المجموع : 899
أَصَدّاً وَسُخطاً كَيفَ يَحكُمُ
أَصَدّاً وَسُخطاً كَيفَ يَحكُمُ / أَلَيسَ لَهُ قَلبٌ يَرُقُّ فَيَرحَمُ
أَأَرضى بِقَتلي في الهَوى وَهوَ ساخِطٌ / وَأَبسِطُ أَعذاري لَهُ وَهوَ مُجرِمُ
نَبِيُّ جَمالٍ لِلغَرامِ مُشَرِّعٌ / يُحَلِّلُ ما يَختارُهُ وَيُحَرِّمُ
يُرينا خُدودَ المُحسِنينَ ضَوارِعاً / لَدَيهِ وَأَقدامَ المُسيئينَ تُلثَمُ
عَجِبتُ لَهُ يَجني وَيُصبِحُ عاتِباً / فَوا حَرَباً مِن ظالِمٍ يَتَظَلَّمُ
وَأَعجَبُ مِن ذا أَنَّهُ وَهوَ ظالِمي / غَدا لِيَ خَصماً وَهوَ في الفَصلِ يَحكُمُ
فَيا عاتِباً في سَكبِ دَمعٍ أَذالَهُ / فَأَمسى بِأَسرارِ الهَوى يَتَكَلَّمُ
أَسَرتَ فُؤادي ثُمَّ أَطلَقتَ أَدمُعي / وَحاوَلتُ أَنّي لِلصَبابَةِ أَكتُمُ
وَمَن قَلبُهُ مَعَ غَيرِهِ كَيفَ حالُهُ / وَمَن سِرُّهُ في جَفنِهِ كَيفَ يُكتَمُ
هَوَيتُهُ تَحتَ أَطمارٍ مُشَعَّثَةٍ
هَوَيتُهُ تَحتَ أَطمارٍ مُشَعَّثَةٍ / وَطالِبُ الدُرِّ لا يَغتَرُّ بِالصَدَفِ
وَخَبَّرَتني مَعانٍ في مَراسِمِهِ / بِهِ كَما خَبَّرَ العُنوانُ بِالصُحُفِ
وَلاحَ لي مِن أَماراتِ الجَمالِ بِهِ / ما كانَ عَن لَحظِ غَيري بِالخُمولِ خَفي
فَظَلتُ أُرخِصُ ما يُبديهِ مِن دَرَنٍ / بِهِ وَأَدحُضُ ما يُخفيهِ مِن جَنَفِ
حَتّى إِذا تَمَّ مَعنى حُسنِهِ وَبَدا / كَالبَدرِ في التَمِّ أَو كَالشَمسِ في الشَرَفِ
وَلاحَ كَالصارِمِ المَصقولِ أَخلَصَهُ / تَتَبُّعُ القَينِ مِن شَينٍ وَمِن كَلَفِ
وَجالَ في وَجهِهِ ماءُ الحَياةِ كَما / يَجولُ ماءُ الحَيا في الرَوضَةِ الأُنُفِ
وَأَولَدَ الحُسنُ في أَحداقِهِ حَوَراً / وَضاعَفَ الدَلُّ ما بِالجِسمِ مِن تَرَفِ
أَضحَت بِهِ حَدَقُ الحُسّادِ مُحدِقَةً / تَرنو إِلَيهِ بِطَرفٍ غَيرِ مُنطَرِفِ
وَظَلَّ كُلُّ صَديقٍ يَرتَضي سَخطي / فيهِ وَكُلُّ شَفيقٍ يَرتَجي تَلَفي
يا لِلرِجالِ أَما لِلحُبِّ مُنتَصِرٌ / لِضُعفِ كُلِّ مُحِبٍّ غَيرِ مُنتَصِفِ
ما أَطيَبَ العَيشَ لَولا أَنَّ سالِكَهُ / يُمسي لِأَسهُمِ كَيدِ الناسِ كَالهَدَفِ
يا رَبُّ أَعطِ العاشِقينَ بِصَبرِهِم
يا رَبُّ أَعطِ العاشِقينَ بِصَبرِهِم / في الخُلدِ غاياتِ النَعيمِ المُطلَقِ
وَأَذِقهُمُ بَردَ السُرورِ فَطالَما / صَبَروا عَلى حَرِّ الغَرامِ المُقلِقِ
حَتّى يَرى الجُبَناءُ عَن حَملِ الهَوى / غاياتِ عِزِّهُمُ الَّتي لَم تُلحَقِ
فَيَكونَ أَصغَرُ جاهِلٍ حَمَلَ الهَوى / يَلهو بِأَكبَرِ عالِمٍ لَم يَعشَقِ
يا ضَعيفَ الجُفونِ أَضعَفتَ قَلباً
يا ضَعيفَ الجُفونِ أَضعَفتَ قَلباً / كانَ قَبلَ الهَوى قَوِيّاً مَلِيّاً
لا تُحارِب بِناظِرَيكَ فُؤادي / فَضَعيفانِ يَغلِبانِ قَوِيّاً
أَطَعتُ ما سَنَّ أَعدائي وَما فَرَضوا
أَطَعتُ ما سَنَّ أَعدائي وَما فَرَضوا / وَشاهَدوكَ بِسُخطي راضِياً فَرَضوا
تَشَيَّعوا إِذ رَأوا تَفريقَنا شِيَعاً / وَسُنَّةَ العَدلِ في دينِ الهَوى رَفَضوا
أَعياهُمُ السَعيُ فيما بَينَنا زَمَناً / فَمُذ رَأوا فُرصَةً في بَينَنا نَهَضوا
بَنوا لَديكَ بِناءً لا ثَباتَ لَهُ / وَما دَروا أَيَّ وُدٍّ بَينَنا نَقَضوا
يا مَن تُقَطِّبُ مِنّي حينَ أَمنَحُهُ / أُنساً وَأَبسَطُ آمالي فَيَنقَبِضُ
وَمَن تَعَرَّضَ لي حَتّى أُعارِضُهُ / يَوماً فَيُعرِضُ عَنّي ثُمَّ يَعتَرِضُ
لا بارَكَ اللَهُ لِلأَعداءِ فيكَ وَلا / هَناكَ مَن لَكَ عَنّي مِنهُمُ العِوَضُ
وَلا تَعَدّى لِظُلمي في الوُثوقِ بِهِم / وَلا عَلا مِنكَ بَينَ الناسِ ما خَفَضوا
فَسَوفَ تَعرِفُ مِقداري إِذا سَمِيَت / نُفوسُهُم وَاِنقَضى مِن وَصلِكَ الغَرَضُ
حَرَّضوني عَلى السَلوِّ وَعابوا
حَرَّضوني عَلى السَلوِّ وَعابوا / لَكَ وَجهاً بِهِ يُعابُ البَدرُ
حاشا لِلَّهِ ما لِعُذرِيَ وَجهٌ / في التَسَلّي وَلا لِوَجهِكَ عُذرُ
حَديثُ الناسِ أَكثُرُهُ مُحالُ
حَديثُ الناسِ أَكثُرُهُ مُحالُ / وَلَكِن لِلعِدى فيهِ مَجالُ
وَأَعلَمُ أَنَّ بَعضَ الظَنِّ إِثمٌ / وَلَكِن لِليَقينِ بِهِ اِحتِمالُ
وَكُنتُ عَذَرتُكُم وَالقَولُ نَزرٌ / فَما عُذري وَقَد كَثُرَ المَقالُ
وَقُلتُم قيلَ ما لا كانَ عَنّا / فَمَن لي أَن يَكونَ وَلا يُقالُ
فَيا مَن ضاعَ فيهِ نَفيسُ عُمري / وَقُوِّضَ فيهِ مالي وَالرِجالُ
وَكَم قَد رامَهُ ضِدّي بِسوءٍ / فَراحَ وَآلُهُ في الحَربِ آلُ
سَأَلتُكَ لا تَدَع لِلقَولِ وَجهاً / فَيَكثُر حينَ أَذكُرُكَ الجِدالُ
وَإِنّي مَع صُدودِكَ وَالتَجَنّي / وَفيٌّ لَيسَ لي عَنكَ اِنتِقالُ
أَغارُ إِذا سَرى بِحِماكَ بَرقٌ / وَأَغضَبُ كُلَّما طَرَقَ الخَيالُ
وَأُوثِرُ أَن يَنالَ دَمي وَوَفري / وَمَحبوبي عَزيزٌ لا يُنالُ
لِأَنّي لا أَخونُ عُهودَ خِلٍّ / وَلَو حَفَّت بِيَ النُوَبُ الثِقالُ
وَإِنّي إِن حَلَفتُ لَهُ يَميناً / فَما غَيرُ الفِعالِ لَها شِمالُ
فَيا مَن سَرَّني بِاللَفظِ مِنهُ / وَلَكِن ساءَني مِنهُ الفِعالُ
إِلى كَم أَلتَقيكَ بِوَجهِ بِشرٍ / وَفي طَيّ الحَشا داءٌ عُضالُ
وَأَحمِلُ مِن عُداتِكَ كُلَّ يَومٍ / حَديثاً لَيسَ تَحمِلُهُ الجِبالُ
وَأَسمَعُ مِن وُشاةِ الحَيِّ فينا / كَلاماً دونَ مَوقِعِهِ النِبالُ
وَأُرسِلُ مَع ثِقاتِكَ مِن حَديثي / عِتاباً دونَهُ السِحرُ الحَلالُ
وَمَهما لَم يَكُن في السَيفِ أَصلٌ / لِجَوهَرِهِ فَما يُجدي الصِقالُ
جَعَلتَ جَميعَ إِحساني ذُنوباً / وَطالَ بِكَ التَعَتُّبُ وَالدَلالُ
وَقُلتَ بِكَ اِنهَتَكتُ وَذاكَ زورٌ / وَإِنَّ الزورَ مَوقِعُهُ مُحالُ
فَما نَفعي بِحُسنٍ في خَليلٍ / إِذا لَم يَصفُ لي مِنهُ الخِلالُ
إِذا عَدِمَ الفَتى خُلقاً جَميلاً / يَسودُ بِهِ فَلا خُلِقَ الجَمالُ
إِذا عَلِمَ العِدا عَنكَ اِنتِقالي
إِذا عَلِمَ العِدا عَنكَ اِنتِقالي / فَخُذ ما شِئتَ مِن قيلٍ وَقالِ
وَنالوا مِنكَ بِالأَقوالِ عِرضاً / وَقَيناهُ بِأَطرافِ العَوالي
وَقَد كانَ العَذولُ يَوَدُّ أَنّي / أُسيغُ لَهُ اليَسيرَ مِنَ المَقالِ
فَكَيفَ إِذا تَيَقَّنَ فيكَ زُهدي / وَكانَ يَسُرُّهُ عَنكَ اِشتِغالي
فَكَم سَخِطَ الأَنامُ وَأَنتَ راضٍ / وَكَم رَخُصَ المِلاحُ وَأَنتَ غالي
وَكَم هَدَمَت حِمى قَومي خُطوبٌ / تَهُدُّ الراسِياتِ وَأَنتَ عالي
وَكَم مِن وَقعَةٍ لِعِداكَ عِندي / نَذَرتُ بِها دَمي وَنَذَرتُ مالي
وَكَم هَمَّت كِلابُ الحَيِّ نَهضاً / وَقَد حَمَتِ الأُسودُ حِمى الغَزالِ
وَكَم لامَت عَليكَ سَراةُ أَهلي / فَأَحسَبُ قَولَ آلي لَمعَ آلِ
وَكَم خاطَرتُ فوكَ بِبَذلِ نَفسي / وَأَعلَمُ أَنَّ بالي فيكَ بالي
وَكَم صَبٍّ تَفاءَلَ في حَبيبٍ / وَفى لي إِنَّ حِبّي ما وَفى لي
وَكَم جَرَّبتُ قَبلَكَ مِن مَليحٍ / فَأَمسى جيدُ حالِيَ مِنهُ حالي
وَلَولا أَنَّ في التَجريبِ فَضلاً / لَما فَضُلَ اليَمينُ عَلى الشِمالِ
أَظُنُّكَ إِذ حَوَيتَ الحُسنَ طُرّاً / وَإِذ وَفَّيتَ أَقسامَ الجَمالِ
قَصَدتَ بِأَن جَعَلتَ العُذرَ عَيباً / عَساهُ يَقيكَ مِن عَينِ الكَمالِ
فَسَوفَ أَسوءُ نَفسي بِاِنقِطاعي / بِحيثُ أُسِرُّ نَفسَكَ بِاِرتِحالي
إِذا ما شِئتَ أَن تَسلو حَبيباً / فَأَكثِر دونَهُ عَدَدَ اللَيالي
تَيَقَّنَ مُذ أَعرَضتُ أَنّي لَهُ سالي
تَيَقَّنَ مُذ أَعرَضتُ أَنّي لَهُ سالي / فَأوهَمَ ضِدّي أَنَّهُ الهاجِرُ القالي
وَأَظهَرَ لِلأَعداءِ إِذ صَدَّ جافِياً / بِأَنَّ جَفاهُ عَن دَلالٍ وَإِذلالِ
فَلَمّا رَآني لا أُحَرِّكُ بِاِسمِهِ / لِساني وَلَم أَشغَل بِتَذكارِهِ بالي
وَأَيقَنَ أَنّي لا أَعودُ لَوَصلِهِ / وَلَو قَطَّعَت بيضُ الصَوارِمِ أَوصالي
تَعَرَّضَ لِلأَعداءِ يَحسُبُ أَنَّهُم / يَكونونَ في حِفظِ المَوَدَّةِ أَمثالي
فَأَصبَحَ لَمّا جَرَّبَ الغَيرَ نادِماً / كَثيفَ حَواشي العَيشِ مُنخَفِضَ الحالِ
إِذا ما رَآهُ عاشِقٌ قالَ شامِتاً / أَلا اِنعَم صَباحاً أَيُّها الطَلَلُ البالي
فَإِنّي إِذا ما اِختَلَّ خِلٌّ تَرَكتُهُ / وَبِتُّ وَقَلبي مِن مَحَبَّتِهِ خالِ
وَما أَنا مِمَّن يَبذُلُ العِرضَ في الهَوى / وَإِن جُدتُ لِلمَحبوبِ بِالروحِ وَالمالِ
عَلى أَنَّني لا أَجعَلُ الذُلَّ سُلَّماً / بِهِ تَرتَقي نَفسي إِلى نَيلِ آمالي
وَما زِلتُ في عِشقي عَزيزاً مُكَرَّماً / أَجُرُّ عَلى العُشّاقِ بِالتيهِ أَذيالي
فَقَولا لِمَن أَمسى بِهِ مُتَغالِياً / وَلَم يَدرِ أَنّي مُرخِصٌ ذَلِكَ الغالي
كَذا لَم أَزَل يَرعى المُحِبّونَ فَضلي / وَيَلبَسُ أَهلُ الحُبِّ في العِشقِ أَسمالي
عَذابُ الهَوى لِلعاشِقينَ أَليمُ
عَذابُ الهَوى لِلعاشِقينَ أَليمُ / وَأَجرُهُمُ يَومَ المَعادِ عَظيمُ
فَوَاللَهِ لا ذاقوا الجَحيمَ وَإِن جَنَوا / فَحَسبُهُمُ أَنَّ الغَرامَ جَحيمُ
بِروحِيَ مَن قَد نامَ عَن سوءِ حالَتي / وَعِندِيَ مِنهُ مُقعِدٌ وَمُقيمُ
وَما ذاكَ إِلّا أَنَّ مُخطَفَ خَصرِهِ / لَراجيهِ كَهفٌ وَالعِذارُ مُقيمُ
خَليلَيَّ ما أَغبى المُغالينَ في الهَوى
خَليلَيَّ ما أَغبى المُغالينَ في الهَوى / وَأَغفَلَهُم عَن حُسنِ كُلِّ مَليحِ
يَظُنّونَ أَنَّ الحُسنَ بِالعَينِ مُدرَكٌ / وَسِرُّ الهَوى بادٍ لِكُلِّ لَموحِ
وَلَيسَ طَموحُ الناظِرَينِ بِمُبصِرٍ / إِذا كانَ لَحظُ القَلبِ غَيرَ طَموحِ
فَلَيسَ جَميلٌ في الهَوى وَكُثَيِّرٌ / وَلا عُروَةُ العُذريُّ وَاِبنُ ذَريحِ
بِأَعرَفَ مِنّي لِلمِلاحِ تَوَسُّماً / وَلا جَنَحوا لِلعِشقِ بَعضَ جَنوحي
وَأَيُّ لَبيبٍ ما سَبى الحُسنُ لُبَّهُ / فَباتَ بِقَلبٍ بِالغَرامِ قَريحِ
إِذا ما خَلا القَلبُ الصَحيحُ مِنَ الهَوى / عَلِمتُ بِأَنَّ العَقلَ غَيرُ صَحيحِ
أَينَ في الحِمى عَرَبُ
أَينَ في الحِمى عَرَبُ / لي بِرَبعِهِم أَرَبُ
كُلَّما ذَكَرتُهُمُ / حَزَّني لَهُم طَرَبُ
جيرَةٌ بِحَيِّهِمُ / لَيسَ يُحفَظُ الحَسَبُ
العُهودُ وَالحُقو / قُ عِندَهُمُ تُغتَصَبُ
في خِيامِهِم قَمَرٌ / بِالصِفاحِ مُحتَجِبُ
ريقُهُ مُعَتَّقَةٌ / ثَغرُهُ لَها حَبَبُ
بِتُّ في دِيارِهِمُ / وَالفُؤادُ مُكتَئِبُ
الدُموعُ هاطِلَةٌ / وَالضُلوعُ تَلتَهِبُ
إِنَّ لِلغَرامِ يَداً / مَسَّني بِها العَطَبُ
إِن قَضَيتُ فيهِ أَسىً / فَهوَ بَعضُ ما يَجِبُ
أَبدَتِ الوُشاةُ رِضىً / مِنهُ يُلحَظُ الغَضَبُ
الوُجوهُ ضاحِكَةٌ / وَالقُلوبُ تَنتَحِبُ
لَو أَتوا بِمَكرُمَةٍ / أَعتَبوا وَما عَتَبوا
فَالغَرامُ نارُ لَظىً / عَذلُهُم لَها حَطَبُ
قُلوبُنا مودَعَةٌ عِندَكُم
قُلوبُنا مودَعَةٌ عِندَكُم / أَمانَةً نَعجَزُ عَن حَملِها
إِن لَم تَصونوها بِإِحسانِكُم / أَدّوا الأَماناتِ إِلى أَهلِها
وَلَقَد ذَكَرتُكِ وَالسُيوفُ مُواطِرٌ
وَلَقَد ذَكَرتُكِ وَالسُيوفُ مُواطِرٌ / كَالسُحبِ مِن وَبلِ النَجيعِ وَطَلِّهِ
فَوَجَدتُ أُنساً عِندَ ذِكرِكِ كامِلاً / في مَوقِفٍ يَخشى الفَتى مِن ظِلِّهِ
وَلَقَد ذَكَرتُكِ وَالعَجاجُ كَأَنَّهُ
وَلَقَد ذَكَرتُكِ وَالعَجاجُ كَأَنَّهُ / ظِلَّ الغَنِيِّ وَسوءُ عَيشِ المُعسِرِ
وَالشوسُ بَينَ مُجَدَّلٍ في جَندَلٍ / مِنّا وَبَينَ مُعَفَّرٍ في مِغفَرِ
فَظَنَنتُ أَنّي في صَباحٍ مُشرِقٍ / بِضِياءِ وَجهِكِ أَو مَساءٍ مُقمِرِ
وَتَعَطَّرَت أَرضُ الكِفاحِ كَأَنَّما / فُتِقَت لَنا ريحُ الجِلادِ بِعَنبَرِ
وَلَقَد ذَكَرتُكِ وَالجَماجِمُ وُقَّعٌ
وَلَقَد ذَكَرتُكِ وَالجَماجِمُ وُقَّعٌ / تَحتَ السَنابِكِ وَالأَكُفِّ تَطيرُ
وَالهامُ في أُفُقِ العَجاجَةِ حُوَّمٌ / فَكَأَنَّها فَوقَ النُسورِ نُسورُ
فَاِعتادَني مِن طيبِ ذِكرِكِ نَشوَةٌ / وَبَدَت عَلَيَّ بَشاشَةٌ وَسُرورُ
فَظَنَنتُ أَنّي في مَجالِسِ لَذَّتي / وَالراحُ تُجلى وَالكُؤوسُ تَدورُ
وَلَقَد ذَكَرتُكِ حينَ أَنكَرَتِ الظُبى
وَلَقَد ذَكَرتُكِ حينَ أَنكَرَتِ الظُبى / أَغمادَها وَتَعارَفَت في الهامِ
وَالنَبلُ مِن خَلَلِ العَجاجِ كَأَنَّهُ / وَبلٌ تَتابَعَ مِن فُروجِ غَمامِ
فَاِستَصغَرَت عَينايَ أَفواجَ العِدى / وَتَتابُعَ الأَقدامِ في الإِقدامِ
وَوَجَدتُ بَردَ الأَمنِ في حَرِّ الوَغى / وَالمَوتِ خَلفي تارَةً وَأَمامي
غارَت وَقَد قُلتُ لِمِسواكِها
غارَت وَقَد قُلتُ لِمِسواكِها / أَراكَ تَجني ريقَها يا أَراك
قالَت تَمَنّيتَ جَنى ريقَتي / وَفازَ بِالتَرشافِ مِنها سِواك
يا ظَبيَةً قَنَصَ الأُسودَ جَمالُها
يا ظَبيَةً قَنَصَ الأُسودَ جَمالُها / وَنَرى الظِباءَ يَصيدُها القَنّاصُ
أَصمَت لَواحِظُكِ القُلوبَ بِأَسهُمٍ / لَم يُغنِ عَنها نَثرَةٌ وَدِلاصُ
فَهَبي جَرَحتُ الخَدَّ مِنكَ بِنَظرَةٍ / أَفَما لِأَسرِ القَلبِ مِنكَ خَلاصُ
ها قَد جَرَحتِ بِنَبلِ عَينَيكِ الحَشى / فَدَعي فُؤادي فَالجُروحُ قِصاصُ
يا مَن حَمَت عَنّا مَذاقَةَ ريقِها
يا مَن حَمَت عَنّا مَذاقَةَ ريقِها / رِفقاً بِقَلبٍ لَيسَ فيهِ سِواكِ
فَلَكَم سَأَلتُ الثَغرَ وَصفَ رُضابِهِ / فَأَبى وَصَرَّحَ لي سَفيهُ سِواكِ