المجموع : 4
قد أَضاءَ الزّمانُ بالمستضيء
قد أَضاءَ الزّمانُ بالمستضيء / وارث البُردِ وابن عمّ النّبْيْ
جاءَ بالحقَّ والشّريعة والعد / لِ فيا مرحباً بهذا المجيْ
رتعَ العالمونَ من عدله الشّا / ملِ في المرتعِ الهنيْ المريْ
ورعوا منه في مرادٍ خصيب / لا وخيم ولا وبيل وبيْ
رقدوا بعدَ طول خوف مقضٍ / في ذَرا الأمنِ والمهادِ الوطيْ
فهنيئاً لأهل بغدادَ فازوا / بعد بؤس بكلِّ عيش هنيْ
سأوافي فِناءهُ عن قريب / مسرعاً كي أَفوزَ غيرَ بطي
وأُحلِّي عيشي بجدٍ جديدٍ / وأُهني فضلي بحظّ طريْ
وتريني الأيامُ نقداً من الآ / مال ما كان َقبله في النّسيْ
وأَماني سوفَ يظهرُ منها / عند قصدي ذَراه كلُّ خبيْ
عادَ حظّي من النُّحوس بريئاً / وغدا السّعدِ منه غير بريْ
ولقيتُ الدَّهرَ العبوسَ وقد عا / دَ بوجهٍ طَلْقٍ إليَّ وضيْ
ومُضيْ إن كان في الزَّمنِ المظ / لمِ فالعَودُ في الزَّمانِ المُضيْ
لو كان من شكوى الصَّبابة مشكياً
لو كان من شكوى الصَّبابة مشكياً / لعدا على عدوى الصبابة معديا
مات الرجاءُ فإن أَردْتَ حياتَهُ / ونشورَهُ فارجُ الإمام المحييا
أَقضى القضاةِن محمدُ بن محمدٍ / مَنْ لستُ منه للفضائلِ مُحْصيا
قاضٍ به قَضَتِ المظالمُ نَحْبَها / وغدا على آثارِهِنَّ مُعَفيا
يا كاشفاً للحقِّ في أَيامهِ / غُرراً يدومُ لها الزَّمانُ مغَطِّيا
لم تنعش الشهباء عند عثارها / لو لم تجدك لطرد حلمكَ مرسيا
رَجَفَتْ لسطوتكَ التي أَرسلْتَها / نحو الطغاةِ لحدِّ عزمِكَ ممهيا
وتظلمتْ من شرِّهم فتململتْ / عجل أَرجازَتَها عليها مبقيا
أَنفتْ من الثقلاءِ فيها إذ رَمَتْ / أَثقالها ورأَتكَ منها ملجيا
حَلَبٌ لها حلبُ المدامعِ سُيّلٌ / أَنْ لاقت الخطبَ الفظيعَ المبكيا
وبعدلِ نورِ الدينِ عاودَ أَفقها / من بعدِ غيمِ الغَمِّ جوّاً مُصحيا
أَضحى لبهجتها معيداً بعدما / ذهبتْ وللمعروفِ فيها مُبديا
لأُمورِها متدبراً لشتاتها / متألفاً لصلاحها مُتولِّيا
فالشّرعُ عادَ بعدلهِ مستظهراً / والحقُّ عادَ بظلِّهِ مُستذريا
والدَّهرُ لاذَ بعفوهِ مستغفراً / مما جناهُ مطرقاً مُستحييا
أَحاطَ بوردِ وجنتهِ الجني
أَحاطَ بوردِ وجنتهِ الجني / بنفسجُ خط عارضهِ الطّري
وجالَ وشاحُهُ في الخصرِ منه / مجالَ الوهمِ في السرِّ الخفيِّ
وجاذبَ حِقْفَهُ غصنٌ قصيفٌ / فيا وَيْحَ الضّعيفِ من القويِّ
يؤاخذُ طرفُهُ بالذَّنبِ قلبي / فيا جَوْرَ السّقيمِ على البريِّ
يفيدُ العاقلُ اليقظَ التّغابي / ليُدركَ في الغنى حظَّ الغبيِّ
ولم تُصب السّهامُ على اعتدالٍ / بها لولا اعوجاجٌ في القِسِيِّ
فقلْ للدَّهرِ يُقْصِرُ عن عنادي / أما هو يتّقي بأْسَ التّقيِّ
حلفْتُ بربِّ مكّةَ والمصلّى / وثاوي ترب طيبةَ والغريِّ
لأَنتم يا بني أَيوب خيرُ ال / ورى بعدَ الإمامِ المستضيِّ
العيشُ إذا وصلتَ ما أَحلاهُ
العيشُ إذا وصلتَ ما أَحلاهُ / والأُفقُ إذا طلعتَ ما أَضواهُ
صلْ ذا سقمٍ رجاكَ أَنْ تبراهُ / إنْ أَنتَ هَديْتَهُ فما أَهداهُ
في خدِّك يا مكنّتم الأَهواءِ / والريقةِ من سلافة الصّهباءِ
أشياءُ قد اجتمعن في أَشياءٍ / خدٍ وفمٍ ومقلةٍ نجلاءِ
كم في طلبِ الرَّاحةِ قلبي يتعبْ / كم في حَرَمِ الأَمنِ فؤادي يُرْعَبْ
بالجدِّ أَدينُ والهوى بي يلعبْ / كلُ صعب وهجرُكم لي أَصعبْ
يا صبريَ ةحسنُ غلبهِ قد غَلَبكْ / يا لُبْيّ سحرُ لحظهِ قد سلبكْ
يا قلبُ على النارِ هواهُ قلبكْ / أَرْداكَ فقلْ بأَيِّ ثأرٍ طلبكْ
كم يخلبُ سحرُ مقلتيهِ خلْبَكْ / ما أَطيبَ في لعبِ هواه غَلْبَكْ
ما كنتَ معرَّضاً لبلوى قَلبِكْ / لو كنتَ تطيقُ حفظَهُ من غُلبِكْ
يا لاحِ أما مللتَ من تهذيبي / قد لاحَ العذرُ فكم تهذي بي
صدَّقتكَ في النُّصحِ فَدَعْ تكذيبي / ما أَعذبَ في هواهمُ تعذيبي
لا غروَ إذا تنفّسَ المكروبُ / فالوجدُ على فؤادهِ مشبوبُ
مَنْ ينجدُهُ وصبرهُ مغلوبُ / ما أَسعدَ مَنْ يُسعدُه المحبوبُ
ناديتُ الراحَ قال قَبِّل شفتي / أَفدي شَفَةً لسُقمِ قلبي شَفَتِ
ناديتُ الجورَ قال هذي صفتي / ما أطيبَ عيشتي به لو صَفَتِ
زارتْ وتعطّفتْ وبالوعدِ وَفَتْ / بالوصلِ لمن أسقمه الهجرُ شَفَتْ
لا أَشرحُ ما فيك من الوجد لقيتْ / لولا أَملُ الوصل لما كنتُ بقيتْ
صلني لسعادتي فبالهجرِ شقيتْ / يا حُبُّ كفيتَ شرَّ ما بي ووقيتْ
ما أَشوقَني إلى ليالٍ سَلَفَتْ / نفسي أَسفاً على مناها تلفتْ
وحشاً مُهجتي برغمي حلفتْ / من بعدكمُ لأُنسها لا أَلِفَتْ
عيني سعدتْ ومهجتي قد شَقيتْ / مَنْ يرحمُ مهجتي لما قد لقيتْ
ما أَسلمني لو أَنَّ نفسي وُقيتْ / روحي تلفتْ ولوعتي قد بقيتْ
حتامَ إلى المحبِّ لا تلتفتُ / والسُّقْمُ به تصعبُ عنه الصِّفةُ
ما ضرَّكَ لو شَفَتْهُ تلكَ الشّفَةُ / لا يحسنُ لا يجملُ هذا العنتُ
كم أَصبرُ والعمرُ مع الدَّهرِ يفوتْ / كم أَعرضُ عن نطقِ عذولي بسكوتْ
إن هبَّ نسيمكم فللروحِ يقوتْ / أَحيا وَاموتُ ثم أَحيا وأموتْ
مولايَ إلى هواك أَشكو بَثِّي / إرحمْ ضعفي وجُدْ بعطفٍ وارثِ
ضدّانِ هما سهولةٌ في وَعْثِ / بُرئي سَقَمي فيكَ وموتي بعثي
كانوا حفظوا العهدَ فَلِمْ قد نكثوا / ساروا عَجَلاً وساعةً ما مكثوا
كم قد حَلَفوا لي وأَراهمْ حنثوا / كانوا بَعَثوني بسلامٍ بعثوا
كم قد حَلَفوا لي وأَراهمْ حنثوا / كانوا بَعَثوني بسلامٍ بعثوا
كم قد حلفوا لي وأَراهم حنثوا / شَبُّوا ناراً وهم بقلبي شبثوا
يا مَنْ بنسيم وصلهم أَنبعثُ / قد جدَّ هواكمُ فماذا العبثُ
قد جدَّ هواهم مذ بقلبي عَبَثوا / واشتدَّ بلائي مُذ لعهدي نكثوا
روحي قصُّوا ومهجتي قد بَعَثوا / والبعثُ بكتبهم إذا ما بعثوا
كم يُوسعني رحيبُ صدري حَرَجا / كم تنقصُني حظوظ فضلي دَرَجا
قد حِزْتُ بما أَرى لأَمري فَرَجا / كم مِن تعبٍ قاربَ يأساً وَرَجا
ما أَحسنَ ما كنتُ بكم مُبتهجا / أَرجو طيباً وأستطيبُ الأَرجا
عُودوا دَنِفاً بذكركم مُلتهجا / أمسى فرجاً من الهمومِ الفَرَجا
الآسُ على وردكَ مَنْ سَبَّحهُ / والقلبُ على وجدكَ مَنْ هَيَّجَهُ
أفدي بأَبي حسنَكَ ما أَبهجَهُ / من أَعجزَهُ الوصلُ فما أَزعجَهُ
يا بدرَ دُجى أَدرْ لنا شمسَ ضُحى / راحاً تُهدي إلى النُّفوس الفَرَجا
لا تلحُ على سُكرِ غرامٍ طَفَحا / ما حيلةُ من لو قلبهُ صحَّ صَحا
يا صاحِ أَما تعلمُ أَنِّي صاحي / صَحْوي تَعَبي وراحتي في الراحِ
أَهُببْ ظلمَ الليلِ بذا المصباحِ / فالراحُ بها تَكاملُ الأَرواح
ما أَعلمُ ما أَقولُ للنُّصّاحِ / ما يأملُ في الهوى فلاحي اللاحي
أَقصِرْ لأُطيلَ سُكرتي يا صاح / لا صُلحكَ ممكنٌ ولا إصلاحي
الشّوقُ على القلب شديدُ البَرْحِ / والقلبُ يجلُّ شوقُهُ عن شَرْحِ
صبراً فعسى سماؤه أن تُضحي / لابدَّ لكلِّ ليلةٍ من صُبْحِ
ما تعلمُ ما حقيقةُ الأَفراح / ما لم تصفِ السُّكرَ بشربِ الراحِ
إشربْ واملأ براحها أَقداحي / فالراحُ تعيدُ حدَّةَ الأَرواح
ذا حظُّك من أَي كتابٍ نُسخا / فالعقل عليه شرْعَهُ قد نَسَخا
سلْ من تهواهُ عَقدُ صبري فُسخا / لمْ شَحَّ بوصلهِ وبالطّيفِ سَخا
ذا الحسن أَماتَ كلَّ حسنٍ ونسخْ / والبدرُ إذا طغا على النجمِ رَسَخْ
بخٍ لكَ يا معذِّبَ المهجةِ بَخْ / مَنْ دلَّ بحسنهِ تعالى وَشَمَخْ
الشّوقُ لعقدِ صبرهِ قد فَسَخا / والهَمُّ لشرعِ أُنسهِ قد نَسَخا
لولا شغفٌ بقلبهِ قد رَسَخا / ما شحَّ بوصله وبالطيفِ سَخَا
في قلبي من شوقكَ حُزْنٌ وكمدْ / لم يبقَ على الغرام للقلبِ جَلَدْ
الشوقُ كما بُليت لم يُبلَ أَحدْ / عَذِّبْ بسوى هجرِكَ فالهجرُ أشدْ
يا مَنْ بالوصلِ طالَ لي موعدُهُ / لو أَسعدني لطابَ لي موردُه
حتامَ تقولُ في غدٍ أُسعدُهُ / فالدَّهرُ أَراهُ ليس يغني غَدُهُ
الوردُ مُبشِّر بطردِ الورْدِ / والقهوةُالوردِ
الكاسُ تحاكي زَرَداً في سَرْدِ /
كم قد حضر الراحُ وغابَ الوردُ / حتى عدمَ الراحُ فنابَ الوردُ
لما عبقَ الراحُ وطابَ الوردُ / قلنا جمدَ الراحُ وذابَ الوردُ
اسمع ما قال عندليبُ الوردِ / قلنا جمدَ الراحُ وذابَ الوردُ
اسمع ما قال عندليبُ الوردِ / والبلبلُ في الروض خطيبُ الوردِ
الشُّربُ على الوردِ نصيبُ الوردِ / فالحسن أن يضيعَ وقت الوردِ
ما أَعلمُ حكمَ بينكم كيف نَفَذْ / أَعطاني وحشتي وللأُنسِ أخذْ
إن أرهفَ حدَّهُ لقتلي وشحذْ / فالموتُ من الحياةِ في الهجر أَلذْ
يا فجرُ أَفيكَ أُبتلى بالهجرِ / يا هجرُ سلبتني ضياءَ الفجرِ
صبريَ فانٍ ودمعُ عيني يجري / يا قلبيَ جلَّ فيكَ منه أَجري
مَنْ خطَّ لنا على عذارِ القمرِ / خطاً بجمالهِ افتتانُ البشرِ
هَبْهُ بيدي تبرُّؤاً من خطري / يا ناظرهُ السَّقيم ما أَنتَ بري
يا غُلبكَ من صدودكَ النارَ النارْ / يا غُلبكَ ليس لي على النارِ قرارْ
يا غُلبكَ في هواكَ عقلي قد حارْ / من يأخذُ منكَ للمعنَّى بالثارْ
يا قلبُ لقد غرَّكَ بالحسنِ غريرْ / القلبُ من الحديدِ والجسمُ حريرْ
حلوٌ وصدودُهُ كبلواكَ مريرْ / يا طرفُ متى تكونُ بالوصلِ قريرْ
ما أَطيبَ في وصالهِ أَسحاري / ما أَوضحَ في عذارهِ إعذاري
ما أَسكرني وطرفُه خَمَّاري / ما أَسعدَني وهو على إيثاري
من رصَّعَ حولَ خَدِّكَ المحمرِّ / يا قوتَكَ بالزمرُّدِ المخضرِّ
جُدْ لي برحيقِ دَرُكِ المفترِّ / فالخمرةُ تستباحُ للمضطرِّ
كم يقتلُني بطرفهِ الغمّازِ / كم يأنفُ للعزَّةِ من إعزازي
كم مطّل بالديونِ ذا إعوازِ / ما أَبعدَ وعدَهُ من الإنجازِ
لمّا نظرَ الطَّرفُ إلى الدرِّ أَزي / من سهمِ جفونِ حُبّي القلبُ عُزي
ما أَسعدَني لو كنتُ بالمحترزِ / من عيني فالقلبُ من العينِ رزي
تُفّاحُ الخدِّ مَنْ حماهُ بالآس / يقظانُ بعينيهِ من الغنجِ نعاسْ
ناديتُ وقد تاه من العجبِ وماس / ما الاسمُ فقال لا من الوصلِ إياسْ
هبَّتْ سحراً فهيّجتْ وسواسي / نشوى خطرتْ عليلةَ الأَنفاسِ
أَهدتْ أرجَ الرجاءِ بعدَ الياسِ / ما أَحسنَ بعد وحشتي إيناسي
مولايَ تريدُ أَنْ يقول الناسُ / هذا رجلٌ خالطَهُ وَسْواسُ
حالانِ كلاهما لجرحي ياسُو / إمّا طمعٌ فيكَ وإمّا ياسُ
كم أَذكرُه وهو لعهدي ناسي / كم آملُهُ وهو يُريني ياسي
باللّهِ ترون مُنصفاً في الباسِ / من أَجلي يستكينُ هذا الناسي
كم أذكر مَن أراهُ للعهدِ نَسي / كم أُحسنُ في الحبِّ إليه وَيُسي
فالقلبُ من الرضا به ياتسي / لابدَّ لكلِّ ظلمةٍ من قَبَسِ
لَمَّحتُ لحاجتي حذارَ الواشي / فافترَّ وردَّه بطرفٍ خاشي
أُخفي سري وهو بدمعٍ فاشي / لولا الواشي لكنتُ خلوَ الجاشي
البعدُ من الحبيبِ قد أَدهَشَني / والشَّوقُ إلى زلالهِ أعطَشَني
ما إن فقد عثرتَ أن تُنعشني / ما أَوحشني بعدَكَ ما أوحشني
الدَّهرُ ببيننا لسهميهِ يريشْ / والجاشُ بنارِ وجدهِ البرحَ يجيشْ
إن طِشتُ فذو الحلمِ من الشرب يطيشْ / من فارقَةُ الرُّوحُ تُرَى كيف يعيشْ
ما مِن أحدٍ يزيدُ إلاّ نَقَصا / إرحمْ أَسفي وداوِ هذي الغُصَصا
لم تلق فُديتَ مثلَ قلبي قَنَصا / الشَّوقُ أَطاعَ فيكَ والصبرُ عَصَى
يا مَنْ هو في الظّلامِ كالبدرِ يُضي / إرحمْ دَنفاً سيمَ هواناً فرضي
ما أَبلُغُ مُنيتي وأقضي غرضي / المسقمُ أَنتَ من يُداوي مرضي
يا مَنْ سلبَ الفؤادَ أين العوضُ / لا بانَ بكيدهِ لكَ المعترضُ
أصميتَ وقلما أُصِيبَ الغرضُ / الجوهر أَنتَ والأَنامُ العَرّضُ
يا قلب عليه لا تكن معتَرَضا / ما يأمُرهُ فكنْ له مُعترِضا
إنْ كان رضاهُ في دمي فهو رضا / لابدَّ من الرِّضا بما الربُّ قَضَى
إنْ ضَّيعني فإنَّني أَحفظُهُ / أُرضيهِ بطاقتي ولا أُحفظُهُ
قد نامَ الحظُّ فمن يوقظُهُ / أُرضيهِ بطاقتي ولا أُحفظُهُ
قد نامَ الحظُّ فمن يوقظُهُ / قد أَفلحَ مَنْ حبيبُهُ يلحظُهُ
أَشرفتُ فلا تكن غليظاً فظّا / لا أَقبلُ قطُّ في حبيبي وعظا
القلبُ مذ استشارَ فيه اللَّحظا / لم يتركْ للسُّلوِّ فيه حَظّا
الدَّهرُ ببيننا كثيرُ الولعِ / مُغرىً بشتاتِ شملنا المجتمعِ
قد سدَّ عليَّ فيكَ بابَ الطمعِ / يا بدر تُرى يَعشقكَ الدَّهرُ معي
ما أَوقعني في الحب غيرُ الطمعِ / ما أَسعدني لو كنتُ بالمقتنعِ
مولايَ لقد عذَّبتني بالخدع / كالسَّهمِ مع الغِرِّ وكالقوسِ معي
الحبُّ بليَّةٌ جناها الطَمعُ / ينضرُّ به الفتى ولا ينتفعُ
فالغِرُّ بلمعهِ له ينخدعُ / والشاطرُ في شباكهِ لا يقعُ
شيطانُ هواكَ مولعٌ بالبَزْغِ / والعذلُ عليكَ في الحشا كاللَّدْغِ
ويلاه من العذارِ حول الصُّدْغِ / والعاجمِ من سوادِ ذاكَ الصِّبْغِ
يا صاحِ على الصبِّ إلى كم تبغي / دَعْ لومكَ لي فإنّني لا أُصغي
سمعي لسوى حديثِ وجدي ملغي / إلاَّ لحبيبِ قلبهِ لا يبغي
ما أَكملَ حسنَهُ وما أَطرفَهُ / ما أَفْتَرَ لحظَهُ وما أَضعفَهُ
ما أَنحفَ خصرَهُ وما أَهيفَهُ / من قال هو البدرُ فما أَنصفهُ
الوردُ بخدَّيكَ متى أَقطفُهُ / والغصنُ لعطفيك متى أَعطِفُهُ
والشهدُ بفيك أشتهي أَرشفُهُ / مَنْ لم يذقِ السكَّرَ لا يعرفُهُ
هل يتَّفقُ الملاحُ والعشَّاقُ / أَم تصطلحُ القلوبُ والأحداقُ
لم يُؤْثَ الحظَّ قلبي المشتاقُ / والدهرُ حظوظُ أَهلهِ أَرزاقُ
ما أعلمُ والحظوظُ كالأرزاقِ / لِمْ ضنَّ بنظرةٍ على المشتاقِ
كم أُحجبُ والشمس من الإشراقِ / لا يُحجَبُ نورُها على الآفاقِ
هل أَنتَ كما كنتَ على الميثاقِ / لِمْ ملتَ إلى تلُّون الأخلاقِ
مِن بَعْدكَ ما أظنُّ أَنّي باقي / لا رغبةَ في الحياةِ للمشتاقِ
الصَّبرُ عليكَ سترُهُ منهتكُ / يا مَنْ بحبالِ ودِّهِ أَمتسكُ
هذا قلبي أَعزُّ ما أَمتلكُ / عَذِّبْهُ فما عليكَ فيهِ دَرَكُ
أَفْتاكَ أبو حنيفه أَم مالكْ / هل تقتُلني كأنّني من مالِكْ
ما يحسن بالحسانِ ما يفعلُهُ / هواكَ وأَنتَ بالجفا تقتلُهُ
أخلى لكَ قلبَهُ فكم تشغلُهُ / ما أَسعدَ من حبيبُهُ يقبلُهُ
في حُبِّك يا ظلومُ حالتْ حالي / ما العاطلُ في هواكَ مثلُ الحالي
يلجا سَفَهاً عليكَ خِلٌّ خالي / ما هام هوىً بحسنِ ذاكَ الخال
مَنْ بلبلَ صدغَ قاتلي من سلسلْ / مَنْ أودعَ ثغرَهُ رحيقاً سلسلْ
مَنْ غلغلني في حُبِّهِ من سلسلْ / يا عاذِلُ إنْ جهلتَ ما بي سل سلْ
كم أَنتظرُ النجازَ من وعدكمُ / كم أَرتقبُ الحفاظَ في عهدكمُ
باللّهِ أجيروني من بُعدكمُ / ما أمُلُ أنْ أعيشَ من بَعدكمُ
الطُّرَّةُ والجبينُ صبحٌ وظلامْ / والرِّيقةُ والوجنةُ وردٌ ومُدامْ
والحاجبُ والمقلةُ قوسٌ وسهامْ / هذا صَنَمٌ وفيتُه للإسلامْ
ما البدرُ كمن هويتُ حسناً وَسَنا / لا يَعرِفُ في هواهُ طرفي وَسَنا
غصنٌ عطفَ القلبُ عليه وَثَنا / دع عذلكَ قد رضيتُه لي وَثَنا
لا زارَ خيالُ طيفكمْ أحيانا / وهناً فأقامَ ساعةً أحيانا
غبتمْ فحنا رُقادي الأجفانا / نمتم وسهرتُ أَيُّنا أجفانا
أَفدي سَكَناً بربعِ قلبي سكنا / من أَجل ثناياهُ عبدتُ الوثنا
ينوي ظعناً فيورثُ القلبَ ضنىً / قد أَودَعَنا السقامَ مذ وَدَّعنا
يا مَنْ أَدعو فيستجيبُ الدعوى / هل يحسنُ بي إلى سواكَ الشكوى
أنتَ المُبلي فكن مزيلَ البلوى / ما يُسعِدُ للضعيفِ إلاَّ الأقوى
أوهى جَلَدي بعقدِ خصرٍ واهي / أَصمَى كبدي بسهم لحظ ساهي
بالخدِّ معذبي حبيبُ لاهي / لا يلجيء مِنْ هواهُ غيرُ اللّهِ
إن كنتَ تريدُ يوسفَ الحسنِ فهو / لا أعرفُ في الأنام مَن يُشبهُهُ
العسجدَ لا يجوزُ فيه الشَبهُ / والخالصُ بالرديْ لا يَشتبهُ
القلبُ على غرامهِ قد آلى / أنْ ليس يطيعُ في هواكم آلا
يا مَنْ أَضحى ودادهمْ لي آلا / هذا جَسَدي إلى البلى قد آلا
مَنْ علَّمَ أَعطافَ الغصونِ الميلا / من صيَّرَ قلبي رهنَ همٍ وبلا
مَنْ سمَّع لسعي العدلا / ما آنَ بأنْ تميلَ من قولك لا
قولا لمُنَى إسماعيلا / أَنْعمْ بِنَعَمْ أَطلتَ إسماعي لا
شغَّلتَ جوائي بالهوى تشغيلا / أدركْ رمقي فإنَّ صبري عيلا
إقنعْ لتُقِرَّ بالقضا مُرتضيا / لا بعدئذٍ من مطمعٍ مُقتضيا
لولا طلبُ البدرِ من الشَّمسِ ضيا / ما كان زمانُ نورهِ مُنقضيا
لما اضطرمتْ على يديْ ساقيها / فارتاعَ لها فهمَّ أَنْ يُلقيها
قدَّمتُ إليه الماءَ كي يُطفيها / أَلقاهُ بها فزادَ نارٌ فيها
يا غايةَ بُغيتي ويا أولاها / يا سيِّدَ سادتي ويا أولاها
يا آخر مُنيتي أُولاها / ما أَنصف من يقتلُني قد لاها