القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مصطفى صادق الرافعي الكل
المجموع : 347
يعزِّي الناسُ بعضهمُ
يعزِّي الناسُ بعضهمُ / ولا يجديهمُ شيَّا
فذاكَ طويٌّ وهذا سو / فَ يطويهِ الردى طيَّا
يمينُ اللهِ لو عقلوا / لعزّى الميتُ الحيَّا
مدادُكِ في ثغرِ الزمانِ رضابُ
مدادُكِ في ثغرِ الزمانِ رضابُ / وخطكِ في كلتا يديهِ خضابُ
وكفُّكِ في مثلِ البدرِ قد لاحَ نصفهُ / فلا بدعَ في أنّ اليراعَ شهابُ
كلحظكِ أو أمضى وإن كانَ آسيا / جراحَ اللواتي ما لهنَّ قرابُ
يمجُّ كمثلِ الشهدِ مجتهُ نحلةٌ / وإن لم يكن فيما يمجُّ شرابُ
ويكتبُ ما يحكي العيونَ ملاحةً / وما السحرُ إلا مقلةٌ وكتابُ
فدونكِ عيني فاستمدي سوادها / وهذا فؤادٌ طاهرٌ وشبابُ
أرى الكفَّ من فوقِ اليراعِ حمامةً / وتحتَ جناحيها يطيرُ غرابُ
كأنَّ أديمَ الليل طرسٌ كتبتهِ / وفيهِ تباشيرُ الصباحِ عتابُ
كأنَّ جبينَ الفجرِ كانَ صحيفةً / كأنَّ سطورَ الخطِّ فيهِ ضبابُ
كأنَّ وميضَ البرقِ معنىً قدحتهِ / كأنَ التماعَ الأفقِ فيهِ صوابُ
كأنكِ إما تنظري في كتابةٍ / ذكاءٌ وأوراقُ الكتابِ سحابُ
أراكِ ترجينَ الذي لستِ أهلهُ / وما كلُّ علمٍ إبرةٌ وثيابُ
كفى الزهرَ ما تندَّى بهِ راحةُ الصبا / وهل للندى بينَ السيولِ حسابُ
وما أحمقَ الشاةَ استغرتْ بظلفها / إذا حسبتْ أنّ الشياهَ ذئابُ
فحسبكِ نبلاً قالة الناسِ أنجبتْ / وحسبكِ فخراً أن يصونكِ بابُ
لكِ القلبُ من زوجٍ ووُلدٍ ووالدٍ / وملكُ جميع العالمينَ رقابُ
ولم تخلقي إلا نعيماً لبائسٍ / فمن ذا رأى أن النعيمَ عذابُ
دعي عنكِ قوماً زاحمتهم نساءُهم / فكانوا كما حفَّ الشرابُ ذبابُ
تساووا فهذا بينهم مثلَ هذهِ / وسيَانَ معنىً يافعٌ وكعابُ
وما عجبي أنَّ النساءَ ترجّلتْ / ولكنَّ تأنيثَ الرجالِ عجابُ
ما بالُ هذا الجسم يا فتنتي
ما بالُ هذا الجسم يا فتنتي / مَنْ سرقَ الديباجُ من حبسِ
وبعضهُ في كفنٍ واسعٍ / وبعضهُ في ضيقِهِ الرمسِ
لكلِّ شيءٍ حسنٍ زينةٌ / وزينةُ الخمرةِ في الكاسِ
والبدرُ في ديباجةٍ يجتلى / وأنتِ في عشرٍ وفي خمسِ
شريعةٌ تنسخُ من يومها / كلَّ الذي قد شرعتْ أمسِ
ولو تزيدُ الحسنَ أثوابُهُ / لبانَ نقصَ الحسنِ في الشمسِ
أهانتِ الغاداتُ أهلَ الهوى / وهنَّ قد هُنَّ على نفسي
فأعينُ القومِ وأذيالها / مصلحةٌ للرشِ والكنسِ
بدتْ قمراً لهُ حظي ليالي
بدتْ قمراً لهُ حظي ليالي / وجسمي في هواها كالهلالِ
ولاحتْ في المرآةِ فقلْ سماءٌ / تولتْها الملائِكُ بالصقالِ
ترقرقَ حسنها فيها فقالتْ / وفي الطاووسِ طبعُ الاختيالِ
وكانتْ كالغصونِ أصبنَ نهراً / فداعبْنَ الظِّلالَ على الزلالِ
وكنتُ لها بواحدةٍ قتيلاً / فكيفَ بها اثنتينِ على قتالي
دعوها تدرِ منها ما درينا / وتنظر ما نظرنا من جمالِ
فما مرآتها إلا كتابٌ / يعدُّ لها جناياتُ الدلالِ
وما اتهمتْ محاسنها ولكنْ / يكونُ سجيةً مرحُ الغزالِ
عساها صدَّقتْ ما أخبروها / بأن الطيفَ يسمحُ بالوصالِ
فلازمتِ المرآةَ كما أراها / تحاولُ أنْ تُظَّفرَ بالخيالِ
وللحسناءِ آمالٌ وماذا / يؤملُ في السما غيرُ المحالِ
فيا مرآتها وصفاءَ قلبي / وعصرَ طفولتي وخلوَّ بالي
ويا حظّي وحاجبها ودهري / وطرتَها وعينها وحالي
تقلبتِ الليالي بي ولما / يرعني إن تقلبتِ الليالي
كأني صرتُ مرآةً لدهري / يرى يها محاسنهُ البوالي
فلم ينظرْ جبيني قَطُّ إلا / تنفسَ فيهِ بالهمِّ العُضالِ
فدَيتُكِ ساعةَ المرآةِ طولي / أمدكِ من لياليَّ الطوالِ
فما أحلى إذا وقفتْ إليها / تبالي بالجمالِ ولا تبالي
وبانتْ في الحليِّ طريقَ سبقٍ / لتستبقَ اليمينَ معَ الشمالِ
وأعيى كفها الشعرُ اختلافاً / كما تعيى الهدايةُ بالضلالِ
ولاحتْ في لواحظها سِمَاةٌ / كا تجري المنيةُ في النّصالِ
فلو نطقتْ لنا المرآةُ عنها / إذاً قالتْ تباركَ ذو الجلالِ
رأتْ الملاحُ على السماءِ كواكباً
رأتْ الملاحُ على السماءِ كواكباً / فجعلنها فوقَ الصدورِ عقودا
ورأينَ نورَ الشمسِ يضحكُ في الضحى / فلبسنَ منهُ أوجهاً وخدودا
ورأينها تبدرُ وتغربُ لا تني / فجعلنَ ذاكَ تواصلاً وصدودا
إني لطِبٌّ بالنساءِ وقد رأي / تُ لهنَّ قلباً لا يزالُ حسودا
فلو أنهنَّ رأينَ عوداً قد تحلَّى / بالثمارِ حسدنَ ذاكَ العودا
وإذا غضبنَ جعلنَ أسبابَ التَّوا / صلِ إصبعاً أو معصماً أو جيدا
وقلوبهنَّ على الحليِّ كذي الليا / لي إن عدمنَ البدرَ كانتْ سودا
إن النساء خلائقٌ إن فتْنها / فهي الأسارى والحليُّ قيودا
أتى عليكِ وإن لم تشعرِي الأمدُ
أتى عليكِ وإن لم تشعرِي الأمدُ / وأنتِ أنتِ مضى أمسٌ وحلَّ غدُ
فهبكِ عيناً فما في الناسِ ذو نظرٍ / إلا ويؤلمهُ في عينهِ الرَّمدُ
وهبكِ قلباً فما في الخلقِ من رجلٍ / إلا ويوجِعهُ في قلبِهِ الكمدُ
وهبكِ من كبدٍ في جنبِ صاحبها / أليسَ يحملُ ما تغلي بهِ الكيدُ
عجبتُ لامرأةٍ هانتْ وما اعتبرتْ / ومن رجالٍ أهانوها وما رَشَدوا
كلاهما رجلٌ في الناسِ وامرأةٌ / ولا مميزَ إلا ذلكَ الجسدُ
وكلُّ ما حولهم في الذلِّ مثلهمُ / يُستعبدُ الكلُّ حتى النهرُ والبلدُ
يا بنتَ مصرَ ولا قومٌ تعزُّ بهمْ / ولا بلادٌ ولا أهلٌ ولا ولدُ
زاغتْ عيونُ بني مصرَ وضلَّ بها / غيُّ النفوسِ وهذا الجهلُ والفندُ
فأنتِ في نظرِ الراقينَ سائمةٌ / وفي نواظرِ فلاحيهمُ وتدُ
وأنتِ بينهمْ في كلِّ منزلةٍ / صفرُ اليسارِ بهِ يستكملُ العددُ
أقامَ في رأسكِ الجهلُ الذي سلفتْ / بهِ الليالي وفي أضلاعكِ الحسدُ
وما يحلان بيتاً كانَ في رغدٍ / إلا وهاجرَ منهُ ذلكَ الرغدُ
فالسحرُ والزارُ والأسيادُ جملتها / لأهلها نكدٌ ما مثلهِ نكدُ
ما أنتِ في الصينِ والأوثانُ قائمةٌ / وللشياطينِ في كلِّ الأمورِ يدُ
تاللهِ لوز كانَ من علمٍ وتربيةٍ / شيءٌ يمازجهُ ذا الصبرُ والجلدُ
إذا لما سخرتْ من بنتِ جمعتها / من يومُها السبتُ أو من يومُها الأحدُ
فهل ارى رجلاً فينا أو امرأةً / بعدَ الخمودِ وطولِ الذلِّ يتقدُ
يا قومُ لو نامَ ليثُ الغابِ نومكمُ / لاستنكفَ الفارُ إن قالوا لهُ أسدُ
لأمرٍ فيهِ يرتفعُ لسحابُ
لأمرٍ فيهِ يرتفعُ لسحابُ / ولا يسمو إلى الأفقِ الترابُ
وما استوتِ النفوسُ بشكلِ جسمٍ / وهل ينبيكَ بالسيفِ الترابُ
وما سيانَ في طمعٍ وحرصٍ / إذا ما الكلبُ أشبههُ الذئابُ
رأيتُ الناسَ كالأجسادِ تعلو / لعزتِها على القدمِ الرقابُ
فليسَ من العجيبِ سموُّ أنثى / على رجلٍ تُرَجِّلُهُ الثيابُ
ولو نفساهما بدتا لعيني / لما ميزتُ أيّهما الكعابُ
إنَّ لباطنِ الأشياءِ سرّاً / بهِ قد أعجزَ الأسدَ الذئابُ
فيا لرجالِ قومي من شموسٍ / إذا قُرِنوا بها انقشعَ الضبابُ
نساءٌ غيرَ أنَّ لهنَّ نفساً / إذا همّتْ تسهلتِ الصعابُ
فإن تلقَ البحاَ تكنْ سفينا / وإن تردِ السما فهي الشِّهابُ
ضعافٌ غيرَ أنَّ لهنَّ رأياً / يسددهُ إلى القصدِ الصوابُ
وما من شيمةٍ إلا وفيها / لهنَّ يدٌ محامدها خضابُ
وقومي مثلُ ما أدري وتدري / فهمْ لسؤالِ شاعرهمْ جوابُ
رجالٌ غيرَ أنَّ لهمْ وجوهاً / أحقُّ بها لعمرهمُ النّقابُ
غطارفةٌ إذا انتسبوا ولكن / إذا عُدُّوا تصعلكَ الانتسابُ
جدودهمُ لهم في الناسِ مجدٌ / وهمْ لجدودهمْ في الناسِ عابُ
ومن يقلِ الغرابُ ابنُ القماري / يكذبهُ إذا نعبَ الغرابُ
عجيبٌ والعجائبُ بعدُ شتَّى / بأنّا في الورى شيءٌ عجابُ
تقدمنا النسا ونفوسُ قومي / من اللائي عليهنَّ الحجابُ
وما غيرُ النفوسِ هي البرايا / وأنثاها أو الرجلِ الإهابُ
أبى الجهلُ إلا أن يكونَ نساؤنا
أبى الجهلُ إلا أن يكونَ نساؤنا / رجالٌ سوانا والرجالُ نساءُ
فتلكَ نساءُ الغربِ ساوينَ غيرةً / وفقنَ رجالَ المشرقِ الجهلاءُ
وكلُّ نساءِ الشرقِ ساوينَ في الرضا / بذاكَ رجالَ المغربِ العلماءُ
وآيةُ ذلِّ النفسِ أن يحكمَ الهوى / وقد أصبحَ الشرقانِ فيهِ سواءُ
للحسانِ الدلالُ والخيلاءُ
للحسانِ الدلالُ والخيلاءُ / ولكِ الأمرُ بعدُ يا حسناءُ
فاطلعي كيفَ شئتِ بدراً وشمساً / وصباحاً ما دامَ فينا الضياءُ
كلُّ بدرٍ لهُ سماءٌ ولا يع / رفُ للحسنِ كالبيوتِ سماءُ
لا تغرنْكِ من ترينَ من العج / مِ فما الشرقُ والشمالُ سواءُ
كلُّ بيتٍ لهُ قطينٌ وإن كا / نَ تساوى في كلِّهنَّ البناءُ
هي في قومها وأنتِ في قو / مكِ والنفسُ بعدها أهواءُ
إن ظِرفَ اللسانِ في لغةِ الأه / لِ وعنوانُ قومهنَّ النساءُ
وإذا ما الأمهاتُ أحببنَ شيئاً / ورثتْ حبَّها لهُ الأبناءُ
وإذا الفتاةُ شبّتْ على الله / وِ فباللهوِ بعدَ ذاكَ تُساءُ
إنما البنتُ زوجةٌ ثمَّ أمٌّ / ثمَّ يبقى الحديثُ كيفَ تشاءُ
وهي كالماءِ كلما قطَّروهُ / زادَ حسناً ورقَّ بعدُ الماءُ
لستُ أدري وليتني كنتُ أدري / نحنُ بينَ الأمواتِ أم أحياءُ
أي هذين في الرجالِ أهنَّ الأ / مهاتُ النسا أمِ الآباءُ
صورةُ الغربِ والنفوسُ من الشر / قِ فهمْ في ديارهم غرباءُ
أينَ حقُّ البلادِ أينَ ذكاءُ القل / بِ أينَ النفوسُ أينَ الدماءُ
إنما ضيَّعَ البلادَ وأهلي / ها قديماً نساؤها الضعفاءُ
رأيتُ نساءَ الزمانِ كثاراً
رأيتُ نساءَ الزمانِ كثاراً / وحسبكَ واحدةٌ في الزمانْ
فإن رمتها فالتمسْ وصفها / فقدء ميزتْ بصفاتٍ ثمانْ
بوجهِ الجمالِ ورأسِ الذكاءِ / وعينِ العفافِ وصدقِ اللسانْ
وقلبِ الحبِّ وصدرِ الصبورِ / ونفسِ الكمالِ ودمِّ الحنانْ
وتلكَ هي السعدُ من نالها / فقد صارَ من بيتهِ في الجنانْ
ومن لم يكنْ حسنُها هكذا / فسخريةٌ عدُّها في الحسانْ
ياقومُ لم تخلقْ بناتُ الورى
ياقومُ لم تخلقْ بناتُ الورى / للدرسِ والطرس وقالٍ وقيلْ
لنا علومٌ ولها غيرُها / فعلموها كيفَ نشرُالغسيلْ
والثوبُ والإبرةُ في كفِّها / طرسٌ عليهِ كلُّ خطٍّ جميلْ
الأرضٌ للناسِ بحر
الأرضٌ للناسِ بحر / والمرءُ فيها سفينهْ
والمرأةُ النار والري / حُ شدَّةٌ ثم لِينهْ
والعمرُ نهرٌ ترى من / حوادثِ الدهرِ طينهْ
وشاطئاهُ قرينٌ / قد قابلتهُ قرينهْ
ولمْ تزلْ عَلِمَ اللّ / هُ مرآةَ المرءِ دونهْ
هذا تُشادُ بهِ الدا / رُ وهي للدارِ زينهْ
يداكِ أبرُّ بهذا السوار
يداكِ أبرُّ بهذا السوار / فإن صارَ في يدِ أخرى انفصمْ
وصدركِ أولى بمن هو منهُ / فؤاداً ونفساً ولحماً ودمْ
ومن فيكِ تُبعثُ فيهِ الحياة / ويسقمهُ غيرهُ كلُّ فمْ
وما الطفلُ لا زيادةُ بطن / لجدٍّ وأبٍّ وخال وعمْ
فإن تعطِ طفلكِ للخادمين / فما زدتِ إلا عديدَ الخدمْ
دعي عنكِ الطلاءَ فليسَ حسناً
دعي عنكِ الطلاءَ فليسَ حسناً / وأيَّ حقيقةً كانتْ مجازا
ومن ذا غرّهُ التحسينُ إني / رأيتُ الشمسَ لا تحتاجُ غازا
أُجثُ خضوعاً واحتراماً لمنْ
أُجثُ خضوعاً واحتراماً لمنْ / أمك في حواءَ من أمها
الا ترى الجنةَ فيما رووا / مطلوبةٌ من تحتِ أقدامها
بنوهُ على تلكَ اللحاظِ الفواتكِ
بنوهُ على تلكَ اللحاظِ الفواتكِ / وصاغوهُ من نورِ الثغورِ الضواحكِ
ومنذُ طووا فيهِ شبابكِ لم يزلْ / تلوحُ عليهِ مسحةٌ من شبابكِ
بناهُ لكِ الباني فلم يلبثِ الهوى / أن اقتادهُ حتى ثوى في جواركِ
سليهِ أهذا قلبهُ صارَ مدفناً / وقبركِ في السوادءِ أم غيرُ ذلكِ
وتلكَ لآلٍ أم أمانيُّ نفسِهِ / وذاكَ ظلامٌ أم همومُ الممالكِ
وضعتِ بيمناهُ فؤاداً فلم يجدْ / سوى ملكهِ ن حليةٍ لشمالكِ
فلا ما بنى كسرى ولا قصرُ جعفرٍ / ولا قصرُ غمدانَ ولا للبرامكِ
كأنَّ قلوباً في غرامكِ أُحرقتْ / فذَوَّبها الصيَّاغُ بينَ السبائكِ
كأنَّ اللآلي المشبهاتِ أزاهراً / فرائدها بعضَ الدموعِ السوافكِ
كأنَّ ظلامَ القبرِ في لَمَعانِها / شعورُ الغواني بينَ حالٍ وحالكِ
كأنَّ سناكِ في دياجيهِ نيَّةٌ / تردَّدُ في قلبٍ طهورٍ مباركِ
كأني أرى تلكَ المآذنَ أيدياً / تشيرُ إلى الأفلاكِ أنكِ هنالكِ
بدائعُ نالتْ من يراعي ولم يكنْ / يراعٌ يباريهِ بتلكَ المسالكِ
وكنَّ على قلبي الجلالةَ والتقى / فأصبحتُ منها بينَ ناسٍ وناسكِ
وصارتْ حياتي للفؤادِ سنابكٌ / فأطلق جوادي ينطلقُ بالسنابكِ
تميلُ بالأفلاكِ مثلي آمالُ
تميلُ بالأفلاكِ مثلي آمالُ / فيُظلمُ أم هذي الحنادسُ أهوالُ
تبوأ عرشَ الشمسِ غصباً وردَّها / لها الغربُ والإظلامُ سجنٌ وأغلالُ
وشد على هذا النهارِ فلم يقفْ / وأطلقَ من ساقِ النعامةِ أجفالُ
وشقَّ لهُ في الأفقِ فانسابَ هارباً / كما انسابَ في بطنِ الجداولِ سَلْسالُ
وذابَ الدجى أن تفزعِ الشمسُ فزعةً / تنيرُ لها من بعدِ ما اسودَّتِ الحالُ
يوصدُ أبوابَ السماءِ وإنما / عليهنَّ من هذي الكواكبِ أقفالُ
ولو كانَ ذا قلبٍ شجيٍّ لظنَّها / مليكاً في هيكلِ الحسنِ تمثالُ
وما خلتُ هذا الكونَ إلا كوجنةٍ / عليها الدُّجى فيما أشبههُ خالُ
فيا شمسُ هل مزّقتِ ثوبكِ عندما / نُكبتِ وهذا الغيمُ في الأفقِ أذيالُ
أم انتشرتْ منكِ الحليُّ لعثرةٍ / وهذا الهلالُ الساقطُ النصفِ خلخالُ
وهل حالَ منكِ الوجدُ فازددتِ صفرةً / وحولكِ من هذي النسائمِ عذالُ
لئن صرتِ معطالاً فكلُّ مليحةٍ / كمثلكِ تمضي للكرى وهيَ معطالُ
تُودِّعُكِ الدنيا وتستقبلُ الدُّجى / كما ودَّعَ الأمَّ الرحيمةَ أطفالُ
وما الليلُ إلا ظلمةُ الهمِّ عندَ من / أقامَ وأوفى من يحبُّهم زالوا
علامَ يطيلُ الليلُ بي من وقوفهِ / فهلْ أنا مما شفًّني الحبُّ أطلالُ
كأني بهذا الليلِ قد كانَ وجهُهُ / لأهلِ الهوى فالاً وقد صدقَ الفالُ
مساكينَ يحتالونَ فيما أصابهم / وفي أمرهمْ دهرٌ كذلكَ يحتالُ
فيا ليلُ خلِّي الصبحَ يهدي نفوسَنا / إلينا فأرواحُ الورى فيكَ ضُلاَّلُ
ولستُ بمكسالٍ تدلُّ وإن تكنْ / فما أقبحَ الوصفينِ سوداءَ مكسالُ
كوكبٌ أبدلتهُ ايديي الليالي
كوكبٌ أبدلتهُ ايديي الليالي / من سماءِ العلى سماءَ المعالي
مشرقٌ بيننا نهاراً وليلاً / منذ أمسى نهارنا كالليالي
هو حلمٌ وإن شهدناهُ فالغف / لةُ نومٌ لأعينِ الجُّهَّالِ
إنَّ قومي في الناسِ قومٌ نيامٌ / فلذا يحلمونَ بالآمالِ
لم نزلْ عاشقينَ للغربِ حتى / زارنا اليومَ منهُ طيفُ الخيالِ
أيها الغربُ علمِ الشرقَ أنَّ ال / علمَ لا شيءَ فيهِ صعبُ المنالِ
كلُّ شيءٍ يجوزُ لكنْ على قد / رِ العقولِ اختلافنا في الحالِ
ويحَ قومي حتى جمادُ أوروبا / نالَ من رزقِ خيلنا والبغالِ
أيهذا الترامُ أنتَ دليلُ الأ / فْقِ في الأرضِ وشرقها والشمالِ
قيلَ فوقَ المريخِ ناسٌ فلما / أنكروا جاءهم بهذا المثالِ
قرأتْ من حديدكَ الناسُ سطراً / إنَ قولَ الرجالِ في الأعمالِ
ولهُ القضبُ أحرفٌ فوقها الأ / سلاكُ شكلٌ لموضعِ الإشكالِ
كلُّ دارٍ تدورُ فيها أراها / غضةً ذاتَ بهجةٍ وجمالِ
فبنوها الغذا وتلكَ عروقُ ال / جسمِ تجري بهِ إلى الأوصالِ
ليتَ شعري أكانتِ الأرضُ أفقاً / سودوا وجههُ من الأهوالِ
وهو فوقَ القضبانِ بعضُ الدراري / عكسوهُ فسارَ فوقَ الهلالِ
أم هو النفسُ والخطوطُ / خيوطُ العمرُ تمضي بها إلى الآجالِ
فهي مهما يمدُّ فيها سواءٌ / تنتهي من قصيرةٍ وطوالِ
أم هو القلبُ فوقهُ كهرباءٌ / الوجدُ إن مسَّها جرى من خيالِ
طائفاً ينشدُ الذي ضلَّ منهُ / واقفاً كلَّ لحظةٍ لسؤالِ
ذلكَ الجدُّ وهو عندَ رجالِ الشر / قِ شيءٌ كلعبةِ الأطفالِ
تقاصرَ عمرُ الظلامِ الطويلْ
تقاصرَ عمرُ الظلامِ الطويلْ / ولا بدَّ من أجلٍ للعليلْ
وضاقَ بهِ الأفق ضيقَ القبور / فزمَّ الكواكبَ يبغي الرحيلْ
وراحَ فخفَّتْ همومُ القلوبْ / كما سار بعدَ المقامِ الثقيل
لقدْ كدتُ أبغضُ لونَ الظلامْ / لولا شفاعةُ طرفٍ كحيلْ
طوى الشمسَ فاختبأت أختها / نفورَ الغزالِة من وجهِ فيلْ
وكانتْ إذا احتجتْ قبلهْ / تجاذبها نسماتُ الأصيلْ
أرى البدرَ غارَ فأغرى بها / وكلُّ جميلٍ يعادي الجميلْ
أم الحظُّ أرسلَ لي ذا الدجى / فكانَ الرسالة وجه الرسولْ
أم الليلٌُ قد قامَ في مأتمٍ / فمنهُ الحدادُ ومنهُ العويلْ
ولم أنسَ ساعةَ أبصرتُها / وجسم النهارِ كجسمي نحيلْ
وقد خرجتْ لتعزي السماءْ / عن ابنتها إذ طواها الأفولْ
على مركبٍ أشبهتهُ البروج / تمرُّ بهِ كالبروقِ الخيولْ
إذا قابلتهُ لحاظُ العيونْ / سمعتَ لأسيافهنَّ صليلْ
وإن قاربتهُ ظنونُ النفوس / رأيتَ النفوسَ عليهِ تسيلْ
وقد أخرجتْ نفحاتُ الرياضْ / زكاةَ الرياحينِ لابنِ السبيلْ
وقد عبثَ الدلُّ بالغانياتْ / فذي تتهادى وهذي تميلْ
كأنَّ الحواجبَ قوسٌ فما / تحركَ إلا جلتْ عن قتيلْ
كأنَّ القلوبَ أضلَّتْ قلوباً / فكانتْ لحاظُ العيونِ الدليلْ
حمائمٌ في حَرَمٍ آمنٍ / بهذي الضلوعِ بناهُ الخليلْ
وما راعها غيرُ لونِ الدجى / يصدئُ لوحَ السماءِ الصقيلْ
فيا قبحَ الليلُ من قادمٍ / بوجهِ الكذوبِ ومرأى العذولْ
بغيضٌ إلينا على ذلَهِ / وشرٌّ من الذلِّ بغضُ الذليلْ
وكم عزني بالأماني التي / أرتني أنَّ زماني بخيلْ
ومن أملِ الناسِ ما لا يُنالْ / كما أنَّ في الناسِ من لا يُنيلْ
يا طلعةَ البدرِ إذا ال
يا طلعةَ البدرِ إذا ال / نجمانِ يكنفانها
أذكرتني حبيبةً / كنتُ على سلوانها
ذا وجهها وذا وذا / فُرطانِ في آذانها

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025