القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : صَفِيّ الدِّين الحِلّي الكل
المجموع : 899
وَفي النَيلِ إِذ وَفّى البَسيطَةَ حَقَّها
وَفي النَيلِ إِذ وَفّى البَسيطَةَ حَقَّها / وَزادَ عَلى ما جاءَهُ مِن صَنائِعِ
فَما إِن تَوَفّى الناسُ مِن شُكرِ مُنعِمَ / يُشارُ إِلى إِنعامِهِ بِالأَصابِعِ
لَئِن وَهى عِقدُ السَحابِ الثَمين
لَئِن وَهى عِقدُ السَحابِ الثَمين / فَلا عَدا رَبعَكِ يا مارِدين
مَدينَةٌ لَم تَرَ في جَوِّها / جَوراً وَلا في أَهلِها مارِدين
كَم شاهَدَت عَينايَ مِن أَهلِها / إِظهارَ مَعروفٍ وَإِضمارَ دين
أَفاضِلٌ في غَيِّهِم ما رَدوا / وَنِسوَةٌ في مِثلِهِ ما رَدين
ما حِلَّةُ اِبنِ دَبيسٍ
ما حِلَّةُ اِبنِ دَبيسٍ / إِلّا كَحِصنٍ حَصينِ
لِلقَلبِ فيها قَرارٌ / وَقُرَّةٌ لِلعُيونِ
إِن أَصبَحَ الماءُ غَوراً / جاءَت بِماءٍ مَعينِ
وَحَولَها سورُ طينٍ / كَأَنَّهُ طَورُ سينِ
ظَنَّ قَومي أَنَّ الأُساةَ سَتَبري
ظَنَّ قَومي أَنَّ الأُساةَ سَتَبري / داءَ وَجدي وَذاكَ شَيءٌ بَعيدُ
فَأَتَوا بِالطَبيبِ وَهوَ لَعَمري / في ذَوي فَنِّهِ مُجيدٌ مَجيدُ
مُذ رَأى عِلَّتي وَقَد لاحَ لِلمَو / تِ عَليها أَدِلَّةٌ وَشُهودُ
جَسَّ نَبضي وَقالَ ما أَنتَ شاكٍ / قُلتُ ناراً لَم يُطفِها التَبريدُ
فَغَدا يُخلِصُ الدَواءَ فَأَلفى / نارَ وَجدي مَعَ الدَواءِ تَزيدُ
قالَ ما كانَ أَصلُ دائِكَ هَذا / قُلتُ طَرفي وَذاكَ حالٌ شَديدُ
قالَ إِنَّ الهَواءَ أَحدَثَ بَلوا / كَ فَقُلتُ المَقصورُ لا المَمدودُ
فَاِنثَنى حائِراً وَقالَ لِقومي / ما دَواءُ العُشّاقِ إِلّا بَعيدُ
لِلَّهِ خَطُّ كِتابٍ خِلتُهُ دُرَراً
لِلَّهِ خَطُّ كِتابٍ خِلتُهُ دُرَراً / أَو رَوضَةً رَصَّعَتها السُحُب بِالبَرَدِ
أَبدَت بِظاهِرِهِ أَيدي مُجَلَّدُهُ / نَقشاً عَلى جِلدَةٍ أَوهَت بِهِ جِلَدي
كَفى الشِعرَ فَخراً أَنَّهُ كُلُّ مُشكِلٍ
كَفى الشِعرَ فَخراً أَنَّهُ كُلُّ مُشكِلٍ / مِنَ الذِكرِ في تَفسيرِهِ جيءَ بِالشِعرِ
وَإِن أَشكَلَت في الشَرعِ غامِضُ نُكتَةٍ / إِلى النَظمِ يُلجا حينَ يُعوِزُ بِالنَثرِ
أَخِلّايَ بِالفَيحاءِ إِن طالَ بُعدُكُم
أَخِلّايَ بِالفَيحاءِ إِن طالَ بُعدُكُم / فَأَنتُم إِلى قَلبي كَسِحرِيَ مِن نَحري
وَإِن يَخلُ مِن تِكرارِ ذِكري حَديثُكُمُ / فَلَم يَخلُ يَوماً مِن مَديحِكُم شِعري
فَوَاللَهِ لا يَشفي نَزيفَ هَواكُمُ / سِوى خَمرِ أُنسٍ كانَ مِنكُم بِها سُكري
أَرى كُلَّ ذي داءٍ يُداوى بِضَدِّهِ / وَلَيسَ يُداوى ذو الخُمارِ بِلا خَمرِ
أُطالِبُ نَفسِيَ بِالتَصَبُّرِ عَنكُمُ / وَأَوَّلُ ما أُفقِدتُ بَعدَكُم صَبري
فَإِن كانَ عَصرُ الأُنسِ مِنكُم قَدِ اِنقَضى / فَوَالعَصرِ إِنّي بَعدَ ذَلِكَ في خُسرِ
بَكَيتُ لِفَقدِ الأَربَعِ الخُضرِ مِنكُم / عَلى الرَملَةِ الفَيحاءِ بِالأَربِعِ الحُمرِ
فَكَيفَ بَقِيَ إِنسانُ عَيني وَقَد مَضى / عَلى ذَلِكَ الإِنسانُ حينٌ مِنَ الدَهرِ
سَقى رَوضَةَ السَعدِيِّ مِن أَرضِ بابِلٍ / سَحابٌ ضَحوكُ البَرقِ مُنتَحِبُ القَطرِ
وَحَيّا الحَيا مَغنىً قَضَيتُ بِرَبعِهِ / فُروضَ الصِبا ما بَينَ رَملَةَ وَالجِسرِ
وَرُبَّ نَسيمٍ مَرَّ لي مِن دِيارِكُم / فَفاحَ لَنا مِن طَيِّةِ طَيِّبُ النَشرِ
وَأَذكَرَني عَهداً وَما كُنتُ ناسِياً / وَلَكِنَّهُ تَجديدُ ذِكرٍ عَلى ذِكرِ
فَيا أَيُّها الشَيخُ الَّذي عَقدُ حُبِّهِ / تَنَزَّلَ مِنّي مَنزِلَ الروحِ مِن صَدري
تُجاذِبُني الأَشواقُ نَحوَ دِيارِكُم / وَأَحذَرُ مِن كَيدِ العَدُوِّ الَّذي يَدري
مَخافَةَ مَذّاقِ اللِسانِ يُسَرُّ لي / ضُروبَ الرَدى بَينَ البَشاشَةِ وَالبِشرِ
وَيَنثُرُ لي حَبَّ الوَفاءِ تَمَلَّقاً / وَيَنصُبُ لي مِن تَحتِهِ شَرَكَ الغَدرِ
وَما أَنا مَن يُلقي إِلى الحَتفِ نَفسَهُ / وَيَجهَدُ في اِستِخلاصِها مِنهُ بِالقَسرِ
إِذا كانَ ذِكرُ المَرءِ شَيخَ حَياتِهِ / فَإِنَّ طَريفَ المالِ كَالواوِ في عَمرِو
وَلَكِن لي في مارِدَينِ مَعاشِراً / شَدَدتُ بِهِم لَمّا حَلَلتُ بِها أَزري
مُلوكٌ إِذاّ أَلقى الزَمانُ حِبالَهُ / جَعَلتُهُمُ في كُلِّ نائِبَةٍ ذُخري
وَما أَحدَثَت أَيدي الزَمانِ إِساءَةً / وَوافَيتُهُم إِلّا اِنتَقَمتُ مِنَ الدَهرِ
إِذا جِئتُهُم مُستَصرِخاً حَقَنوا دَمي / وَإِن جِئتُهُم مُستَجدِياً وَفَروا وَفري
عَزائِمُ مَن لَم يَخشَ بِالبَطشِ مِن رَدىً / وَإِنعامُ مَن لَم يَخشَ بِالجودِ مِن فَقرِ
وَرَوَّوا بِماءِ الجودِ غَرسَ أَبيهِمُ / فَأَينَعَ في أَغصانِهِ ثَمَرُ الشُكرِ
وَقَلَّدَني السُلطانُ مِنهُ بِأَنعُمٍ / أَخَفَّ بِها نَهضي وَإِن أَثقَلَت ظَهري
هُوَ الصالِحُ المَلكُ الَّذي صَلُحَت بِهِ / أُمورُ الوَرى وَاِستُبدِلَ العُسرُ بِاليُسرِ
يَبيتُ بِها كَفّي عَلى الفَتحِ بَعدَما / بَنَت نُوَبُ الأَيّامِ قَلبي عَلى الكَسرِ
وَبُدِّلتُ مِن دُهمِ اللَيالي وَغَيرِها / لَدَيهِ بِأَيّامٍ مُحَجَّلَةٍ غُرِّ
حَطَطتُ رِحالي في رَبيعِ رُبوعِهِ / وَلَولاهُ لَم أَثنِ الأَعِنَّةَ عَن مِصري
مَنازِلُ ما لاقَيتُ فيها نَدامَةً / سِوى أَنَّني قَضيتُ في غَيرِها عُمري
فَلَم يَكُ كَالفِردَوسِ غَيرُ سَميّهِ / مِنَ الخُلدِ لا خُلدُ الخَليفَةِ وَالقَصرِ
وَوادٍ حَكى الخَنساءَ لا في شُجونِها / وَلَكِن لَهُ عَينانِ تَجري عَلى صَخرِ
كَأَنَّ بِهِ الجودانَ بِالسُحبِ شامِتٌ / فَما اِنتَحَبَت إِلّا اِنثَنى باسِمَ الثَغرِ
تَعانَقَتِ الأَغصانُ فيهِ فَأَسبَلَت / عَلى الرَوضِ أَستاراً مِنَ الوَرَقِ الخُضرِ
إِذا ما حِبالُ الشَمسِ مِنها تَخَلَّصَت / إِلى رَوضِهِ أَلقَت شِراكاً مِنَ التِبرِ
تُدارُ بِهِ مِن دَيرِ شَهلانَ قَهوَةٌ / جَلَتها لَنا أَيدي القُسوسِ مِنَ الخِدرِ
إِذا ما حَسَوناها وَسارَ سُرورُها / إِلى مُنتَهى الأَفكارِ مِن مَوضِعِ السِرِّ
نُعِدُّ لَها نَقلَ الفُكاهَةِ وَالحِجى / وَنَجلو عَليها بَهجَةَ النَظمِ وَالنَثرِ
وَنَحنُ نُوَفّي العَيشَ بِاللَهوِ حَقَّهُ / وَنَسرِقُ ساعاتِ السُرورِ مِنَ العُمرِ
وَقَد عَمَّنا فَصلُ الرَبيعِ بِفَضلِهِ / فَبادَرَنا بِالوَردِ في أَوَّلِ القَطرِ
فَيا أَيُّها المَولى الَّذي وَصفُ فَضلِهِ / يَجِلُّ عَنِ التَعدادِ وَالحَدِّ وَالحَصرِ
أَبُثُّكَ بِالأَشعارِ فَرطَ تَشَوُّقي / وَلا أَتَعاطى حَصرَ وَصفِكَ بِالشِعرِ
وَأَعجَبُ شَيءٍ أَنَّني مَعَ تَيَقُّظي / إِلى مُخلَصِ الأَلفاظِ مِن شَرَكِ الهُجرِ
أَسوقُ إِلى البَحرِ الخَضَمِّ جَواهِري / وَأُهدي إِلى أَبناءِ بابِلَ مِن سِحري
فَمُنَّ فَدَتكَ النَفسُ بِالعُذرِ مُنعِماً / عَلَيَّ وَشاوِر حُسنَ رَأيِكَ في الأَمرِ
مَن لي بِقُربِكَ وَالمَزارُ عَزيزُ
مَن لي بِقُربِكَ وَالمَزارُ عَزيزُ / طوبى لِمَن يَحظى بِهِ وَيَفوزُ
فَلَوِ اِستَطَعتُ رَفَعتُ حالي نَحوَكُم / لَكِنَّ رَفعَ الحالِ لَيسَ يَجوزُ
يا أَيُها الشَيخُ الَّذي آراؤُهُ / حِرزٌ لَنا في النائِباتِ حَريزُ
عُرِضَ العَروضُ فَلَم تَرُعكَ دَوائِرٌ / مِنهُ وَلَم تُشكِل عَلَيكَ رُموزُ
وَكَذا اِقتَفَيتَ مِنَ القَوافي إِثرَها / فَأَطاعَكَ المَقصورُ وَالمَهموزُ
وَضَرَبتَ نَحوَ النَحوِ هِمَّةَ أوحَدٍ / أَضحى لَهُ في حالِهِ تَميِيزُ
لَو كُنتَ جِئتَ بِهِ قَديماً لَم يَكُن / فيهِ لِتَبريزٍ لَها تَبريزُ
وَلَقَد هَزَزتُ إِليكَ دَوحَ قَريحَتي / مَدحاً فَأَينَعَ دَوحُها المَهزوزُ
وَسَبَكتُ مَدحَكَ في بَواطِقِ فِكرَتي / إِذ في البَواطِقِ يُسبَكُ الإِبريزُ
صُغتُ القَريضَ وَلَم أَقُلهُ تَكَلُّفاً / لَكِنَّهُ طَبعٌ لَدَيَّ عَزيزُ
أَجلو عَليكَ مِنَ القَريضِ عَرائِساً / مِن خِدرِ أَبكاري لَهُنَّ بُروزُ
أَبكارُ أَفكارٍ تُزَفُّ كَواعِباً / لا كَالعُقارِ تُزَفُّ وَهيَ عَجوزُ
أَتُرى البارِقَ الَّذي لاحَ ليلا
أَتُرى البارِقَ الَّذي لاحَ ليلا / مَرَّ بِالحَيِّ مِن مَرابِعِ لَيلى
وَتَرى السُحبَ مُذ نَشَأنَ ثِقالاً / سَحَبَت في رُبوعِ بابِلَ ذَيلا
ما أَضا البارِقُ العِراقيُّ إِلّا / أَرسَلَت مُقلَتي مِنَ الدَمعِ سَيلا
وَتَذَكَّرتُ جيرَةً بِمَغاني / هِ وَنَدباً مِن آلِ سَنبَسَ قَيلا
عَمَّنا بِالوَدادِ في حالَةِ القُر / بِ وَأَهدى لَنا عَلى البُعدِ نيلا
وَحَمَلَنا بِضاعَةَ الحُكرِ مُزجا / ةً فَأَوفى لَنا مِنَ الوُدِّ كَيلا
كَيفَ أَنسى تِلكَ الدِيارَ وَمَغنىً / عامِراً قَد رَبيتُ فيهِ طُفيلا
أَتَمَنّى العِراقَ في أَرضِ حَرّا / نَ وَهَل تُدرِكُ الثُرَيّا سُهيلا
يا دِيارَ الأَحبابِ ما كانَ أَهنى / بِمَغانيكَ عيشَنا وَأُحَيلى
كَم جَلَونا بِأُفقِكِ البَدرَ صُبحاً / وَاِجتَلَينا بِجُوِّكِ الشَمسَ لَيلا
وَأَمِنّا الأَعداءَ لَمّا جَعَلنا / سورَ تِلكَ الدِيارِ رَجلاً وَخَيلا
أَنتَدي في حِماكِ كَعباً وَمَغنىً / وَإِذا شِئتُ سَنبَساً وَعُقَيلا
أورِدُ العيسَ نَهرَ عيسى وَطَوراً / أورِدُ الخَيلَ دِجلَةً وَدُجَيلا
إِن وَرَدتَ الهَيجاءَ يا سائِقَ العي / سِ وَشارَفتَ دَوحَها وَالنَخيلا
وَرَأَيتَ البُدورَ في مَشهَدِ الشَم / سِ بِفِتيانِ بانَةٍ وَالأَثيلا
مِل إِلَيها وَاِحبِس قَليلاً عَلَيها / إِنَّ لي نَحوَ ذَلِكَ الحَيِّ ميلا
وَأَبلِغِ الرَملَةَ الأَنيقَةَ وَأَبلِغ / مَعشَراً لي بِرَبعِها وَأُهيلا
كُنتُ جَلدَاً فَلَم يَدَع بَينُكُم لِل / جِسمِ حَولاً وَلا لِقَلبِيَ حَيلا
قَد ذَمَمنا بُعَيدَ بُعدِكُمُ العَي / شَ فَلَيتَ الحِمامَ كانَ قُبَيلا
أَطَعتُ داعي الهَوى رَغماً عَلى العاصي
أَطَعتُ داعي الهَوى رَغماً عَلى العاصي / لَمّا نَزَلنا عَلى ناعورَةِ العاصي
وَباتَ لي بِمَغاني أَهلِها وَبِها / شُغلانِ عَن أَهلِ شَعلانٍ وَبَغراصِ
وَالريحُ تَجري رُخاءً فَوقَ جَدوَلِها / وَالطَيرُ ما بَينَ بَنّاءٍ وَغَوّاصِ
وَقَد تَلاقَت فُروعُ الدَوحِ وَاِشتَبَكَت / كَأَنَّما الطَيرُ مِنها فَوقَ أَقفاصِ
تُدارُ ما بَينَنا حَمراءُ صافِيَةٌ / كانَت هَدايا يَزيدٍ مِن بَني العاصِ
مَع شادِنٍ رُبَّ أَقراطٍ وَمِنطَقَةٍ / وَقَينَةٍ ذاتِ أَحجالٍ وَأَخراصِ
تُدنيهِ كَفّي فَيَثني جيدَهُ مَرَحاً / كَأَنَّهُ جُؤذَرٌ في كَفِّ قَنّاصِ
وَكَم لَدينا بِها شادٍ وَشادِيَةٍ / تُشجي وَراقِصَةٍ تَعصو وَرَقّاصِ
إِذا ثَناها نَسيمُ الرَقصِ مِن مَرَحٍ / عَجِبتَ مِن هَزِّ أَغصانٍ وَأَدعاصِ
يا قاطِعَ البيدِ يَطويها عَلى نُجُبٍ / لَم تُبقِ مِنها الفَيافي غَيرَ أَشخاصِ
إِذا وَرَدتَ بِها شاطي الفُراتِ وَقَد / نَكَّبتَ عَن ماءِ حَورانٍ وَقَيّاصِ
وَجُزتَ بِالحِلَّةِ الفَيحاءِ مُلتَمِحاً / آرامَ سِربٍ حَمَتها أُسدُ عَيّاصِ
فَقِف بِسَعدَيِّها المَشكورِ مَنشَأُهُ / سَعدِ بنِ مَزيدَ لا سَعدِ بنِ وَقّاصِ
وَاِقرَ السَلامَ عَلى مَن حَلَّ ساحَتَهُ / وَصِف ثَنائي وَأَشواقي وَإِخلاصي
وَأَخبِرُ بِأَنّي وَإِن أَصبَحتُ مُبتَنِياً / مَجداً وَأُغلي قَدري بَعدَ إِرخاصي
صابٍ إِلى نَحوِكُم صَبٌّ بِحُبِّكُم / مُحافِظُ الوُدِّ لِلدّاني وَلِلقاصي
تَرَكَتنا لَواحِظُ الأَتراكِ بَي
تَرَكَتنا لَواحِظُ الأَتراكِ بَي / نَ مُلقىً شاكِيَ السِلاحِ وَشاكِ
حَرَكاتٌ بِها سُكونُ فُتورٍ / تَترُكَ الأُسدَ مابِها مِن حَراكِ
مَلَكَتني خُزرُ العُيونِ وَإِن خِل / تُ بِأَنّي لَها مِنَ المُلّاكِ
كُلُّ ظَبيٍ في أَسرِ رِقّي وَلَكِن / ما لِأَسري في حُبِّهِ مِن فَكاكِ
أَينَ حُسنُ الأَعرابِ مِن حُسنُ أُسدَ / أُفرِغَت في قاوالِبِ الأَملاكِ
فَإِذا غوزِلوا فَآرامُ سِربٍ / وَإِذا نوزِلوا فَأُسدُ عِراكِ
وَإِذا نورُهُم ثَنى اللَيلَ صُبحاً / أَخَذوا ثارَ مَن ذُكي بِالمَذاكي
كُلُّ طِفلٍ يَجِلُّ أَن يَحكِيَ البَد / رَ وَلَكِن لَهُ البُّدورُ تُحاكي
بِثُغورٍ لَم يَعلُها قَشَفُ النُح / لِ وَلَم تَجلُها يَدٌ بِسِواكِ
وَعُيونٍ كَأَنَّما الغُنجُ فيها / رائِدُ الحَتفِ أَو نَذيرُ الهَلاكِ
وَقُدودٍ كَأَنَّما شُدَّ عَقدُ ال / بَندِ مِنها عَلى قَضيبِ أَراكِ
كِدتُ أَنجو مِنَ القُدودِ وَلَكِن / أَدرَكَتني فيها بِطَعنٍ دِراكِ
قُل لِساجي العُيونِ قَد سَلَبَت عَي / ناكَ قَلبي وَأَفرَطَت في اِنتِهاكي
فَاَبقِ لي خاطِراً بِهِ أَسبُكُ النَظ / مَ وَأَثني عَلى فَتى السُبّاكِ
حاكِمٌ مَهَّدَ القَضاءَ بِقَلبٍ / ثاقِبِ الفَهمِ نافِذِ الإِدراكِ
فِكرَةٌ تَحتَ مُنتَهى دَرَكِ الأَ / ضِ وَعَزمٌ في ذُروَةِ الأَفلاكِ
مُذ دَعَتهُ الأَيّامُ لِلدينِ تاجاً / حَسَدَ الدينَ فيهِ هامُ السِماكِ
رُتبَةٌ جاوَزَت مَقامَ ذَوي العِل / مِ وَفاقَت مَراتِبَ النُسّاكِ
ذو يَراعٍ راعَ الحَوادِثَ لَمّا / أَضحَكَ الطَرسَ سَعيُهُ وَهوَ باكِ
بِمَعانٍ لَو كُنَّ في سالِفِ العَص / رِ لَسَكَّت مَسامِعَ السِكّاكِ
زادَ قَدري بِحُبِّهِ إِذ رَأى النا / سُ التِزامي بِحُبِّهِ وَاِمتِساكي
مَذهَبٌ ما ذَهَبتُ عَنهِ وَدينٌ / ما تَعَرَّضتُ فيهِ لِلإِشراكِ
أَيُّها الأَروَعُ الَّذي لَفظُهُ وَال / فَضلُ بَينَ الأَنامِ زاهٍ وَزاكِ
إِن تَغِب عَن لِحاظِ عَيني فَلِلقَل / بِ لِحاظٌ سَريعَةُ الإِدراكِ
لَم تَغِب عَن سِوى عُيوني فَقَلبي / شاكِرٌ عَن عُلاكَ وَالطَرفُ شاكِ
سَلَبَتنا فَواتِكُ اللَفَتاتِ
سَلَبَتنا فَواتِكُ اللَفَتاتِ / إِذ سَبَقنا بِالخَيفِ كُلَّ فَتاةِ
فَجَهِلنا الهَوى وَلَم نَدرِ أَنَّ ال / أُسدَ تَغدو فَرائِسَ الغاداتِ
بِجُفونٍ لَها فُتورُ ذَوي السِك / رِ عَلى ضُعفِها وَفَتكُ الصُحاةِ
وَعُيونٍ في لَحظِهِنَّ سُكونٌ / هُوَ في الفَتكِ أَسرَعُ الحَرَكاتِ
قُل لِذاتِ الجَمالِ إِذ رُمتُ إِنجا / زَ عِداتي فَأَصبَحَت مِن عِداتي
يا شَبيهَ القَناةِ قَدّاً وَلَيناً / إِنَّ لَيلي في طولِ ظِلِّ القَناةِ
بَعدَما كانَ مِن وِصالِكَ في الغَم / ضِ قَصيراً شَبيهَ ظِفرِ القَطاةِ
وَدِياري ما بَينَ دِجلَةَ وَالصَي / رَةِ لا بَينَ دِجلَةٍ وَالصَراةِ
وَوُرودي مِن عَينِ دَجلَةَ وَالفِر / دَوسِ لا نَهرِ بِنَّةٍ وَالفُراةِ
بَينَ قَومٍ لَستُ المَلومَ إِذا أَذ / هَبتُ نَفسي عَلَيهِم حَسَراتِ
وَاِرتِشافي مِن خَمرِ فيكِ وَقَلبي / آمِنٌ مِن طَوارِقِ الحادِثاتِ
لَستُ أَخشى مَع رَشفِ فيكِ مِنَ الحَت / فِ لِأَنّي وَرَدتُ عَينَ الحَياةِ
مِن فَمٍ ما رَشَفتُ قَبلَ ثَنايا / هُ جُماناً مُنَضَّداً في لِثاتِ
لا أَرى غَيرَ فيكِ أَجدَرَ بِالتَق / بيلِ إِلّا أَكُفَّ قاضي القُضاةِ
ذي المَعالي فَتى المُهَذَّبِ شَمسُ ال / دينِ رَبُّ المَناقِبِ الباهِراتِ
حاكِمٍ رَأيُهُ إِذا أُشكِلَ الأَم / رُ سِراجٌ في ظُلمَةِ المُشكِلاتِ
ذو عُلومٍ إِذا تَلاطَمَ مَوجُ ال / شَكِّ كانَت لِلخَصمِ سُفنَ النَجاةِ
لَو أَعارَ الظَلامَ أَخلاقَهُ الغُر / رَ لَأَغنَت بِهِ عَنِ النَيِّراتِ
قَرَنَت كَفَّهُ الإِجادَةَ بِالجو / دِ وَحُسنَ الخِلالِ بِالحَسَناتِ
كُلَّما جَمَّعَت شَمائِلُهُ الفَض / لَ تَداعَت أَموالُهُ بِالشَتاتِ
ذو يَراعٍ يُبدي إِذا أَمطَرَ الطَر / سُ رِياضاً أَنيقَةَ الزَهَراتِ
بِمَعانٍ تُضيءُ في ظُلمَةِ الحِب / رِ شَبيهَ الكَواكِبِ الزاهِراتِ
أَخبَرَتنا عُذوبَةُ اللَفظِ مِنها / أَنَّ عَينَ الحَياةِ في الظُلُماتِ
أَيُّها المُرسَلُ الَّذي آمَنَ النا / سُ بِآياتِ فَضلِهِ البَيِّناتِ
كَم صِيامٍ قَرَنتَهُ بِقِيامٍ / وَصَلاةٍ وَصَلتَها بِصِلاتِ
وَمَساعٍ قَد أُشرِكَ المَلِكُ الصا / لِحُ في باقَياتِها الصالِحاتِ
فَقَصَدتَ البَيتَ الحَرامِ فَأَقصَد / تَ بِسَهمِ الرَدى قُلوبَ العُداةِ
وَلَكَم قَد حَرَمتَ في يَومِ أَحرَم / تَ لَذيذَ الكَرى عُيونَ البُغاةِ
ثُمَّ لَبَيتَ مُنعِماً حينَ لَبَّي / تَ نِدا مَن دَعاكَ لِلمَكرُماتِ
وَتَقَدَّمتَ لِلطَوافِ فَأَطفَأ / تَ لَهيبَ الهُمومِ بِالخُطواتِ
وَاِستَلَمتَ الرُكنَ العَتيقَ فَأَسلَم / تَ قُلوبَ العُداةِ لِلحَسَراتِ
وَسَعَيتَ السَعيَ الحَنيفَ وَكَم قَد / جُزتَ في المَكرُماتِ سَعيَ السُعاةِ
وَلَكَم قَد قَصَرتَ ساعَةَ قَصَّر / تَ عَلى الخَوفِ أَنفُساً قاصِراتِ
وَمُنى النَفسِ في نُزولِ مِنىً نُل / تَ بِرُغمِ الأَعداءِ وَالشُمّاتِ
وَرَمَيتَ الجِمارَ في كَبِدِ الأَع / داءِ لَمّا رَمَيتَ بِالجَمَراتِ
وَلَكَم قَد أَفَضتَ مِن فَيضِ إِنعا / مِكَ لَمّا أَفضَتَ مِن عَرَفاتِ
وَرَأَيتَ الثَناءَ أَبقى مِنَ الما / لِ فَغادَرتَهُ هَباً بِالهِباتِ
إِنَّما الطَيِّباتُ لِلطَيِّبينَ ال / أَصلِ وَالطَيِّبونَ لِلطَيِّباتِ
لا تَسُمنا قَضاءَ حَقِّكَ بِالأَش / عارِ يا كامِلَ الصَفا وَالصِفاتِ
لَو نَظَمنا النُجومَ فيكَ عُقوداً / ما قَضَينا حُقوقَكَ الواجِباتِ
كَرِّرِ اللَومَ عَلَيهِ إِن تَشا
كَرِّرِ اللَومَ عَلَيهِ إِن تَشا / فَهوَ صَبٌّ بِحُمَيّاهُ اِنتَشى
هَزَّهُ بَل أَزَّهُ ذِكرُ الحِمى / فَتَثَنّى طَرَباً بَل رَعَشا
كادَ أَن يَقضي فَجَدَّدتُ لَهُ / ذِكرَ سُكّانِ الحِمى فَاِنتَعَشا
لَستَ عِندي عاذِلاً بَل عادِلٌ / سُرَّ بِالذِكرى فَوَشّى إِذ وَشى
مُغرَمٌ حاوَلَ كِتمانَ الهَوى / وَشُهودُ الدَمعِ لا تَرضى الرُشى
شامَ بَرقَ الشامِ صُبحاً فَصَبا / وَتَراعاهُ عِشاءً فَعَشا
لاحَ وَاللَيلُ بِهِ مُكتَهِلٌ / وَجَنينُ الصُبحِ حَملٌ في الحَشا
وَهِلالُ الأُفقِ يَحكي قَوسُهُ / جانِبَ المِرآةِ يَبدو مِن غِشا
وَحَكى كَيوانُ صَقراً لائِذاً / بِجَناحِ النِسرِ لَمّا فَرَشا
وَكَأَنَّ المُشتَري ذو آمَلٍ / نالَ حَظّاً وَمِنَ البَدرِ اِرتَشى
وَحَكى المَريخُ في صَنعَتِهِ / خَدَّ مَحبوبٍ بِلَحظٍ خُدِشا
وَسَهيلٌ مِثلُ قَلبٍ خافِقٍ / مُكِّنَ الرُعبُ بِهِ فَاِرتَعَشا
وَبَناتُ النَعشِ سِربٌ نافِرٌ / هامَ ذُعراً وَمِنَ النِسرِ اِختَشى
وَالثُرَيّا سَبعَةٌ قَد أَشبَهَت / شَكلَ لَحيانٍ بِتَختٍ نُقِشا
وَوَميضٌ غادَرَت غُرَّتُهُ / أَدهَمَ اللَيلِ صَباحاً أَبرَشا
طَرَّزَ الأُفقَ بِنورٍ ساطِعٍ / أَدهَشَ الطَرفَ بِهِ بَل أَجهَشا
فَتَلاهُ مِن دُموعي وابِلٌ / لا يَزيدُ القَلبَ إِلّا عَطَشا
طَبَّقَ الأَفاقَ حَتّى خِلتُهُ / مِن نَدى أَيدي عَليٍّ قَد نَشا
كاتِبُ السِرِّ الَّذي في عَصرِهِ / سِرُّ دَستِ المُلكِ يَوماً ما فَشا
يَقِظُ الآراءِ مَسلوبُ الكَرى / مُستَجيشُ العَزمِ مَتعوبُ الوَشا
فَالأَماني مِن عَطاهُ تُرتَجى / وَالمَنايا مِن سَطاهُ تُختَشى
خُلُقٌ لَو يَقتَدي الدَهرُ بِهِ / كَحَلَت أَصباحُهُ كُلَّ عِشا
ذو يَراعٍ راعَ آسادَ الشَرى / وَحَشا الأَعداءَ رُعباً قَد حَشا
لا يُراعي ذِمَّةَ الأُسدِ الَّتي / بَينَها في الغابِ قِدماً قَد نَشا
ظَلَّ لِلأُسدِ بِهِ مُفتَرِساً / وَلِأَطوادِ العُلى مُفتَرِشا
أَصبَحَ العَضبُ بِهِ مُرتَعِداً / وَاِنثَنى اللُدنُ بِهِ مُرتَعِشا
فَإِذا أَوحى إِلَيهِ أَمرَهُ / جاءَ طَوعاً وَعَلى الرَأسِ مَشى
كُلَّما تاهَ جِماحاً صَدرُهُ / صَرَّفَتهُ كَفُّهُ حَيثُ يَشا
كَفَلَ الأَيّامَ إِلّا أَنَّهُ / أَيتَمَ الأَطفالَ لَمّا بَطَشا
عَرَبِيٌّ واطِئٌ رومِيَّةً / يُنسِلُ الزُنجَ لَها وَالحَبَشا
يُصبِحُ الرَوضُ هَشيماً كُلَّما / رَقَمَ الطَرسَ بِهِ أَو رَقَشا
ما رَأَينا قَبلَهُ لَيثَ شَرىً / حَمَلَت يُمناهُ صِلّاً أَرقَشا
أَيُّها القاضي الَّذي كادَ القَضا / وَيَدُ الأَقدارِ تَقضي ما يَشا
جُدتَ لي بِالوُدِّ مِن قَبلِ النَدى / مُنعِماً بِالقُربِ لي بَل مُنعِشا
وَبَسَطتَ الأُنسَ لي في زَمَنٍ / كُنتُ مِن ظِلّي بِهِ مُستَوحِشا
فَسَأَجلو ذِكرَكُم في مَوطِنٍ / يَحمَدُ السامِعُ فيهِ الطَرَشا
إِنَّما الذِكرُ طَليقاً مُقعَدٌ / فَإِذا قُيَّدَ بِالشِعرِ مَشى
فَاِستَمِع لِاِبنَةِ يَومَيها الَّتي / جُمِّلَ الفِكرُ لَها بَل جُمِّشا
وَاِبقَ في عِزٍّ مُقيمٍ ظِلُّهُ / بُسِطَ الأَمنُ لَهُ فَاِفتَرَشا
مُستَظِلّاً دَوحَةَ المَجدِ الَّتي / ثَبَتَت أَصلاً وَطابَت عُرُشا
ما كُنتُ أَعلَمُ وَالضَمائِرُ تَنطِقُ
ما كُنتُ أَعلَمُ وَالضَمائِرُ تَنطِقُ / إِنَّ المَسامِعَ كَالنَواظِرِ تَعشَقُ
حَتّى سَمِعتُ بِذِكرِكُم فَهَوَيتُكُم / وَكَذاكَ أَسبابُ المَحَبَّةِ تَعلَقُ
ما ذَرَّ مِن أَرضِ الغَنِيَّةِ شارِقٌ / إِلّا وَكِدتُ بِدَمعِ عَيني أَشرَقُ
شَوقاً إِلى أَكنافِ رَبعِكُمُ الَّذي / كُلّي إِلَيهِ تَشَوُّفٌ وَتَشَوُّقُ
أَسري وَأَسري موثَقٌ بِيَدِ الهَوى / فَمَتى أَسيرُ أَنا أَسيرُ المُطلَقُ
فَلَئِن عَثَرتُ بِأَن عَبَرتُ وَلَم أَبِت / بِغَناكَ ذا حَدَقٍ بِمَجدِكَ تَحدِقُ
فَاِعذِر جَواداً قَد كَبا في جَريَه / فَلَرُبَّما كَبَتِ الجِيادُ السُبَّقُ
جَنَّ الظَلامُ فَمُذ بَدا مُبتَسِّماً
جَنَّ الظَلامُ فَمُذ بَدا مُبتَسِّماً / لاحَ الهُدى وَتَجَلَّتِ الظَلماءُ
وَهَدَت مُحِبّاً ظَلَّ في لَيلِ الجَفا / لَمّا هَدا وَاِمتَدَّتِ الآناءُ
رَشَأٌ غَدا مَن سُكرِ خَمرَةِ ريقِهِ / مُتَأَوَّدا فَكَأَنَّها صَهباءُ
وَسَرَت بِخَدَّيهِ المُدامُ بِلُطفِها / فَتَوَرَّدا وَكَساهُما اللَألاءُ
وافى يُعيدُ مِنَ التَواصُلِ ضِعفَ ما / مِنهُ بَدا إِذ صَحَّ مِنهُ وَفاءُ
فَأَلَمَّ بي طَوعاً وَباتَ لِساعِدي / مُتَوَسِّدا وَفِراشُهُ الأَعضاءُ
عانَقتُهُ مُتَرَفِّقاً وَضَمَمتُهُ / مُتَأَيِّداً إِذ نامَتِ الرُقَباءُ
حَتّى اِغتَدى مِن ساعِدَيَّ مُوَشَّحاً / وَمُقَلَّدا وَقَدِ اِعتَراهُ حَياءُ
وَسَطا الضِياءُ عَلى الظَلامِ وَحَبَّذا / لَو يُفتَدى وَلَهُ النُفوسُ فِداءُ
لَم أَدرِ ضَوءَ الصُبحِ أَقبَلَ جَيشُهُ / مُتَبَدِّدا وَلَهُ الشُعاعُ لِواءُ
أَو نورُ شَمسِ الدينِ قَد جَلّى الدُجى / لَمّا بَدا وَلَهُ القُلوبُ سَماءُ
شَمسٌ إِذا ما راحَ تَرقُبُهُ العُلى / وَإِذا غَدا فَكَأَنَّها الحِرباءُ
وَإِذا تَدَرَّعَ فَالسَماحَةُ دِرعُهُ / وَإِذا اِرتَدى فَلَهُ الجَمالُ رِداءُ
مِن آلِ عَبسونَ الَّذينَ إِذا اِنتَمَوا / عَبَسَ الرَدى وَتَوَلَّتِ اللَأواءُ
وَإِذا سَطوا بَكَتِ السُيوفُ وَإِن سَخوا / ضَحِكَ النَدى وَتَجَلَّتِ الغَمّاءُ
قَومٌ بِهُم تُجلى الكُروبُ ومِنهُم / يُرجى الجَدا إِن ضَنَّتِ الأَنواءُ
فَنداهُمُ قَبلَ السُؤالِ وُجودُهُم / قَبلَ النَدى وَكَذَلِكَ الكُرَماءُ
وَهُمُ مُنىً لِمَنِ اِعتَفى وَمَنِيَّةٌ / لِمَنِ اِعتَدى فَسَعادَةٌ وَشَقاءُ
مَولايَ شَمسَ الدينِ يا مَن كَفُّهُ / يَروي الصَدى وَبِها العُداةُ ظِماءُ
أَشكو إِلَيكَ غَريمَ شَوقٍ قَد غَدا / مُتَمَرِّدا ماعِندَهُ إِغضاءُ
شَوقي إِلى عَلياكَ أَعظَمُ أَن يُرى / مُتَعَدِّدا وَيَعُمَّهُ الإِحصاءُ
فَاِسلَم فَإِنَّكَ خَيرُ مَولىً يُرتَجى / أَو يُجتَدى وَلَكَ اليَدُ البِيضاءُ
لا زالَ غَيثُ نَداكَ يُمطِرُ فِضَّةً / أَو عَسجَدا تَغنى بِهِ الفُقَراءُ
أَلِآلٍ أَشرَقَت في نُحورٍ
أَلِآلٍ أَشرَقَت في نُحورٍ / أَم نُجومٌ أَشرَقَت في لَيالي
أَم فُصولٌ مِن خَواطِرِ مَولىً / ذي مَقامٍ في العُلى وَمَقالِ
كَم بَنَت بِالفِكرِ بَيتَ مَعانٍ / وَاِنثَنَت بِالذِكرِ بَيتَ مَعالي
نَفَثُ أَقلامِ خِفافٍ نِحافٍ / كَم أَبادَت مِن خُطوبٍ ثِقالِ
وَقِصارٌ في الأَكُفِّ وَلَكِن / قَصَّرَت فِعلَ الرِماحِ الطَوالِ
تَجعَلُ الغُمضَ عَلينا حَراماً / كُلَّما جاءَت بِسِحرٍ حَلالِ
قَيَّدَتني بِالجَميلِ وَلَكِن / أَطلَقَت بِالشُكرِ فيهِ مَقالي
أَمَّنتَني غَيرَ أَنّي عَلَيهِ / خائِفٌ مِن شَرِّ عَينِ الكَمالِ
فَاِعفُ مَولايَ مُحِبّاً ثَناهُ / عَن ثَناهُ فيكُمُ شُغلُ بالِ
ذا هُمومٍ قَلبُهُ في اِشتِغالٍ / وَلَظى أَحزانِهِ في اِشتِعالِ
مَن لِصَبٍّ أَدنى البُعادُ وَفاتَهُ
مَن لِصَبٍّ أَدنى البُعادُ وَفاتَهُ / إِذ عَداهُ وَصلُ الحَبيبِ وَفاتَه
فاتَهُ مِن لِقا الأَحِبَّةِ عَيشٌ / كانَ يَخشى قَبلَ الوَفاةِ فَواتَه
كانَ ثَبتاً قَبلَ التَفَرُّقِ لَكِن / زَعزَعَت رَوعَةُ الفِراقِ ثَباتَه
سَرَّهُ جَمعُ شَملِهِ بِلِقاهُمُ / فَقَضى حادِثُ الزَمانِ شَتاتَه
ما عَصى الحُبَّ حينَ أَطنَبَتِ الوا / شونَ فيهِم وَلا أَطاعَ وُشاتَه
سَرَّهُ ذِكرُهُم وَقَد ساءَهُ اللَو / مُ فَأَحياهُ عَذلُهُم وَأَماتَه
أَظهَروا لي تَمَلُّقاً وَاِكتِئاباً / هُوَ عِندي تَهَكُّمٌ وشَماتَه
فَصَمَت شِدَّةُ الهُمومِ عُرى القَل / بِ وَأَصدى مَرأى العِدى مِرآتَه
كَيفَ تَفري الهُمومُ حَدَّ اِصطِباري / بَعدَما فَلَّتِ الخُطوبُ شَباتَه
كُنتُ مُستَنصِراً بِأَسيافِ صَبري / فَنَبَت بَعدَ فُرقَةِ اِبنِ نُباتَه
فاضِلٌ أَلَّفَ الفَصاحَةَ وَالعِل / مَ وَضَمَّت آراؤُهُ أَشتاتَه
وَهَبَتهُ العَلياءُ هِمَّةَ قَلبٍ / طَهَّرَت مِن شَوائِبِ العَيبِ ذاتَه
رُبَّ شِعرٍ لَم يَتَّبِع ما رَوى الغا / وُونَ لَكِن بِالفَضلِ يَهدي غُواتَه
وَمَعانٍ تُضيءُ في قالَبِ اللَف / ظِ فَيَجلو مِصباحُها مِشكاتَه
وَإِذا هَذَّبَ الرُواةُ قَريضاً / فيهِ قَد هَذَّبَ القَريضُ رُواتَه
صارِمٌ في مَعارِكِ اللَفظِ وَالفَض / لِ حَمِدنا اِنغِمادَهُ وَاِنصِلاتَه
قَد سَبَرنا حَدَّيهِ في النَظمِ وَالنَث / رِ فَكانَت بَتّاكَةً بَتّاتَه
يا جَمالَ الدينِ الَّذي أَحرَزَ السَب / قَ وَلا يُعثِرُ الجِيادُ أَناتَه
أَنتَ قَوتُ القُلوبِ لَو كُنتَ أَعطَي / تَ لِحُبٍّ مَن أُنسِكُم ما فاتَه
وَرَسولٌ مِنكُم تَعَجَّبتُ مِنهُ / حينَ حانَت مِنّي إِلَيهِ التَفاتَه
جاءَ يُهدي إِلى الصِحابِ طُروساً / لَيسَ لِلعَبدِ بَينَهُنَّ حُناتَه
فَتَأَمَّلتُ في يَديهِ خُطوطاً / أَذكَرَتني مِن رَبَّها أَوقاتَه
لَو بَعَثتُم لِلعَبدِ فيها سَحاةً / لَأَعادَت بَعدَ المَماتِ حَياتَه
فَتَفَضَّل بِالأُنسِ وَاِهدِ إِلى عَب / دِكَ مِن مِسكِكَ الزَكِيَّ فُتاتَه
لَكَ مِن وافِرِ العُلومِ نِصابٌ / فَاِجعَلِ الرَدَّ لِلجَوابِ زَكاتَه
كَتَبتَ فَما عَلِمتُ أَنورُ نَجمِ
كَتَبتَ فَما عَلِمتُ أَنورُ نَجمِ / بَدا لِعُيونِنا أَم نَورُ نَجمِ
فَأَسرَحَ ناظِري في وَشيِ رَوضٍ / وَأَلقَحَ خاطِري مِن بَعدِ عُقمِ
وَقَسَّمتُ التَفَكُّرَ فيهِ لَمّا / أَخَذتُ بِهِ مِنَ اللَذّاتِ قِسمي
فَلَم أَعجَب لِذَلِكَ وَهوَ دُرَّ / إِذا ما جاءَ مِن بَحرٍ خِضَمِّ
أَشَمسَ الدينِ كَم مِن شَمسِ فَضلٍ / بِها جَلَّت يَداكَ ظَلامَ ظُلمِ
نَظَمتَ مِنَ المَعالي وَالمَعاني / بِدائِعَ حُزنَ عَن نَثرٍ وَنَظمِ
لَكَ القَلَمُ الَّذي قَصُرَت لَدَيهِ / طِوالُ السُمرِ في حَربٍ وَسِلمِ
يَراعٌ راعَ بِالخُطَبِ الزَواهي / جَسيمَ الخَطبِ وَهوَ نَحيفُ جِسمِ
فَفي يَومِ النَدى يَجري فَيُجدي / وَفي يَومِ الرَدى يَرمي فَيُصمي
وَيُرسِلُ في الوَرى وَسمِيَّ جودٍ / وَيَنفُثُ في العُداةِ زُعافَ سُمِّ
وَيُطلِعُ في سَماءِ الطُرسِ شُهباً / ثَواقِبُها لَأُفقِ المُلكِ تَحمي
إِذ رامَ اِستِراقَ السَمعِ يَوماً / رَجيمُ الكَيدِ عاجَلَهُ بِرَجمِ
فَيا مَن سادَ في فَضلٍ وَلَفظٍ / كَما قَد زادَ في عَمَلٍ وَعِلمِ
لَقَد بَسَمَت لَنا الأَيّامُ لَمّا / بَذَلتَ لَنا مُحَيّاً غَيرَ جَهمِ
وَشاهِدَ ناظِري أَضعافَ ما قَد / تَفَرَّسَ قَبلَ ذَلِكَ فيكَ فَهمي
فَكَيفَ أَرومُ أَن أَجزيكَ صُنعاً / وَأَيسَرُ صُنعُكَ التَنوَيهُ بِاِسمي
فَعَلَّكَ أَن تُمَهِّدَ بَسطَ عُذري / لِمَعرِفَتي بِتَقصيري وَجُرمي
فَمِثلُكَ مَن تَرَفَّقَ بِالمَوالي / وَغَضَّ عَنِ المُقَصِّرِ جَفنَ حِلمِ
وَدُم في سَبقِ غاياتِ المَعالي / تُصَوِّبُ لِلفَخارِ جَوادَ عَزمِ
طَمَعي في لِقاكَ بَعدَ إِياسِ
طَمَعي في لِقاكَ بَعدَ إِياسِ / هُوَ أَغرى قَلبي بِقَصدِ أَياسِ
وَلَوَ اَنّي عَلِمتُ أَنَّكَ بِالزَو / راءِ وافَيتُها بِعَيني وَراسي
وَكَذا في دِمَشقَ لَولاكَ ما أَو / رَدتُ خَيلي بِها عَلى بانِياسِ
بَل تَوَهَّمتُ أَن تَعودَ إِلى الشا / مِ فَوافَيتُها عَلى سيواسِ
يا خَليلي مِن دونِ كُلِّ خَليلٍ / وَأَنيسي مِن دونِ أَهلَي وَناسي
لا تَكُن ناسِياً لِعَهدي فَإِنّي / لَستُ ما عِشتُ لِلعُهودِ بِناسي
قِس ضَميري عَلى ضَميرِكِ في الوُد / دِ فَإِنَّ الوِدادَ عَلمُ قِياسي
وَاِعتَمِد موقِناً عَلىصِدقِ وُدّي / لا عَلى ما يَضُمُّهُ قُرطاسي
لَو تَراني كَما عَهِدتَ مِنَ اللَذ / ذَةِ بَينَ القِسّيسِ وَالشَمّاسِ
أَشتَري التِبرَ بِاللُجَينِ وَلا أَف / رُقُ ما بَينَ عَسجَدٍ وَنَحاسِ
فَتَراني يَوماً بِخِمّارَةِ النَه / رِ وَطَوراً بِحانَةِ الدِرباسِ
فَأُناسٌ تَلومُ في نَقصِ كيسي / وَأُناسٌ تَلومُ في مَلءِ كاسي
ذاكَ خَيرٌ مِن خِدمَتي لِأُناسٍ / هُم إِذا ما اِختَبَرتُ غَيرُ أُناسِ
يَستَقِلّونَ ما بَذَلتُ مِنَ النُص / حِ وَيَستَكثِرونَ فَضلَ لِباسي
وَلَوَ اَنّي أَفوهُ فيهِم بِلَفظٍ / كادَ أَن يَنسِفَ الجِبالَ الرَواسي
فَسَأُفني ما قَد حَوَيتُ وَلا أَذ / خَرُ فَلساً لِساعَةِ الإِفلاسِ
وَإِذا ما غَرِقتُ في لُجَجِ الهَم / مِ فَفي مارِدينَ مَلقى المَراسي
بَلدَةٌ ما أَتَيتُها قَطُّ إِلّا / خِلتُها بَلدَتي وَمَسقَطِ راسي
بَذَلوا لي مَعَ السَماحَةِ وُدّاً / هُوَ مِنهُم يَزيدُ في إيناسي
فَنَهاري جَليسُ لَيثِ عَرينٍ / وَمَسائي ضَجيعُ ظَبيِ كِناسِ
فَأُناسٌ تَقولُ يا أَبا فِراسٍ / وَأُناسٌ تَقولُ يا أَبا نُواسِ
لَستُ أَشكو بِها مِنَ العَيشِ إِل / لا أَنَّني لا أَراكَ في الجُلّاسِ
سَيِّدي صاحِبي أَنيسي جَليسي / طَوقُ جيدي مُعاشِري تاجَ راسي
لا يُغَيُّركَ ما تَقولُ الأَعادي / فَبِناءُ الوِدادِ فَوقَ أَساسِ
أَو نَفاري عَليكَ مِن نَصَبِ الدَر / بِ بِحَسبِ الإِدلالِ وَالإيناسِ
أَو خِصامُ الشَهباءِ في يَومِ إِخرا / جِ غُلامي بِها إِلى النَخّاسِ
ذاكَ هَفوُ اللِسانِ مِن حِدَّةِ الغَي / ظِ لِأَنَّ الفُضولَ مِثلُ العُطاسِ
يا نَسيمَ الشَمالِ إِن جُزتَ بِالزَو / راءِ يَوماً مُعَطَّرَ الأَنفاسِ
زُر حَبيباً لَنا بِدَربِ حَبيبٍ / وَاِتلُ شَوقي وَما أَبيتُ أُقاسي
صاحِباً لَم يَزَل إِذا دَهَمَ الهَم / مُ يُساوي بِنَفسِهِ وَيُواسي
وَإِذا ما قَضَيتَ تَقبيلَ كَفَّي / هِ فَسَلَّم عَلى فَتى الدِرباسِ
ثُمَّ صِف لِلجَلالِ نَجلَ الحَريرِي / يُ اِشتِياقي وَالفَخرُ نَجلُ الياسِ
فَلتَةً كانَ مِنكَ عَن غَيرِ قَصدِ
فَلتَةً كانَ مِنكَ عَن غَيرِ قَصدِ / يا أَبا بَكرَ عَقدُ بَيعَةِ وُدّي
فَلِهَذا إِذا تَقادَمَ عَهدٌ / بَينَنا حُلتَ عَن وَفائي وَعَهدي
يا سَمِيَّ الصِديقِ ما كُنتَ في صَد / دَكَ إِلّا مُصَدِّقاً قَولَ ضِدّي
أَنتَ أَلزَمتَني بِأَخلاقِكَ الغُر / رِ وِداداً في حالِ قُربي وَبُعدي
ثُمَّ قاسَمتَني فَعِندَكَ قَلبي / حينَ فارَقتَني وَذِكرُكَ عِندي
كُلَّ يَومٍ أَقولُ قَد قالَ مَولا / يَ وَما قُلتُ ساعَةً قالَ عَبدي
يا نَديمي إِذا تَفَرَّدَ بي الفِك / رُ وَيا مُؤنِسي إِذا كُنتُ وَحدي
أَنتَ تَدري ما كانَ بَعدَكَ حالي / فَتُرى كَيفَ كانَ حالُكَ بَعدي
هَل تُقاسي الحَنينَ مِثلي وَهَل تَح / مِلُ شَوقي وَهَل تَكابِدُ وَجدي
فَتُرى لِم قَطَعتَ كُتبي وَقَطَّع / تَ حِبالَ الوَفا بِإِخلافِ وَعدي
لا كِتابٌ بِهِ اِبتَدَأتَ وَلا رَد / دُ جَوابٍ وَلَو بِحَبَّةِ وَردِ
وَيكَ أَنّى لَكَ الجُزارَةُ وَالحُم / قُ أَجِبني وَأَنتَ في ذاكَ جُندي
أَنا أَولى بِها لِعِدَّةِ أَقسا / مٍ جِسامٍ لَكِن أُسِرُّ وَتُبدي
ما سَرايا أَبي وَما اِبنُ أَبي القا / سِمِ عَمّي وَما مَحاسِنُ جَدّي
كَما قيلَ يَقولُ تَدبيرُ قَيسِ ال / رَأيِ دوني وَبَأسُ عُمرِو بنِ مَعدي
غَيرَ أَنّي مُذ أَطلَقَت نُوَبُ الأَي / يامِ حَدّي ما جُزتُ بِالحُمقِ حَدّي
بَل تَعَوَّدتُ أَن أُصَغَّرَ قَدري / لِصَديقي وَلا أُصَعَّرَ خَدّي
فَلَئِن كانَ مِنكَ ذَلِكَ بِالقَص / دِ وَلَم تَخشَ مِن صَواعِقِ رَعدي
لا أُجازيكَ بِالإِهانَةِ وَالسَب / بِ وَلَكِن جَزاكَ يا نَحسُ عِندي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025