القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الشَّريف المُرتَضى الكل
المجموع : 591
أَيا حادِيَ الأظعانِ لمْ لا تُعرِّسُ
أَيا حادِيَ الأظعانِ لمْ لا تُعرِّسُ / لعلّك أنْ تحظى بقربك أنفسُ
أَنِخْ وَاِنضُ أَحلاساً أَكَلنْ جلودَها / فَصِرنَ جُلوداً طالَما أنتَ مُحلِسُ
فَفي الحَزْنِ مُخْضَرٌّ منَ الرَّوض يانِعٌ / وعَذبُ زُلالٍ بات يصفو ويَسْلَسُ
تُدَرِّجُهُ أيدي الشّمال كأنّه / إذا أبصرَتْهُ العين نَصْلٌ مضرَّسُ
وَإِنْ لَم تردْ إلّا اللّوى فَعَلى اللّوى / سلامٌ ففيه موقفٌ ومُعَرَّسُ
وقومٌ لهمْ في كلّ علياءَ منزلٌ / وعزٌّ عَلى كلّ القبائل أقعسُ
كرامٌ تضيءُ المشكلاتُ وجوهَهمْ / كما شفّ في تَمٍّ عن البدر طِرْمِسُ
وَما فيهِمُ لِلهُونِ مَرعىً ومَجْثَمٌ / ولا منهُمُ للذّلِّ خدٌّ ومَعْطِسُ
خَليليَّ قولا ما أُسرُّ إِلَيكُما / وَقَد لَحَظَتْنِي عينُهُ المتفرِّسُ
عَلى حينِ زايَلنا الأحبّةَ بَغتَةً / وَكُلُّ جليدٍ يومَ ذلك مبْلِسُ
صَموتٌ عَنِ النَّجوى فَإِنْ سِيلَ ما بِهِ / فَلا قَولَ إلّا زَفرَةٌ وتنفّسُ
تُزعزعه أيدي النّوى وهو لابثٌ / وتُنطقُهُ شكوى الهوى وهو أخرسُ
وَمِمّا شَجاني أنّني يومَ بَينِهم / رَجَعت ورَأسي مِن أذى البين مُخلِسُ
وَقَد كنتُ أخفيتُ الصّبابةَ منهُمُ / فَنمّ عليها دَمعِيَ المُتَبَجِّسُ
عَشيّةَ أُخفِي في الرّداءِ مَسيلَهُ / لِيَحسبَ صَحبي أنّنِي مُتعطِّسُ
وَلَيلةَ بِتنا بِالثنيّةِ سُهَّداً / وَما حَشْوها إلّا ظَلامٌ وحِنْدِسُ
وَقَد زارَنا بَعَد الهدوِّ تَوصُّلاً / إِلى الزّادِ غرْثانُ العشيّاتِ أطْلَسُ
شَديدُ الطَّوى عاري الجناجِنِ ما بهِ / من الطُّعْم إلّا ما يُظنُّ ويُحْدَسُ
أَتانِيَ مُغبرَّ السَّراةِ كأنّه / مِنَ الأرضِ لَولا أَنّه يتلمّسُ
تَضاءل في قُطْرَيه يَكتم شخصَه / وأطْرَقَ حتّى قلتُ ما يتنفّسُ
وَضَمَّ إِليهِ حِسَّهُ مُتَوجّساً / وَما عِندهُ في الكيد إلّا التوجّسُ
يُخادِعنِي من كيسِهِ عن مطيّتِي / ولم يدرِ أنّي منه أدهى وأكيَسُ
وَأقْعى إِزاءَ الرّحلِ يَطلب غِرَّةً / ويُلقِي إليه الحرصُ أنْ سوف أنعسُ
فقلتُ له لمّا توالى خداعُهُ / تَعَزَّ فما عندي لنابك مَنْهَسُ
وَما كُنتُ أَحميك القِرى لو أردتَهُ / برفقٍ ولكن دار منك التَّغَطْرُسُ
فلمّا رأى صبري عليه وأنّنِي / أضنُّ على باغي خداعي وأنفسُ
عَوى ثمَّ وَلّى يَستَجير بِشدّةٍ / ويطلبُ بَهْماً نام عنها المُحَبِّسُ
وَكَم خُطّةٍ جاوزتُها مُتَمهّلاً / وعرضِيَ من لومِ العشيرة أملَسُ
وَمَكْرُمةٍ أَعطيتُها متطلّقاً / وقد ضنّ بالبذل الخسيس المُعبِّسُ
وَطُرقٍ إِلى كَسب المَكارمِ وَالعُلا / وبذلِ اللُّها أنهجتُها وهي دُرَّسُ
وَمَولىً يداجينِي وفي لحظاتهِ / شراراتُ أحقادٍ لمن يتقبّسُ
يرمّسُ ضِغْناً في سويداءِ قلبِهِ / ليُخفِيَهُ لو كان للضِّغْنِ مَرْمَسُ
وَيعجبُ أنّي في الفَضائلِ فُتُّهُ / ولمْ لا يفوتُ المصبحين المُغَلِّسُ
كَأنّ وإيّاه مُعَّنىً بمُدْنَفٍ / يَبلُّ قليلاً ثم يأْبى فينكُسُ
وَمُشكلةٌ أَخلاقُهُ وخصالُهُ / كَما شِئتَ لمّاعاً يضيءُ ويُبْلِسُ
فَلا أَنا عَمّا يُثمرُ الوصلُ أنتهِي / ولا هو عن شأوِ القطيعة يحبسُ
أَجيرَتَنا لا جمَع اللَّه شَملَنا
أَجيرَتَنا لا جمَع اللَّه شَملَنا / فَما أَنتُمُ إلّا الذّئابُ الأطالسُ
وَما أنتُمُ إلّا سَرابٌ بقِيعَةٍ / تُغرُّ بِرُؤياه الظِّماءُ الخوامسُ
وَما أنتُمُ فيما رَجاكمْ وَما دَرى / لِمَنفَعةٍ إلّا الطُّلولُ الدَّوارسُ
بَذلتُ لَكُمْ منّي الوِدَادَ تكرّماً / وَما فيكُمُ إلّا الّذي هو شامسُ
وَلانَ لَكُمْ صَعبي وأَغصانُ دوحتي / وأغصانُكمْ لِي كلَّ يومٍ يوابِسُ
مَتى اِمتَلأتْ أَبصارُكمْ مِن فَضيلتي / فَفيهنّ عُوّارٌ بها ونواخسُ
وَإِنْ تُنبئوا عنّي بأدنى مسرّةٍ / فَلَيسَ لَكُمْ إلّا الوجوه العوابسُ
وَهَل حَسَدُ الأقوامِ طاروا إلى العُلا / وَأَنتمْ بِطاءُ الخَطْو إلّا وَساوسُ
فَلا وَرَدتْ ماءً زُلالاً مشافرٌ / وَلا حُبِيتْ مِنكمْ بخيرٍ معاطسُ
وَلا كنتُمُ إلّا كَما تَكرهونَهُ / وَلا اِعتادَكمْ نوءٌ من الرّزق راجسُ
أَلَم تَسألِ الطّلَلَ الدّارسا
أَلَم تَسألِ الطّلَلَ الدّارسا / وكنتَ به واقفاً حابسا
وَقَد كانَ عَهدي به ضاحكاً / فَكَيفَ اِستَحال بِلىً عابسا
وَما لَكَ مستوحشاً وسْطَهُ / وَما كنتَ إلّا به آنسا
وَمِن أَجلِ أنّك أنكرتَهُ / بِعَينك ظَلتَ له لامِسا
وَيا لَيتَني حينَ قابلتُهُ / دُرِستُ ولم أره دارسا
فكمْ قد رأيتُ غزالاً به / لثوب الصِّبا والهوى لابسا
يَميسُ دلالاً وكم في الغصو / نِ ما لستُ أرضى به مائسا
سُقيتَ الرَّواءَ فقد طالما / سقيتَ فروّيتَه خامسا
ولا زال مَرُّ نسيمِ الرّياحِ / عليك كَلِيلَ الشّبا ناعسا
ولا فَرَستْكَ نيوبُ الزّمانِ / فقد كنتَ دهراً لها فارسا
ألا أين من كنتُ أرنو إليه / برَبْعِكَ مُرتفعاً جالسا
وَمن كانَ عزّاً لبدرِ السّماءِ / بأَخمصِه أبداً دائسا
تصيّدني منه بالمأثُرات / وكنتُ على غيره شامسا
وكان لعينِي الصّباحَ المنير / فَقوموا اِنظُروا ليلِيَ الدّامسا
فَأيّ فتىً لَم يَكُن في بحا / رِ أنعُمِهِ القائمَ القامسا
وَقَد كانَ غصنُ النَّقا مورِقاً / فَأصبَحَ مِن بَعدِهِ يابسا
وَنوءُ الرّماحِ وبيض الصّفا / حِ عاد بنا جامداً جامسا
مَضى عَجِلاً كَضياءِ الزّنا / دِ كنتُ له قادحاً قابسا
كأنّ لقلِبيَ منه الحريقَ / عليه وفي عينِيَ النّاخسا
ومن عجبٍ أنّني حين خا / ب طِبِّي وعاد به خائسا
رَحلتُ بِهِ نَحوَ دار البِلى / جهاراً وأعطيتُه الرّامسا
فَلا سَكَنوا بَعدَهُ مَنزِلاً / ولا شمّتوا بعده عاطسا
وَلا نَبَّهوا لِنظامِ المدي / حِ في أحدٍ بعده هاجسا
عليك السّلامُ وإنْ كنتُ مِنْ / لقائك طول المدا آيسا
وخذْ من دموعِي الغِزار الّتي / أكون بها أبداً نافسا
وقد ضاع بعدك من ذدت عنه / طويلاً وكنتَ له حارسا
فَبَيني وَبينَ خُطوبِ الزّمان / حروبٌ ذكرتُ لها داحسا
وَلَولا جُنونُ مقاديرِهِ / لما سبق الرّاجلُ الفارسا
وَلا كانَ هادِم ما يبتنيه / وقالعُ أغراسهِ غارسا
سَقاني وَيا ليت لَم يسقِنِي / نَعمياً تَراني له قالسا
وَأَسمَعني وَكَسا أعظُمِي / وَعادَ لَها عارقاً ناهسا
تَقولُ لي وَأَماقيها مُطفّحةٌ
تَقولُ لي وَأَماقيها مُطفّحةٌ / مَن ذا أَبانَ على صبغِ الدُّجى قَبَسا
مَن ذا الّذي عَلَّ مِن فَوْدَيك لونَهما / وَسلّ حسنك فيما سلَّ أو خَلَسا
ما لي أَراكَ ونورُ البدر منكسفٌ / في وجنيتك وخطٌّ فيهما طُمِسا
كَأنَّما أَنتَ رَبْعٌ ضلّ ساكنُهُ / أَو مَنزلٌ عَطَلٌ من أهله دَرَسا
ما ضَرَّ شَيباً وَقَد وافى بِمَنظرهِ / تقذَى النّواظرُ لَو أَبطا أَو اِحتَبسا
أَما عَلمتَ بأنّا معشرٌ جُزُعٌ / نقلِي الصَّباحَ وَنَهوى دونه الغَلَسا
فَقلتُ ما كان مِن شَيءٍ عصيتُ به / رَبّي وإنْ ساءَ منّي القلبُ محترسا
وَما الشّبيبة إلّا لُبْسَةٌ نُزِعَتْ / بُدِّلتُ منها فلا تستنكري اللُّبَسا
وَفيَّ كلُّ الّذي تهوين من جَلَدٍ / فما أبالي أقام الشّيبُ أم جلسا
لا تَطلبي اللّهوَ منّي وَالمشيبُ علا / رأسي فإنّ قعودَ اللّهو قد شَمسا
وَلا ترومي الّذي عُوِّدتِ من مَلَقٍ / فكلُّ ما لان مِن قلبي الغَداة قسا
لَمّا أَتاني ودُرٌّ في مقلَّدِهِ
لَمّا أَتاني ودُرٌّ في مقلَّدِهِ / وَاِفتَرَّ يَبسم عَن مثلِ الّذي لَبِسا
عَطفتُ منهُ عَلى ضَعْفِي فظاظَتَهُ / فَلم يَلِنْ لِي على رِفْقِي به وقسا
فَظلّ يهتك منّي كلّ مُكتتَمٍ / جوىً ويسفح دمعاً كان مُحْتَبَسا
وَقال لي أنتَ مسلولٌ فقلت له / ما كان ذاك ولكنْ ربّما وعسى
صَدّتْ وَما صدّها إلّا على ياسِ
صَدّتْ وَما صدّها إلّا على ياسِ / مِن أَن ترى صِبغَ فَوْدَيها على راسي
أَحبِبْ إِليها بليلٍ لا يضيء لها / إلّا إِذا لَم تَسر فيه بمقباسِ
وَالشّيبُ داءٌ لربّاتِ الحِجالِ إذا / رَأينَهُ وَهْوَ داءٌ ما لهُ آسي
يا قُربَهُنّ وَرَأسي فاحمٌ رَجِلٌ / وبُعدَهنّ وشيبي ناصعٌ عاسي
ماذا يُريبك مِن بَيضاء طالعةٍ / جاءتْ بحلمي وزانتْ بين جُلّاسي
وَما تبدّلتُ إلّا خَير ما بَدَلٍ / عُوِّضْتُ بالشّيبِ أنواراً بأنقاسِ
هَيهاتِ قَلبُك مِن قلبٍ ذهبتِ به / هَذا الضّعيف وَذاكَ الجلمد القاسي
تجزين وَصْلي بهجرٍ منك يمزج لي / كَأسَ المُنى وَهْيَ صِرْفُ الطّعم بالياسِ
وَنابحٍ بِيَ دلَّتْهُ غَباوتُهُ / حتَّى فَرَتْهُ بأنيابي وأضراسي
عَوى وَلَم يدرِ أنّي لا يُروِّعُنِي / مِن مثلِهِ جَرْسُهُ من بين أجراسي
فَقُل لِمَن ضَلَّ عَجزاً أن يسامِيَنِي / يا بُعْدَ أَرضِكَ من طَوْدٍ لنا راسِ
وَأَينَ فرعُك مِن فَرعي وَمُنشَعَبي / وأين أصلُك من أصلي وآساسي
يا قومُ ما لي أرى عِيراً مُعَقَّلَةً / يُثيرهنَّ اِعتِسافاً نخسُ نخّاسِ
وَالشرُّ كالعُرِّ يُعدي غيرَ صاحبِهِ / وَالكأس يَنزعها من غيره الحاسي
وَقَد عَلِمتمْ بِما جرّتْ وما شعرتْ / على العشائر دهراً كفُّ جسّاسِ
وَأنّه واحدٌ شبّتْ جنايتُهُ / ناراً تَضَرّمُ في كُثْرٍ من النّاسِ
وَإنّما هاج في عَبْسٍ وقومِهُمُ / بني فزارةَ حَرْباً سَبْقُ أفراسِ
وَالزِّبرقانُ اِنتَضى قول الحُطَيئةِ في / أعراضِهِ خدعةً من آلِ شَمّاسِ
كَم تَنبذونَ إِلَينا القولَ نحسِبُهُ / ترمي إِلينا به أعجاسُ أقواسِ
يَحُزُّ في الجلد منّا ثمّ نَحملُهُ / بُقياً عليكمْ على العينين والرّاسِ
فَكم تَدرّون شرّاً كلّ شارقةٍ / وإنّما الشرُّ يُستَدنى بإبساسِ
وَتَحمِلونَ لَنا خَيلاً على جَددٍ / مِنَ الطريقِ على مُستَوعِرٍ جاسِ
وَكَيفَ يصلحُ قومٌ لَم يَصِخُ لهمْ / سمعٌ إلى عَذْلِ قُوّامٍ وسُوّاسِ
ضلّوا كما ضلّتِ العَشْواءُ يُركِبُها / جُنْحُ الدُّجى ظهْرَ أجراعٍ وإرهاسِ
لمّا حماها سوادُ الليل عن نظرٍ / يهدي الطّريقَ تقرّتْهُ بأنفاسِ
أما علمتُمْ بأنّا معشرٌ صُدُقٌ / وأنّنا في التّلاقي غيرُ أنكاسِ
وإنْ مشينا نجرّ الزَّغْفَ تحسَبُنا / آسادَ بِيشَةَ تمشي بين أخياسِ
وَأنّنا لا يَمَسُّ الذّمُّ جانبَنا / ولا يَهُمُّ لنا ثوبٌ بأدناسِ
وَتَحسب الجارَ فينا من نزاهتِهِ / مُعرِّساً في الثريّا أيَّ إعراسِ
إِنّي أَخافُ وَقد لاحتْ دلائلُهُ / طلوعَ يومٍ بوَدْقِ الموتِ رجّاسِ
يُلْفى حَليمكُمُ غيرَ الحليم به / وَكيّسو القوم فيهِ غيرَ أكياسِ
والرُّمحُ يَنْطِفُ في خدّ الثّرى عَلَقاً / نَطْفَ المزابرِ في حافاتِ قِرطاسِ
يومٌ يَرى منكُمُ فيه عدوُّكُمُ / ما شاء من قَطْع أرحامٍ وأَمراسِ
لا تطرحوا النُّصْحَ مِنِّي وهْو مُتَّبَعٌ / طَرْحَ المُبِنِّ بأرضٍ سُحْقَ أحلاسِ
وَلا تَكونوا كَمَن لَم يدرِ في مَهَلٍ / مِن ساعةِ الأمن عُقْبى ساعةِ الباسِ
فَإنّما يذكر الإنسانُ حاضرَهُ / وكلُّ أمرٍ بما يمضِي به ناسِ
أَلا إِنّي وَهبتُ اليومَ نفسي
أَلا إِنّي وَهبتُ اليومَ نفسي / لمن هو في المودّةِ مثلُ نفسي
وَمَن لَولاه لاِستَوْبأتُ وِرْدِي / وَلاِستَخشَنتُ مَسِّي عند لَمْسِي
فَتىً ناط الإلهُ به فروعي / ولفَّ بأصلِهِ أصلي وجنسي
أصولُ بهِ على كَلَبِ الأعادي / وآوي منهُ في هَضَباتِ قُدْسِ
وَضوءُ جَبينهِ لَيلاً وصُبحاً / إِذا قابلتُهُ بدري وشمسِي
فَقُل لِلزينبيّ مقالَ خِلٍّ / صريحِ الوُدِّ لم يُلْبَسْ بلَبْسِ
أتذكرُ إِذْ هبطنا ذاتَ عِرْقٍ / ونحن معاً على أقتادِ عَنْسِ
على هوجاءَ يُخرجها التَّنَزِّي / أمامَ اليَعْملاتِ بغير حِلْسِ
وَإِذْ سالتْ إِلينا من هُذَيلٍ / شعابُ الواديين بغير بَخْسِ
رِجالٌ لا يُبالونَ المَنايا / تُصبّحهمْ نهاراً أو تُمَسِّي
بألسِنَةٍ خُلقن لغير ذوقٍ / وأفواهٍ شُققن لغير نَهْسِ
يُشيعون الطعامَ النَّزْرَ فيهمْ / إذا ما الزّادُ أمكن كلَّ حَرْسِ
كأنَهُمُ على الحَرّاتِ منها / وقد طلعوا عليك بغير لُبْسِ
نَفَيْتَهُمُ وقد دَلَفوا إلينا / بزوراءِ المناكبِ ذاتِ عَجْسِ
كأنّ حنينَها للنّزعِ فيها / حنينُ مُسنَّةٍ فُجِعَتْ بخَمْسِ
ولمّا أنْ لَقوا منّا جميعاً / شفاءَ الهمَّ في ضربٍ ودَعْسِ
علَوْا قُلَلاً لكلِّ أشمّ طَوْدٍ / على طُرُقٍ منَ الآثار طُمْسِ
كَأنَّ غروبَ قَرْنِ الشَمسِ يَطْلِي / ذوائبَه وأعلاهُ بوَرْسِ
فِداؤك أيّها المحتلُّ قلبي / حياةُ مُرَوَّعِ الأحشاء نُكسِ
يُعَرِّدُ قبلَ بارقَةِ المَنايا / وَيتَّخذُ الهَزيمة شرَّ تُرْسِ
فَكَم شاهدتُ قَبلك من رجالٍ / ودِدْتُ لأجلهمْ ما كان حِسّي
حَدَستُ بِأَنّ عقْدَهُمُ ضعيفٌ / وكانوا في الرّكاكةِ فوقَ حَدْسي
بأَجلادٍ من التَّتْريفِ بيضِ / وأعراضٍ من التَّقْريف غُبْسِ
كأنّ مَقامَ جارِهِمُ عليهمْ / مقامُ مؤمّلٍ لرجوع أمسِ
ينادي منهُمُ مَن صمَّ عنه / كما رجعتْ تُندِّبُ أهلُ رَمْسِ
ولمّا أنْ نزلتُ بهمْ قَرَوْنِي / جِفانَ خديعةٍ وكؤوسَ ألْسِ
وعدتُ وليس في كفَّيَّ لمّا / شريتهُمُ سوى وَكسي ونَحْسي
يُسوِّمُها مسوِّقُها الرَّكايا / وفي الأحشاء حاجٌ ليس يُنسي
يُشاطرك الهمومَ إذا ألمّتْ / ويُوسعك التقيُّلَ والتأسِّي
وغُصنُك من مودّتِهِ وَرِيقٌ / وغرسُك في ثراهُ خيرُ غَرْسِ
وَقاني اللّهُ ما أَخشاه فيمنْ / به من بين هذا الخلق أُنْسِي
وَنكّبَ فيه عَن قَلبي الرّزايا / فأُصبِحُ آمناً أبداً وأُمسِي
إنّي مررتُ على جنا
إنّي مررتُ على جنا / دِلَ فوق أَرْماسٍ دُروسِ
مُحِيَتْ على قُرِّ الشّتا / ءِ وحرِّ هاجرةِ الشُّموسِ
فكأنّهنَّ من البِلى / آثارُ نِقْسٍ في طُروسِ
كم ضَمَّنَتْ من ضيغمٍ / قَرمٍ إلى قنص النّفوسِ
ومتوّجٍ سحب الكُما / ةُ وراءَه ذيلَ الخميسِ
وغزير ماءِ الوَجْنَتي / ن كريمِ ناحيةِ الجليسِ
يُعطي الكثيرَ إذا النّفو / سُ شَحَحْنَ بالنَّزْرِ الخسيسِ
بَعُدُوا على قُرْبِ المَزا / رِ عن السَّعادةِ والنُّحُوسِ
وكأنّهمْ لخُفوتِهمْ / شَرْبٌ تساقَوْا بالكؤوسِ
تخذوا الثَّرى فَرْشاً لهمْ / وتوسّدوا قُلَلَ الرُّؤوسِ
يا لَلثَّرى كم فيه مِنْ / عِلْقٍ يُضَنُّ به نفيسِ
حَمَلَتْهُ أيدي المُشفِقي / نَ إلى قرارِةِ كلِّ بوسِ
وتصدّعوا وهْوَ المُنى / عن قبره صَدْعَ السُّدوسِ
تركوه في ذاك الفضا / ءِ الرّحبِ مُفتَقَدَ الأَنيسِ
شبابَكِ عنّي فالمشيبُ لباسي
شبابَكِ عنّي فالمشيبُ لباسي / وقد ملأتْ منه الطّوالعُ راسي
ولا تطلبي عندي الصَّبابةَ بعدها / سَفاهاً فإنّي للصَّبابةِ ناسِ
فَلم تُطْفَ إلّا بِالمَشيب عَرامَتي / وَلَم يُمْحَ إلّا بِالمَشيب شِماسي
وَمِن غَير أَحواضِ البَطالةِ مشربي / وَفي غَيرِ أَسبابِ الغرامِ مِكاسي
وما لِيَ تَعريجٌ إلى ريمِ رملةٍ / ولا لِيَ إلمامٌ بظبْي كِناسِ
لَقَد كانَ قَلبي كالقلوب على الهَوى / فمُذْ زارَ هَذا الشّيب صُيِّرَ قاسِ
فَلا لَهْوَ مُذْ لاحَ المَشيبُ بمَفْرَقي / وصار قناعاً في العيون لراسي
قُدْني إِليك فقد أمِنتَ شماسي
قُدْني إِليك فقد أمِنتَ شماسي / وكُفيتَ منّي اليومَ صدقَ مِراسي
ولقيتنِي مُتخشِّعاً لا يُرتَجى / نَفعي ولا يُخشى العشيّةَ باسي
أسرِي بلا هادٍ بكلّ مضلّةٍ / وأجوبُ مُظلمةً بلا مقباسِ
وأذودُ عن قلبي الهمومَ كأنّني / أَحمي أسودَ شرىً عنِ الأخياسِ
وتُدِرُّ لي نُوَبُ الزّمان مصائباً / في كلِّ شارقةٍ بلا إبساسِ
في أَسْرِ قاصمةٍ أُخادع جِيرتي / عنها وأكتُمُ داءَها جُلّاسي
فَأَنا الجَريحُ بلا شفارِ صوارمٍ / وأنا الرَّميُّ بغير ما أقواسِ
يا لَلرّجالِ لفَجْعَةٍ جَذَمَتْ يدي / وددتُها ذهبتْ عليّ براسي
ما زلتُ أحذر وِرْدَها حتّى أتَتْ / فحسوتُها في بعض ما أنا حاسِ
رادَيْتُها فلقيتُ منها صخرةً / صَمَّاءَ من جبلٍ أشمٍّ راسِ
ومطلتُها زمناً ولمّا صَمَّمَتْ / لم يَثْنِها مَطْلي وطولُ مِكاسي
ومنعتُها دمعي فلمّا لم تجدْ / دمعاً تحدّر أوقَدَتْ أنفاسي
ومصيبةٍ وَلَجَتْ على سُرُجِ الهدى / آلِ النبيّ حفائرَ الأرْماسِ
ثُلموا بها بعد التَّمامِ كأنّما / ثُلموا بجَدْعِ الأنفِ يومَ عِطاسِ
وتراهُمُ بعد الهدوِّ كأنّهمْ / سِرْبُ الخَمِيلةِ ريِعَ من فِرْناسِ
يا صاحبِي هَل نابَ سَمْعكَ مِثلما / قَد نابني نبأٌ أطار نُعاسي
لا أَرتضي منهُ وضوحَ يقينِهِ / وأودُّ أنّي منه في إلباسِ
أنْحى على كَبِدِي بوَشْكِ سَماعِهِ / ناراً تَحزُّ جُنوبَها بمواسي
وظَنَنْتُهُ مثلَ الرّزايا قبلَه / فإذا به رُزءاً عزيزَ الآسي
خطرٌ أَعُطُّ عليه صبري بعدهُ / وأُجِلُّهُ عن أن أعُطَّ لباسي
لا تُنِكرا من فيض دمعِيَ عبرةً / فالدّمعُ خيرُ مساعدٍ ومواسي
وإذا سُئِلتُ عن الّذي بِيَ بعدَهُ / فصممتُ عنه فلا تَعِبْ إبلاسي
ونعى إليّ وليتَه لم ينعَ لي / عَنَتَ القُرومِ وفاضحَ السّوّاسِ
ومُعثّرَ النُّجَباءِ خلفَ ترابِهِ / ومُعجّز النُّظَراء والأجناسِ
مَن قاد شوسَ الفخر بعد تقاعسٍ / وَاِستاقَ شمّ الذكر بعد شِماسِ
مَن كانَ مَرْجوّاً لِكلِّ حفيظةٍ / تُدعى وَمَدعوّاً ليومِ عَماسِ
مَن كانَ يأبى فضلُه العالي الذُّرا / مِن أنْ يُقاسَ إلى الورى بقياسِ
مَن كان طَلْقَ الوجهِ يومَ طلاقةٍ / ومعبّساً شَرَساً على الأشراسِ
ذاكَ الّذي جَمع الفخارَ فخارُهُ / سَبْقاً إليه من جميع النّاسِ
إنّ الفضائلَ بعد فقدِ محمّدٍ / دَرَسَتْ معالمُها مع الأدراسِ
فالآن هنّ كشَنَّةٍ منبوذةٍ / أو حِلْسِ مُستغنٍ عن الأحلاسِ
واهاً لعُمركَ من قصيرٍ طاهرٍ / ولربَّ عُمْرٍ طال بالأرجاسِ
ولَتُرْبُ قبرِكَ ما حوى من مُنْتَحٍ / جوّابِ أرضٍ في عُلاً دَوّاسِ
بِتْنا وأنتَ لآملٍ حيث المُنى / وأتى الصّباحُ وأنتَ عند الياسِ
يا موتُ كيف أخذتَ نفسِي تاركاً / نفساً عليها جَمّةَ الأنفاسِ
كَيفَ اِجتَنبتَ سوى الأكارِعِ عامِداً / وأصبتَ حين أصبتَ أُمَّ الرَّاسِ
ألّا أخذتَ بمن أخذتَ عصائباً / ليسوا لمَكْرُمةٍ من الأكياسِ
ووقيتَه بِي ما عراهُ فالرَّدى / ممّا يجود به الفتى ويواسي
قُلْ للّذينَ تَشامَتوا في يومِهِ / ما بالرّدى طَرَقَ الفتى من باسِ
إمّا مَضى وَبَقيتمُ مِن بَعدهِ / فلقد مضى صِفْراً من الأدناسِ
هَل فيكُمُ مِن دافعٍ لحِمامِهِ / في هابطٍ من أرضِهِ أوجاسِ
أَو فائتٍ يوماً وقَد بلغَ المَدا / لَهَواتِ ذاك الفاغِرِ الفَرَّاسِ
يا ساقيَيّ مِنَ المحاذِر شَرْبةً / ما ذُقتما لا ذقتما في كاسي
ما دار ما أَدْوَيتُما قلبي به / من قبلُ في فكري ولا إيجاسي
ها فَاِنظُرا منِّي الدّموعَ غزيرةً / وتعجّبا لخشوعِ قلبٍ قاسِ
وتعلّما أنّ الّذي بِي كلّما / رقد المسلَّمُ هاجَ لي وسواسي
لَو كانَ مَن يرمي سوادي بادياً / لَتَقَيتُهُ وحميتُ منه أناسي
لكنّه يخفى عليَّ مكانُهُ / ويَدِقّ عن بصري وعن إحساسي
كيف النّجاء ولا نجا من جاثِمٍ / فيما يَشاءُ مِنَ الفَتى خنّاسِ
يَلِجُ البيوتَ مَنيعةً لا تُرتَقى / وَتضِلُّ عَنهُ أعينُ الحُرَّاسِ
إِنْ شاءَ كان مواصلاً لمرائِري / أو شاء كان معطّلاً أمراسي
صَلّى الإلهُ على ضَريحك وَاِرتوى / من كلّ مُنْهَمِرِ الحيَا بجّاسِ
صَخِبِ الرّعودِ كأنّ جَرْسَ غمامِهِ / جَزْلاً أُعِينَ بسائر الأجراسِ
وَكأنّما رُكّامَهُ متلبِّداً / عِيسٌ مُعَقَّلَةٌ إلى أعياسِ
وَرَمَتْ رِياحُ الجوّ تُربَك كلَّما / رمتِ الثّرى بالنّاعم الميّاسِ
حتّى يُرى خَضِلاً تَعانق حولَهُ / قُضُبُ الأقاحي ماثلاً للآسِ
مَنْ مبلغٌ فخرَ الملوك بأنّنِي / للفضل من نعماهُ لستُ بناسِ
شرّدتَ عنّى كَرْبَهَا من غُمَّةٍ / وعدلتَ لِي الإيحاشَ بالإيناسِ
وخلستَنِي منها وقد ضمّتْ على / جلدي الرّواجبَ أيَّ يومِ خِلاسِ
إِن كانَ فَرعي قد مضى وبقيتَ لِي / فالفرعُ مسدولٌ على الآساسِ
ولَئِنْ رُزِئتُ فقد محوتَ رزيّتي / بيديك مَحْوَ النِّقْس من قِرطاسِ
قَد زرتَ لَيلةَ هوّمنا عَلى العيسِ
قَد زرتَ لَيلةَ هوّمنا عَلى العيسِ / ونحن نطوِي الفَلا من غير تعريسِ
زِيارةً إِنْ تكنْ زوراً فقد نفعتْ / ونفَّسَتْ من خِناقٍ أيِّ تنفيسِ
وَمُتعةٍ لم يسر فيها الملامُ ولا / أُطيعَ أمرٌ بها يوماً لإبليسِ
أمسكتُ نفسي بها والهمُّ يَحفزُها / حَفْزَ الرّياح ثرى البِيدِ الأماليسِ
ماذا أَردتَ بما أولَيْتَنِيهِ فقدْ / أنِستُ من جَزْعِ وادٍ غير مأنوسِ
وَكَيفَ عاجَ شبابٌ لا اِزوِرارَ بهِ / وَلا اِعوِجاجَ على شَيْبٍ وتقويسِ
وَما ظَننتُ طَليقاً ما لَهُ أرَبٌ / يأتي بجُنْحِ اللّيالي رَبْعَ محبوسِ
حَلفتُ بِالبيتِ مَلْقى اللّائذين بهِ / هُناكَ ما بينَ تَسبيحٍ وتقديسِ
أَتَوْه مثرِيَّةً ذنباً أكفُّهُمْ / وفارقوه بأَيْمانٍ مفاليسِ
والمَوْقِفَين ومن ضحّوا على عجلٍ / عند الجمِار من الكُوم المقاعيسِ
وما أراقوه من جاري دمٍ بمنىً / وأنشروا من نَجيعٍ ثَمَّ مَرْموسِ
للمالُ أبذُلُهُ للطّالبين له / جزءٌ من المال مغموماً به كيسي
والذّكرُ منّي وإنْ رُحِّلْتُ تنقله / نجوىَ الرّجال وأسطارُ القراطيسِ
وَإنْ بقيتُ فَللعلياءِ أَركبها / وَالمَجد ما بين تصبيحٍ وتغليسِ
وَلِلمآربِ وَالحاجاتِ أَبلغُها / في المَأثُراتِ عَلى رَغمِ المَعاطيسِ
وَإِنْ هُدِمْتُ كما شاءَ العدا بردىً / فما تهدّم بنيانِي وتأسيسي
وإنْ فُقِدْتُ فلم يُفقَدْ كما علموا / قهري الأساودَ والآسادَ في الخِيسِ
فَلَيسَ تَعريسُ مَن يرمي به قدرٌ / قعرَ الحَفيرةِ إلّا كالتّعاريسِ
وَما حَنينِيَ إلّا لِلعَلاءِ إِذا / حنّ الرّجالُ إلى هذي الطّراميسِ
وَسيّرتْ سيرتي صحفُ الرُّواة وكم / من الأحاديث ملقىً غير مطروسِ
أغدو وعِرْضيَ محروسٌ بلا أَمَلٍ / يَسمو إليه ومالي غيرُ محروسِ
عَزَّ الّذي لا يبالي أين مسكُنُه / ولا يفرّق بين الخَفْضِ والبوسِ
يا للرّجالِ لهمٍّ باتَ يَصحَبُني / أَنّى أَقمتُ وفي سيري وتعريسي
كَأنّني راكبٌ منهُ عَلى حَذَرٍ / قَرا طريقٍ خفيّ الأثْرِ مطموسِ
لَم يُعيِني بعد أن أعيا الرّجال معاً / من بين شُمٍّ كنجم الأُفق أو شُوسِ
ولم يَرُعْنِي وقد راعت صواعقُهُ / وسْط العرينِة أحشاءَ العنابيسِ
وَلا مزيّةَ لَولا ما يَجيء بهِ / فضلُ الفتى بين مسعودٍ ومنحوسِ
ولم أكنْ قبلُ في فضلٍ بمتَّبِعٍ / ولم أكنْ قطُّ في حيٍّ بمدموسِ
سَلْ عن ضِرابي وَعَن طَعني لدَى رَهَجٍ / نحرَ الكميِّ وهاماتِ الكراديسِ
وَالسُّمرُ تترك في كفّي نحورَهُمُ / مقسومةً بين معضوضٍ ومنهوسِ
وَالبيضُ تُسْمِعُ في هام الرّجال وفي / أعضائهمْ مثلَ أصواتِ النّواقيسِ
جاؤوا صحاحاً بلا جُرحٍ ولا أثرٍ / ثُمّ اِنثنَوا بين مضروبٍ ومدعوسِ
وإِنَّنِي كلَّ من شاغبتُ أفرِسُهُ / ولم أزلْ في الأعادي غيرَ مفروسِ
لا أَوحشَ اللّهُ منّي كلَّ مُضطَجَعٍ / منَ الفخارِ ولا رَحْلي ولا عِيسي
وَلا رأَتْنِيَ عينٌ قطّ مرتدياً / عاراً ولا كان من شنعاء ملبوسي
بُخِسْتُ دونَ الورى ظلماً وما نظرتْ / عينايَ ذا مأثُرَاتٍ غيرَ مبخوسِ
وَقَد قبستُ جميلاً دونَهم بيَدي / وأيُّ خيرٍ لفضلٍ غير مقبوسِ
كُن مالِكاً قمَم السّاداتِ كلِّهمُ / أو لا فكن مفرداً في قِمّة القُوسِ
إِنْ كانَ بَيتُك خِلْواً لا جميلَ به / فإنّ بيتِيَ منه غيرُ مكنوسِ
وَإِن تَكُن في مَلامِ القومِ منغمساً / فإنّني في ملامٍ غيرُ مغموسِ
وَإِنْ تَوقّفتَ عَن مَغْنَى العُلا فعلى / وادي الفَضيلة تَوقيفي وتَحبيسي
وَما دَنِستُ بعارٍ في الرّجال وما / لَمْسُ الكَواكب إلّا دونَ تَدنيسي
لا تُسكِننّي وكَيْسي أنتَ تعرفُهُ / إلّا جوارَ المناجيب الأكاييسِ
كَأنّ أَوجههمْ مِن نورها غَصَبَتْ / ضوءَ الصّباح وأنوارَ المقاييسِ
ولا تُعجْ بِي على وادي الخمول ولا / شِعْبِ اللّئامِ وأجزاعِ الضَّغابيسِ
فَليسَ منكَ جَميلاً أنْ تجاورَ بِي / مع الطّهارةِ أبياتَ الأراجيسِ
لَولايَ لَم يهتد الأَقوام كلُّهُمُ / سُبْلَ الكلامِ ولا طُرْقَ المقاييسِ
درستُهُ فهْو مِلْءُ العين تُبصره / غضّ النّواحي جديداً غيرَ مدروسِ
وبِتُّ أُوضحُهُ حتّى جعلتُ بما / كشفتُ ما كان مظنوناً كمحسوسِ
فَما مَشوا فيه إلّا تُبَّعاً أثري / ولا جنوا غيرَ أشجاري ومغروسي
وَكانَ مِن قبل أن محّضتُ صفوتَهُ / مردّداً بين تلبيسٍ وتدليسِ
وَبائراً لا يزالُ الدّهرِ حِليَتهُ / وعاثِرَ الحظّ لولا فَرْطُ تحبيسي
قلْ للألى أطمعوني في وصالِهُمُ
قلْ للألى أطمعوني في وصالِهُمُ / حتّى طمعتُ فألقوني على الياسِ
وقد غُرِرْتُ بهمْ دهراً بلا سببٍ / وأغبنُ النّاسِ مَن يغترّ بالنّاسِ
همْ عوّضونِيَ هجراً من مواصلةٍ / وأبدلونِيَ إيحاشاً بإيناسِ
ولو علمتُ بما لي في صدورهُمُ / قطعتُ منهمْ قُبيلَ اليوم أمراسي
فما قرعتُ لهمْ باباً لأدخلَهُ / ولا رفعتُ إليهمْ مرّةً راسي
لكنْ جنيتُ على نفسي بذاك وكم / تجني اليدان على العينين والرّاسِ
أأبا الحسينِ كُفيتَ ما بعد الرّدى
أأبا الحسينِ كُفيتَ ما بعد الرّدى / فلقد قضيتَ ردىً برغم معاطِسِ
ما دار في فكري فراقُك هكذا / دون الأنام ولا جرى في هاجسي
وذخرتُ منك مودّةً فُسِلبْتُها / والدّهرُ مشغولٌ بسلبِ نفائسي
ما كنتَ من جِنسي ولا من أُسرَتِي / وَلأَنتَ بالودّ الصّحيح مُجانسي
صانعتُ فيك معاشراً وكتمتُهمْ / وَجْدِي عليك وصَبْوَتِي ووساوسي
وحبستُ دمعي أنْ يسيلَ تجمُّلاً / لو كان دمعٌ لا يسيلُ لحابسِ
ولقد لبستَ من الزّمان جلالَه / وجلستَ منه في أعزّ مجالسِ
وَحَكمتَ في الملكِ الّذي ما حَكَّموا / فيه سوى ماضي العزيمةِ سائسِ
ورأيت دونك كلَّ ذي خيريّةٍ / سامي البَنِيَّةِ في عُلاً متشاوسِ
وفرجتَ بالآراءِ ضِيقَ شديدةٍ / ومحوت بالأضواء ضيقَ حنادسِ
وضربت بالأسيافِ كلَّ مسايفٍ / ودعستَ بالأرماحِ كلَّ مُداعِسِ
ورددتَ ذا لَجَبٍ يضيق به الفَلا / ملآن من جُنَنٍ له وقوانسِ
وأريتَ أنّ فوارساً في طيّهِ / بالطّعنِ في اللَّبّات غيرُ فوارسِ
وَإِذا أناسٌ نافسوك وقدّروا / أن يلحقوك فضحت كلَّ منافِسِ
أو ناضلوك فَضَلْتَهُمْ بصوائبٍ / أو زاحموك زَحَمْتَهمْ بقَدامِسِ
وركبتَ كلّ مطاوعٍ متعطِّفٍ / لَمّا اِبتُلُوا بروافسٍ وشوامسِ
وَإِذا اِختبرت ففي الزّمان أكايسٌ / حازوا الكمالَ وفيه غيرُ أكايسِ
في كلِّ يومٍ لِي حميمُ مودّةٍ / أعطيه من فَقْدٍ يمينَ الرّامِسِ
وأصونُهُ بالتُّرب والتّرب الّذي / فيه أكفُّ دوارسٍ وكوامسِ
وأودُّ أنّي بعد ذاك لقيتُهُ / لو يلتقي حيٌّ بمَيْتٍ دارسِ
وإذا رجعتُ رجعتُ صِفراً يائساً / عن مُقفر من كلِّ شيءٍ يابسِ
وَهو الزّمانُ فعبرةٌ لمُغفَّلٍ / أطوارُهُ أو ضُحكةٌ للعابِسِ
أَيردُّ ما أعطاك غيرَ مُلبِّثٍ / من بعد أن أعطاك غيرَ مماكِسِ
وَإِذا نَجونا من خطوبِ مُلِمَّةٍ / عرضت لنا تأتي نيوبُ نواهسِ
أين الأُلى حلّوا السّماءَ وعارضوا / زُهْرُ النُّجومِ مقابساً بمقابسِ
فَاِستَفرَشوا الكرمَ المُبِرَّ على الورى / عفواً مكانَ نمارِقٍ وطَنافِسِ
وَسَرى لَهُمْ ذِكرٌ ذكيٌّ عَرْفُهُ / شَرقاً وَغَرباً في ظهورِ عرامِسِ
وَكأنَّ أَوجههمْ بحسنٍ صُقّلتْ / قُضُبُ الوغى مصقولةٌ بمدواسِ
مِن كلّ مُمتَعضِ الحميّةِ آنفٍ / ذي مارنٍ في الذُّلِّ ليس بعاطسِ
أَخنَى الزّمان عليهمُ وسقاهُمُ / كأسَ الحِمامِ فما ترى من نابِسِ
فَكأنَّهمْ عَصْفٌ تحكّمُ غُدْوَةً / وعشيّةً فيه هبوبُ روامِسِ
كانَتْ دِيارهُمُ نهاراً مُشرقاً / فالآن عُدْنَ كجُنحِ ليلٍ دامِسِ
وَبِرَغمِهمْ مِن بعدِ أَن سَكنوا الذُّرا / سكنوا بطونَ صفاصفٍ وبسابِسِ
لا زالَ قبرُك يا محمّدُ مُفهقاً / من كلّ منهمِرِ السّحائبِ راجِسِ
صَخْبِ الرّعودِ كأنّما أجراسُهُ / صُبحاً وإمساءً زئيرُ عنابِسِ
وإذا القبورُ دُرِسْنَ يوماً فليكنْ / قبرٌ به وسِّدْتَ ليس بدارسِ
قد كان لِي غَلَسٌ لا فجرَ يمزِجُهُ
قد كان لِي غَلَسٌ لا فجرَ يمزِجُهُ / فالآن فجري بلا شيء من الغَلَسِ
قالوا تَسلَّ فشيباتُ الفتى قَبَسٌ / فقلت ذاك ولكنْ شرُّ ما قبسِ
وزارنِي لم أردْ منه زيارتَهُ / شيبٌ ولم يُغنِ أعواني ولا حرسي
يضيءُ بعد سوادٍ في مطالعِهِ / لفاغرٍ من ردَى الأيّامِ مفترسِ
طَوى قَناتيَ وَاِغتالَت أَظافرهُ / نَحضي وَردّ إِلى تَقويمِهِ شوسي
وَصدّ عَنّي قُلوبَ البيضِ نافرةً / وَساقَني اليومَ مِن نُطقٍ إِلى خرسِ
إِن كانَ شَيبي نقاءً قبلهُ دنسٌ / فَقَد رَضيت بذاكَ المَلبسِ الدنسِ
فَغالَطوني وَقالوا الشيبُ مَطهرةٌ / وَما السوادُ بِهِ شَيءٌ مِنَ النجسِ
وَالعمرُ في الشيبِ مُمتدٌّ كَما زَعَموا / لَكنّه لَم يَدَع شَيئاً سِوى النفسِ
أَلا ماذا يُريُبك مِن هُمومي
أَلا ماذا يُريُبك مِن هُمومي / ومن نَبواتِ جنبي عن فراشِي
وَلِي في كلّ شارقةٍ خليلٌ / أفارقُهُ بلا نَزَواتِ واشِ
وَأَنزعُ وَصلَهُ بالرّغم منِّي / كَما نَزعتْ يدي عنّي رِياشي
إِلى كَم ذا التّتابعُ والتّمادي / وكم هذا التّصاممُ والتّغاشي
وَكم شَنِفٍ يُنكِّدُ لا يُحابِي / وصُمٍّ كالأراقم لا تُحاشي
يَكونُ بِها اِنحِطاطي وَاِرتِفاعي / وَمِن يدها اِنتكاسي واِرتِعاشي
وَما هذا العكوفُ على حقيرٍ / يُساق إلى التحلّلِ والتّلاشي
فَضربٌ بالرّؤوسِ بلا نَجيعٍ / وطعنٌ في النّحورِ بلا رَشاشِ
تُشيك أخامصي منه خطوبٌ / إذا ما شِكْنَ يمنعنَ اِنتعاشي
وَيفدِي واهناً فيه بنَدْبٍ / ويُسبِق راكباً ممّا يماشي
وَكَم أَنجى فتىً خاضَ المَنايا / وَأَرداهُ على ثَبَجِ الفراشِ
فَيا متنَظِّراً مِنّي اِحتِراشاً / مَتى يَأتي عَلى يدك اِحتراشي
فُجِعتُ بُمشبعِ السَّغَباتِ جوداً / وناقعِ غُلَّةِ الهيمِ العِطاشِ
وَوهّابِ اللُّها في يومِ سلمٍ / وضرّابِ الكُلى يومَ الهِراش
تغلغلَ حبُّهُ في أُمِّ رأسي / وخاض ودادُه منّي مُشاشِي
وَأَفرَشني القَتَادَ أسىً عليهِ / فَليتَ لِغَيرِه كانَ اِفتِراشي
وَكنت عَلى الرّزايا ذا إِباءٍ / فَقَد قادتْ رزيّتُه خِشاشِي
وَقلتُ لِمن لَحا سَفَهاً عليه / وراجٍ في الملامةِ مثلُ خاشِ
تُعنِّفُنِي وَبالُك غيرُ بالي / وَتعذلِني وجأْشُك غيرُ جاشي
وَلستُ سواه متّخذاً خليلاً / وَلا يغشى هواي سِواه غاشِ
فَإنّي إِنْ فزعتُ إلى بَديلٍ / فزعتُ إلى الأُجاج من العِطاشِ
فَما لِي بعد فقدك طيبُ نفسٍ / وَلا جَذَل بِشيءٍ من معاشِي
خَليليَّ أَلّا عُجتُما بالقلائص
خَليليَّ أَلّا عُجتُما بالقلائص / على حائرٍ في عَرْصَةِ الدَّار شاخِصِ
يُخالُ ورسمُ الحيِّ يُخرِسُ نُطقَهُ / أخا ميتَةٍ لولا اِرتعاد الفرائصِ
وَلمّا تولّوْا يَحمِلون قُلوبنا / عَلى راتِكاتٍ بالحُدوج رواقِصِ
ظَلَلْنا بذي الأَرْطى كأنّ عيوننا / مَزادٌ أضَلَّتْهنّ راحةُ عَافِصِ
نُقاسِمُهم شَطرَ العيون فَما تَرى / مِنَ القومِ إلّا ناظراً بتَخاوصِ
وَنَلثمُ في رَبْعِ الذّين تحمّلوا / من التُّربِ آثار الخُطا والأخامصِ
بنفسي وإنْ لم أرضَ نفسي أوانِسٌ / يُفَتِّلْنَ في جُنْحٍ عقودَ العَقائِصِ
عَفائِفُ يَكتُمنَ المَحاسنَ كلّها / وَيَنظرنَ وَهْناً من عيون الوصاوصِ
فراقٌ لَنا لَم يَدْعُهُ نَعْقُ ناعقٍ / ومنُصدَعٌ لم يَجْنِهِ قبصُ قابِصِ
وَمن ذا الّذي تَبقى على الهجرِ والنّوى / مودّتُهُ غيرُ المحبِّ المخالصِ
وَزارٍ عَلى مَجْدِي وَلَم أَرَ زارياً / عَلى الفَضلِ إِلّا مُثقَلاً بالمناقِصِ
أَلا لا تُفاحِصْنِي فتعلمَ أيُّنَا / يروح ويغدو خازياً بالمفاحِصِ
وَكيفَ تساميني وظلُّك قالصٌ / وظلِّي على سُوحِ العُلا غيرُ قالصِ
وَأنتَ حَريصٌ أَن يقاَل مؤمِّلٌ / وَإنّي عَلى كسبِ العُلا غيرُ حارِصِ
وَأَبنِي أهاضيبَ المكارم والنّدى / وأَنتَ مُعَنّىً باِبتناءِ القَرامِصِ
بني عمّنا كم نَكْظِمُ الغيظَ منكُمُ / على لاذعاتٍ بيننا وقوارِصِ
وَدِدْتُمْ بأنّ المجدَ أصبحَ شارداً / وَليسَ لَنا فيه اِقتِناصٌ لقانِصِ
وَماذا عليكمْ مَنْ عَلا رَتَباتكمْ / ولم تَبْتَنوها في أجلِّ المراهِصِ
وَتَطوونَ منّا ما قضى اللَّهُ نَشرَهُ / وما ضرّ ضوءَ الصُّبحِ إنكارُ غامِصِ
وَقلتُم بأنَّ النَّجْرَ والسِّنْخَ واحدٌ / فَماذا وَقَد فُتْناكُمُ بالخصائِصِ
تَعالَوْا نعدُّ الفخرَ منّا ومنكُمُ / لِننظر أَوْلانا برجع النّقائِصِ
فَما لكُمُ مَجدٌ سِوى مالِ باخلٍ / وَلا فيكُمُ مَدحٌ سِوى قولِ خارِصِ
وَما أَنتُمُ بخلُ البطونِ لزادكمْ / وَلكِنْ لأزوادِ البطونِ الخمائِصِ
بَنِي عمّنا كَم تسرحون بِهامكمْ / بعَقْوَةِ مفتولِ الذّراع قُصاقِصِ
وَكَم تَحملونا كلَّ يومٍ وليلةٍ / على ظَهرِ جمّاحٍ من الشّرِّ قامِصِ
يُعَنُّ فَيجري مِلْءَ كل فروجِهِ / وَيُتلى غداةَ الجَريِ منه بناكِصِ
أَفي الحقّ أنْ نمشي الضّراءَ وأنتُمُ / تدِبّون مِن خَلْفِي دَبيبَ الدَّعامِصِ
وَنرضى بِدون النّصْفِ منكمْ وأنتُمُ / تُلِطّون إلطاطَ الغريمِ المُلاوِصِ
وَلَم تَعطِسوا لَولاىَ إلّا بِأجدَعٍ / وَلَم تَنظُروا إلّا بِعُمْىٍ بخائِصِ
وَلَم تَركَبوا إِلّا قَرا كلِّ ظالعٍ / أجبَّ سنامِ الظّهرِ بالرّحلِ شامِصِ
صِلوا الحَسَبَ الماضي بما لا يَشينُهُ / فكم ذي نِجارٍ خالصٍ غيرُ خالصِ
ولا تحصُلوا من جانب الفخرِ كلِّهِ / على أوّلٍ زاكٍ وأصلٍ مُصامِصِ
وَكونوا اِبتِداءَ الفخرِ لا غايةً له / وثَبْتين في مرأىً وفي فحص فاحِصِ
كَأنّي بها تختالُ بَينَ صَفائحٍ / رقاقٍ وأرماحٍ طِوالٍ عَوارصِ
تَسدّ فِجاجَ العُذرِ مِنّا ومنكُمُ / فليس إلى عُذرٍ مَحيصٌ لحائِصِ
أُؤمّلُ أَن أَعيش ودونَ عَيشي
أُؤمّلُ أَن أَعيش ودونَ عَيشي / كما أهوى مقاديرٌ عِراضُ
وَهَل لي مِن نَجاءٍ في اللّيالي / وحولي للرّدى أُسْدٌ رِباضُ
وَقَد أَقرضتَ في الدّنيا سروراً / فلا تجزعْ إذا رُدّ القِراضُ
وَكُنْ مِثلَ الأُلى دَرَجوا وأبقَوْا / حديثاً ما لزهرته الرّياضُ
هُمُ قَذَعوا نفوسَهُمُ ولوَّوْا / أعِنَّتَها إلى التّقوى وراضوا
فأمّا نُبْلُهمْ فلهمْ نفوسٌ / صحيحاتٌ وأجسامٌ مِراضُ
أَلّا أَرِقْتَ لضوء برقٍ أوْمضا
أَلّا أَرِقْتَ لضوء برقٍ أوْمضا / ما زار طرفي ومْضُهُ حتّى مضى
أَمسى يُشوّقني إِلى أهل الغَضا / شوقاً يقلّبني على جمر الغضا
وَمِنَ البليّةِ أنَّ قلبك عاشقٌ / مَنْ لم تَنَلْ وهو الرّضا منه الرّضا
ما ضَرّ مَن أَضحى يصرّحُ صدُّهُ / بملالةٍ لو كان يوماً عَرّضا
أَلِفَ الصُّدودَ فما يُرى إلّا اِمرءاً / مُتَجَنّياً أو عاتباً أو مُعرِضا
للَّهِ مَوقفُنا بخَيْفِ مَتالِعٍ / نشكو التفرّقَ ما أَمضّ وأرْمضا
وَوراءَهمْ قلبٌ مُعَنّىً بالهوى / ما صحّ من سُقمِ الغرامِ فيمرَضا
وَمحرّضٍ بَعث النَّوى فكأنّه / يَوم اِعتَنقنا للنّوى ما حرّضا
أَضحى يَعضّ بنانَهُ متخفّضاً / ويودّ قلبي أنّه ما خفّضا
وَلَقَد أَتاني الشيب في عَصر الصّبا / حتَّى لبست به شباباً أبيضا
لم ينتقصْ منّي أوانَ نزولِهِ / بأْساً أطال على العُداةِ وعرّضا
فَكأنّما كنتُ اِمرءاً متبدّلاً / أثوابَه كَرِهَ السّوادَ فبيّضا
يا صاحبيَّ تعزّيا عن فاعلي ال / معروفِ فالمعروفُ فينا قد قضى
وَتَعلّما أَنْ لَيسَ يَحْظى بالغِنى / إلّا اِمرؤٌ سِيم الهوانَ فأَغمضا
وَالعَيش دينٌ لا يخاف غريمُهُ / مَطْلاً به وقضاؤه أن يُقتَضى
قَد قلت لِلمُنضين فيه رِكابَهمْ / يكفيكُمُ من زادِهِ ما أنهضا
ما لي أَراكُم وَاللُّبانةُ فيكُمُ / تَرضون في الدّنيا بما لا يُرتضى
إِن كانَ رَوْضُ الحَزْنِ غَرّكُمُ فقدْ / أضحى يصوّح منه ما قد رُوِّضا
أَوْ ما بَنَتْهُ يدُ الزّمانِ لأهلِهِ / فهوَ الّذي هَدم البناءَ فقوّضا
لا تَغْبِنوا آراءَكمْ بثميلَةٍ / نَكْداءَ تأخذها الشفاهُ تبرّضا
فمعوَّضٌ عن نَزْرِ ماء حيائِهِ / بكثير ما بلغ الغِنى ما عُوّضا
كَم ذا التعلّلُ بالمُنى وإزاؤنا / رامٍ إذا قصد الفريصةَ أغرضا
يرمي ولا يدري الرميّ وليته / لمّا أَراد الرَّمْيَ يوماً أنبضا
وَالنّفسُ تُنكرُ ثمّ تَعرف رُشْدَها / فاِطلُبْ شِفاءَك من يَدَيْ مَن أمرضا
أَينَ الّذينَ تَبوؤوا خطط العُلا / وقضى على الآفاقِ منهمْ مَن قضى
وجَرَوْا إلى غايِ المكارم والعُلا / ركْضَ الجواد سعى فأدرك مركضا
تندى على غُلَلِ العُفاةِ أكفُّهمْ / فَيعود منهمْ مثرياً مَن أنفضا
وإِذا أهبتَ بهمْ ليومِ عظيمةٍ / حمّلتَ أعباءَ العظيمة نُهّضا
من كلِّ قَرْمٍ لا يريد ضجيعَه / إِلّا سِناناً أو حساماً مُنتضى
وَتراه أنّى شئتَ من أحوالهِ / لا يَرتضي إِلّا الفِعال المُرتضى
دَرَجوا فلا عينٌ ولا أثرٌ لهمْ / فكأنّهمْ حُلُمٌ تراءى واِنقَضى
هل مُجيرٌ من غصّةٍ ما تقضّى
هل مُجيرٌ من غصّةٍ ما تقضّى / أو شفيعٌ في حاجةٍ ليس تقُضى
يا خليلي أنِخْ بشرقيِّ سابا / طَ مُناخاً على الرّكائب دَحْضا
وتلفّتْ فيما بنى آل ساسا / نَ عفاهُ الزّمانُ ثَلْماً ونقضا
عرصاتٌ أصبحن وهي سماءٌ / ثمّ أمسين بالحوادث أرضا
وثرىً يُنبتُ النّعيمَ إذا أنْ / بتَ تُرْبُ البلاد عُشباً وحَمْضا
قد رأينا الإيوانَ إيوانَ كسرى / فرأينا كالطّوْدِ طولاً وعُرضا
أو جَلالَ جَلَنْفَعٍ صَحِبَ الأي / يامَ حتّى أَعَدْنَه اليومَ نِقْضا
أثّر الرَّحلُ في قَراهُ نُدوباً / نِلْنَ منه بعضاً وأعفَيْنَ بعضا
فهو يلقاك بادناً بعدما أبْ / لى كُرورُ الأيّامِ منه وأنضى
عَرَقَ الدّهرُ لحسنَهُ وهْو باقٍ / كالمُدى تعرُقُ التَّريبةَ نَحْضا
فترى العينُ فيه أُبَّهَةَ المُلْ / كِ وعيشاً لأهله كان خَفْضا
فهْيَ تَغشاهُ بالتّنكّرِ وحْشاً / خَلَقاً ثُمّ بالتّذكّرِ غَضّا
وَمَشينا في عَرْصةٍ لَم تزلْ في / ها أُمورُ الملوكِ تُمضى وتقُضى
كلُّ قَرْمٍ كاللّيث إنْ هجهجوه / عن صريعٍ له أزمَّ وأغضى
لَبِسَ الملكَ يافعاً ووليداً / واِرتَقاه شدّاً إليه ورَكْضا
وَجَثا ناشئاً على خشب الملْ / ك فأرجا في العالمين وأمضى
وعرانينُ لا يطورُ بها الرّغْ / مُ وأيدٍ يطلْنَ بسطاً وقبضا
ورؤوسٌ بين الأنامِ رؤوسٌ / وجسومٌ غُذِينَ بالعزِّ مَحْضا
ولَقد مَضّنِي هجومي على الدّا / ر بلا آذنٍ على الدّارِ مضّا
مَرِحاً أسحبُ الإزارَ على أجْ / ردَ ينزو طَوْراً ويقبض قبضا
حيث كانت ضلوعُ من وَلَجَ الأبْ / وابَ يُنْفَضْنَ بالمخافةِ نَفْضا
ورِباعٌ كانت غُيوضَ أُسودٍ / أصبحتْ للضّباعِ مأوىً ومَغْضى
ومُناخٌ للجودِ يَحظى ويَرضى / فيه مَن لم يكنْ على الدّهر يرضى
عَقَروا عندهُ المطيَّ وألْقَوا / وَقَدِ اِستَوطنوا نجاداً وغَرْضا
بين قومٍ يزيدهمْ عذلُ اللّو / وامِ في المكرُماتِ حثّاً وحَضّا
سكنوا جانبَ المدائنِ في أبْ / يَضَ كالشّمس يوسعُ العينَ ومْضا
يأخذون الأموال بالسّيف حتَّى / يهبوها الرّجالَ نَفْلاً وفَرْضا
كلّما أتلفوا أخلفوا كوَفِيِّ ال / قومِ أمَّ الغِنى ليقضِىَ قَرْضا
ومهيبون يُحسَبُ الأمنُ مِن مَوْ / لاهُمُ الخوفَ والمحبّةُ بُغضا
وَجليدُ الرّجال إنْ واجهوه / غَبِن اللّحْظَ من حِذارٍ وغضّا
كيف أرضى عن الزّمان وما أرْ / ضى كريماً قبلي الزّمانُ فأرضى
نقتريهِ جدْباً وبيئاً ونَمرِي / هِ ضبيعاً ونَرْتَعِي منه بُرْضا
لَيس يُبقِي إلّا وَيُفنِي ولا يُعْ / لى قليلاً حتّى يطأطئَ خَفْضا
سُنَّةُ اللّيثِ كلّما همّ أنْ يُب / عدَ وَثْباً زاد اِنحطاطاً ورَبْضا
وَلفكري فيمن يساق إلى المو / تِ مَدا الدّهر كيف يَطعَمُ غُمضا
يا خليلي ومُعِينِي
يا خليلي ومُعِينِي / كلّما رُمت النُّهوضا
داوِ دائي أوْ فعُدْني / مَعَ عُوّادي مريضا
فَقَبيحٌ بك أن تَرْ / فُضَ من ليس رَفوضا
قد أتى من يوم عاشو / راءَ ما كان بغيضا
دَعْ نشيجي فيه يعلو / ودموعي أنْ تَفيضا
وبَنانِي قد خُضِبْنَ ال / دَم من سِنِّي عَضيضا
وكن النّاهضَ للحَرْ / بِ متى كنتَ نَهوضا
واِجعلِ الجيبَ لدمعٍ / من مآقيك مَغيضا
إنّه يومٌ سقينا / من نواحيه مضيضا
هَزَل الدّينُ ومَن في / هِ وقد كان نَحيضا
ورمتْ مُجْهَضَةٌ مَنْ / كان في البطن جهيضا
ودعِ الأطرابَ واِسمعْ / مِن مراثيهِ القريضا
لا تُرِدْ فيه وقد أدْ / نَسَنا ثوباً رَحيضا
قلْ لقومٍ لم يزالوا / في الجهالاتِ رُبوضا
غرّهمْ أنّهُمُ سا / دوا وما شادوا بعوضا
في غدٍ بالرَّغم منكمْ / سترُدُّون القُروضا
سوف تلقون بناءً / لكُمُ طال نقيضا
والّذي يحلو بأفوا / هِكُمُ اليومَ حميضا
وقِباباً أنتُمُ في / ها وهاداً وحضيضا
وَأراها عن قريبٍ / كالدّبى سوداً وبيضا
وترى للبِيض والبي / ضُ عليهنّ وميضا
وعلى أكتادها كل / لُ فتىً يُلفى جَريضا
فبِهِمْ يطمَعُ طَرْفٌ / كان بالأمسِ غضيضا
وبهمْ يبرأُ من كا / ن وقد ضيموا المريضا
وبهمْ يرقد طَرْفٌ / لم يكنْ وَجْداً غموضا
لأُباةٍ دَمُهُمْ سا / لَ على الأرض غريضا
رُفِعَ الرّأسُ على عا / لي القنا يَحكي الوميضا
واِنثنى الجسمُ لجُرْدِ ال / خيلِ بالعَدْوِ رضيضا
حاشَ لي أَنْ أَتخلَّى / منهُمُ أو أستعيضا
فَسقى اللَّهُ قبوراً / لهمُ العذْبَ الغضيضا
وَأبَتْ إلّا ثَرى الأَخْ / ضرِ والرَّوضَ الأريضا
وَإِليهنَّ يَشُدُّ ال / قومُ هاتيك الغُروضا
ما نحَوْهُنَّ لنَدْبٍ / إنّما قضّوا فُروضا
وحَبْوهُنَّ اِستِلاماً / يَتركُ الأفواهَ فوضى

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025