المجموع : 334
كَتَبْتُ إِلَيْكُمُ بِيَدِ الدُّموعِ
كَتَبْتُ إِلَيْكُمُ بِيَدِ الدُّموعِ / وَما أَمْلى سِوى قَلْبي المَرُوعِ
أَرى آثارَكُمْ فَأَذُوبُ شَوقاً / وَأَسْكُبُ في مَوَاطِنِكُمْ دُمُوعي
وأَسْأَلُ مَنْ بِبَيْنِكُمُ رَمَاني / يَمُنُّ عَلَيَّ مِنْكُمْ بِالرُّجُوعِ
لِحاظُهُ تَجْلِبُ الحُتُوفا
لِحاظُهُ تَجْلِبُ الحُتُوفا / وَطَرْفُهُ لَمْ يَزَلْ ضَعِيفا
لَمْ يَبْدُ لِلْبَدْرِ قَطُّ إِلا / أَخْجَلَهُ فَاكْتَسى كُسُوفا
مَلَّكَهُ حُبُّهُ قِيادِي / فَصَارَ في مُلْكِهِ عَنِيفا
أَصْبَحْتُ في حُبِّهِ إِماماً / وَالنَّاسُ خَلْفي غَدَوا صُفوفا
بِاللَهِ رَبِّكُما عُوجَا عَلَى سَكَنِي
بِاللَهِ رَبِّكُما عُوجَا عَلَى سَكَنِي / وَعَاتِباهُ لَعَلَّ العَتْبَ يَعْطِفُهُ
وَعَرِّضا بي وَقولا في كلامِكُما / مَا بالُ عَبْدِكَ بِالهِجْرانِ تُتْلِفُهُ
فَإِنْ تَبَسَّمَ قُولا عَنْ مُلاطَفَةٍ / مَا ضَرَّ لَوْ بِوِصالٍ مِنْكَ تُسْعِفُهُ
وإِنْ بَدا لَكُما مِنْ سَيِّدي غَضَبٌ / فَغَالِطاهُ وَقولا لَيسَ نَعْرِفُهُ
يا ذا الَّذي مِنْ هَجْرِ ودٍّ مَا اكتَفى
يا ذا الَّذي مِنْ هَجْرِ ودٍّ مَا اكتَفى / أَلا جَعَلْتَ مِنَ الخِيانَةِ لِي وَفا
وَجَنَيْتَ مِنْ شَجَرِ القِلى بِيَدِ الهَوى / مِمَّا غَرَسْتَ بِمُهجَتي ثَمَرَ الجَفا
فَهِلالُ وَصْلِكَ في سَماءِ مَوَدَّتي / بِكُسوفِ هَجْرِكَ قَد أَضَرَّ بِهِ الخَفا
فَمَتى تكَشَّفَ غَيْمُ سُخْطِكَ بِالرِّضا / عَنِّي وَعَنْهُ كانَ مِنْهُ تَطَرُّفا
أَسَلُ الَّذي بِالهَجْرِ أَخْلَقَ جِدَّتي / أَنْ لا يُكَدِّرَ مِنْ وِصالِكَ مَا صَفا
وَهَيْفاءَ مِنْ نُدَماءِ المُلو
وَهَيْفاءَ مِنْ نُدَماءِ المُلو / كِ صَفْراءَ كالعاشِقِ المُدْنَفِ
تَكِيدُ الظَّلامَ كَما كادَها / فَتَفْنى وتُفْنِيهِ في مَوْقِفِ
شَوْقي إِلَيْكَ مُجاوِزٌ وَصْفِي
شَوْقي إِلَيْكَ مُجاوِزٌ وَصْفِي / وَظُهورُ وَجْدِي فَوْقَ ما أُخْفِي
يا لَيْتَ جِسْمي كُلَّهُ حَدَقٌ / حتَّى تَراكَ وَلَيْتَها تكْفي
مَا دارَ ذِكْرٌ مِنْكَ في خَلَدي / إِلا طَرَفْتُ بِدمْعَتي طَرْفي
يا مُنْيَةَ النَّفْسِ كُوني كَيْفَ شِئْتِ فَما
يا مُنْيَةَ النَّفْسِ كُوني كَيْفَ شِئْتِ فَما / قَلْبي بِسالٍ وَلا ودِّي بِمُنْصَرِفِ
إِنْ تَقْتُليني فَمَطْلُولٌ لَدَيْكِ دَمي / أَوْ تَهْجُريني فَإِنِّي غَيْرُ مُنْتَصِفِ
وَاللَهِ ما أَسَفي أَنِّي أَمُوتُ ضَنىً / وَلَيْسَ إِلا عَلى أَنْ تَأْثَمي أَسَفي
وَيُعْجِبُني مِنْكَ الصُّدُودُ وإِنَّهُ
وَيُعْجِبُني مِنْكَ الصُّدُودُ وإِنَّهُ / لَحَتْفٌ وَلكِنْ حبَّذا بِالهَوى الحَتْفُ
فَواللَهِ مَا اخْتَرْتُ التَّسَتُّرَ عَنْ قِلىً / وَلكِنْ حِذاراً أَنْ يَشُوبَ الهَوى خُلْفُ
شَرِبْتُ حُمَيَّا الحُبِّ صِرْفاً مُعَتَّقاً / فَشُرْبُ الوَرى مَزْجٌ وشُرْبي لَها صِرْفُ
تاهَ بِقَدٍّ يُزْهى بِهِ الهَيَفُ
تاهَ بِقَدٍّ يُزْهى بِهِ الهَيَفُ / كأَنَّهُ في قَوامِهِ أَلِفُ
أَعْطِفُ عَنْهُ إِذا تَجَنَّبَني / ثُمَّ أَرى وَجْهَهُ فَأَنْعَطِفُ
جَارَ الفِراقُ وأَسْرَفا
جَارَ الفِراقُ وأَسْرَفا / مَا ضَرَّهُ لو أَنْصَفَا
يا مَوْقِفاً تَرَكَ الفُؤا / دَ عَلى التَّلَهُّفِ موقفَا
دَمْعِي عَزيزٌ والكَرى / عِنْدِي أَعَزُّ مِنَ الوَفا
وَجْهُ السُّرورِ لِفَقْدِكُمْ / قَدْ صارَ في عَيْني قَفا
تَثَنّى فَكادَ الغُصْنُ أَنْ يَتَقَصَّفَا
تَثَنّى فَكادَ الغُصْنُ أَنْ يَتَقَصَّفَا / وَقَدْ هَزَّ مِنْهُ التِّيهُ غُصْناً مُهَفْهَفا
وَمِنْ أَيْنَ لِلْغُصْنِ القَوامُ وَإِنَّما / رَأى قَدَّهُ فَانْقَدَّ مِنْهُ تَكَلُّفا
يا ظالِماً في كُلِّ أَفْعالِهِ
يا ظالِماً في كُلِّ أَفْعالِهِ / مَا شِئْتَ فَاصْنَعْ فَلَنا مَوْقِفُ
رَضِيتُ بِالقَسْرِ بِظُلْمِ الهَوى / مَنْ خَصْمُهُ القاضي مَتى يُنْصَفُ
يَحْلِفُ بِاللَهِ فَيا لَيْتَهُ / إِذا أَرادَ الخُلْفَ لا يَحْلِفُ
إِنِّي لأَسْتَحْيي إِذا مَرَّ بي / فَقِيلَ هذا المَوعِدُ المُخْلِفُ
أَبْيَضُ وَاصْفَرَّ لاعْتِلالٍ
أَبْيَضُ وَاصْفَرَّ لاعْتِلالٍ / فَصَارَ كالنَّرْجِسِ المُضَعَّفْ
كأَنَّ نِسْرينَ وَجْنَتَيهِ / بِشَعْرِ أَصْداغِهِ مُغَلَّفْ
يَرْشَحُ مِنْهُ الجَبينُ ماءً / كأَنَّهُ لُؤْلُؤٌ مُنَصَّفْ
زَمانُ الرِّياضِ زَمانٌ أَنِيقُ
زَمانُ الرِّياضِ زَمانٌ أَنِيقُ / وَعَيْشُ الخَلاعَةِ عَيْشٌ رَقِيقُ
وَقَدْ جَمَعَ الوَقْتُ حَالَيْهِما / فَمَنْ ذا يُفِيقُ وَمَنْ يَسْتَفِيقُ
أَيا مَنْ هُوَ الفَوْزُ لي والمُنى / ومَنْ هُوَ بِالحُبِّ مِنِّي حَقِيقُ
تَغَنَّمْ بِنا غَفْلَةَ الحَادِثا / تِ فَوَجْهُ الحَوادِثِ وَجْهٌ صَفِيقُ
أَدِرْ لَحْظَ عَيْنِكَ وَامْزِجْهُ في / مُرُوجِ الرِّياضِ تَجِدْها تَشُوقُ
تَرى مزْوَجَ الحُسْنِ في مُفْرَدٍ / جَلِيلُ المَحاسِنِ فيهِ دَقيقُ
إِذا قابَلَ الزَّهْرُ زَهْرَ الخُدودِ / فَأَيْنَ الخَلاصُ وَأَيْنَ الطَّريقُ
بَهارٌ بَهِيرٌ بِهِ غَيْرَةٌ / عَلَى نَرْجِسٍ وَشَقيقٌ شَفيقُ
فَذا عاشِقٌ دَنِفٌ خائِفٌ / وَذا خَجِلٌ وَكَذاكَ العَشِيقُ
مَدَاهِنُ يَحْمِلْنَ طَلَّ النَّدى / فَهاتِيكَ تِبْرٌ وهَذا عَقِيقُ
يُنَظِّمُ أَوْراقَها دُرّهُ / وَيَنْثُرُ مِنْها الَّذي لا يُطِيقُ
يَمِيلُ النَّسيمُ بِأَغْصانِها / فَبَعضٌ نَشاوى وَبَعْضٌ مُفِيقُ
وَيَوم سِتارَتُهُ غَيْمَةٌ / وَقَدْ طَرَّزَتْ رَفْرَفَيْها البُرُوقُ
تَظَلُّ بِهِ الشَّمْسُ مَحْجُوبَةً / كأَنَّ اصطِباحَكَ فيها غبُوقُ
جَعَلْنا البَخُورَ دُخاناً لَهُ / وَمِنْ شَرَرِ الرَّاحِ فيهِ حَرِيقُ
سَجَدْنا لِصُلْبان مَنْثُورِها / وَقَد نَصَرَتنا علَيهِ الرَحيقُ
لَدى شَجَرٍ رافِعاتِ الذُيولِ / لِجَرْيِ الجَداوِلِ فيها شَهِيقُ
كأَنَّ طَيالِسَ غُدْرانِها / عَلى هَيْكَلِ الْماءِ فيها خُروقُ
وَقُلْنا بِها وَلِضَوءِ الصَّباحِ / عَلَى عَنْبَرِ الفَجْرِ مِنْهُ خَلوقُ
أَدِر يا غُلامُ كُؤوسَ المُدامِ / وَإِلا فَيَكْفيكَ لَحْظٌ وَرِيقُ
وَحُثَّ الصَّبُوحَ لِوَقْتِ الصَّباحِ / فَمُتَّسِعُ الهَمِّ فيهِ يَضيقُ
لَيْلُ شعْرٍ مِنْ فَوقِ صُبْحِ جَبينٍ
لَيْلُ شعْرٍ مِنْ فَوقِ صُبْحِ جَبينٍ / ما لِبَيْنٍ عَلَيْهِما مِنْ طَريقِ
فيهِ ضِدَّانِ أُلِّفا فَوْقَ ضِدَّي / نِ بَهارٌ مُعانِقٌ لِشَقِيقِ
وَهْوَ نَوْعانِ فيهِما صُفْرَةُ العا / شِقِ مِنْ فَوْقِ حُمْرَةِ المَعْشُوقِ
جُمِعا لي مِنْ لَوْنِ مَنْ بَدَّلَ الكا / فُورَ مِنْ لَوْنِ أَدْمُعي بِالخَلوقِ
لابِساً وَشْيَ أَدْمُعي وَهْوَ يَدْري / أَنَّها مُهْجَتي عَلى التَّحقِيقِ
كلُّ نَوْعٍ فيهِ مِنَ الحُسْنِ أَنْوا / عٌ وَمَجْمُوعُها بِلا تَفْريقِ
وَإِذا ما بَكَى جَرَى اللؤْلُؤُ المَنْ / ظُومُ مِنْ جَزْعِ عَيْنِهِ في عَقِيقِ
وَلَهُ مِنْ زَبَرْجَدِ الشّعْرِ راءٌ / فَوْقَ ثَغْرٍ كالنُّونِ في التَّفْريقِ
بَرَدٌ لاَ يَذُوبُ مَا بَينَ خَمْرٍ / جَامِدٍ مِنْ رُضابِهِ في رَحِيقِ
كَمْ صَباحٍ صَبَّحْتُهُ بِصَبُوحٍ / وَمَساءٍ مَسَّيْتُهُ بِغَبُوقِ
في أَوانٍ صافٍ وَجَوٍّ صَقِيلٍ / وَزَمانٍ رَطْبٍ وَدَهْرٍ رَشِيقِ
جَعَلوا الحَجَّ حُجَّةً لِلْفِراقِ
جَعَلوا الحَجَّ حُجَّةً لِلْفِراقِ / وَاسْتَحَلّوا خِيانَةَ المِيثاقِ
دُونَ تِلْكَ الجِمالِ لَوْ قَدْ أَقامُوا / لَحَمَلْناهُمُ عَلى الأَحْداقِ
رأَيْتُ الهِلالَ وَقَدْ أَقْبَلَتْ
رأَيْتُ الهِلالَ وَقَدْ أَقْبَلَتْ / نُجُومُ الثُّرَيَّا لِكَيْ تَسْبِقَهْ
فَشَبَّهْتُهُ وَهْوَ مِنْ خَلْفِها / وَبَيْنَهُما الزَّهْرَةُ المُشْرِقَهْ
بِقَوْسٍ لِرامٍ رَأى طائِراً / فَأَرْسَلَ في إِثْرِهِ بُنْدُقَهْ
راحٌ إِذا اسْتَنْطَقَتْها بِالمِزاجِ يَدٌ
راحٌ إِذا اسْتَنْطَقَتْها بِالمِزاجِ يَدٌ / تَكادُ تَخْرَسُ عَنْها أَلْسُنُ الحَدَقِ
كأَنَّها خَجِلٌ في كأْسِ شارِبِها / فَاجَاهُ عِنْدَ مِزاج صُفْرَةُ الفَرَقِ
أَوْ مِثْلُ وَجْنَةِ مَعْشُوقٍ إِذا نَثَرَتْ / يَدُ الدَّلالِ عَلَيْها لُؤْلُؤ العَرَقِ
كأَنَّ ما ابْيَضَّ مِنْها في مُوَرَّدِهِ / كَواكِبٌ نُثِرَتْ في حُمْرَةِ الشَّفَقِ
أَجْرَتْ مِنَ الكُحْلِ السَّحِيقِ بِخَدِّها
أَجْرَتْ مِنَ الكُحْلِ السَّحِيقِ بِخَدِّها / سَطْراً تُؤَثِّرُهُ الدُّمُوعُ السُّبَّقُ
فَكأَنَّ مَجْرى الدَّمْعِ حِلْيَةُ فِضَّةٍ / في بَعْضِهِ ذَهَبٌ وَبَعْضٌ مُحْرَقُ
قُمْ يا غُلامُ إِلى الشَّمولِ فَهاتِها
قُمْ يا غُلامُ إِلى الشَّمولِ فَهاتِها / قَبْلَ انْتِشارِ الصُّبْحِ في الآفاقِ
فَكأَنَّها شَمْسٌ تُنِيرُ بِها الدُّجى / وكأَنَّهُ قَمَرٌ تَحَوَّلَ ساقِ
لَوْ كانَ رِزْقي مِنْ لَذيذِ عِناقِهِ / مَا كُنْتُ أَحْسُدُكُمْ عَلى الأَرْزاقِ