذكر حين جاء وحل ضيفا / عزيزاً عند أرباب الزعامه
على علاته قد جاملوه / فكان كأنهم خفروا ذمامه
فقل ما شئت في نكس لئيم / على عمد النفاق بي خيامه
ومن نكد الزمان على فؤادي / هموم كالليالي يا أمامه
بكيت على الكرامة في بلادي / وقد ضاقت بأبناء الكرامه
تناوشنا الطغام بناب ظلم / ومنا من يُعين على الظلامه
فان لم تأتلف منا قلوب / تعامت نسأل اللَه السلامه
ولم نبرح كعير الحي ذلا / نظن بنفسنا ضعف الحزامه
نزحت عن الديار وساكنيها / وآثرت الرحيل على الإقامه
وقلت لناقتي يا ناق حدي / ولا تبكي دياراً مستضامه
تعالى اللَه ما اسمى اقتداره
تعالى اللَه ما اسمى اقتداره / واعظم شانه واعز جاره
لقد جعل الورى دولا ولكن / على قدر بهم اجرى اختياره
فمنهم كل مقتدر شكور / غدا برد التقى ابداً شعاره
ومنهم ظالم للنفس أمسى / مبيع الدين في الدنيا اتجاره
ومنهم من تذبذب في البرايا / فيصدق تارة ويمين تاره
أولئك أمة يا من يراهم / بهم اضحت طرابلس شراره
لهم في كل عرس قرص فن / وكل شريط طنبور عباره
فمن متكبر بالمال مغرى / يخال بأنه رب الوزاره
ولا عجب فذا ابن خلا ولكن / ظننا ان تهذبه الحضاره
ومن متهافتٍ دوماً على ما / يزول من الحطام ولو قطاره
جهول ليس يدري العار يوماً / وبرد الكبرياء غدا دثاره
يظن الفضل في طول وعرض / وفي دجل ومكذوب استخاره
وكم أجرى الدموع لنهب مال / وكم أبدى لدى النصب اضطراره
وهل يشكو الكريم من البرايا / لغير اللَه في الدنيا افتقاره
ولكن لا أراك اللَه كرهاً / له طمع تذوب به المراره
فما يخلو محل من مرامي / مطامعه ولا زيت المناره
ورب فتى حكاه وزاد فضلاً / وكم يعدي ضنى الجربان جاره
فتى بمصارف الأوقاف مغرى / كسنور يظن المال فاره
يدل على الخيانة من تولى / مصالحها إلا بئس التجاره
وينهب معهم مال اليتامى / ويظهر ان ذلك بالاجاره
له في الشر يرجع حيث اضحى / على فتوى الضلال له جساره
واني يهتدى للحق يوماً / فتىً ابليس اصبح مستشاره
فيا تعسا لقوم قد طغاهم / غبي ليس يدري ما الطهاره
لميراث العفاة قد استباحوا / وقد اكلوه يال بني فزاره
فما ربحت تجارتهم ولكن / لعمر اللَه ذا عين الخساره
وارباب المحاكم يا لقومي / بصائرهم خلت منها البصاره
وفيهم كل مغرور وغر / تدرع بالضلالة والدعاره
يروح مسربلاً ثوب المعاصي / ويغدو خالعاً فيها عذاره
فكم مثر أعانوه ولكن / بطول يمينهم سلبوا يساره
وكم من معسر حبسوه ظلماً / وما تخفى على الفطن الإشارة
قلوب كالحجارة بل وزادت / قساوتها وان من الحجاره
فوا بلواي من زمن مسيء / أبى يهدي لنا إلا شراره
لقد ضاعت حقوق الناس ظلماً / فمن للعدل من يحمي ذماره
ومحكمة الشريعة ضاع فيها / مكان الحق بل تركوا ادكاره
فقاضيها وسوف اللَه يقضي / عليه ولا يقيل له عثاره
يسوم الناس ظلماً أو يداووا / فضيلته بفضل أو عصاره
فكم بوعود عرقوب يمني / ورب الحق قد مل انتظاره
تلاعب بالشريعة كيفما قد / أراد ولم يخف من ذا بواره
وارشد رهطه للظلم جهلاً / وانهلهم كما راموا عُقاره
فما منهم فتى إلا وأمسى / ردا الأوزار في الدنيا ازاره
فكم ولغوا اناء أخي اضطرار / وكم ذي عسرة بلغوا ضراره
وكم وقف أبادوه وشادوا / بغلته كما شاؤوا عماره
وكم جنحوا لأغراض قباح / وجنح الليل قد أرخى ستاره
كذا البلدية البلداء فيها / بغير السوء ليس لهم شطاره
ولولا ان فيها بعض قوم / كرام هدم المظلوم داره
فكم هي قد حوت من كل فظ / غليظ القلب معدوم الإداره
يصعر خده للناس كبرا / وقد أبت العلى إلا صغاره
ويا شتان ما بين المعالي / وبين ألي الدناءة والحقارة
فليت الدهر يسعفنا إذا ما / أزاح الانتخاب لنا خماره
فكم يسر أتى من بعد عسر / وكم للدهر يوماً من آثاره
ألا يا أيها الناس اتقوا من / له تعنوا الوجوه المستناره
فيا طوبى لمن رفض المعاصي / وامسى آخذاً منها حذاره
أخي إلى م غفلتنا فبادر / لطاعة من يخاف العبد ناره
ألم تعلم بأن الموت حق / فما لك لاكمن يخشى بداره
لعمرك انما الدنيا غرور / بلى وحقيقة العمر استعاره
لو تعلم الشهب مرقى من فقدناه
لو تعلم الشهب مرقى من فقدناه / خرت مع الفلك الدوّار تنعاه
ويلاه من نبأ اسمى القلوب وقد / أطال في العالم العلويّ مبكاه
يا حسرةً ملأت كل القلوب أسى / اصبت واللَه في قلبي سويداه
ويا أسى ترك الآسين في كمد / لمن يبثّ جريح القلب شكواه
للّه طود من العرفان زلزله / كفّ القضاء ولولا اللَه اعياه
المرشد الكامل المشهور من ورث ال / غوث الرفاعي في أسرار علياه
أجرى غدير الهدى يروى الظماء به / فكم فؤاد بصافي الورد أحياه
وقام في الناس للأرشاد منقطعاً / على أجلّ طريق قد سلكناه
شربت كاس حميا الرشد من يده / فانعش القلب مني طيب ريّاه
لهفي على ذلك المولى الجليل ويا / للّه ما كان أحلاها سجاياه
مولى له في رجال الغيب سلطنة / وفي التواضع مثل الترب تلقاه
مولى إلى اللَه كنا نستغيث به / إذا عتا الدهر وانسابت رزاياه
لهفي على خلق منه تكون من / خلق الرسول وناهيكم بفحواه
لهفي على نور ذيّاك الجبين فلو / يفدى فدى فلق الاصباح أضواه
ليت الزمان له قد مّ من عمري / وما سمعت بما قد كنت أخشاه
هيهات قلبي يا شيخاه بعدك ان / يقر او يتمنى عنك سلواه
لولا العزاء بمن خلفت من غررذ / تاه الزمان بعلياهم وما تاهوا
لقلت للنفس خلّ الصبر وانفطري / فالعيش بعد الموالي مر مجناه
وقد تركت بنا شبلا بارثك لم / يدع مقام على إلا ترقاه
أبو الهدى والندى والمجد والشرف ال / عالي ومن لم تكد تحصى مزاياه
الطائر الصيت في الأقطار اجمعها / الجود والسؤدد السامي جناحاه
تبارك اللَه ما أحلى مناقبه / وما اجلّ بنهج الخير مسعاه
من جوهر المجد من لُبّ الفضائل من / محض المعالي آله العرش انشاه
أوصاف علياه فوق الشهب منزلة / يودّها الأفق لو كانت ثريّاه
مولاي صبراً على ما ناب ان لكم / بالمصطفى أسوة أبقاكم اللَه
باللَه اقسم والآثار شاهدة / ما مات من مثلكم كانت بقاياه
أدامك اللَه محفوظ الجناب ولا / عداك يا بن الرسول العزّ والجاه
ودام رضوان رب العرش محتفلاً / بمن فقدنا وبالفردوس كافاه
ركب اللالي أم حباب الراح
ركب اللالي أم حباب الراح / وافى يُقِلُّ مواكب الافراح
رقصت لها أرواحنا وترنحت / طرباً ولا تسأل عن الأشباح
سلت على الأقداح من أنوارها / سيفاً يسمى هازم الأتراح
فانهض فديتك يا نديمي واصطبح / راحا تريح خواطر الأرواح
أفما سمعت موذن الراووق قد / وافى يسبح فالق الاصباح
فأدر علي سلافة في مثلها / لا يستحق الحد إلا الصاحي
فقد إنجلى عيد السرور على الملا / في عشر تموز المنير الضاحي
يوم به عتق الرعية عنوة / من رق ذاك الظالم المجتاح
يوم به الدستور أعلن وانجلت / تلك الغيوم عن النهار الصاحي
يوم به الأحرار لعلع صوتهم / في كل صقع في البلاد وناح
ملأ الحبور جوانح الدنيا به / وزكا الزمان بعرفه الفواح
فاستقبلوه باحفتاء انه / عيد السعود ورائد الانجاح
وتصافحوا فيه مصافحة الألى / لبسوا الاخاء فكان خير وشاح
ولقد أقول لمن تحرش ظالماً / بالعرب لا يجديك طول نباح
والعرب شيمتهم على طول المدى / عفو وغفران وخلق سماح
سل عنهم ان كنت تجهل فضلهم / والشمس تستغني عن الإيضاح
بهرت سواطع مجدهم أهل النهى / وسموا بطه فوق كل طماح
وجروا إذ انفسحت لم سبل الهدى / من ساح عز في سناه فساح
والدهر عندهم لحفظ ذمارهم / يومان يوم ندى ويوم كفاح
وهم جبال الحلم ليس يهزها / هافى طنين أو هفيف رياح
واللَه يأبى ان يُضاموا فاتئد / ياصاح وارع الحق ان تك صاحي
لِلّه في ذمة الركب الشآمي
لِلّه في ذمة الركب الشآمي / قلب تناهبه لحظ الغواني
ومهجة يا وقاك اللَه ما برحت / في قبضة الوجد او كف العوادي
هيهات ترجى واقداح الهوى لهب / حياة صب حليف العشق عذري
سل دار ريا سقاها الغيث هل عهدت / من بعد دمعي عِهاداً كافل الري
حسن البداوة يسيبني ومن لي في / وصل وراعي الحمى طرف الرديني
افدي شموساً على الاعطاف سافرة / علمنني في الهوى نوح القماري
اضعن ثاري كما شاء الجمال لدى الط / رف الكنانيّ والفرق الهلالي
لكنني عاشق في الحب طاب له / كأس القضا من يد الشرع الغرامي
وضامر من بنات الريح جردها / حث السرى فهي كالسيف اليماني
اودعتها همتي حتى جرت خببا / كالسهم تخرق احشاء الموامي
تختال وهي من الدهم العراب على / ظبي الكناس بجيد خيزراني
ما زلت انهز منها خير طاويه / كشح الخوى ترتعي عشب الأماني
أشكو وتشكو كلانا بالظما نضبت / احشاؤه يستقي برد الفيافي
طوراً أبادلها صبري وانشدها / شعري فتروى من البحر العروضي
وتارة اتغنى باسم من علمت / فيعذب الجري كالورد النطافي
حتى إذا انجاب برد الدجن وانكشفت / ملامح الغيث في اقصى المغاني
قالت وان كان من عكس الزمان رجا / عالي المقاصد في باب الأداني
سر بي إلى الغرب حيث الشمس مائلة / فقلت ما لي ولليل الدجوجي
قد تسمعين به يولي الجميل فان / صدقاً فحسبي سماعي بالمعيدي
وكيف اقصد من لو راح يبسم لي / ابيت اذكر انياب السعالي
انا اناس برغم الدهر طاب لنا / ورد العلى من أنابيب العوالي
يأبى لنا الشمم الوضاح فضل سوى / شم الأنوف بني المجد التهامي
ان سالم الدهر من تدري وصار منا / فلا اعتراض على حكم قياسي
او عز بابن الفلاني معشر جهلوا / فانما عزنا بابن الرفاعي
يممه حيث خيام المجد قمن على / عمد الصباح بأطناب الدراري
هناك تلقى فتى العلياء في ملأ / من آله الغر أقمار الدياجي
أبو الهدى والندى والندى والمجد والشرف ال / عالي ويا لجمال الخلق والزي
مولى تنافس فيه الفضل وانتظمت / آثاره فوق لبات المعالي
القى حمى الدين منه حجة ثقةٌ / أبوابه مهبط الفتح الالهي
تصبو العيون لمرآه المنير كما / يصبو السماع لذكر عنه مروي
منزه النفس عن كبر يكدرها / معصومة عنه بالشأن العصامي
تواضع عن على كالبدر يبصر من / ماء صفا وهو في الأوج السماوي
ما جال في خاطر العلياء ذكر سوى / علاه إلا على وجه مجازي
وهل تكون المزايا غير ما كرم ال / أخلاق في الناس أو حسن المساعي
جواهر الجاه اصداف مثبة / ما لم تكن حليةَ القوم الأعالي
أخا العرب نبّه قومنا العرب النجبا
أخا العرب نبّه قومنا العرب النجبا / فقد طال ما ادعو ولم أر من لبّى
يجيبون داعي اللهو ايان ما دعا / وان عوتبوا القوا على الزمن الذنبا
ويعزون للأقدار فقد نجاحهم / واني أرى الأقدار من جهلهم غضبى
أثرهم فإن الشرق من طول نومهم / أضاع الرحى والغرب يكتشف القُطبا
تولّى زمان الخيل والسيف والقنا / وجاء زمان العلم يستشرف الشهبا
الم يبصروا ما أوجد العلم في الورى / لأهليه من خير أدام لها الخصبا
تحرّوا كنوز الأرض واقتحموا السما / وابدوا من الأعمال ما يدهش اللبا
ولم يكفهم سيارة تنهب الفلا / فجاؤوا بطيارتهم تخرق السحبا
ومن كل فن احرزوا كل غاية / وما زال فضل الاختراع لهم دأبا
ونحن على ما نحن ما هزّ غيرةً / تقدّمهم منا ولا حرك القلبا
نفاخر بالعظم الرميم وما لنا / سلاح إذا جار الزمان سوى العُتبى
لعمرك لو عاش الكرام الألى بهم / نفاخر من أسلافنا العَرَب العَربا
لما سرهم أنا بنوهم ولم يروا / لنا عملاً يرضي الفضيلة والربا
اليس من الإيمان ان ينهض الفتى / باوطانه دوماً ويوسعها حبا
أضعنا جميع الواجبات ولم يدع / لنا جهلنا إلا الشكاية والندبا
على أنني لم أخل لليأس موضعا / بقلبي ولا يوماً ألنت له الجنبا
فكم تحت أستار الخطوب فوائد / وما ساء خطب وخزه أيقظ الشعبا
وإني أرى لا خيّب اللَه ما أرى / بصيصاً من الآمال قد زحزح الكربا
أرى في شباب اليوم للعلم نهضة / تقول بأن العزم عن طوقه شبا
ويطربني النشء الصغير مُغادياً / مدارسه يمشي على طرقها وثبا
واحسبه عند الرواح حمائما / تناغي وتهوى نحو أوكانها سِربا
حمدت تباشير الحياة التي بدت / وشمت بها بُعد الأماني غدا قربا
تبشّرنا ان سوف ترسل نورها / على شرقنا الشمس التي أحيت الغربا
سلطانُ الحسنِ وسؤددُهُ
سلطانُ الحسنِ وسؤددُهُ / لحظإ ما فُلَّ مُهنَّدُهُ
يرتاعُ القلب لسطوته / ويكاد الناظر يعبده
اوهى جلد العشاق فما / يغني الولهان تجلده
ما بال يميني قد عجزت / عن ذي شطب أتقلده
ما تلك القوة في ضعف / لو صدمت ليثاً تقعده
هل ذاك السحر كما قالوا / من لي بالسحر أعوده
يا أخت الريم إلا عطف / لمحب طال تستهده
آلام بعادك تعدمه / وأماني قربك توجده
حياك السعد أما تس / خين بساعة وصلٍ تسعده
لم يبق به رمق لولا / ذكر لرضاك يُردده
هل غرك ما قال الواشي / اني سالٍ تبت يده
أو يسلو من أمسى في الح / ب على خطرٍ يتهدّده
إن رابك شاهد مدمعه / فدليل السقم يؤيده
أو خلت بأن القلب هفا / لسواك بعشق يقصده
فدمي حل لعيونك ما / من قومي من هو ينشده
فالعشق لنا ونموت به / ويلذ لدينا مورده
ذكر الديار فخاض في عبراته
ذكر الديار فخاض في عبراته / يتنفّس الصعداء من زفراته
مستغرَم لو شُق عن كلكاله / لتلهّب الثقلان من جمراته
كتم الأسى لكنما أيامه / حسرت قناع الصبر عن حسراته
القته في تيه اغتراب قد مضى / بشبابه وقضى بفلّ شبانه
ورمته في محن تحط النجم من / أبراجه والبدر من هالاته
متغلغلاً في الأرض بين مجاهل / جهل الغراب بها طريق نجاته
متنقلاً من قرية لِقُرَّيةٍ / فيها حياة المرء مثل مماته
يتكلف الصبر الجميل بها على / فقد الخليل وثمّ سُمّ حياته
وتَحمّلُ الأرواح عشرة ضدّها / مستصعب كالموت في سكراته
وامرّ ما يلقى الفتى ان يُبتلى / بالبعد عن أشكاله ولِداته
يبكي على زمن قضاه لاهياً / ما بين ريم المنحنى ومهاته
أيام كان العيش غضّا والصفا / روضاً يعيش الميّت من نفحاته
تقتاده الفتيات في لفتاتها / ويذوده الغمّاز في لحظاته
فإذا تغزّل في معاني حسنها / أو حسنه فالسحر في نفثاته
وإذا تخلّص في مديح أبي الهدى / تتفّجر الأنوار من أبياته
ذاك الذي سطعت على أوج العلى / أضواء غُرته وشُهب صفاته
من آل بيت احمديّ لم تزل / تتفاخر الأشراف في ساداتِهِ
رفعت له ذمم الرفاعي منزلاً / في المجد يهوى النجم عن شرفاته
فرقان دين كل علم أو تقى / يستمنح الاشراق من آياته
يختص وارده بصفو سريرة / ويفوز بالتوفيق في طاعاته
قد طار في الأقطار صيت علائه / واستغرق الدنيا ندى راحاته
يُنشي الطلاقة في وجوه وفوده / حتى كأن الحسن من حسناته
وكأن أيام الضيافة عنده / عصر الشبيبة عاد بع فواتِهِ
يرتاد قاصده حماه واثقاً / من فضله بنوال أمنياته
وإذا استماح العفو منه مقّصر / مثلي جزاه بحلمه وأناته
مولاي يا صدر الصدور وتاجها / وعظيم أبطال الحمى وحماته
بأبيك مولانا أبي البركات مَن / تحيى لنا الآمال في بركاته
وبشيخك المهديّ مصباح الهدى / مَن يستمدّ البدر من مشكاته
وبجدك العالي أبي العلمين مَن / تتدفق الخيرات في ساحاته
جد بالمراحم لي كما عودتني / فالغيث لا ينكف عن عاداته
واغفر قصور فتى وهت أفكاره / مما رماه الدهر في ويلاته
ألقاه في بصر الحرير وما رأى / بلداً أناخ بها الخراب كهاته
أبياتها مثل القبور كأنما / اخنى عليها الدهر في نكباته
وشتاؤها غَرق واهون صيفها / حُرَق تحاكي الجمر في لهباته
اوطنتُها سنتين لم أحسبهما / في العمر إلّا غمزة بقناته
حتى سئمت وقد تضاءل بالضنى / جسدي ونال الهم من هماته
وتركتها مستعفياً عن حكمها / ولقد يُعاف الورد عند قذاته
وسعيت نحو رحاب عزّك اشتكي / ضيم الزمان إلى اجلّ أُباته
آه من العشق ومن شادن
آه من العشق ومن شادن / ما صعد الآهات إلا هو
لولاه ما انقاد فؤادي ولا / دان بدين العشق لولاه
يا ليته لما سقاه الهوى / من راح ذاك الثغر أرواه
ما كان ألا نغبة اضرمت / وجداً مقيماً في حناياه
كحبة القناص إذ بثها / في شرك الطير فأرداه
يا ويح قلبي لم يزل هائماً / به غراماً وهو تياهُ
قسا عليه بالتجافي فما / الين عطفيه واقساه
من دلّ عينيه على مقتلي / لِلّه ما تفعل عيناه
هيهات ان يسلم من فتكها / إلا الذي سلمه اللَه
من يؤازر جمعية الاسعاف
من يؤازر جمعية الاسعاف / جاده اللَه بالجزاء الوافي
نهضت نهضة تبشر ان قد / عاش في العرب همّة الاسلاف
تستدر الإحسان من كل ندب / ذي حنان يحنو على كل عافي
شكر اللَه سعيها فلقد او / رت زناد القوى لعون الضعاف
فاعل الخير مثله يؤجر السا / عي كما قال سيد الاشراف
ما أرى في الأنام يصدف عنها / غير من قلبه غليظ الشغاف
جعل اللَه للفقير حقوقاً / في ثراء الغنى غير خوافي
واهتضام الغنّي حق فقيرٍ / في يديه حرب على الانصاف
يسأل اللَه عنه يوم التجازي / يوم كيّ الحباه والاطراف
يوم لا ينفع البنون ولا الما / ل سوى من أتى بقلب صافي
فالبدار البادار يا أيها المثرو / ن فالعمر ضيّق الاكناف
واسمحوا بالقليل ان لم تجودوا / بكثير فالنذر ما دام كافي
ولعمري ان الحياة جميل الذك / ر او لا فالمال مثل الاكاف
لهف قلبي على الكريم إذا ما اع / وزَّ حتى ضاقت عليه الفيافي
لهف قلبي على اليتيم إذا ما حت / اج يوماً لخدمة الاجلاف
وعلى الطفل ان تضور بالجو / ع وقد جفّ منبع الاخلاف
وعلى الام عند ذلك والحر / قة تبدو من جفنها الوكاف
وعلى كل صابر كاتم ما نا / به وهو تحت ناب التلاف
فلكم معدم هو التبر في الجم / ر وايامه الرياح السوافي
وعزيز يأبى الهوان وبالفا / قة أضحى كالسيف رث الغلاف
ولكم من كرائم عضّها الفق / ر فعضّت على نقاب العفاف
هؤلال الألى احتراقاً عليهم / يملأ القلب حسرة للحوافي
هؤلاء الألى بمثلهم يخت / ص ما قد روي بغير خلاف
صدقات السر الخفية تطفي / غضب الرب فانهضوا بالخوافي
واعينوهم بقول وفعل / لا بوعد يشان بالاخلاف
لا تضيعوا مجد الجدود بوضح الش / ح في موضع النوال الشافي
نضر اللَه من صغي لمقالي / فوعاه ولم يمل لاعتساف
لم يسقني إليه شيء سوى الغي / رة فارعوا له حقوق الموافي
إنني مخلص الفؤاد واهوى / وطني أن يسود ركن المطاف
وارجي لأهله ان يجافوا / كل خلق عنه يحقّ التجافي
إنما أكثر القلوب حديد / ومضاء الحديد بالإرهاف
فإذا أثر الغداة بقومي / صوت شعري شكرت فضل القوافي
على القدم الجيلي مرغت وجنتي
على القدم الجيلي مرغت وجنتي / فزاحمت أفواه النجوم ولا غروا
هو الغوث عبد القادر الفرد من به / قد استمسك الأقوام بالسند الأقوى
هو العلم الخفاق بالفضل والسخا / هو الفلك الأندى هو المنهل الأروى
أجل رجال اللَه في منتدى العُلى / مقاماً وخذ مني على ذلك الفتوى
تزاحم وفد العارفين بنهجه / سراعاً ولم يبلغ له أحد شأوا
مآثره في جبهة الدهر غُرة / فلا ذكرها يبلى ولا صحفها تطوى
فصغ من معاني مجده جوهر الثنا / ودع عنك ذكرى مبسم الرشأ الأحوى
سليل بني الزهرا وللّه نسخة / لقد قوبلت بالاصل في اللفظ والفحوى
بنى للهدى بيتاً علت شرفاته / وصين بعز ما اخال له صنوا
ومد على عرش الرسوخ سرادقا / كأن على اعماد اطرافه رضوى
واوضح في وعر السلوك طريقة / غدا كل سعي زل عن نهجها لغوا
وخُصَّ بسر لا يحيط بكنهه / وحقك إلا عالم السر والنجوى
وكم رد للنهج القويم عصابة / ولولاه مازالوا من الجهل في مهوى
إذا استهوت الدنيا فؤاد مريده / ببهرجها أو أوهمت مرها حلوا
وكاد بأن يهفو لزخرف حسنها / على أنه ما من فتى يأمن الهفوا
تكنفه من سره بحماية / فاصبح لا يخشى عثاراً ولا كبوا
وان حاول الدهر اهتضام نزيله / دحاه بعزم لا يمل ولا يضوى
ويختطف العادي إذا همّ نحوه / كما يخطف البازي بمخلبه الصعوا
امام به تُزهى المعالي وتزدهي / على أنه لا يعرف العجب والزهوا
تخطى بشوط العزم أعلى مكانةٍ / من المجد أضحى كل مجد لها تلوا
وجاد بحب اللَه جل جلاله / بنفس عن الاغيار ما برحت خلوا
ففاز بكأس الانس في حانة الرضا / وجاز مقام السكر فارتشف الصحوا
وحلق في أوج الدنو إلى مدى / لقد تركت ما دونه في العلى محوا
واصبح في بحبوحة الوصل راعاً / ونال من الاحسان والفضل ما يهوى
أبا صالح عطفاً علي فانني / اسير ذنوب بلبلت قلبي الاهوا
وما نلت من صفو اللذائذ في الصبا / سوى حسرات شبن بالكدر الصفوا
وبرد شبابي قد وهى اذ رفوته / بغير التقى حتى غدا كله رفوا
فيّممت يا غوثاه بابك راجياً / بجاهك عند اللَه ان امنح العفوا
فلو تلو عني جيد عطفك سيدي / فجيد افتقاري نحو غيرك لا يلوى

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025