المجموع : 504
يا حافظاً تشهدُ أخلاقُه
يا حافظاً تشهدُ أخلاقُه / بأنه قد طابَ أعراقا
ومن غدا ثانيَ شمسِ الضُحى / عُلوّ مقدارٍ وإشراقا
إن فُقْتَ أهلَ الأرضِ عِلماً فقد / أنفقتَ فيه العُمرَ إنفاقا
وجدْتَ جودَ الغيثِ لما انْبرى / يُلحُّ إرعاداً وإبراقا
قد جمُدَ الجاري وعَيشي كما / تراه يا مولاي قد ضاقا
فجُدْ بتعجيلكَ لي بعضَه / أنْفِقُه في القوتِ إنفاقا
لقد غدا غُصْني سليباً فهل / تُلبِسُه جدواكَ أوراقا
إليك تُشدُّ في العلمِ الرِّحالُ
إليك تُشدُّ في العلمِ الرِّحالُ / ومنك الجاهُ يُرجى والنّوالُ
وأنت الحافظُ الحبْرُ المعلّى / ومَنْ للدين والدنيا جمالُ
جمعْتَ الحُسنَيَيْن وأنت فردٌ / فما لك في الورى طُرّاً مثالُ
وما لك مثلُ جاهِك مستَباحٌ / وعِرضُك مثل فخرِك لا يُنالُ
ويُرضيكَ السؤالُ إذا سألنا / وبعضُ القوم يُغضِبُه السّؤالُ
ولي رسمٌ عليك ولا دِفاعٌ / لديك تصدُّ عنه ولا مِطالُ
ولما أن تأخّر طِبْتُ عيشاً / فقد تُستبطأُ السُحُبُ الثّقالُ
كتبتُ إليك في ظهرٍ لأني / فقيرٌ ليس لي واللهِ مالُ
وهذي قصّتي وإليك أشكو / ومني القولُ ثم لك الفَعالُ
فأبقاك المهيمنُ في نعيمٍ / وعزٍّ ما لَه أبداً زَوالُ
يا حافظَ الدينِ الذي
يا حافظَ الدينِ الذي / أصبح فرداً علَما
ومنْ سحابُ جودِه / على الأنامِ قد هَمى
أطلَعْتَ في شمسِ العُلا / بالمكرماتِ أنجُما
وجُدْتَ حتى لم تدعْ / من يتشكّى عدَما
الله قد عافى بك ال / مَجْدَ معاً والكَرَما
فالحمدُ لله الذي / أذهبَ عنّا الألما
أصبحْتُ لا أملكُ ما / بين الأنامِ دِرْهَما
فاجعَلْ نداكَ مُنعِماً / لجَرْح فَقري مَرْهَما
وابقَ سعيداً مُسعداً / موفّقاً مُسلَّما
يا مُجيري من صرفِ دهرٍ أذلاّ
يا مُجيري من صرفِ دهرٍ أذلاّ / وعمادي الأعلى وقِدْحي المُعلّى
أنا بالباب أشتكي لك ما صا / دفَ وما به الآن حلاّ
أيها الحَبرُ ليس عندي حِبرٌ / واشتغالي من البطالةِ أولى
وأنا والمقامِ والبيتِ والرك / نِ يميناً وزمزمٍ والمصلّى
ليس في ذا الأنام من يرقُب ال / آنَ إذا ما أتيتُه فيّ إلا
عينُ علياكَ أيها الحافظ الحب / رُ لم يَقُل لمنتجِع لا
فأنِلْني واسلَمْ ودُمْ ما دَجا اللي / لُ على ذي بصيرةٍ وتجلّى
زادكَ الله جلالا
زادكَ الله جلالا / وبهاءً وكمالا
فلقد فاضَتْ يمينا / ك على العافي نوالا
ولقد قابلَ جدوى / كفِّك العُدْمَ فزالا
ولقد لُحْتَ لنا في / أفقِ المجدِ هِلالا
أيها الحافظُ لم تُلْ / فِ لك العينُ مِثالا
رُكنُ عزّي بعد تشيي / دٍ لعمرو الله مالا
وأرى حاليَ عمّا / كنتَ ترضى لي حالا
وأجِرْني وابقَ في عزٍّ / رفيعٍ لن يُنالا
يا أيها الملِكُ الذي
يا أيها الملِكُ الذي / أضحَتْ ملوكُ الأرض دونَهْ
والمُعتَلى شرفاً يودّ / النجمُ جَهداً أن يكونَهْ
ولَياسرَ بن بلالٍ ال / مُختصُّ بالمِدَح المصونَه
حُزْتَ الكمالَ فردّ عن / كَ الله مقتدراً عُيونَهْ
مملوكُ خِدمتك الذي / أبكارَه أهدى وعونَه
قد جاءَه حفْصانِ من / مِصرٍ وآخرُ للمؤونَهْ
فامْنُنْ بأمرك لا عدم / نا كافَه أبداً ونونَهْ
ولا برحَتْ تولي جميلاً وتقتفي
ولا برحَتْ تولي جميلاً وتقتفي / لأسلافِها في المكرماتِ سبيلا
وتخفِضُ بالسيفِ الصقيلِ معانِداً / وترفعُ بالفعلِ الجميلِ خَليلا
دون ذاك الكناسِ بالسّفْحِ غِيلُ
دون ذاك الكناسِ بالسّفْحِ غِيلُ / وعلى ذلك القطيعِ رعيلُ
وفؤادُ المحب يهفو به البر / قُ وتهفو له القنا والنّصولُ
جوهرُ المرءِ نفسُه وبها الفض / لُ وما غيرَ ذاك فهْوَ فُضولُ
قد يعز الفتى وجانبه السّهْلُ /
لم يحطّ الليوثَ بالسّفحِ نقصٌ / نظمَتْهُ على الوعورِ الوُعولُ
إن ترَيْني انخفضْتُ وارتفع النا / سُ فذاك العُلوّ هذا النّزول
والصغيرُ الحقيرُ يسمو به السيْ / رُ فيعنو له الكبيرُ الجليلُ
فرْزَنَ البيدقَ التنقّلُ حتى ان / حطّ عنه في قيمةِ الدِّسْتِ فيلُ
الحمدُ لله ليس لي نشَبُ
الحمدُ لله ليس لي نشَبُ / لا وَرِقٌ حُزتُه ولا ذهَبُ
فخفّ ظهري منه وقلّ أذى / وِزْري فما فيّ لامرئٍ أرَبُ
فمَنْ رآني فقد أحاطَ بما / في الدارِ عِلماً هذا هو العجَبُ
سراجيَ البدرُ بالعشيّ وإنْ / أنامُ ليلاً وسادَتي خشَبُ
وخيمتي خيمةٌ بلا عَمَدٍ / ولا لها قبّةٌ ولا طُنُبُ
فلستُ أخسى اللصوصَ إن قطَنوا / في منزلي ما حييتُ أو ذهبوا
وقد أتيت الإمامَ أحمدَ مَن / له النُهى والجلاُ والحسبُ
وسيلتي جودُ كفّه فله / في بذْلِه الجَوْدِ للورى أرَبُ
جاد فمن دون جودِه السُحُبُ / ثمّ تعالى فدونه الشُهُبُ
يقصُرُ عنه ثوبُ الثّنا وعلى / سواهُ عند الإياسِ ينسحِبُ
له صِفاتٌ لم تجتمِعْ لفتًى / سواهُ حقاً كذا العُلى رُتَبُ
دار عليها مديحُنا فغدَتْ / بالله تُلفى كأنها قُطُب
مدحْتُه صادقاً وإن مدحَ الن / اسُ سواهُ يوماً فقد كذَبوا
له يدٌ تسكبُ النوالَ كما / تسكُب في الأرض ماءَها السحُب
بطونُ أيدي الرجالِ فقد مُلئَتْ / منه ومن مأثراتِه الكُتُب
يا أيها الحافظُ الذي حفظ الش / رْعَ لك العِلمُ ثمّتَ الأدبُ
بقيتَ في الفضلِ دائماً أبداً / فأنتَ للفضلِ ما حييتَ أبُ
دع عنك ذكرَ منزلٍ بالأبرقِ
دع عنك ذكرَ منزلٍ بالأبرقِ / أماته حَيا السحابِ المُغدِقِ
وكلّ ريحٍ دائبٍ مصفّقِ / فصار بعد جِدّةٍ في خلَقِ
فإنما العيشُ حُداءُ الأينُقِ / وقطْعُ كلّ مهمهٍ منخَرِق
بمُقرَبٍ أدهمَ ذي تَلهوقِ / وشرطِ الوغى صهْصَلَقِ
آباؤه من بعض خيل يلبَقِ / أقبّ نهدٍ صلِفٍ ذي أولَقِ
أو أبيضٍ مثلَ ابيضاضِ المبرق / تحسَبُه في الليلِ ضوءَ الفلَقِ
ومرهَفٍ يَفري كثيفَ الحلَقِ / لا تُتّقى ضربَتُه بالدّرَقِ
يختطِفُ الألحاظَ حُسنَ رونقِ / وأسحمِ اللونِ أحمّ غدِق
تحسَبُه كالليلِ لو لم يبرُقِ / لما حواهُ من حَياً مفرِّق
فعلَ الإمامِ الحافظِ الموفّقِ / القائل الفاعلِ شمسِ المَشرِق
بابُ العطاءِ عندَه لم يُغلَق / قليلُه مثلُ الخضمِّ المتأقِ
فاز كآباءٍ له بالسّبقِ / فقُلِّد الجودَ مكانَ الرّبَقِ
فهو على أعراضِه كالخندَقِ / ما دُنِّسَتْ أعراضُه بالرّنقِ
فردٌ وفي الشدة مثلُ الفيلقِ / ومقتدي مذْ كان كلِّ الفِرَقِ
يا سيّداً أمثالُه لم تُخلَقِ / ثوبي علاهُ وسخٌ كالغسَقِ
أعراضُ من عاداكَ منه تستقي / وإنّني أصبحتُ أوفى مُمْلِقِ
لا زلتَ في سعادةٍ لم تُخلِق / تلبَسُ من بُرْدِ الفخارِ المونِقِ
ما قابلَ المغربُ وجهَ المشرِقِ /
قُل للإمامِ الذي فضائلُه
قُل للإمامِ الذي فضائلُه / أقلُّها لا يُحدُّ بالعدَدِ
يا حافظاً تُصبحُ البحارُ إذا / قيسَتْ بجدوى يديهِ كالزّبَدِ
قد دنتِ الشمسُ منك مسرعةً / فسِرْ الى الظّلِّ غيرَ متّئِدِ
ولستُ أخشى عليك من ضررٍ / يوهِنُ بالمسِّ صحّةَ الجسَدِ
لكنني والذي يُديمُ لك الت / وفيقَ منه في الأهلِ والولَدِ
خِفْتُ على الشمسِ أن تراكَ فتسْ / وَدَّ سريعاً من شدّةِ الحسَدِ
يا عالي القدْرِ عاليَ السّندِ / وداني الرِّفْدِ دانيَ الصّفَدِ
أرى نداك الكريمَ ذا بخَلٍ / فينا ووِرْدَ البحارِ كالثّمَدِ
سيّدُنا الحَبْرُ كفُّه أبداً
سيّدُنا الحَبْرُ كفُّه أبداً / تفيضُ فيضَ الحيا لمنتجعِهْ
عمّ الرُبى فالوهادَ نائلُه / الى أعالي الوادي الى جزَعِهْ
مجتمَعُ الفضل نفسُه أبدا / وأعظمُ السيلِ عند مجتمَعِهْ
ترى الأعادي تخافُ سطوتَه / ومن رأى الغيلَ خافَ من سبُعِهْ
قد قلتُ لما رأيتُه جذِلاً / نال المرجّي ما كان في طمعِهْ
وملبسٍ قد شريْتُه لدِفا / عِ الحرِّ رحْبِ التفصيلِ متّسعِهْ
جعلْتُه للزمانِ يصلُحُ للص / يفِ ويحكي أيامَ مرتَبَعِهْ
كالآلِ في النّعْتِ كالضّياءِ كسح / ا البَيْضِ يبدو كالبرقِ في لُمَعِهْ
تُروّعُ الريحُ منه قعقعةً / تُذلِّهُ دائماً لمُدّرِعِهْ
ألبسُه ما حَييتُ مفتخراً / أيامَ أعيادِه وفي جُمعِهْ
إن لم تُعنّي على الفكاكِ فما / أصنَعُه في تسهيلِ ممتَنِعِهْ
عجّلْ بجدوى يديكَ مجتهداً / فإنّ خير العطاءِ في سرَعِهْ
ولا تكِلْني الى سواكَ فمَنْ / سواكَ عدّ الطعامَ من سِلَعِهْ
تراهُ مثل السّرابِ يظهرُ في / تخييلِه دائماً وفي خُدَعِه
لا يقصدُ المرءُ عند حاجتِه / إلا كريماً قد باتَ من شِيَعِهْ
وسوف أكسو عُلاكَ من خِلع ال / قريضِ أغلى ما حيكَ من خِلَعِهْ
تحبّ ما قد كسوْتَني أعيُنُ الر / ائي وهذا أوانُ مُستَمِعِهْ
أيها اللائم لُمْ غي
أيها اللائم لُمْ غي / ريَ فيما قد أتَينا
وأْمُرِ الطائعَ بالهَجْ / رِ فإنا قد أبَيْنا
هل تراني أقتضي من / قمَرٍ يُزهِرُ دَيْنا
أهيفِ القدّ غريرٍ / يُشبِهُ الغُصْنَ اللُجَيْنا
ذي عذارٍ قد مشى من / فوق خدّيْه الهُوينى
وجفونٍ ساحراتٍ / مذ رأيناها تَوينا
ما اقتضيْنا منه دَيناً / غيرَ أنّا قد قضَيْنا
وبلادٍ موحشاتٍ / مثلَها ما إن رأينا
قد شقَقْناها بعَوْجا / ءَ تَعدُّ الصّعْبَ هيْنا
والى الحافظِ تلك ال / أرضَ من شرقٍ طَوَينا
مَنْ له الفضلُ علينا / وله الحُسْنى لدَينا
من هو الثوري في النا / سِ إذا قال رَوَيْنا
والبخاريّ مع الصّد / قِ متى أمليَ علَيْنا
وابنُ إدريسَ لدى التد / ريسِ ما قال وعَيْنا
وإذا حدّ لنا أم / راً الى الأمرِ جرَيْنا
ومتى ما قد نَهى عن / هُ انتهَيْنا وارعَوَيْنا
أيها الصاحبُ قل لي / مثلُه في الأرض أيْنا
كفُّه بالمالِ حقاً / لا تقُلْ زوراً ومَيْنا
للبرايا انْبجسَتْ من / ه اثنَتا عشرةَ عَينا
حاطهُ الله تعالى / للورى كهفاً وزَيْنا
كي يرى في كل من يحْ / سُدُه عيباً وشَيْنا
للمرءِ قبلَ سماعِ وعظِ الواعظِ
للمرءِ قبلَ سماعِ وعظِ الواعظِ / من نفسه تبدو أجلُّ مواعظِ
فاطلُبْ طريقَ العدلِ لا تعدلْ مدى ال / أيامِ عنه وقل لنفسك حافظي
واكنُفْ لحاظَك ما حييتَ فكم جوًى / أذكَتْهُ في الأحشاءِ لحظةُ لاحِظِ
يا طالباً للكيمياءِ أقِلّ قد / أصبحتَ ويْكَ حليفَ عيشٍ باهظِ
ما صحّ علمُ الكيمياءِ لغيرِ مُد / احِ الإمام الأريحيّ الحافظِ
يعطيهمُ الأموالَ إذ يُعطونَه / لفظاً وما مقدارُ لفظِ اللافظِ
في حِلمِ أحنفَ يستبينُ وفي توا / ليف ابنِ بحرٍ ذي العلوم الجاحظِ
يُحيي الثناءَ وغيرُه في غفلةٍ / عنه وما المُشْتارُ مثل القارظِ
دامَ الزمانُ على الثواب محافظاً / وعلى ارتكابِ الإثْمِ غير محافظِ
مولايَ عبدُك يشتكي
مولايَ عبدُك يشتكي / ضعفاً يضاعِفُهُ بِعادُكْ
وودادُه لك ما علم / تَ فلَمْ يناقِضُهُ ودادُكْ
ولقد يظنّ فؤادُه / أشياءَ أضمرَها فؤادُكْ
فبحقّ من جعلَ العُلا / سوطاً تحُثّ به جيادُكْ
ورآكَ معدومَ النظي / رِ يَبينُ بالفضلِ انفرادُك
انظُرْ إليه فلم يكنْ / ذهباً يُبهرِجُه انتقادُك
هو روضةٌ حاشاكَ أنْ / تذوي وساقِيها عِهادُك
ومُرادُ شكرٍ لم يزلْ / يجري بما يهوى مُرادُك
ويَريبه الإخلالُ من / كَ وإنما الإخلالُ عادُكْ
مهلاً أبا الحسَنِ الذي / لم يكْبُ في كرَمٍ جوادُكْ
قل لي أطَرْدُك لي بذا ال / إعراضِ عنّي أمْ طِرادُك
أم صحّ ما قال الوُشا / ةُ بما استرابَ به اعتِقادُك
إن كان ذاك فأنْجَدَ ال / أعداءَ في قتلي نِجادُك
وتنكّرَتْ في مقلتيّ / وأنت في سعدٍ بلادُكْ
في حيثُ لا يُروي سحا / بُكَ لي ولا يُوري زِنادُك
قِفْ بقَفْراءَ يبابِ
قِفْ بقَفْراءَ يبابِ / بأبابات إيابِ
دمنةٌ أقوَتْ فأضحتْ / مثلَ أثارِ الخِضابِ
قفْ بها إن كنتَ صبّاً / مُستهاماً ذا اكتِئابِ
وابْكِ فيها بدموعٍ / مثلُها دمعُ السّحابِ
هل عرفتَ الدارَ قفراً / تتراءى كالسّرابِ
لبسَتْ ثوبَ نحولٍ / بعد أعرابٍ عِرابِ
بعد جُمْلٍ وسُعادٍ / وسُليمى ورَبابِ
إن جملاً وسعاداً / عرّضاني للعِتاب
تركا قلبي كئيباً / ودموعي كالرّبابِ
بعد أن أقبل شيبي / ومضى شرخُ شبابي
هنّ كالشّمس وجوهاً / وخدوداً كالشّرابِ
وثغوراً مصلَ سِلْكِ الد / رِّ من تحت الرُّضابِ
مشرقاتٍ حبّذاها / تحتَ أرياقٍ عِذابِ
عذُبَتْ ليستْ بملحٍ / فهْيَ كالشُّهْدِ المُذابِ
وبأجيادٍ كأجيا / دِ ظباءٍ في شِعابِ
وبرمّان صدورٍ / تركَتْني في عذابِ
وخُصورٍ نحُفَتْ من / فوق أعجازٍ روابي
فتفرّقْنا جميعاً / بعد ذاك الإصطحابِ
ربَّ أيامٍ شربنا / خمرةً مثلَ الشِّهابِ
قهوةً تذهبُ بالحِقْ / دِ لَعمْري والضِّبابِ
في رياضٍ معجِباتٍ / رقْمِ أنداءِ السَّحابِ
فترى الزّهْرَ إذا اهتزّ / كموجٍ في انصِبابِ
من شقيقٍ ذي احمرارٍ / كدماءٍ في قِعابِ
إلي ذلك يصبو / كلّ وقتٍ كلُّ صابِ
ولقد سِرْتُ بأرضٍ / مهمَهٍ ذاتِ هِضابِ
وقلاعٍ وتلالٍ / وفِجاجٍ ورَوابي
ورئالٍ وظِباءٍ / ولُيوث وذئابِ
سِرْتُها فوق جوادٍ / أسحمٍ مثلِ الغُرابِ
مُنطوي الأحشاءِ طيّاً / مثلُه طيُّ الكِتاب
فهو كالأجْدَل في الحُكْ / مِ إذاً في الانتِصابِ
وتراهُ حينَ يهوي / مثلَ نسرٍ أو عُقابِ
أو كلمحِ البرقِ سيراً / أو يُرى مثلَ الشِّهابِ
سار والليلُ على الأرْ / ضِ صِباغاً كالخِضابِ
أو مدادٍ حالكِ اللوْ / نِ على الصُمِّ الصِّلابِ
فبدا الصبحُ وقد كا / ن غدا تحت حِجابِ
مثلَ وجهِ الحافظِ الحب / رِ المُرجّى للصِّعابِ
مَنْ له الحكمةَ حقّاً / وله فصْلُ الخِطابِ
مادحوه الآن أضحَوْا / عدداً مثلَ التُرابِ
قُسِمَ العالَمُ نصفَيْ / نِ بتقسيمِ الصّوابِ
فالمُوالي في نعيمٍ / والمُعادي في عذابِ
مجدُه للشُهْبِ أضحى / منْ عُلوٍّ كالشِّهابِ
وعطاياهُ كمثلِ الد / رِّ سِلكاً في الرِّقابِ
فأعاديه / وهْوَ من فوقِ الرَّبابِ
كم مقلةٍ للشقيقِ الغضّ رَمْداءِ
كم مقلةٍ للشقيقِ الغضّ رَمْداءِ / إنسانُها سابحٌ في بحرِ أنداءِ
وكم ثغورِ أقاحٍ في مراشفِها / رضابُ طائفةٍ بالرِّيّ وَطفاءِ
فما اعتذارُك عن عذراءَ جامحةٍ / لانتْ كما لامسَتْها راحةُ الماءِ
نَضا عليها حُسامَ المزج فامتنعتْ / بلامةٍ للحَبابِ الحُمِّ حَصداءِ
أما ترى الصُبحَ يَخفى في دُجُنّنه / كأنما هو سِقطٌ بين أحشاءِ
والطيرُ في عذَباتِ الدّوحِ ساجعةٌ / تُطابقُ اللحْنَ بين العودِ والناء
وقد تضمّخ ذيلُ الريح حين سرَتْ / بعاطرٍ من شذا غَيناءَ غنّاءِ
فحيّ في الكأس كِسْرى تحت رِمّته / بروحِ راحٍ سرتْ في جسمِ سرّاء
وعُذ بمُعجزِ آيات المُدامة من / نوافثِ السحر في أجفانِ حَوراء
فما الفصاحةُ إلا ما تكرّرُه / مبازلُ الدّنّ من ترجيعِ فأفاءِ
يديرُها فاتنُ الألحاظِ فاتِرُها / صاحٍ معربِدُ أعضاءٍ وإغضاء
ومُحسنُ حسنٌ ألقتْ الى يدِه / أعنّةَ الحُبّ طوعاً كُلُّ سوداء
ناهيك من شادنٍ شاد تغارُ على / أُذْن المُصطيخ إليه مُقلةُ
فاعطِفْ على خُلَس اللذاتِ مُغتنماً / فالدهرُ في حربِه تلوينُ حِرباء
وكُنْ وليّ وليِّ الدين تسطُ على / صَرفِ الزمانِ بماضي العزمِ والرّاء
القاتلُ المحْل والأنواءُ باخلةٌ / براحةٍ للعطايا ذاتِ أنواءِ
والوارثُ الحَمدَ يرويه ويُسنِدُه / الى مناسبِ أجدادِ وآباءِ
سلْ عن براعتِه جاري يراعتِه / تُجْر الفصاحةَ من ألفاظِ خرساء
بنو المَخيليّ معنى كل مَكرُمةٍ / ومُلتقى طرَفَي مجدٍ وعلياء
المقتفون على عليم سبيلَ عُلاً / والى بها أوّلوهُم جمْع آلاءِ
ساروا مسيرَ قوافي الشعرِ سالمةً / من المَعيبين إقواءٍ وإكفاءِ
قومٌ عواملُ نحو الفضلِ أنمُلُهم / فليس تعثُر في خفضِ وإعلاء
مهلاً أبا القساسِم المُشني بسؤدده / عليه لفظُ أوِدّاءٍ وأعداءِ
لما ابتديتَ لحفظِ المال قمتَ به / وكيف يوهنُ طوداً حملُ أعباءِ
وصُنتُه عن أيادي الخائنين كما / جعلتَ جودَك عنه رهنَ إعطاءِ
وكنتَ كالغيثِ يحمي الشمسَ عارضُه / وإن أباح الذي فيه من الماءِ
أنت الكليمُ وقد أوتيتَ آيتَه / كم من يدٍ لك في الأقوامِ بيضاء
فاضْرِب بها الجامدَ الجاري مفجِّرةً / عيونَ صخرةِ منعٍ منه صمّاء
دَنا بعدلِك للديوان نورُ هُدىً / جلّى من الظّلمِ عنه كلَّ ظلماء
فأبْصرَ الآن لما صرتَ ناظرَه / وكان ذا مقلةٍ من قبلُ عمياء
لا زلتَ تسمو سماءَ المجدِ مرتفعاً / حتى تجاوزَ منه كلَّ جوزاء
هذا اللّوى لا حُطّ منه لواءُ
هذا اللّوى لا حُطّ منه لواءُ / يرتاد عنه هوىً وهواءُ
فاحْلُل عقودَ الدمعِ في عقداتِه / إن جرّعَتْك غرامَك الجَرعاءُ
والعبْ بعِطفِك كالقضيب فإنما / أهدَتْ بوارِحَها لك البُرَحاءُ
لم يبقَ من آثارِ أنجُمِ غِيدِه / إلا الدموع فإنها أنواءُ
جعلوا الحُماةَ حِماهُم وترحّلوا / فبحيثُ ما حلّوا ظُبىً وظِباءُ
وتكنّسوا قصَبَ الوشيجِ وتفعل ال / سّمراءُ ما لا تفعلُ السّمراءُ
هذي المنازلُ كالمنازل فاسألوا / عن بدرها فلقد دجَتْ ظلماءُ
ذُمَّ الفِراقُ وما علقْتَ بذمّةٍ / من سلوةٍ فمتى يُذمّ لقاءُ
لله ذاك العيشُ إذ لا بيننا / بينٌ ولا عاداتُنا عُدَواءُ
والجوّ صافٍ والمواردُ عذبةٌ / والروضُ نضْرٌ والنسيمُ رُخاءُ
ولقد نزعتُ عن الغرامِ فشاقَني / أرَجٌ نماهُ مندلٌ وكِباءُ
هبّتْ صَبا نجدٍ وهبّ لي الصِّبا / فتلاقَتِ الأهواءُ والأهواءُ
ماذا على العذّال أن خلعَ الهوى / عُذري وعُذري غادةٌ عذراءُ
بل كيف يحسنُ بي الهوى ومحلّهُ / دون الحضيضِ ودونيَ الجوزاء
يا حبّذا رِيُّ الكئيب من الظّما / لا حبّذا أروى ولا ظَمياءُ
هو منكِبُ العزمِ الذي لو أنّهُ / ريحٌ لقالوا إنها النّكْباءُ
ولديّ فكرٌ إن تبلّج نورُه / شهد الذكاءُ بأن ذاك ذُكاءُ
ألقى القريضُ له مقالدَ أمره / فاختارَ وهو المانعُ كالأبّاءُ
كم بيتِ شعرٍ قد علا بنيانُه / بيتاً دعائمُ سَمكِه العلياءُ
يُحيي به الأمواتَ بعد فنائها / ولربّما ماتت به الأحياءُ
ألفاظه كالشهبِ إلا أنها / في كل خطبٍ فيلقٌ شهباءُ
والى سَراةِ بني عديٍّ أنتمي / في حيثُ تُنمى العزةُ القعساءُ
قومٌ همُ غُررُ الزمان وأهله / والعالمونَ جِبلّةٌ دهماءُ
يتورّدون الخطبَ وهو مهالكٌ / ويبادرون الحربَ وهي فناءُ
ويخاطبون بألسنِ البيضِ التي / من دونها يتلجلجُ الخُطباءُ
من كل أروعَ ضاربٍ بحسامه / رأس الكميّ إذا التظَتْ هيجاءُ
ناءٍ مناطُ نجادِه فكأنه / من تحت منعقِد اللواءِ لواءُ
متناسبِ الأجزاءِ أجمعُ صدرِه / قلبٌ وأجمعُ قلبِه سوداءُ
إن تظلِم الأفدارُ فهو مهنّدٌ / أو تُظلِم الأخطارُ فهو ضياءُ
يصبو الى نار الوغى فيُشبُّها / بأناملٍ منها يفيضُ الماءُ
ويهزّه هزَجُ الصهيل كأنما / حكمتْ عليه القهوةُ الصّهباءُ
أبناء لخمَ الأكرمينَ عصابةً / لا ينثنون وفي الثّباتِ ثناءُ
نشروا أمام خميسِهم أحسابَهم / في الحرب وهي الرايةُ البيضاءُ
أخذوا عن النعمان شرعَ مكارمٍ / دامَتْ لضيفِهم بها النِّعْماءُ
ضربوا بمُستنِّ الركابِ قبابَهم / فتساوتِ الغُرباءُ والقُرباءُ
وتحكّم الضيفانُ في أموالهم / حتى كأنهمُ لهم شُركاءُ
يخشاهم ريبُ الزمان فجارُهم / لم يدْرِ في السّراءِ ما الضرّاءُ
نسبٌ لو انّ الزهرَ في إشراقِه / لتشابَه الإصباحُ والإمساءُ
أبهى من القمر المنير وإنما / أقوالُ عبد الله فيه عُواءُ
أملفّقَ الأحسابِ جِئ بقبيلة / تُنمى لها ولو انّها العنقاءُ
زوّرْ كعادتك القديمة نسبةً / واتركْ عديّاً وامضِ كيف تشاءُ
وأظنّ أمكَ يا مذَبذبُ خلّطَتْ / فالناسُ فيك جمعُهم خُلَطاءُ
لا تنكرنّ ففي قريضك عُجمةٌ / ألفاظُه أبداً بها شُهداء
نظِّفْه من خطأٍ ولحنٍ فاحشٍ / واذهبْ تصوّبْهُ لك العلماءُ
وانقُلهُ مضبوطَ الحروفِ فطالما / صحّفْتَ ما نظمَتْ لك الشعراءُ
واردُدْ سهامك في صميمك إنما / تتناضلُ الأمثالُ والأكفاءُ
أعُبَيْدُ ما خابَ امرؤٌ عونٌ له / عونٌ إذا ما هزّتِ اللأواءُ
ولقد نزعتْ لأمةٍ نبطيّة / تُبديك آنفةً لها الفُصَحاءُ
أعُبيدُ ما لجريرَ فيك جريرةٌ / لو بصّرتْك طريقَها الآراءُ
غرّتك بارقةُ اللقاءِ فخفتَها / خوراً ولم تهطِلْ عليك سماءُ
وسألتَ في إنجاءِ نفسك عندما / ظنّيتَ جُبناً أنهم مُدحاءُ
فركبتَ قادمةَ الفرارِ وضاقتِ ال / غبراءُ في عينيك والخضراءُ
وتركتَ كمالك يا لئيمُ ولم يكنْ / للمال إلا المعشرُ الكرماءُ
قد كان من نهبٍ فعاد لأصلِه / في فضلِه وكذلك الأشياءُ
ها إنّ ظِلفَك ساقَ حتفَك عنوةً / مُتْ حسرةً قد حاقَ فيك الداءُ
لا تُصلحُ النعماءُ سيرةَ مُفسدٍ / إصلاحُ سيرةِ سيرِه البأساءُ
والله أعلمُ بالعبادِ وحكمُه / عدلٌ ورُبّ شقاً وفيه شِفاءُ
ومعرّضينَ لخاطري عِرضَيهِما / والنارُ لا تقوى بها الحَلْفاءُ
أغضيْتُ عيني عنهما حتى لقد / خلنا بجهل أنها عمياءُ
والأصدقاء إذا همُ لم يُنصَفوا / فاعلَمْ بأنهم هم الأعداء
إن لم يقُمْ بالعدل ميلُ ودادِهم / فلديّ في أثر العتابِ هِجاءُ
وعداوة الشعراء ما سمعوا به / فليفعلوا من بعد ذا ما شاءوا
سائل لِوى خبْتٍ فذاك لواؤه
سائل لِوى خبْتٍ فذاك لواؤه / وهواهُ صدقٌ شاهدٌ وهواؤهُ
واستمطِر الأجفانَ في عرَصاته / غيثاً نفوسُ ذوي الصبابةِ ماؤهُ
وأعدْ بملتفّ الغضا ذكرى شجٍ / طويَتْ على جمرِ الغضا أحشاؤه
وإذا الأراكُ أراكَ غيدَ سُروبِه / فاحتلْ لجسمِك أنها حوباؤه
وتوقّ أسيافَ الفتورِ فربما / أمست ظُباها في الأسودِ ظباؤهُ
كلّ يهيجُ لك الصبابةَ والهوى / أوراقُه إذ ماسَ أو وَرقاؤه
لم يرقُص الغصنُ الرطيبُ وإنما / بانوا فمادَ بعطفِه بُرحاؤهُ
فانظُر الى قبَسٍ بجرعاءِ الحِمى / عنهم سناه محدّثٌ وسناؤه
واستهدِ ألطافَ النسيم رسالةً / أوصاه مندلُه
وبنفسي القمرُ المغيَّبُ نورُه / عن ناظرَيّ وفي الضلوع سماؤه
قد كان في طرْفي نقلتُ سوادُه / وسرى الى قلبي فقُلْ سوداؤهُ
ركبَ الدجى متستّراً فوشى به / حسنٌ عليه عوّلَتْ رُقَباؤه
والأفْقُ كالزنجيّ إلا أنه / قد منطقَتْه بدُرِّها جوزاؤه
والبدرُ ملكٌ والثريا راحةٌ / بسطَتْ إليه والنجومُ عطاؤهُ
حتى تجلّى الصبحُ في جَنَباتِه / فكأنه الروميّ شُقّ قباؤهُ
وبدتْ ذكاءُ فقلت غُرةُ أحمدٍ / أوَ ما ينوِّرُ للعقولِ ذكاؤهُ
وانهلّ وسميُّ الغمامِ كأنه / آراؤه للمُجتدي ورُواؤه
وهفَتْ سيوفُ البرق في أرجائه / فكأنه متألقاً آراؤه
وسرى نسيمُ الروضِ في أثنائه / أرجٌ ثناهُ الى القصورِ ثناؤه
وتناجتِ الأطيارُ في أغصانها / بغرائب فكأنها شُعلاؤها
دوحٌ يُطيبُ لك الجنا أفنانُه / ويمدّ ظلّكَ فوقَها أفياؤه
حفظَ الشريعةَ ضابطاً فلأجلِه / سمّتْه حافظَ دينِها علماؤه
متفردٌ عنهم بسامي مجدِه / لكنهم في حالِه شُركاؤه
آباؤه أملاكُ ساسان الألى / والعُرْبُ عند نوالِه أبناؤه
فغدَتْ الى الفرس الفوارس آلُه / منسوبةً والى العُلا آلاؤهُ
بحرُ العلوم بصدرِه متدفّقُ / وثمادُه متمنّعٌ وإضاؤه
يروي فينشُر من حديثِ محمدٍ / ما كادَ يُذهبُ روحه جُهلاؤه
والشرعُ ربعٌ قد غفتْ آثارُه / لو لم يُشيَّدْ بالرواةِ بناؤهُ
ما زال يصدعُ ضوءُ صبحِ علومِه / ليلَ الهوى حتى انجلَتْ ظَلْماؤه
يفديه شهرُ صيامنا وهو الذي / ما في الشهورِ ولو جُمعْنَ فداؤه
يا حافظاً يعدو على أمواله / حتى تروحَ كأنها أعداؤه
ليقُل بُناةُ الشعر فيك فإنما / أوصافُ مجدك صحةٌ أسماؤه
وليَهْنَ هذا الدهرُ منك بسيدٍ / أصباحُه تُزهى به ومساؤهُ
أهلاً بطيفٍ في الدُجنّة أوّبا
أهلاً بطيفٍ في الدُجنّة أوّبا / حَيّا فأحيا المستهامَ وأطربا
وافى وقد صبغَ الظلامُ بلونِه ال / مُسودِّ مُبيضَّ الأباطح والرُبى
جذلانَ يجلبُه الى الدنِفِ الكرى / كالروض يجلبُ عرفَه ريحُ الصَّبا
فرأيتُ منه غُصنَ بانٍ مثمراً / بدراً وقد جعل الغدائرَ غيْهبا
لله ليلٌ بات فيه مُضاجعي / ظبيٌ لواحظُه لها فعل الظُبى
لم أنسَه لما ظفرتُ به وقد / سهّلْتُ منه ملاطفاً ما أصعَبا
أجني بأيدي اللحظِ من وجناتِه / ورداً ومن فيه أقاحاً أشنبا
ما أبعد الطيفَ الملمّ إذا بدا / وجهُ الصباحِ وفي الدُجى ما أقربا
لو زارَني مستيقِظاً لشفى جوًى / بين الجوانح قد غدا متلهِّبا
نفسي فداءُ الظّاعنين وإن همُ / تركوا فؤادي بالفراقِ معذَّبا
حلّوا بأكنافِ الغَضا وطلبتُهم / بالمُنحنى ما بعد ذلك مَطلَبا
خُلِّفتُ بعدَهُم ألاحظُ أربُعاً / درست ورسماً قد أمحّ وملعبا
ولقد رأيتُ الدهرَ ألبسَ ثوبَها / ببواكرِ الأنداءِ روضاً مُعشِبا
فتذكّرتْ نفسي ليالي نادمَتْ / فيها أناةَ العَطوِ ناعمةَ الصِّبا
وأغنَّ حيّا بالمدامةِ فِتيةً / جعلوا لهمْ شُربَ المُدامةِ مَذهبا
فكأنه إذ قام يحملُ كأسه / في كفّه بدرٌ تحمّل كَوكبا
ظبيٌ يَصيدُ الليثَ سِحرُ جفونِه / ولقد عهدْنا الليثَ يصطادُ الظِّبا
في الحُسنِ أغربَ والإمامُ الحافظ بْ / نُ محمد في كلِّ فن أغربا
أوصافه قد أعجزتْ وُصّافَها / فغدا يُعدُّ مقصِّراً مَنْ أسهَبا
كلّ البلاغةِ قد حوتْ أثوابُه / سحبانَ وائلٍ الفصيحِ ويعربا
فُقِد العراقُ لفقدِه فكأنه / لما أتانا الشّرقُ زار المَغربا
يكفيه أن الله بلّغه منَ ال / علياءِ أبعدَ شأوها والأقربا
وحباهُ بالعِلم السّعيدِ منالُه / والحُبُّ يعرفُه الذكيّ من الحِبا
قسْ جودَه بحَيا السحائبِ تلقَهُ / أوفى من الغيثِ الركامِ وأعذَبا
لو كان هذا العيدُ شخصاً ناطقاً / لأتاكَ يمشي بالمديحِ الهَيدَبى
الله جارُك قد بنيتَ مراتباً / نظر الزمان سموّها فتعجّبا
سارَتْ إليك اليعمَلاتُ فقطّعت / بالسير أرضاً مثلَ صدرِك سبسَبا
فرأوا لسانَ الحال ينطقُ قائلاً / أهلاً لقيتُم للوفودِ ومَرحبا
ما سُخْبُ جودِك بالجهامِ ولا غدَتْ / للشائمينَ بروقُ وعدِك خُلَّبا
ألبَسْتني نِعَماً تركنْ مُصادِقي / ليَ حاسداً وأخي المُصافي أجْنَبا
فليأتينّك ركْبُ شِعرٍ سائرٍ / قد عمّ مشرقَ شمسِها والمغربا
شعرٌ هو الروضُ الأنيقُ وإنما / أضحى له ماءُ المعالي مَشربا