المجموع : 393
أَلا هَلْ إِلى أَرْضٍ بِها أُمُّ سالِمٍ
أَلا هَلْ إِلى أَرْضٍ بِها أُمُّ سالِمٍ / وُصولٌ لِطاوي شُقَّةٍ وَبَلاغُ
فَلَيْسَ لِماءٍ بَعْدَ لِينَةَ بِالحِمى / إِذا ذُقْتُه بَيْنَ الضُّلوعِ مَساغُ
أَصُدُّ عَنِ الواشِي كَأَنِّي طَريدَةٌ / تُراعُ بِمُسْتَنِّ الرَّدى وَتُراغُ
وَأَصْبُو وَيَلْحانِي على الحُبِّ عاذِلي / وَأَيْنَ فُؤادٌ لِلسُّلُوِّ يُصاغُ
وَمَنْ شَغَلَتْهُ بِالهَوى نَظَراتُها / فَلَيْسَ لَهُ حَتَّى المَمّاتِ فَراغُ
وَبارِقَةٍ تَمَخَّضُ بِالمنايا
وَبارِقَةٍ تَمَخَّضُ بِالمنايا / صَخُوبِ الرّعْدِ دامِيَةِ الظِّلالِ
تُشيبُ ذَوائِبَ الأَيامِ رُعْباً / وَيَنْفُضُ رَوْعُها لِمَمَ اللَّيالي
إِذَا خَطَرَتْ رِياحُ النَّصْرِ فيها / تَلَقَّتْها خَياشِيمُ العَوالي
وَقَدْ شَامَتْ مَخيَلَتَها سُيوفٌ / تَلَمَّظُ في دمٍ سَرِبِ العَزالي
فَكمْ أَجَلٍ طَوَيْناهُ قَصيرٍ / وَآمَالٍ نَشَرْناهَا طِوالِ
بِيَوْمٍ خَاضَ جانِحَتَيْهِ عَمْروٌ / لَقَى حَرْبٍ تُلَقَّحُ عَن حِيالِ
وَلمَّا جَرَّتِ الظَّلْماءُ ذَيْلاً / يُوارِي مَسْلَكَ الأَسَلِ النِّهالِ
وَلاحَ كَجِلْدَة النَّمِرِ الثُّرَيّا / بِلَيْلٍ مِثْلِ ناظرَةِ الغزالِ
تَوَلَّى وَالظَّلامُ لَهُ خَفيرٌ / عَلى مُتَمَطِّرٍ خَذِمِ النِّعالِ
وَباتَ كَأَنَّ خَافِيَةَ النُّعَامَى / تَنوءُ بِهِ وَقادِمَةَ الشّمالِ
سَقَى اللهُ رَمْلَيْ كوفَنَ الغيثَ حَافِلاً
سَقَى اللهُ رَمْلَيْ كوفَنَ الغيثَ حَافِلاً / بِهِ الضَّرْعُ مِنْ جَوْنِ الرَّبابَيْنِ وَابلِ
وَفَضَّتْ نَسيماً يُعْبِقُ التُّرْبَ نَشْرُهُ / بِها رَكَضاتُ الرِّيحِ بَيْنَ الخَمائِلِ
وَلا زالَ فيها الظِّلُّ أَلْمَى تَلَفَّتتْ / إليهِ صَباً تَعتادُهُ بالأَصائِلِ
مَواقِعُ عَرّاصِ الشَّآبيبِ تَحْتَمي / بِأَسْمَرَ رَقّاصِ الأَنابِيبِ ذابِلِ
وَيَأْوي إِلَيْها كُلُّ أَروعَ يَرْتَقِي / إِلى المَجْدِ حُرِّ البَأْسِ حُلْوِ الشَّمائِلِ
لَبيقٍ بِتَصْريفِ القَناةِ إِذَا سَما / إِلى الحَرْبِ صُلْبِ العُودِ رِخْوِ الحَمائِلِ
نَماهُ إِلى فَرْعَيْ أُمَيَّةَ عُصْبَةٌ / تَذِلُّ لَها طَوْعاً رِقابُ القبائِلِ
بِأَيْديهمُ تَهْتَزُّ ناصِيَةُ العُلا / وَيَحْتَلبُ العافِي أَفاوِيقَ نائِلِ
سَأَكْفيهمُ الخَطْبَ الجَسيمَ بِصارِمٍ / تَمَطَّى المَنايا بَيْنَ غَرْبَيْهِ ناحِلِ
وَأُلْثِمُ نَحْرَ القِرْنِ كُلَّ مُثَقَّفٍ / بَصيرٍ إِذا أَشْرَعْتُهُ بِالْمَقاتِلِ
فَقَدْ بَسَطتْ باعي بِهِ خُنْزُوانَةٌ / تَضمَّنُ يَوْمَ الرَّوعِ رِيَّ المَناصِلِ
أَلا هَلْ يُفيقُ الدَّهْرُ مِنْ سَكراتِهِ
أَلا هَلْ يُفيقُ الدَّهْرُ مِنْ سَكراتِهِ / وَيَرْفَضُّ عَن أَجْفانِهِ طارِقُ الحُلْمِ
وَيَلْمَعُ طاغِي الشَّفْرَتَيْنِ بِراحَتِي / وَراءَ عَجاجٍ راشِحٍ بِدَمٍ سَجْمِ
وَلي صاحِبٌ مِنْ عَبْدِ شَمْسٍ إِذا انْتَمى / تَسَنَّمَ أَعْلَى ذِرْوَةِ الشَّرَفِ الضَّخْمِ
نَأَى فَأَثارَ الحَرْبَ يَصْرِفُ نابَها / عَلَيَّ زَمانٌ كانَ يَجْنَحُ لِلسِّلمِ
فَلا زالَ يَرْويهِ الغَمامُ إِذا هَمى / بِما في ثُغورِ البارِقاتِ مِنَ الظَّلْمِ
بِأَبِي وَإِنْ عَظُمَ الفِداءُ فَتىً
بِأَبِي وَإِنْ عَظُمَ الفِداءُ فَتىً / لِلْهَمّ في جَنْبَيْهِ مُعْتَرَكُ
نَبَّهْتُهُ وَاللَّيْلُ مُعْتَكِرٌ / وَنُجومُهُ في الأُفْقِ تَشْتَبِكُ
وَمَشى على كَسَلٍ فَقُلتُ لَهُ / عَثَرَتْ بِكَ الوَخَّادَةُ الرُّتُكُ
أَرَضِيتَ أَمْراً لا يَزالُّ بِهِ / في الذُّلِ عِرْضُ أَخِيكَ يُنْتَهَكُ
وَالدَّهْرُ يَرْمُزُ بِالخُطُوبِ وفي / غُلَوائِها الأَيَّامُ تَنْهَمِكُ
ما نحْنُ مِنْ سُوَقٍ فَنُشْبِهَهُمْ / لَمْ يَنْمِنا إِلّا أَبٌ مَلِكُ
فَانْظُرْ إِلى الأَجْدادِ كَيْفَ سَعَوْا / لِلْمَكرُماتِ وأَيَّةً سَلَكُوا
هَلَّا أَخَذْتَ بِهَدْيِهمْ فَهُمُ / تَرَكُوا العُلا لَكَ فَارْعَ ما تَرَكُوا
وَاطْلُبْ مَداهُمْ إِنَّهُمْ نَفَرٌ / عَاشُوا بِذِكْرِهِمُ وَقَدْ هَلَكُوا
وَإِذا عَجَزْتَ وَلَمْ تُلِمَّ بِهِ / فَالعَجْزُ بَعْدَ طِلابِهِ دَرَكُ
هَلِ الحُبُّ إِلَّا عَبْرَةٌ تَتَرَقْرَقُ
هَلِ الحُبُّ إِلَّا عَبْرَةٌ تَتَرَقْرَقُ / ولَوْعةُ وَجْدٍ بِالجوانِحِ تَعْلَقُ
وَكِلْتاهُما حَيثُ الصَّبابَةُ بَرّحَتْ / بِقَلْبٍ إِذا ما اعْتادَهُ الشَّوْقُ يَخْفُقُ
شَقيقَةَ نَفْسي بِالعَواذِلِ بَعْضُ ما / أُعانِي إِذا ناحَ الحَمامُ المُطَوَّقُ
أَما وَغَرامي حَلْفَةً أَسْتَلِذُّها / لَقَدْ كِدْتُ مِنْ ذِكْراكِ بِالرُّوحِ أَشْرَقُ
وَأَهْوَنُ مَا أَلْقى مِنَ الحُبِّ أَنّني / على النَّأْيِ أطْفُو في دُموعي وَأَغْرَقُ
صَفَتْ بِالهَوَى مِنّي وَمِنْكِ سَرائِرٌ / جَمَعْنَ قُلوباً في جُسومٍ تَفَرَّقُ
وَفيكِ سُكوتي وَالضَّمائِرُ تَنْتَجي / وَعَنْكِ إِذا ما سَاعَدَ القَوْلُ أَنْطِقُ
النّاسُ بِالعيدِ مَسْرورونَ غَيْرَ فَتىً
النّاسُ بِالعيدِ مَسْرورونَ غَيْرَ فَتىً / يَشُفُّهُ في إِسارِ الغُرْبَةِ الحَزَنُ
وَبَيْنَ جَنْبَيْهِ هَمٌّ لا يَبُوحُ بِهِ / فَفَرْحَةُ المَرْءِ حيْثُ الأَهْلُ وَالوَطَنُ
وَلا اغْتِرابَ عَلينا فَالبِلادُ لَنا / فُتوحُها وَبِنا يُسْتَرْحَبُ العَطَنُ
إِذْ لَمْ تَكُنْ قَبْلَنا بِالمَجْدِ حاليَةً / وَلا لَها مَنظَرٌ مِنْ بَعْدِنا حَسَن
وَالأرضُ تُزْهَى بِنا أَطْرافُها فَمتى / نَمِلْ إِلى الشَّامِ يَحْسُدْها بِنا اليَمَنُ
وَتِلْكَ دارٌ وَرِثْناها مُعاوِيَةً / لكِنَّ كُوفَنَ أَلْقانا بِها الزَّمَنُ
أَصْبو إِليها وَأَشْواقي تُبَرِّحُ بِي / وَتَمْنَعُ العَيْنَ أَنْ يَعْتادَها الوَسَنُ
فَلَيْتَ شِعْرِي وَلَيْتٌ غَيْرُ نافِعَةٍ / هَلْ يَبْدُوَنَّ لِعَيْنيْ مُنْجِدٍ حَضَنُ
وَهَلْ أُنِيخُ بِبابِ القَصْرِ ناجِيَةً / مُناخُها فيهِ مِنْ صَوْبِ الحَيا قَمِنُ
هُنالِكَ الهَضَباتُ الحُمْرُ لَو هَتَفَتْ / بِالمَيْتِ راجَعَ فيها رُوحَهُ البدَنُ
بَكَرَتْ وَاللَّيلُ في زِيِّ الغُدافِ
بَكَرَتْ وَاللَّيلُ في زِيِّ الغُدافِ / ساحِباتُ الرَّيْطِ مِنْ عَبْدِ مَنافِ
يَتَنَاجَيْنَ بِعَذْلي إِذ غَدَتْ / بِزَّتي دِرْعي وَأَلْقَيْتُ عِطافي
يا نِساءَ الحَيِّ ما في أُذُنِي / مَسْلَكٌ لِلَّوْمِ فَاتْرُكنَ خِلافي
إِنَّ ظِلَّ النَّقْعِ أَوْلَى بِالفَتَى / في طِلابِ العِزِّ مِنْ ظِلِّ الطِّرافِ
غَمَزَتْ مِنّي اللَّيالي صَعْدَةً / لَمْ يُقَوِّمْ دّرْءَها عَضُّ الثِّقافِ
وَلَنا قادِمَةُ المَجْدِ إِذا / عَلِقَ المُقْرِفُ مِنْها بِالخَوافي
وَالمُعاوِيُّ إِذا رامَ العُلا / نَعِرُ النِّيَّةِ نَسَّالُ القَوافي
أُقْسِمُ بِالجُرْدِ السَّراحِيبِ
أُقْسِمُ بِالجُرْدِ السَّراحِيبِ / وَالرُّمْحِ رَعّافَ الأَنابِيبِ
لَأّلْبَسَنَّ اليَوْمَ حِرْباؤهُ / مِنْ شَمْسِهِ تَحتَ شَآبِيبِ
أَطْوي على ظِلٍّ قَصيرِ الخُطا / مَناسِمَ العيسِ المَطارِيبِ
وَأقْتَفي حِينَ أَرُومُ العُلا / آثارَ آبَاءٍ مَناجِيبِ
وَكَيْفَ أَبْغيها وَفَقْدُ الغِنَى / يُذِلُّ أَعْناقَ المَصاعِيبِ
وَالعُسْرُ قَيْدُ المَرْءِ لكِنَّني / أَقْرَعُ للْمَجْدِ ظَنابِيبي
أَمْشِي على ظَلْعِي إِلى شَأْوِهِ / تَعَجْرُفاً فِعْلَ الأَعارِيبِ
وَلَيْلٍ طَويلِ الباعِ فَرَّقْتُ شَمْلَهُ
وَلَيْلٍ طَويلِ الباعِ فَرَّقْتُ شَمْلَهُ / بِخِرْقٍ جَميعِ الرَّأْيِ غَيْرِ شَتيتِهِ
أَهَبْتُ بِهِ وَالعِيسُ مِيلٌ رِقابُها / لِيَبْعُدَ مَسْرَى هَمِّهِ بُعْدَ صِيتِهِ
فَنَفَّضَ عَن أَجْفانِهِ غُبَّرَ الكَرى / وقد مالَ تَرْنيقُ النُّعاس بِلِيتهِ
وَما ظَنُّهُ وَالنَّجْمُ واهٍ نِطاقُهِ / بِأَرْوَعَ مُحْيي لَيْلِهِ وَمُميتِهِ
هَفا مَرَحَاً وَالدِّيكُ يَدْعُو صَباحَهُ / وَخاضَ حَشاهُ وَالقطا في مَبيتهِ
أَبا خالدٍ طالَ المُقامُ على الأذى
أَبا خالدٍ طالَ المُقامُ على الأذى / وَضاقَ بِما تَسْمو لَهُ هِمَمي باعي
فَحُلَّ عِقالَ الأَرْحَبِيِّ وَلا تُقِمْ / بِحيثُ تُناجي الذُّلَّ صاحَ بِكَ النّاعي
خُذِ الكَأْسَ مِنّي أيُّها الرَّشَأُ الأَحْوى
خُذِ الكَأْسَ مِنّي أيُّها الرَّشَأُ الأَحْوى / وَشِمْ نَظَراً يَصْحو مِنَ المُقْلَةِ النَّشْوى
فَلِلْأَمَدِ الأَدْنى سَمَتْ بِكَ هِمَّةٌ / وَلي هِمَّةٌ تَسْمو إِلى الغايَةِ القُصْوى
أَنا ابْنُ سُراةِ الحَيِّ مِنْ فَرْعِ غالبٍ / أَرى فيهِمُ مِنْ تالدِ المَجْدِ ما أَهْوى
وَأَطْلُبُ أَمْراً حالَ بَيْني وَبَيْنَهُ / زَمانٌ نَباني وَامْتَعَضْتُ مِنَ الشّكْوى
فَيا سَعْدُ ناولني السُّرَيْجِيَّ إِنَّهُ / شَكا ظَمَأً بَرْحاً وقد حان أَنْ يَرْوَى
وَقَرِّبْ جَوادي وَانْشُرِ الدِّرْعَ إِنَّها / إِذا الحَرْبُ حَكَّتْ بَرْكَها بِيَ لا تُطْوى
سَتَعْلَمُ إِنْ قَرَّطْتُ طِرْفِي عِنانَهُ / مَنِ الأَشِرُ الرَّوَّاعُ وَالمَرِسُ الألْوى
خَليلَيَّ خُوضَا غَمْرَةَ اللَّيلِ إِنَّني
خَليلَيَّ خُوضَا غَمْرَةَ اللَّيلِ إِنَّني / لَبِسْتُ الدُّجَى وَالخَيْلُ تَنْضو مِراحَها
فَرُبَّ نهارٍ قاتِمٍ كُنْتُ شَمْسَهُ / وَكَمْ ليلةٍ لَيْلاءَ كنْتُ صَباحَها
وَتَحْتِيَ طَيّارُ العِنانِ كَأَنَّهُ / خُدارِيَّةٌ هَزَّتْ لِصَيْدٍ جَناحَها
وَإِنّي لَتَسْمو بِي إِلى المَجْدِ هِمَّةٌ / تَوَدُّ الثُّرَيّا أَنْ تَكون وشاحَها
فَلي مِنْ قُرَيْشٍ أَطْيَبوها وَغامِدٌ / تُعاوِنُ مِنْ يَرْبوعَ فيَّ رِياحَها
كِرامٌ يُهينُونَ العِشارَ إِذا شَتَوْا / وَقَدْ أَخَذَتْ كُومُ المَطايا سِلاحَها
بِأَيْدٍ إِذَا ما أَنْكَرَ الكَلْبُ أَهْلَه / عَرَفْتُ لَها طَعْناً يُشَظِّى رِماحَها
وَها أَنا أَسْعَى لِلْمعالي فَطالَما / أَجَالَتْ جُدودِي في مَعَدٍّ قِداحَها
فَإِنْ نِلْتُها اسْتَخْلَصْتُ حَقِّي وَإِنْ أَخِبْ / فَخُطْوَةُ سَاعٍ لَمْ تُصادِفْ نجاحَها
لِلَّهِ أَيُّ فَتى مَجْدٍ تَناوَشَهُ
لِلَّهِ أَيُّ فَتى مَجْدٍ تَناوَشَهُ / مِنّي نَوائِبُ عَنْ أَْنيابِها كُشُرُ
أُرْخِي عِطافِي وِأُضْحِي غَيْرَ مُحْتَفِلٍ / بِها وَقَدْ شُدَّ مِنْ غَيْري لَها الأُزُرُ
وَلا أُخيضُ المَطايا وَهْيَ ظامِئَةٌ / سُؤْرَ المَوارِدِ حَتّى تَصفُوَ الغُدُرُ
وَبَيْنَ جَنْبَيَّ سِرٌّ لا تَبوحُ بِهِ / إِلّا الأَسِنَّةُ وَالمأْثُورَةُ البُتُرُ
فَعَنْ قَليلٍ تَئِّنُّ الأَرْضُ مِنْ خَبَبي / إِلي المَعالي إِذَا ما ابْتَلَّتِ العُذُرُ
يا ضُلُوعي تَلَهَّبي في اكْتِئابِ
يا ضُلُوعي تَلَهَّبي في اكْتِئابِ / يا دُموعي تَأَهَّبي لِانْسِكابِ
إِنَّ بَرْحَ الغَرامِ يَنْزِفُ دَمْعاً / راضَ شَوْقي إِباءَهُ في التَّصابِي
وَكَذا الماءُ لَيْسَ يُجْريهِ إِلَّا / وَهَجُ النارِ مِنْ غُصونٍ رِطابِ
وَبلائِي ثَلاثَةٌ طَرَقَتْنِي / بِسُهادٍ وَلَوْعَةٍ وَانْتحابِ
حَنّةٌ بَعْدَ صَيْحَةٍ وَنَعيبٌ / مِنْ مَطِيٍّ وَسَائِقٍ وَغُرابِ
فَتَقَضَّتْ شَبيبَتِي بَيْنَ شَكْوَى / وَتَجَنٍّ وَهِجْرَةٍ وَعِتابِ
والْتِفاتي إِلى سِنِيَّ يُريني / عَددَاً لَيْسَ يَقْتَضي غَدْرُها بي
شَابَ رَأْسِي وَلَمْ تَمَسَّ يَميني / ذَنَبَ الأَرْبَعِينَ عِنْدَ حِسابي
وَرَأَتْ شَيْبيَ الرَّبابُ فَقالتْ / ما جَناهُ فُقُلتُ حُبُّ الرَّبابِ
مَلَكَتْ رِقِّيَ الصَّبابَةُ حَتّى / خاضَ صُبْحُ المَشيبِ لَيْلَ الشَّبابِ
طَوَيْتُ رَجائي عَنْكَ يا دَهْرُ إِنَّني
طَوَيْتُ رَجائي عَنْكَ يا دَهْرُ إِنَّني / أَلوذُ بِظِلٍ مِنْ وَفائِكَ قالصِ
وَيَرْميكَ ذَمِّي بِالتي لا شَوَى لَها / وَلَيْسَ يَسُوءُ الوَغْدَ لَذْعُ القَوارِصِ
وكُلُّ كَريمٍ أَنْتَ آخِرُ رِزْقِهِ / على عُقَبٍ الحِرْمانِ أَوَّلُ ناكِصِ
تَهيمُ بِمَنْفِيِّ السُّحالَةِ زائِفٍ / وَتُعْرِضُ عَن صَافي السَّبيكَةِ خالِصِ
فَلَمْ تَعْلَقِ البَأْسَاءُ إِلّا بِكامِلٍ / وَلا عَثَرَ النَّعْماءُ إِلّا بِناقِصِ
أَيا صاحِبَيْ رَحْلي خُذا أُهْبَةَ النَّوَى
أَيا صاحِبَيْ رَحْلي خُذا أُهْبَةَ النَّوَى / فَهذا مُناخٌ لا أُريدُ بِهِ مُكْثا
وَلَوْلا العُلا لَمْ أَسْلُبِ العِيسَ هَبَّةً / تَهُزُّ على الأَكْوارِ أَغْلِمَةً شُعْثا
تَرَفَّعُ عَمَّنْ يَأَلَفُ اللَّوْمَ هِمَّتي / وَلَمْ أَتَكَلَّفْ عَنْ مَعائِبِهِ بَحْثا
فَلا خَيْرَ في مَنْ لا يَلينُ لِذِكْرِهِ / جِماحُ القَوافي حينَ يُمْدَحُ أَوْ يُرْثَى
وَكَمْ عَلِقتْ كَفُّ امْرِئٍ ذيَ حفيظَةٍ / بِحبْلي فَما أًوْهَيْتُ مِرَّتَهُ نَكْثا
إذا قَصُرَتْ عَما أُحاولُهُ يَدي / بِأَرْضٍ فَإِنِّي لا أُطيلُ بِها لَبْثا
أُفَارِقُها والفَجْرُ في حِجْرِ أُمِّهِ / وَلَمْ يَلْفِظِ الوَكرُ الخُدارِيَّةَ الغَرْثى
وَعَلِيلَةِ الأَلْحاظِ تَرْقُدُ عَنْ
وَعَلِيلَةِ الأَلْحاظِ تَرْقُدُ عَنْ / صَبٍّ يُصافِحُ جَفْنَهُ الأَرَقُ
فَفُؤادُهُ كِسوارِهَا حَرِجٌ / وَوِسادُهُ كوِشَاحِها قَلِقُ
عانَقْتُها وَالشُّهْبُ ناعِسَةٌ / وَالأُفْقُ بِالظَّلْماءِ مُنْتَطِقٌ
فَلَثَمْتُها وَاللَّيْلُ مِنْ قِصَرٍ / قَدْ كادَ يَلْثِمُ فَجْرَهُ الشَّفَقُ
بِمَضاجِعٍ أًلِفَ العَفافَ بها / كَرَمٌ بِأَذْيالِ التُّقَى عَلِقُ
ثُمَّ افْتَرَقنا حِينَ فَاجَأنَا / صُبْحٌ تَقاسَمَ ضَوءَهُ الحَدَقُ
وَبِنَحْرِها مِنْ أَدْمُعي بَلَلٌ / وَبِراحَتي مِنْ نَشرِها عَبَقُ
وَمُرْتَدٍ بِالُّدجَى رَوَّحْتُ صَهْوَتَهُ
وَمُرْتَدٍ بِالُّدجَى رَوَّحْتُ صَهْوَتَهُ / بَعْدَ اخْتِلاسِ ذَماءِ الرِّيحِ بِالعَنَقِ
فَما مَسَحْتُ بِعُرْفِ الصُّبْحِ حافِرَهُ / وَلا فَلَيْتُ عَلَيْهِ لِمَّة الغَسَقِ
وَلَيْسَ فِي الأَرْضِ مَنْ يَطْوي إِليهِ فَلاً / يَجْلو لَمَى اللَّيْلِ فيها مَبسِمُ الفَلَقِ
وَخُطَّةٍ مِنْ بُيوتِ الحَيِّ زُرْتُ بِها
وَخُطَّةٍ مِنْ بُيوتِ الحَيِّ زُرْتُ بِها / بِيضاً يَهُزُّ الصِّبا مِنْهُنَّ أَعْطافَا
هِيفاً تَخِفُّ إِذا حَاوَلْنَ مُنْتَهَضاً / خُصُورُهُنَّ وَيَسْتَثْقِلْنَ أَرْدافا
وَهُنَّ يَبْسِمْنَ عَنْ غُرٍّ كَشَفْنَ بِها / عَنِ اللَّآلِئِ لِلرَّائِينَ أَصْدافا
وَيَرْتَمينَ بِنَبْلٍ يَتِّخِذْنَ لَها ال / قُلوبَ عِنْدَ اسْتِراقِ اللَّحْظِ أَهْدافا
وَالشَّيْبُ خَيَّطَ في فَوْدي كَما نَشَرَتْ / يَدُ الصَّبا لِرياضِ الحَزْنِ أَفْوافا
فَلَمْ يَرُعْني سِوى أَيْدٍ أَنامِلُها / مَخْضُوبَةٌ مِنْ دَمِ العُشّاقِ أَطْرافا
بَسَطْنها لِوَداعِي حينَ فارَقَني / لَيْلُ الشَّبابِ وَصُبْحُ الشَّيبِ قَدْ وافَى