المجموع : 899
قالَت كَحَلتَ الجُفونَ بِالوَسنِ
قالَت كَحَلتَ الجُفونَ بِالوَسنِ / قُلتُ اِرتِقاباً لَطيفِكِ الحَسنِ
قالَت تَسَلَّيتَ بَعدَ فُرقَتِنا / فَقُلتُ عَن مَسكَني وَعَن سَكَني
قالَت تَشاغَلتَ عَن مَحَبَّتِنا / قُلتُ بِفَرطِ البُكاءِ وَالحَزَنِ
قالَت تَناسَيتَ قُلتُ عافِيَتي / قالَت تَناءَيتَ قُلتُ عَن وَطَني
قالَت تَخَلَّيتَ قُلتُ عَن جِلدي / قالَت تَغَيَّرتَ قُلتُ في بَدَني
قالَت تَخَصَّصتَ دونَ صُحبَتِنا / فَقُلتُ بِالغَبنِ فيكَ وَالغَبَنِ
قالَت أَذَعتَ الأَسرارَ قُلتُ لَها / صَيَّرَ سِرّي هَواكِ كَالعَلَنِ
قالَت سَرَرتَ الأَعداءَ قُلتُ لَها / ذَلِكَ شَيءٌ لَو شِئتَ لَم يَكُنِ
قالَت فَماذا تَرومُ قُلتُ لَها / ساعَةَ سَعدٍ بِالوَصلِ تُسعِدُني
قالَت فَعَينُ الرَقيبِ تَنظُرُنا / قُلتُ فَإِنّي لِلعَينِ لَم أَبِنِ
أَنحَلتِني بِالصُدودِ مِنكِ فَلَو / تَرَصَّدَتني المَنونُ لَم تَرَني
فَضَحتِ بِدَورَ التَمِّ إِذ فُقتِها حُسنا
فَضَحتِ بِدَورَ التَمِّ إِذ فُقتِها حُسنا / وَأَخجَلتِها إِذ كُنتِ مِن نورِها أَسنى
وَلَمّا رَجَونا مِن مَحاسِنِكِ الحُسنى / بَعَثتِ لَنا مِن سِحرِ مُقلَتِكِ الوَسنى
سُهاداً يَذودُ النَومَ أَن يَألَفَ الجَفنا /
وَخِلتُ بِأَنّي عَن مَغانيكِ راحِلٌ / وَرَبعَ ضَميري مِن وِدادِكِ ماحِلٌ
فَأَسهَرَ طَرفي ناظِرٌ مِنكِ كاحِلٌ / وَأَبصَرَ جِسمي أَنَّ خَصرَكِ ناحِلٌ
فَحاكاهُ لَكِن زادَني دِقَّةَ المَعنى /
حَوَيتِ جَمالاً قَد خُلِقتِ بِرَسمِهِ / فَخِلناكِ بَدرَ التَمِّ إِذ كُنتِ كَاِسمِهِ
فَمُذ صارَ مِنكِ الحُسنُ قِسماً كَقِسمِهِ / حَكَيتِ أَخاكِ البَدرَ في حالِ تِمِّهِ
سَناً وَسَناءً إِذ تَشابَهتُما سِنّا /
سَجَنتِ فُؤادي حينَ حَرَّمتِ زَورَتي / وَأَطلَقتِ دَمعي لَو طَفا حَرَّ زَفرَتي
فَقُلتُ وَقَد أَبدى الغَرامُ سَريرَتي / أَهَيفاءُ إِن أَطلَقتِ بِالبُعدِ عَبرَتي
فَإِنَّ لِقَلبي مِن تَباريحِهِ سِجنا /
حُرِمتُ الرِضى إِن لَم أَزُركِ عَلى النَوى / وَأَحمِلَ أَثقالَ الصَبابَةِ وَالجَوى
فَلَيسَ لِداءِ القَلبِ غَيرُكِ مِن دَوا / فَإِن تُحجَبي بِالبيضِ وَالسُمرِ فَالهَوى
يُهَوَّنُ عِندَ العاشِقِ الضَربِ وَالطَعنا /
سَأَثني حُدودَ المَشرَفيَّةِ وَالقَنا / وَأَسعى إِلى مَغناكِ إِن شَطَّ أَو دَنا
وَأَلقى المَنايا كَي أَنالَ بِها المُنى / وَما الشَوقُ إِلّا أَن أَزورَكِ مُعلِنا
وَلَو مَنَعَت أُسدُ الشَرى ذَلِكَ المَغنى /
عَدِمتَ اِصطِباري بَعدَ بُعدِ أَحِبَّتي / فَماذا عَليهِم لَو رَعوا حَقَّ صُحبَتي
فَبِتُّ وَما أَفنى الغَرامُ مَحَبَّتي / أَأَحبابَنا قَضَيتُ فيكُم شَبيبَتي
وَلَم تُسعِفوا يَوماً بِإِحسانِكُم حُسنى /
أَعيدوا لَنا طيبَ الوِصالِ الَّذي مَضى / فَقَد ضاقَ بي مِن بَعدِ بُعدِكُمُ الفَضا
وَلا تَهجُروا فَالعُمرُ قَد فاتَ وَاِنقَضى / وَما نِلتُ مِن مَأمولِ وَصلِكُمُ رِضى
وَلا ذُقتُ مِن رَوعاتِ هَجرِكُمُ أَمنا /
حَفِظتُ لَكُم عَهدي عَلى القُربِ وَالنَوى / وَما ضَلَّ قَلبي في هَواكُم وَما غَوى
فَكَيفَ نَقَضتُم عَهدَ مَن شَفَّهُ الجَوى / وَكُنّا عَقَدنا لا نَحولُ عَنِ الهَوى
فَقَد وَحَياةِ الحُبِّ حُلتُم وَما حُلنا /
فَلَستُ بِسالٍ جُرتُمُ أَو عَدَلتُمُ / وَلا حُلتُ إِن قاطَعتُمُ أَو وَصَلتُمُ
وَلَكِنَّني راضٍ بِما قَد فَعَلتُمُ / فَشُكراً لِما أَولَيتُمُ إِذ جَعَلتُمُ
بِدايَتَكُم بِالبُعدِ مِنكُم وَلا مِنّا /
يا دِيارَ الأَحبابِ بِاللَهِ ماذا
يا دِيارَ الأَحبابِ بِاللَهِ ماذا / فَعَلَت في عِراصِكِ الأَيّامُ
أَخلَقَتها يَدُ الجَديدَينِ حَتّى / نُكِرَت مِن رُسومِها الأَعلامُ
قَد شَهِدنا فِعلَ البِلى بِمَغاني / كِ وَدَمعُ الغُيومِ فيكِ سِجامُ
وَاِقتَرَضنا مِنها الدُموعَ فَقالَت / كُلُّ قَرضٍ يَجُرُّ نَفعاً حَرامُ
أَقولُ لِلدارِ إِذ مَرَرتُ بِها
أَقولُ لِلدارِ إِذ مَرَرتُ بِها / وَعَبرَتي في عِراصِها تَكِفُ
ما بالُ وَعدِ السَحابِ أَخلَفَ مَغ / ناكِ فَقالَت في دَمعِكَ الخَلَفُ
البيضُ دونَ لِحاظِ الأَعيُنِ السودِ
البيضُ دونَ لِحاظِ الأَعيُنِ السودِ / وَالسُمرُ دونَ قُدودِ الخُرَّدِ الغيدِ
وَالمَوتُ أَحلى لِصَبٍّ في مَفاصِلِهِ / تَجري الصَبابَةُ جَريَ الماءِ في العودِ
مَن لي بِعَينٍ غَدَت بِالغُنجِ ناعِسَةً / أَجفانُها وَكَّلَت جَفني بِتَسهيدِ
وَحاجِبٍ فَوقَهُ تَشديدُ طُرَّتِهِ / كَأَنَّما النونُ مِنهُ نونُ تَوكيدِ
وَماءِ وَجهٍ غَدا بِالنورِ مُتَّقِداً / كَأَنَّ في كُلِّ خَدٍّ نارَ أُخدودِ
وَنَقطِ خالٍ إِذا شاهَدتَ مَوقِعَهُ / خِلتَ الخَليلَ ثَوى في نارِ نَمرودِ
يا أَهلَ جَيرونَ جُرتُم بَعدَ مَعدَلَةٍ / ظُلماً وَعَوَّدتُموني غَيرَ مَعهودي
بَذَلتُ روحِيَ إِلّا أَنَّها ثَمَنٌ / لِلوَصلِ مِنكُم وَلَكِن حَسبُ مَجهودي
أَنا المُحِبُّ الَّذي أَهلُ الهَوى نَقَلوا / عَنّي فَأَعطَيتُهُم بِالعِشقِ تَقليدي
مِن أَينَ لِلعِشقِ مِثلِيَ في تَشَرُّعِهِ / وَمَن يُشَيِّدُ دينَ الحُبِّ تَشييدي
لِلَّهِ لَيلَةُ أُنسٍ قُلتُ إِذ ذُكِرَت / يا لَيلَةَ الوَصلِ مِن ذاتِ اللَمى عودي
وَالشَرقُ قَد حَمَلَت أَحشائُهُ لَهَباً / لِلشَمسِ فيها حَنينٌ غَيرُ مَولودِ
وَثَعلَبُ الصُبحِ وافى فاغِراً فَمَهُ / إِذ قابَلَتهُ الثُرَيّا شِبهَ عُنقودِ
كَأَنَّها شَكلُ اِنكيسٍ تُوَلِّدُهُ / في الغَربِ أَيدي الدَياجِيَ أَيَّ تَوليدِ
أَمسى بِها وَعُيونُ الغُرِّ شاخِصَةٌ / نَحوي وَحِصني مِتونُ الضُمَّرِ القودِ
مَكانَتي فَوقَ إِمكاني وَمَقدِرَتي / مِن دونِ قَدري وَجودي فَوقَ مَوجودي
وَما رَجاني اِمرُؤٌ إِلّا بَذَلتُ لَهُ / جوداً عَنِ الشُكرِ أَو شُكراً عَنِ الجودِ
لا أَوحَشَ اللَهُ مِن قَومٍ مَكارِمُهُم / وَفَضلُ جودِهِمُ كَالطَوقِ في جيدي
ما عِشتُ لا أَتَعاطى غَيرَ حُبِّهِمُ / وَهَل سَمِعتُم بِشِركٍ بَعدَ تَوحيدِ
لَو صِرتُ مِن سَقَمي شَبيهَ سِواكِ
لَو صِرتُ مِن سَقَمي شَبيهَ سِواكِ / ما اِختَرتُ مِن دونِ الأَنامِ سِواكِ
لا فُزتُ مِن أَشراكِ حُبِّكِ سالِماً / إِن شُبتُ دَينَ هَواكِ بِالإِشراكِ
يا مَن سَمَحتُ لَها بِروحي في الهَوى / أَرخَصتِني وَعَلَيَّ ما أَغلاكِ
أَخرَبتِ قَلبي إِذ مَلَكتِ صَميمَهُ / أَكَدا يَكونُ تَصَرُّفُ المُلّاكِ
كَيفَ اِستَبَحتِ دَمَ المُحِبِّ وَلَم يَكُن / قَلبي عَصاكِ وَلا شَقَقتُ عَصاكِ
هَل عَندَمُ الوَجَناتِ رَخَّصَ في دَمي / أَم طَرفِكِ الفَتّاكُ قَد أَفتاكِ
أَصَغَيتِ سَمعاً لِلوُشاةِ فَتارَةً / أَخشى عَليكَ وَتارَةً أَخشاكِ
أَطلَقتِ في إِفشاءِ أَسرارِ الهَوى / دَمعي وَقاكِ فَما أَقَلُّ وَفاكِ
شَمِتَ العُداةُ وَلا مَلَكتِ صِيانَةً / لَكِ فاكِ عَن إِيضاحِهِم لَكَفاكِ
وَلَقَد أُمَوِّهُ بِالغَواني وَالمَها / خَوفَ العِدى وَأَصُدُّ عَن ذِكراكِ
إِذ لَم يَكُن لَكِ في التَغَزُّلِ بِالمَها / لَقَبٌ وَلا أَسماهُ مَن أَسماكِ
زَعَمَ العُداةُ بِأَنَّ حُسنَكِ ناقِصٌ / حاشاكِ مِن قَولِ العِدى حاشاكِ
قالَوا حَكَيتِ البَدرَ وَهيَ نَقيصَةٌ / البَدرُ لَو يُعطى المُنى لَحَكاكِ
لِم صَيَّروا تَشبيهَهُم لَكِ شُبهَةً / أَتُراكِ مَكَّنتِ العِداةَ تُراكِ
إِنّي لَأُصغي لِلوُشاةِ تَمَلُّقاً / لَهُمُ فَأُرضي الكاشِحينَ بِذاكِ
وَأَظَلُّ مُبتَسِماً لِفَرطِ تَعَجُّبي / فَالسِنُّ ضاحِكَةٌ وَقَلبي باكِ
في مِثلِ حُبِّكُمُ لا يَحسُنُ العَذَلُ
في مِثلِ حُبِّكُمُ لا يَحسُنُ العَذَلُ / وَإِنَّما الناسُ أَعداءٌ لِما جَهِلوا
رَأَوا تَحَيُّرَ فِكري في صِفاتِكُمُ / فَأَوسَعوا القَولَ إِذ ضاقَت بِيَ الحِيَلُ
وَأَنَّهُم عَرَفوا في الحُبِّ مَعرِفَتي / بِشَأنِكُم عَذَروا مِن بَعدِ ما عَذَلوا
يا جاعِلي خَبَري بِالهَجرِ مُبتَدَأً / لا عَطفَ فيكُم وَلا لي مِنكُمُ بَدَلُ
رَفَعتُ حالي وَرَفعُ الحالِ مُمتَنِعٌ / إِلَيكُمُ وَهوَ لِلتَمييزِ يَحتَمِلُ
كَم قَد كَتَمتُ هَواكُم لا أَبوحُ بِهِ / وَالأَمرُ يَظهَرُ وَالأَخبارُ تَنتَقِلُ
وَبِتُّ أُخفي أَنيني وَالحَنينَ بِكُم / تَوَهُّماً أَنَّ ذاكَ الجُرحَ يَندَمِلُ
كَيفَ السَبيلُ إِلى إِخفاءِ حُبِّكُمُ / وَالقَلبُ مُنقَلِبٌ وَالعَقلُ مُعتَقَلُ
يا مُلبِسي القَلبِ ثَوبَ الحُزنِ بَعدَهُمُ / حُزني قَشيبٌ وَصَبري بَعدَكُم سَمِلُ
لِذا بَواكِرُ أَيّامي لِبُعدِكُمُ / أَصائِلٌ وَضُحاها بَعدَكُم طَفَلُ
أَحسَنتُمُ القَولَ لي وَعداً وَتَكرِمَةً / لا يَصدُقُ القَولُ حَتّى يَصدُرَ العَمَلُ
حَتّى إِذا وَثِقَت نَفسي بِمَوعِدِكُم / وَقُلتُ بُشرايَ زالَ الخَوفُ وَالوَجَلُ
حَمَّلتُموني عَلى ضُعفي لِقُوَّتِكُم / مالَيسَ يَحمِلُهُ سَهلٌ وَلا جَبَلُ
لِلَّهِ أَيّامُنا وَالدارُ دانِيَةٌ / وَالشَملُ مُجتَمِعٌ وَالجَمعُ مُشتَمِلُ
شَفَيتُ غُلَّةَ قَلبي وَالغَليلَ بِها / فَاليَومَ لا غُلَّتي تَشفى وَلا الغَلَلُ
يا حَبَّذا نَسمَةُ السَعدِيِّ حينَ سَرَت / مَريضَةً في حَواشي مِرطِها بَلَلُ
لا أَوحَشَ اللَهُ مِن قَومٍ لِبُعدِهِمُ / أَمسَيتُ أَحسُدُ مَن بِالغَمضِ يَكتَحِلُ
غابوا وَأَلحاظُ أَفكاري تُمَثِّلُهُم / لِأَنَّهُم في ضَميرِ القَلبِ قَد نَزَلوا
ساروا وَقَد قَتَلوني بَعدَهُم أَسفاً / يا لَيتَهُم أَسَروا في الرَكبِ مَن قَتَلوا
وَخَلَّفوني أَعُضُّ الكَفَّ مِن نَدَمٍ / وَأَكثِرُ النَوحَ لَمّا قَلَّتِ الحِيَلُ
أَقولُ في إِثرِهِم وَالعَينُ دامِيَةٌ / وَالدَمعُ مُنهَمِرٌ مِنها وَمُنهَمِلُ
ما عَوَّدوني أَحِبّائي مُقاطَعَةً / بَل عَوَّدوني إِذا قاطَعتُهُم وَصَلوا
وُسِرتُ في إِثرِهُم حَيرانَ مُرتَمِضاً / وَالعيسُ مِن طَلِّها تَحفى وَتَنتَعِلُ
تُريكَ مَشيَ الهُوَينا وَهيَ مُسرِعَةٌ / مَرَّ السَحابَةِ لا رَيثٌ وَلا عَجَلُ
لا تَنسِبَنَّ إِلى الغِربانِ بَينَهُمُ / فَذاكَ بَينَ غَدَت غِربانُهُ الإِبِلُ
وَفي الهَوادِجِ أَقمارٌ مُحَجَّبَةٌ / أَغَرَّةٌ حَمَلَتها الأَينُقُ الذَلُلُ
تِلكَ البُروجُ الَّتي حَلَّت بُدورُهُمُ / فيها وَلَيسَ بِها ثَورٌ وَلا حَمَلُ
وَحَجَّتِ العيسَ حادٍ صَوتُهُ غَرِدٌ / بِنَغمَةٍ دونَها المَزمومُ وَالرَمَلُ
حَدا بِهِم ثُمَّ حَيّا عيسَهُم مَرَحاً / وَقالَ سِر مُسرِعاً حُيّيتَ ياجَمَلُ
لَيتَ التَحَيَّةَ كا نَت لي فَأَشكُرَها / مَكانَ يا جَمَلٌ حُيِّتَ يا رَجُلُ
أَصَمَّ اللَهُ أَسمَعَنا المَلاما
أَصَمَّ اللَهُ أَسمَعَنا المَلاما / وَقَصَّرَ عُمرَ أَطوَلِنا مَطالا
وَأَعمى طَرفَ أَعذَرِنا لِحاظاً / وَعَجَّلَ حَتفَ أَسرَعِنا مَلالا
وَهَدَّ جَنانَ أَثبَتِنا جَناناً / إِذا عَزَمَت أَحِبَّتُنا اِرتِحالا
وَأَرغَدَنا عَلى التَفريقِ عَيشاً / وَأَحسَنَنا لِفَقدِ الإِلفِ حالا
يَقولونَ طولُ البُعدِ يُسلي أَخا الهَوى
يَقولونَ طولُ البُعدِ يُسلي أَخا الهَوى / فَقُلتُ أَجَل عَن صِحَّةِ الجِسمِ وَالقَلبِ
وَلَو أَنَّ طولَ البُعدِ يُحدِثُ سَلوَةً / لَما رَغِبَ العُشّاقُ يَوماً إِلى القُربِ
وَلَكِنَّهُم ظَنّوا التَجَلُّدَ سَلوَةً / وَما عَلِموا ما في الفُؤادِ مِنَ الكَربِ
وَقَد يَصبُرُ المَغلوبُ رَغماً عَلى الأَذى / كَما يَئِسَ الظَمآنُ مِن لَذَّةِ الشُربِ
قَد قيلَ طولُ البُعدِ يُسلي الفَتى
قَد قيلَ طولُ البُعدِ يُسلي الفَتى / فَقُلتُ بَل يُفرِطُ في وَجدِهِ
وَليسَ ذا حَقٍّ وَلَكِنَّهُ / تَوَقُّفُ الشَيءِ عَلى ضِدِهِ
بَدَت تَختالُ في ذَيلِ النَعيمِ
بَدَت تَختالُ في ذَيلِ النَعيمِ / كَما مالَ القَضيبُ مَعَ النَسيمِ
وَأَشرَقَ صُبحُ واضِحَها فَوَلّى / هَزيعُ اللَيلِ في جَيشٍ هَزيمِ
وَكَفُّ الصُبحِ قَد سَلَّت نِصالاً / تُخَرِّقُ حُلَّةَ اللَيلِ البَهيمِ
وَأَجَّجَ مِن شُعاعِ الشَمسِ ناراً / أَذابَ لَهيبُها بَردَ النُجومِ
فَتاةٌ كَالهِلالِ فَإِن تَجَلَّت / أَرَتنا البَدرَ في حالٍ ذَميمِ
وَكُنتُ بِها أَحَبَّ بَني هِلالٍ / فَمُذ تَمَّت هَوَيتُ بَني تَميمِ
بِخَصرٍ مِثلِ عاشِقِها نَحيلٍ / وَطَرفٍ مِثلِ مَوعِدِها سَقيمِ
وَقَدٍّ لَو يَمُرُّ بِهِ نَسيمٌ / لَكادَ يَؤودُهُ مَرُّ النَسيمِ
أَيا ذاتَ اللَمى رِفقاً بِصَبٍّ / يُراعي ذِمَّةَ العَهدِ القَديمِ
يُعَلَّلُ مِن وِصالِكِ بِالأَماني / وَيَقنَعُ مِن رِياضِكِ بِالهَشيمِ
نَظَرتُ إِلَيكِ فَاِستَأسَرتِ قَلبي / فَأَدرَكَني الشَقاءُ مِنَ النَعيمِ
فَطَرفي مِن خُدودِكِ في جِنانٍ / وَقَلبي مِن صُدودِكِ في جَحيمِ
أَرى سَقَمَ الجُفونِ بَرى فُؤادي / وَعَلَّمَني مُكابَدَةَ الهُمومِ
لَعَلَّ الحُبُّ يَرفُقُ بِالرَعايا / وَيَأخُذُ لِلبَريءِ مِنَ السَقيمِ
يا جَنَّةَ الحُسنِ الَّتي
يا جَنَّةَ الحُسنِ الَّتي / حُفَّت لَدَينا بِالمَكارِه
إِنّي لِوَجهِكِ عاشِقٌ / وَلِمَنظَرِ الرُقَباءِ كارِه
يا مَن حَكَت شَمسَ النَهارِ بِحُسنِها
يا مَن حَكَت شَمسَ النَهارِ بِحُسنِها / وَبُعادِ مَنزِلِها وَبَهجَةِ نورِها
هَلّا عَدَلتِ كَعَدلِها إِذ صَيَّرَت / لِلناسِ غَيبَتَها بِقَدرِ حُضورِها
وَما بِعتُكُم روحي بِأَيسَرِ وَصلِكُم
وَما بِعتُكُم روحي بِأَيسَرِ وَصلِكُم / وَبي مِن غِنىً عَن قَبضِ ما لِيَ مِن حَقِّ
وَلَو أَنَّ لي صَبراً عَلى مُرِّ هَجرِكُم / صَبَرتُ وَما أَمسَيتُ مِن رِبقَةِ الرِقِّ
لَعَمرُكَ ما تَجافى الطَيفُ طَرفي
لَعَمرُكَ ما تَجافى الطَيفُ طَرفي / لِفَقدِ الغُمضِ إِذ شَطَّ المَزارُ
وَلَكِن زارَني مِن غَيرِ وَعدٍ / عَلى عَجَلٍ فَلَم يَرَ ما يُزارُ
لي حَبيبٌ يَلَذُّ في
لي حَبيبٌ يَلَذُّ في / هِ عَذابي وَيَعذُبُ
لَيسَ لي فيهِ مَطمَعٌ / لا وَلا عَنهُ مَذهَبُ
يَتَمَنّى مُنيَّتي / وَهوَ لِلقَلبِ مَطلَبُ
إِنَّ قَتلَ المُحِبِّ في / هِ حَلالٌ وَطَيِّبُ
أَنا فيهِ مُخاطِرٌ / حينَ يَأتي وَيَذهَبُ
فَعَلى الظَهرِ حَيَّةٌ / وَعَلى الصُدغِ عَقرَبُ
زارَني وَالصَباحُ قَد سَفَرا
زارَني وَالصَباحُ قَد سَفَرا / وَظَليمُ الظَلامِ قَد نَفَرا
وَجُيوشُ النُجومِ جافِلَةٌ / وَلِواءُ الشُعاعِ قَد نُشِرا
جاءَ يُهدي وِصالَهُ سَحَراً / شادِنٌ لِلقُلوبِ قَد سَحَرا
فَتَيَقَّنتُ أَنَّهُ قَمَرٌ / وَكَذا اللَيلُ يَحمِلُ القَمَرا
أَوضَحَت نارُ خَدِّهِ لِلمَجوسِ
أَوضَحَت نارُ خَدِّهِ لِلمَجوسِ / حُجَّةً في السُجودِ وَالتَقديسِ
وَأَقامَت لِلعاشِقينَ دَليلاً / واضِحاً في جَوازِ نَهبِ النُفوسِ
رَشَأٌ مِن جَآذِرِ التُركِ لَكِن / حازَ إِرثَ الجَمالِ عَن بِلقيسِ
لا بِساً مِن بَهائِهِ ثَوبَ بَدرٍ / وَمِنَ الوَشي حُلَّةَ الطاوُوسِ
حَمَلَ الكَأسَ فَاِكتَسَت وَجنَتاهُ / شَفَقاً مِن شُعاعِها المَعكوسِ
فَشَهِدنا مِن خَدِّهِ وَسَناها / كَيفَ تُكسى البُدورُ نورَ الشُموسِ
وَجَلاها وَالصُبحُ قَد هَزَمَ اللَي / لَ وَهَمَّ الرِفاقُ بِالتَعريسِ
وَالثُرَيّا وَلَّت وَمالَت إِلى الغَر / بِ فَكانَت كَالطائِحِ المَنكوسِ
وَلَّدَ الشَرقُ شَكلَها وَهوَ لَحيا / نُ فَصارَت في الغَربِ كَالإِنكيسِ
فَاِبتَدَرنا الصَبوحَ وَاللَهوَ لَمّا / نَبَّهَ الصَحبَ دَقَّةُ الناقوسِ
وَجَلَونا عَلى الأَهِلَّةِ شَمسَ ال / راحِ بَينَ الشَمّاسِ وَالقِسّيسِ
قَهوَةً تَحسُدُ العَمائِمَ لا تَس / كُنُ لَمّا تُدارُ غَيرَ الرُؤوسِ
جَعَلَت بَينَ شارِبيها عَلى اللَه / وِ وَبَينَ الهُمومِ حَربَ البَسوسِ
مِن يَدَي شادِنٍ يَكادُ يُعيدُ ال / راحَ سَكرى بِخُلقِهِ المَأنوسِ
فَعَلَت مُقلَتاهُ في أَنفُسِ العُش / شاقِ فِعلَ السُلافَةِ الخَندَريسِ
قَدَحٌ دارَ في يَدي ذي احوِرارٍ / فَسَكِرنا بِالطَردِ وَالمَعكوسِ
أَهيَفُ القَدِّ مُخطَفُ الخَصرِ ساجي الط / طَرفِ أُنسُ النَديمِ روحُ الجَليسِ
لا تُلامُ العُشّاقُ في تَلَفِ الأَر / واحِ في عِشقِهِ وَبَذلِ النُفوسِ
نَظَروا ذَلِكَ الجَمالَ وَقَد لا / حَ نَفيساً فَخاطَروا بِالنَفيسِ
لا بَلَغَ الحاسِدُ ما تَمَنّى
لا بَلَغَ الحاسِدُ ما تَمَنّى / فَقَد قَضى وَجداً وَماتَ مَنّا
وَلا أَراهُ اللَهُ ما يَرومُهُ / فينا وَلا بُلِّغَ سوءٌ عَنّا
أَرادَ يَرمي بَينَنا لِبَينِنا / فَجاءَ في القَولِ بِما أَرَدنا
أَبلَغَكُم أَنّي جَحَدتُ حُبِّكُم / أَصابَ في اللَفظِ وَأَخطا المَعنى
ظَنَّ حَبيبي راضِياً بِسَعيِهِ / فَشَنَّ غاراتِ الأَذى وَسَنّا
فَمُذ رَأى حِبّي إِلَيَّ مُحسِناً / أَساءَني فِعلاً وَساءَ ظَنّا
يا مَن غَدا لِلنَيِّرَينِ ثالِثاً / وَثانِيَ الغُصنِ إِذا تَثَنّى
وَمَن سَأَلنا مِنهُ مَنّاً بِالمُنى / فَمَنَّ بِالوَصلِ لَنا وَمَنّا
أَشمَتَني بِالصَدِّ بَعدَ شِدَّةٍ / وَمَن تَغَنّى في الهَوى تَهَنّا
فَعُد بِوَصلٍ وَاِغتَنِم طيبَ الثَنا / فَإِنَّ ذا يَبقى وَذاكَ يَفنى
أَلهَمَ اللَهُ غُنجَ أَلحاظِكَ العَد
أَلهَمَ اللَهُ غُنجَ أَلحاظِكَ العَد / لَ وَأَغرى عَينَيكَ بِالإِنصافِ
سَيِّدي أَنتَ مَع رِضاكَ وَسُخطي / لا تُوافي وَلا بِوِدِّ تُوافي
كَيفَ حالي إِذا تَكَدَّرتَ مِنّي / أَنتَ صافي وَما يَرومُ اِنتِصافي
قُلتُ لَمّا رَأَيتُ قَدَّكَ وَالحَد / دَ وَمَطلَ الوُعودِ وَالإِخلافِ
ما لِغُصنِ الأَراكِ إِذ حَمَلَ الوَر / دَ غَدا وَهوَ مولَعٌ بِالخِلافِ