القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ظافِر الحَدّاد الكل
المجموع : 318
شُكْرِي لقُرْبِك واشْتِياقْ
شُكْرِي لقُرْبِك واشْتِياقْ / فَرَسا رِهانٍ في سِباقْ
هذا يبوحُ به اللسا / ن وذا يبوح به المآقْ
يا من إذا لَدَغ الزما / ن وجدتُ من جَدْواهُ راقِ
وإذا خضعتُ لحادثٍ / حَلَّت مكارمُه وَثاق
واللهِ لا خِفْتُ الزما / نَ ولا احتفلتُ بما أُلاق
ما دمتَ لي عِزّا أَصو / ل به على الأيامِ باق
للهِ يومي بالثغرِ في الجَوْسَقْ
للهِ يومي بالثغرِ في الجَوْسَقْ / والأرضُ تُجْلَى في روضِها المُونِقْ
والنيلُ يحشُو حَشا الخليجِ وقد / كَساه زهرُ الربيعِ بإسْتَبْرَق
ودَرَّجتْ ماءَه الصَّبا فحكى / ثوبَ حريرٍ مُدَمْقَسٍ أزرق
وراقَ بين الرياض فهْو كما / فَرَّج فوق الغلالِة اليَلْمَق
وحمرةُ الشمسِ في الغدير وقد / مرت عليه ريحُ الصَّبا تَعْبَق
كأنه صدرُ فضةٍ قُصِّرت / حافته وهْو مُذْهَبٌ مُحْرَق
كدرهمٍ حُطَّ فوقَ سُنْدُسةٍ / أَدقَّ فيه النَّقَّاش ما زَوَّق
كأنه والنباتُ يحصُره / عينٌ بها هُدْبٌ جفنُها محدِق
كالبدرِ في زرقِة السماء وقد / حَفته فيها النجومُ بالمشرق
صَفا كودِّى وعَبْرتي وحكى / قلبي بتَمْويجه كما يخفِق
والغيمُ يبكي والبرقُ يضحك وال / رعدُ من الغيظِ صائحٌ مُحْنَق
والبرق ثوب تشِفّ حمرتُه / والرعدُ تصويته إذا خُرِّق
كأنّ قوس الغمامِ حاشيةٌ / من سَفَط الخَزِّ بعدَ ما طَبَّق
أو كحواشي عَصائبٍ ظهرتْ / ألوانُها في جبينِ مَنْ يَعْشق
دوائرٌ صُبِّغتْ مُداخَلةٌ / فكلُّ لونٍ بضِدِّه مُلْصَق
أطواقُ لاذٍ في جِيدِ غانيةٍ / دَرَّج ألوانَهن مَنْ طَوَّق
والوُرْقُ بين ألأوراقِ صادحةٌ / فكلُّ ورقاءَ راسلتْ أَوْرَق
يا ليتَ شِعْري غَنَّت أَمِ انتحبَت / بلِ الأغاني بحالِها أليق
لو ادَّعتْ أنها بكتْ كَذَبت / وشاهدُ الحالِ صادقُ المنطق
أين شهيقُ الباكي وعَبْرتُه / إذا بدتْ من جفونِه تسبق
تَرْتع في حُلَّةٍ مُصَنْدَلةٍ / والعِطْرُ في الروضِ عِطْرُها يَعْبَق
والطوقُ في جِيدِها وقد خَضَّب ال / حِناءُ أطرافَها إلى المِرْفَق
وحولها من تحِبّ في وطنٍ / جناحُها في رياضِهِ مُطْلَق
خِلافُ حالِي في غربةٍ تَرَّحتْ / مُشتَّتَ الشملِ شائبَ المَفْرِق
أبكى بدمعٍ كأنه مطرٌ / فكلَّما فاضِ كِدْتُ أنْ أغرق
ذو لوعةٍ كاللهيب صادعةٍ / تحرِقني بالزفير أو تخنُق
مالي وللدهرِ لا يَصِحُّ له / عهدٌ وعقدٌ عندي ولا مَوْثِق
ترمى فؤادىَ أيدي حوادثِه / بأَسْهمٍ عن قِسِيِّها تُرْشَق
مأوىً لما دَبَّ من مَصائبها / وغاص تحت البحار أو حَلَّق
يَنْتابُني من جيوشها أُمَم / إذا مضى فَيْلقٌ أتى فيلق
فَرِقت منها حتى أَنِستُ بها / مع التمادى فصرت لا أَفْرَقُ
لغربتي غربةُ النَّوى خُلِقتْ / فلا غرابٌ إلا بها يَنْعِقَ
فهْي لشَمْلي مذ كنت شاملة / وهْو أسير في قَيْدِها مُوثَق
فليتَها إذ حَوَتْه كان إذا / رَقَّ شبابي من أَسْرِها مُطْلَق
لكنها عَبَّرتْهُ عالمةً / بأنّ صدري لفَقْدِه أضيق
وغادرتْ عنديَ المشيبَ فما / أَشيب من بعده لما يَطْرُق
فثوبُ عيشى أَضْحى به خَلَقا / وهْو جديدٌ عليه لا يَخْلُق
رافَقني وهْو لا يفارِقني / إلى الرَّدَى وهو منه لي أوفَق
ما أَرْغَب الناسَ في الحياةِ ولا / ترغب في راغبٍ ولا تُشْفِق
تُذيقُنا شهدها اليسيرَ وكم / نَغَصُّ من أجله وكم نَشْرَق
ليت أبا الخَلْقِ آدمَ اتَّهمَ ال / شيطانَ في قوله وما صَدَّق
وفَرَّ عن أكلِ ما غَواهُ به / حزما فما ذاقه ولا ذَوَّق
أو قَرَّ في الخلدِ ثم يُرْزَقُنا / أو عَقَّمتْه الدنيا فلم يُرزَق
أو ليت حَوَّافي في الأصلِ ما خُلِقت / أو ليتها لم تَلد ولم تَعْلَق
لكنْ دُفِعنا فيها إلى مِحَنٍ / تَصْبَحنا بالهموم أو تَغْبُق
طِباعُها السُّوء واللبيبُ بها / أسوأُ حالا فيها منَ الأحمق
مأوَى الرَّزايا من حينِ يَنْبِذه ال / ظهرُ إلى حيث لَحْدُه الموبِق
من سَلَّمت من جَنينها وقضى / سَقطا فقد وُفِّقتْ وقد وُفِّق
هَمَّت بتحصيله كما حَصَّلتْ / بغير نفعٍ يُرْجَى ولا مَرْفَق
تصرخ إنْ مات مثلما صَرختْ / وهْي به في مَخاضِها تُطْلَق
وهْو إذا عاش في محاربة / يُطْعَن بالحادثات أو يُرْشَق
فالعيشُ نفسُ الهلاكِ والمُقْبِلُ ال / مسعود من لم يَعِش ولم يُخْلَق
نَغَمُ الحُداةِ بكم وزَجْرُ السائقِ
نَغَمُ الحُداةِ بكم وزَجْرُ السائقِ / أَوْهَتْ قُوَى جَلَد المُحبِّ الوامقِ
عَجِل الفراقُ علىَّ فيك ولم أَنَلْ / وَصْلا سوى نَظرٍ كلَمْحَةِ بارقِ
وأبيكِ ما أبقَى الهوى مني سِوَى / كفٍّ تشدُّ على فؤادٍ خافق
رِفْقا بأسْرى مُقْلتيْك فقَلَّما / يبقَى على الهجرانِ صبرُ العاشق
ها قد كتمتُ هواك معْ ما أنه / نار تشَبُّ على فؤادٍ شائق
هَبْنِي قَدَرتُ على لسانٍ صامتٍ / ما حيلتي في دمع عينٍ ناطق
لو كان يَقْطُر لا عتذرتُ بعلٍة / ما حيلتي في ذي غُروبٍ دافق
إنْ لم أَخُضْ لُجَجَ الغرامِ وأمتطىِ / طلبَ الوصالِ بكل أَشْعث رائق
وأكرُّ بين الجَحْفَلَيْن معرِّضا / نفسي هناك لطاعنٍ أو راشِقِ
وأُدافع الموتَ الزؤام بمنكبي / في كل ملتبِس المَسَالكِ مازِق
نَكِرتْ كعوبَ السَّمْهَرِية راحتي / وعَدمتُ آثارَ النِّجادِ بعاتقي
وفَررتُ من خصمي وعاف مُعاشِري / خُلُقي وخُيِّب سائلي أو طارِقي
بِنْتم فما فَرِحتْ بأَوْبَةِ قادمٍ / نفسي ولا حَزِنت لفقدِ مُفارِق
أنا من فراقك بين حزنٍ ثابتٍ / لايستقلُّ وبين صبرٍ آبِق
يا هلْ حَفِظت على ثنيةِ رامةٍ / عهدي الذي أَكَّدته ومَواثِقي
حيث السَّرائرُ والنسيمُ كلاهما / مِثْلان فتنةُ سامعٍ أو ناشِقِ
والروضُ فيما نحن فيه مُؤلِّفٌ / ثغرَ الأَقاحِ إلى خدودِ شَقائق
والطَّلُّ يُحْسَب فوق مُخْضَلِّ الرُّبا / دمعَ الدَّلالِ على عِذارِ مُراهِق
يشدو الحمامُ على الأَراكِ فتَنْبَرى ال / أغصانُ بين تَمايُل وتَعانُق
يا ليتَ شِعْري هل يُعاوِد ما مضَى / أم جَذَّت الأيامُ منه عَلائقي
هبْ ذاك عاوَد كيف لي بزوالِ ما / كتبتْ صروفُ الدهرِ فوق مَفارقي
خَطٌّ غدا يَقَقَ الحروفِ فما له / يسودُّ حين يراه قلبُ الوامِق
ما للزمانِ يَخصُّني بصُروفِه / حتى ركضْنَ إلىَّ ركضَ مُسابِق
ما زال يُنْهِلني الأُجاجَ مكررا / ويُعِلُّ غيري بالزُّلالِ الرائق
وكذا الرياحُ إذا عَصَفْنَ فإنما / تأتِي على نَبْت المكان الشاهق
تغدو القَطا بين الحدائق آمنا / منها ونلعب بالمُنيفِ الباشَق
صبرا عليه فرُبَّ حالِ مُنافرٍ / حالتْ وأَضْحَى وهو أَىُّ مُصادِق
وحَقِّ ما غادرتْ عيناك من رَمقِى
وحَقِّ ما غادرتْ عيناك من رَمقِى / وما أثار الهوى والشوقُ من قَلقي
وما تَبوح دموعي للوُشاةِ به / فيكم ويكتمه قلبي من الحُرَق
لقد حَوى الأفضلُ الفضلَ الذي افترقتْ / أنواعُه في جميع الخلق في نَسَق
فكلُّ معنىً وإنْ جَلَّتْ مناقُبه / فبعضُ ما فيه من خَلْق ومن خُلُقِ
أَلا لا أَعاد اللهُ ليلِى بحجرةٍ
أَلا لا أَعاد اللهُ ليلِى بحجرةٍ / وقفتُ بها حتى الصباحِ على ساقِ
وللبَقِّ فيها والبَراغيثِ خُلْطَةٌ / كبَزْر قَطُوْنا ذُرَّ في حَبِّ سُمّاقِ
إذا ما أَرانينُ البعوضِ تَجاوبتْ / لنا وَقَّعوا بالرقص إيقاعَ حُذّاقِ
وقد أنضجتْ جسمي لهم نارُ حَرِّها / ولكنّه نضج تَنَاهى لإحراق
فبتُّ كأنى من حرارة نهْشها / سليمُ الأفاعي دونَ راق وترياق
وما عَجَبي أن كدتُ أَفنَى بأكِلها / بَلى عَجَبي أنْ كيف قد سَلم الباقي
إلى أن تَبدَّى الصبحُ بعد تباعدٍ / فداركتُ من نفسي بقيةَ أرماقي
فبادرتُ نحو الباب أطلب ملجأ / فسبحانَ من أحيا ومَنَّ بإطلاق
لولا التمائمُ والرُّقَي من كُتْبِكم
لولا التمائمُ والرُّقَي من كُتْبِكم / تَعْتادني لَجُنِنْتُ من أَشواقِي
لكنْ إذا داءُ الفراقِ أصابني / جاءت بما أرجو من الإفراق
والشوقُ سمّ في حَشاي وكُتْبكم / في ضِمْنِها ضربٌ من الدِّرْياق
كتْب بها السحر الحلال وفعلُه / ما تفعل الأَحْداقُ بالعشاق
أَخِلآّىَ بالثغر دام الفراقُ
أَخِلآّىَ بالثغر دام الفراقُ / ولازَمَني أسفٌ واشْتياقُ
تَصبَّرتُ عنكم على حالتين / أسىً يتَلظَّى ودمعٍ يُراق
وأرغمتُ قلبي على سَلوةٍ / فغايةُ ما نال منها الطلاق
وأصعبُ ما حاولتْه النفوسُ / من الأمر تكليف ما لا يُطاق
فهل لي إلى العيش ما بينَكم / كما كنتُ مُسْتَمْسَك واعْتِلاق
لياليَ تعدو بنا في الشباب / إلى حَلْبة اللهو خيلٌ عتاق
وحظُّ العواذلِ من مِسْمَعي / ظواهرُ باطِنُهنّ النفاق
وللعَتْبِ بين جديد الوصالِ / وهجر الدلالِ حَواشٍ رقاق
وهبْ ذاك عاوَد أين الشبابُ / وقد حَلَّ حيث يَعُوز اللَّحاق
لئنْ كنتُ في قبضة الحادثات / فمهما أردتُ فكاكا أعاق
فقلبيَ منذ سَباني البعادُ / له نحوَكم كلَّ يوم إباق
يحالف نفسا لها كلما / تذَكَّرت العيشَ فيكم سِباق
قطعتُ مكاتبتي عنكمُ / لأجل حديثٍ إليكم يُساق
أمورٌ أَتتْ غيرَ مقصودةٍ / ولكنْ نَشَا بينَهنّ اتفاق
ومَن لا يُصانِع قبلَ الدخول / تأسَّف حين يَضيق الخِناق
أتانيَ أخبارُ ما شَنَّعَت / عَلَىَّ العِدا حين خافوا وضاقوا
وما ضَرَّ بدرَ الدُّجى نابحٌ / عَوى وله في العَلاء اتِّساق
وهبْ زَخْرَفوا كذبا مُوهِما / أَمَا للكلامِ مَعانٍ تُذاق
ولو أن لي عادةً في الفضولِ / لصُدِّق في القولِ عني اختلاق
ولكنَّها نفثةٌ بَثَّها / حسودٌ له بَشجاةُ اختناق
وللزور في حال تشنيعه / مَبادٍ عواقبُها الاِمِّحَاق
وهَبْني شربتُ بكأس الحُمام / أليس له منه كأسٌ دِهاق
عليكم سلامٌ كمِسْك الرياضِ / له من نَسيمِ سُحيرٍ فِتاق
وأعذبُ من رَشَفات الرُّضابِ / تجود بهنّ الشِّفاه الرِّقاق
وأطيبُ من بَدْءِ تسليمةٍ / نتيجتُها قُبَلٌ واعتناق
وصادحٍ في ذُرَى الأغصانِ نَبهَّني
وصادحٍ في ذُرَى الأغصانِ نَبهَّني / من غَفْوةٍ كان فيها الطَّيْفُ قد طَرَقا
فكان بين تَلاقينا وفُرْقَتنا / كما تَبسَّم برق غازَلَ الأُفُقا
فقلتُ لاصِحْتَ إلا في يَدَىْ قَرِمٍ / غَرْثان يُورِد فيكَ المُدْيَة العَلَقْا
وقمتُ أنتزِع الأوكار من حَنقٍ / مني وأستلبُ الأغصانَ والورقا
لو ناح للشوقِ مثلي كنتُ أَعذِره / لكنّه مَوَّه الدعوى وما صَدَقا
عَهْدِى به في أمانٍ منه مقترِبا / مُطَرِّبا فوق غُصْنَىْ بانةٍ سَمَقا
لولا ليالٍ لنا بالبانِ سالفةٌ / كررتُ من زَفراتي فيه فاحترقا
كتابِي كتابُ أخي لوعةٍ
كتابِي كتابُ أخي لوعةٍ / يُقصِّر عن وصفِ أشواقِهِ
إذا كتبتْ كفُّه أَحُرفا / محتْها سوابقُ آماقه
وسوف تُنَبِّيك آثارُها / إذا وَصلتْ ضِمْنَ أوراقه
لئن بَعُدتْ بك عنه النَّوَى / فشخصُك ما بين أحداقه
ويومٍ ضاحك يبكي
ويومٍ ضاحك يبكي / ضعيفُ مَعاقدِ السِّلْك
إذا انهملتْ سحائبه / ودمعي خِلْتُني المَحْكِي
يَشُوب ببَرْده بَرَدا / كمَبْسِمِ مَنْ حَوَى مِلْكِي
كأن الريح تنثره / على الأرضين في وَشْك
تُغَرْبِل من خِلال الدُّ / رِّ كافورا على مِسْك
وبيت دُعيتُ له ثم لم
وبيت دُعيتُ له ثم لم / أجد لي عنِ الكونِ فيه فَكاكا
فزاد بنا فيه فَرْطُ الزحا / مِ والحرِّ حتى اشتهينا الهلاكا
أَمِنّا بَراغيثُه أنْ تَضُ / رَّ ولو حاولتْ ما أطاقَتْ حَراكا
فلو دخلتْ بيننا ذَرَّةٌ / تَشقَّق حائطُه عند ذاكا
لا تَفْرَحنَّ برُتبةٍ
لا تَفْرَحنَّ برُتبةٍ / أَعْطاكَها في الناسِ جَدُّكْ
وانظرْ مكانَك في المكا / رم بالحقيقةِ فهْو حَدُّك
أنت الفقيرُ مع الغِني / إنْ لم تجد عقلا يُمِدُّك
هَبْك اقتدرتَ على الظوا / هرِ هل قلوبُ الناس جُنْدُك
لا يَغْررُنَّك أنْ تُها / ب ولا يروقُك من يَرُدّك
فمن البليةِ أن تز / لُ فلا يُجيِبك من يَرُدُّك
وإذا بُليتَ بفَقْدِه / فخيارُ ما استعجلتَ فَقْدُك
قالوا محا حُسْنَه تَجَدُّرُهُ
قالوا محا حُسْنَه تَجَدُّرُهُ / فقلتُ حَسْبِي ما شئتمُ قولُوا
قد كان ياقوتُ خَدِّه عُطلا / فالآن قد رَصَّعوه باللُّولُو
لقد جَمع الكانونُ نورا وظلمة
لقد جَمع الكانونُ نورا وظلمة / وجالَسنا في هيئة الرجلِ الحُكْل
ودَبَّت سُلافُ النارِ في قارِ فحمِه / كمادَبَّ نورُ الشمسِ في طَرف الظِّلِّ
وكنا نُفَدِّيه وفيه شبيبةٌ / ونَخْتصُّه بالقُربِ منا وبالوصل
إلى أنْ عَلا شيبُ الرمادِ قَذاله / وأصبح شيخا في المزاج وفي الفُكْلِ
هَجَرْناه هجرَ الغانياتِ ضرورةً / فصار لدينا لا يُمِرُّ ولا يُحْلى
للهِ وافرُ كمثرى ذَكرتُ به
للهِ وافرُ كمثرى ذَكرتُ به / ما كنتُ أَعْهَد في أيامىَ الأُوَلِ
لم أُدْنِه لفمي إلا وأَوْهَمه / من النهودِ لذيذَ العَضِّ بالقُبَل
قد ذقتُ من طعمه ما كادَ يَبْلُغ بي / ما ذقتُ من رَشْفِ محبوبٍ على وَجَل
يحكى قَواريرَ ماءِ الوردِ خالطَه / فيها من الزعفرانِ المسك بالعسل
أَكْرِمْ بزَوْرَته لو أنها اتصلتْ / وأنه كان فيها غيرَ منفصل
لو كنتُ أملك حكمَ الأرض ما حَمَلتْ / نَبتا سواه على سهل ولا جبل
إذا النَّيلوفرُ المفتوح دارتْ
إذا النَّيلوفرُ المفتوح دارتْ / بصُفْرِ قِبابِه زُرقُ النِّعال
وماد الخَيزُرانُ به تَناهَى / إلى صفة تَجِلّ عن المِثال
قناديلٌ مُشرِّفة الأَعالي / تشبُّ بهن ألسنةُ الذُّبال
وقد خانتْ سلاسلُها عُراها / فنِيطَ بحَمْلها سُمْرُ العَوالي
يا سيدا يَدُه عَمَّتْ نَوافلُها
يا سيدا يَدُه عَمَّتْ نَوافلُها / ونفسُه فوقَ أنْ تُحْصَى فَضائلُها
انظرْ لنيلوفرٍ غَضٍّ بدا فحَكى / سواعدَ الغيدِ قد ضُمَّتْ أَناملُها
انظرْ إلى حِكَمِ الصُّنّاعِ في عملي
انظرْ إلى حِكَمِ الصُّنّاعِ في عملي / وانظرْ بدائعَ ما يأتيك مِنْ قِبَلِى
إني لأُطْرِبُ سَمْعا ليس يُطْرِبه / إلا صليلُ القَنا في مهجةِ البَطَل
وبادرةٍ للشيبِ بادرتُ قَصَّها
وبادرةٍ للشيبِ بادرتُ قَصَّها / لآرفعَ بادِى خَيْطِها وهْو ينزلُ
فقالت لئن قَصَّرتَ مني تَخوُّفا / فأَيدِي الليالي من ورائىَ تَغْزِل
وهل أنا إلا سَقْطةُ الزَّنْدِ صادفتْ / مواضع طُعْمٍ فهْي تُذْكَى وتُشْعَل
فسالمتُها لما تيقنتُ أنها / وما خَلْفَها جيشٌ من الله مُرْسَل
شبابٌ تَولَّى ما إليه سبيلٌ
شبابٌ تَولَّى ما إليه سبيلٌ / وشيبٌ تَبدَّى ليس منه مقيلُ
فهذا كليلِ الوصلِ لونا ومُدَّةً / وذا كنهارِ الهجر فهْو طويل
فأطيبُ عيشِ المرءِ عصرُ شبابِه / ومِنْ سَعْدِه لو مات حين يزول
فلا تحسبنَّ العمرَ بعد شَبيبةٍ / فكلُّ حياةٍ بعد ذاك فُضول
إذا الشيخُ أَثْرَى فهْو أفقرُ مُعْدِمٍ / وإنْ صَحَّ بعد الشيبِ فهْو عَليل
بكى الناسُ أيامَ الشَّبيبة قبلنَا / بكاءً أطالوا فيه وهْو قليل

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025