المجموع : 315
وَلَقَد شَقِيت بِأَحدَبٍ مِن بَعدِ ما
وَلَقَد شَقِيت بِأَحدَبٍ مِن بَعدِ ما / قَد نلت بِالظَبيِ الغريرِ نَعيما
فَأَبو الغُصونِ مُنادِمٌ لَكَ بَعدَما / قَد كُنتَ للغُصنِ الرَطيبِ نَديما
يَظُنُّ الغمرُ أَنَّ الكُتبَ تجدي
يَظُنُّ الغمرُ أَنَّ الكُتبَ تجدي / أَخا ذِهنٍ لإِدراكِ العُلومِ
وَما يَدري الجَهولُ بِأَنَّ فيها / غَوامِضَ حَيَّرت عَقلَ الحَليمِ
إِذا رُمتَ العُلومَ بِغَيرِ شَيخٍ / ضَلَلتَ عَن الصراطِ المُستَقيمِ
وَتلتَبِسُ الأُمورُ عَلَيكَ حَتّى / تَصيرَ أَضلَّ من تُوما الحَكيمِ
إِنّي لأَسمَعُ مِن خُلدٍ وَحينَ أَرى
إِنّي لأَسمَعُ مِن خُلدٍ وَحينَ أَرى / حُبِّي يحدِّثُني أصغي عَلى صَمِمِ
كَيما تَلَذّ بِتكرارِ الكَلامِ مَعي / أُذني وَتلفِظ مِنهُ الدُرَّ في الكَلِمِ
ما لِدَمعي ساجِماً كَالغَمام
ما لِدَمعي ساجِماً كَالغَمام / وَلجسمي ناحِلاً بالسقام
صابَني مِن شادِنٍ سَهم لَحظٍ / فَفُؤادي دائمُ القَرحِ دام
وَصَديقي لائِمي في هَواهُ / لَستُ فيهِ سامِعاً للملام
قالَ مَوتٌ عاجِلٌ لِمُحِبٍّ / قُلتُ إِنّي راغِبٌ في الحِمام
قُلتُ يا صاحِ الهَوى مُستلذٌ / لذَّ فيهِ مَع غرام
غَرَّ حِلمي ناهِدٌ ذاتُ وَجهٍ / قَمريٍّ غَرَّ بَدرَ التَمام
وَسَباني فاتنٌ فاتِكٌ بِي / ساحِرٌ لي ساخِرٌ بِالأَنام
وَرَماني ذابلُ اللحظِ ساجٍ / مَع سَطاهُ خائِفٌ كُلّ رامِ
أَمُحتَمِياً بِالدِينِ عَن لَثمِ مَبسمٍ
أَمُحتَمِياً بِالدِينِ عَن لَثمِ مَبسمٍ / وَما لَثمُهُ إِلا يَسيرٌ مِن اللَمَم
وَقَد أَعقَبَ الرَحمَنُ ذاكَ بِوسعِهِ / لِغُفرانِهِ فاسمَح بلقيا فَمٍ لِفَم
جُبلَ النساءُ عَلى التَكَتُّمِ فَاحتَرز
جُبلَ النساءُ عَلى التَكَتُّمِ فَاحتَرز / مِن كَيدِهِنَّ فَإِنَّهُ لَعَظيمُ
فَمَتى تَعِفُّ فَرُبَّما عَفَّت فَإِن / تُهمَل فَكَشحٌ يُستَباحُ هَضيمُ
وَكَذا الصَبِيُّ إِذا عَرَتهُ خَصاصَةٌ / يَبدو لَهُ لَفظٌ يُعدُّ رَخيمُ
وَتَراهُ يَسمَحُ بِالَّذي هُوَ باخِلٌ / وَيَعودُ بَعدَ الحَمدِ وَهوَ ذَميمُ
قَد مَسَّ ظهرَ الأَرضِ حُرُّ جَبينهِ / فَيَقومُ وَهوَ مِن الحَياءِ عَديمُ
طوراً نَديمٌ للقِحابِ وَتارَةً / لِلائِطينَ الفاسِقينَ نَديمُ
وِإِذا التَحى فَفَقيرٌ أَو لصٌ وَفي / بابِ القُضاةِ أَو الوُلاةِ خَديمُ
أَمَرَّ حَياتي يا نُضارُ سَقامُكِ
أَمَرَّ حَياتي يا نُضارُ سَقامُكِ / وَكَونُكِ لا يَسري إِليكِ مَنامُكِ
أَقَمتِ شُهوراً لا يَبُلُّ لَك اللُهى / شَرابٌ وَلا يَغذوك يَوماً طَعامُكِ
تَواتَرَت الأَسقامُ نَفخٌ وَسَعلَةٌ / وَقَيءٌ وَإسهالٌ فعزَ مَرامُكِ
وَعَمّا قَليلٍ يَذهبُ البُؤسُ كُلَّهُ / وَيَبدو عَلى إثرِ العُبوسِ ابتسامكِ
فنُصبح في أنسٍ وَخَيرٍ وَصحةٍ / وَحسنِ شَبابٍ طالَ فيهِ دَوامكِ
غَذيت بِدَرِّ الفَضلِ مُذ كُنتِ طفلَةً / وَكان بِتعليمِ القُرآن فِطامكِ
قَرَأتِ كِتابَ اللَهِ وَالسُنَن الَّتي / أَتَت عَن رَسولِ اللَهِ فَهوَ إِمامُكِ
وَدارَستِ علمَ النَحوِ حَتّى لَقَد غَدا / فَصيحاً بَليغاً في البَيانِ كَلامُكِ
وَأتقنتِ خَطّاً بارِعاً يَبهَرُ الحِجا / ففتَّحَ عَن زَهرِ الرِياضِ كِمامُكِ
وَبِالكَعبةِ الغَرّاءِ طُفتِ بِمَكَّةٍ / وَللحجر المسوَدِّ كانَ التثامُكِ
وَجاوَرتِ أَيّاماً بِها وَلَيالياً / وَكانَ كَثيراً بِالمَقامِ مُقامُكِ
وَزُرتِ رَسولَ اللَهِ أَفضلَ من مَشى / عَلى الأَرضِ وَاحتلَّت هُناكَ خِيامُكِ
فَكانَ بِبَيتِ اللَهِ برؤُكِ أَوَّلاً / وَزورة خَيرِ الخَلقِ كانَ اِختِتامُكِ
نُضيرةُ ما إِن في البَنات نَظيرةٌ / لَك اليَومَ فَخراً ما لَهُنَّ اِحتِشامُكِ
فَهمَّةُ بنتٍ في لِباسٍ وَزِينَةٍ / وَأنت بِتَحصيلِ العُلومِ اِهتمامُكِ
فَلو أَنَّ أُنثى لِلسَماءِ قَد اِرتَقَت / لَكانَ بِأَعنانِ السَماءِ مُقامُكِ
إِذا اِنتَظَمَ الرِبّابَ عِقدُ نفاسةٍ / فَفي وَسَطِ العِقدِ النَفيسِ اِنتِظامُكِ
وَقَد كُنتُ أَرجو أَن تَعيشَ وَالآن قَد / أَتاكِ مِن اللَهِ الكَريمِ حِمامُكِ
أُقَبِّلُهُ فَيُرشِفُني رضاباً
أُقَبِّلُهُ فَيُرشِفُني رضاباً / تَبَقَّت فيهِ آثارُ المُدامِ
سَقانِيها الحَبيبُ وَلَستُ أَدري / لِذَلِكَ قَد خَلَصتُ مِن الأَثامِ
وَلَما أَبى إِلا جَفاءً مُعذِّبي
وَلَما أَبى إِلا جَفاءً مُعذِّبي / دَعوتُ لَهُ أَن يُبتَلى بِهِيامِ
وَكانَ دُعائي اللَهَ وَقتَ إِجابَةٍ / فَها هُوَ ذا في لَوعَةٍ وَغَرامِ
يَذوقُ مِن الهِجرانِ ما قَد أَذاقَني / وَيَسقَمُ مِنهُ الجسمُ مِثلَ سَقامي
وَكانَ بَخيلاً بِالوِصالِ فَحُبُّهُ / غَدا باخِلاً حَتّى بِطَيفِ مَنامِ
وَعُلِّقتهُ رِيماً وَعُلِّقَ آخَرا / هَوى آخَراً يَهذِي بِبَدرِ تمامِ
وَعلّقَ أُخرى حَبَّها آخَرٌ هَوى / أُخيرى غَدَت تَهذِي بآخرَ رامِ
فَيا لَكَ مِن حُبٍّ تَسَلسَلَ كُلُّنا / حَليفُ أَسىً هامِي المَدامِعِ دامِ
أَقَمنا بِكَهفِ الحُبِّ عِدَّةُ صُحبَةٍ / وَأَوَّلُنا بِالبابِ شَرُ مُقامِ
تصَعّدُ أَنفاسُ المُحبين في الهَوى / إِلَيهِ فَيَبقى في أَليمِ أوامِ
فَيا لَيتَ أَنّا قَد جُمِعنا فَنَشتَكي / اليمَ الهَوى أَو نَشتَفي بِكَلامِ
كَفانا وِصالاً أَن يُكَلِّمَ بَعضُنا / لِبَعضٍ وَلَو كَلما برجعِ سَلامِ
وَعُلِّقتُهُ وَالسَيفُ بَيني وَبَينَهُ
وَعُلِّقتُهُ وَالسَيفُ بَيني وَبَينَهُ / غَزالاً وَلَكن قاتِلٌ لِلضراغمِ
مِن التُركِ إِمّا حُسنُهُ فَهوَ فاتِن / وَإما سَطاهُ فَهوَ فتكُ الضَبارِمِ
غَيورٌ عَلى الحُسنِ الَّذي هُوَ حُسنُهُ / كَأنَّ بِهِ عشقَ المُحبِّ الملازِمِ
فَيا لَيتَ شِعري كَيفَ حالةُ عاشِقٍ / رَمى نَفسَهُ في المُهلِكات العَظائِمِ
فَلا وَصلَ إِلا باختلاسَةِ ناظِرٍ / عَلى غَفلَةٍ مِنهُ وَليسَ بِعالِمِ
وَلو أَنَّهُ يَدري الَّذي هُوَ ناظِرٌ / إِلى حُسنِهِ جازى بجرِّ الغَلاصِمِ
سَأَصبِرُ أَو تَأتي المَنيةُ أَو يُرى / يَلينُ لصَبٍّ ذاهبِ الحِسِّ هائِمِ
وَعَزَّيتُ نَفسي أَنَّهُ سَوفَ يَنقَضي / هَواها وَأَن يَسلو سلُوَّ البَهائِمِ
فَكُلُّ جَمالٍ للزَوالِ مآلُهُ / وَكُلُّ ظَلومٍ سَوفَ يُبلى بِظالِمِ
سَيظلِمُهُ شَعرٌ يَحلُّ بِخَدِّهِ / سَريعاً فَيَبقى في سَوادِ المَظالِمِ
وَيَركَبُ أَقوامٌ مَطايا نَفيسةً
وَيَركَبُ أَقوامٌ مَطايا نَفيسةً / وَنَحنُ مَطايانا أَخامِصُ أَقدامِ
وَيلبس أَقوام حَريراً لزينةٍ / وَمَلبوسُنا ما شانَ مِن وَبرِ أَنعامِ
وَيَشرَبُ أَقوامٌ رَحيقاً بِأَكؤسٍ / وَمَشروبُنا ماءٌ بإشفافِ خَتّامِ
وَيَأكُلُ أَقوام شواءً وَجَردَقاً / وَمَأكولُنا خُبزٌ مَشوبٌ بآلامِ
وَيَلتذُّ أَقوامٌ بِأبناءِ يافِثٍ / وسامٍ وَموطوآتُنا مِن بَني حامِ
يَقضُونَ مِن دُنياهُمُ شَهواتِهِم / وَنَحنُ لَهُم في الدَهرِ أَطوَعُ خُدامِ
إِذا جاءَهُم مِنّا فَقيرٌ لحاجَةٍ / لَوَوا جيدَهم زَهواً وَنَخوةَ إِعظامِ
وَما اللَهُ عَمّا يَعملون بِغافلٍ / وَلَكنما يملي زِيادَةَ آثامِ
كَذَلِكَ تَأتيهم بَلايا عَظيمَةٌ / مِن الحَبسِ وَالتَعذيبِ وَالضَربِ وِالسامِ
غَدوا عِبرةً يَرثي لَهُم كُلُّ شامِتٍ / بِهِم وَكَذا الملتذ يَشقى بإِجرامِ
لَقَد عجِبُوا مِن لُؤلُؤٍ مُتَناثِرٍ
لَقَد عجِبُوا مِن لُؤلُؤٍ مُتَناثِرٍ / مِن الكَلِمِ الأَعلى فُرادى وَتَوأَمِ
وَما بِعَجيبٍ لُؤلؤٌ كانَ قَد مَلا / بِهِ مَسمَعي شَيخي تَناثَرَ مِن فَمِ
وَبَينَ فَمِ الإِنسانِ وَالسَمعِ نِسبَةٌ / أَلم تَرَ أَنَّ السَمعَ بابُ التَكَلُّمِ
ما سَلامُ الغُيّابِ هَذا السَلامُ
ما سَلامُ الغُيّابِ هَذا السَلامُ / بَل عِناقٌ مُواصَلٌ وَالتزامُ
وَاصطكاكُ الشِفاهِ باللَثمِ حَتّى / يَشفي الصبَّ من صَداهُ التِثامُ
أَتَظُنُّ الكَلامَ يُبري كِلاماً / ما بِكلمِ الحَبيبِ تَبرا الكلامُ
إِن تَكُن عِفتَ قُبلَةً وَعِناقا / فَلَقد عِفتَ ما يُبيحُ الكِرامُ
أَيُّهذا الَّذي نَوى الحَجَّ مَهلا / أَنتَ مَحجوجُ مَن بَراهُ السَقامُ
قَد غَدا مُحرِماً مُلَبّي حُسنٍ / مِنكَ لَمّا دَعاه زادَ الهِيامُ
شاحِبُ اللَونِ غائِرُ العَينِ ممّا / شَفَّهُ الحبُّ والهٌ مُستَهامُ
معملُ الفِكرِ في مَهامِهِ شَوقٍ / بِمطِيٍّ يَحُثُّهُنَّ الغَرامُ
سائِرٌ نَحوَ مَكَّة الحُسن مِنكُم / فَأَتاها وَقَد بَدَت أَعلامُ
كَعبة الحُسنِ مِن مُحيّاكَ تُجلى / فَبِها دائِماً يَطُوفُ الأَنامُ
كُلُّ أَركانِها يَمانِيُّ يُمنٍ / فَبِكُلٍّ مِنها يَكونُ اِستلامُ
قَد صَفا وَقتُهُم بِسَعيِ نُفُوسٍ / لِحِماكُم وَعَرَّفوا وَاِستَقاموا
وَمُناهم أَن قَد رَمَوا جمراتٍ / بِمناكُم يَشُبُّهُنَّ ضِرامُ
لا تَخَف مِن صَدىً يغرّ وَمن قو / تِ مَكانٍ يَلَذُّ فيهِ المُقامُ
فَعُيونٌ كَزَمزمٍ إِن وَرَدتُم / وَقُلوبٌ لَكُم بِهِنَّ مُقامُ
وَأَفاضُوا لَمّا أَفاضُوا إلَيكُم / أَدمُعاً كُلُّها رِهامٌ سِجامُ
عَمَروا أَنفُساً بِوُدٍّ صَحيحٍ / مِن هَواهُم فَما عَلَيهم ملامُ
وَطَوافُ الوَداعِ قاضٍ عَلَيهم / فَعَلى الوَصلِ وَالحَياةِ السَلامُ
أَتراهُم يَوماً يَزُورون مَيتاً / قَصَدوا هَجرَهُ فَزادَ الحِمامُ
عَدِّ للرَوضةِ الَّتي قَد تَجَلَّت
عَدِّ للرَوضةِ الَّتي قَد تَجَلَّت / كَعَروسٍ وَنقَّطَتها الغُيومُ
فَاِكتَسى أَيكُها مِن الزَهرِ زُهراً / فَكَأنَّ الغُصونَ فيها النُجُومُ
جَنَّةٌ أَهلُها يَسيلونَ لُطفاً / خُلُقٌ طَيِّبٌ وَخَلقٌ وَسيمُ
وَنَدامى يُسعى عَلَيهم بِكَأسٍ / من حُميا مِزاجها تَسنيمُ
ناغِشُ الطَرفِ ناعِسٌ بذبُولٍ / مُفعَمُ الرِدفِ كَشحُهُ مَهضومُ
كُلَّما دارَ قَبَّلُوهُ فَيحمَر / ر حَياءً كَأنَّهُ مَذمومُ
يَتَساقَونَ أَكؤُساً للتَصابي / في مَقاصيرَ حَلَّ فيها النَعيمُ
صَحَّ فيها الهَواءُ مَدّاً وَقَصراً / لِمُحِبٍّ واعتَلَّ فيها النَسيمُ
جَرَّ ذَيلاً لَهُ عَلى الدَوحِ هَونا / فَكَأنَّ النَسيمَ فيها سَقيمُ
حامِلاً في الرُبى لَطيمَةَ مِسكٍ / فَلَنا ذَلِكَ الأَريجُ شَمِيمُ
وَتَغَنَّت أَطيارُها فَسَمِعنا / نَغَماتٍ يَهفُو إِلَيها الحَليمُ
إِنَّها في إِنشائِها عَجَبٌ قَد / حارَ في وَصفِها هُناكَ الحَكيمُ
بَينَ بَحرَي شَهدٍ وَدارا عَلَيها / كَسُوارٍ بِمِعصَمٍ لا يَريمُ
جَمَعَت نادِرَينِ بَرّاً وَبَحراً / ذاكَ يَعدُو قَفزاً وَهَذا يَعومُ
فَبِنَفحِ الرِياضِ يَسبَحُ نُونٌ / وَبِسَفحِ الغِياضِ يَسنحُ ريمُ
قَد حَوَّمَت طَيرُ نَومي ثُمَ نَفَّرَها
قَد حَوَّمَت طَيرُ نَومي ثُمَ نَفَّرَها / حِذارُها وَجَفَت بِاللَيلِ أَجفانا
تَظُنُّ أَهدابُها أَشراكَ مُحتَبِلٍ / لا سِيّما إِذ رَأت مَعهُنَّ إِنسانا
قَصَرتُ ذاتي عَلى ذاتي وَقُلتُ لَها
قَصَرتُ ذاتي عَلى ذاتي وَقُلتُ لَها / فِرّي عَن الناسِ ما مِنهُم تَرَي حَسَنا
سِوى ثَقيلينِ تُؤذي القَلبَ صُحبَتُهُم / وَتُتعِبُ الأَشرَفَينِ الطَرفَ وَالأُذُنا
لا تنظُرَنَّ لملبَسٍ وانظُر إلى
لا تنظُرَنَّ لملبَسٍ وانظُر إلى / ما تحتَهُ من فِطنَةٍ وَبَيانِ
ذِهنٌ كَأنَّ النارَ منهَ أُشعِلَت / وَفَصاحَةٌ تربى عَلى سحبانِ
خُلِقنا لأَمرٍ لَو عَلِمنا حَقيقةً
خُلِقنا لأَمرٍ لَو عَلِمنا حَقيقةً / له ما أَحبَّ المرءُ لَيلى وَلا لُبنى
وَلكن جَهِلنا فاستراحَت نُفُوسُنا / وما تلكَ إِلا راحةٌ تَعقبُ الحُزنا
ظَبيٌ تَقنَّصته لَيلاً فَنادَمَني
ظَبيٌ تَقنَّصته لَيلاً فَنادَمَني / أُقسِّمُ اللَحظَ بَينَ البَدرِ وَالغُصُنِ
بَدرٌ أَضاءَ لَنا في شِبهِ وَفرتِهِ / حَتّى بَدا الصُبحُ مثل الصارِمِ اليَمَني
كَأَنَّما الليلُ حُبشانٌ قَد اِنهَزَموا / وَالصُبح في إِثرِهِ سَيفُ ابن ذي يزنِ
يا صُبحُ فَرَّقتَ شَملاً كانَ مجتمعاً / يا صُبحُ فرَّقتَ بَينَ الروحِ وَالبَدَنِ
سَرى مِن نَسيمِ الأُنسِ ما عَطَّر الكَونا
سَرى مِن نَسيمِ الأُنسِ ما عَطَّر الكَونا / فَبُحتُ بِسرٍّ طالَ كَتمي لَهُ صَونا
وَما نَظَرت عَيني إِلى غير واحدٍ / تَصرَّف في كُلٍّ فَلونٌ يرى لَونا
وَما أَدرَكَ الأَشياءَ غَير منطّقٍ / أخي لُطُفٍ يَمشي عَلى أَرضِهِ هَونا
فَكَم بَينَ ذي علمٍ وَآخرَ جاهِلٍ / وَكَم بَينَ ذي نورٍ وَعادِمِهِ بَونا
هِيَ النَفسُ يَجلُوها فَتَبدو حَقائِقٌ / بِها وَصَداها الجون يُظهرهُ جَونا