المجموع : 316
إذا نزلت أبناء رزيك منزلاً
إذا نزلت أبناء رزيك منزلاً / تبسم عن ثغر النباهة خامله
وخيم في أرجائه المجد والعلى / وجاد به طل السماح وهاطله
ملوك لهم فضل بأبلج منهم / محافله تزهى به وجحافله
تزر على الليث الغضنفر درعه / وتلوى على الطود المنيف حمائله
يفيض علينا كل يوم وليلة / بلا سبب أفضاله وفضائله
يثيب على أقوالنا متبرعاً / على أنها من بعض ما هو قائله
بكم شرف الإسلام وانتصر الهدى / وقامت قناة الدين واشتد كاهله
وأصبح منكم مجده وجلاله / وفارسه يوم الهياج وكاهله
مآثر لو تركنا شرح جملتها
مآثر لو تركنا شرح جملتها / غنيت فيها عن التفصيل بالجمل
منها الحميد الذي أبقيت سيرته / في آل شاور حتى سار في المثل
مازلت توسعهم بشراً وتكرمهم / حتى كأن ليالي القوم لم تزل
ولست في هذه الدعوى بملتمس / شهادة ولسان الحال يشهد لي
سجية من وفاء فيك لو خلقت / في صبغة الشعر المسود لم يحل
مضى بدر فأغنى عنه طي
مضى بدر فأغنى عنه طي / بما أولى الكرام من الجزيل
وقدماً كنت أمدح للعطايا / فقد أصبحت أمدح للسبيل
لقد طلعت علي الشمس لما / عدمت وقاية الظل الظليل
ليت النسيم إذا حملت عاتقه
ليت النسيم إذا حملت عاتقه / شوقاً تقصر عنه الكتب والرسل
يهدي تحية أشواقي إلى ملك / يفيض من راحتيه الرزق والأجل
كأن صدري من ضيق ومن حرج / للوافدين إلى أبوابه سبل
وجدت عن كل شيء غائب بدلاً / وليس لي عوض منهم ولا بدل
كم ليلة بات وجدي وهو مشتعل / وخاطري بسواه ليس يشتغل
إذا تذكرت أيامي بحضرته / ضاقت علي فلا سهل ولا جبل
جزنا بساحة عز الدين بابتدرت / من المباسم في أرجائها القبل
وأوهمتنا عطاياه وهيبته / حضوره فاستجد الرعب والأمل
وطال ما غاب ليث الغاب منتقلاً / والرعب في الغاب باق ليس ينتقل
لا تندبن ليلى ولا أطلالها
لا تندبن ليلى ولا أطلالها / يوماً إذا ظعنت بها أجمالها
واندب هديت قصور سادات عفت / قد نالهم ريب الزمان ونالها
درست معالمها لدرس ملوكها / وتغيرت من بعدهم أحوالها
فإذا مررت بربعهم فلتبكهم / واسأله عن نسوانها ورجالها
فلسان حال الربع يخبر أنهم / أفلت كواكبهم وغاب هلالها
كانوا إذا نزل العفاة ببابهم / جادوا لها بالمال قبل سؤالها
وإذا انتضوا أسيافهم يوم الوغى / كانت لها الهامات غمد نصالها
أنبا علي في الورى مشهورة / بالبأس والتقوى وبذل نوالها
يا دهر إن هدمت قواعد مجدهم / فلهم من العلياء رؤوس جبالها
لهم الإمامة والخلافة بعدها / صلحت لهم حقاً وهم أكفا لها
دنا العيد هنيت أمثاله
دنا العيد هنيت أمثاله / وعرفت باليمن إقباله
ولازال ما اقترحته المنى / يجر ببابك أذياله
إلى فخر دولة دين الهدى / بعثت من الشعر جريا له
فتى زان منصب أعمامه / وجمل بالفضل أحواله
هناء وفي طيه حاجة / يبثك فيه أخ حاله
محقرة القدر في جنب ما / ينادى إليه ويدعى له
أدل عليك بها واثقاً / وفضلك يشكر إدلاله
ولو ظميء الغيث لم أسقه / سوالي ولا ذاق سلساله
ولا خير عند صديق الفتى / إذا كان مستغنماً ماله
ومن أثقلته أيادي الرجال / فلا خفف الله أثقاله
فداك على جوده باخل / يقيس بوبلك أسباله
تبهرج في راحتي سبكه / فأولى له ثم أولى له
بعثت له من مصون الكلام / رسولاً تكلفت غرساله
كلام يشرف من قيل فيه / وإن كان ينقص من قاله
كلام يجل ولكنني / أوفيه باسمك إجلاله
فعاد الرسول وفي ثوبه / صديد يدنس سرباله
وأنت الذي في سنا وجهه / جمال تناسب إجماله
إذا ما تعسر قفل السماح / فجاهك يفتح إقفاله
لبس البهاء بسعيك الإسلام
لبس البهاء بسعيك الإسلام / وتجملت بفعالك الأيام
فقت الملوك فضائلاً وفواضلاً / وعزائماً عزت فليس ترام
خطبوا العلاء وقد بذلت صداقها / فنكاحها إلا عليك حرام
النصر من قرناء عزمك فاعزم
النصر من قرناء عزمك فاعزم / والدهر من إسراء حكمك فاحكم
والحزم قبل العزم فاحزم واعزم / وإذا استبان لك الصواب فصمم
واستعمل الرفق الذي هو مكسب / ذكر القلوب وجد وأجمل واحلم
واحرس وسس وأشجع ولز وأنعم / واصل وأعدل وادع واحفظ وارحم
وإذا وعدت فعد بما تقوى على / إنجازه وإذا اصطنعت فتمم
الحمد للعيس بعد العزم والهمم
الحمد للعيس بعد العزم والهمم / حمداً يقوم بما أولت من النعم
لا أجحد الحق عندي للركاب يد / تمنت اللجم منها رتبة الخطم
قربن بعد مزار العز من نظري / حتى رأيت إمام العصر من أمم
ورحن من كعبة البطحاء والحرم / وفداً إلى كعبة المعروف والكرم
فهل درى البيت أني بعد فرقته / ما سرت من حرم إلا إلى حرم
حيث الخلافة مضروب سرادقها / بين النقيضين من عفو ومن نقم
وللإمامة أنوار مقدسة / تجلو البغيضين من ظلم ومن ظلم
وللنبوة آيات تنص لنا / على الحقيقين من حكم ومن حكم
وللمكارم أعلام تعلمنا / مدح الجزيلين من بأس ومن كرم
وللعلى ألسن تثني محامدها / على الحميدين من فعل ومن شيم
وراية الشرف البذاخ ترفعها / يد الرفيعين من مجد ومن همم
أقسمت بالفائز المعصوم معتقداً / فوز النجاة وأجر البر في القسم
لقد حمى الدين والدنيا وأهلهما / وزيره الصالح الفراج للغمم
اللابس الفخر لم ينسج غلائله / إلا يد الصانعين السيف والقلم
وجوده أوجد الأيام ما اقترحت / وجوده أعدم الشاكين للعدم
قد ملكته العوالي رق مملكة / تعير أنف الثريا عزة الشمم
أرى مقاماً عظيم الشأن أوهمني / في يقظتي أنها من جملة الحلم
يوم من العمر لم يخطر على أملي / ولا ترقت إليه رغبة الهمم
ليت الكواكب تدنو لي فأنظمها / عقود مدح فما أرضى لها كلمي
ترى الوزارة فيه وهي باذلة / عند الخلافة نصحاً غير متهم
عواطف علمتنا أن بينهما / قرابة من جميل الرأي والرحم
خليفة ووزير مد عدلهما / ظلاً على مفرق الإسلام والأمم
زيادة النيل نقص عند فيضهما / فما عسى يتعاطى هاطل الديم
نسيب ولكن بالقنا والصوارم
نسيب ولكن بالقنا والصوارم / ومدح ولكن للعلى والمكارم
ومقتضبات من قواف كأنها / جواهر لم تعبث بها كف ناظم
شغلت بأوصاف المظفر خاطراً / يرى مدحه إحدى الفروض اللوازم
فما أحسن التشبيب إلا بذكره / وإن هام قلبي بالسواجي السواجم
وفي كل شيء من شريف عتاده / علاقة مشتاق وسلوة هائم
فإن عرضت لي مقربات جياده / نسيت بها سرب الظباء النواعم
وإن بسمت يوماً بروق سيوفه / ذهلت به عن بارقات المباسم
وإن لمعت في الليل روض نصاله / ذكرت بها زهر النجوم العواتم
أراك إذا قارعت يا بدر خطة / من الدهر لم تقرع لها سن نادم
وإن نزلت في عقوتيك لقيتها / بمجتبك الأراء ماضي العزائم
ولله عزم ليلة السبت أسفرت / صبيحته عن مسفر الوجه باسم
يهون على حديه في نصرة الهدى / لقاؤهما برد السرى والسمائم
طويت بساط الأرض في نصف ليلة / كأنك طيف زار أجفان نائم
تطير بك الجرد العتاق كأنما / قوائمها من سرعة كالقوادم
كتمت السرى حتى كأنك في الدجى / خيال ملم أو سريرة كاتم
سبقت نسيم الريح لما رأيتها / تبلغ أنفاس السها للنعائم
تخوفت منها أن تنم إليهم / بمسراكم والريح أم النمائم
فما استنشقت ريح الصباح خياشم / من القوم إلا والقنا في الخياشم
رميتهم بالصافنات وفوقها / ضراغم لا يفرسن غير الضراغم
إذا اعتقلوا سمر الوشيج حسبتهم / أراقم ينهشن العدى بأراقم
تظنهم في الروع خرساً وبينهم / كلام بأطراف الرماح الهواجم
توهم بهرام ويوسف ضلة / من الرأي لم تخطر على وهم واهم
هما جمعا ضغثاً كثيراً ومنيا / نفوسهما منهم بأضغاث حالم
وقد قسم الرحمن بينهما البلا / بما فعلا والله أعدل قاسم
فهذا له بالأسر فقر وذلة / وهذا له بالقتل حز الغلاصم
وكانا يظنان الظنون جهالة / بمن ألفاه من لفيف الأعاجم
فلما التقى الجمعان بالحي أصبحا / يعضان فها حسرة بالأباهم
وصبحهم بدر بن رزيك معلماً / بجيش كموج الأخضر المتلاطم
كأن اشتعال الرزق في ليل نقعه / كواكب في قطع من الليل فاحم
كأن وميض البيض في جنباته / بروق سرت في عارض متلاطم
وأرسلتها مثل النسور كواسراً / تسوق حماماً نحو سرب الحمائم
صدمتهم منها بجرد صلادم / فصدعهم صدم الجياد الصلادم
طلعت وفيهم نجدة وحمية / وهم بين مهزوم هناك وهازم
وقد منع الأبطال أن لا تزورهم / نبال كمنهل من الوبل ساجم
وفي خيلهم كر وفر وعندهم / طعان وضرب بالقنا واللهاذم
فغادرتهم بالحي صرعى كأنهم / بقية زرع من حصيد وقائم
نثرت بحد السيف ما نظم القنا / هنالك من عقد الطلى والمعاصم
وأدركتهم والأرض واسعة الفضا / فصيرتهم في مثل حلقة خاتم
فأضحوا وهم من بعد غبطة حاسد / لنعمتهم يرجون رحمة راحم
ورحت سليم العرض من كل وصمة / ولكن حد السيف ليس بسالم
ولما رأيت الناس من خيفة الردى / وأوجههم ما بين ساه وساهم
رميت سواد الجيش بالجيش فانجلت / عجاجته عن أرع وجماجم
حملت عليهم حملة فارسية / فمزقت ثوب المأزق المتلاحم
وأوقدت نار الحرب ثم اصطليتها / بعزم مشى في جمرها المتجاحم
وباشرتها جهراً بنفس كريمة / تصان وتفدى بالنفوس الكرائم
فساد كفاه الله منك بمصلح / وداء شفاه الله منك بحاسم
وكم غمة لولا أبو النجم أصبحت / قذى في عيون أو شجاً في حلاقم
ومعضلة جلى دحاها ولم يزل / ملياً بكشف المعضل المتفاقم
وخطب عظيم قام في دفع صدره / وما زال مذخوراً لدفع العظائم
ينادى لأمر لا ينادى وليده / إذا حزم الإشفاق شمل الحيازم
تلقى تميماً حين أقبل طالباً / منى قطعت منه مناط التمائم
وقابله الملك الهمام بعزمة / غدا قاعداً عن مجدها كل قائم
وما افترق الجيشان إلا ورأسه / يميل على غصن من الخط ناعم
وأعوانه عون على ما يسؤوه / وجثمانه طعم النسور الحوائم
وما كان ذاك الجمع إلا غنيمة / لبدر وإلا عدة للهزائم
همام يروع الأسد في كل مأزق / ويصحبه التأييد في كل مأزم
فتى عدمت أيدي الليالي قناته / فألفته أيديهن صلب المعاجم
أخو الحزم ولإقدام مازال عنده / شجاعة هجام وتدبير حازم
تراه غداة الحرب أول طاعن / رعيلاً ويوم السلم آخر طاعم
أفاد جسيمات الأيادي تبرعاً / وخلد ذكر المأثرات الجسائم
أحاديث من حلم وبأس ونائل / تجدد ذكرى السؤدد المتقادم
نسينا بها أخبار قيس بن عاصم / وعمرو بن معدي وكعب وحاتم
ثغر الهدى متبلج بسام
ثغر الهدى متبلج بسام / ووجوه أيام الزمان وسام
عزم الإله لعبده ووليه / عزماً جرت بسعوده الأقلام
ورأى بنور الله عقد صهارة / سعدت به الأخوال والأعمام
لما تعرض حاسدوه لرده / أمضاه كرها والأنوف رغام
وأتم ما فعل الكفيل طلائع / إن البداية حسنها الإتمام
ولئن وفيت لقد وفى لك قبلها / وكفاك إذ خان الكفاة وخاموا
وبدون ما أولاك من إخلاصه / يرعى ذمار بعده وذمام
قد قلت للنفر الذين تعرضوا / بخلاف ما تهوى وأنت إمام
إن الخلافة لا يزال يمدها / من ربها التأييد والإلهام
فإذا قضت بعض القضاء فإنه / برد على كبد الهدى وسلام
أوليس للرحمن فيك سريرة / لم ترق في درجاتها الأوهام
لم تعتقل إلا عقيلة معشر / لعلاك منهم غارب وسنام
أبناء رزيك الذين تكشفت / عنا بهم غمم وجاد غمام
ضموا بشملك شملهم وكأنهم / من إلفة ألف تضم ولام
وغدوتم كالخمس في كف الهدى / والدهر إلا أنك الإبهام
هذا المقام العاضدي مخلد / أبداً عليك ودائم ما داموا
وأبو شجاع كافل لك أنه / حرم على أهل العناد حرام
لزمت ملازمها وأبرم عقدها / ملك إليه النقض والإبرام
العادل بن الصالح الحامي العلى / والشبل يحمي ما حمى الضرغام
ملك يلوح على معاطف ملكه / للناظرين سكينة وعرام
جمع الزمان فرد فضل عنانه / بيد لها الإنعام والإرغام
وتزلزت قدم العلى فأقرها / ثبت تزول لخوفه الأقدام
سهرت جفون سيوفه مذ سلها / فغدت جفون الناس وهي نيام
أهدى إليك هدية ميمونة / بقبولها تتواشج الأرحام
وحفظت سر وديعة علمت بها / أيديكما والواحد العلام
وتسلمتها منه راحتك التي / للدين والدنيا بها استعظام
رحلت من الكنف الذي مازال في / أرجائه لبني الرجاء زحام
كنف يبيت العلم في حجراته / يتلى وتخفق حوله الأعلام
ولقيتها بكرامة من أجلها / قعد الرجال الحاسدون وقاموا
وتبوأت من حسن رأيك منزلاً / لم يعده كرم ولا إكرام
لم يرضك القصر الشريف وقد / شرفاته بالنيرات تقام
فأحلها الإكرام خاطرك الذي / للوحي عنه رحلة ومقام
يهنا أمير المؤمنين مسرة / هناه عنها الملك والإسلام
لو لم يسامح بالهناء عبيده / لنهاهم الإجلال والإعظام
ولو أنه لم يغض عن تقصيرهم / عثرت بذيل قصورها الأفهام
يا عادلاً لولا شريعة عدله / جار الزمان وجارت الحكام
قد كانت الوزراء يسهل عندها / هدم الحطيم لأن يصح حطام
ويبيت بيت المال يشكو جورهم / مما يراق به دم ومدام
حي أزلت بنور عدلك / علة الدنيا فلا ظلم ولا إظلام
حملت لبيت المال عنك ذخائر / ذخرت علاك لمثلها الأيام
ورعيت حق المسلمين رعاية / صلوا بها لك لو أردت وصاموا
راحت أياد من يديك جسيمة / فغدت لك الأرواح والأجسام
وتيقنت أهل البسيطة أنه / بوجود جودك يعدم الإعدام
لو لم تكن بوصي آدم لم يعش / سام ويافث في نداك وحام
يا سادة لولا مناقب مجدهم / ما فض عن مسك الثناء ختام
ألغيت ذكر الشمس إذ لم أرضها / في حقكم والبدر وهو تمام
ومتى تقاس النيرات إليكم / وسعودهن لمثلكم خدام
فبقيتم وعلي حسن ثنائكم / وعليكم الإحسان والإنعام
ولاؤك مفروض على كل مسلم
ولاؤك مفروض على كل مسلم / وحبك في الدارين أفضل مغنم
إذا المرؤ لم يكرم بحبك نفسه / غدا وهو عند الله غير مكرم
ورثت الهدى عن نص عيسى بن حيدر / وفاطمة لا نص عيسى بن مريم
وقال أطيعوا لابن عمي فإنه / أميني على سر الإله الملثم
كذلك وصى المصطفى في ابن عمه / إلى منجد يوم الغدير ومتهم
على يستوي فيه قديم وحادث / وإن كان فضل السبق للمتقدم
ملكت قلوب المسلمين ببيعة / أمدت بعقد من ولائك مبرم
وأوتيت ميراث البسيطة عن أب / وجد مضى عنها ولم يتقسم
لك الحق فيها دون كل منازع / ولو أنه نال السماك بسلم
ولو حفظوا فيك الوصية لم يكن / لغيرك في أقطارها دور درهم
فمنهم فروع في قصي قصية / وأنت ابن بنت المصطفى حين تنتمي
وما كل خضراء الغصون بنبعة / ولا كل عيدان القنا بمقوم
تحملت من ثقل الخلافة ما وهت / قواعد رضوى تحته ويلملم
وجدد من سم الشريعة ما عفا / وأحييت من أعلامها كل معلم
وقمت بعهد الله بين عباده / أميناً وعهد العشر لم يتصرم
ليعلم أن الله جل جلاله / أفادك معنى العلم قبل التعلم
وأنك نور للهدى متجسد / ولست كأجساد من اللحم والدم
وأنك محروس المكانة عنده / حراسة معصوم البصيرة ملهم
ولولا التغالي قلت فيك مقالة / يخلدها في جبهة الدهر ميسمي
ولكن كفاني ذاك أنك خالد ال / مناقب في آي من الذكر محكم
وكل زمان أو مكان رضيتم / به فهو في الإسلام أكرم موسم
فلم تشرف البطحاء لولا صلاتكم / إلى جبهة البيت العتيق المحرم
ولا قدم الشهر المحرم قبل ما / عداه سوى تقديمكم للمحرم
هو العام جاء السعد يحدو ركابه / وقد قدمت أيامه خير مقدم
بداية سعد لا يزال دوامها / يصاحبه الإقبال غير متمم
أما والمقام العاضدي فإنه / أجل يمين في ألية مقسم
لقد جملت أبناء رزيك دولة / جعلت مدار الأمر فيها عليهم
وأضحوا سواراً في يمين زمانها / وسوراً عل الإسلام غير مهدم
وجلوا بنور العدل كل ظلامة / فما أن ترى في الناس من متظلم
وقام بأمر الملك منهم متوج / له بينهم حكم العزيز المحكم
ترى سيماء الملك فوق جبينه / يلوح لعين الناظر المتوسم
مهيب السطى لولا تبسم وجهه / لما كان فوق الأرض من متبسم
تظل المنايا والمنى في زمانه / مقسمة ما بين بؤس وأنعم
فلله مجد صالحي ورثته / وشنشنة نيطت عراها بأخزم
أعرت المنايا شيمة عادلية / وعلمتهن البشر بعد التجهم
فلا الجو من بعد الصباح بمشمس / ولا هو من بعد المساء بمظلم
وكانت نفوس الناس تخشاك قبل أن / ملكت ويجلى كل ظن مرجم
وقالوا أملك قاهر وشبيبة / وصولة شبل طالب ثار ضيغم
فأخلفت ما ظنوا بأحسن سيرة / يفوح بها مسك الثناء من الفم
وقلمت ظفر الشر عنهم فقبلوا / أنامل كف برها لم يقلم
وألفت أشتات القلوب برأفة / حبيب إليها العفو عن كل مجرم
جمعت إلى ما سرها من كرامة / مكارم أوجدن الغنى كل معدم
مواهب لم تفرح بها نفس واهب / سواك ولم تسمح بها كف منعم
غدا لك فيها الحمد من جملة الورى / وللصالح الهادي ثواب الترحم
إذا نحن قلنا ما عسى أن نريده / وقد جزت عن حد الندى والتكرم
صبرت على الأوهام حتى إذا انتهت / أتيت بأخرى لم تكن في التوهم
فقدنا زماناً لست مالك أمره / فما بعد فقد الماء غير التيمم
ولا برحت علياك في كل موسم / معظمة في ذا المقام المعظم
أبا علي وما من حاجة عرضت
أبا علي وما من حاجة عرضت / إلى نداك سوى عتبي على كرمك
صغرت قدر وداد كنت أكبره / حاشا اهتمامك أن يجني على هممك
نفرت بالقسم المبرور ذا ثقة / يدنو إليك وإن قعقعت من لجمك
يفديك يا بن أبي الهيجا ذوو همم / تزل أقدامهم في المجد عن قدمك
عصرت أكباد أهل العصر من أسف / علماً وحلماً ولم تبلغ مدى حكمك
أقسمت بالله خوفاً من معاملتي / وما أبالي وحق الله من قسمك
وكيف أنزل حاجاتي إذا عرضت / بكعبة الجود والبطحاء من حرمك
وما يضل ابن ليل بات يرشده / نور من العلم مشبوب على علمك
يا ملكاً ساحة أبوابه
يا ملكاً ساحة أبوابه / باللثم والتعفير مخدومة
قد اشترى الخادم مملوكة / مليحة الصورة معدومة
ذات فم مطعمه بارد / واست على الأيام محمومة
مزانة بالطبع مصاصة / لكنها ليست بكادومه
قيمتها ستون لكنني / أعوزني الثلث من القيمة
هب النبط لم تعرف طريقاً إلى العلى
هب النبط لم تعرف طريقاً إلى العلى / ولا سمعت أخبار كعب وحاتم
فما لقريش وهي أكبر حجة / نقيم بها شرع الندى والمكارم
تكلفنا بعد الولاء عقوقها / على الضيم أو نقض العرى والعزائم
عسى شيمة الأنباط وهي ذميمة / تغيرها الأسباط من آل هاشم
أمعتسف المهامه والموامي
أمعتسف المهامه والموامي / على قلص سواهم كالسهام
أبن لي ما حداك إلى مرام / تركت به المطايا كالمرامي
أعن مصر أجد بك انتجاع / وطامي النيل يروي كل ظامي
فلا تك مثل منتجع جهاماً / يخلف خلفه صوب الغمام
أملتمساً نوالاً أو ثواباً / تعدهما لفقر أو أثام
علي العاضد الهادي قدير / على الغفران والمنن الجسام
فألق عصا الإقامة في مقام / كرامته تزيد على المقام
ترى الجبهات والأقدام فيه / تفضل بالسجود وبالقيام
ولولا الحظ من أجر وفخر / لما رغمت أنوف في الرغام
وسلم بالسجود على إمام / يجل عن التحية بالسلام
وقبل ترب ساحته فمنها / عرفنا حرمة البيت الحرام
وإن أذنت جلالته عليه / فزاحم إن قدرت على الزحام
لعلك أن ترى في الدست وجهاً / به تشفى العيون من السقام
إذا رفعت ستور الملك عنه / رأيت البدر في الغيم الركام
فهن به الشهور ولا تخصص / بذلك شهر فطر أو صيام
فلولا نص عترته عليها / لما صارت مواسم للأنام
وإن من الغباوة أن تهنى / وأنت الشمس نوراً بالضرام
وهل شهر الصيام سوى هلال / يزورك وافداً في كل عام
جعلت له على شعبان فضلاً / بتحريم المباح من الطعام
وبينهما على التحقيق بون / بعيد لا يؤول إلى التئام
إذا ما تم أدركه محاق / ووجهك دائماً بدر التمام
يعود من الكمال إلى انتقاص / ويصحبك الكمال على الدوام
ولو ذهب المحاق به عرفنا / برؤيتك الحلال من الحرام
سموت على الهناء بكل شيء / سوى أيام كافلك الهمام
فإن حياته أسنى العطايا / إذا عدنا لتحقيق الكلام
لئن نظمت ليالي الملك عقداً / عليك فإنه سلك النظام
وإن شرفت صفاتك فهو منها / بمنزلة الوفاء من الذمام
رعى حرم الخلافة منه طرف / طريف عنده خبر المنام
وحاط سوامها من كل خطب / فيا لله من راعي سوام
وباشر عند نصرتها المنايا / مباشرة اصطلاء واصطلام
وناط وراءها بعرى وفاء / تصان عن انفصال وانفصام
جعلت زمام أمرك في يديه / فرد عليك تدبير الزمام
وأسندت الأمور إلى عظيم / يكشف غمة الكرب العظام
فأصلح فاسد الأيام حتى / أعاد قطوبهن إلى ابتسام
وداوى علة الدنيا بعزم / شفى الدنيا من الداء العقام
وأيد ملكه بأبي شجاع / وذلك من تمام الاهتمام
فأسفر وجه ملك عاضدي / يشار به إلى عضد الإمام
تعطلت العلى منه إلى من / يشرف سامي الرتب السوامي
بنى بالناصر المحيي مناراً / تقطع دونه نفس الكرام
ولم يك نص والده عليه / بذلك رمية من غير رام
وذلك رأي محتبك خبير / يجلي رأيه سدف الظلام
يرى الأشياء من أمم بفكر / يريه كل خلف من أمام
تبيت بأمره الأقدار فينا / توزع بين عفو وانتقام
إذا ما الحلم خفض من سطاه / مشت بين السكينة والعرام
به طالت بنو رزيك باعاً / على الحيين من يمن وشام
ملوك علموا همم القوافي / ترفعها عن النفر اللئام
اقصر من عنان المدح فيهم / فيغلبني ويجمح بي لجامي
وأستر شكرهم خجلاً فيبدو / وعرف المسك ينفح في الختام
لقد حسنت بدولتهم ليال / كأن الناس منها في منام
فلا أشرفن قط على انصراف / ولا أفضين قط على انصرام
خلعت عليك مواسم الأيام
خلعت عليك مواسم الأيام / حلي الجلال وحلة الإعظام
يمحو المحاق البدر عند تمامه / ونراك طول الدهر بدر تمام
جلت الخلافة منك فوق سريرها / كنز الهدى وذخيرة الإسلام
وبقية الله التي ببقائها / تجري الأمور على أتم نظام
بالعاضد المهدي قدس ذكره / صحت لنا الأيام بعد سقام
لذنا بحبل ولائه فكأنما / لذنا بركني يذبل وشبام
متمسكين ببيعة ضمنت لنا / عنه بمحو صحائف الآثام
أحيا بعصمتها القلوب وإنما / أجرى بها الأرواح في الأجسام
متحدر من نسل حيدر طاهر / إن الطهور العذب نسل غمام
ترنو إليه نواظر لو لم تنم / في ظله لم يكتحل بمنام
شاهدته لم أدر هل شاهدته / بمقام ملك أم بدار مقام
حجبت جلالة قدره أبصارنا / واستأذنت لبصائر الأفهام
يا سائلي عن موقف الشرف الذي / لم يخل من مكرم ولا إكرام
ما فوق وجه الأرض من تسمو به / الدنيا سوى هذا المقام السامي
هذا ابن مقتلع الدروب بخيبر / في الله وابن مكسر الأصنام
هذا ابن بنت المصطفى وبنو الفتى / أولى من الأصحاب والأعمام
هذا الذي حسدت ثرياه الثرى / حسد الجباه مواطئ الأقدام
زاحم لعلك أن تفوز بنظرة / منه فتحرز أوفر الأقسام
واجعل سلامك بالسجود فإنه / ليجل قدراً عن خطاب سلام
وامنع لسانك أن يهنئ مجده / بهلال فطر أو هلال صيام
واعكس فهن بفضله أيامه / فبه عرفنا حرمة الأيام
أقسمت بالملك الشهيد طلائع / وكفى به قسماً من الأقسام
لو لم يكن رمضان شهر كرامة / يقضى له بخصائص الإكرام
لأنفت من تاريخه وسلبته / ذكر الفضيلة من شهور العام
ووسمته بملامتي وجعلته / هدفاً لكل مذمة وملام
ولقلت إن الصوم ليس بواجب / فيه وأن الفطر غير حرام
إنه ليحزنني طلوع هلاله / وطلائع رهن الصدى والهام
وأحب شعباناً لأني لا أرى / منه إلى شوال غير ظلام
بل الرحيق ثراك من مستشهد / ظامي وبحر نداه عذب طامي
ومن العظائم أن سلوتك بعدما / روى نداك مفاصلي وعظامي
سن ابن ملجم سنة أحييتها / يا ابن القوام بصائم قوام
فقضى عليك أبو شجاع كما / لأخيك خير خليفة وإمام
ذقت الحمام كما أذقت ولستما / سيين لولا العدل في الأحكام
ولقد طويت حياة أروع لم يزل / مغرى بنشر العلم والأعلام
أطفأت نور الله إلا أنه / أطفاك من لفحاته بضرام
أظننت أن الغاب ليس بمسبع / الجنبات من شبل ومن ضرغام
حلت بنو رزيك من ثبج العلى / ما عز من مرمى وبعد مرام
تعلو وتغلو رتبة هم أهلها / أبداً على السامي أو المتسامي
فليسل عن هذا المدى من غره / طمع المنى ووساوس الأوهام
ليس الزمان بصالح إلا على / تدبيرهم في النقض والإبرام
علقت مقاليد الكفالة منهم / بمؤيد الآراء والإلهام
ذخر الأئمة والمؤهل مذ نشا / لكفالة الخلفاء والحكام
يرتاح صدر الدست منه بمالك / لفضائل الأسياف والأقلام
شفع الشبيبة بالوقار وزانها / فالدهر بين سكينة وعرام
يبدي الكواكب في المواكب كلما / مدت على الإصباح ليل قتام
بذوابل وصوارم من شأنها / نظم الطلى أبداً ونثر الهام
ويحاط شمل الملك منه بصولة / إذا اشتد الوطي الحامي
قل للخلافة لا خلاف وقد غدا / عنها الكفيل أبو الشجاع يحامي
ولقد أعز مرام بيعتك التي / أضحى يناضل دونها ويرامي
وكفاك أمر النائبات بعزمة / خزمت أنوف عداك بالإرغام
قطعت رجاء الخارجي عليكم / وصحابها من سكرة الأحلام
أذكى العيون على عدوك ضابطاً / أنفاسه في يقظة ومنام
حتى أتتك به السعادة راكباً / متن الصباح وصهوة الإطلام
فتح الفتوح أتاك من يد كافل / لم يرض منة ذابل وحسام
فاسأل إلهك أن يديم حياته / لك ألف عام بعد هذا العام
شكا ألم التوديع وهو أليم
شكا ألم التوديع وهو أليم / محب بروعات الفراق عليم
وذم حميد العيش من بعد راحل / صحيح الأماني أو يعود سقيم
أفي مثل عز الدين تفجعنا النوى / ولا يغتدي فوق الوجوه وجوم
أغر له من بيت عامر سؤدد / له المجد منه حادث وقديم
نودع من عالي ركابيه حضرة / لها الحمد منه ظاعن ومقيم
مضت معه الأرواح فاستوحشت لها / معالم من أجسادنا ورسوم
فأنت حياة ليس من دونها غنى / وأنت حياً هام ونحن هشيم
ألا حبذا في العمر يوم وليلة / يهب لنا بالقرب منك نسيم
ونثلم من بعد الثرى بطن راحة / أناملها فوق الغيوم غيوم
وما للغنى أزمعت بيناً وإنما / غناؤك في الخطب العظيم عظيم
وأنت الذي مازال في كل حادث / يجلي سواد الخطب وهو بهيم
وأقسم ما فوق البسيطة جاهل / بأنك للملك العقيم قسيم
وأنك من أقوى قواعده التي / بها مقعد عند العدى ومقيم
فأوص بنا صرف الزمان فإنه / لئيم وإن أوصيته فكريم
كن لي على شكر ما أوليت من نعم
كن لي على شكر ما أوليت من نعم / عوناً فإني بحق الشكر لم أقم
أولا فأرشد إلى ما تستحق فقد / أقررت بالعجز عنه غير محتشم
ولو نظمت النجوم النيرات إذاً / قلت فكيف ولم أنظم سوى الكلم
سمت ببدر بن رزيك وهمته / ذوائب المجد فاستعلت ذرى الهمم
متوج تخدم الأملاك ساحته / لثماً ويلقى الأعادي غير ملتثم
قد جرب الدهر منه في وقائعه / قرماً صوارمه تشكو من القرم
مقسم الفكر في بأس ومكرمة / موزع الرأي بين العفو والنقم
قد حالف النصر والتأييد صارمه / فما يريق دماً إلا لحقن دم
كم ظفر نائبة في الدهر قلمها / عزم المظفر بالصمصام والقلم
وموقف ينثر الهندي ما نظمت / فيه الأسنة من أشلاء كل كمي
غدوت يا فارس الإسلام فارسه ال / مشهور بالكر في مستبهم البهم
تقدمت بك فيه عزمة حلفت / لا تثني أو تلم البيض باللمم
لما رأيت الطلى والبيض قد جمعا / جمعاً به فرقة الأرواح للرمم
نادت صفاحك صفحاً عند قدرتها / والأسد تأنف من لحم على وضم
وعدت عنه ونور الفتح مشتعل / عن جانبيك ومن خلف ومن أمم
ورب نازلة شمرت مجتهداً / في كشف غمتها عن كاشف الغمم
فعل الوصي علي بالنبي وقد / همت بحرمته الكفار في الحرم
مواطن نبت فيها عند غيبته / عنها ولست على غيب بمتهم
بنيت بالسيف مجداً قال شامخه / إن العماد عماد غير منهدم
نجل كريم رأينا من نجابته / حكم الكهول ولم يبلغ مدى الحلم
شبيه مجدك في خلق وفي خلق / والشبل كالليث في بطش وفي قحم
أخو النجوم التي بالسعد طالعها / بدر يجلي سواد الظلم والظلم
ملك تظل الخطايا وهي عايذة / من عفوه بمقيل عثرة القدم
له الصوارم مازلت مضاربها / يخطبن عنه غداة الروع في القمم
وكل سابغة المضمار ما برحت / آذانها في الوغى تغني عن اللجم
والمكرمات التي ما نال أيسرها / مؤمل قط من كعب ومن هرم
قد خصه الله بالنعمى فعم بها / أثرى البرية والمثري من العدم
في وجهه ويديه من سنى وحيا / ما في الغمامة من ماء ومن ضرم
فما يريك جبيناً غير منطلق / ولا بنان يمين غير منسجم
لو أقسم الغيث يوماً أن يصافحني / نابت أنامل بدر عنه في القسم
جاورت منه كريماً لا بوائقه / تخشى ولا جاره يوماً بمنهضم
لو لم أشاهد بعيني مجد شيمته / ما كنت أعرف معنى الجد والشيم
لا عرفه ببعيد عن مؤمله / ولا معارفه مذمومة الذمم
إذا تهلل بشراً واستهل ندى / أدل قاصده إدلال ذي رحم
لم يخدم الدهر والأيام لي أملاً / حتى غدوت له من جملة الخدم
قد كثرت عدد الحساد أنعمه / عندي وما كثر الحساد كالنعم
كم رحت منه أجر الذيل من خلع / أعلامها كرياض الحزن والعلم
أختال ما بين إنعام وتكرمة / يكل عن شكرها المفروض كل فم
إن كنت أحسنت فالإحسان أنطقني / والشكر في نفحات الروض للديم
شكر القوافي على مقدار ما شربت / من خمرة عصرت من كرمة الكرم
فإن بدا لك من ألفاظها طرب / فهز عطفي معانيها فلا تلم
سهلت حزونة وجده وغرامه
سهلت حزونة وجده وغرامه / من بعد شرة شوقه وعرامه
صب تحامته الصبابة بعدما / ملكت يد الأشواق فضل زمامه
وإذا انطوى برد الشباب عن الفتى / لم ترع غانية عهود ذمامه
خلق من الأيام أن أخا الصبا / من عمره في يقظة كمنامه
والدهر لا يسقيك حلو رضاعه / إلا ويعقبه بمر فطامه
فإذا دجا الليل البهيم ولم تجد / لك ملجأ من ظلمه وظلامه
فتلق بادرة الزمان ببدره / واصرف هموم صروفه بهمامه
بمؤيد تسري الجيوش وراءه / ويسير جيش الرعب من قدامه
والنصر يلمع من ظبى أسيافه / والفتح يعلم من ذرى أعلامه
ملك ترى الأملاك تسجد خيفة / منه وترغم عند لثم رغامه
ذلت لعز متوج من يعرب / تتصاغر العظماء من إعظامه
يجري القضاء بمقتضى إيثاره / في نقضه طوراً وفي إبرامه
يفتر يغر الدست حين يحله / عن أبلج طلق الندى بسامه
هو عمدة الملك العقيم وذخره ال / باقي وجامع شمله ونظامه
وكأن در التاج حول جبينه / زهر تحف البدر عنه تمامه
وحسامه الماضي وهضبة عزه / العليا وذروة مجده وسنامه
وإذا طرا خطب فليس معول / إلا على تشميره وقيامه
ملك سمت غسان بالشرفين من / أجداده قدماً ومن أعمامه
حازت به قصب الرهان وأحرزت / حظ المعلى من قداح سهامه
أضحت صحائف كتبه كصفاحه / فتكاً وغرب لسانه كحسامه
كتب تراع بها الكتائب كلما / صدرت إلى الإقليم عن أقلامه
ومهابة أغناه شائع ذكرها / وكفاه يوم الروع جر لهامه
ومواقف وقف الحمام مخبراً / عن كره فيها وعن إقدامه
يلقى المدرع في الكريهة حاسراً / متلثماً بالنقع فوق لثامه
وكتائب التأييد محدقة به / أنى أتى من خلفه وأمامه
كم للمظفر من مقام أبيض / يجلو صباح النصر ليل قتامه
ومنافق شمخ النفاق بأنفه / وسرت رقى الشيطان في أوهامه
رامت عزائمه العلى واعتاقه / عزم المظفر عن بلوغ مرامه
ليث حبيك السابري عرينه / ومثقفات السمر من آجامه
قسم الندى والبأس قسمة عادل / لم يرض حكم الجور في أحكامه
فيصول في العزمات حد حسامه / ويصوب في الزمات وبل غمامه
والحرب يشقى أسدها بطعانه / والسلم ينعم وفدها بطعامه
تردى الجياد القب حول قبابه / وتخيم الآمال عند خيامه
حرم أقام الجود أركان الندى / ما بين ركنيه وبين مقامه
يرعى سوام الظن نبت جميمه / الأمرى ويكرع من نمير جمامه
لا ذنب عندي للزمان وقد غدا / بدر بن رزيك كريم كرامه
لمت الزمان فلم تزل أقدامه / حتى غفرت به ذنوب لئامه
أنكرت معنى البخل منذ عرفته / وعرفت معنى الجود من إنعامه
أملت قاصية الغنى فبلغتها / وخدمت حين غدوت من خدامه
وتيقنت نوب الليالي أنني / لا أتقي الأيام في أيامه
وأنالني الشرف الرفيع وجاوز ال / أمل الذي حاولت من إكرامه
أغنى ابتداء نداء عن قولي له / ما أحوج البادي إلى إتمامه
وسقى غليل الحظ بعد أوامه / وشفى عليل المدح بعد سقامه
وحللت منه بذروة العز الذي / يعلو الحلول به علي مقامه
فرأيت رب الملك حين رأيته / وسمعت ما يملي شريف كلامه
يا فارس الإسلام دعوة خادم / أعدمته الموجود من إعدامه
هنيت من رجب قدوم سعادة / قدمت بأجر صيامه وقيامه
شهر أطعت الله في حراماته / ورعيت حق حلاله وحرامه
لازلت في المولى العماد مبلغاً / ما ترجيه ممتعاً بدوامه
تستقبل العمر السعيد مجدداً / بالسعد ما أبليت من أعوامه