المجموع : 591
حَذِرتُكُمُ وكم للّهِ عندي
حَذِرتُكُمُ وكم للّهِ عندي / صنيعٌ في كفايتِهِ حِذاري
وَلَو أنّي أشاءُ لَكنتْ مِنكمْ / مكانَ النّجمِ في الفلك المُدارِ
وَلَم أَرَ مِنكُمُ إلّا خُطوباً / فَلولا الشّيبُ شاب لها عذاري
رَددتم رَبَّ آمالٍ طِوالٍ / يلوذ بكمْ بآمالٍ قصارِ
وَكُنتُ وَقَد حَططتُ بكمْ رِحالي / نزلتُ بكمْ على غير اِختيارِ
فَلا خَصِبَتْ بلادُكُمُ بجَدْبٍ / ولا جيدَتْ بأنواءٍ غِزارِ
ولا نظرتْ عيونٌ مُدْلِجاتٌ / بهنّ على الظّلام ضِياءَ نارِ
وإنّي آملٌ فيكمْ وشيكاً / وإنْ موطلتُ عنه بلوغَ ثاري
لمّا طَلَعنَ عَليَّ في غَسَقٍ
لمّا طَلَعنَ عَليَّ في غَسَقٍ / فَخَلَفْنَ ضوءَ الشّمسِ والقمرِ
ساوَمْنَنِي قلبي فرُحنَ به / عنّي وكم بيعٍ على غَرَرِ
وَأَخذنَ منِّي ما سمحتُ به / في اليُسرِ من حالي وفي العُسرِ
وَكحلنَ عينِي كلّما مَرِهَتْ / ببكائها منهنّ بالسَّهَرِ
وَوَعدننِي ما لا يَفِينَ بهِ / من غير معذِرَةٍ لمعتَذِرِ
قد كنتُ أحذرُ ما بليتُ به / دهراً وكم بَلْوى مع الحذرِ
هُو الزّمان فَلا عيشٌ يطيب بهِ
هُو الزّمان فَلا عيشٌ يطيب بهِ / ولا سرورٌ ولا صفوٌ بلا كَدَرِ
يَجني الفَتى فإذا لِيمَت جِنايتُهُ / أحال من ذنبهِ ظلماً على القدرِ
وَكلُّ يَومٍ مِنَ الأيّام يعجبُنا / فَإِنمّا هوَ نُقصانٌ من العُمُرِ
أَيا زائِراً بِالليلِ مِن غيرِ أَنْ يَسري
أَيا زائِراً بِالليلِ مِن غيرِ أَنْ يَسري / وهل زائرٌ باللّيل من غير أن يسري
وَيا مُشبهاً للفجرِ ضوءُ جبينِهِ / أبِنْ لِي قليلاً كيف رُوّعتَ بالفجرِ
تَجودُ عَلَينا وَالمعاذيرُ جَمّةٌ / وتبخلُ بالجَدوى وأنت بلا عذرِ
وَلَمّا تَعاتَبنا على الهجر صُغتَ لِي / دَنُوَّك من بُعدٍ ووصلكَ من هجرِ
وَأَوليتَ بِرّاً لَم يَكُن عندَ واصِلٍ / إليه وإن أغنى نصيباً من الشّكرِ
لا تَنظري اليومَ يا سَلمى إليّ فما
لا تَنظري اليومَ يا سَلمى إليّ فما / أَبقَى المشيبُ بوجهي نظرةَ البَشَرِ
جَنى عليَّ فقولي كيفَ أَصنعُ في / جانٍ إِذا كان يجني غير مقتدرِ
عَرا فَأعرى منَ الأوطارِ قاطبةً / قهراً وألبَسَنِي ما ليس من وَطَرِي
وَقَد حَذرتُ وَلَكنْ ربَّ مُغتربٍ / لم أنجُ منه وإنْ حاذرتُ بالحَذَرِ
فَإِنْ شَكوتُ إلى قومٍ مساكنهمْ / ظلّ السَّلامة ردّوني إلى القَدرِ
كوني كما شئتِ في طولٍ وفي قِصَرٍ / فليس أيّامُ شيبِ الرّأس من عُمُرِي
فَقُل لِمَن ظلّ يُسلِي عن مصيبتِهِ / لا سلوةٌ ليَ عن سمعي وعن بصري
شرُّ العقوبةِ يا سلمى على رجلٍ / عقوبةٌ من صروف الدّهر في الشَّعَرِ
إِنْ كان طال له عمرٌ فشيّبَهُ / فكلُّ طولٍ عداه الفضلُ كالقِصَرِ
يُلينُ منه ويُرخِي من معاجِمِهِ / كُرْهاً ولو كان منحوتاً من الحجرِ
فإن تكن وَخَطاتُ الشّيب من شَعَري / بيضاً فكم من بياضٍ ليس بالغُرَرِ
ما كلُّ إشراقَةٍ للصّبحِ في غَلَسٍ / وليس كلُّ ضياءٍ من سنا القمرِ
وأعرضتِ حتّى لا أراك وإنّما
وأعرضتِ حتّى لا أراك وإنّما / أَرى منكِ وَجهَ الشّمسِ أو طلعةَ البدرِ
ولم يكُ ذاك الصّدّ إِلّا لِمقلتي / وقلبِيَ عَن مَغْنَى هواك بلا سِتْرِ
وهجرُكِ منّي ليس إلّا لِعلّةٍ / ولكنّ هجراً جاء منكِ بلا عذرِ
ويومِيَ لا ألقاكِ فيه وأجتلِي / بِهِ منك وَجهَ الحُسن ما هو من عمري
وَإِن لَم يَكُن لِي منكِ صفحٌ فَأَعطِني / نصيباً من البلوى وحظّاً من الصّبرِ
فلا تفُتَنوا بعدي بشيءٍ فإنّنِي / فُتِنْتُ بمملوءِ الجفون من السِّحْرِ
يُسيءُ وما ينوي الإساءَةَ عابثاً / ويُقلقني شوقاً إليه وما يدري
وَهانَ عليهِ وَالهَوى ليسَ عندهُ / دموعٌ لبينٍ منه أو جفوةٌ تجري
فيا ليتَ من يشفي الجوى لم يُعِلَّنِي / ومن لم يكن نفعِي به لم يكن ضَرّي
لَدارُكَ من قلبي كقلبي كرامةً
لَدارُكَ من قلبي كقلبي كرامةً / وبِرُّك عندي ليس يبلغه شكري
وَأنتَ الّذي أَبغيهِ في شَطَطِ المُنى / وأشرطه يومَ الشِّراطِ على دهري
وَما راعَنِي إلّا فراقُك بغتَةً / وقلبِيَ مملوءٌ لوصلِكَ بالبِرِّ
وَكُنتُ وَقَد عُرِّيتُ منك كمُدْلِجٍ / تَعرّى عَلى الظلماءِ مِن طَلعةِ البدرِ
وَلَم أَدرِ ما في يومنا غيرَ أنّنا / قُطِعْنا بقَطْرٍ لا يدوم عن القَطْرِ
قلتُ لمسودٍّ له شَعرُهُ
قلتُ لمسودٍّ له شَعرُهُ / هل لك في المبيضّ من شعري
خذْهُ وإِنْ لم ترضَه صاحباً / مع الدُّمى يبقى مدَى العُمرِي
فقال ما أبعدَ ما بيننا / ونازحٌ أمرُكَ من أمري
عَمَرْتَ ستّين ونَيّفتَها / ونيّفَتْ منّي على عَشْرِ
لَيسَ إِلى دائِكَ مِن حيلَةٍ / فَاِجرَعْ ملاءً أكْؤُسَ الصَّبرِ
ما ضرّ مَن لِلنوى زُمَّتْ ركائبُهُ
ما ضرّ مَن لِلنوى زُمَّتْ ركائبُهُ / لو جاد لِي ساعة التّوديع بالنّظرِ
رميتُمُ القلبَ منّي بالوجيب وقد / فارقتمونِيَ والعينين بالسَّهَرِ
وَكِدتُ أَقضي غداةَ البين من جَزَعٍ / لو لم يكن لك قلبٌ صيغَ من حجرِ
وَكيفَ يَسلاكُمُ قلبي المشوق وقد / غيَّبتُمُ بَصري بالبينِ عَن بَصري
وَما تركتُ قراراً من فراقكُمُ / لكنْ حذرتُ وكم لم يُنجنِي حَذَري
أمنتُ حذاري منكُمُ وكُفيتُكمْ
أمنتُ حذاري منكُمُ وكُفيتُكمْ / وَأَنتم بمنّ اللَّه وَسْطَ المحاذِرِ
فَما لكُمُ عندي وقد عشتُ برهةً / أخافكُمُ بغياً عليَّ بعاذِرِ
فَلا تَأمنوا إنْ كنتُمُ قد أمِنتُمُ / سهامَ الأعادي من سهامِ المقادِرِ
وَكَم ذا نَفضتُ الكفّ من نَصر أُسرتي / عَلى خُطّةٍ خشناءَ واللَّهُ ناصري
وَكَم ذا خَشيتُ الأمرَ قبلَ هجومِهِ / وسُرْبِلتُه كُرْهاً فلم يكُ ضائرِي
لا تَسألِ المرءَ ما تَجنِي عَشيرتُهُ
لا تَسألِ المرءَ ما تَجنِي عَشيرتُهُ / عليه ما بين ضرّاءٍ وإضرارِ
وَربّما كانَ مِن قَومي وما شَعروا / ذنبٌ تضيق به ساحاتُ أعذاري
ما زالَ أَهلُ الحِجى والحلمِ كلُّهُمُ / مُطالَبين عن الأعمار بالثّارِ
كُنْ كيفَ شِئتَ ولم تدنَسْ بفاحشةٍ / تُلقِي على الذّمِّ أو تُدنِي من العارِ
مِن أَين لِي والمُنى ليستْ بنافعةٍ / خِلٌّ أرى فيه أغراضي وأوطاري
يَمَسُّهُ الخطبُ قبلي ثمّ يصرِفُهُ / عنّي ولو خاض فيه لُجَّةَ النّارِ
وَواحدٌ عندهُ عَزلِي وتولِيَتِي / وَمستوٍ عندهُ فَقري وإيساري
ما ودّني لاِنتِفاعٍ بي ولا عَلِقَتْ / بنانُهُ بإزاري خوفَ أحذاري
ما لِي بُليتُ وما قصّرتُ في طلبٍ / بكلِّ خَبٍّ خَلوعِ العهد غدّارِ
أُخفِي لَهُ السرَّ عَن نَفسي وليسَ له / في النّاس دَأْبٌ سوى إفشاءِ أسراري
إنّ الدّيارَ التي كنّا نُسرُّ بها / ما عُجْتُ فيها وقد أقْوَتْ بديّارِ
مرابعٌ عُطّلَتْ منها وأنديةٌ / لا رِجسَ فيها ولا بأسٌ لسَمَّارِ
مِن بعدما اِمتَلأتْ من كلّ مُمتعِضٍ / من الدَنِيَّةِ في العزّاءِ صَبّارِ
كانَت مَسايل أَيدٍ بالنّدى سُمُحٌ / فالآن هنّ مسيلاتٌ لأمطارِ
يُعطِي الكثيرَ إِذا ما المالُ ضَنّ بهِ / معطٍ ويَقرِي إذا ما لم يَكُن قارِ
تَزْوَرُّ عنهنّ أيدي العِيس واخدةً / ولا يعوج بهنّ المُدلجُ السّاري
وَقَد عُرينَ عَلى رغمِ الأنوف لنا / من كلّ نفعٍ وإحلاءٍ وإمرارِ
وَمُنتقباتٍ بِالجمال على مِنى
وَمُنتقباتٍ بِالجمال على مِنى / شُغِلْنا بهنّ عن حَصَى المُتَجَمِّرِ
ضعُفْنَ عن الشكوى فلمّا أردنَها / أشرن إلينا بالبنان المحمَّرِ
فما شئتَ من طيبٍ ذَكيٍّ لناشقٍ / وما شئتَ من حسنٍ أنيقٍ لمُبصرِ
وللَّه أَبصارٌ سَبَتْنا جفونُها / غداةَ تلاقينا بشِعْبِ المُعمِّرِ
ولمّا تفرّقنا ولم يبق بيننا / سوى ذُكْرةٍ من عاشقٍ متذكّرِ
بَكينَ عَلى وَشْكِ الفراقِ بلؤلؤٍ / على عُصْفُرٍ من نرجسٍ متحدّرِ
إِذا لَم تَكوني دارَ فَضلٍ ونَفحَةٍ
إِذا لَم تَكوني دارَ فَضلٍ ونَفحَةٍ / أَنالُ بِها العافي فلستِ بدارِ
أَبى المَجدُ يَوماً أَن أكونَ معرّجاً / على سَفَهٍ أو أنْ ألُمَّ بعارِ
ولا كنتُ يوماً للهوانِ مصافياً / ولا بين أبياتِ اللّئام قراري
بَرَزتُ فَما أخفى عليك كأنّني / على ذُروة الأطوادِ توقد ناري
وَما ظاهِري في النّاسِ إلّا كَباطني / وليلِيَ في ثوبِ التُّقى كنهارِي
طَلَبتمْ عَوارِي ظالمين فلم تكنْ / لتظفَرَ كفٌّ منكُمُ بعَوارِي
فإنْ كنتَ لا تعرفْ وقارِي جاهلاً / فسلْ شامخاتِ الصُّمِّ كيف وقاري
ولمّا جرينا للفخارِ عثرتُمُ / وأعوزكمْ أن تسمعوا بعثاري
وربّ مقامٍ لم يقمْهُ سوى الفتى / كفاني لساني فيه وَقْعَ غِراري
أدِرْ لِي نديمي كلَّ يومٍ وليلةٍ / كؤوس نجيعٍ لا كؤوس عُقارِ
وإنْ شئتَ إطرابي هناك فغنِّنِي / وقِدْرُ الوغى تغلِي بمُدرَكِ ثاري
وَقُلْ لِلعِدا كفّوا فضولَ طماحِكمْ / فَما أَنتُمُ باللّاحقين غُباري
قَرَنْتَنِي يا محلَّ الذّمِّ معتمِداً
قَرَنْتَنِي يا محلَّ الذّمِّ معتمِداً / بِصاحبٍ ما اِرتَضاه لي أخو نظرِ
وكنتَ لا شكّ فيما أنتَ جامعُهُ / كجامعٍ بين ضوء الفجر والقمرِ
أَمّا الحبيبُ فَقد فُزنا بزَورَتِهِ
أَمّا الحبيبُ فَقد فُزنا بزَورَتِهِ / في ليلةٍ لا قَذَى فيها سوى القِصَرِ
فبتُّ أُدنِي إلى قلبي ومن بصري / مَن حلّ عندي محلَّ القلب والبصرِ
لم يطعَمِ الغُمْضَ قلبٌ فيه مُقْتَسَمٌ / وإِنّه لقريرٌ العين بالسَّهَرِ
كم بين إذْ أنا في تعذيبِهِ سهري / وَبين إِذْ أَنا في تَقبيله سمري
لا أَشكُر الدّهر أولى في الزّمان يداً / ثمّ اِستَردّ الّذي أولاه في السَّحَرِ
تَجافَ عَنِ الأعداءِ بُقياً فربّما
تَجافَ عَنِ الأعداءِ بُقياً فربّما / كُفِيتَ فَلَم تُجرَحْ بنابٍ ولا ظُفرِ
وَلا تَبرِ مِنهُم كلَّ عودٍ تخافُهُ / فَإنّ الأَعادي يَنبُتونَ مَعَ الدّهرِ
وَزائِرٍ زارَني وَهْناً يُغالِطُني
وَزائِرٍ زارَني وَهْناً يُغالِطُني / وَلَو لَبست ثيابَ الصّبحِ لم يزُرِ
تَمّت لَهُ وَستورُ الليلِ مُسْبَلَةٌ / بيني وبين يقيني والكَرَى سكري
وَلَو أَراد خِداعي غير ذي وَسَنٍ / لَكانَ مِن نيل ما يبغي على غَرَرِ
إنْ كنتَ ترغبُ في الثّوا
إنْ كنتَ ترغبُ في الثّوا / ءِ بهذه الدّنيا عزيزا
فَاِحذرْ مُنى الأطماعِ أنْ / تُعنى بها أو أنْ تحوزا
لا تُرعِها سمعاً فإن / ن لها القعاقعِ والأَزيزا
كم آمنٍ أضحى المطا / حَ بها وقد أمسى الحريزا
لم يَفدِهِ من صَوْلَةِ ال / أيّام أنْ جمعَ الكنوزا
كانتْ له نِعَمٌ فَرَرْ / ن فعاد قاطنُها نَشوزا
كَم ذا نَحوزُ وَقَد رَأَي / نا حائزاً ترك المحوزا
وَغَدا قَديراً ثمّ أَم / سى بَعدَ قُدرتهِ عَجيزا
أين الذين على التِّلا / عِ تبوّأوا الوطنَ الحجيزا
سحبوا وراءهمُ الجيو / شَ وطالما سحبوا الخُزوزا
إنْ زُرْتَهم زرت الأهل / لَةَ في مَطالِعِها بُروزا
نطقوا بما أعيا الرّجا / ل وعاد ناطقُهُمْ ضَموزا
أهاجَكَ ذكرٌ منهمُ ووساوسُ
أهاجَكَ ذكرٌ منهمُ ووساوسُ / وَقد نَزَحَتْ بِيدٌ بهمْ وبسابِسُ
وَما رحلوا إلّا وَحَشْو حُدوجهمْ / شموسٌ لرُوّادِ الهوى ومقابِسُ
كأنّ قطينَ الحيِّ لمّا تحمّلوا / جميعاً ضُحىً جُنحٌ من اللّيل دامسُ
أو الصَّخرُ من أعلامِ ثَهْلانَ زائلاً / أو الدَّوْحُ دوحُ الغابة المُتكاوسُ
فجادَ ديارَ العامريّةِ وابلٌ / وعادَ ديارَ العامريّةِ راجِسُ
ولا دَرَستْ تلك الرّسومَ مُلِمّةٌ / ولا رَمَسَتْ تلكَ الطّلولَ الروّامسُ
فَقد طالَما قضَّيتُ مأْرَبَةَ الصِّبا / بهنَّ ونُدماني الظّباءُ الأوانسُ
وبيضٍ لبسنَ الحسنَ عن كلٍِّ مَلْبَسٍ / فَزانَ لَنا ما لا تزين الملابسُ
يُعِرْن الصِّبا مَنْ لم يكن هَمُّهُ الصِّبا / فيطمع فيه كلُّ من هو آيسُ
وَساقَطن عَذباً من حديثٍ كَأنّهُ / نسيمُ رياضٍ آخرَ اللّيل ناعسُ
وَلَمّا اِلتَقينا وَالرّقيبُ على الهوى / يُخالِسنا من لحظِهِ ونخالسُ
أريْنَ وجوهاً للجمال كأنّها / نُصولٌ جَلَتْها للقُيونِ المداوسُ
فهنّ كمالاً ما لهنَّ صواحبٌ / وهنّ عَفافاً ما لهنَّ حوارسُ
حَلفتُ بِمَن طافَ الحجيجُ ببيتِهِ / ومن هو للرّكنِ اليمانِيِّ لامسُ
وأيدي المطايا يبتدرْن مغَمِّساً / وهنّ خميصاتُ البطون خوامِسُ
طواها السُّرى طيَّ الحريرِ على البِلى / فهنَّ قِسِيٌّ ما لهنّ معاجِسُ
ومَنْ أمَّ جَمْعاً والمطيُّ لواغبٌ / تماطل مِضْماضَ الكَرى وتماكسُ
وَما هَرقوا عند الجمارِ على مِنىً / من الدمِ منه مُستَبِلٌّ وجامِسُ
لقد ولدتْ منّي النساءُ مُشيّعاً / له الرَّوْعُ مَغْنىً والحروبُ مجالسُ
وَقَد جرّبوا أنّي إذا اِحتَدم الوغى / لأَثْوَابِها دون الكتيبة لابسُ
بِضَربٍ كَما اِختارَتْ شِفارُ مَناصِلٍ / وطعنٍ كما شاء الكَمِيُّ المداعسُ
تطامَنَ عنِّي كلُّ ذي خُنْزوانَةٍ / وغَمّض دوني الأبلجُ المتشاوسُ
فلم يُرَ لِي لمّا سمقتُ مُطاوِلٌ / ولم يبقَ لِي لمّا سبقتُ منافِسُ
وَذلّلتُها هَوجاءَ سامية القرا / وما كلُّ روّاضٍ تطيعُ الشوامِسُ
فَقُل للّذي يَبغي الفَخارَ وَدونَهُ / مَفاوزُ لا تَسطيعهنَّ العَرامِسُ
قَعدتَ عنِ الحُسنى وغيرُك قائمٌ / وقمتَ إلى السوأى وغيرُك جالسُ
وَرُمتَ الّذي لَم تسعَ يوماً بطُرْقِهِ / ونَيْلَ الجَنَى عفواً وما أنتَ غارسُ
وإنّي ببرْحِ الأمر في القوِم ناهضٌ / وأنتَ عن الأمر المُبرِّحِ خانِسُ
ولِي النظَرُ السّامي إلى كلّ ذِرْوَةٍ / فكيف تساميني العيونُ النّواكسُ
تَرومونَ أَن تعلوا وأنتمْ أسافلٌ / وأن تُشرقوا فينا وأنتم حنادسُ
نَهسْتُمْ لَعَمْرِي مَرْوَتي جهلةً بها / فَيا للنُّهى ماذا اِستَفادَ النّواهسُ
وَكَيفَ عَجَمْتُمْ هاتماً كلَّ عاجمٍ / ومارستُمُ مَن كَلَّ عنه الممارسُ
فَما لعجاجِي منكُمُ اليومَ تابعٌ / وَلا لعُبابي منكُمُ اليومَ قامسُ
فَإِنْ أَنتُمُ أقذيتُمُ صفوَ عيشنا / فَقَد رَغِمَتْ آنافكمْ والمعاطسُ
وَإنْ جرّ دهرٌ نحوكمْ بعضَ سعدِهِ / فَما أنتُمُ في الدّهرِ إلّا المناحسُ
وَمَن ذا الّذي لَولاي آوى سُروحَكمْ / وأنتمْ لآسادِ الخطوب فرائسُ
وما البِيضُ بيضُ الهند لولا أكفُّها / وما الخيلُ يومَ الرَّوْع إلّا الفوارسُ
وَإنْ أنتَ لم تحرسْكَ نفسُك نَجْدَةً / فليس بحامٍ عن جنابك حارسُ
وما لكَ مِن كلّ الذين تراهُمُ / وَإنْ غضبوا إلّا الطُّلولُ الدّوارسُ
المَرءُ يَجمع والدّنيا مفرّقةٌ
المَرءُ يَجمع والدّنيا مفرّقةٌ / والعمرُ يذهب والأيّامُ تُختَلَسُ
ونحن نَخبِطُ في ظلماءَ ليس بها / بدرٌ يضيءُ ولا نجمٌ ولا قَبَسُ
فَكم نرتّقُ خَرْقاً ليس مُرْتَتِقاً / فيها ونحرسُ شيئاً ليس ينحرسُ
وَكَم نَذِلُّ وَفينا كلُّ ذي أَنَفٍ / ونستكينُ وفينا العِزُّ والشَّوَسُ
وَكيفَ يَرضى لبيبٌ أنْ يكون له / ثوبٌ نقيٌّ وعِرْضٌ دونه دَنِسُ
أَم كَيفَ يُطْبَقُ يوماً جَفنُ ذي دَنَسٍ / وَخلفهُ فاغِرٌ لِلمَوتِ مفترسُ