من تجارب تعليم العربية للأطفال
بدأتُ قبل ثلاثة أعوامٍ في مدرستنا سلسلةً من دروس اللغة العربية ، و تُعقد بعد الفترة الصباحيةِ و سميناها حديقة اللغة العربية.. لا أعتمد أنا في هذه الدروس على كتاب معين و لا على قواعد معينة ؛ و إنما أختار جملة أو جملتين أو أكثر ، أو تعبيرا أو تعبيرين أو أكثر ؛ و أكتبها على السبورة .. فيكلَّف الطلابُ كتابتَها و قراءتَها و حفظَها و تكوينَ أسئلة منها و الإجابةَ عن تلك الأسئلة ... و هم و لله الحمد يبذلون كل الجهودَ في تعلم اللغة العربية... فأصبحت حديقتنا هذه محبوبةً و مقبولةً عند الطلاب .. و أرى من الطلاب من هو ينتظر هذه الفترةَ التي لا تستغرق إلا ما بين خمس و عشرين إلى ثلاثين دقيقة فحسب بفارغ الصبر.. الأمر الذي ينم عن صادق حبهم للغة العربية و إلمامهم بها !!
إن الطلاب يحبون العلمَ و يصبون إلى التعلم و يرغبون في الدراسةِ ؛ و لكن المحيط المدرسي لا يعينهم على التعلم الأفضل و الدراسةِ النشطةِ ... المعلمون يذكرون في أول الأمر : أن اللغة العربيةَ أصعب اللغات ، و أن لها نحوا غامضا دقيقا يحتاج الطالب لفهمه إلى ذكاء الملوك و ذهن العباقرة . و أنه لا يمكن تعلم اللغة العربية بدون فهم هذا النحو الدقيق الصعب الذي يعد أبا العلوم أو أمَّها ( لا أدري أ أب هو للعلوم أم أم لها).
لا شك أن هذه الطريقةَ لتعليم اللغة العربية لم تغننا عن شيء و لم تسمننا من جوع ؛ فإن النحو — و إن كان من العلوم التي لا مفر منها لمن يتقن اللغة العربية — لا يزيد المبتدئ إلا فرارا من اللغة و نفورا من تعلمها... فيمكن لنا تعليم اللغة للأطفال الصغار أطفالِ الروضةِ... فإن مرحلة الطفولة من أنفع المراحل للتعلم و الطفل لديه إمكانيات أكثر لتكوين الشخصية الإنسانية و تطويرها على أسس سليمة و قويمة.
أنا قد لاحظت خلال هذه السنوات الثلاث أنه بإمكاننا أن نعلم أطفال الروضةِ اللغةَ العربية بكل سهولة ويسر... كيف لا و هم يتعلمون في الروضةِ الإنجليزيةَ التي لا يحبونها حبهم للغة القرآن... أنا كل الثقة أن أطفالنا في الروضة سيتعلمونها بل يتقنونها لو أخلصنا لأجل هذه الغاية مجهوداتنا و خرجنا من المأزق الذي نحن فيه .
سلسلة الحديقة تبعثني على الآمال و الطموحات البعيدة المدى ، و أتمنى أن يحالفني النجاح في بدء مثل هذه السلسلة من الدروس في روضة الأطفال...