المجموع : 4
أَبى اللهُ إِلّا أَنْ يرى يَدَكَ العُلْيا
أَبى اللهُ إِلّا أَنْ يرى يَدَكَ العُلْيا / فَيُبْلِيَها سَعداً وتُبْليَهُ سَعْيا
ويُوسِعُها سَقياً وَرَعْياً كَمِثْلِ مَا / سَمَتْ للمُنى سَقياً وسامَتْ بِهَا رَعْيا
وأَيُّ حياً فِي الشَّرْقِ والغربِ للوَرى / وأَيُّ حِمىً للملكِ والدِّينِ والدُّنيا
وأَيُّ فتىً والنفسُ كاذِبَةُ المُنى / وأَيُّ فتىً والحربُ صادِقَةُ الرُّؤْيا
عَلا فَحَوى ميراثَ عادٍ وتُبَّعِ / بِهِمَّتِهِ العُلْيا ونِسْبَتِهِ الدُّنْيا
فأعْرَبَ عن إِقْدامِ يَعْرُبَ واحْتَبى / فلَمْ يَنْسَ من هُودٍ سَناءً ولا هَدْيا
ومِنْ حِميَرٍ رَدَّ القنا أَحْمَرَ الذُّرَى / ومِنْ سَبَأٍ قادَتْ كَتائِبُهُ السَّبْيا
وما نام عنهُ عِرْقُ قَحْطَانَ إِذْ فَدى / عُروقَ الثَّرى من غُلَّةِ القَحْطِ بالسُّقْيا
ولا أَسْكَنَتْ عَنْهُ السَّكُونُ سِيادَةً / وَلا رَضِيَتْ طَيٌّ لراحَتِهِ طَيَّا
ولا كَنَدَتْ أَسيافُهُ مُلْكَ كِنْدَةٍ / فَيَتْرُكَ فِي أَركانِ عِزَّتِها وَهْيَا
ولا أَقْعَدَتْهُ عن إِجابَةِ صارِخٍ / تُجِيبُ ولو حَبْواً إِلَى الطَّعْنِ أَوْ مَشْيا
وكائِنْ لَهُ فِي الأَوْسِ من حَقِّ أُسْوَةٍ / بنَصْرِ الهُدى جَهْراً وبَذْلِ النَّدى خَفْيا
هُمُ أَوْرَثُوهُ نَصْرَ دينِ مُحَمَّدٍ / وحازُوا لَهُ فَخْرَ النَّدى والقِرى وحْيا
وَهُمْ أَوْجَدُوهُ الجودَ أَعذبَ مطعَماً / منَ الرِّيقَةِ الشَّنْباءِ فِي الشَّفَةِ اللَّمْيا
مَناقِبُ أَدَّوْها إِلَيْهِ وِرَاثَةً / فكانَ لَهَا صَدْراً وكانتْ لَهُ حَلْيا
ورَوْضَةُ مُلْكٍ عاهَدَتْها عِهادُهُ / فأَغْدِقْ بِهَا رِيَّاً وأَعبِقْ بِهَا رَيَّا
وصَوْتُ ثناءٍ أَسْمَعَ اللهُ ذِكْرَهُ / لِيُسْمِعَ منه الصُّمَّ أَوْ يَهْدِيَ العُمْيا
لِمَنْ يَلْحَظُ الأَعْلَيْنَ فِي المَجْدِ مِنْ عَلٍ / وجارى فأَعْيا السَّابِقينَ وَمَا أَعيا
أَنيسُ القُلُوبِ فِي الصدورِ وَلَمْ يَكُنْ / لِيُوحِشَ مَثْوَاهُ الفَرَاقِدَ والجَدْيا
وَمَوْرِدُ مَنْ أَظْما وإِصْباحُ من سَرى / ومَبْرَكُ من أَعيا وغايةُ مَنْ أَغيا
فَقَصْرُ مُلُوكِ الأَرْضِ سُدَّةُ قصره / وإِنْ سَحَقُوا بُعْداً وإِنْ شَحَطُوا نأْيا
وأَهْدَتْ لَهُ بَغْدَاذُ ديوانَ عِلْمِها / هَدِيَّةَ مَنْ وَالى وَنُخْبَةَ مَنْ حَيَّا
فكانتْ كَمَنْ حَيَّا الرِّياضَ بِزَهْرِها / وأَهْدى إِلَى صَنْعَاءَ من نَسْجِها وَشْيا
وحَسْبُ رُوَاةِ العِلْمِ أَنْ يتدارسوا / مآثِرَهُ حِفْظاً وآثارَهُ وعْيا
ويَكفي مُلُوكَ الأَرْضِ من كُلِّ مَفْخَرٍ / إِذَا امْتَثَلُوا من بَعْضِ أَفعالِهِ شَيَّا
وأن يَسمعوا من ضَيْفِهِ فِي ثَنائِهِ / غَرَائِبَ حَلّى من جَوَاهِرِها الدُّنْيا
وأَنْ يَنْظُرُوا كَيْفَ ازْدَهى مَفْرِقُ العُلا / بعَقْدِي لَهُ تاجاً من الكَلِمِ العُلْيا
أوابِدُ حالَفْنَ اللَّياليَ أَنَّها / تموتُ الليالي وَهْيَ باقِيةٌ تَحْيا
لِمَنْ كَفَلَ الإِسْلامَ أُمَّ سِيادَةٍ / فَبَرَّتْ بِهِ حِجْراً ودَرَّتْ لَهُ ثَدْيا
ومَنْ ذَعَرَ الأَعْداءَ حَتَّى توهَّمُوا / بِهِ الصُّبحَ جَيْشاً والظَّلامَ لَهُ دَهْيا
لطاعَةِ من وَصّى المنايا بطَوْعِهِ / فلم تَعصِهِ فِي الشِّرْكِ أمراً ولا نَهْيا
فكمْ رَأْسِ كُفْرٍ قَدْ أَنافَتْ بِرَأْسِهِ / من الصَّرْعَةِ السُّفْلى إِلَى الصَّعْدَةِ العُلْيا
فأَوْفَتْ بِهِ فِي مَرْقَبِ السُّورِ كالِحاً / يُؤَذِّنُ بالأَعْداءِ حَيَّ هَلا حَيَّا
وتَفلي الصَّبا مِنهُ ذوَائِبَ لِمَّةٍ / تَفَاخَرُ أَيْدي المُصْبِياتِ بِهَا فَلْيا
فهامَتُهُ لِلْهامِ تَسْتَامُها القِرى / وأَشْلاؤُهُ للرِّيحِ تُسْتَامُها السَّفْيا
وكمَ رَدَّ عَنْ نَفْسِ ابْنِ شَنْجٍ سِهامُها / وَقَدْ أَغرقتْ نَزْعاً وأَمكَنَها رَمْيا
طَلِيقُكَ من كَفِّ الإِسارِ وَقَدْ هَوَتْ / بِهِ الرَّقِمُ الرَّقْماءُ والمُوبِدُ الدَّهْيا
فَحَكَّمْتَ فِيهِ حَدَّ سَيْفِكَ فَاقْتَضى / وشاوَرْتَ فِيهِ الفَضْلَ فاسْتَعجمَ الفُتيا
فأَخَّرْتَ عَنْهُ حُكْمَ بَأْسِكَ بالرَّدى / وأَمْضَيْتَ فِيهِ حُكْمَ عَفْوِكَ بِالبُقْيا
وَوَقَّيْتَهُ حَرَّ الحِمَامِ لَوِ اتَّقى / وزَوَّدْتَهُ بَرْدَ الحياةِ لَوِ استحْيا
فأَفلَتَ يَنْزُو فِي حَبائِلِ غَدْرِةٍ / بأَوْتَ بِهَا عِزّاً وباءَ بِهَا خِزْيا
فأَتْبَعْتَهُ تَحْتَ العَجاجَةِ رَايَةً / بَهَرْتَ بِهَا رَاياً وأَعْلَيْتَها رَأْيا
وجَرَّدْتَ سَيْفَ الحَقِّ مُدَّرِعَ الهُدى / لِمَنْ سَلَّ سَيْفَ النَّكْثِ وادَّرَعَ البَغْيا
وأَعْلَيْتَها فِي دَعْوَةِ الحَقِّ دَعْوَةً / كفاك بِهَا بُشْرى وأَعْدَاءها نَعْيا
فَجاءَتْكَ تَحْتَ الخافِقَاتِ كَتَائِباً / كَمَا حَدَتِ الأَفْلاكُ أَنجُمَها جَرْيَا
مُهِلِّينَ بالنصرِ العزيزِ لِمَنْ دَعَا / مُلَبِّينَ بالفتحِ المبين لمن أَيَّا
بكُلِّ أَميرٍ طَوْع يُمْنَاكَ جَيْشُهُ / وطاعَتُكَ العَلْيَاءُ غايَتُهُ القُصْيا
وكُلِّ كَمِيٍّ فِي مَنَاطِ نِجادِهِ / دواءٌ لِدَاءِ النَّاكِثِينَ إِذَا أَعْيا
وإِنْ لَمْ يُفِقْ دَاءُ ابْنِ شَنْجٍ بِطِبِّهِ / فَقَدْ بَلَغَتْ أَدْوَاؤُهُ النَّارَ والكَيَّا
بِسابِحَةِ الأَجيادِ فِي كُلِّ لُجَّةٍ / تُرِيكَ عُبابَ البَحرِ من هَوْلِها حِسْيا
قَدَحتَ بأَيْدِيها صَفَا الشِّرْكِ قَدْحَةً / جَعَلْتَ ضِرامَ المَشْرَفِيِّ لَهَا وَرْيا
خَوَاطِفَ إِبْراقٍ جَلاهُنَّ عارِضٌ / من النَّقْعِ لا يُوني دِمَاءَ العِدى مَرْيا
عُقِدْنَ بأَيْمانِ الضِّرابِ وعُوقِدَتْ / بأَيْمانِ عَهْدٍ لا انثِناءَ ولا ثُنْيا
وزُرقاً تَشَكَّى من ظِماءِ كُعُوبِها / وتَسْقِي رُبُوعَ الكُفْرِ من دَمِهِ ريَّا
إِذَا غَرَبَتْ ناءَتْ بِمُنْهَمِرِ الكُلى / وإِن طَلَعَتْ فاءَتْ بِمِلْءِ المَلا فَيَّا
فأُبْتَ بأَعْدادِ النُّجُومِ مَساعِياً / وأَمثالِها سُمْراً وأَضعافِها سَبْيا
وُجُوهاً سُلِبْنَ العَصْبَ والحَلْيَ فاكْتَسَتْ / مَحاسِنَ أَنْسَيْنَ المَجاسِدَ والحَلْيَا
كَأَنْ لَمْ تَدَعْ بِالبِيدِ أَيْكاً ولا غَضَى / ولا فِي شِعابِ الرَّمْلِ خِشَفاً ولا ظَبْيا
إِيَابَ مليكٍ قُلِّدَتْ عَزَمَاتُهُ / من الرُّشْدِ والتَّوْفِيقِ مَا دَمَّرَ الغَيَّا
يُقِرُّ عيونَ الخَيْلِ فِي حَوْمَةِ الوَغى / إِذَا مَا قُدُورُ الحَرْبِ فَارَتْ بِهَا غَلْيا
ويُعْرِضُ عَنْ فُرْشِ القصورِ وَثِيرَةً / ليَرْكَبَ ظَهْرَ الحربِ مُحْدَوْدِباً عُرْيا
ويَحْسُو ذُعافَ السُّمِّ فِي جاحِمِ الوَغى / ليُرْوِيَ آمالَ النُّفُوسِ بِهَا أَرْيا
ويُصْلي بِحَرِّ الشمسِ حُرَّ جبينِهِ / ليَبْسُطَ لِلإِسْلامِ من نُورِهِ فَيَّا
ويا شامِتاً أَنِّي طَريدُ حِجابِهِ / لِيُخْزِكَ أَنِّي حُزْتُهُ بَيْنَ جَنْبَيَّا
ويا حاجِباً قَدْ رَدَّ طَرْفِي دُونَهُ / تَأَمَّل تَجِدْهُ وَهْوَ إِنْسانُ عَيْنَيَّا
صَفاءُ وِدَادٍ إِنْ رَمى فَوْقَهُ القَذى / ظُنُوناً من الإِشْفاقِ طَيَّرَها نَفْيا
وصِدْقُ رَجاءٍ كُلَّما مُتُّ رَحْمَةً / عَلَى مِثْلِ أَفْراخِ القَطا رَدَّنِي حَيَّا
ظِماءٌ وَمَا يَدْرُونَ فِي الأَرْضِ مَشْرَباً / سِوى كَبِدي الْحَرّى ومُهْجَتيَ الظَّمْيا
وكم عَسَفُوا بَحْراً ولا بَحْرَ لِلنَّدى / وخاضُوا سَرابَ البيدِ نهياً ولا نِهْيا
ومانُوا يُرَاعُونَ النجُومَ وَقَدْ رَأَتْ / وسائِلُهُمْ أَلّا حِفاظَ وَلا رَعْيا
ولا خُلَّةٌ إِلّا الهَجِيرُ إِذَا الْتَظَى / فكانَ لَهُمْ جَمْراً وكانوا لَهُ شَيَّا
ولا نَسَبُ إِلّا الثُّرَيَّا إِذَا انْتَحَتْ / فكانَتْ لَهُمْ نِصْفاً وكانُوا لَهَا ثِنْيا
وكم زَجَروها بِاسْمِها وحُقُوقِهَا / فما صَدَقَتْهُمْ لا ثَرَاءً ولا ثَرْيا
ولا صِدْقَ إِلّا للرَّجاءِ الَّذِي سَرى / فقَصَّرَ طُولَ اللَّيْلِ واسْتَقْرَبَ النَّأْيا
وبارى هُوِيَّ الرِّيحِ يَسْبِقُها هَوىً / وغالَ قِفارَ البِيدِ يَنْسِفُها طَيَّا
إِلى سابِقِ الأَمْلاكِ عَلَّمَ سَيْفُهُ / نَدى كَفِّهِ أَنْ يَسْبِقَ الوَعْدَ والوَأْيا
أَبُو الحَكَمِ المُمْضِي لِحُكْمِ عُفَاتِهِ / رغائِبَ لا يَعْرِفْنَ سَوْفاً ولا لَيَّا
ومَثَّلَ لي فِي الحَرْبِ حَسْرُ ذِراعِهِ / بِحَسْرِيَ فِي حَرْبِ الخُطُوبِ ذِرَاعَيَّا
إِذَا لَمَعَتْ بِيضُ الصَّوَارِمِ حَوْلَهُ / كَإِضْرَامِ نِيرانِ الهمومِ حَوَالَيَّا
وَقَدْ عاذَ أَبْطَالُ الجَلادِ بِعِطْفِهِ / كَمَا عاذَ أَطْفالُ الجَلاءِ بِعِطْفَيَّا
وَقَدْ قَصَّرَتْ عنهُ رِماحُ عُدَاتِهِ / كَمَا قَصَّرَتْ عَنْهُمْ رِياشُ جناحَيَّا
ولكِنْ أُوَاسِي بَيْنَ عارٍ ولابِسٍ / أُقَلِّصُ عَنْ ذَيَّا لأَثْني عَلَى تَيَّا
وإِنْ لَوَتِ اللأوَاءُ مِنْ شَأْوِ هِمَّتِي / وأَلحَقَ ذُلُّ العُسْرِ وَجْهِي بِنَعْلَيَّا
فلَمْ تَلْوِ عَنْ مَدْحِ ابْنِ يَحْيى مدائحي / بأَطْيَبِ ذِكْرٍ فِي المَمَاتِ وَفِي المَحْيا
يُصِيخُ إِلَيْهِ كُلُّ سَمْعٍ مُوقَّرٍ / ويَجْلُو سَناهُ كُلَّ ناظِرَةٍ عَمْيا
وأُنشِيكَ عنهُ المِسْكَ مَا عِشْتَ يَا ورَى / وأُكْسُوكَ مِنْهُ الدُّرَّ مَا دُمْتِ يَا دُنْيا
وإِنْ بَرَتِ الأَيَّامُ مِنْ حَدِّ هِمَّتِي / وفَلَّتْ سِلامُ الحادِثاتِ غِرَارَيَّا
فَهَلْ قَلَمٌ خُطَّتْ بِهِ الأَرْضُ كُلُّها / نِظاماً ونَثْراً يُنْكِرُ القَطَّ والبَرْيا
وَزَنْدٌ يُنِيرُ الشَّرْقَ والغَرْبَ قَدْحُهُ / جَدِيرٌ بأَنْ يَسْتَلحِقَ المَحْقَ والوَهْيا
ويَا لَكِ مِنْ ذِكْرَى سَنَاءٍ ورِفْعَةٍ / إذَا وَضَعُوا فِي التُّرْبِ أَيْمَنَ جَنْبَيَّا
وفَاحَتْ لَيَالِي الدَّهْرِ مِنِّيَ مَيِّتاً / فأَخزَيْنَ أَيَّاماً دُفِنْتُ بِهَا حَيَّا
وَكَانَ ضَياعِي حَسْرَةً وَتَنَدُّمَا / إذَا لَمْ يُفِدْ شَيْئاً وَلَمْ يُغْنِنِي شَيَّا
وأَصْبَحْتُ فِي دارِ الغِنى عَنْ ذَوِي الغِنى / وعُوِّضْتُ فاسْتَقْبَلْتُ أَسْعَدَ يَوْمَيَّا
سِوى حَسْرَتَيْ عرضٍ وَوَجْهٍ تَضَعْضَعَا / لقارِعَةِ البَلْوى وَكَانَا عَتَادَيَّا
ولِلسِّتْرِ والصَّبْرِ الجَمِيلِ تَأَخَّرَا / فأَمَّهُمَا حِرْصِي وَكَانَا إِمامَيَّا
فيا عَبْرَتِي سُحِّي لَعَلِّي مُبَلَلٌ / بِبَحْرَيْكِ مَا أَنْزَفْتُ من مَاءِ عَيْنَيَّا
ويا زَفْرَتِي هَلْ فِي وَقُودِكِ جَذْوَةٌ / تُنِيرُ لَنَا صُبْحاً ثَنَاهُ الأَسى مُسْيا
ويا خَلَّتي إِنْ سَوَّفَ الغَوْثُ بالمُنى / ويا غُلَّتِي إِنْ أَبْطَأَ الغَيْثُ بالسُّقْيا
فَقُوما إِلَى رَبِّ السَّمَاءِ فَأَسْعِدَا / تَقَلُّبَ وَجْهِي فِي السَّمَاءِ وَكَفَّيَّا
عَسى مَيِّتُ الأَظْمَاءِ فِي رَوْضَةِ النَّدى / سَيَرْجِعُ عَنْ رَبِّ السَّماءِ وَقَدْ أَحْيا
ويا أَوْجُهَ الأَحْرَارِ لا تَتَبَدَّلِي / بِظِلِّ ابْنِ يَحْيَى بَعْدُ ظِلّاً ولا فَيَّا
ويا حَلْبَةَ الآمَالِ زِيدِي عَلَى المَدى / بَقَاءَ ابْنِ يَحْيَى ثُمَّ حَيِّي عَلَى يَحْيى
وَلا فِي سرورِ العيدِ نحنُ مُهَنُّوهُ
وَلا فِي سرورِ العيدِ نحنُ مُهَنُّوهُ / ولا فِي سريرِ الملكِ نَحْنُ مُحَيُّوهُ
فلَهفِي عَلَيْهِ والكُمَاةُ تهابُهُ / ولهفي عَلَيْهِ والملوكُ مُطِيعُوهُ
ولهفي عَلَيْهِ والوغى تَسْتَخِفُّهُ / ولهفي عَلَيْهِ والكتائِبُ تَقفُوهُ
ولهفي عَلَيْهِ والضُّيُوفُ تزورُهُ / ولهفي عَلَيْهِ والرَّكائِبُ تَنْحُوهُ
ولهفي عَلَيْهِ والأَمانِي تَؤُمُّهُ / ولهفي عَلَيْهِ والخلائِقُ ترجُوهُ
ولهفي عَلَيْهِ والمصاحِفُ حَوْلَهُ / يخُطُّ كتابَ اللهِ فِيهَا ويتلُوهُ
ولهفي عَلَيْهِ حاضِراً كُلَّ مَسْجِدٍ / وداعُوهُ أَشياعٌ لَهُ ومُصَلُّوهُ
تَلَهُّفَ قلبٍ لَيْسَ يشفي غليلَهُ / سوابِقُ دمعٍ لاعِجُ الحزنِ يحدوهُ
وأَشكو إِلَى الرحمنِ تَرْحَةَ فجعَةٍ / بمن لَمْ يَبِتْ داعٍ إِلَى اللهِ يَشْكُوهُ
وأَدعو لديهِ فوزَ رَوْحٍ وراحَةٍ / لمن لَمْ يَزَلْ يدعُو إِلَيْهِ ويدعُوهُ
وإِنْ جَلَّ فينا فقدُهُ ومصابُهُ / ليبلُونا فِي الصبرِ عنهُ ويَبْلُوهُ
فقد عَوَّضَ الإِسلامَ من فقدِ نَفْسِهِ / هلالَ سماءٍ لا يضِلُّ مُهِلِّوهُ
وبحراً سقاكُمْ رِيَّ جودٍ وأَنْعُمٍ / فَسَقُّوهُ إِخلاصَ الصدورِ ورَوُّوهُ
وسيفاً حَباكُمْ صَفْحَهُ ومضاءهُ / فصُوغُوا لَهُ حُرَّ الوفاءِ فَحَلُّوهُ
فقد حتمَ الدهرُ الَّذِي حَلَّ خطبُهُ / بأَنْ لَيْسَ إِلّا بالمُظَفَّرِ يَجْلُوهُ
ومن كَانَ لا يعدو الرياسةَ سعيُهُ / فليسَ تباشِيرُ الرياسةِ تَعْدُوهُ
بهَدْي من المنصورِ لَيْسَ يُضيعُهُ / عَلَى سَنَنٍ من سعيِهِ لَيْسَ يَأْلُوهُ
فلولاكَ يَا يحيى لهُدَّتْ لِفَقْدِهِ / ذُرى عَلَمٍ أَذواؤكَ الغُرُّ بانُوهُ
ولولاكَ يَا يحيى لماتَ بِمَوْتِهِ / رجالٌ بأَحرارِ القلوبِ مُوَاسُوهُ
وَمَا رَغِبُوا عن نفسِهِ بنفوسِهِمْ / وَقَدْ ذاقَ طَعْمَ الموتِ حَتَّى يذوقُوهُ
ووُدِّعَتِ الأَرواحُ عند وداعِهِ / وضلَّ سبيلَ الصَّبْرِ عنه مُضِلُّوهُ
وقلَّبَتِ الدنيا قلوباً وأَنفُساً / فلا العيشُ محبوبٌ ولا الموتُ مكروهُ
فلا فَضَّنا دهرٌ وأَنتَ تلُمُّنا / ولا مَضَّنا جُرْحٌ ويمناكَ تَأْسُوهُ
ولا وُقِيَ الإِشراكُ مَا مِنْكَ يُتَّقى / ولا عَدِمَ الإِسلامُ مَا منكَ يرجُوهُ
قَدْ خَطَبْنا وَقَدْ أَجازَ الوَليُّ
قَدْ خَطَبْنا وَقَدْ أَجازَ الوَليُّ / بعدَ عِلْمٍ أَنَّ الخطيبَ كَفِيُّ
وبَعَثْنا الصَّداقَ نَثْراً ونَظْماً / فَمِنَ الحَقِّ أَن تُزَفَّ الهَدِيُّ
يا أَبا جَعْفَرٍ أَمَا بَعْدَ ظِمْءٍ / جاوَزَ الخَمْسَ أَنْ تُراحَ المَطِيُّ
أَمِنَ العَدْلِ أَن تَجِفَّ حَشاها / وبِجَمَّاتِها لَدَيْكَ الرُّكِيُّ
ثم أَحْيَيتَ فجرَهُمْ يا ابنَ يحيى
ثم أَحْيَيتَ فجرَهُمْ يا ابنَ يحيى / بِسِراجَيْنِ نورِ دينِ ودُنيا
وخَلَفْتَ السحابَ ظِلّاً وجُوداً / فَوَسِعْتَ الإِسلامَ سَقياً ورَعْيا
وتَحَلَّيْتَ من تُجيبَ سناءً / كنت فيه لِلدينِ والملكِ مَحْيا