إنكِ أرض طيبة.. باكستان

 ايتها الأرض!
لقد أكرمكِ الله و أسبغ عليكِ نعمته الجلّى ومنحته الكبرى بأن تم  استقلالكِ من براثن الإنجليز و الهندوس عام ١٩٤٧م ، فكم من جهود جبارة بذلت لنيلكِ ، و مساعي مرموقة مشكورة صُرفت لأجلكِ، ودموع انهمرت لكِ في التضرع الي خالقكِ، ودماء سُفكت لحمايتكِ من أيدي الجبابرة والأكاسرة، و كم من رجل قاموا باستنفاد نفوسهم ونفائسهم ، وعَددهم وعُدّتهم، كما قدّم القادة السادة من العلماء الربانيين تضحياتٍ عظيمة في سبيلكِ، فجئتِ بحمد الله تعالي محرّرة مستقلة، طيبة مُطيّبة، طاهرة نقيّة ، ناطقة ذاكرة باسم خالقها ، آبية للتخضع والتضرع أمام آلهة الا الله الواحد الصمد 
     نعم، إنكِ أرض طيبة..  باكستان!!
وما أدراك ما  باكستان!! قد ضممتِ تحت كنفكِ الظليل علماء بارزين، و أدباء بارعين، و أبطالا مهرة للفنون والسياسة ناجحين، وعباقرة قد تعجز الأراضي ان تنجب أمثالها، نعم انكِ قد  أنجبتِ عظماء المفكرين والشعراء و السياسيين الفعالين، نعم قد رفع لوائكِ باسم الخالق المحمود وتم وضع حجر اساسكِ بكلمة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء، فجئتِ مدجّجة بسلاح الإيمان واليقين،و بدستور قوي عملي رصين... ولكن يموت القلب أسفا و يجلب الهم ندما عندما نلفّت أبصارنا الى ما يجري حولنا من التأزّم الخلقي الديني، ومن التـدهور الأمني الاقتصادي، ومن السفور والتبرج الجاهلي، فقد تراجعت الأوضاع الى الوراء ، وقد ساد الغش و الخيانة والهوى ، فانكِ ما قدرتِ الجواهر المكنونة في نفسكِ ، و المواهب التي أودعها الله تعالى فيكِ ، وكنتِ بحاجة الى ان تعرفي مكانتكِ، و لكنكِ استسلمت لليهود  المبغضين و الصليبيين الحاقدين مثل الجمل الآنف ان قِيد انقاد، و ان أنيخ على صخرة استناخ، و خضعتِ عنقكِ للذين يلعبون بعقول الناس و أفكارهم وعقائدهم وعواطفهم ، ويسترقّون شبابكِ الذين هم سلعتكِ الغالية، فشغلوهم فيما لايعنيهم عما يعنيهم ، و زيّـنوا لهم شبكات عالمية، فوقعو فيها، و باعوا خلقهم و دينهم بعرض من حطام الدنيا الدنيئة و آثروا لذات فانية على نعماء أبديّة سرمديّة، فياليتكِ استغللتِ القوي التي تتواجد فيكِ، و ليتكِ ما ضيّعتِ سلعتكِ الغالية، و جواهركِ الكامنة.
       فاسمعي مني صريحة الآن، فانما انا لك ناصح امين.......غيّرى نشاطاتك السيّئة بنشاطات طيّبة يرضي بها عنكِ ربكِ ، فإن له سنة فى شؤون خلقه- ولن تجدي لها تبديلا- فقد قال في محكم كتابه: "إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم" ، و استردّي بضاعتك التي تم تأسيسك عليها، و راعي ما فيكِ من المحاسن والفضائل، و استخدمها فيما يرضى به ربكِ و ينتفع به أبناءكِ........ 
      فها هي بضاعتي المزجاة قد قدّمتُها بين يديكِ مع تحيات حارة  داعيا لكِ بأن حفظكِ الله سبحانه وتعالى من كل مكروه، وحيّا الله أهلكِ و ذويكِ، و أبقاهم لكِ ذُخرا يصونون عرضكِ، ويستردّون قرضكِ، و يحيون مواتكِ، إنه علي كل شيئ قدير.

يوسف عبد الرحمن الخليلي


مجموع المواد : 44
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024

التعليقات

يجب أن تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب

يستغرق التسجيل بضع ثوان فقط

سجل حسابا جديدا

تسجيل الدخول

تملك حسابا مسجّلا بالفعل؟

سجل دخولك الآن
المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2024