المجموع : 316
أفي أهل ذا النادي عليم أسائله
أفي أهل ذا النادي عليم أسائله / فإني لما بي ذاهب اللب ذاهله
سمعت حديثاً أحسد الصم عنده / ويذهل واعيه ويخرس قاتله
فهل من جواب تستغيث به المنى / ويعلو على حق المصيبة باطله
وقد رابني من شاهد الحال أنني / أرى الدست منصوباً وما فيه كافله
فهل غاب عنه واستناب سليله / أم اختار هجراً لا يرجى تواصله
فإني أرى فوق الوجوه كآبة / تدل على أن الوجوه ثواكله
فيا أيها الدست الذي غاب صدره / فماجت بلاياه وهاجت بلابله
عهدت بك الطود الذي ساخ في الثرى / وفي كل أرض خوفه وزلازله
ومن سد باب الملك والأمر خارج / إلى سائر الأقطار منه وداخله
ومن عوق الغازي المجاهد بعدما / أعدت لغزو المشركين جحافله
ومن أكره الرمح الرديني فالتوى / وأرهقه حتى تحطم عامله
ومن كسر العضب المهند فاغتدى / وأجفانه مطروحة وحمائله
ومن سلب الإسلام حلية جيده / إلى أن تشكى وحشة الطوق عاطله
ومن أسكت الفضل الذي كان فضله / خطيباً إذا التفت عليه محافله
وما هذه الضوضاء من بعد هيبة / إذا خامرت جسماً تخلت مفاصله
كأن أبا الغارات لم ينش غارة / تريك سواد الليل فيه قساطله
ولا لمعت بين العجاج نصوله / ولا طرزت ثوب الفجاج مناصله
ولا سار في عالي ركائب موكب / ينافس فيه فارس الخيل راجله
ولا مرحت فوق الطروس يراعه / كما مرحت تحت السروج صواهله
ولا قسمت ألحاظه بين مخلص / جميل السجايا أو عدو يجامله
ولا قام في المحراب والحرب عاملاً / من البأس والإحسان ما الله قابله
تعجبت من فعل الزمان بنفسه / ولا شك إلا أنه جن عاقله
بمن تفخر الأيام بعد طلائع / ولم يك في أبنائها من يماثله
أتنزل بالهادي الكفيل صروفها / وقد خيمت فوق السماك منازله
وتسعى المنايا منه في مهجة امرئ / سعت منهم الأقدار فيما تحاوله
حبائل لم يعلقن إلا بأروع / تمد لصيد النيرات حبائله
يبيت ومن زهر الأسنة في الدجى / مشاعره وقت القرى ومشاعله
أناديَهُ قل كيف شئت فهذه / خصائصه مأثورة وحصائله
وعدد سجايا أبيض الوجه أبلج / تصدق دعوى المادحين فضائله
كذبناه في دعوى الوفاء بعهده / متى جف هامي الدمع أو كف هامله
أيرثي لساني مجده بعد مدحه / وما لي لم تخذل لساني خواذله
ألم يك في قلبي من الهم والجوى / وحر الأسى شغل عن الشعر شاغله
سيذبل روض الشعر من بعد يومه / فلا عاش ذاويه ولا أخضر ذابله
دعوني فما هذا بوقت بكائه / سيأتيكم طل البكاء ووابله
ولا تنكروا حزني عليه فإنني / تقشع عني وابل كنت آمله
ولم لا نبكيه ونندب فقده / وأولاده أيتامه وأرامله
فيا ليت شعري بعد حسن فعاله / وقد غاب عنا ما بنا الدهر فاعله
أيكرم مثوى ضيفكم وغريبكم / فيمكث أم تطوى ببين مراحله
وهل تنعم الدنيا علي بمنعم / أجالسه من بعده وأؤاكله
سآوي إلى ركن شديد وألتجي / إلى ملك عم البرية نائله
إلى العادل بن الصالح الملك الذي / أقابل وجه البشر حين أقابله
أقوال وقول الحق فرض على الفتى / إذا شهدت بالصدق يوماً دلائله
ألا إن سلطان ابن رزيك لم يزل / ورزيك ليث الغاب إن غاب باسله
هو المجد أغنانا عن الليث شبله / وناب لنا عن صالح فيه عادله
تولى وقد خلى علائق ثقله / ولكن تولى ذلك الثقل حامله
فكان كرجع الطرف وحشة آهل / من العز حتى قيل أونس آهله
وما هو إلا بدر مجد وسؤدد / بدا طالعاً في الدست إن غاب آهله
وفرع كريم الأصل سد مسده / فبورك من نجل وقدس ناجله
وما زلت قبل اليوم قرة عينه / وقاصية الذخر الذي كان يأمله
ولو كان حياً سره فعلك الذي / تجلت له من كل فضل مخائله
عذرت به الأيام من بعد عدلها / وقد يعذر الجاني من الناس عاذله
تداركت هذا الخلق عدلاً ورأفة / وقد أجهضت من شدة الخوف حامله
وأطفأت نار الشر بعد التهابها / وسكنتها والشر تغلي مراجله
وأحسنت ذكر الدهر بعد إساءة / تبين فيها ميله وتحامله
وكانت أمور الناس فوضى فساسها / ودبرها مستجمع العزم كامله
أغر له من آل رزيك أسرة / هم ساعد الملك العقيم وكاهله
به وبهم لا فرق الله شملهم / أنافت أعاليه وأرست أسافله
تساند مثل البزل منه عصابة / بهم قام صاغيه وأسند مائله
هو الكف والباع الطويل إذا سطوا / وهم عند بطش الراحتين أنامله
فيا حاسديهم حاذروا أن تصيبكم / به منجنيقات الردى وجنادله
ويغرقكم من بحره فيض زاخر / تزيد على فيض البحار جداوله
ويا أيها الطير البغاث كأنني / بكم وقد انقضت عليكم أجادله
رويدكم يا ملقحيها سفاهة / فهلا لقاح لا تطرق حامله
ويا واردي ماء العقوق تأدبوا / فذا مورد لا بد تصفو منهله
أراكم أمنتم أن تدار عليكم / رحى الموت أو تلقى عليكم كلاكله
ألا إن جمعاً يردع السيف جمعه / سيرجع منقاداً إلى الحلم جاهله
لقد ضربت أنيابكم في صفاتهم / وعاد بلا ناب على الصخر آكله
ولم تتركوا التشعيب بقيا وإنما / يعاف ورود البحر والموت ساحله
لقد صفحوا عن زلة النعل منكم / ودان لهم حافي الزمان وناعله
أفي كل عصر يستطيل مقصر / حقير ويردي نابه الذكر خامله
ويعلو الثرى نحو الثريا سفاهة / ويسطو بأعيان الزمان أراذله
وهذا أمير المؤمنين أجل أن / يقاس بخلق وابن ملجم قاتله
وحمزة أودى يوم أحد وإنما / بحربة وحشي أصيبت مقاتله
فشكراً على الفخر الذي لك عاجله / وحمداً على الأجر الذي لك آجله
وهنيتها من دولة عادلية / يقام بها فرض الندى ونوافله
أراد أناس نقضها فتأكدت / أينقض حبل الله والله فاتله
لكم من ودادي ناصر ليس يخذل
لكم من ودادي ناصر ليس يخذل / ولي خاطر يغرى بكم حين يعذل
أأحبائنا يهنيكم اليوم أنكم / تجورون في ظلم الوداد وأعدل
تبدلتم بعد النوى وسلوتم / وقلبي لا يسلو ولا يتبدل
فإن كان شيبي أصل ذنبي عندكم / فكل شباب نازل سوف يرحل
وما الشعر المسود إلا حديقة / تروق الفتى أوراقها ثم تذبل
ومن نصلت بالشيب صبغة رأسه / فليس له إلا التقى والتنصل
ومن لم ترعه الأربعون فإنه / عليل بأخبار الصبا يتعلل
أيا قلب هل تنهاك واعظة النهى / وتزجرك الأيام لو كنت تقبل
أمالك هم غير نظم قصيدة / تضمنها بالقول ما ليس تفعل
تغزلت حتى صوحت زهرة الصبا / وقالت قوافي الشعر كم يتغزل
كأن أبا الفتح المظفر لم يجب / عليك له الحق الذي ليس يجهل
فتعدل عن نفل الكلام لفرضه / فمن لم يقم بالفرض لا يتنفل
فيا خابط العشواء في طلب الغنى / وعقل الفتى من وصمة الجهل معقل
صن القول لا تبديه إلا لمنعم / تصان القوافي باسمه حين تبذل
أمنت غلو الشعر فيما أقوله / ولي شاهد من فضل بدر معدل
كريم يرينا شيمة البدر والحيا / جبين له يوم السماح وأنمل
له راحة تنهل جوداً بنانها / ووجه إذا قابلته يتهلل
تقيل الأماني تحت ظل اصطناعه / وصرف الليالي تحته يتظلل
ومن عجب أن المنية لم تزل / تفيض بها يمناه وهي تقبل
أتتنا به الأيام آخر منعم / ولكنه في حلبة الجود أول
بقية بيت لم يزل في سراتهم / كفيل بأرزاق الورى يتكفل
يكل شجاع الطرف دون جلاله / إذا ما رآه الناظر المتأمل
حمى الدين من أبناء رزيك عصبة / على عزمهم دين الهدى يتوكل
دعائم هذا الملك بل هضباته / إذا زل رضوى أو تزلزل يذبل
ملوك تري الأيام بأساً ونائلاً / بأمرهم العالي تجود وتعدل
أقام لها بدر بن رزيك دولة / دعائمها بيض رقاق وذبل
وقام بأثقال الرياسة بعدما / مضوا وهي من حمل الشواهق أثقل
وأي خطوب الدهر جلت فلم يكن / على فارس الإسلام فيها المعول
وكم ليلة نحو الأعادي سريتها / ووجهك فيها من سميك أجمل
ومعترك لولا ثباتك أشفقت / رجال فلم تثبت من الرعب أرجل
خليلي لا بالسفح من رملة الحمى / ولكن بحيث الوفد يسعى ويرمل
جزى الله عني آل رزيك فوق ما / يؤمل من حسن الجزاء المؤمل
هم خلصوني بالنفوس التي لها / محل من الجوزاء أعلى وأفضل
وكافا أبا النجم الهمام وخصه / بأفضل ما يجزى امرؤ متفضل
فقد تابع الإحسان حتى خجلت من / نداه وتكرار الصنائع يخجل
يهنك من شهر المحرم زائر / يقابله جد لسعدك مقبل
وعام له في كل يوم وليلة / رحيل إذا هذا الجناب ومنزل
تحمله من در فكري فرائداً / يتوج منها رأسه ويكلل
محاسن لولا بحر جودك لم تكن / جواهرها من بحر غيرك تحصل
تجمل أجياد الملوك وقد غدت / بأوصافكم أجيادها تتجمل
خادم ذيل المجلس العادلي
خادم ذيل المجلس العادلي / وغرس عصر الصالح الكافل
يقبل الأرض وينهي إلى / مالك رق الحق والباطل
وواحد العصر الذي فعله / حلية هذا الزمن العاطل
ومطلع الشمس على دسته / من بعد ذاك القمر الآفل
قضية قد كنت عن ذكرها / بغيرها في شغل شاغل
وذاك أني لم أزل قانع النف / س بما أوليت من نائل
مستغنياً بالفيض من وبلكم / عن كل ذي طل وذي وابل
مشرف القصد بأبوابكم / مكرماً عن ذلة السائل
إذا جاءني من قال قد زادك / العادل فاشكر منه العادل
فقمت في الناس خطيباً له / محتفلاً في المجمع الحافل
أستوهب الله لأيامه / سعادة العاجل والآجل
فإنه خفف عن كاهلي / أثقال هم أتعبت كاهلي
وما درى الخادم حتى أتى / من قال لم تحصل على طائل
إن كان لاحظ لذي فاقة / في حاصل ليس من الحاصل
فانتظر التوفير في راتب / بقية العام أو الداخل
قلت ومن يضمن لي مهجتي / بأنها تبقى إلى قابل
فعندها أطرقت من خجلة / تخجل خد الأمل الناصل
وعاد في الرأس عطاس الرجا / يسحب ذيل الطالع النازل
وعشرات أخلاف در المنى / بعد امتلاء الضرة الحافل
وأدخل البازل في حلمه / فارتفعت شقشقة البازل
واهاً لها من فرحة أصبحت / مثل خداج الناقة الحامل
وكان من أصعب ما مر بي / شماتة الحاسد والجاهل
وصاحب قصته قصتي / وغنما ناصره خاذلي
لما انقضت حاجته لامني / يا رحمة المعذول والعاذل
ما قصد النصح ولكنه / تولع الفارس بالراجل
قلت وقد أعرضت عن عرضه / إذ ليس للذم بمستاهل
لولا الدنانير التي لم تزل / تشد أزر المائد المائل
كنت إذاً أطيش من ريشة / يقذفها الموج إلى الساحل
ستة آلاف كما قيل لي / وعهدة الصدق على القائل
دعابة كلفني ذكرها / على جنون الأدب العاقل
أسقيه منها غير مستحقب / إثماً من الله ولا واغل
خفة الروح واجتناب الثقاله
خفة الروح واجتناب الثقاله / فتحا للقريض باب المقالة
فليدعني من التمعقل تيس / ليس يدري من أين تأتي الغزالة
مل فكري في الشعر من فرد لون / أي نفس لا تعتريها الملالة
كل يوم كدح ومدح وقدح / يشعل القلب كاشتعال الذبالة
قد بدا لي أن اجعل الجد هزلاً / فليقل في عاذل ما بدا له
قلت إذ قيل لي ألست بعدل / في كذا في كذا من أم العدالة
لو فتشنا عدولنا لخجلنا / ووجدنا صفو الرجال حثالة
غير أنا في دولة الملك النا / صر محيي الهدى مميت الضلالة
ساتر العيب حافظ الغيب نرجو / وبل إحسانه ونخشى وباله
ملك جمل الكفالة لما / فوضت نحوه أمور الكفالة
ورث المجد عن أبيه فقلنا / لم يرثها أبو شجاع كلالة
فاق أهل الزمان شرقاً وغرباً / وبنقصانهم عرفنا كماله
بسط الله في البسيطة والخل / ق جميعاً يمينه وشماله
فاجتلوا من حياته وحياه / كل وقت جميله وجماله
أيها لسيد الذي أنكرتني / نوب الدهر مذ عرفنا نواله
عرضت حاجة ومالي فيها / حين تقضى إلا ثواب الدلالة
كان لي جعبتان أوجب حكم / الشرع أن يدفعا إلى النباله
فتفضل بسكر وكباش / كيفما شئت نقدة أو حواله
فلو أن السها غريمي وأضحى / منك لي ناصر نتفت سباله
وعلى رأيك الجميل ارتياشي / وانتعاشي من عطلتي والبطالة
ليقول الورى بغير خلاف / صنع الخير عند من فيه آله
والدعاوى إذا رجعنا إلى الحق / عليكم حماقة وجهالة
أي حق على علاك لضيف / أنت حليت باصطناعك حاله
قد غدا شعره لملك كلباً / ينبح الناس عنك فوق الزبالة
إن حارت الأفكار كيف تقول
إن حارت الأفكار كيف تقول / في ذا المقام فعذرها مقبول
بهر الجمال العاضدي خواطراً / خطر الخلافة عندهن جليل
عظمت مهابتنا لموقفك الذي / يهدي له التعظيم والتبجيل
حرم تقابل منك فيه قبلة / بفنائها يتزاحم التقبيل
تتغاير الأفواه فوق بساطه / فكأنما هو مبسم معسول
ما كل طرف القول عن هذا الندى / إلا وطرف اللحظ منه كليل
سامح بفضلك ما دحيك فمالهم / أبداً إلى ما تستحق سبيل
إن كان لا يرضيك إلا محسن / فالمحسنون إذا انتقدت قليل
لا يبلغ البلغاء وصف مناقب / أثنى على إحسانها التنزيل
شيم بكم غر أتى بمديحها ال / فرقان والتورات والإنجيل
سير نسخناها من السور التي / ما شأنها نسخ ولا تبديل
قامت خواطرنا بخدمة نظمها / فيكم وقام بنثرها جبريل
شرف تبيت به قريش كلها / عولاً لكم وعليكم التعويل
إن الرسول أبوكم من دونها / فمن الذي منها أبوه رسول
ولقد ورثت مقام قوم يستوي / منهم شباب في العلى وكهول
وجمعت شمل خلافة لم يختلف / في فضلها المعقول والمنقول
لما برزت إلى المصلى معلناً / وشعارك التكبير والتهليل
وخطبت فيه المؤمنين خطابة / ذابت عيون عندها وعقول
وسللت غرب فصاحة نبوية / شهدت بأنك للنبي سليل
أذكرتنا سنن الرسول وهديه / إذ كان بين السنتين شكول
وجلوت من تحت المظلة غرة / يبدو عليها التاج والإكليل
فتعجب الراؤون كيف علت على / من ظله فوق الأنام ظليل
فأجبتهم لا تعجبوا لصعودها / فصعودها لو تعلمون نزول
والجفن يعلو العين تكرمة لها / ويصون متن السيف وهو صقيل
ويستر البيت الحرام وقدره / يعلو على أستاره ويطول
شرفت عيد الفطر حتى إنه / سحبت له فوق السحاب ذيول
ألبسته ثوب القبول فأشرقت / في صفحتيه بهجة وقبول
مضى الصيام وفي صميم فؤاده / أسفاً عليك صبابة وعويل
لم يغنه نقص المحاق وإنما / أفناه من حذر الفراق نحول
صوم وفطر كل وقت منهما / في ظل عدلك بكرة وأصيل
شهران لولا شرع جدك فيهما / لم يعرف التحريم والتحليل
إن قلت إنك للنبوة وارث / فعليك منها شاهد ودليل
شيم كفلت بهن ملة أحمد / والصالح الهادي لهن كفيل
كاف هو الباب الذي من لم يصل / منه فليس له إليك وصول
أمنت خلافتك الخلاف وقد غدت / تسطو بماضي عزمة وتصول
هو طودها الراسي وصالحها الذي / حد الفساد بحده مفلول
شملت حقيقة نهته أقطارها / فبكل قطر للصلاح شمول
ألقاب صدق جملتها همة / طرف السها بغبارها مكحول
إن راق معناها الشريف ولفظها / فلذلك الصفح الجميل جميل
مللت إذا ذكرت نباهة قدره / أزرى بأهل الخافقين خمول
أطراف دولته بأطراف القنا / ممنوعة ونواله مبذول
أحيا بمحيي الدين حسن مآثر / فضل الملوك بحسنهن فضول
فات الكهول من الملوك وقد يرى / ماء الصبا في وجنتيه يجول
عقدت أمور الملك منه بأروع / عقد النفاق بسيفه محلول
للشعر بين جماله وجميله / شرح وإن قصرت منه طويل
يكفيه من شرف المساعي أنه / لك يا أمير المؤمنين خليل
وبأنه الذخر الذي يرجو الهدى / أن الأمور إليه سوف تؤول
فالله يحرس ذا الجمال على الورى / ما قابلت ريح الجنوب قبول
لكل مقام في علاك مقال
لكل مقام في علاك مقال / تصدقه بالجود منك فعال
وعندك إن ضاق المجال لمادح / محاسن فيها للمديح مجال
مناقب يا ذخر الأئمة أصبحت / إليهن أعناق الثناء تمال
سما الناصر المحيي إلى الغاية التي / ينال عنان النجم حين تنال
وألف أضداد المعالي بهمة / لها كل يوم نعمة ونكال
وفي كل قلب من سطاه مهابة / وفي كل كف من نداه سجال
قرى وقراع طالما فاض منهما / على الخلق وبل دائم ووبال
جفان وأجفان تدفق منهما / على قدر سجليه ردى ونوال
رأيتك لم تقنع بمنصبك الذي / علا فنجوم الأفق عنه سفال
فباشرت مكروه الوغى في مواطن / حرام المنايا بينهن حلال
وهل يفخر الصمصام إلا بطعنة / وإن راق منه جوهر وصقال
ولما تشكى الأمن خوفاً من العدى / وكاد الهدى يسطو عليه ضلال
نهدت إلى الأفرنج تزجي كتائباً / تغل بها أعناقهم وتغال
فولوا وقد أبقت عليهم نفوسهم / سباسب حالت دونها ورمال
وأتبعتهم ركضاً على كل سابح / إذا لريح كلت لم يصبه كلال
جياد إذا جردتها يوم غارة / فليس لها غير الوشيج ظلال
طوالع في ليل القتام غوارب / عليهن من نسج القتام جلال
يثير غباراً كلما قذي الهدى / بفتنة طاغ كان منه كحال
رميت بها بهرام عن قوس عزمة / تبيت لها الأقدار وهي نبال
وأدركتهم إدراك من لا يفوته / مرام ولا ينأى عليه منال
سريت بها والليل وحف شبابه / فصبحتهم إذ شاب منه قذال
ولما اشتملت الليل برداً إليهم / جرت بالذي تهوى صبا وشمال
وأوقدت نيران الوغى بذوابل / سرت ولها زرق النصال ذبال
وأتبعتها والكف تقوى بأختها / ببيض تصون المجد وهي مذال
إذا هجرت أغمادها لم يكن لها / سوى قطع أوصال الطغاة وصال
فهن شجا في حلق كل معاند / وهن على قلب الولي زلال
عماد مليك يكثر البأس والندى / إذا قل نزل في الورى ونزال
هو القاسم السجلين عفواً ونقمة / وحاسم داء الدهر وهو عضال
تكفل هم الملك عن قلب كافل / غدا وهو فينا عصمة وثمال
تقيل الأماني عنده تحت رحمة / بها عثرات المسلمين تقال
تروح الأيادي من يديه خفيفة / وتغدو على الأعناق وهي ثقال
أبوك الذي تسطو الليالي بحده / وأنت يمين إن سطا وشمال
أب علم الأيام أحسن سيرة / لعينيك منها قبلة ومثال
لرتبته العظمى وإن طال عمره / إليك مصير واجب ومآل
تخالسك اللحظ المصون ودونها / حجاب شريف لا انقضى وحجال
لقد راقها بل شاقها واستفزها / إليك جلال باهر وخلال
جبينك حسناً بل يمينك منة / يفيض جميل منهما وجمال
خليلي قولا للأجل نيابة / فقد منعتني هيبة وجلال
إخالك لا ترضى الكواكب معشراً / وأنت لأبناء الخلافة خال
ستخفر غسان بكم ويزيدها / على أن آل المصطفى لك آل
فدى لبني رزيك من ليس مثلهم / وهل للنجوم النيرات مثال
ملوك أرتنا كل فضل مغيب / لهم شيم محمودة وخصال
تقول مساعيهم لكل منافس / ترفق فما كل الرجال رجال
غيوث إذا ضن السحاب بوبله / ليوث إذا صل الحديد وصالوا
هم علموني مدحهم بكرامة / وجود أطابوا منهما وأطالوا
وجوه لها بشر إلي تهللت / وأيد أياديها علي تهال
قدمت عليهم وافداً فتفضلوا / وأعلوا محلي منعمين وعالوا
فما عذر شعر لا يجود فيهم / وعذري مزاح بالعطاء مزال
ولا شكر لي فيما أقول لأنني / أعبر عما شرفوا وأنالوا
ومستحسن للقول فيكم أجبته / كذا في صفات المحسنين يقال
قصائد ما باتت بهن خواطري / على سرقات الانتحال تحال
ثقال الخطى إلا إليكم فإنها / خفاف الخطى في الارتجال عجال
غدت منكم في أنفها خنزوانة / فليست بقصد الباخلين تذال
إذا كان رأي الناصر الملك ناصري / فإن صريح القول في حفال
فتى عنده فضل وفصل إذا التقى / جلاد على نصر الهدى وجدال
وبين يراع الخط والخط غيرة / على يده العليا وغى وقتال
يروقك في يمنى يديه يراعة / تراع بها أسد الشرى وتهال
توهمتها مخلوقة في بنانه / لها من عروق الأشجعين حبال
تبيت بها الآجال وهي قصيرة / وتضحي بها الآمال وهي طوال
إذا اعتلقتها خمسة في ملمة / تحلل مكروه وحل عقال
ليهنك صوم ترتجى بركاته / وتوزن أعمال به وتكال
رأت عينه منك الكمال الذي به / تهلل فيه النور وهو هلال
وأمطرت فيه المسلمين وغيرهم / سحاب ندى لا يقتضيه سؤال
كأنك في الدنيا وصي لآدم / وأولاده فيه عليك عيال
أباحك حسن الذكر والأجر منهم / ومن ربهم عدل أتيح ومال
لقد ملت السؤال مما أتيتها / ومالك من بذل النوال ملال
وأنت إذا عد الكرام حقيقة / وكل كريم ما عداك مخال
بقيت وما للملك عنك معرج / وما لنعيم الدهر منك زوال
أبا حسن جاءت إلي مثوبة
أبا حسن جاءت إلي مثوبة / من النمط الأدنى عن النمط العالي
أتتني أثواب غلاظ كأنها / خواطر ينسجن القريض لبخال
وأين الثياب المذهبات قشيبة / ولي مذهبات فيك ليست بأسمال
سيبلى على قرب جديد فعالكم / وتبقى على مر الجديدين أقوالي
ويعطل جيدي من حلي نداكم / وجيد معاليكم بها أبداً حالي
ولولا حيائي من علاك رددتها / ولم آخذ النزر الرخيص من الغالي
ولكن أبى لي ذاك علمي بأنني / قسيمك لو أحوجت في النفس والمال
من أجل هيبة ذا المقام المذهل
من أجل هيبة ذا المقام المذهل / لم تغن عن أحد شجاعة مقول
يا لائم الشعراء في تقصيرهم / ويل لما يلقى الشجي من الخلي
عنفتهم ولو ابتليت عذرتهم / لا يعذر المبلي إلا من بلي
أنكرت ما عرفوه من مضغ الحصى / فلأجل ذا سهلت ما لم يسهل
وأشد ما كلفت خاطر شاعر / صعب المعاني في الكلام الأسهل
لكن مدح العاضد بن محمد / مفتاح أبواب الكلام المقفل
أقسمت بالفقر التي أرواحها / من سلسل وجسومها من جندل
لو كنت أمدح غير آل محمد / لرفعته فوق السماك الأعزل
لكن دفعت إلى مديح خلائف / بمديحهم آتى الكتاب المنزل
فلذاك أبذل فوق ما في قدرتي / مدحاً لهم وكأنني لم أبذل
والشعر بالقرآن يخفى نوره / كالنجم يخفى بالضياء المنجلي
قوم إذا ما أسندوا خبر العلى / جاؤوا بأصدق مسند عن مرسل
من كل ملثوم البساط غدت به / قمم الرؤوس حواسداً للأرجل
حتى كأن ثراه ساحة قبلة / بل ثغر معسول الرضاب مقبل
الشائدون من المعالي رتبة / أضحت بهم فوق المعالي تعتلي
ورثوا الإمامة حاضراً عن غائب / وتداولوها آخراً عن أول
من ظافر أو فائز أو عاضد / بيت خلافته على النص الجلي
أوصى إليك بها ابن عمك بعده / نصاكما نص النبي على علي
فتيقن العصر الذي لك أنه / من كنت حجة عصره لم يخجل
وتيقنت رتب الخلافة أنها / سعدت بطلعة وجهك المتهلل
أو ما ترى رجباً بقيت بقاءه / من بعد عامك ألف عام مقبل
وافى إليك مهنئاً ومعزياً / عن شيمتي زمن مسيء مجمل
فهناؤه بالناصر الذخر الذي / مذ قام في نصر الهدى لم يخذل
وعزاؤه بالصالح الهادي فوا / أسفي عليها غمة لا تنجلي
إن الرزية والعطية فيهما / مزجت بطعم الشهد طعم الحنظل
وإذا نظرت إلى الرزية كدرت / بقبيحها الماضي يد المستقبل
وإذا نظرت إلى العطية منصفاً / قامت بعذر التائب المتنصل
أما جراحك يا زمان فإنها اندمل / ت ولكن بعد حز المفصل
يا راحلاً عنا وفي أكبادنا / حرق عليه مقيمة لم ترحل
نقص الكمال وقد قضت بك في / سنة عداد شهورها لم تكمل
عجل الرثاء إليك قبل تمامها / والذم يلزمنا إذا لم تعجل
إن يبل من ذاك الجبين جماله / فجميله عند الخليقة ما بلي
سافر بطرفك لا تجد إلا يداً / مخضوبة بيد له لم تنصل
أو وجنة ذبلت طراوتها أسى / أو روضة بنوالها لم تذبل
وذا أردت على مقالي شاهداً / فشهود قولي أهل ذاك المحفل
ما منهم إلا امرؤ بلغت به / نعمى أبي الغارات أرفع منزل
ولكثرة المعروف أنكر نفسه / فأعاد فيها نظرة المتأمل
يا صاحبي وما سألت جهالة / كم سائل عن علم ما لم يجهل
هل نشأة الزمن القديم أعادها / منشي الخليقة في الزمان الأول
لو لم يكن هذا المقام نهاية الش / رق الرفيع وغاية المتمثل
لظننت أن الفتح أصبح قائماً / فينا بدولة جعفر المتوكل
أو أن عصر الآمر ابتسمت به ال / أيام عن هادي الدعاة الأفضل
ولئن أتيت أبا شجاع بعدهم / فلأنت أول سابق متمهل
كالشمس بعد الفجر أو كالوبل بع / د الطل أو كالبحر بعد الجدول
أحييت بالحسنات سالف ذكركم / لا ينكر الوسمي عارفة الولي
وطلعت في ذا الدست بعد طلائع / ذخراً لأبناء النبي المرسل
وكفلتهم وكفلت عنهم للورى / نعماً عممت بهن كل مؤمل
ووصلت حبلك في الحياة بحبلهم / صلة الأشاجع ركبت في الأنمل
سبب غدا نسباً وأنت وصلته / منهم بعصمة عقدة لم تحلل
ورأيت ملك أبيك وتراً مفرداً / فشفعت منه مؤثلاً بمؤثل
وحفظت منصبه الكريم ولم يكن / أحد سواك لنيلها بمؤهل
فطل الملوك وقد فعلت ممتعاً / بدوام عزك في البقاء الأطول
تقبل الله صوماً أنت واصله
تقبل الله صوماً أنت واصله / من الصلاح بأعمال تشاكله
صوم تولى وقد أثنت فرائضه / عليك خيراً كما أثنت نوافله
إن فارقت نيلك الأسنى أواخره / فقد تلقتك بالحسنى أوائله
لم يلق عندك غير البر قادمة / ولا تزود غير البر راحلة
صوم تبسم عن قطر كما ابتسمت / عن غرة الفجر من ليلى عياطله
ودعت هذا وداع المحسنين كما / قابلت هذا بما الرحمن قابله
لما أظلك عيد الفطر وافتقرت / أسماع قوم إلى ما أنت قائلة
زرت المصلى ولولا ما خلعت على / رحابه من غراب خف آهله
واهتز شوقاً فلو يسطيع منبره / مادت أعاليه وارتجت أسافله
حتى إذا ضاق بالأشهاد واستمعت / فصل الخطابة من قرب محافله
لم يبق فصلك في الأفهام من صدأ / إلا وعقلك بالإفهام صاقله
عرفتهم من طريق الرشد ما جهلوا / حتى تنبه غاوي القلب غافله
وعدت نحو مقر العز في لجب / كالسيل فارسه والليل راجله
مثل الغمام ومن برق صوارمه / تحت القتام ومن رغد صواهله
ترنو إليك عيون الخلق شاخصة / والأجر والفخر أدنى ما تحاوله
وفي المظلة وجه لم يزل أبداً / بشر القبول على وجه يقابله
وراية الملك والإسلام يحملها / لك اللواء الذي جبريل حامله
أشبهت هدي رسول الله حين بدت / على شمائلك الحسنى شمائله
وفي جبينك نور من نبوته / وشاهد الحق لا تخفى دلائله
قد أيد الله ديناً أنت عاضده / والناصر الذخر كافيه وكافله
الكاشف الكرب لما عز كاشفه / والفارج الخطب لما ضاق نازله
لما أعز الهدى قرت قواعده / وامتد ساعده واشتد كاهله
ماضي الأوامر إلا أن قدرته / يضيق ذرعاً بها قدر يماثله
عزت به دولة أضحت محافظة / عنها يجالد خصماً أو يجادله
وكف بالأمس من كفي معاندها / حتى تلاشى بنور الحق باطله
ومن أراد بهذا البيت غائلة / فالنصر عاذله والنصر خاذله
فتح مبين ونصر عن يدي ملك / روض الهدى ذابل لولا ذوابله
يا عادل الحكم قل للدهر لا عجب / أن يفقد الجور لما قام عادله
جادت بنانك مصراً وهي ذاوية / فاليوم طل الندى فيها ووابله
رويت بالقطر قطريه على ظمأ / ولا سحاب سوى ما أنت باذله
أصفاك ساكنها حباً ولا عجب / حسب الأنام لمن تندى أنامله
فاشكر نداك على ما أنت سامعه / من الثناء فإن الجود قائله
لا تلزمن القوافي فوق طاقتها / فالقول يقصر عما أنت فاعله
أثني عليك أمير المؤمنين بما / يغنيك عاجله فخراً وآجله
أضحت سجلاته في كل مجتمع / تتلو مديحك فانظر من يساجله
فاسلم لدولته حتى تبلغها / أضعاف ما يتمناه ويأمله
فقت الملوك مهابة وجلالاً
فقت الملوك مهابة وجلالاً / وطرائقاً وخلائقاً وخلالا
وسجاحة ورجاحة وفصاحة / وصباحة وسماحة ونوالا
أخجلت أفراد الزمان إنالة / وكفالة ومقالة وفعالا
فغدا الثناء على علاك حقيقة / وغدا مجازاً فيهم ومحالا
ضربت بك الأمثال في الأمم التي / عدمت لك الأضراب والأمثالا
لم يبق بعد غناك آمال الورى / شيئاً سوى أن تخلق الآمالا
لو بان شخص المجد كنت يمينه ال / طولى وكان العالمون شمالا
أو صورت حسنات مجدك لم تكن / إلا جميلاً فائصاً وجلالا
وكأنما صدئت صحيفة دهرنا / فأتى زمانك للزمان صقالا
أضحى الكفيل أبو شجاع لا خلت / منه الليالي عصمة وثمالا
أندى الملوك يداً وأكرم دوحة / وأتم أغصاناً وأشرف آلا
من آلا رزيك الذين تقبلوا / شرفاً يمد على الزمان ظلالا
سادوا وسادهم أغر متوج / خلق الورى نقصاً وجاء كمالا
الناصر بن الصالح الهادي الذي / ملأ الليالي نعمة وجمالا
صليت إذ جلى أبوك ولم تزل / أفعاله لك قبلة ومثالا
خففت ثقل المجد عند وجوده / وحملت عند مغيبه الأثقالا
وعممت بالمنن الجسام كأنما / خلق الأنام على نداك عيالا
وبسطت عدلاً لو أذم على الصبا / ما راع شيب للشباب قذالا
وقربت منا نائلاً وبشاشة / وبعدت قدراً في العلى ومنالا
فاستقبل العمر السعيد ودولة / تستخدم التأييد والإقبالا
وتمل بالملك العظيم ولا رأت / عين الزمان لذا الجلال زوالا
قل للأمير الأكرم الكامل
قل للأمير الأكرم الكامل / يا خير من أصغى إلى قائل
أقسمت بالبيت ومن زاره / في الحج من حاف ومن ناعل
لو حملت شم الجبال الذي / حملته منك على الكاهل
مالت على الدهر ولكنه / لم يستند منك إلى مائل
كم طرقت سمعك من رجفة / تقصر باع الأمل الطائل
لقيتها محتسباً صابراً / مسلماً للقدر النازل
حتى انحلت عنك غياباتها / وانتصر الحق على الباطل
وسوف يأتي الله من لطفه / بفوق ما في أمل الآمل
حتى يقول القلب من فرحة / ولى زمان الشغل الشاغل
وإذ بدا وجهك من شغله / فاسمع عتاب الأدب العاقل
لا تعتقد أني أبا فاتك / أرضى امتنان العارض الهاطل
لكنك المولى الذي ما على / سائله منقصة السائل
ولا إذا أسدى يداً حرة / تبدو عليه عزة الباذل
وقد مضى العيد ولم يأتني / ما اعتدت من بر ومن نائل
فإن يكن عامك ذا ممحلاً / فليس ودي لك بالماحل
وإن ترد صبري إلى قابل / صبرت مختاراً إلى قابل
وأسعد بعيد لم يزرني به / جودك في طل ولا وابل
ألا قل لعز الدين لا زال جده
ألا قل لعز الدين لا زال جده / عزيزاً وأما ضده فذليل
ولا زال منصور اللواء مظفراً / يقيم صغى الأيام حين تميل
أتاني كتاب منه أما سطوره / فروض وأما نشره فقبول
ولم أدر هل بين السطور شمائل / بعثت بها أم بينهن شمول
فقد هزل أشواقي إلى أن تركتني / أقول وكتمان الغليل غلول
ترى تسعد الأيام بالجمع بيننا / وهل لي إلى برد اللقاء سبيل
وإن تبخل الدنيا بتأليف جمعنا / فرأي المقام الناصري جميل
لك أن تقول إذا أردت وتفعلا
لك أن تقول إذا أردت وتفعلا / ولمن سعى في ذا المدى أن يخجلا
لم يبق غير أبيك خلد ملكه / أحد تقر له بقاصية العلى
أصبحت للإسلام مجداً باذخاً / وذخيرة ترجى وباعاً أطولا
خلفت خلفك كل سابق حلبة / يسعى وجئت أمامه متمهلا
مسحت بنو رزيك غرتك التي / جعلتك عزتها أغر محجلا
فإذا عددنا أولاً أو آخراً / في البأس والإحسان كنت الأولا
جملت قومك واصطنعت سواهم / لا زلت دهرك مجملاً ومجملا
واستسعدوا بجبين وجهك فاغتدوا / يستفتحون بك الرجاء المقفلا
وتيقنوا بحميد سعيك أنهم / ولدوا معماً في المعالي مخولا
ما أنجب الوزراء قلبك فاضلاً / إلا غدوت أجل منه وأفضلا
أبدى كمالك نقصهم فاستوجب / حسنات فعلك أن تكون الأكملا
قد أدركوا شرف الحياة وشيدوا / مجداً فأما مثل مجدك ذا فلا
بين الثريا والثرى بون إذا / عاينته أغناك أن تتأملا
لو شاهدوا الهمم التي لك أيقنوا / أن قد خلا عن مثلها عصر خلا
أمسيت في قمم الرؤوس محكماً / وغدوت في همم النفوس مبجلا
فلذاك أثقال الوزارة لا ترى / لمحطها إلا عليك معولا
ما زلت يا عضد الإمام لنيلها / أهلاً وللشرف الرفيع مؤهلا
ربتك في حجراتها بل حجرها / ولبست حلة فخرها متسربلا
فنشأت يا شبل المظفر مثله / متخمطاً عبل السواعد أفتلا
فتركت دار عداك قاعاً صفصفاً / وجعلت خيس الملك خيساً مشبلا
ونصرت دين الله بالعزم الذي / أمن الهدى من بعده أن يخذلا
ونشرت من حسن الطوية ما انطوى / وجلوت ديجور الدياجر فانجلى
فأضف إلى هبة الجرائم هيبة / مجدية يملا وقائعها الملا
واجعل من الصفح الجميل عقوبة / حمراء جمرة نارها لا تصطلى
لتكون مثل الدهر في أحواله / إن مر في إحدى مواطنه حلا
فالشهد لا يزداد موقع قدره / عند الورى حتى تذوق الحنظلا
وابذل لمن أصفاك محض ولائه / بشراً تحسن عنده حسن الولا
ما خاب مصطنع الرجال فإنهم / أبداً بهم يسمو ويعلو من علا
وهم الذين لو اشترى إخلاصهم / ملك بما تحوي يداه ما إلا
وبفقدهم خرج النبي محمد / من مكة واختار يثرب منزلا
حتى إذا ملك الرجال وقادهم / بلغوا له من فتحها ما أملا
فاعمر قلوب الأولياء تجدهم / حصناً إذا ناب الزمان ومعقلا
وتخير الأحرار دون سواهم / فالحر يبلي العذر ساعة يبتلى
وامهد لهم أكناف هيبتك التي / جعلت تذللهم عليك تدللا
واخفض جناح العز فهو تحية / أمر الإله بها النبي المرسلا
وقد الجياد الأعوجية شزباً / وأثر بها في كل أرض قسطلا
وانشر بعثيرها رداء داكناً / يضحي بزرق السمهرية مخملا
واجعل رواقك كلما منع الضحى / نفقاً يرد الصبح ليلاً أليلا
نقع ترى الفرسان فيه كأنما / رفعت ذوابلها ذبالاً مشعلا
خيل إذا طلعت عليك وجوهها / قابلت وجه النصر منها مقبلا
ومن كل منتصب القذال كأنه / لولا السكون إليه من وحش الفلا
يحملن فوق متونهن فوارساً / مجدية عاداتها ضرب الطلى
قوم إذا ظمئت شفار سيوفهم / جعلوا لها مهج الأعادي منهلا
فإذا الرماح أردن منهم نجعة / لم يرتضوا كلأ لها غير الكلى
أسد تغادر أسد كل كريهة / إن لم تعاقرها نعاماً جفلا
يرمي بها الثغر المخوف جنابه / فيسد مفتوحاً ويفتح مقفلا
ويزينها ملك أغر متوج / أبداً يشرف محفلا أو جحفلا
ما خاب من يرجو نداه وإنما / أمسى على الراجي به متطفلا
والشمس لو لم يعترف بجميله / ما ظل منها بالقنا متظللا
ولقابلتها من أسرة وجهه / شمس تكلف وجهها أن يخجلا
للناصر بن الصالح الشرف الذي / طالت ذوائبه السماك الأعزلا
ملك تظل يمينه منهلة / يوم الندى وجبينه متهللا
لو جاز أن يهب الحياة رأيته / لا راجعاً فيها ولا متأولا
هاجر إلى ساحاته ورحابه / إن خفت قلاً من زمانك أو قلى
ملك جعلت المدح فيه فريضة / وجعلته فيمن سواه تنفلا
واستنطقتني في علاه صنائع / صانت لسان المدح أن يتقولا
منن كأن وجوهن من الحيا / يسألن وافدهن أن لا يسألا
خفت على يد جوده ولقد غدت / عندي من الجودي أثقل محملا
فشكرت منه جملة تفصيلها / كرم أتاني مجملاً ومفصلا
متتابع كالغيث إلا أنه / يهمي ولا ينسى أخير أولا
يا من إذا وعد المثوبة عجلا / وإذا توعد بالعقوبة أجلا
إن الصيام مضى وقد أودعته / عملاً كما شاء التقى متقبلا
أجزلت حظ صلاته وصلاته / فغدا يسر لك الثواب الأجزلا
وقضيت حق صيامه وقيامه / ورعيت من حرماته ما أهملا
فاسعد بعيد آذنتك سعوده / بدوام ملك لا يزال مؤثلا
وتمل في ظل السعادة دولة / مدت على الأيام ستراً مرسلا
لله من يوم أغر مجمل
لله من يوم أغر مجمل / في ظل محترم الفناء مبجل
ومسرة سمح الزمان لنا بها / في دار منهل الندى متهلل
الناصر بن الصالح السامي إلى / شرف معم في المعالي مخول
يوم يقول لك السرور به اقترح / ما شئت من بيض الأماني يفعل
وتمل قصراً أشرفت شرفاته / بعلى أبيك على السماك الأعزل
شيدت فيه مناظراً مجدية / أصبحت أفضل من بناء الأفضل
ودليل فخرك أنما شيدته / أعلى وأن بناءه من أسفل
إن شاد أسفلها وفزت برأسها / فالرأس أفضل من بطان الأرجل
ولقد تركت الدهر ينشد معلناً / كم آخر أزرى برتبة أول
فأسعد بأيام السرور وطيبها / واستقبل الدنيا بسعد مقبل
وتغاض عن ذنب الخليج فإنه / باراك يا بحر السماح بجدول
لو أن كفك فاض فيه سماحها / أو جاد فيه غمامها لم تخجل
وأظن أن النيل لما فاته / مفروض خدمة ذا المقام الأكمل
وغدت طريق مسيله معدولة / وبوده لو أنها لم تعدل
بعت الخليج لكي يقوم بعذره / وله خشوع الخاضع المتذلل
فاسلك سبيل أبيك في إسباله / ستر القبول عن المصر واقبل
وافخر بأن أباك خلد ملكه / غوث الورى وغياث كل مؤمل
الصالح الهادي إلى الخلق الذي / نطقت به آي الكتاب المنزل
والناقم الثأر الذي وترت به ال / أطهار من نسل النبي المرسل
والمنقذ الإسلام حين تمزقت / أشلاؤه بشباة ناب أعصل
والكاشف الغم الذي عم الورى / منه غمامة غمة لا تنجلي
لولا طلوع طلائع ما أشرقت / نار الهدى في جنح ليل أليل
ولما سمعت بأرض مصر قائلاً / إن النبي الطهر نص على علي
ولما علت لبني علي راية / فيها ولا امتاز العدو من الولي
يا آل رزيك نداء مناصح / لجميل ما أوليتم لم يجهل
إن جاد فيكم ما أقول فإنكم / أطلقتم بالجود موثق مقولي
فضربت من فصل الخطاب بصارم / لم تخط شفرته سواء المفصل
فالله يحرس مجدكم ويديمه / مادام فوق الأرض هضبة يذبل
لولا جفون ومقل
لولا جفون ومقل / محكولة من الكحل
ولحظات لم تزل / أرمى نبالاً من ثعل
وبرد رضابه / ألذ من طعم العسل
يظما إلى وروده / من عل منه ونهل
لما وصلت قاطعاً / إذا رأى جدي هزل
مخالف لو أنه / أضمر هجري لوصل
وأغيد منعم / يميل كلما اعتدل
يهتز غصن قده / ليناً إذا ارتج الكفل
غر إذا جمشته / أطرق من فرط الخجل
أريعن مدلل / غزيل يأبى الغزل
سألته في قبلة / من ثغره فما فعل
راضته لي مشمولة / تري النشاط بالكسل
حتى أتاني صاغراً / يحدوه سكر وثمل
أمسى بغير شكره / ذاك المصون يبتذل
وبات بين عقده / وبين قرطه جدل
وكدت أمحو لعساً / في شفتيه بالقبل
فديته من مبسم / ألثمه فلا أمل
كأنه أنامل / لمجد الإسلام الأجل
معروفهن أبداً / يضحك في وجه الأمل
الناصر بن الصالح اله / ادي من المدح أجل
لكن يعد مدحه / للصدق من خير العمل
من نستعيد باسمه الع / الي إذا خطب نزل
أبلج من شبابه / نور الشباب المقتبل
يبدو به في غرة الدني / ا سرور وجدل
ويسرق الملك به / أجلى وتفخر الدول
لم يلتفت كماله / لعلة من العلل
نزه سمع مجده / عن ذكر ليت ولعل
ما رام قط شرفاً / ممنعاً إلا حصل
ولا رأى مكرمة / مهجورة إلا وصل
ذو شيم بمثلها / في الدهر يضرب المثل
طاهرة أعراقه / آخرهن والأول
كريمة أخلاقه / إن جد فيها وهزل
رفيعة همته / من دونها نجم زحل
ليث ردى غيث ندى / إن طال يوماً أو بذل
ما من سطاه وعطا / ه ثمد ولا وشل
يشرق نور صدقه / إن قال قولاً أو فعل
تقدست أوصافه / عن ذكر جبن أو بخل
وأصبحت علياؤه / مديحها لا ينتحل
نداه يملي قلمي / والفضل فضل من أمل
له يد سلطانها / بحولها لا بالحيل
إن طعنت فلا شوى / وإن رمت فلا شلل
أو كتبت فلا خطا / في خطها ولا خطل
كتابة حروفها / أحسن من سود المقل
كطرر في غرر / أو طرز على حلل
لو رام ابن مقلة / قالت له أنت أقل
ساحته منتجع / لكل من سار وحل
أبوابه ملاذ من / زلت به النعل وزل
كم مهجة أغاثها / لمطلق ومعتقل
ومعشر آمنهم / من بعد خوف ووجل
خلصهم بجاهه / مشفعاً فيما سأل
أعتق باصطناعه / من عز منهم ثم ذل
لولا اعتلاقهم به / لسبق السيف العذل
أعتقهم ثم غدا / كل على نداه كل
يا جاهلاً لفضله / سلني وغيري لا تسل
قد زرته فنلت من / إنعامه ما لم ينل
والتف ذيل فضله الض / افي علي واشتمل
حسبي أن يخالني ال / رائي له من الخول
يا ناصري أنت الذي / ينصرني ممن خذل
يا ابن أبي الغارات بل / يا ابن المواضي والأسل
يا ابن الذي زان الهدى / والحلي زينة العطل
وأصبحت رسومه / في كل قطر تمتثل
وجملت آراؤه ال / إسلام في عقد وحل
قد كنت قبل مدحكم / أرضى من الوبل بطل
وأقبل العذر من الن / اس إذا الخل أخل
وأنظم الدر لهم / شكراً على النزر الأقل
فاليوم أصبحت بكم / أعز من دق وجل
نوهتم باسم الثنا / من بعد ما كان خمل
أعليتموه بعدما / كان الحضيض المبتذل
أمسى جديداً ثوبه / من بعد ما كان سمل
ولا رأت عين الهدى / في دهرنا لكم بدل
أبا المجد إن تزمع رحيلاً فللندى
أبا المجد إن تزمع رحيلاً فللندى / وللبأس والمجد الرفيع رحيل
أودع من عالي ركابك سيداً / كثير ثنائي في علاه قليل
كريماً غدت أفعاله مثل وجهه / وما منهما إلا أغر جميل
وما فرحت إخميم قبلك بامرئ / له غرر من فضله وحجول
سمت نفسه عن كل مثل ومشبه / فليس له غير النجوم قبيل
على أنه من دوحة يعربية / لها المجد فرع والسماح أصول
إذا هزها ريح المديح ترنحت / ومالت على الآمال حيث تميل
وقتك من الأسواء أنفس معشر / لهم حسب في الباخلين طويل
إذا جال فكري في مذمة عرضهم / نهاني عنهم أنهم لك جيل
لك الله من ريب الحوادث حافظ / وبالنجح فيما تبتغيه كفيل
ولازلت محروس العلاء بهمة / تعلمنا بالعقل كيف نقول
خذ يا زمان أماناً من يدي أملي
خذ يا زمان أماناً من يدي أملي / لا روعت سربك الأطماع من قبلي
ولا لبستك مطوياً على دخن / إلا نشرتك ملبوساً على دخل
ولا مددت إلى أيدي بنيك يدي / إذا فلا وألت كفي من الشلل
متى اشتفى سقم آمالي بعلتهم / فلا شفى الله آمالي من العلل
وإن غشيت إلى سقيا ثمارهم / فلا سقى الله لي قلباً سوى الغلل
صانوا بأعراضهم أعراضهم فغدا / شعري وسعري مصوناً غير مبتذل
وكيف أتركه من غير نافلة / مسيباً بينهم كالسي والنفل
تركت من كنت أطريه وأطربه / فلا ثقيلي يغنيهم ولا رملي
وكيف أنشط في أوصاف ذي كرم / كسلان يرمي نشاط المدح بالكسل
حليت جيد حلاه وهي عاطلة / وجاءني منه جيد المدح بالعطل
أثني وتثني رجال ضمني معهم / وزن الكلام وليس الكحل كالكحل
وليس يحفظ إلا ما نطقت به / حتى كأن سوى ما قلت لم يقل
ذنبي إلى الدهر فضل لو سترت به / عيب الحوادث لم تنسب إلى الزلل
إن آثرت ثروة الدنيا مجانبتي / فإنها ابنة أم الغي والخطل
ولي إذا شئت من تاج الخلافة من / أرى به شرف الأفعال في رجل
ومن حملت له عهد الأمانة في / ود إذا حال عهد الحر لم يحل
ومن يصرف صرف النائبات له / آراء مكتهل في سن مقتبل
إن جاد أو كاد في يومي ندى وردى / فاضت أنامله بالرزق والأجل
يهوى الحبيبين من بأس ومن كرم / على النقيضين من جبن ومن بخل
ولا يحل بثغر حله أبداً / سوى النقيضين من أمن ومن وجل
لك العزائم والآراء إن نصبت / بالقول والفعل لم تفلل ولم تفل
ورب معضلة لما دعيت لها / كففت ما ناب من أنيابها العضل
ومورد تتحامى الأسد مشرعه / وردته بصدور الشرع الذبل
أقدمت فيه ونار الموت جامحة / وخضت بحر بلاياه ولم تبل
أطلعت فيه سنا بيض جعلت لها / سود الجماجم أبدالاً من الحلل
وغارة لا يشق الطيف شقتها / طويت فيها بساط الريث بالعجل
حتى هجمت هجوم الريح في طفل / من العجاجة مستغن عن الطفل
باشرتها بحسام غير منثلم / أبا الحسام ولم تسأل عن الأسل
ما كان غدر بني أردن محتسباً / كم حادث جلل في الفكر لم يجل
ما ضر مجدك غدر جاء من نفر / أعزك الحول فاغتالوك بالحيل
إن أمهلتنا الليالي وهي فاعلة / فسوف نسقيهم مثلاً على مهل
لو ناضلوك على الإنصاف عرفهم / مواقع الرمي رام من بني ثعل
لكم مشوا لك مغتالي في خمر / وعادة الأسد أن تأتى من الغيل
قد كان قصد الأعادي أن تخف لها / وأن ينالك فيها ألسن العذل
فصدك العزم عن إدراك ما طلبوا / حاشا خلالك أن تؤتى من الخلل
لا يحسبوا أنك الموهون جانبه / وأن جرحك جرح غير مندمل
فإن عزك أقوى أن يضيعه / فقد اليسيرين من خيل ومن خول
يفديك يا ورد قوم ما ذكرت لهم / إلا علت كل خد وردة الخجل
إن يستجدوا على أبليت جدتها / فما يقاس جديد المجد بالسمل
وإن أكبر غبن أن تقاس بهم / ما كل غبن من الدنيا بمحتمل
لو كان حظ على مقدار منزلة / لم ينزل المشتري عن مرتقى زحل
أما ترى الفلك العلوي قد جعلوا / فيه سميك بعد الثور والحمل
أوليت أرض بني نصر وما معها / والطير لا يلتقي فيها من الوجل
فخيم الأمن فيها مذ نزلت بها / حتى لضج الكرى من صحبة المقل
قد كنت فتحت أبواب الأمان بها / فكيف أقفلتها في ساعة القفل
ما أنت بالرجل المنقوص منزلة / إذا عزلت ولا المزداد بالعمل
وكيف يعزل ملك جود راحته / على المكارم وال غير منعزل
فاسلم ودم وابق واسعد واعل واسم وسد / وقل وجد واقتدر واحلم وفز ونل
واسمع محبرة الأوصاف خاطبة ال / إنصاف طالت معانيها ولم تطل
جاءت جزالتها رقاً ورقتها / معنى بما شئت من سهل ومن جبل
إن كان عطفك للإعجاب يختال
إن كان عطفك للإعجاب يختال / فإن طرفك للألباب يغتال
قلوبنا بين هجر منك أو صلة / يقتادها لك إعراض وإقبال
أخلفت يا جمل زجر الفأل فاعتمدي / فعل الجميل عسى أن يصدق الفال
ما كان أدنى مراد الوصل لو كسلت / على النشاط إلى الهجرات كسال
عصية العهد والميثاق يحملها / على الهوى في الهوى دل وإدلال
ترنحت بنسيم العذل ناعمة / ملت فمالت وغصت البان ميال
سكرى ولا خمر إلا عذب ريقتها / كأن ريق لماها العذب جريال
داوت بصحة جسمي سقم مقلتها / فما أبل ومالي منه إبلال
في روضة الحسن منها كلما سنحت / من رائق الحسن أشباه وأمثال
للأقحوانة منها حسن مبسمها / وللشقائق منها الخد والخال
لا تسحبي أنني أصغي إلى عذل / ضلت بصيرة من يهديه عذال
ملكت قاصيتي لبي وناصيتي / حبي ففي البال من جراك بلبال
بالكامل بن أبي الفتح الوزير لنا / عن النسيب لبانات وأشغال
أبو الفوارس طعان الفوارس إن / تقاصرت بخطى الخطي أبطال
يشقى بثعلب رمح أنت حامله / أبا الفوارس يوم الروع رئبال
تكفلت لصدور الخيل عزمته / أن لا يصاب لها في الحرب أكفال
وإن طائشة الأرماح إن هديت / براحتيه وإلا فهي ضلال
سمر تشق جفون النقع نافذة / كأنها لجفون النقع أميال
مرواد من نحور الدارعين لها / مكاحل ودم الأوداج إكحال
كأن في كل نحر من تشرعها / يوم الوغى عسلاً يجنيه عسال
للسيف والضيف في يومي ندى وردى / منه نزال إذا حلا وإنزال
تختط بيض طلاه كل عامرة / من الطلى فتراها وهي أطلال
إذا غدت من سحاب النقع بارقة / فاللمع والنقع أوجال وآجال
لله عزمك من قوص ومورده / فسطاط مصر ودون الورد أهوال
نازعتم آل رزيك على شرف / لو لم تزيلهم عنه لما زالوا
برأيك انفتلت تلك الحبال لهم / وأنت بالرأي نقاص وفتال
إن لم تهاجر إلى جيرون ممتطياً / جرداً يصاحبها قود وشملال
فقد أقمت مقاماً كان موقفه / برداً على كبد العلياء سلسال
حزت الشجاعة أفعالاً وتسمية / إذ لم يروعك آساد وأصلال
وما مضى بك يوم ليس فيه على / أيام ضرغام تدبير وأعمال
وإن أيام بلبيس لعالمة / منك الغناء وإن لم يدر جهال
أبليت فيها بما سيرت من عدد / ومن عديد إلى الأعداء ينثال
لولا بيوت من الأموال جدت بها / على عساكرهم لم يستقم حال
وقد سحبت إلى يحيى ململمة / لها من الحلق الماذي أذيال
قارعته فتشظى عود صعدته / ضعفاً وهل يتساوى النبع والضال
وافى إلى شاطئي مصر وصحبته / ممن فللت شبا حديه أفلال
حملت عن شاور أثقال دولته / حتى لخفت مهمات وأثقال
هذي الوزارة قد ألبستها حللاً / قشيبة وبعهدي وهي أسمال
عادت إلى أنسها الماضي وبهجتها / فدارها اليوم دار منك محلال
أعدتها وهي معطار النسيم وقد / مضت عليها ليال وهي مبقال
أنت المشار إليه قبل أسرته / برتبة لم يشنها القيل والقال
إذا نطقت فمسموع وممتثل / وإن سكت فإعظام وإجلال
ملك يصلى إلى أفعال سؤدده / لا بل عليها لأهل المدح أقوال
تحلى بصدق سجاياه مدائحنا / جيد تحلى بغير الصدق معطال
قد استرق قلوب العالمين له / وجه جميل محياه وإجمال
فللمكارم من إشراق غرته / تهلل ولصوت الحمد إهلال
ترنو نواظرنا منه إلى ملك / على الملوك له فضل وإفضال
لم يستووا معه مذ كان في شرف / إلا كما يتساوى الماء والآل
كأن أيامه وهي التي حسنت / عندي من العمر أسحار وآصال
أنا الولي الذي صحت مودته / وليس عندك فيما قلت إشكال
وقد رأيت جميل الرأي أغفلني / وكان لي منه إحفاء وإحفال
خفضت من بعد رفع الحال منزلتي / وكان ينصبها التمييز والحال
أنت المسيح وآمالي بها سقم / وما تموت لمن يرجوك آمال
وما أريد سوى بشر وتكرمة / إن الكرامة في حقي هي المال
وليهنك القادم الميمون من رجب / يحدو ركائبه يمن وإقبال
مبشر بدوام العز ما علقت / شول ووافى عقيب الفطر شوال
شغل الزمان بما تقول وتفعل
شغل الزمان بما تقول وتفعل / فغدت خواطرنا بذكرك تشغل
أذهلتنا وكأن يقظتنا كرى / أبصارنا بخياله تتخيل
ترنو العيون إلى جلالتك التي / ألبابنا فيها تحار وتذهل
عظت سطى فقبيلها لا يفعل / وسمت على فقبيلها لا يعقل
وإذا تبسم ثغر دستك ضاحكاً / شاهدت خد الأرض وهو يقبل
وتمنت الأيدي هنالك أنها / تحوي به شرفاً حوته الأرجل
تعنو الرقاب إذا نطقت كأنما / في كل فصل من كلامك مفصل
وترد هيبتك العيون حواسراً / حتى كأن الستر دونك مسبل
كالشمس يشرق نورها وشعاعها / ستر عليه دون من يتأمل
شكرت علاك أبا الفوارس دولة / ما إن لها إلا عليك معول
أضحت إذا استثنت أباك وأردفت / من بعده أحداً فأنت الأول
لولا كمالك لم يقل لك كامل / لولا الفضائل لم يقل لك أفضل
بك تضرب الأمثال في الشيم التي / أصبحت غاية من بها يتمثل
إن الخلافة والوزارة لم تزل / يا ابن الكفيل بنصرها تتكفل
ما امتد ظل الأمن فوق رواقها / إلا وتاجك بالفنا يتظلل
لم تصد منها صفحة بملمة / إلا وعزمك في صداها صيقل
ولكم نصبت ذبالة في ذابل / تهدي المواكب والكواكب أفل
سترت بيض عمائم بغمائم / سود تولى نسجهن القسطل
وتنوفة بالجيش ضاق مجالها / فالذئب فيها والظبا لا تعسل
غادرت يوم عداك فيها أيوماً / وتركتهم والليل فيها أليل
ورميتهم بالجرد وهي أجادل / منقضة من فوقهم أو جندل
وتوهموا لمع الحديد ولونه / روضاً بوارقه تجود وتهطل
فإذا اخضرار الروض درع سابل / والغصن رمح والمهند جدول
وغدا أخوك الفتح يقسم لا نجوا / بك لا قفلت وباب مصر مقفل
صدقت نعتك في الكمال بأربع / شرف الفعال بها يتم ويكمل
بأس ومعروف تنازع فيهما / قلم تقلبه يداك ومنصل
لك في رقاب الشاكرين صنائع / ووقائع بالناكثين تنكل
ولقد أخذتم ثأركم من عصبة / تفصيل جملة فعلهم لا يجمل
لم يجهلوا مهر الوزارة غير ما / ساقوا لها من غدرة لا تجهل
إن سميت ذات الخيل فإنها / لمجدل في الرمل منكم مرمل
ولئن توارت بالحجاب وأعرضت / عنكم فخاطرها إليكم مقبل
أهملتموها حمل تسعة أشهر / وهي العقيم لغيركم لا تحمل
رجعت إليكم وهي ذات طهارة / وسليلها فتح أغر محجل
وعضلتموها عند خطبة غيركم / حتى انجلت وهي المهم المعضل
أنقذتموها من أناملهم وقد / قبضت عليها كفهم والأنمل
ولقيتمو عنها القتال بمثله / من بعدما انكشفت وبان المقتل
ضمنت لكم شهب الكواكب والقنا / نصراً فطاعنه السماك الأعزل
يا مالكاً لو سمته رد الصبا / أيقنت أن يمينه لا تبخل
أشكو إليك من الزمان أجاجة / وجراحة تدمى وليست تدمل
دين كما شاء الحريق وحالة / في خاطري منها حريق مشعل
أعجمت مبلغه فأشكل قدره / ولسوف ينقطه نداك ويشكل
وعلى اهتمامك أن يخفف ثقله / إن أنت لم تسأل فمن ذا يسأل
هل بعد عبادان تعلم قرية / أو يرتجى ملك وأنت الأفضل
حاشاك أن أشكو محولاً أو ظما / ونداك منهل وكفك منهل
حاشاك أن تقذى لواحظ حالتي / وجفونها بجمال وجهك تكحل
وإذا توسلت الرجال بخدمة / فبخدمتي ونصيحتي أتوسل
أيام أغشى باب دارك هذه / وحدي وأخرج في رضاك وأدخل
وأرى القبول على كلامي لائحاً / فأشير في الأمر المهم ويقبل
إن المواسم حلبتاك تباريا / فمعجل شرفته ومؤجل
فتهنه صوماً أتت بركاته / منهلة وجبينه متهلل
سبق المواسم نحو بابك خدمة / فغدا يعظم دونها ويبجل
لم أرد الجواب في الظهر إلا
لم أرد الجواب في الظهر إلا / عامداً في خفاء شكوك حالك
ولئلا تبقى فيكشف مالي / من خطوب كشفن بالفقر مالك