المجموع : 347
ذهباً هاتِ وإلا فُلجينْ
ذهباً هاتِ وإلا فُلجينْ / إنَّ هذي الراحَ بنتُ القمرينْ
هاتها كلتيهما ثمَّ اسقني / وكلَّ الأفراحَ لي بالقدحينْ
هي في العينينِ نورٌ ساطعٌ / وهواءٌ منعشٌ في الرئتينْ
أخرجوها من حشا الدّنِّ ونا / دوا حنيناً ليرى بنتُ حنينْ
ثم لفوها بكأسٍ وغدتْ / كالصبيِّ من يدينِ ليدينْ
يا حبيبي إننها نرجسةٌ / وأرى في وجنتيكَ وردتينْ
ماعليكَ إنْ شممتْ هذه / أو قطفتَ هذهِ بالشفتينْ
هاتها ثَمَّتَ خُذها واقرعِ الكا / س بالكاسِ وهزَّ المنكبينْ
إنما يعلمنا الكاسانِ أنَّ / ساعة الأفراحِ دقَّتْ دقتينْ
واسقني حتى أرى الناسَ على / أربعٍ يمشونَ لا على اثنتينْ
إنهم واللهِ لا ينقصهم / في الحميرِ غيرَ طولِ الأذنينْ
نعسَ النجمُ ولم أنمْ
نعسَ النجمُ ولم أنمْ / فصفوا لي لذةَ الحلمِ
ليتَ شعري هل أنا ملكٌ / حاكمٌ في النورِ والظلمِ
ما تراني إن قعدتُ لها / وقفَ الليلُ على قدمِ
يا نديمي عد لتذكرنا / عودةَ الأرواحِ للرممِ
لمْ يدعِ فيَّ الغرامُ دماً / وأرى في الكاسِ مثل دمي
راحةٌ في دنّها انعدمتْ / وكذا الأشياءُ من عدمِ
وإذا رقرقتها سطعتْ / نفخةُ الوقَّادِ في الضرمِ
وكأنَّ المزجَ يفرعها / شيبةٌ في عارضي هَرِمِ
وهي والكاسُ على شفتي / قبلاتُ من فمٍ لفمِ
حاربتْ آلامَ عصبتها / ولكم يشكونَ من ألمِ
فلهم في كلِّ آونةٍ / ضجةٌ من خلفِ منهزمِ
يا رجالَ الشعرِ لستُ فتىً / إن أنا لم يطوكم علمي
كيفَ لا تعيي مناظرتي / وهي حبري والهوى قلمي
وأنا في وصفها غَرِدٌ / ترقصُ الدنيا على نغمي
ألا عاطني الخمرَ إنَّ الزمانَ
ألا عاطني الخمرَ إنَّ الزمانَ / على مِيمِها وعلى رائِها
وانعشْ بها زهراتِ السرور / فقد نبتتْ قبلُ من مائها
لعرشِ السماءِ ارتقتْ أمُها / وفي الأرضِ أعراشُ آبائها
فلبستْ لغيرِ ملوكِ الكلام / وبنت الملوك لأكفانها
ولا غروَ إن زادَ أعداؤها / فقدْرُ النفوسِ بأعدائها
أليسَ من الطلمِ للخمرِ أنْ / تُذَمَّ بأشهرِ أسمائِها
رحيقٌ كماءِ الشبا
رحيقٌ كماءِ الشبا / بِ من وجنةٍ يقطرُ
بكأسٍ كبدرِ الدجى / ظلامي بها مقمرُ
وساقٍ على ساقِهِ / يرجرجهُ المئزرُ
تحجبها كفهُ / وفي خدِّهِ تظهرُ
أراهُ لنا قائداً / ونحنُ لهُ عسكرُ
كأنَّ صفاءَ الرحي / قِ نافسهُ الكوثرُ
فمن ربحَ اليومَ ذا / فذاكَ غداً يخسرُ
منى النفسِ لو بقيتْ لي المنى
منى النفسِ لو بقيتْ لي المنى / ومن للشقيِّ بيومٍ سعيدِ
تعيدُ إلينا السرورَ القديم / كأنَّا خُلقنا بها من جديدِ
وتذكرنا الأزمن الخاليات / كذكرِ العظيمِ ليالي المهودِ
فهاتِ اسقني بالكؤوسِ الكبار / فما أحسنَ الفمُّ فوقَ النهودِ
نضارُ لمن يدهُ كالنحاس / ونارٌ لمن قلبه كالحديدِ
هو الدهرُ آتيكَ أو ذاهبُ
هو الدهرُ آتيكَ أو ذاهبُ / وصادِقُكَ الوعد أو كاذبُ
فدعهُ كما شاءَ من ذا ترى / يجدُّ ومن حولهُ لاعبُ
وإن كنتَ في أملٍ فاقتصدْ / فمعطي النفوس هو السالبُ
لقد علمتني تجاريبُها / بأن القنوعَ هو الواجبُ
فدعني بربكَ لاتسقني / فإن التمني لها صاحبُ
وإما أبيت فمهلاً إذاً / أنا ذلكَ الملكُ العاصبُ
ولي الأرضُ مشرقُها والمغيب / هنا جانبٌ وهنا جانبُ
فهاكَ وهاتِ وخلِّ الأنام / يحجبهم عنيَ الحاجبُ
إذا ما شربنا أرى الأرض تمشي / وكل امرىءٍ فوقها راكبُ
طرحنا غمامَ الأسى للسماءِ / فرأس السماء به شائبُ
ومن عَنتِ الراحِ تدني المنى / وتحضرها وأنا غائبُ
لها رقةٌ كدبيبِ الكرى / فلا غروَ أن يحلمَ الشاربُ
رأَيتُ الهوى والخمر سيين غدرةً
رأَيتُ الهوى والخمر سيين غدرةً / وليسا على قلبي الحزين بسيين
إذا أتوارى يطلبانِ فضيحتي / فتظهر في وجهي ويظهرُ في عيني
نظروا الكأسَ فقالوا
نظروا الكأسَ فقالوا / إنها دمعةُ صبِّ
قاتُ بل ذاكَ فؤادي / ذابَ من نيرانِ حبّي
فاعذروني في هواها / إنما أشربُ قلبي
إنْ كنتَ قاتلَها فبالأنداءِ
إنْ كنتَ قاتلَها فبالأنداءِ / أوكنتَ دافنها ففي الأحشاءِ
واحمل جنازتها على عنقِ الصبا / واقطعْ لها كفناً من الظلماءِ
وادعُ الخمامَ ينوحُ ساعةَ دفنها / واغسلْ زجاجتها بماءِ بكائي
ولها عليكَ وصيةٌ مرعيةٌ / أنْ لا يشبّعها سوى الندماءِ
بينا تُعادُ الروحُ للأمواتِ إذ / هي تخمدُ الأرواحَ في الأحياءِ
وإذا أدرتَ صحونها نظروا لها / فكأنَّها في دعوةِ البخلاءِ
خذها بثاري إنها شربتْ دمي / ودمي عزيزٌ يفتدى بدماءِ
فتانةٌ بمزاجها فكأنهُ / لمعُ السرابِ تلوحُ في الرمضاءِ
يا وجنةَ الحسناءِ ضرَّجها الحيا / لم أدرِ أيكما من الحسناءِ
يا ريقةَ اللمياءِ تلعبُ بالنهى / لم أدرِ ايكما من الصَّهباءِ
راحٌ وروحٌ كأسها أم تلكَ من / نارٍ ونورٍ أم شهابُ سماءِ
ومدامةٍ أم لوعةٍ أم دمعةٍ / حمراً جرتْ من أعينٍ بيضاءِ
أسماءُ خُصّصَ علمهنَّ بآدمٍ / يا ليَت لي علماً من الأسماءِ
يا للهوى والغزل
يا للهوى والغزل / من العيونِ النجلِ
من الظبى لا كالظبى / من مرحٍ وكسلِ
من المهى لا كالمهى / في الحدقِ المكتحلِ
من الدّمى لا كالدّمى / في حسنها المكتملِ
أقبلنَ يَخْتَلنَ فلم / يكنَّ غيرَ الأسلِ
ثمَّ نظرنَ نظرةً / معقودةً بالأجلِ
ثمَ انسرينَ من هنا / ومن هنا في سُبُلِ
منفرداتٍ وجلاً / يا طيبَ هذا الوجلِ
مبتعداتٍ خجلاً / يا حسنهُ من خجلِ
ثم التقينَ كالنقا / ءِ أملٍ بأملِ
مؤتلفاتٍ جذلاً / وهنَّ بعضُ الجذلِ
مختلفاتٍ جدلاً / والحسنُ أصلُ الجدلِ
هذي تغيرُ هذهِ / بحليها والحللِ
وتلكَ من زيننتها / زينتها في العطلِ
تنافسا والحسنُ لل / حسانِ مثلُ الدولِ
ثم انبرتْ فاتنةً / تميلُ ميلَ الثملِ
تنهضُ خصراً لم يزلْ / من ردفها في مللِ
تهتزُّ في كفِّ الهوى / هزَّ حسامِ البطلِ
قائمةً قاعدةً / جائلةً لم تجلِ
كالشمسِ في ثباتها / وظلِّها المتنقلِ
دائرةٌ في فَلكٍ / من خصرها والكفلِ
وصدرها كالقصرِ شِي / دَ فوقَ ذاكَ الطللِ
وخصرها كزاهدٍ / منقطعٍ في الجبلِ
يهزّها كلُّ أنينٍ / من شجٍ ذي عللِ
فهي لنوحِ العودِ ما / زالتْ ولما تزلِ
كأنهُ من أضلعي / فإنْ بكى تضحكُ لي
كأنها عصفورةٌ / وأنتفضتْ من بللِ
ترتجُّ كالطيرِ غدا / في كفَّةِ المحتبلِ
تهتزُّ لا من خبلٍ / وكلُّنا ذو خبلِ
تلهو ولا من شغلٍ / وكلُّنا ذو شُغُلِ
ناظرةٌ في رجلٍ / مغضيةٌ عن رجلِ
من حاجبٍ لحاجبٍ / ومقلةٍ لمقلِ
كالشمسِ للعاشقِ / والشعرُ لهُ كزحلِ
باسمةٌ عابسةٌ / مثلَ الضُّحى والطفلِ
واثبةٌ ساكنةٌ / مالتْ ولما تملِ
بيننا تقولُ اعتدلتْ / تقولُ لم تعتدلِ
وقدْ تظنُّ ابتذلتْ / فينا ولم تبتذلِ
تمثلُ الذي درتْ / شفاهها من قبلي
فعَجَلٌ في مهلٍ / ومهلٌ في عَجَلِ
روضةٌ باكرتها في فتيةٍ
روضةٌ باكرتها في فتيةٍ / خصّصوا للهوِ ما قد خصّصوا
طَرِبَتْ أعضائها حتى انثنتْ / عندما قامَ النسيمُ يرقصُ
وذُكاءٌ كحمامٍ رفرفتْ / حينما أفرجَ عنها القفصُ
والغواني كالظبا في حرصها / غيرَ أنَّ القانصينَ أحرصُ
فلهونا ثمَّ عدنا وكذا / كلُّ شيءٍ بالتمامِ ينقصُ
وكأنَّ الصبحَ كانَ فرصةً / وسريعاً ما تمرُّ الفرصُ
ألا ترى الزهرَ في رباهُ
ألا ترى الزهرَ في رباهُ / كأنهُ قلبي السليمُ
كأنَّ أغصانهُ الحواني / هذا وليٌّ وذا يتيمُ
تعاشقتْ مثلما ترانا / هذا صحيحٌ وذا سقيم
وكلما تنثني غِضاباً / يُصلحُ ما بينهما النسيمُ
على السماءِ وفوقَ الشمسِ أشعاري
على السماءِ وفوقَ الشمسِ أشعاري / وتحتَ أصدافِ هذا اللُّجِّ أفكاري
وبينَ تلكَ وهاتا جرى قد قلمي / بمعجزِ الوصفِ من درٍّ وأنوارِ
أرى جمالاً تعالى أن أُلِمَ بهِ / وجلَّ خالقهُ من مبدعٍ باري
كأنما الكون غيداءٌ محجبةٌ / تطلُّ مشرقةً من خلفِ أستارِ
فالبحرُ مقلتها والبرُّ حاجبها / من فوقهِ جبهةٌ زينتْ بأقمارِ
أو كانَ ذا البحرُ ديباجُ السما وقد انْ / حلَّ الوشاحُ فها صدرُ السما عاري
أو هذهِ لبستْ من ليلها حُللاً / ومن كواكبها زرتْ بأزرارِ
أو إنما الشمسُ ظنتْ أنها خَطفتْ / بالحسنِ أبصارَ قومٍ دونَ أبصارِ
وحالتِ الأرضُ داراً للسما فلذا / أقامتِ البحرَ مرآة بذي الدارِ
يا مسكنَ الشُّهبِ الزهراء كم عجبٍ / بمعدنِ الدررِ الغرَّا وأسرارِ
إن تحملي فلكاًَ قد دارَ دائرهُ / فدونكَ اللجُّ دوَّارٌ بدوَّارِ
كلاكما حسنٌ والحسنُ بينكما / كالروضِ يأرجُ من أشتاتِ أزهارِ
إني ارى الشمسَ تحتَ البحرِ مطفأةً / والماءُ ما زالَ ذا بأسٍ على النارِ
كأنما هو كفُّ الأرضِ قد بسطتْ / إلى السماءِ فجادتها بدينارِ
أو غاصتِ الشمسُ تحتَ اللجِّ هاربةً / فما على الناسِ من همٍّ وأكدارِ
ألستَ تبصرها صفراءَ جازعةً / وفد خبا زندُ تلكَ الشعلةِ الواري
تشبهَ الناسُ طهراً بالملائكِ من / خبثِ لضميرِ وكانوا غيرَ أبرارِ
والبحرُ أفقهم من إفكهم وكذا / لا تحمل الأرضَ إلا كلّ غرّا رِ
لو أنصفوا لرأوهُ في تلججهِ / على البسيطةِ كالمستأسدِ الضاري
لكنَّ من ألفَ الأنغامَ مسمعهُ / يخالُ كلَّ زئيرٍ نفخُ مزمارِ
ما للخضّمِّ أراهُ كاشراً فزعاً / يخدّشُ لأرضَ من لجٍّ بأظفارِ
مجرداً في تدجيهِ صفيحتهُ / مستوفزاً بينَ بتّارٍ وتيارِ
يقيمهُ الموجُ حرداً ثمَّ يقعدهُ / ما بينَ منسحبٍ منهُ وجرَّارِ
والأفقُ مكتئبٌ حيناً ومبتسمٌ / ما بنَ ليلٍ دجوجيٍّ وأسحارِ
يا أيها الناسُ إنَّ البحرَ موعظةٌ / وضجّةُ البحرِ ليستْ غيرَ إنذارِ
فكم عليكم بهِ للهِ من حججٍ / هل يغفرُ الذنبَ إلا بعدَ أعذارِ
البحرُ ألين شيءٍ ملمساً فإذا / خاشنتموهُ بلوتمْ أيَّ جبَّارِ
ولو تساندَ كلُّ الخلقِ ما قدروا / أنْ يحبسوا موجةً من موجةِ الجاري
فكيفَ يُجحدُ ربُّ البحرِ قدرتهُ / وذلكم أثرٌ من بعضِ آثارِ
آمنتُ باللهِ ما شيءٌ أراهُ سدى / لكنها حكمٌ تجري بأقدارِ
يومٌ بهذي الليالي يشبهُ القمرا
يومٌ بهذي الليالي يشبهُ القمرا / فإن رأى حلكاً في أفقها سفرا
تخالها ورقاً إن خلته ثمراً / والعامُ غصنهما والأزمنُ الشجرا
ما زالَ فيهِ بريقُ التاجِ من قِدَمٍ / واللحظُ يزدادُ سحراً كلما فترا
يومٌ جلا غرّةً في المجدِ سائلةً / تناظرُ الشمس إن قاسوا بها الغُرَرا
مرآةُ فكرِ مليكٍ فوقها انعكستْ / أنوارهُ كغديرٍ مثَّلَ القمرا
يضاحكُ التاجُ منها لمعةٌ سطعتْ / من الجلالةِ يغشى ضؤُها البهرا
عبدُ الحميدِ بهرتَ الخافقينِ فما / ندري أبرقاً نرينا أم نرى قكرا
إن تغرسِ الرأيَ فالتسديدُ زهرتُهُ / وإن هززتَ القنا أَجْنَيْنَكَ الظفرا
ما بينَ سلمٍ وحربٍ أنتَ ربُّهما / تركتَ هذا الورى في مأمنٍ حذِرا
فلو تشاءُ أمرتَ النارَ فانطفأتْ / ولو تشاءُ زجرتَ الماءَ فاستعرا
ومن يكنْ قلبهُ في كلِّ حادثةٍ / عيناً لفكرتِهِ لا يخطئُ النظرا
يا ضارباً بشبا السيفِ الذي ارتعدتْ / لهُ الممالكُ أطعم سيفكَ الجزرا
لا تخشَ زلزالها إن عصبةٌ رجفتْ / فمن يكنْ معولاً لا يرهبُ الحجرا
إذا سيوفكَ ظنوها صوالحةً / فإنَّ أرؤسهم كانتْ لها أُكرا
غرستَ عندهم نعماكَ في سبخٍ / ومن يلومُ على ريِّ الثرى المطرا
وزارعُ الحبِّ لا ينفكُّ يبذرهُ / وليسَ في وسعهِ إنباتُ ما بذرا
أرى على الأرضِ جرَّاراً لهُ لجبٌ / تخالهُ الأرضُ أطواداً إذا انحدرا
كأنّهُ يوم يرتجُّ الوغى شهبٌ / تساقطَ الجو منها يرجمُ البشرا
من كلِّ ليثٍ إذا حفزتهُ قطرتْ / أنيابهُ واستطارتْ عينهُ شررا
يلقى صدى الموتِ في الآذانِ من فزعٍ / كأنما ثارَ يدعوهُ إذا زأرا
أرى العناية صفت جيشهم كلماً / حروفها قرئتْ ما زالَ منتصرا
أراهُ في الأرضِ معنى لا نظيرَ لهُ / فما أكذبُ أن أدعوهُ مبتكرا
يا عرشَ يلدزَ أنتَ النجمُ لا عطلتْ / منكَ السماءُ التي أفلاكها الوزرا
غدا بكَ الملكُ وجناتٍ موردةٍ / وأعيناً ملئتْ أجفانها حورا
لا زلتَ تشرقُ بالنورِ الذي اقتبستْ / منهُ العروشُ نجومَ الحكمةِ الزُّهرا
كذاكَ يلقي شعاعُ الشمسِ بهجتهُ / على القواريرِ حتى تشبهُ الدُّرَرَا
عرشٌ بطولِ مدارِ السبعَةِ الشهبِ
عرشٌ بطولِ مدارِ السبعَةِ الشهبِ / والشمسُ في تاجِهِ لا حليةَ الذهبِ
حيّ الزمانَ بكفِّ العزِّ مالكهُ / فصافحتْ منهُ كفَّ المجدِ والحسبِ
على جوانبهِ نورٌ تلألأَ منْ / نورِ الأميرِ وأجدادٍ لهُ وأبِ
يدني النفوسَ وتقصيها مهابتهُ / كزخرفِ الشمسِ في الهنديةِ القضُبِ
وما راى وجهَ عباسٍ يقابلهُ / إلا تهللَ بينَ التيهِ والعجبِ
مولايَ إنَّ بيومٍ قدْ رقيتُ لهُ / من رحمةِ اللهِ سرّاً بانَ للحقبِ
يوم تمنتهُ مصرَ قبلَ سوّغها اللّ / ه المنى وغدتْ موصولة السببِ
عباسُ أسعدها واللهُ أيدها / والدهرُ مجَّدها بالعلمِ والأدبِ
فامتدَّ جانبها واشتدَّ صاحبها / وارتدَّ خاطبها عن ذلكَ الأربِ
والنيلُ مذ نسبوهُ للأميرِ جرى / ينافرُ السينَ والتاميزَ في النسبِ
مثل العروسِ إذا زُفتْ تبختر في / استبرقٍ عجبٍ أو سندسٍ قشبِ
أو كالقصيدةِ في مدحِ العزيزِ إذا / ما امتدَّ في الأرضِ مدَّ الشعرِ في الكتبِ
يا صاحبَ النيلِ يحميهِ ويحرسهُ / من كيدِ ذي غللٍ في الصدرِ ملتهبِ
لو يستطيعُ بنو مصرٍ لقد خبأوا / ذا النيلَ في كلِّ جفنٍ غيرَ منتحبِ
فابسطْ يديكَ ليجري لائذاً بهما / إنب أرى الروعَ في آذيِّهِ الصخبِ
هذي القلوبُ أحلتكَ الشغفُ فلم / تخفقْ وأنتَ بها إلا من الطربِ
وكنَّ في مضضٍ لم يألها وأجاً / واليومَ طبْنَ ولولا أنتَ لم تطبِ
أفزرتَ مصرَ على ريحٍ تكفؤها / كبَّ السفينةِ في التيارِ والعببِ
وقيتها حينَ لا أمنٌ ولا رغدٌ / وجئتها بحياةٍ وهي في العطبِ
فكنتَ جُنتها من كلِّ طارقةٍ / وكنتَ جَنتها في ربعها الخصبِ
أنتَ النجابةُ من آبائها ظهرتْ / فلستُ أعجبُ إن قالوا أبو النُّجبِ
سموتَ بالصاعدينَ الجد والحسبَ العا / لي وبالساعدينَ الجِدَ والطلبِ
فَدُمْ لمصر فلم يُثَبتْ سواكَ لها / صدقُ العزيمةِ والأيامُ في كذبِ
إن الزمانَ لمن جدوا على بَصَرٍ / بالرايِ وهو على الساهينَ باللعبِ
ضنتْ وما أنا لو تشاءُ ضنينُ
ضنتْ وما أنا لو تشاءُ ضنينُ / والبخلُ إلا في الحسانِ يشينُ
أهواكِ مانعةً وكلُّ مليحةٍ / ليستْ ممنعةَ الوصالِ تهونُ
حسبُ المتيمِ منكِ وحيَ فؤادهِ / إنَّ القلوبَ على القلوبِ عيونُ
وألذُ ما كانَ الخيالُ زيارةً / إنْ كانَ يخفى مرّةً ويبينُ
قالوا بخلتِ وما بخلتِ وإنما / وصلُ المليحةِ في الجفاءِ ثمينُ
نسختْ معاني البخلِ يسرى أحمدٍ / وأتْ بشرعِ الجودِ منهُ يمينُ
أحيا الأولى كنّا نرى أسماءَهم / وغدا يرينا الجودَ كيفَ يكونُ
وسمتْ بهِ مصرٌ على بغدادِ مذ / كانتْ وكانْ بقصرها هارونُ
ورأى لديهِ المالَ بحراً زاخراً / فغدتْ أناملهُ وهنَّ سفينُ
والقومُ ذو فقرٍ يقلبُ كفهُ / وأخو غنى بنعيمهِ مفتونُ
هذا يرنحهُ الأنينُ وذاكَ في / سكراتهِ يهفو بهِ التلحينُ
قل للذينَ استأثروا بكنوزهم / ما كانَ بعدَ كنوزهِ قارونُ
أنفوا مساعدةَ الضعيفِ وربَّما / خدموا البهائمَ والجنونُ فنونُ
واستحجرتْ راحاتُهم فكأنها / صخرٌ وإن فلقوهُ ليسَ يلينُ
والمجدُ أقتلُ ما يكونُ هزالهُ / أما رأيتَ الكيسَ وهوَ سمينُ
ضلُّوا وأحمدُ بينَهم يدعوهُمُ / أو بعدَ أحمدَ للمكارمِ زَيْنُ
نيلانِ في مصرٍ فذلكَ قد جرى / ماءً وهذا عسجداً ولُجينُ
والنفسُ إن تعزُ الفضائلَ أفلحتْ / كالماءِ يسقاهُ فيحيا الطينُ
يا أحمداً أقرضتَ ربّكَ والسرا / ةَ يئنُّ تحتَ رباهمُ المسكينُ
والدهرُ أطماعٌ وفيهِ حفرةٌ / سيانَ فيها الألفُ والمليونُ
وبنيتَ من كلِّ الضمائرِ منزلاً / هو منكَ ما بقيَ الورى مسكونُ
كالشمسِ من فوق السماءِ محلها / وشعاعُها تحتَ الثرى مخزونُ
ورفعتَ صوتكَ بالمكارمِ جهرةً / تدعو الأنامَ وللسراةِ طنينُ
والشرقُ إن خربتْ نفوسُ رجالهِ / فلربَّ كنزٌ تحتها مدفونُ
قد كنتُ أبخلُ بالقريضِ وإنني / ليعزُّ عندي اللؤلؤُ المكنونُ
فأريتني ديوانَ مجدكَ شامخاً / فحلا لأشعاري بهِ التدوينُ
شعرٌ أفاضَ عليهِ نوركَ مسحةً / فكأنَّهُ صُوَرٌ بها تلوينُ
ما إن يقاسُ بهِ سواهُ وليسَ في / سلكِ الزبرجدِ ينظمُ الزيتونُ
كثرتْ ظنونُ المادحينَ فقولهمْ / ظنٌّ وهذا المدحُ فيكَ يقينُ
حرَّمتَ يا ليلُ علينا المنامْ
حرَّمتَ يا ليلُ علينا المنامْ / أما كفى الهجرُ وبَرْحُ الغرامْ
مهلاً أبثُّ وجدي وقفْ / لا ينقلُ الواشونَ عنا الكلامْ
واملكْ سبيلَ لصبحِ فالحيُ إنْ / ناحتْ حمامٌ حسبوني الحمامْ
يا ليلُ بي همّي وظلمُ الورى / وأنتَ والهجرُ وكلٌّ ظلامْ
راكَ للعشاقِ قبراً فهلْ / فيكَ من العشاقِ إلا عظامْ
رحماكَ يا ليلُ ورحماكَ بي / وألفُ رحماكَ ودعني أنامْ
عسى يوافي طيفها مضجعي / فتسمحُ اليومَ ولو بالسلامْ
ويلاهُ من سقمِ الهوى والهوى / إن قلتُ ويلاهُ يزدني سقامْ
تعالي وإن لم تُجملي فترفقي
تعالي وإن لم تُجملي فترفقي / فحسبي أنَّا ساعةَ الموتِ نلتقي
وإن شئتِ أن أبقى وقد أهلكَ الهوى / ذويهِ وإلَّا فأْمرينيَ ألحقِ
وقد كنتُ لا أرضى بدنيا عريضةٍ / فلما دنا يومي رضيتُ بما بقي
وما حيلتي إن لم تكنْ ليَ حيلةٌ / وهل بعدَ ما ترمينَ لحظكِ أتقي
خفي اللهَ ما أقوى على كلِّ نظرةٍ / وألاّ تخافيهِ فرحماكِ واشفقي
ألم يكفِ أن كانتْ خدودكِ فتنةً / لنا فتزينينَ الخدودَ بيشمقِ
وزدت فتونَ الجيدِ حتى تركتني / أموتُ على نوحِ الحمامِ المطوَّقِ
وقد بعثتْ عيناكِ في الحلي نسمةً / فكيفَ انثنتْ عنهُ المعاطفُ ينطقِ
وألقتْ عليهِ من غرامكِ مسحةً / فما انفكَّ مُصفرَّاً حذارِ التفرُّقِ
وتبعدهُ ثدياكِ ثمَّ تضمُّهُ / كدأبِ الهوى في العاشقِ المتملقِ
تعلمتُ منهُ ما توَشيَّ يراعتي / وما كلُّ شعرٍ بالكلامِ المنمقِ
وما القولُ إلا الحظُّ كثرُ من أرى / يظلُّ يهِ يشقى ولمّا يُوَفَقِ
فإن يحسدوني شيمةً عربيةً / فيا ربَّ فحلٍ إن هدرتُ يُنَوَّقِ
وما لهم هاموا وما عرفوا الهوى / فقولي لمن لم يعرفِ العشقَ يعشقِ
وذي عذلٍ لما مررتِ أشارَ لي / فقلتُ لهُ ناشدّتُكَ اللهَ فارفقِ
أرى الروحَ سهماً بينَ فكيكَ مودعاً / فإنْ تتحركُ هذه القوسُ يمرقِ
وداريتهُ حتى إذا قالَ أبعدتْ / عن العينِ قلتُ الآنَ فاسكتْ أو انهقِ
وما الليثُ أقوى مهجةً غيرَ أنني / متى أبصرُ الغزلانَ يمرحنَ أفرقِ
ولي قلمٌ كالنابِ ما زالَ مرهفاً / ولكنْ متى ما مسَّهُ الدمعُ يورقِ
وما أنا من يطوي على الهمِّ جنبهُ / ولكنَّ شيئاً إن عرى البدرَ يمحقِ
رُوَيْدَكِ لا تقضي عليَّ فرُبَّما / رأيتِ بريقَ التاجِ يوماً بمفرقي
وما أخرتني في بني الدهرِ شيمةٌ / بلى ومتى أطلقتُ للسبقِ أسبقِ
ومن كانَ ذا نفسٍ ترى الأرضَ جولةً / فلا بدَّ يوماً للسمواتِ يرتقي
ومهلاً أضئ آفاقها ثمَّ أنطفي / كما أطفأتْ أنفاسَ حبكِ رونقي
أليسَ ليَ القولُ الذي إن نظمتهُ / أو انتثرتْ حباتهُ يتألقِ
وحسبكِ قلبٌ بينَ جنبيَّ شاعرٌ / متى هجستْ أفكارُهُ يتدفقِ
ولن تجدي غيري يقولُ إذا بكى / لعينيكِ ما يلقى الفؤادُ وما لقي
في الشفاهِ اللُّعسِ ما يشفي الألمْ
في الشفاهِ اللُّعسِ ما يشفي الألمْ / ودوا القلبِ فمٌ من فوقِ فمْ
عقدَ الحبُّ شروطاً بيننا / وفمي أمضى عليها وختمْ
وأرى ذا الحبَّ سرّاً فالشفا / هُ على كتمانهِ تعطي القسمْ
بأبي هذا الجمالَ وأبي / لم يلدني لسواهُ لم ولمْ
يا أميرَ الحُسنِ ما تأمرنا / كلُّنا في دَولَةِ الحُسنِ خَدَمْ
أترى كوِّنت من كلِّ دمٍ / فلذا حنَّ إليكَ كلُّ دمْ
ولمَ الصدُّ أما آنَ لما / شتّتَ الهجرانُ مني أن يُلَمْ
نحمدُ اللهَ فإنَّ الشمسَ لو / فعلتْ فعلكَ عشنا في ظُلَمْ
أيكُ العصافيرِ والدنيا عليَّ أسىً
أيكُ العصافيرِ والدنيا عليَّ أسىً / أما تُرَوَّحُ عني بعضُ أحزاني
لي فيكَ عصفورةٌ لو أنها نطقتْ / رأيتَ كيفَ يُعادُ الميتُ الفاني
ما صوَّرَ الناس في الأنوارِ أجنحةً / إلا غداةَ بدا منها الجناحانِ
فويحَ قلبي ما من مرّةٍ صدحتْ / إلا شعرتُ بقلبي بينَ آذاني
وويحَ عُذالها ما في جوانبهمْ / قلبي فمن أينَ يحكى شأنهمْ شاني
أنا إذا عذلوا عانٍ وإذا عذروا / فآنٍ وإن حكموا لي أولها جاني
والحبُّ روحٌ لأهليهِ فعندهمُ / هذي الحياةُ وهذا الموتُ سيَّانِ