المجموع : 367
ومُعْرِضَةٍ وَلّتْ تَمُدّ تجنُّباً
ومُعْرِضَةٍ وَلّتْ تَمُدّ تجنُّباً / قصارَ خطاها عن مَشيبِيَ والوخطِ
عَسى لِلرّضى في بَعضِ خلقكَ رقيةٌ / مجرَّبةٌ يُرْقَى بها خُلُق السخطِ
عَقيلَةُ حَيٍّ لا ترى ذاتَ بَينِهِم / تُراعُ ببينٍ من نَوَاهمْ ولا شحطُ
تَرَى ما تَرى من بَأسِهِم في عِداتِهم / بِأَطرافِ بيضِ الهندِ والأسَل الخطي
أخاديدَ ضَرْبٍ يَحقر الشكلَ شكلها / وآثارَ طعنٍ يَزدَرينَ على السقطِ
وثابِتَةِ الوَقفَينِ جَوّالَةِ القُرْطِ
وثابِتَةِ الوَقفَينِ جَوّالَةِ القُرْطِ / أصَبْتُ رشَادي في هواها ولم أُخطْي
إذا مَشَطَتْ فرعاً تَفَرّعَ ليلُهُ / وطالَ من القيناتِ فيه سُرَى المِشطِ
تقومُ فيغشاها له بحرُ ظلمةٍ / ترى قدماً منها تقبل بالشطِّ
إِذا كانَ في الكتب اتّصالُ لِقائِنا
إِذا كانَ في الكتب اتّصالُ لِقائِنا / فكلّ فراقٍ موجِعٌ في انقطاعها
وإن كانتِ الأَيّامُ مَطبوعة على / خِلافي فقُلْ مَنْ لي بِنَقْل طباعها
فلا تقطعوا عنّا سطورَ رسالةٍ / تُمَثِّلُ لي أشخاصَكُمْ في سماعها
فلي كَبِدٌ بالبين منكم تَصَدّعَتْ / وطولُ اغترابي زائدٌ في انصداعها
لأصْبَحْتُ في الدّنْيا حريصاً عليكمُ / ألا إِنّ مثلي زاهدٌ في متاعها
حتَّى متى بَينَ اللوى فالأجْرَعِ
حتَّى متى بَينَ اللوى فالأجْرَعِ / لَوْماً فما أَمَرَّهُ في مَسمَعي
وَيحَكَ لو كنتَ وفيّاً لم تَقلْ / ويحكَ لا تبكِ برَسْمٍ بلقعِ
وهوَ الحمى سَقياً لأيّامِ الحِمى / فإنّها ولَّتْ ولمّا تَرْجعِ
ما لك لا تَبكي بُكاءً بالأسى / بين رسومٍ وَبَوَالي أربُعِ
بأدمعٍ بين الجفونِ حُوَّمٍ / وأدمعٍ على الخدود وُقّعِ
وزفرةٍ موصولةٍ بزفرةٍ / تَصْعَدُ عن نارِ حشىً مُلَذَّعِ
وقفتَ في الدار بعينٍ لا ترى / تَغَيُّرَ الرّبْعِ وأذنٍ لا تعي
ولَوعةٍ بالشوقِ غيرِ لوعتي / وأضلعٍ في الوجد غير أضلُعي
وإنّما يبكي بكائي شجناً / وَوَجِعٌ يعرف فيه وجَعي
لو أنطَقَ المربَعَ وهو أخرسٌ / تَضَرُّعٌ أنْطَقَهُ تضرُّعي
ووقعةٍ رَدّتْ قيانَ وُرْقِهِ / نَوائِحاً بِالحزنِ يَبكينَ مَعي
كَأَنَّها وما لها من أدمُعٍ / أعارها القطر سجالَ أَدمُعي
يا منزلاً تَنْشُرُه يدُ البلى / نَشْرَ يمان خَلَقٍ لم يُرْقعِ
بِاللَّه خَبِّرني أَأَنتَ رَبْعُهُمْ / أم أنْتَ مَرْعىً لِلظباءِ الرتَّعِ
فَقالَ بَل ربعُهُمُ وَإِنَّما / تَحَمّلَتْ عَنّي شموسُ مَطلَعي
أَدرئِةَ الغَوْطِ سَتَرنَ ظَبيَةً / تدير عَيْنَيْ فتنةٍ في البُرقعِ
سَيفٌ وسَهمٌ لَحظُها وَلَهذَمٌ / يا عجباً لفتكها المُنَوَّع
كَأنّما تبسمُ إن مازحتها / عن بَرَدٍ بين بروقٍ لُمّعِ
كَأُقحُوانِ روضَةٍ يَصْقُلهُ / مِدْوَسُ شمسٍ في النّدى المميَّعِ
كأنّ في فيها سلافَ قهوةٍ / صرفٍ بماءِ ظَلْمها مُشَعْشَعِ
إذا رضيعُ الكاس أصغى سَحَراً / إلى صفيرِ الطّائرِ المُرجِّعِ
خُصَّتْ مِنَ الصوتِ بمعنى مؤيسٍ / من لغة الوصل ولفظٍ مُطْمِعِ
وَمَهمَهٍ مُتَّصِلٍ بِمَهمَهٍ / مَرْتٍ بِموَّاجِ السراب مُتْرعِ
كَأَنَّ مَنشورَ المُلاءِ فَوقَهُ / متى تَمِلْ ذكاءُ عنها تُرْفَعِ
كأنّما جُنْدُبهُ مُرَجِّعٌ / نغمةَ شادٍ ذي لحون مُسْمعِ
يذيب صمَّ الصخر حرٌّ لاذعٌ / يقبضُ فيه روحَ كلِّ زعزعِ
لكلّ غارٍ فيه ماء وشَوَى / فيه أُوَارُ الشمس كلّ ضفدعِ
لا نار تُذْكَى في الدجى لسَفْرِهِ / إلا بريقُ مُقلَةِ السمعمعِ
تَعْسِلُ منه جانباه إنْ عَدا / مثلَ اضطِرابِ السمهَرِيِّ المشرَعِ
يَقْفُو رَذايا جُنَّحاً في السير لا / تُوضَعُ عَنهُنَّ سِياطُ المُزْمعِ
يَصُكّ مِنها دأياتٍ دُمِلَت / فهيَ بِشمّ الأَنفِ فيها تَرتَعي
وذاتِ أَخفافٍ سَرَت أَربُعها / مُنتَعِلاتٍ بِالرياحِ الأربعِ
كَأنَّها وللنجاةِ ما نَجَت / منهوشةٌ بين أفاعٍ لُسَّعِ
تُحْدَى بسحرِ ساهرٍ في نِغْضَةٍ / شهمِ الجنَانِ لَوذَعِيٍّ أَلمَعي
والشهبُ كالشهبِ لسبْقٍ أُرسلتْ / لمغربٍ فيه أفُولُ المطلَعِ
كَأَنَّها واضِعةٌ خُدُودَها / لهجعةٍ فيه وإن لم تَهْجَعِ
ومحسودةٍ لا تحسُدِ الغيدُ مِثلها
ومحسودةٍ لا تحسُدِ الغيدُ مِثلها / لها في عميم الخَلْقِ حُسْنٌ مُنَوَّعُ
إذا انْعَطَفَتْ فالخوطُ بالبدرِ يَنثَني / وإن نظرتْ فالعينُ بالسحرِ تنبعُ
وَلمّا تَلاقَينا تَكَلَّمَ مِقْوَلٌ / بسرِّ الهوى منها ومنِّيَ مدمَعُ
بِدُرَّينِ مَسْتُورَيْنِ فَالدرُّ مِنهُما / يُرَى جارِياً بِالشوقِ وَاللفظُ يسمَعُ
شَكَوتُ ونطقٌ بيننا فَلِأَيِّنا / ببرح الجوى في سَذْهبِ الحكم يقطَعُ
ومالتْ إلى تأنيسناً بعدَ وَحشةٍ / بأجوَفَ لم تُخلَقْ لجنبَيهِ أَضلعُ
تَمُدُّ إِلى تَنغيمِهِ سُبْطَ أَنمُلٍ / كَأَقلامِ دُرٍّ بالعقيقِ تقمَعُ
إذا وَتَرٌ هَزّتْهُ بالنقر خِلْتَهُ / يئنُّ من الآلام أو يَتَضَرّعُ
وينبضُ كالشريان إن عبثتْ به / وَجَسّتْهُ منها باللطافة إصبَعُ
عواملُ سحرٍ في عواملِ أنملٍ / بها يُخْفَضُ القلبُ الطروبُ ويُرفَعُ
ولَمّا رَأَتْ طَيْرَ الفِراقِ نَوَاعِباً
ولَمّا رَأَتْ طَيْرَ الفِراقِ نَوَاعِباً / وَقَد هَمَّ بِالتوديعِ كُلُّ مودَّعِ
شكتْ ما شَكا المحزونُ من عَزْمَةِ النَّوى / فأبكتْ لها عينيْ غَزَالٍ مُرَوَّعِ
ولم أرَ في خدٍّ يُزَرَّرُ قبلها / من الغيد شهباً في غمامة برقُعِ
وقَد سَفِرت عَن صفرةٍ عَبْرَ الأسى / لعيني بها عن وَجْد قلبٍ مفجَعِ
وأَقبَلَ دُرّ النَّحرِ فَوقَ تَريبِها / يصافِحُه من خدّها دُرّ أدْمُعِ
فيا ربِّ إنّ البينَ أضحت صُرُوفُهُ / عليّ وما لي من معينٍ فكنْ معي
على قُرْبِ عُذّالي وبُعْدِ حبائبي / وأمْوَاهِ أجفاني ونيرانِ أضلُعي
كلَّ يوم مودِّع أو مودَّعْ
كلَّ يوم مودِّع أو مودَّعْ / بفراقٍ من الزّمان مُنَوَّعْ
فانقطاعُ الوصال كم يتمادى / وحصاةُ الفؤادِ كم تَتَصَدّع
ليت شعري هل أرتدي بظلامٍ / لا يراني الضياءُ فيه مروّع
بحداءٍ من واصفِ البين غادٍ / وَنَعيبٍ من حالكِ اللّون أبقَع
فَبِنارِ الأسى يُحَرَّقُ قَلْبٌ / وبماءِ الهوى يُغرَّقُ مدمَع
هَذِهِ عادةُ الليالي فلُمْها / وهي لا تسمعُ الملامة أو دَع
تَطْعَنُ الحيّ فالجسومُ بواقٍ / في يدَ السّقْمِ والنفوسُ تُشَيَّع
وكأنّ الحسانَ زُوّدْنَ صَبْري / فهو بالبين بَينَهُنَّ يُوزَّع
كلّ نمّامةِ الرياح تلاقي / منه أنفاسَ روضةٍ تَتَضَوَّع
يلمعُ الماءُ في سنا الخدّ منها / فَكَأنَّ الرحيقَ منه يشعشَع
تنتحي بالأراك ثغر أقاحٍ / للندى فيه ريقةٌ تَتَمَيَّع
نَصّلَتْ في القوامِ باللحظ منها / صعدةً في يدِ الملاحة تُشْرَع
تجرحُ القلبَ والأديمُ صحيحٌ / فَعَنِ السحرِ منه حدَّثتُ فاسمَع
قفْ وقوفَ الحيا بدمنَةِ ربعٍ / ضَيّعَ الدمعَ فيه رسمٌ مُضَيَّع
دارسٌ لا تزالُ غُبْرُ السّوافي / تَفْرِقُ التربَ فيه ثُمّتَ تَجمَع
كم به من سوانحٍ في المغاني / آمناتٍ من نبأةِ الخوفِ ترتَع
وظباءٍ كأنّهُنّ دُمَاهُ / حينَ تَرْنو لو أنّها تَتَبَرْقَعْ
وحبيسٍ على الفلا زمخريٍّ / خاضبٍ أفتخِ الجناحين أقْزَع
رافِعٍ في الهواءِ طُولى عليها / عنقٌ كاللّواءِ في الجيش يُرْفَع
تَحسبُ العينُ رجلَهُ نصب رحلٍ / أصلمٌ ليْتَ أنّه كان أجدَع
إن ثوبَ الصبا يُمَزَّق منِّي / ما الّذي بالخضاب مِنْه يُرَقَّع
فَعَصَتني الفَتاةُ كَيْداً وكانَتْ / في الهوى من يدي إلى الفمِ أطوَع
أنْبَتَ الدهرُ في المفارقِ شيباً / بِهُمومٍ في مُضْمَرِالقلبِ يُزْرَع
وَابتَدا والنَّوى بِيُمناه تبدي / صورَةَ الماءِ في السرابِ فَتُخدَع
بشمالٍ تثني عليها جنوباً / بهبوبٍ يقلقلُ الكورَ زعزَع
كُلَّما أمرعت بِبَقلٍ جُفالٍ / قلتُ بالجمر من حمى القيظِ تُلْذَع
حيثُ أذكتْ ذكاءُ فيها أواراً / يَلْفَحُ الوَجْهَ في اللّثام فَيَسْفعْ
وإذا ما لَمسْتَ جَدْوَلَ ماءٍ / خِلْتَهُ حَيّةً من الحرِّ تَلْسَع
أنا نبعٌ لا خِرْوَعٌ عند عمري / وأرى العود منه نبعٌ وخروَع
لَستُ أُثْنى عنِ السُّرَى في طريقٍ / خيّمَ الليلُ فوقه وهوَ خَيدَع
فكأنّي خُلِقْتُ جوّابَ أرْضٍ / أَصِلُ العزمَ حَشوَها وهيَ تَقطَع
وكأنّي في مِقْوَلٍ من زماني / مَشَلٌ وافدٌ على كلّ مسمع
أيا جَزَعي بالدارِ إذ عَنَّ لي الجزعُ
أيا جَزَعي بالدارِ إذ عَنَّ لي الجزعُ / وقاد حِمامي من حمائمِهِ السّجْعُ
وعاوَدَني فيها رِداعي ولم أشِمْ / ترائبَ عُوّادٍ يُضَمِّخُها الرّدْعُ
وقفتُ بها والنفسُ من كلّ مقلةٍ / تذوبُ بنارٍ في الضلوعِ لَها لذْعُ
مُطِلّاً مُطيلَ النّوْح لو أنّ دِمْنَةً / لها بَصَرٌ تَحْتَ الحوادث أوْ سَمْعُ
طلولٌ عَفت آياتُها فَكأنَّما / غرابِيبُها جِزْعٌ وأدمانُها وَدْعُ
حكى الربعُ منها بالصدى إذ سألتُهُ / كلاميَ حَتَّى قيلَ هَل يَمْزَحُ الربعُ
تَخَطَّ معَ المحلِ الجنوبِ بِمَحوِها / سطورَ البلى فيها وتعجبها المِسْعُ
وَلَم يَبقَ إلّا ملعبٌ يبعثُ الأسى / وَيَدعو الفتى مِنهُ إِلى الشَّوقِ ما يَدعو
ومَجموعةٌ جمع الثلاثِ ولم تَزِدْ / عليه صوالي النار أَوجُهها سفعُ
لبسنَ حدادَ الثكل وهي مقيمةٌ / على مَيْتِ نارٍ لا يفارقها فَجْعُ
ومضروبةٌ بين الرّسوم وما جَنَتْ / عقاب النوى من هامها الضربُ والقلعُ
ومُحلَولِكٌ ما فكَّ زيجاً ولا لَهُ / بِسِرِّ قضاء النجم علمٌ ولا طبعُ
أَبانَ لَنا عَن بَيْنِنا فَلِسانُهُ / علينا له قَطْعٌ أُتيحَ له القطعُ
إِذا لَم تَكُن للحيِّ داراً فما لها / إِذا وَقَف المشتاقُ فيها جَرى الدمعُ
لياليَ عودي يكتسي وَرَقَ الصبا / وإذ أنا إلفٌ للجآذِرِ لا سِمْعُ
وينبو عنِ اللومِ المُعنِّفِ مَسمَعي / بِمَنْ حُسْنُها بَينَ الحِسانِ له سمعُ
فتاةٌ لها في النفسِ أصلٌ منَ الهوى / وكُلُّ هَوىً في النفس مِن غيرِها بدعُ
وتبلغُ بنتُ الكرم من فرح الفتى / بلذّتها ما ليس يبلغُه البِتْعُ
يَصُدُّ الهوى عن قَطفِ رمَّانِ صَدرِها / وإن راقَ في خوط القوام له ينعُ
وَكَم مِن قُطوفٍ دانِياتٍ ودونَها / تَعرِضُ أَشراع من الرمح أو شرعُ
تريكَ جبيناً يُخجِلُ الشمسَ هيبةً / وخَلْقاً عميماً في الشبابِ له جَمعُ
وتبسمُ في جُنح الدجى وهو عابسٌ / فيضحكُ منها عن بروقٍ لها لَمعُ
وَبيدٍ أَبادَتْ عيسَنا بِيَبابِها / فُهُنَّ غِراثٌ في عِجافٍ لَها رتَعُ
إذا سمعَ الحادي بها السِّمْعُ ظَنّهُ / كريماً على نَشْزٍ لمأدُبَةٍ يدعو
فكم من هزيلٍ في اقتفاءِ هزيلةٍ / ليأكلَ منها فَضْلَ ما أكل السّبعُ
فإِن يُهلِكِ الإِيجافُ حَرفاً بِمَهمَهٍ / فَإِنَّهُما السيفُ المُجرّد والنّطعُ
نَحَوْتُ عَلَيها كُلَّ حَرْفٍ بَعامِلٍ / مِنَ العَزْمِ مَخصوصٌ بِهِ الخفضُ والرّفعُ
وعاركتُ دهري في عريكةِ بازلٍ / ينوءُ به هادٍ كما انْتصَبَ الجذعُ
وما خارَ عُودي عندَ غَمزِ مُلِمَّةٍ / وهل خارَ عِندَ الغمزِ في يَدِكَ النبعُ
وَمُلتَحِفٍ بِالصقلِ مِن لَمعِ بارقٍ / يُطيرُ فَرَاشَ الهام من حَدّه القرعُ
أَقام معَ الأحقابِ حَتَّى كَأَنَّما / لِحَدّيْه عنه من حوادِثِها دَفعُ
وتَحسَب أَهوالَ الحروبِ لشَيبِه / وكلُّ خِضابٍ في ذَوائِبِهِ رَدْعُ
إِذا سُلّ واهتزّتْ مضاربُهُ حكى / أخا السلّ هزّته بأُفْكلها الرِّبْعُ
وتحسرُ منه أنفسٌ هلكتْ به / فما صارمٌ في الأرض من غمدهِ سَقعُ
أَأَذكى علَيه القينُ بالرّيحِ نارَهُ / وَأَمكَنَه في الطبعِ بَينَهُما طَبْعُ
أَصاعِقَةٌ مُنقَضَّةٌ مِن غِرارِهِ / يَهولُكَ في هامِ الرواسي لها صدعُ
وجامدةٍ فاضت فقلنا تَعَجُّباً / أَنهُرٌ تَمَشَّت فَوقَُ الرّيح أو درعُ
وأَحكَمها داودُ عن وَحْيِ ربّهِ / بلطفِ يدٍ قاسي الحديدِ لها شَمْعُ
ترى الحلقاتِ الجُعْد منها حبائِكاً / مُسَمَّرَةً فيها مساميرها القرعُ
سرابيّةُ المرأى وإن لم يَرِدْ بها / على الذِّمْرِ طعنٌ يتَّقيه ولا مصعُ
وعذراء يغشاها ذكورُ أسِنّةٍ / وتُثْنَى لِجَمعٍ كُلَّما افتَرقَ الجمعُ
وَمُنجَرِدٍ كالسيدِ يعُمِلُ أَرضَهُ / فَيبني سماءً فوقه سمكها النّقعُ
متى يمنع الجريُ الجيادَ من الونى / ففي يده بذلٌ من الجري لا منعُ
له بَصَرٌ مستخرِجٌ خبء ليلةٍ / إذا الحسّ أهداه إلى قلبه السّمعُ
ويمرقُ بي السبق في كلّ حلبةٍ / فتحسبهُ سهماً يطير به النزعُ
برأيي وعزمي أكملَ اللّه صِبْغَتي / ولولا الحيا والشمسُ ما كَمُلَ الزرعُ
وَنُورِيّةٍ للنارِ فيها ذُؤابَةٌ
وَنُورِيّةٍ للنارِ فيها ذُؤابَةٌ / تذوبُ بها ذوبُ النّضارِ المميَّعِ
تَنوبُ منابَ الشمسِ بعد غروبها / إذا بزغت كالشمس في رأسِ مَطلَعِ
تُكتّمُ ما تلقاه إلا شكيةً / تُعَبّرُ عنها في إشارة إصبَعِ
وَتَحسَبُها تُلقي ضروباً مِنَ الجوى / تَحَكّمَ فيها من غَرَامي المُنَوّعِ
كَسَقمي وإِيراقي وصَبري ومَوقفي / وصمتي وإطراقي ولوني وأَدمُعي
وأخْضَرٍ حَصَلَتْ نفسي به وَنَجَتْ
وأخْضَرٍ حَصَلَتْ نفسي به وَنَجَتْ / وما تفارقُ منه روعةٌ رُوعي
رغا وأزبدَ والنكباءُ تُغْضِبُهُ / كما تَعَبَّثَ شيطانٌ بِمصرُوعِ
سِرْ تحْظَ باليُسر إن كابدت في أُفقٍ
سِرْ تحْظَ باليُسر إن كابدت في أُفقٍ / عُسْراً فقد يجدُ الدرياقَ مَنْ لُسِعا
وربّما ضاقَ رزقُ المرء في بلدٍ / حتَّى إذا سارَ عَنْهُ دَرّ واتَّسعا
مَرَابِعُهُمْ لِلوحشِ أَضْحتْ مَرَاتعَا
مَرَابِعُهُمْ لِلوحشِ أَضْحتْ مَرَاتعَا / فقفْ صابراً تُسعِدْ على الحزن جازِعا
فمن مُبْلِغُ الغادينَ عنّا بأنّنا / وَقَفْنَا وأَجْرَيْنا بِهِنَّ المدامِعا
مَعالِمُ أَضحَتْ من دُماها عواطِلاً / فقلْ في نفوسٍ قد هَجَرْنَ المطامعا
وَفَيْنا بميثاقِ العُهُود لربعها / كأنّ عهودَ الرّبْع كانت شرائعا
فمن دمنةٍ تحت القطوب كمينةٍ / بها وثلاثٌ راكدات سوافعا
ومن خطِّ رمسٍ دارسٍ فكأنّما / أمرّ البلى محواً عَلَيها الأَصابِعا
تَأوَّهَ منه شَيِّقُ الركبِ نائحاً / فَطَرّبَ فيه مُلْغِطُ الطّيْرِ ساجعا
ومازِلتُ أُجري الدمعَ من حُرَق الأسى / وأدعو هوى الأحبابِ لو كان سامعا
وأفحصُ عن آثارهم تُرْبَ أرضِهمْ / كأنّيَ قد أودعتُ فيها ودائعاً
كأنّ حصاةَ القلب كانت زجاجةً / مقارعةً من لاعجِ الشوق صادعا
أماتَ ربوعَ الدار فقدانُ أهلها / فأبصرتُ منها الآهلاتِ بلاقعا
كأنّ حُداءَ العيس في السير نعيها / وقد سُقِيَتْ سمّاً من البين ناقعا
أدارَ البلى ولّى الصبا عنك لاهياً / فَمَن لي بِأَن أَلقَى الصبا فيكَ راجِعا
أما ولبانٍ درّ لي أسحمٌ به / ومن كان من أهلي بودّي مُرَاضِعا
لقد دخلتْ بي منك في الحزنِ لوعةٌ / حُرِمْتُ بها من ذِمّةِ الصبر راجعا
أيا هذه إنّ العُلى لتهزّ بي / حُساماً على صَرْفِ الحوادثِ قاطعا
ذَريني أكُنْ للعزم والليل والسرى / وللحرب والبيداءِ والنَّجمِ سابِعا
بك يا صبورَ القَلْب هامَ جَزُوعُهُ
بك يا صبورَ القَلْب هامَ جَزُوعُهُ / أوَ كلّ شيءٍ من هوَاكَ يروعهُ
فإذا وصلتَ خشيتُ منك قطيعةً / فالعيشُ أنت وَصُوله وَقَطُوعهُ
لا تَتّهِمْني في الوفاءِ فإنّني / كَتمْتُ سرّكَ والدموعُ تُذيعُهُ
نَقَلَ الهوى قلبي إلى عيني التي / منها تَفَجّرَ بالبكا يَنْبُوعهُ
أبْكَيتَنِي فأذَعْتُ سِرّكَ مُكْرَها / فعلام تَعْذُلُني وأنتَ تُذيعُهُ
قال العذولُ لَقَد خَضَعْت لِحُبِّهِ / فأجبتُهُ عِزّ المحبِّ خُضوعُهُ
أقْصِرْ فما يجتثّ أصْل علاقةٍ / جُذِبَتْ بأطرافِ الملام فروعُهُ
وكأنّ لَوْمَكَ رافضِيٌّ مَيِّتٌ / وكأَنَّ سَمعي إِذ نَعاهُ بقيعهُ
يا من لذي أرقٍ يطولُ نزاعُهُ / شوقاً إلى من طال عنه نُزُوعهُ
باتت جحيمُ القلب تلفح قلبَهُ / فتَفيضُ من قلبٍ يغيضُ دموعهُ
عَقَدَ الجفونَ ببارقٍ نَقَبَ الدجى / وَخَفَا كما اطّرَدَ الشجاعُ لميعُهُ
وكأنّهُ بالغيثِ باتَ مَحدّثاً / للطرف بالخضراءِ وهوَ سَميعُهُ
خَدَعَ الظلامَ وكان من لمعانه / مِسْبَارُه وحُسَامُهُ ونجيعُهُ
وَمُجَلْجِلٍ دَرّتْ بأنفاسِ الصّبا / وهناً لقَضْباءِ النباتِ ضروعُهُ
خَضَعَتْ له عُنُقٌ لها وتَحَمَّلَتْ / من ثِقْلِهِ فوق الَّذي تسطيعُهُ
وجَرَت بِهِ أثَر السماءِ مِنَ الثَّرى / ميتاً فَعَاشَتْ بالرّبيع ربوعُهُ
وإذا الصَّبا مَرّتْ بهاجع روضةٍ / نَفَضَتْ له لِمَماً فطارَ هجوعُهُ
أصْبَحْتُ عندكِ أرتجي وأخافُ
أصْبَحْتُ عندكِ أرتجي وأخافُ / ما هَكَذا يُتألَّفُ الأُلّافُ
يا كيفَ بات عليّ قلبُكِ جامداً / يَقْسو فليْسَ يُلينُهُ استعطافُ
وجمانُ ثغرِكِ رفّ من لمَعَانِهِ / وعقيقُ خَدّكِ رائقٌ شَفّافُ
لم تُنصِفيني في مُعامَلَةِ الهوى / وأعزُّ شيءٍ في الدمى الإنصافُ
يا باقةً في يميني للرّدى بُذِلَتْ
يا باقةً في يميني للرّدى بُذِلَتْ / أذابَ قَلبي عَلَيكِ الحُزْنُ والأسَفُ
أَلَم تَكوني لِتاجِ الحُسْنِ جَوهرةً / لَمّا غَرِقْتِ فَهَلّا صَانَكِ الصّدفُ
دَعُوا عَبَرَاتي تَنْبري من شؤونها
دَعُوا عَبَرَاتي تَنْبري من شؤونها / فلن تصرفوا تَوكافَهُنّ عن الوكفِ
ويحملُ دمعُ العين عن قلبيَ الأسى / ولكنه يبدي هوايَ الذي أُخْفي
وذات خلق تُريبُ الخَلْقَ صُورَتُهُ
وذات خلق تُريبُ الخَلْقَ صُورَتُهُ / فكلّ ناظِرِ عَيْنٍ ليس يألفهُ
كأنّ شوكةَ عُنّابٍ بِمِبضَعِها / يُجَرَّعُ السمّ منه مَنْ يصادِفُهُ
صَفَا ليَ من وِرْدِ الشبيبةِ ما صَفَا
صَفَا ليَ من وِرْدِ الشبيبةِ ما صَفَا / وجادَ زماني بالأماني فأنصفا
وشنّفَ أذْني بالهوى حُسْنُ منطقٍ / بنجواه غازلتُ الغزال المشنّفا
لياليَ كانتْ بالسرورِ منيرةً / وكان قناعي حالكاً لا مُفَوّفا
وشربيَ من نَسْلِ الغمام سلالةً / تعُودُ من العنقودِ في الدنّ قرقفا
مُعَتّقَةً حمراءَ ينساغُ صِرْفها / إذا الماءُ فيها بالمزاج تَصَرّفا
كماءِ عقيقٍ في الزّجاجِ مُنَظّمٍ / عليه من الإزباد دُرّاً مجوّفا
تَوقَّدَ في كفِّ المنادم نورها / ولكنه بالشرب في فمه انطفا
تطوفُ بها مَمشوقَةُ القدّ زَرفَنَتْ / من المِسكِ في الكافور صُدْغاً مُعَطَّفَا
إذا أعرضتْ في الدّل ذلّ أخو الهوى / وصاغَ لها لفظَ الخضوع المُلطّفا
هنالك خَفّتْ بي إلى اللهو صبوَةٌ / وَثَقّلَت الكاساتُ كفّي بما كَفَى
كأنّيَ لم أقنصْ نَوَاراً من المها / ولم أجنِ عذْبَ الرّشْفِ من مُرّة الجفا
ذكرتُ الحمى والساكنيه ودونه / خِضَمّ عليه تنبري الرّيحُ حرجفا
ولمَّا أقلُّوا يوم بينهمُ على / هلال السُّرَى للشمس خدراً مسجفا
وألْقَتْ حُلاها من يديها وعَطّلَتْ / من الحلي فيه جيدَ رئم تَشَوّفا
سقى الأقحوان الطلُّ عفّة / وعضّتْ من الحُزْنِ البنانَ المُطَرّفا
ولما جرى الدرّ الرطيب بِخَدّها / وسال إلى الدر النظيم توقّفا
وأين تراهُ ذاهباً عن جنى فمٍ / كأنّ رضابَ الكأس منه ترشّفا
أما وشبابٍ بالمشيب اعتبرتُهُ / فأشْرَقْت عيني بالدّمُوع تأسّفا
لقد سرتُ في سهب المديح هدايةً / ومثليَ فيه لا يسيرُ تعَسّفا
ولو كنتُ من دُرِّ الدّراري نظمته / لكانَ عليّ منه أعلى وأشرفا
همامٌ من الأملاك هزّ لواءهَ / وأوضَعَ حوْلَيْهِ الجيادَ وأوجفا
شجىً ذكره للروم كالموت إن جرى / أخافَ وإن أوفى على النفس أتلفا
ذَبوبٌ عن الإسلام مَدّ لجيشِهِ / جناحاً عليه بالأسِنّةِ رفرفا
يردّ عن الضرب الحديدَ مُثَلَّماً / ويثني عن الطّعنِ الوشيجَ مُقَصَّفا
إذا ظَلّلَتْهُ الطيرُ كانت أجورها / جسوماً ثَنى عن طَعنها الزُّرْقَ رُعّفَا
نسورٌ وعقبانٌ إذا هي أقبلتْ / محلِّقَةً سَدّتْ من الجوِّ نَفْنَفا
وتحسبها في نقعِهِ رَقْمَ بُرْقُعٍ / يجولُ على وجهٍ من الشمس مُسْدَفا
حمى ما حمى من بَيْضَةِ الدّين سيفُهُ / وأشفق في ذاتِ الإله وعنَّفا
ومن عَدَمٍ أغنى ومن حيرةٍ هدى / ومن ظمإٍ أروى ومن مرضٍ شفى
كريمُ السجايا لوذَعِيُّ زَمانِهِ / تَهَذّبَ من أخلاقه وتظرّفا
إذا عَنّ رأيٌ كالسها في ضيائهِ / ولم يكفِ أذكى رأيُهُ الشمس فاكتفى
سما في العلا قدراً فأدرك ما سما / إليه وأصمى سَهْمُهُ ما تهدفا
سكوبُ حيا الكفين لا ناضبُ النّدى / ولا مخلفٌ وعداً إذا الغيث أخلفا
تريه خفيّاتِ الأمورِ بصيرةٌ / كأنّ حجابَ الغيب عنها تكشّفا
بذكْرِ ابن يحيى عَطّرَ الدهرَ مَدحُنَا / وَخَلّدَ فيه ذكرنا وتشرّفا
جوادُ بنانِ البذلِ منه غمائمٌ / تَصُوبُ على أيدي بني الدّهر وُكّفا
عليم بسرّ الحرب من قبل جهرها / وقرع الصفا بين الفريقين بالصفا
يقارع منهم حاسراً كلّ مُعْلَمٍ / أفاضَ عليه الفارسيَّ المضعفا
عصاهُ لتأديبِ العُصاةِ إِذا بَغَوْا / غِرَارُ حسامٍ يَقْرَعُ الهامَ مرهفا
على أنّه راسي الأناة مُخَدَّعٌ / إذا زاغ حلم عن ذوي الحزم أو هفا
بنو الحرب أنتُم أَرضعَتكُم ثديّها / فمفترق الأقدام فيكم تألّفا
إذا ما بدا طعْنُ الكماةِ وضربهم / كنَقْطٍ وشكلٍ منه أعجمت أحرفا
لك الخيلُ تسري الليلَ من كل سلهبٍ / ترى بطنه من شدة الركض مُخْطَفا
له قلم في الأذن تحسَبُ أنه / بِنَصرك للتوقيع في الجيش حُرِّفا
إذا وطئت شمَّ الجبال نَسَفْنَها / وغادَرنَها قاعاً لعينيك صفصفا
فيا ملكَ العصر الذي ظلّ عدله / على الدين والدنيا صفا منه ما صفا
نداك بطبعٍ للعفاةِ ارتَجَلْتَهُ / وغيرك رَوّى في نداه تَكَلُّفَا
وكم من فقير بائس قد وصلته / فأضحى غنيّاً يسحب الذيل مترفا
لمدحك أضحت كلّ فكرةِ شاعرٍ / مصنّفةً منه غريباً مصنفا
وإن كنتُ عن حَفْلِ العُلى غائباً فلي / ثناءٌ كعَرْفِ المسكِ بالفضل عَرّفَا
وقد تَشُقّ بنا الأهوالَ جاريةٌ
وقد تَشُقّ بنا الأهوالَ جاريةٌ / تجري بريح متى تسْكُنْ لها تقفِ
لها شراعٌ ترى الملّاحَ يلحَظُهُ / ككاهنٍ يقسِمُ الألحاظ في كَتِفِ
أحِنّ إلى العشرين عاماً وبينَنَا
أحِنّ إلى العشرين عاماً وبينَنَا / ثلاثون يمشي المرءُ فيها إلى خلفِ
ولو صحّ مشيٌ نحوه لابتَدَرتُهُ / فجئتُ الصِّبا أحبو على العينِ والأنْفِ