مؤتمر ديوبند
مؤتمر ديوبند
إن جمعية علماء الإسلام بباكستان من أوسع الأحزاب السياسية الإسلامية انتشاراً، وأعرفها جذوراً، وأعمقها أفكاراً، ولموسسيها وبُناتها دورهامّ في إخلاء الوطن عن المستبدّين المتجبّرين، ومقاومة المستعمرين، وصنائع في محاربة الفرق المائلة إلى الإلحاد والزندقة، ومحوأفكارها المضلّلة كما أنهم دافعوا عن عقيدة أهل السنة والجماعة دمغاً للبدع والخرافات والواهيات والخزعبلات، التي رصّعتها النّحل المبتدعة في جسم الإسلام كترصيع الأوتاد في الأخشاب، ومضياً على ماسلف، هذا الحزب يجتهد جهداً مستميتاً في مجابهة الكفر البواح والكفار العلنيين، وكشف مخازي عملائهم من الملاحدة والزنادقة والمبتدعين، جهاداً باللسان والقلم والميادين، متوسطين معتدلين، بين مفكري التجديد والقدامة، فلاهم يميلون إلى التجدد نبذاً بالتراث الإسلامي القديم وراء ظهورهم، ولاهم يميلون إلى القديم رافضين لكل جديد من فكر وعمل وتقنية، بل إنهم يتمسكون بالقديم القطعي من الكتاب والسنة كل التمسك داعين إليها بالحكمة والموعظة الحسنة آخذين من الجديد ما يصلح للقديم في إشاعته وإيصاله وتقويته، فليسوا بالرهبان التاركين للدنيا، وليسوا بأبناء الدنيا عُبّاد الدرهم والدينار تاركين الآخرة والعقبى، كما أنهم ليسوا بعابدي القبور والشخصيات من الأنبياء العظام عليهم الصلاة والسلام والأولياء الكرام رحمهم الله كالشيعة والبريليوية والقبوريين، وليسوا بشاتميهم ومستحقريهم كالقاديانية والبرويزية والمودودية واللامذهبية. بل إنهم يفضّلونهم ويكرّمونهم حسب تصريحات كتاب الله العظيم والسنة النبوية البيضاء.
ولهم لون خاص وصبغة مختصة في مجال السياسة، فهم لايؤمنون كل الإيمان بالأصوات والمناصب والوزارات، ولا يردّون عليهم كل ردّ، فوراء سياستهم مقاصد جليلة وأهداف نبيلة يسعَون لنيلها والحصول عليها، وهي أهداف ومقاصد إسلامية بحتّة.
وإظهاراً لقوتهم وشوكتهم مُرهبين الأعداء الألدّاء قاموا بمؤتمر عالمي قرب بشاور في منطقة " تاروجبة " باسم " مؤتمر ديوبند " بمناسبة مرور مأة وخمسين عاماً على تأسيس مركزهم العلمي الأول في قرية من قرى الهند التي تُدعى " ديوبند " في محرم الماضي، واستمر المؤتمر إلى ثلاثة أيام بلياليها اشترك فيه وفود من مختلف بلاد العالم شعوباً وحكومات، كما اشترك فيه من جميع أقطار الدولة ألوف من الناس، حتى وصل عدد الكل إلى مليونين على الأحوط.
وكان من أبرز أهداف المؤتر التحدي للقوى الاستعمارية الاستكبارية ولا سيما البريطانية والأمريكية التي تجري بينها وبين الجمعية عداوة قرون، وعلى كل حال فكان المؤتمر أكبر تجمع عالمي مملوئاً من الوقار والهدوء خالياً عن كل نوع من أنواع الأسلحة والشُرَط، وكأنه كان مصداقاً للمثل الذي سار سائره عند الأفغان " هله به خبر شي جه تارو جبي له ورشي " أي ستعلم حينما تصل إلى " تاروجبة " أى سوف تعرف مكانة الجمعية وقوتها لورأيت بحرها الإنساني الذخار المتلاطم في "تاروجية " ، وأخيراً لا يسعنا إلا أن نتقدم بالشكر والتهنئة والتبريك للقائمين على هذا المؤتمر، لقيامهم بتوحيد صفوف أهل الحق، وشمل كلمتهم، تهنئةً مني، ومن إدارة " الفاروق " ومن الجامعة الفاروقية، ومن المسلمين جميعاً.
ونسأل الله العلي القدير أن ينصر الإسلام وأهله ويرغم الكفر وأعوانه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الشيخ ولي خان المظفر
الأمين العام للمجمع العالمي للدعوة والأدب الإسلامي