المجموع : 318
شُكْرِي لقُرْبِك واشْتِياقْ
شُكْرِي لقُرْبِك واشْتِياقْ / فَرَسا رِهانٍ في سِباقْ
هذا يبوحُ به اللسا / ن وذا يبوح به المآقْ
يا من إذا لَدَغ الزما / ن وجدتُ من جَدْواهُ راقِ
وإذا خضعتُ لحادثٍ / حَلَّت مكارمُه وَثاق
واللهِ لا خِفْتُ الزما / نَ ولا احتفلتُ بما أُلاق
ما دمتَ لي عِزّا أَصو / ل به على الأيامِ باق
للهِ يومي بالثغرِ في الجَوْسَقْ
للهِ يومي بالثغرِ في الجَوْسَقْ / والأرضُ تُجْلَى في روضِها المُونِقْ
والنيلُ يحشُو حَشا الخليجِ وقد / كَساه زهرُ الربيعِ بإسْتَبْرَق
ودَرَّجتْ ماءَه الصَّبا فحكى / ثوبَ حريرٍ مُدَمْقَسٍ أزرق
وراقَ بين الرياض فهْو كما / فَرَّج فوق الغلالِة اليَلْمَق
وحمرةُ الشمسِ في الغدير وقد / مرت عليه ريحُ الصَّبا تَعْبَق
كأنه صدرُ فضةٍ قُصِّرت / حافته وهْو مُذْهَبٌ مُحْرَق
كدرهمٍ حُطَّ فوقَ سُنْدُسةٍ / أَدقَّ فيه النَّقَّاش ما زَوَّق
كأنه والنباتُ يحصُره / عينٌ بها هُدْبٌ جفنُها محدِق
كالبدرِ في زرقِة السماء وقد / حَفته فيها النجومُ بالمشرق
صَفا كودِّى وعَبْرتي وحكى / قلبي بتَمْويجه كما يخفِق
والغيمُ يبكي والبرقُ يضحك وال / رعدُ من الغيظِ صائحٌ مُحْنَق
والبرق ثوب تشِفّ حمرتُه / والرعدُ تصويته إذا خُرِّق
كأنّ قوس الغمامِ حاشيةٌ / من سَفَط الخَزِّ بعدَ ما طَبَّق
أو كحواشي عَصائبٍ ظهرتْ / ألوانُها في جبينِ مَنْ يَعْشق
دوائرٌ صُبِّغتْ مُداخَلةٌ / فكلُّ لونٍ بضِدِّه مُلْصَق
أطواقُ لاذٍ في جِيدِ غانيةٍ / دَرَّج ألوانَهن مَنْ طَوَّق
والوُرْقُ بين ألأوراقِ صادحةٌ / فكلُّ ورقاءَ راسلتْ أَوْرَق
يا ليتَ شِعْري غَنَّت أَمِ انتحبَت / بلِ الأغاني بحالِها أليق
لو ادَّعتْ أنها بكتْ كَذَبت / وشاهدُ الحالِ صادقُ المنطق
أين شهيقُ الباكي وعَبْرتُه / إذا بدتْ من جفونِه تسبق
تَرْتع في حُلَّةٍ مُصَنْدَلةٍ / والعِطْرُ في الروضِ عِطْرُها يَعْبَق
والطوقُ في جِيدِها وقد خَضَّب ال / حِناءُ أطرافَها إلى المِرْفَق
وحولها من تحِبّ في وطنٍ / جناحُها في رياضِهِ مُطْلَق
خِلافُ حالِي في غربةٍ تَرَّحتْ / مُشتَّتَ الشملِ شائبَ المَفْرِق
أبكى بدمعٍ كأنه مطرٌ / فكلَّما فاضِ كِدْتُ أنْ أغرق
ذو لوعةٍ كاللهيب صادعةٍ / تحرِقني بالزفير أو تخنُق
مالي وللدهرِ لا يَصِحُّ له / عهدٌ وعقدٌ عندي ولا مَوْثِق
ترمى فؤادىَ أيدي حوادثِه / بأَسْهمٍ عن قِسِيِّها تُرْشَق
مأوىً لما دَبَّ من مَصائبها / وغاص تحت البحار أو حَلَّق
يَنْتابُني من جيوشها أُمَم / إذا مضى فَيْلقٌ أتى فيلق
فَرِقت منها حتى أَنِستُ بها / مع التمادى فصرت لا أَفْرَقُ
لغربتي غربةُ النَّوى خُلِقتْ / فلا غرابٌ إلا بها يَنْعِقَ
فهْي لشَمْلي مذ كنت شاملة / وهْو أسير في قَيْدِها مُوثَق
فليتَها إذ حَوَتْه كان إذا / رَقَّ شبابي من أَسْرِها مُطْلَق
لكنها عَبَّرتْهُ عالمةً / بأنّ صدري لفَقْدِه أضيق
وغادرتْ عنديَ المشيبَ فما / أَشيب من بعده لما يَطْرُق
فثوبُ عيشى أَضْحى به خَلَقا / وهْو جديدٌ عليه لا يَخْلُق
رافَقني وهْو لا يفارِقني / إلى الرَّدَى وهو منه لي أوفَق
ما أَرْغَب الناسَ في الحياةِ ولا / ترغب في راغبٍ ولا تُشْفِق
تُذيقُنا شهدها اليسيرَ وكم / نَغَصُّ من أجله وكم نَشْرَق
ليت أبا الخَلْقِ آدمَ اتَّهمَ ال / شيطانَ في قوله وما صَدَّق
وفَرَّ عن أكلِ ما غَواهُ به / حزما فما ذاقه ولا ذَوَّق
أو قَرَّ في الخلدِ ثم يُرْزَقُنا / أو عَقَّمتْه الدنيا فلم يُرزَق
أو ليت حَوَّافي في الأصلِ ما خُلِقت / أو ليتها لم تَلد ولم تَعْلَق
لكنْ دُفِعنا فيها إلى مِحَنٍ / تَصْبَحنا بالهموم أو تَغْبُق
طِباعُها السُّوء واللبيبُ بها / أسوأُ حالا فيها منَ الأحمق
مأوَى الرَّزايا من حينِ يَنْبِذه ال / ظهرُ إلى حيث لَحْدُه الموبِق
من سَلَّمت من جَنينها وقضى / سَقطا فقد وُفِّقتْ وقد وُفِّق
هَمَّت بتحصيله كما حَصَّلتْ / بغير نفعٍ يُرْجَى ولا مَرْفَق
تصرخ إنْ مات مثلما صَرختْ / وهْي به في مَخاضِها تُطْلَق
وهْو إذا عاش في محاربة / يُطْعَن بالحادثات أو يُرْشَق
فالعيشُ نفسُ الهلاكِ والمُقْبِلُ ال / مسعود من لم يَعِش ولم يُخْلَق
نَغَمُ الحُداةِ بكم وزَجْرُ السائقِ
نَغَمُ الحُداةِ بكم وزَجْرُ السائقِ / أَوْهَتْ قُوَى جَلَد المُحبِّ الوامقِ
عَجِل الفراقُ علىَّ فيك ولم أَنَلْ / وَصْلا سوى نَظرٍ كلَمْحَةِ بارقِ
وأبيكِ ما أبقَى الهوى مني سِوَى / كفٍّ تشدُّ على فؤادٍ خافق
رِفْقا بأسْرى مُقْلتيْك فقَلَّما / يبقَى على الهجرانِ صبرُ العاشق
ها قد كتمتُ هواك معْ ما أنه / نار تشَبُّ على فؤادٍ شائق
هَبْنِي قَدَرتُ على لسانٍ صامتٍ / ما حيلتي في دمع عينٍ ناطق
لو كان يَقْطُر لا عتذرتُ بعلٍة / ما حيلتي في ذي غُروبٍ دافق
إنْ لم أَخُضْ لُجَجَ الغرامِ وأمتطىِ / طلبَ الوصالِ بكل أَشْعث رائق
وأكرُّ بين الجَحْفَلَيْن معرِّضا / نفسي هناك لطاعنٍ أو راشِقِ
وأُدافع الموتَ الزؤام بمنكبي / في كل ملتبِس المَسَالكِ مازِق
نَكِرتْ كعوبَ السَّمْهَرِية راحتي / وعَدمتُ آثارَ النِّجادِ بعاتقي
وفَررتُ من خصمي وعاف مُعاشِري / خُلُقي وخُيِّب سائلي أو طارِقي
بِنْتم فما فَرِحتْ بأَوْبَةِ قادمٍ / نفسي ولا حَزِنت لفقدِ مُفارِق
أنا من فراقك بين حزنٍ ثابتٍ / لايستقلُّ وبين صبرٍ آبِق
يا هلْ حَفِظت على ثنيةِ رامةٍ / عهدي الذي أَكَّدته ومَواثِقي
حيث السَّرائرُ والنسيمُ كلاهما / مِثْلان فتنةُ سامعٍ أو ناشِقِ
والروضُ فيما نحن فيه مُؤلِّفٌ / ثغرَ الأَقاحِ إلى خدودِ شَقائق
والطَّلُّ يُحْسَب فوق مُخْضَلِّ الرُّبا / دمعَ الدَّلالِ على عِذارِ مُراهِق
يشدو الحمامُ على الأَراكِ فتَنْبَرى ال / أغصانُ بين تَمايُل وتَعانُق
يا ليتَ شِعْري هل يُعاوِد ما مضَى / أم جَذَّت الأيامُ منه عَلائقي
هبْ ذاك عاوَد كيف لي بزوالِ ما / كتبتْ صروفُ الدهرِ فوق مَفارقي
خَطٌّ غدا يَقَقَ الحروفِ فما له / يسودُّ حين يراه قلبُ الوامِق
ما للزمانِ يَخصُّني بصُروفِه / حتى ركضْنَ إلىَّ ركضَ مُسابِق
ما زال يُنْهِلني الأُجاجَ مكررا / ويُعِلُّ غيري بالزُّلالِ الرائق
وكذا الرياحُ إذا عَصَفْنَ فإنما / تأتِي على نَبْت المكان الشاهق
تغدو القَطا بين الحدائق آمنا / منها ونلعب بالمُنيفِ الباشَق
صبرا عليه فرُبَّ حالِ مُنافرٍ / حالتْ وأَضْحَى وهو أَىُّ مُصادِق
وحَقِّ ما غادرتْ عيناك من رَمقِى
وحَقِّ ما غادرتْ عيناك من رَمقِى / وما أثار الهوى والشوقُ من قَلقي
وما تَبوح دموعي للوُشاةِ به / فيكم ويكتمه قلبي من الحُرَق
لقد حَوى الأفضلُ الفضلَ الذي افترقتْ / أنواعُه في جميع الخلق في نَسَق
فكلُّ معنىً وإنْ جَلَّتْ مناقُبه / فبعضُ ما فيه من خَلْق ومن خُلُقِ
أَلا لا أَعاد اللهُ ليلِى بحجرةٍ
أَلا لا أَعاد اللهُ ليلِى بحجرةٍ / وقفتُ بها حتى الصباحِ على ساقِ
وللبَقِّ فيها والبَراغيثِ خُلْطَةٌ / كبَزْر قَطُوْنا ذُرَّ في حَبِّ سُمّاقِ
إذا ما أَرانينُ البعوضِ تَجاوبتْ / لنا وَقَّعوا بالرقص إيقاعَ حُذّاقِ
وقد أنضجتْ جسمي لهم نارُ حَرِّها / ولكنّه نضج تَنَاهى لإحراق
فبتُّ كأنى من حرارة نهْشها / سليمُ الأفاعي دونَ راق وترياق
وما عَجَبي أن كدتُ أَفنَى بأكِلها / بَلى عَجَبي أنْ كيف قد سَلم الباقي
إلى أن تَبدَّى الصبحُ بعد تباعدٍ / فداركتُ من نفسي بقيةَ أرماقي
فبادرتُ نحو الباب أطلب ملجأ / فسبحانَ من أحيا ومَنَّ بإطلاق
لولا التمائمُ والرُّقَي من كُتْبِكم
لولا التمائمُ والرُّقَي من كُتْبِكم / تَعْتادني لَجُنِنْتُ من أَشواقِي
لكنْ إذا داءُ الفراقِ أصابني / جاءت بما أرجو من الإفراق
والشوقُ سمّ في حَشاي وكُتْبكم / في ضِمْنِها ضربٌ من الدِّرْياق
كتْب بها السحر الحلال وفعلُه / ما تفعل الأَحْداقُ بالعشاق
أَخِلآّىَ بالثغر دام الفراقُ
أَخِلآّىَ بالثغر دام الفراقُ / ولازَمَني أسفٌ واشْتياقُ
تَصبَّرتُ عنكم على حالتين / أسىً يتَلظَّى ودمعٍ يُراق
وأرغمتُ قلبي على سَلوةٍ / فغايةُ ما نال منها الطلاق
وأصعبُ ما حاولتْه النفوسُ / من الأمر تكليف ما لا يُطاق
فهل لي إلى العيش ما بينَكم / كما كنتُ مُسْتَمْسَك واعْتِلاق
لياليَ تعدو بنا في الشباب / إلى حَلْبة اللهو خيلٌ عتاق
وحظُّ العواذلِ من مِسْمَعي / ظواهرُ باطِنُهنّ النفاق
وللعَتْبِ بين جديد الوصالِ / وهجر الدلالِ حَواشٍ رقاق
وهبْ ذاك عاوَد أين الشبابُ / وقد حَلَّ حيث يَعُوز اللَّحاق
لئنْ كنتُ في قبضة الحادثات / فمهما أردتُ فكاكا أعاق
فقلبيَ منذ سَباني البعادُ / له نحوَكم كلَّ يوم إباق
يحالف نفسا لها كلما / تذَكَّرت العيشَ فيكم سِباق
قطعتُ مكاتبتي عنكمُ / لأجل حديثٍ إليكم يُساق
أمورٌ أَتتْ غيرَ مقصودةٍ / ولكنْ نَشَا بينَهنّ اتفاق
ومَن لا يُصانِع قبلَ الدخول / تأسَّف حين يَضيق الخِناق
أتانيَ أخبارُ ما شَنَّعَت / عَلَىَّ العِدا حين خافوا وضاقوا
وما ضَرَّ بدرَ الدُّجى نابحٌ / عَوى وله في العَلاء اتِّساق
وهبْ زَخْرَفوا كذبا مُوهِما / أَمَا للكلامِ مَعانٍ تُذاق
ولو أن لي عادةً في الفضولِ / لصُدِّق في القولِ عني اختلاق
ولكنَّها نفثةٌ بَثَّها / حسودٌ له بَشجاةُ اختناق
وللزور في حال تشنيعه / مَبادٍ عواقبُها الاِمِّحَاق
وهَبْني شربتُ بكأس الحُمام / أليس له منه كأسٌ دِهاق
عليكم سلامٌ كمِسْك الرياضِ / له من نَسيمِ سُحيرٍ فِتاق
وأعذبُ من رَشَفات الرُّضابِ / تجود بهنّ الشِّفاه الرِّقاق
وأطيبُ من بَدْءِ تسليمةٍ / نتيجتُها قُبَلٌ واعتناق
وصادحٍ في ذُرَى الأغصانِ نَبهَّني
وصادحٍ في ذُرَى الأغصانِ نَبهَّني / من غَفْوةٍ كان فيها الطَّيْفُ قد طَرَقا
فكان بين تَلاقينا وفُرْقَتنا / كما تَبسَّم برق غازَلَ الأُفُقا
فقلتُ لاصِحْتَ إلا في يَدَىْ قَرِمٍ / غَرْثان يُورِد فيكَ المُدْيَة العَلَقْا
وقمتُ أنتزِع الأوكار من حَنقٍ / مني وأستلبُ الأغصانَ والورقا
لو ناح للشوقِ مثلي كنتُ أَعذِره / لكنّه مَوَّه الدعوى وما صَدَقا
عَهْدِى به في أمانٍ منه مقترِبا / مُطَرِّبا فوق غُصْنَىْ بانةٍ سَمَقا
لولا ليالٍ لنا بالبانِ سالفةٌ / كررتُ من زَفراتي فيه فاحترقا
كتابِي كتابُ أخي لوعةٍ
كتابِي كتابُ أخي لوعةٍ / يُقصِّر عن وصفِ أشواقِهِ
إذا كتبتْ كفُّه أَحُرفا / محتْها سوابقُ آماقه
وسوف تُنَبِّيك آثارُها / إذا وَصلتْ ضِمْنَ أوراقه
لئن بَعُدتْ بك عنه النَّوَى / فشخصُك ما بين أحداقه
ويومٍ ضاحك يبكي
ويومٍ ضاحك يبكي / ضعيفُ مَعاقدِ السِّلْك
إذا انهملتْ سحائبه / ودمعي خِلْتُني المَحْكِي
يَشُوب ببَرْده بَرَدا / كمَبْسِمِ مَنْ حَوَى مِلْكِي
كأن الريح تنثره / على الأرضين في وَشْك
تُغَرْبِل من خِلال الدُّ / رِّ كافورا على مِسْك
وبيت دُعيتُ له ثم لم
وبيت دُعيتُ له ثم لم / أجد لي عنِ الكونِ فيه فَكاكا
فزاد بنا فيه فَرْطُ الزحا / مِ والحرِّ حتى اشتهينا الهلاكا
أَمِنّا بَراغيثُه أنْ تَضُ / رَّ ولو حاولتْ ما أطاقَتْ حَراكا
فلو دخلتْ بيننا ذَرَّةٌ / تَشقَّق حائطُه عند ذاكا
لا تَفْرَحنَّ برُتبةٍ
لا تَفْرَحنَّ برُتبةٍ / أَعْطاكَها في الناسِ جَدُّكْ
وانظرْ مكانَك في المكا / رم بالحقيقةِ فهْو حَدُّك
أنت الفقيرُ مع الغِني / إنْ لم تجد عقلا يُمِدُّك
هَبْك اقتدرتَ على الظوا / هرِ هل قلوبُ الناس جُنْدُك
لا يَغْررُنَّك أنْ تُها / ب ولا يروقُك من يَرُدّك
فمن البليةِ أن تز / لُ فلا يُجيِبك من يَرُدُّك
وإذا بُليتَ بفَقْدِه / فخيارُ ما استعجلتَ فَقْدُك
قالوا محا حُسْنَه تَجَدُّرُهُ
قالوا محا حُسْنَه تَجَدُّرُهُ / فقلتُ حَسْبِي ما شئتمُ قولُوا
قد كان ياقوتُ خَدِّه عُطلا / فالآن قد رَصَّعوه باللُّولُو
لقد جَمع الكانونُ نورا وظلمة
لقد جَمع الكانونُ نورا وظلمة / وجالَسنا في هيئة الرجلِ الحُكْل
ودَبَّت سُلافُ النارِ في قارِ فحمِه / كمادَبَّ نورُ الشمسِ في طَرف الظِّلِّ
وكنا نُفَدِّيه وفيه شبيبةٌ / ونَخْتصُّه بالقُربِ منا وبالوصل
إلى أنْ عَلا شيبُ الرمادِ قَذاله / وأصبح شيخا في المزاج وفي الفُكْلِ
هَجَرْناه هجرَ الغانياتِ ضرورةً / فصار لدينا لا يُمِرُّ ولا يُحْلى
للهِ وافرُ كمثرى ذَكرتُ به
للهِ وافرُ كمثرى ذَكرتُ به / ما كنتُ أَعْهَد في أيامىَ الأُوَلِ
لم أُدْنِه لفمي إلا وأَوْهَمه / من النهودِ لذيذَ العَضِّ بالقُبَل
قد ذقتُ من طعمه ما كادَ يَبْلُغ بي / ما ذقتُ من رَشْفِ محبوبٍ على وَجَل
يحكى قَواريرَ ماءِ الوردِ خالطَه / فيها من الزعفرانِ المسك بالعسل
أَكْرِمْ بزَوْرَته لو أنها اتصلتْ / وأنه كان فيها غيرَ منفصل
لو كنتُ أملك حكمَ الأرض ما حَمَلتْ / نَبتا سواه على سهل ولا جبل
إذا النَّيلوفرُ المفتوح دارتْ
إذا النَّيلوفرُ المفتوح دارتْ / بصُفْرِ قِبابِه زُرقُ النِّعال
وماد الخَيزُرانُ به تَناهَى / إلى صفة تَجِلّ عن المِثال
قناديلٌ مُشرِّفة الأَعالي / تشبُّ بهن ألسنةُ الذُّبال
وقد خانتْ سلاسلُها عُراها / فنِيطَ بحَمْلها سُمْرُ العَوالي
يا سيدا يَدُه عَمَّتْ نَوافلُها
يا سيدا يَدُه عَمَّتْ نَوافلُها / ونفسُه فوقَ أنْ تُحْصَى فَضائلُها
انظرْ لنيلوفرٍ غَضٍّ بدا فحَكى / سواعدَ الغيدِ قد ضُمَّتْ أَناملُها
انظرْ إلى حِكَمِ الصُّنّاعِ في عملي
انظرْ إلى حِكَمِ الصُّنّاعِ في عملي / وانظرْ بدائعَ ما يأتيك مِنْ قِبَلِى
إني لأُطْرِبُ سَمْعا ليس يُطْرِبه / إلا صليلُ القَنا في مهجةِ البَطَل
وبادرةٍ للشيبِ بادرتُ قَصَّها
وبادرةٍ للشيبِ بادرتُ قَصَّها / لآرفعَ بادِى خَيْطِها وهْو ينزلُ
فقالت لئن قَصَّرتَ مني تَخوُّفا / فأَيدِي الليالي من ورائىَ تَغْزِل
وهل أنا إلا سَقْطةُ الزَّنْدِ صادفتْ / مواضع طُعْمٍ فهْي تُذْكَى وتُشْعَل
فسالمتُها لما تيقنتُ أنها / وما خَلْفَها جيشٌ من الله مُرْسَل
شبابٌ تَولَّى ما إليه سبيلٌ
شبابٌ تَولَّى ما إليه سبيلٌ / وشيبٌ تَبدَّى ليس منه مقيلُ
فهذا كليلِ الوصلِ لونا ومُدَّةً / وذا كنهارِ الهجر فهْو طويل
فأطيبُ عيشِ المرءِ عصرُ شبابِه / ومِنْ سَعْدِه لو مات حين يزول
فلا تحسبنَّ العمرَ بعد شَبيبةٍ / فكلُّ حياةٍ بعد ذاك فُضول
إذا الشيخُ أَثْرَى فهْو أفقرُ مُعْدِمٍ / وإنْ صَحَّ بعد الشيبِ فهْو عَليل
بكى الناسُ أيامَ الشَّبيبة قبلنَا / بكاءً أطالوا فيه وهْو قليل