المجموع : 318
أَسِفى على زمنِ الشبابِ الزائلِ
أَسِفى على زمنِ الشبابِ الزائلِ / أسفٌ أُديم عليه عَضَّ أناملي
ولَّى فلا طمعٌ بعَطْفَةِ هاجرٍ / منه ولا أَمَلٌ لأَوْبَةِ راحل
هذا على أنّ العَفافَ وهِمَّتي / لم يُظْفِرا حظِّى لديه بطائل
كنْ من الدنيا على وَجَلِ
كنْ من الدنيا على وَجَلِ / وتَوَقَّعْ بَغْتةَ الأَجَل
فعقول الناس لاهيَةٌ / في الهوى والكسب والأمل
يَجْرع الإنسانُ لذتَها / وهْي مثلُ السمِّ في العسل
أنت من دنياك في شُغُلٍ / والمَنايا فيك في شُغُل
كلُّ ما فيها يزول فلا / فرقَ بين الهم والجَذَل
يا مريضاً لم يجد أَلما / أنت لو تدرِي أبو العِلل
يا بصيرا ليس يُبِصر ما / فيه من عيبٍ ومن زَلل
لو أَراك العقلُ أَيْسَرَه / كدتَ أَنْ تفنى من الخجل
للهدى نورٌ يَدلُّ على / آخرِ الأشياءِ بالأُوَل
فابتدِرْ ما سوف تذكُره / نادما ما دمتَ في مَهَل
ليس يُجدِى القولُ منفعةً / حين تُبديه بلا عمل
وإذا ما الفهمُ عازَك لم / تنتفع بالوعظ والعَذَل
إذا دانتْ لك الدُّوَل
إذا دانتْ لك الدُّوَل / ففَكِّرْ كيفَ تنتِقلُ
فلو سَمحتْ بها الأيا / مُ لم يَسْمح بها الأَجَل
وإنك سوف تَدفعُها / كما أعطتْكَها الأُوَل
فلا يَغْرُرْ بك التَّسوي / فُ والآمالُ والعِلَل
فإنك إنْ تجد أملا / تَجدَّدَ بعدَه أَمَل
فما يُرْوِيك من دنيا / ك لا عَلٌّ ولا نَهَل
وإنك كلُّ ما جَمَّعْ / تَ يبقىَ حين ترتحِل
فما لك منه فيما بع / دُ إلا الإثم والزَّلل
وبَطْشةُ قابضِ الأَرْوا / حِ ليس لأخذِها مَهَل
عجبت لآمِنٍ ساهٍ / له بحياته جَذَل
وجيشُ الموت يطلبه / وقد ضاقتْ به السُّبُل
وما في قصده شك / ولا يدري متى يصل
وسِيّانِ الجبانُ لدي / ه عند البطش والبطل
إذا شَرُفتْ نفسُ الفتى عافتِ الذُّلاّ
إذا شَرُفتْ نفسُ الفتى عافتِ الذُّلاّ / ولو كابدتْ من فَرْطِ ضِيقتِها غُلاّ
ولو حاز مُلكَ الأرضِ والعيشَ خالدا / بذلَّةِ يومٍ واحد ترك الكُلاّ
له سيفُ صبر مُغَمدٌ في قَناعةٍ / إذا ثار جيشٌ من مَطامعِه سَلا
أَفْرَط نسيانُ أبي عامرٍ
أَفْرَط نسيانُ أبي عامرٍ / وزاد حتى جاوز الأَبْلَها
حتى إذا حدثتُه لفظةً / ينساك في ساعِته قبلَها
حَدِّثْه بالأسرارِ مُسترسِلا / وابثُثْه محظوراتِها كلَّها
ولا تخفْ نَقْلا فنسيانُه / في وقتِها يَمنعُه نقلها
لو غابَ عن منزله ساعةً / ما عرف الدار ولا أهلها
ولا بَنيه لا ولا عِرْسَه / ولا متى كان بها بَعْلَها
أكثبانَ رملِ الظاهرية هل إلى
أكثبانَ رملِ الظاهرية هل إلى / عَشِيّاتِك المستحسَناتِ سَبيلُ
وهل يَتلقّاني نسيمُك سُحْرةً / وقد صافح الأزهار وهْو عليل
الطَّلِّ يسحب ذيله / على قُلَل الأهداف وهْو بليل
ويُطرِبني في جانبيك حَمائم / لها بين أوراق الغصون عَوِيل
وتبهجني تلك القصور التي بها / بياض يرد الطرف وهْو كليل
إذا قلتُ قد رَقَّ الزمانُ وَصَرَّفَتْ
إذا قلتُ قد رَقَّ الزمانُ وَصَرَّفَتْ / صُروفُ الليالي ضَيقَتي وخُمولي
أَحال علىَّ النائباتِ كأنما / يُطالبني عن سالفٍ بذُحُول
إن كنتُ خنتكمُ المودةَ ساعةً
إن كنتُ خنتكمُ المودةَ ساعةً / أو مِلْتُ بعدكمُ لقول العُذَّل
أو آنسَتْ روحي بشيء راحةً / من منظرٍ أو مَشْرب أو مأكل
فزعمتُ أن النيل عند كماله / أوفى وأغزر من نَوال الأَفْضَل
أو قلتُ إِن الشمس تُدرِك شأوه / في النفع أو في النور أو في المنزل
هيهاتَ جلَّ عن الدلائل فضلُه / قدرا وصار ضرورةً لم يُشْكِل
انظرْ إلى الروضةِ الغناءِ والنيلِ
انظرْ إلى الروضةِ الغناءِ والنيلِ / واسمعْ بَدائعَ تشبيهٍ وتمثيلِ
وانظرْ إلى البحرِ مجموعا ومفترِقا / هناك أَشْبهُ شيءٍ بالسَّراويل
والريحُ يَطْويه أحيانا ويَنُشره / نسيمُها بين تَفْريكٍ وتَعْديل
للهِ يومٌ أَنالَه النيلُ
للهِ يومٌ أَنالَه النيلُ / لحُسْنِه جملةٌ وتَفْصيلُ
في منظرٍ مشرقٍ على خضْرٍ / كأنه في الظلام قِنْديل
تبدى لنا جانبا جزيرته / أشياءَ فيها للعين تأميل
كأنما البحرُ عند مفتَرق ال / ماءَيْنِ من رأسِها سَراويل
ورَقْمه الجسر وتفريكه ال / موجُ وتَكُّ الخليج تكميل
وصلَ الكتابُ فيا لَه من واصلِ
وصلَ الكتابُ فيا لَه من واصلِ / أَهدى السرور على المدى المُتطاوِل
فلثمتُه من قبِل فكِّ خِتامه / لما تَبدَّى من يمين الحامل
وفَضضتُه عن روضِ خَطٍّ ضِمْنُه / زَهْرانِ من لفظٍ ومعنىً فاضِل
فكأنّ أفواه الحِسان تقسمت / لي منه بين مَعاجر وغَلائل
وكأن مُقْدَمَه زيارةُ خلسةٍ / جاءتْ بديها من حبيبٍ ماطِل
درٌ نفيس القدر جاء هديةً / من ذلك البحرِ البعيد الساحل
فرأيتُ معجزةً يُقصِّر دونَها / هِممُ الورى من كاتب أو قائل
وعجبتُ كيف تَبرعتْ بكماله / في المعجزاتِ يدُ الزمان الباخل
صلى الإلهُ عليك يا بْنَ رسولِهِ
صلى الإلهُ عليك يا بْنَ رسولِهِ / وهَدى لطاعِتك الوَرَى لسبيلِهِ
فبِكَ استقرَّ الحقُّ واتضح الهدى / وأبان للثَّقَلين وجهُ دليلِهِ
يا بنَ الأئمةِ من ذؤابةِ هاشمٍ / شَرَفٌ سَما بفروعه وأصوله
ومبيد مُلْكِ الرومِ بالنصرِ الذي / نَطَقَت به الآياتُ من إنجليه
قد شام منه الشامُ أعظمَ بارِقٍ / يمحو الفِرِنْجَة منه بعضُ سيوله
بادرْ بيومٍ مثلِ بدرٍ إنْ يكن / لأبيك ذاك فإن ذا لسليله
قد حان حَيْنُهمُ وكاد لقربه / منهم يُسمِّعُنا صياحَ عَويله
للهِ جيشٌ مثلُ جيشك مُعْلَم / فالنصرُ يرحل دائبا برحيله
لولا الضجيجُ لكادَ يسمع ناصِتٌ / صوتَ المَلائكِ فيه من تهليله
وأجْرِ الجياد فكلُّ طِرْفٍ سابح / شوقا لهذا النصر جَلّ صهيلُه
وشِمِ السيوفَ إذاً فكلُّ مُهنَّدٍ / لرقابِ أهلِ الكفر فَرْطُ نُحوله
فليَثْبُتِ الإفرنجُ منه لقَسْوَرٍ / بعث الحُتوف إليهمُ من غِيله
ما مالهم وحريمهمُ ودماؤهم / إلا وَديعته بكفِّ وكيله
فالبَرُّ مثلُ البحرِ من فرسانه / والبحر مثل البر من أسطوله
جَمْعٌ يَبيت الطيرُ فوق رماحِه / عُدْما لكثرته مكانَ مَقيله
ضاقتْ به الكرةُ التي هو مِلْؤُها / حتى يكادَ يشقُّها برَعيله
يا أرفعَ الخلفاء قَدْرا يا إما / مَ الحقِّ دعوةُ صادقٍ في قِيله
إن الذي أَهَّلْتَنا لمَديحه / ورفعتَه في المُلْك بعد نزوله
وأَشعْتَ في الثَّقَليْن موقعَ ذكرِه / فجرتْ به الأفواهُ بعدَ خموله
أنت المُرادُ بقَصْدِ كلِّ قصيدةٍ / بُنِيَت على الأفهام في تَبْجيله
كسجودِ أَملاكِ السماءِ لآدمٍ / وسجودُها لله في تأويله
أَولَيته نِعَما تعَاظمَ قَدْرُها / شَرَفا فقابَلَها بفَرْطِ غُلوله
نال الثريا في ذَراكَ فحظُّه / تحتَ الثرى الأقصى طِلابُ فُضوله
وجعلتَه كالشمسِ ما بينَ الورى / وفِعالُه تَقضِي بوَشْكِ أُفوله
فاغترَّ بالرأيِ الذي أَوْدَى به / وأَصارَه لقُيوده وكبوله
ومَطامع الآمالِ تخدع ذا النُّهى / وتُعيد عالمَ عصرِه كجِهوله
فاللهُ ناصرُ من أطاعَك صادقا / ومُبيدُه بالذلِّ عند نُكوله
فلقد عدلتَ فكِدْتَ تأخذُ رغبةً / بالثأرِ من هابيلَ في قابيِله
ووهبتَ حتى إنّ جودَك يغمر ال / دنيا ومن فيها ببعض هُموله
وحَلُمت حتى إنَّ عفوك يسبق ال / جاني إلى الغايات من تأميله
وأَجرتَ من جَورِ الزمانِ فما لَه / صَرْفٌ يخافُ الْحُرُّ من تَنْقيله
غاياتُ مدحِك لا تُنال ونَيْلُها / إفحامُ مُوجزِه وعجزُ مُطيله
كالبحرِ لم تبلغ نهايةُ ذي نُهّى / أبداً إلى مَوزونه ومَكيله
ماذا يقول المادحون وقد بدا / بمديحِك القرآنُ في تنزيله
أنت الذي بَعث الإلهُ لنا به / آباءَه فتَمثَّلوا بمُثوله
حتى لقد ودَّ الحجازُ تشوقا / لو زاره برسُومه وطُلوله
فيرى لوجهك ما رأى من حَقِّهم / فيما مضى بجماله وجميله
ولِيُمْسِك البيتُ الحرامُ وحِجْرُه / ومقامُه وحَطيمُه بذُيوله
ويُبادِرَ الْحَجرُ العظيمُ ومالَه / غيرُ استلامِ يديه أو تقبيله
وتقول مكةُ عند ذاك وطَيْبَةٌ / هذا ابنُ حَيْدرةَ الرِّضاَ وبَتوله
هذا ضياءُ اللهِ والمعنى الذي / تتَفاضلُ العلماءُ في تعليله
هذا ابنُ مَنْ أَدْناهُ منه إلهُه / كالقابِ من قَوْسَيْن في تمثيله
هذا ابن من نطق الذراعُ لجَدِّه / إذْ سَمَّه الكفار في مأكوله
من آمنتْ جِنُّ البلاد به وقد / سمعتْ كلامَ اللهِ في تنزيله
ما زال يَنْقُله الإله مُطهَّرا / عن ظهرِ مثلِ ذَبيحه وخَليله
وتَوارثتْه الأنبياءُ وسادةُ ال / خلفاءِ حتى حانَ وقتُ حُلوله
قَسما بمولِده وغُرَّةِ وجهِه / شَرَفا أَناف لعصِره ولجِيله
هذا مُذِلُّ الشِّرْكِ بالعَزْم الذي / ما فيه غيرُ أسيره وقتيله
أَغنتْ هِباتُك قُطْرَ مِصْر عن الْحَيا / جُودا وأغنى نَيْلُها عن نِيله
مَدَّ الحياءَ على الْحَيا حتى انثَنى / عنها ودام النيلُ في تَطْفيله
ولقد يُريد تَشَبُّها بك في الندى / وأقلُّ جودِ يديك مثلُ جَليله
ونَداك أَدْوم ثم أحلى موقعا / منه فما ينفكُّ عن تخجيله
لو لم يُراعِ له قريبَ جوارِهِ / لرَواه سَيْبُك في عظيم نزوله
جودٌ يَفيض لمن دَنا ولمن نَأى / فالْخَلقُ بين هُموله وشُموله
يا طالبا للدين والدنيا معا / يَبْغيهما بوَجيفه وذَميله
مِصراً فبابُ اللهِ فيها سائلُ ال / أفضالِ قد سعد الوَرى بدخوله
الآمرُ المنصورُ والجبلُ الذي / قامتْ ملوكُ الأرضِ تحتَ سهوله
هو واحدٌ والناسُ طُرّا بعضُه / ما عازَه في الخلق غيرُ عَديله
يا غرَّةَ الحقِّ المُنيرةَ للورى / فدليلُها بادٍ على مدلوله
هذا مقام كنت أَجْهَد دائِبا / في نَيْله وأَجِدُّ في تحصيله
حتى وقفتُ أمامَ دَسْتِك مُنشِدا / ما أنت أعلمُ سامعٍ بمقَولة
فلأَفْخَرَنَّ به لأكِمد حاسدي / حتى يموتَ بغيظه وغَليله
فتَهنَّ هذا العيدَ فهْو مُهَنَّأٌ / فيما لديك بقُربِه ووُصوله
وافَى فأَدركَ منك فخرا عاجلا / ظَفِر الزمانُ به مِنِ اسْماعيله
شَرَّفتَنا وزمانَنا فجميعُنا / مُتميِّز في جنسه وقَبيله
فاسلمْ ودُمْ والْقَ السنين بمُبْتدا / عُمرٍ كطيبِ نَدى يَدَيْك وطوله
عجبتُ لشُكرِي كيف يرجو بجهدِه
عجبتُ لشُكرِي كيف يرجو بجهدِه / مُكافاةَ ما يُولى الحسينُ من الفَضْلِ
وإني وإياه لَكالأرضِ حاولتْ / مجازاةَ ما تُولى السماءُ من الوَبْل
لما تَلطَّفتَ حتى صحَّ وَعْدُكَ لي
لما تَلطَّفتَ حتى صحَّ وَعْدُكَ لي / في مَقْصِدي وَثِقتْ بالنجحِ آمالىِ
يَفديك كلُّ عريضِ الجاهِ ليس له / جودٌ يُرَى غيرَ أعذار وأَعْلالِ
كأن سائَله فيما يُحاوله / منه مُسائلُ أعلامٍ وأطلال
كفَّت عن الخير كفٌّ منه باخِلة / كأنها بين أَصْفاد وأغلال
لأَشْكرَنّك شُكْرا لا انقضاءَ له / فإنْ أمُتْ شَكرتْك الدهرَ أقوالي
وما يُكافِى على فضلٍ تُقَلِّدهُ / لكنه الجهدُ في فقري وإقلالي
لأُرَوِّيَنَّ الدرهَ مَدائحاً
لأُرَوِّيَنَّ الدرهَ مَدائحاً / كالسحرِ إلا أنهن حلالُ
مدحٌ يَعُمُّ الخافقَيْنَ أَقلُّه / وكأنه من راحتيكَ نوالُ
وصل الكتابُ فكدتُ من فرجٍ به
وصل الكتابُ فكدتُ من فرجٍ به / أوهِى يمينَ رسوله تَقْبيلا
فكأنني ظمآن ضَلَّ بقَفْزةٍ / حتى انتهى يأسا أصاب النيلا
وأظنُّ مولاي اقْتَدَى بمقالِ مَنْ / نَظم القريضَ وأَغْرَب التأويلا
لولا طِرادُ الخيلِ لم تك لذةٌ / فَتطارَدِي لي بالوصالِ قليلا
لا زلتَ تتخذ السعادةَ صاحبا / والعزَّ دارا والبقاءَ خليلا
تُثْنِى بما أُثِنى عليك صحائفٌ / تُتْلَى بألسنةِ الورى تَرْتيلا
واللهِ لو صحَّ عندي أن هجركمُ
واللهِ لو صحَّ عندي أن هجركمُ / يَفْنَى لكنتُ أُسَلِّى بالنفس بالأَملِ
لكنْ صددتمُ بلا ذنبٍ وهل سببٌ / للحَيْن أوجب هجراني سوى المَلل
خُنتم فلم يبقَ لي في وصلكم طمعٌ / يُرْجَى وهذا فؤادي في ابتداء العمل
إنّ الخلافةَ لم تَزُلْ عن أصِلها
إنّ الخلافةَ لم تَزُلْ عن أصِلها / بل أصبحتْ في ملكِ ناظمِ شَمْلِها
صارتْ إلى مَن لو حَواها غيرُه / ما كان مُضطلِعا بأَيسرِ ثِقْلِها
إن الهناءَ لها برُتْبِة وَصْلِهِ / ضعفُ الهَناءِ له برتبِة وَصْلِها
فالمُلْكُ كالفُلْكِ المضيءِ بشمسِه / والشمسُ أنت وضوءُه من فِعْلِها
يا حجةَ الله التي وجبَتْ على / أهلِ الزمانِ بفَرْعِها وبأصلها
إن القلوب تألفت واستسلمتْ / طوعا إليك بعلمِها لا جهلها
والحقُّ أبلجُ والضرورة شاهدٌ / بقضيةٍ تقِضى العقولُ بعَدْلِها
وَرِث ابنُ عمِّ محمدٍ من بعدِهِ / حقَّ الخلافةِ مُنْصِفا في نَقْلِها
وورثتَ أنت عن ابنِ عمك حَقَّها / فجَرى قياسُ خِلافه في شكلها
واللهِ ما اختارتْك إلا بعد ما / وَجدتْك أَوْلَى وارثٍ من نَسْلِها
حتى لوِ اجتمع الخَليقةُ كلها / من شيخِها أو طفلها أو كَهْلها
لم ينهضوا بدقيقةٍ من حمِله / ووجدتْك أَنْهضَ من يقوم بحملها
يا حافظا للدينِ حِفْظَ حِياطةٍ / بسياسةٍ ما شُوهدتْ من قَبْلِها
عدلٌ وإنصافٌ وفَرْطُ صِيانةٍ / ومواهبٌ تُرْوِى الأَنامَ بَهطْلِها
وسدادُ رأىٍ أظهرتْ مرآتُه / لك ما يدِقُّ بما صَفا من صَقْلها
ورجاحةٌ وفصاحةٌ وسماحة / أربتْ على البحر الخِضَمِّ بوَبْلِها
وتواضعٌ للهِ عن شرفٍ سَما / فوق الثريا ضِعْفَ ضعفِ مَحَلِّها
يا ابنَ النبوةِ والخلافةِ والأُلَى / نهضَوا بصعبِ المَكْرُمات وسهلها
الفرضُ طاعتُكم وطاعةُ غيرِكم / تَبَعٌ لها بضرورةٍ من أجلها
إن الصلاة بكم تَصِحُّ وذكرُكم / تتميمُها في فَرْضها أو نَفْلِها
بكم تسعدُ الدنيا ويسعد أهلها / يا خيرَ حيٍّ من سُلالة رُسْلِها
يا عروةَ اللهِ التي لم ينتفع / إلا امرءٌ عَلِقتْ يداه بحبلها
يا بحرَ علمٍ كالبحارِ جميعِها / لك من فنونِ الفضلِ عِدَّةُ رَمْلِها
الله خَصَّك في الكمال برتبةٍ / لم ينفتح لسواك مُغْلَقُ قُفْلِها
أَمنتْ بك الدنيا لأنك حافظٌ / بالحزمِ بين أَدَقِّها وأَجلِّها
قد كان قبلَك نيلُ مصرَ مُقصِّرا / والناسُ في جَزعٍ لوافدِ مَحْلِها
حتى وليتَ فأدركتْها رحمةٌ / يَتتابعُ الغيثُ الغزيرُ بمثلها
وكفَي بذلك في البرية مُعجِزا / يشِفي السَّرائر من شَوائبِ غُلِّها
إن الخلافة ما أَتتْك عريبة / بل أَيِّمٌ أضحتْ تُزَفُّ لبَعْلِها
جاءتْ إلى الأَوْلَى بقَبْضِ زمامها / وظَهيرِ ذِرْوَتها ومَوْطِىءِ رجلها
فاز الملوكُ من السعودِ ببعضها / وأتيتْ بعدهمُ ففزتَ بكُلِّها
فضُروبُ فضلِك لا تُعَدَّ فإنها / كالسُّحْبِ لا تُحصَى فَرائدُ وَبْلِها
منها بدورُ سَمائِك الغرُّ التي / فضحتْ أَكُفُّهمُ السحابَ بهَطْلِها
ساروا إلى العَليا ملوكٌ فانتَهى / جهدُ السوابقِ عند أولِ نُزْلِها
أرضعتَهم دَرَّ الفضائلِ فارْتَوَوا / من بعدِ ما طال الزمانُ بَحفْلِها
سُحْبٌ تجود لنا بعَذْبِ نوالها / غَدَقا وتَلْحَقنا بباردِ ظلِّها
سُسْتُ الأمور سياسةً بلطافةٍ / فإذا جَفا خَطْبٌ رَمتْه لجَزْلِها
فاسْلمْ لضبطِ الدين والدنيا معا / حِصْنا يحيط بشيخِها وبطفلها
فتهنَّ هذا العامَ فهْو مُبِّشر / بسعادةٍ ملأتْ مَسالكَ سُبْلِها
هو وافدٌ وافَى لينصر عِزُّه / نورَ النبوةِ مُعْرِبا عن فضلها
صَلَّى عليها مَنْ أَتمَّ بها الهدى / علما وفكَّ بها النُّهَى من غُلها
بعثتْ إليكَ بطَيفِها تَعْليلا
بعثتْ إليكَ بطَيفِها تَعْليلا / وخِضابُ ليِلك قد أَراد نُصولا
وأتْتك وَهْنا والظلامُ كأنما / عَقَد النجومَ لرأسِه إكليلا
وإذا تأملتَ الكواكبَ خِلْتَها / زهرا تَفتَّح أو عيونا حُولا
أهدتْ لنا من خَدِّها ورُضابها / وردا تُحَيِّينا به وشَمولا
وردا إذا ما اشْتَمَّ زاد غَضاضةً / وإذا شممتَ الورد زاد ذبولا
وجَلتْ لنا بَرَدا يُشَهِّى بَرْدُه / نفسَ الحَصورِ العابدِ التَّقبيلا
بَرَدٌ يُذيب ولا يَذوب وكلما / شرِب المتيمُ منه زاد غَليلا
لم أنْسَها تشكو الفراق بأَدُمعٍ / ما اعْتَدْنَ في الخدِّ الأسيل مَسيلا
فرأيتُ سيفَ الجفنِ ليس بمُغْمَدٍ / من تحتِ أَدْمُعِها ولا مسلولا
إن غاض دمعُكِ فاحذرِي غرقا به / فإذا تَوالَى القَطْرُ عاد سيولا
حُطى النِّقابَ لعلّ سَرْحَ لِحاظِنا / في روضٍ وجهِك يَرتْعَينَ قليلا
لما انتقبتِ حَسبتُ وجهك شُعلةً / خَللَ النقاب وخِلتُه قنديلا
هام الفؤاد بأَنْجُمٍ من حيث ما / بصرتُهن رأيتُهن أُفولا
ينمون حين تَرى الموارد طُفَّحا / والروضَ غَضَّا والنسيمَ عليلا
والأُقحوانةَ ثَمَّ تْلقَى أختَها / كفمٍ يُحاول من فمٍ تقبيلا
كلِف الفؤاد بمن رأيت فكلما / دانيتُه شبرا تَأخَّر ميلا
قَتلتنيَ الأيامُ حين قتلتُها / علما فدُونَك قاتلا مقتولا
أَطْلعَ الحسنُ من جبينك شمسا
أَطْلعَ الحسنُ من جبينك شمسا / فوق وردٍ من وجنتيك أَطَلاَّ
فكأن العِذار خاف على الور / دِ جَفافاً فمدَّ بالشَّعْر ظِلا